×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / قل هذه سبيلي / الحلقة (7) أو كصيب من السماء

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3381

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، أما بعد.

فحياكم الله أيها الأخوة والأخوات، أهلاً وسهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة، وأسأل الله -U- أن يرزقني وإياكم فقه كلامه، وأن يرزقنا فهم معاني كتابه، وأن يعيننا وإياكم على العمل الصالح والتزام ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

أيها الأخوة والأخوات! في هذه الحلقة سنتناول المثل الثاني الذي ضربه الله تعالى في أول أمثال القرآن في سورة البقرة عندما ذكر أهل النفاق ذكر لهم مثلين، المثل الأول هو المثل الناري الذي قال فيه تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ[البقرة:17-18]هذا هو المثل الأول.

ثم ذكر الله تعالى مثلاً آخر لبيان حالهم فقال:﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ[البقرة:19] ، أي إن شئت أن تعرف صفة المنافقينوما هم عليه فهذا مثلهم، هذه صفتهم الأولى كالذي استوقد نارًا، فإن لم يتضح لك ذلك وضوحًا جليًّا، فهذا مثل آخر وهو وسيلة إيضاح أخرى لبيان حال المنافقين وصفاتهم.

 ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ[البقرة:19]، الصيب سمي صيبًا؛ لأنه يصيب الأرض إذا نزل وهو المطر النازل من السحاب، هذا الصيب لم يكن مطرًا عاديًّا بل مصحوب بأمور ذكرها الله تعالى في كتابه: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌما هي هذه الظلمات؟ ظلمة الليل وظلمة السحاب وظلمة المطر؛ لأن نزول المطر يسبب نوعًا من الظلمة.

﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌالرعد هو الصوت الذي يصاحبه برق أحيانًا، ولذلك فيه رعد وهو صوتٌ عظيم وبرق وهو ما ينتج عن اصطكاك السحب فيكون منه هذا الساطع في السماء الذي تضيء له السماء، ويكون معه نارٌ أحيانًا، ﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌيقول الله -جل وعلا- في وصف حال من أصابتهم هذه ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ[البقرة:19] إذًا لم يكن مطرًا فقط فيه رعد وبرق، بل كان مصحوبًا بالصواعق، والصواعق هي الأجرام النارية التي تأتي نتيجة اصطكاك السحاب، هذه الصواعق مخيفة لها صوت عظيم، ولذلك هم ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ[البقرة:19]  أي حذر أن يصيبهم ما ينزل بتلك الصواعق من إحراق.

يقول الله تعالى في وصفهم بعد أن ذكر ما ذكر ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ[البقرة:19]، هذه جملة اعتراضية، ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَحتى لا نستغرق ويستغرق الخيال في المثل وينسى المقصود عاد ليذكر أن هذا المثال مقصوده هو بيان قدرة الله على من كفر به، قدرة الله على من عصاه، قدرة الله على من عانده فهو محيطٌ به، والإحاطة كما يحيط السور بالبناء، فكذلك الله تعالى لا يفلت منه عباده، ما هم بمعجزين، لا يخرجون عنه ولا يسبقونه جل في علاه، بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فإنه -جل في علاه- محيطٌ بعباده، ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَتهديدًا.

إذًا هذه الجملة الاعتراضية حتى لا نستغرق في هذا التصوير وننسى المقصود من المثل وهو بيان حال المنافقين، وإنما ذكر: ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَولم يقل المنافقين؛ لأن المنافقين في الحقيقة كفار؛ حيث إنهم يبطنون في قلوبهم الكفر بالله، وعدم قبول الرسالة، وإنكار النبوة، والسعي للإضرار بالإسلام لكنهم يظهرون خلاف ذلك، والعبرة بما في القلوب، ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾.

يقول -جل في علاه-: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ[البقرة:20]، أي لشدة هذا البرق الذي يلمع في السماء، يكاد البرق يخطف الأبصار، أي يصيبها بالعمى من شدة وميضه والنور الذي يصاحبه، وعود ذلك إلى الظلمة التي تصيب الإنسان بمزيد عمى؛ لأنه لما يكون الإنسان في منطقة مضيئة ثم ينقطع هذا الضياء ويدخل إلى مكان مظلم يشعر بعمى، وعدم رؤية، وعدم وضوح، كذلك الله تعالى هنا يقول: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ[البقرة:20]، أي: مشوا بقدر ما يحصل إضاءة، لكنهم لا يصيبون شيئًا، لا يصلِون، لا يقطون مسافة؛ لأنه فترة إضاءة البرق دقيقة جدًّا، قليلة جدًّا لا تتمكن معها النفوس والأجسام الوصول إلى ما تريد.

 ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا[البقرة:20]،  وما أكثر قيامهم، ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[البقرة:20]، وهنا يبين أن هذا المثل مختلف عن المثل السابق، المثل السابق أخبر الله تعالى أنه ذهب بنورهم وهم لا يبصرون ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (18)أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ [البقرة:18-19]، فحالهم من حيث العمى عمى مطبق، أما هنا ذكر الله تعالى أنه لو شاء لذهب بسمعهم وأبصارهم، فأبقى لهم سمعًا وأبقى لهم أبصارًا، لكن ذلك السمع والبصر محدود بوميض البرق لا يمكن أن يدركوا به ما ينفعهم.

ما مناسبة هذا المثل؟ كيف نربط هذا المثل بحالهم مع الشريعة؟ الشريعة نور والشريعة مطر، ولذلك في المرة الأولى ذكر أنها نور، وهنا مثلها بالصيب، قال النبي صلى الله عليه وسلم :«مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به مِنَ الهُدَى والعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ»[صحيح البخاري (79)، ومسلم (2282)]

 إذًا تمثيل الشريعة بالمطر مشابه لما جاءت به الشريعة من أنها مطر يحيي القلوب، ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا[الحديد:17]، كذلك يحي القلوب بعد موتها، فيحييها بنور الشريعة، يحييها بأركان الشريعة وأوامر الله عز وجل وهداياته التي جاءت في القرآن فتعود حيةً بعد أن كانت ميتة جرداء عن الوحي والهدى.

إن الله -U- قال في هذه الآية، في هذا المثل الذي يسميه العلماء المثل المائي ما يبين حال المنافقين، وما هم فيه من تردد، وما هم فيه من حيرة، وما هم فيه من ضيق، وذلك أن كل من عاند شرع الله -U- لا يمكن أن يدرك هدايةً ولا سكنًا ولا طمأنينة، فإن الطمأنينة إنما تكون بذكر الله، ولا يكون ذلك بالذكر الخارجي، ذكر اللسان وذكر الجوارح فحسب، بل لا بد قبل ذلك من ذكر القلب بانصياعه وقبوله لما جاءت به الشريعة، وإقباله على الله U، وذله بين يدي ربه، عند ذلك يتحقق له ما يؤمل من طيب القلب وسكنه وطمأنينته، ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد:28].

إن الله تعالى ضرب هذا المثل ليبين لنا حال أهل النفاق وهذا مثلٌ آخر، وهذه العناية بهذا التصوير وهذا التمثيل تحذير لنا أيها الأخوة والأخوات، أنا أقول إخواني وأخواتي لنخاف على أنفسنا من النفاق، فالنفاق خصال، فإنه من وعد فأخلف كان فيه خصلة من خصال النفاق، من حدث فكذب فيه خصلة من خصال النفاق، من إذا خاصم فجر وتجوَّز الحدود فيه خصلة من النفاق، من عاهد فغدر ففيه خصلة من خصال النفاق، احذروا أن تكون فيكم هذه الخصال فإنها تؤدي إلى ما هو أعظم، والبناء لا يكتمل بلبنة، بل لبنة تلو لبنة، وخطوة تلو خطوة، حتى يصل الإنسان إلى الغاية والمنتهى.

لذلك أوصي نفسي وإياكم بالحذر من النفاق، أعوذ بالله وأعيذكم بالله من النفاق والشقاق وسيء الأخلاق، وأسأله لي ولكم إيمانًا صادقًا ويقينًا راسخًا، واستقامةً على ما يحب ويرضى، إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90617 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87039 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف