×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / قل هذه سبيلي / الحلقة(20) إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3325

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده حق حمده لا أحصي ثناء عليه، أحمده هو رب العالمين، أحمده هو الرحمن الرحيم، أحمده هو مالك يوم الدين، أحمده هو الله لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين رب العالمين.

وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، أما بعد..

فحياكم الله أيها الإخوة والأخوات أهلا وسهلًا بكم .. في هذه الحلقة من هذا البرنامج نتناول فيها مثلا ضربه الله تعالى في عدة مواضع من كتابه، مثل فيه هذه الدنيا التي أخذت بقلوب كثيرين، وغرَّت كثيرين، وصرفت كثيرين، وألهت كثيرين هذه الدنيا، يقول الله تعالى في بيان حقيقتها التي هي عليه، يتكلم الله الذي هو خالق كل شيء وخالق هذه الدنيا ومالكها، يصفها لنا حتى نعتبر ونكفّ عن الاغترار بالدنيا يقول –سبحانه وبحمده-: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ[يونس: 24]، وهو المطر ﴿فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ[يونس: 24]، خرجت بهذا الماء النباتات على شتى صنوفها وألوانها وأنواعها وفنونها ما يكون للآدميين، وما يكون لغيرهم ﴿فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ[يونس: 24]، هذا بيان حال الدنيا، فبعد ذلك الزخرف وبعد تلك الزينة أتاها أمرنا، وهو ما قدَّره الله من فناء الدنيا وزوالها، يقول: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ[الرحمن: 26- 27]، آتاها أمرنا فجعلناها حصيدًا -أي محصودة- كأن لم تغن بالأمس، كما لو لم تكن قد زيِّنت في الأمس، كما لو لم تكن قد زُخرفت بالأمس، كما لو لم تكن قد أشغلت الناس وألهتهم ببهجتها وبهرجها وزينتها.

يقول الله –جل وعلا-: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[يونس: 24]، هكذا يفصل الله تعالى الآيات يبيِّنها يوضحها، لكن لا يستفيد من ذلك إلا الذين يتفكرون، الذين يُعملون آذهانهم، الذين يتأمَّلون، الذين لا يقفون عند مجرد التلاوة، بل يتعدون ذلك إلى الاعتبار والاتعاظ ﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ[العنكبوت: 43].

ضرب الله مثلا آخر للدنيا، فقال: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ[الكهف: 45]، هكذا باختصار بعد أن قال ما قال من إنزال السماء، واختلاط نبات الأرض بهذا الماء، قال –جل وعلا-: ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ[الكهف: 45]، أي: يابسًا جافًّا تطير به الرياح تنقله من مكانه إلى مكان، ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا[الكهف: 45]، فالذي أحيا يقدر أن يميت، والذي أمات يقدر أن يحيي، وقد قال الله تعالى في مثل ثالث ضرب فيه مثل هذه الدنيا قال: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ[الحديد: 20].

فكل الأمثال التي ذكرها الله تعالى في بيان حال الدنيا وحقيقتها هي كغيث، كالمطر الذي يجيء في الربيع، كالمطر الذي يجيء في موسم الأمطار، فتشربه الأرض، فتنبت طيب الثمار والأزهار، ثم إذا جاء الخريف وجاء الصيف كأن ذلك الربيع لم يكن، وكأن تلك النظرة وذلك الجمال لم يطرق الأرض، يقول تعالى: ﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا[الحديد: 20]، وذكر ضربة الدنيا وهي الآخرة ﴿وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ[الحديد: 20].

هذه الأمثال الثلاثة كلها تجتمع في معنى واحد، وهو تصوير حقيقة الأرض، وحقيقة الحياة على هذه الأرض، حقيقة الحياة الدنيا القريبة التي نعيشها الآن ونتنقل فيها، إنها على هذه الصورة في سرعة زوالها وسرعة ذهاب بهجتها، مهما طابت الدنيا لأحد في محله وفي زمانه وفي مكانه فإنها غير دائمة، لو دامت لما وصلت إلينا، لو دامت لغيرنا ما جاءت إلينا؛ أين آبائنا؟ أين الذين قبلهم من آباء وأجداد وأصول؟ كلهم ذهبوا، عزُّهم ذهب، وملكهم ذهب، ومالهم ذهب، وجاههم ذهب، ومناصبهم ذهبت، وأولادهم ذهبوا، ونسائهم ذهبت، كل المتع التي كانوا يتمتعون بها ذهبت كأنها لم تغن بالأمس، كأنها لم تكن.

نسمع الآن من أخبار من تقدم ما يدهشنا في القوة وفي الجبروت وفي السلطة وفي المال وفي الجاه وفي سائر ملذات الدنيا ونعمها، لكنها لا وجود لها الآن، إنها كما قال الله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ[يونس: 24]، وكما قال تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ[الكهف: 45]، وكما قال –سبحانه وتعالى-: ﴿ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا[الحديد: 20] هذا هو حال هذه الدنيا.

هذه الآيات الكريمات التي تصف حال الدنيا تحمل المؤمن على اغتنامها، على بذل الوسع في الوصول إلى رضا الله –عز وجل- من خلالها، إنه يبذل كل ما يستطيع لاستثمار هذه الدنيا فيما يرضي الله تعالى، الدنيا مزرعة الآخرة، وهي محل بناء الصالحات، فإن الجنة لا تكون إلا لمن عمل صالحًا في هذه الدنيا.

فإنما يكون في الآخرة ثمرة ما في الدنيا يقول الله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ[الزخرف: 72]، العمل أين يكون؟ يكون في هذه الدنيا، ما الذي يعيق عن العمل؟ اغترار الناس بالدنيا، يعني لما يكون الإنسان في هذه الدنيا على هذا النحو من الإقبال عليها والابتهاج بها والافتخار بها والغفلة عن الآخرة، يكون قد عمي بصره، واشتغل بيومه وموقعه عن غده، لذلك من نعم الله على العبد أن يجعل الآخرة حاضرة في ذهنه.

ولهذا في آخر مثل قال: ﴿وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ[الحديد: 20]

 تنبيه إلى وجوب استحضار الآخرة، وقد منَّ الله على بعض عباده بأن جعل الآخرة قائمة بين أعينهم، كما قال عن إبراهيم وإسحاق ويعقوب﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ[ص:46]، ميزهم بميزة وخاصية أنهم يذكرون الدار الآخرة فهي حاضرة في قلوبهم، فمن نعمة الله على العبد أن ينفذ ببصره من حاله ومن حاضره إلى مستقبله، فيخطط للآخرة مجال التخطيط والعمل للآخرة هو الدنيا، لا يقدم الناس يوم القيامة على عمل إنما يقدمون في الآخرة على جزاء ماذا؟ جزاء ما يكون من العمل في هذه الدنيا.

لذلك أوصي نفسي وإخواني أن نعرف حقيقة الدنيا، ألا تغرنا الدنيا، ألا تأخذ بقلوبنا فتعمينا عن العمل الصالح الذي به تستقيم أحوالنا وتسعد قلوبنا، ونغتنم بالعمل الصالح، طيب العيش في الدنيا وفوز الآخرة فإن من حقق الطاعة فاز بهذين، حياة هنيئة طيبة في الدنيا، كما أنها مقدمة لحياة سعيدة فائزة ناجحة في الآخرة، ذاك فضل الله يؤتيه من يشاء، فلنتسابق إليه والسابقون السابقون.

إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90627 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87040 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف