×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة : متى نستحق النصر

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:13378

إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِياًّ مُرْشِداً، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، الملِكُ الحقُّ المبينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمَ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتابُ اللهِ، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، 

أَيُّها المؤْمِنُونَ، عِبادَ اللهِ، يَقُولُ اللهُ في مُحْكَمِ كِتابِهِ، مُوَجِّهاً النِّداءَ لأَهْلِ الإيمانِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ

 فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} سُورَةُ المائِدَةِ: الآيةُ (11).يُذَكِّرُ اللهُ تَعالَى أَهْلَ الإيمانِ، بِنَعَمِهِ العَظِيمَةِ، وَآلائِهِ الجَسِيمَةِ، الَّتِي لا يَنْفَكُّونَ مِنْها لَحْظَةً مِنَ اللَّحَظاتِ، فَكُلُّ نِعْمَةٍ تُساقُ إِلَيْكَ؛ إِنَّما هِي مِنَ اللهِ: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}النحل:53. فَيُذَكِّرُ اللهُ تَعالَى المؤْمِنينَ بِنِعَمِهِ، وَمِنْ نِعَمِهِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُمُ السُّوءَ والشَّرَّ، ويكُفَّ عَنْهُمْ كَيْدَ أَعْدائِهِمْ وَخُصُومِهِمْ.

وَقَدْ ذَكَّرَ اللهُ المؤْمِنينَ في هَذِهِ الآيَةِ، ِبما مَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ كَفِّ أَيْدِي أَعْدائِهِمْ عَنْهُمْ: {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ}المائدة:11دَفَعَهُمْ عَنْكُمْ بِما دَفَعَ، وَدَفَعَهُمْ عَنْكُمْ بِما هَيَّأَ مِنْ أَسْبابِ عَدَمِ إِمْضاءِ تَهْدِيدِهِمْ، وَالمُضيِّ فِيما نَوَوْهُ مِنْ بَسْطِ أَيِدِيهِمْ عَلَى دِمائِكُمْ وَأَمْوالِكُمْ وَأَعْراضِكُمْ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ اللهَ لما ذَكَّرَ المؤْمِنينَ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ؛ بَيَّنَ ما تُوجِبُهُ نِعَمُهُ مِنْ عَظِيمِ شُكْرِهِ وَالقِيامِ بِحَقِّهِ، فَذَكَّرَ بِأَمْرَيْنِ: قالَ جَلَّ وَعَلا: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}المائدة:11.

فأمرَ اللهُ -بَعْدَ تَذْكِيرِهِ بِنِعَمِهِ- بِما يَحْفَظُها وَيُديمُها وَيُثبِّتُها وَيَزِيدُها، إِنَّهُ تَقْوَى اللهِ، الَّذِي بِهِ تُفْتَتَحُ الخَيْراتُ وَتُسْتَجْلَبُ الهِباتُ، قالَ اللهُ جَلَّ وَعَلا: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}الأعراف:96هَذا في جَلْبِ الخَيْرِ.

أمَّا في دَفْعِ الضُّرِّ وَكِفايَةِ الإِنْسانِ مِنَ الشَّرِّ، قالَ تَعالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(2)وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} سٌوَرَةُ الطَّلاقِ: الآيةُ (2-3).

أيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ تَقْوَى اللهِ تَحْمِلُ عَلَى طاعَتِهِ، وَالقِيامِ بِحَقِّهِ، وَاسْتِشْعارِ إِنْعامِهِ، وَبَذْلِ المسْتَطاعِ فِيما أَمَرَ امْتِثالاً، وَفِيما نَهَى عَنْهُ اجْتِناباً وَبُعْداً.

إنَّ تَقْوَى اللهِ لا تَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِتَمامِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، وَلَذِلِكَ قالَ: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}المائدة:11. إِنَّ التَّوكُّلَ عَلَى اللهِ تَعالَى، هُوَ الانْخِلاعُ عَنْ كُلِّ نَظَرٍ إِلَى غَيْرِهِ جَلَّ وَعَلا، التَّوكُّلُ عَلَى اللهِ هُوَ رُكُونُ القَلْبِ إِلَيْهِ وَحْدَهُ، التَّوكُّل عَلَى اللهِ، هُوَ أْنَ تَعْتَقِدَ أَنَّهُ لا مانِعَ لِما أَعْطَى، وَلا مُعْطِيَ لما مَنَعَ، وَلا يَنْفَعُ ذا الجَدِّ مِنْهُ الجَدُّ، لا يَنْفَعُ ذا الغِنَى مِنْهُ غِناهُ، وَلا يَنْفَعُ ذا القُوَّةِ مِنْهُ قُوَّتُهُ، لِذَلِكَ مِنَ المهِمِّ أَنْ نَسْتَحْضِرَ هَذِهِ المعانِي، وَنَحْنُ نَشْكُرُ نِعْمَةَ اللهِ تَعالَى عَلَيْنا، بِما أَنْعَمَ مِنْ كَفِّ أَيْدِي قَوْمٍ هَمُّوا أَنْ يَبْسُطُوا أَيْدِيَهُمْ إِلَيْنا فَكَفَّها بِنِعْمَتِهِ، إِنَّ الحُوثيِّينَ كانُوا يُهدِّدُونَ بِاحْتِلالِ مَكَّةَ وَالمديِنَةَ.

وَهَذا تَهْدِيدٌ لَيْسَ قاصِراً عَلَى هَذِهِ الفِئَةِ مِنَ النَّاسِ، بَلْ هُوَ مُمْتدٌّ إِلَى جِهاتٍ عَدِيدَةٍ، يَطْمَعُونَ في هَذهِ البِلادِ، في خَيْراتِها، فِيما أَنْعَمَ اللهُ تَعالَى عَلَيْها مِنْ نِعَمٍ، وَإِنَّ ذَلِكَ لا يُسْتَدْفَعُ إِلَّا بِعَظِيمِ اللَّجَأِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبَذْلِ الأَسْبابِ الممْكِنَةِ في دَفْعِ شَرِّهِمْ وَضُرِّهِمْ، وَالتَّوكُّلِ عَلَى اللهِ تَعالَى في حِفْظِ هَذِهِ البِلادِ، مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَسُوءٍ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ، النَّصْرُ مِنَ اللهِ، لا يَأْتِي بِهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ جَلَّ في عُلاهُ، قالَ تَعالَى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} سُورَةُ آلِ عِمْرانَ: الآيةُ (126), فَالنَّصْرُ الَّذي لا خِذْلانَ مَعَهُ، النَّصْرُ الَّذِي لا خُسْرانَ مَعَهُ، النَّصْرُ الَّذِي لا هَزِيمةَ مَعَهُ، إِنَّما يَأْتي مِنَ اللهِ، وَفَوْقَ النَّصْرِ تَأْيِيدٌ مِنْهُ جَلَّ في عُلاهُ.

اسْتَمِعْ إِلَى قَوْلِهِ: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} سُورَةُ آلِ عِمْرانَ: الآيَةُ (13)، بَعْدَ أَنْ اسْتَعْرَضَ هَذا المشْهَدَ مِنَ الْتِقاءِ فِئَتَيْنِ، فِئَةٍ مُؤْمِنَةٍ قَلِيلَةٍ، مَعَ فِئَةٍ كافِرَةٍ قَوِيَّةٍ كَثِيرَةٍ، قالَ تَعالَى: {وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ} سُورَةُ آلِ عِمْرانَ: الآية (13)،أَيْ في هَذا التَّأْييدِ، وَفي هَذا النَّصْرِ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ} سورة آلِ عِمْرانَ: الآيةُ (13).

أَيُّها المؤْمِنُونَ، ثَمَّةُ قُوَّةٌ فَوْقَ كُلِّ قُوَّةٍ، ثَمَّةَ رَبٌّ يُدَبِّرُ الأُمُورَ وَيُصَرِّفُها، ثَمَّةَ إِلَهٌ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ أَوْلِيائِهِ، وَإِعْزازِ جُنْدِه، وَصِيانَةِ عِبادِِهِ، قالَ اللهُ تَعالَى، وَاعِداً رُسُلَهُ وَأَهْلَ الإِيمانِ مَعَهُمْ: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} سُورَةُ غافِرْ: الآية (51).وَقالَ تَعالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} سورة الروم: الآية (47). يَقُولُ جَلَّ وَعَلا: {فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} سورة الروم: الآية (47). وَهَذا النَّصّ يُُبَيِّنُ أَنَّ أَعْظَمَ أَسْبابِ النَّصْرِ، هُوَ حُسْنُ الصِّلَةِ بِاللهِ، هُوَ الإيمانُ بِهِ جَلَّ في عُلاهُ، هُوَ تَوْثِيقُ الصِّلَةِ بِهِ -سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ- فَعَلَى قَدْرِ ما مَعَ المؤْمِنِ مِنْ حُسْنِ الصِّلَةِ بِاللهِ وَتَحْقِيقِ الإِيمانِ؛ يَنالُ مِنْ نَصْرِهِ وَتَأْيِيدِِه وَإِعانَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ، ذاكَ فَضْلُ اللهِ، يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ.

اللَّهمَّ انصُرْنا وَلا تَنْصُرْ عَلَيْنا، اللَّهُمَّ انصُرْنا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنا، اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَينا، أَقْولُ هَذا القَوْلَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهََ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.

***

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ للهِ الَّذي بِيَدِهِ مَقالِيدُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ، أَحْمَدُهُ –سُبْحانَهُ- وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى حَقَّ التَّقْوَى؛ فَتَقْوَى اللهِ تَجْلِبُ الخَيْراتِ وَتَدْفَعُ المساءاتِ، تَقْوَى اللهِ تَحْفَظُكُمْ في نُفُوسِكُمْ، تَقْوَى اللهِ تَحْفَظُكُمْ في أَمْوالِكُمْ، تَقْوَى اللهِ تَحْفَظُكُمْ في أَهْلِيكُمْ وَذُرِّيَّاتِكُمْ، تَقْوَى اللهِ تَحْفَظُكُمْ في أَعْراضِكُمْ، فَإِنَّ اللهَ تَكَفَّلَ لِلمُتَّقينَ بِالفَوْزِ وَالسَّلامَةِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}الزمر:61.

أيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ نَصْرَ اللهِ تَعالَى لأَوْلِيائِهِ الَّذي ذَكَرَهُ في كِتابِهِ، لَيْسَ هِبَةً مجَّانيَّةً، إِنَّهُ عَطاءٌ بِسَبَبٍ؛ فَقَدْ أَجْرَى اللهُ تَعالَى كَوْنَهُ وَفْقَ أَسْبابٍ، وَأَجْرَى -جَلَّ وَعَلا- ما يَكُونُ مِنْ أَقْدارٍ عَلَى مُقدَّماتٍ.

فَمَنِ اعْتَنَىَ بِالمقَدَّماتِ وَالأَسْبابِ، وَبَذَلَ ما يَسْتَطِيعُ في تَحْقِيقِ المطْلُوبِ؛ فَإِنَّه لَنْ يَخِيبَ وَلَنْ يَتَخَلَّفَ وَعْدُ اللهِ تعالَى لَهُ، فاللهُ لا يُخْلِفُ الميعادَ: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}غافر:51، وعدٌ إلهيٌّ مِن مُدبِّر الكَوْنِ، وَعْدٌ رَبَّانيٌّ مِنَ الَّذي بِيدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ، أَنْ يَنْصُرَ رُسُلَهُ وَالَّذينَ آمَنُوا.

وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعالَى في هَذِهِ الآيَةِ، سَبَبَ النَّصْرِ عَلَى وَجْهٍ جَلِيٍّ: إِنَّهُ الإيمانُ بِهِ جَلَّ في عُلاهُ، وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ في كِتابِهِ، في مَواضِعَ عَدِيدَةٍ، أَنَّ النَّصْرَ لَيْسَ هِبَةً مجَّانِيَّةً، يَنالُها كُلُّ مَنْ زَعَمَ الإيمانَ، بَلْ لابُدَّ مِنْ بَذْلِ الأَسْبابِ لِلفَوْزِ بِالنَّصْرِ، يَقُولُ جَلَّ في عُلاهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}محمد:7.

فَكانَ وَعْداً عَلَيْهِ نَصْرُ المؤْمِنينَ، وَفْقَ سُنَنٍ لابُدَّ مِنْ مُرَاعاتِها، عِنَدما يَغيبُ ذَلِكَ عَنْ أَذْهانِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَنالُوا نَصْراً، بَلْ سَتَنالُهُمْ الهَزِيمَةَ، وَقَدْ جَرَى ذَلَكََ لِسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ الممْدُودِ بِالوَحْيِ مِنَ السَّماءِ، فَفِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، عِنْدَما تَخلَّفَ مَن تخلَّفَ، عَمَّا أَمَرَ اللهُ تَعالَى بِهِ، وَخالَفَ مَنْ خالَفَ مَا وَجَّهَ بِهِ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَقَعَتِ الهزِيمَةُ؛ فَتَساءَلَ الصَّحابَةُ: أَنَّى هَذا؟ كَيْفَ نُهْزمُ وَبَيْنَ أَظهُرنا رسولُ الله، قالَ الله تعالى: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}آل عمران:165أي: ذاكَ الَّذي أصابَكُم، إنَّمَا هُوَ بسببٍ مِنكُمْ؛ فنصرُ اللهِ يَجْرِي وَفْقَ سُنَنٍ، نَصْرُ اللهِ يَجْرِي وَفْقَ أَسْبابٍ؛ فَمَنْ أَخَذَ بِتِلْكَ الأَسْبابِ وَالسُّنَنِ؛ كانَ حَرِيَّاً بِأَنْ يَفُوزَ بِنَصْرِ اللهِ تَعالَى، وَإِنَّ أَعْظمَ أَسْبابِ النَّصْرِ، أَنْ يُحَقِّقَ المؤْمِنُ الإيمانَ في سُلُوكِهِ، في قَلْبِهِ، في عَمَلِه، في مُعَامَلَتِهِ. وَأَنْ يَحْتَسِبَ الأَجْرَ عِنْدَ اللهِ تَعالَى في ذَلِكَ، الإيمانُ هُوَ تَعْظِيمُ ما جاءَ بِهِ الإِسْلامُ، الإيمانُ هُوْ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ صَادقاً، وَالزَّكاةَ تُؤْتِيها، وَتَصُومَ رَمَضانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ، هَكَذا تُحَقِّقُ الإِيمانَ في الظَّاهِرِ، وَوَراءَ ذَلِكَ شَيْءٌ مُهِمٌّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ القَلْبُ صالِحاً.

فإنَّ ذَلِكَ لا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِصلاحِ الظَّاهِرِ وَالباطِنِ، إِذا اقْتَرنا تَحَقَّقَ النَّصْرُ لِلأُمَّةِ، مَهْما كانَ حالُها، بَعْدَ أَنْ تَأْخُذَ الأَسْبابَ في النُّصْرَةِ وَالانْتِصارِ، فَإِنَّها سَتَنالُ فَضْلَ اللهِ تَعالَى، فاللهُ تَعالَى بِيَدِهِ مفاتيحُ كُلِّ شَيْءٍ، إِنَّ المؤْمِنَ يَخافُ ذُنُوبَهُ، وَالذُّنُوبُ خَطَرٌ كَبِيرٌ عَلَى النَّاسِ يُفَوِّتُهُمْ كلَّ خَيْرٍ، وَيُوَصِّلُهُمْ إِلَى كُلِّ شَرٍّ.

 فَما مِنْ شَرٍٍّ في الدُّنْيا، خاصٍّ أو عامٍّ، إِلَّا بِسَبَبِ الذُّنُوبِ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}الشُورَى:31، لِذَلِكَ كانَ المؤْمِنُونَ في مَواطِنِ القِتالِ، عَلَى غايَةِ الخَوْفِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، أَنْ يُخْذَلُوا بِسَبَبِ ما كانَ مِنْ تَقْصِيرِهِمْ، قالَ اللهُ تَعالَى في وَصْفِ أَوْلِيائِهِ عِنْدَما قاتَلُوا أَعْداءَهُ: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}آل عمران:147، فَكانَ أَوَّلَ ما سَأَلُوهُ اللهَ أَنْ يَمْحُوَ سَبَبَ الهَزِيمَةِ، أَنْ يُزِيلَ عَنْهُمْ سَبَبَ الضَّعْفِ، أَنْ يُزِيلَ عَنْهُمْ سَبَبَ التَّسلُّطِ وَالخِذْلان،ِ إِنَّها الذُّنُوب أيُّها المؤْمِنُونَ، الذُّنُوبَ العامَّة وَالذُّنُوبَ الخاصَّةُ، مَنْ لَمْ يتُبْ مِنْها كانَ ذَلِكَ سَبَباً لخِذْلانِهِ، فَالذُّنُوبُ وَالإِسْرافُ في الأُمُورِ، مِنْ أَسْبابِ البَلاءِ وَالخِذْلانِ، وَالطَّاعةُ وَالثَّباتُ وَالاسْتِقامَةُ وَالهُدَى، أَعْظَمُ أَسْبابِ النَّصْرِ.

أيُّها المؤْمِنُون، إِنَّ القُلُوبَ المسْتَكِينَةَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَسْتَنَزِلُ النَّصْرَ، إِنَّ القُلُوبَ المخْلِصَةَ الخائِفَةَ الوَجِلَةَ، المتَبَرِّئَةَ مِنْ حَوْلِها وَقُوَّتِها، هِيَ الَّتي يُنَزَّلُ عَلَيْها النَّصْرُ، جاءَ في صَحِيحِ البُخارِيِّ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، رَأَىَ لِنَفْسِه عَلَى غَيْرهِ فَضْلاً، بِقُوَّتِهِ وَشَجاعَتِهِ وَحُسْنِ بِلائِهِ في القِتالِ، فَقالَ لَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُذَكِّراً بِأَنَّ النَّصْرَ لا يُسْتَنْزَلُ بِالقُوَّة فَحَسْبُ، بَلْ ثمَّةَ أَمْرٌ آخَرُ يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ إِلَيْهِ.

قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟» البُخارِيُّ(2896). يَعْنِي: هَلْ يُنَزَّلُ عَلَيْكُمُ النَّصْرُ؟ لا يُنَزَّلُ عَلَيْكُمُ النَّصْرُ، اسْتِفْهامٌ بِمَعْنَى النَّفْي، لا تُنْصَرُونَ وَلا تُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعفائِكُمْ، يُبيِّنُ ذَلِكَ في رِوايَةِ النَّسائيِّ فَيَقُولُ: « إِنَّما يَنْصُرُ اللهُ هَذِهِ الأُمَّةِ بِضَعِيفِها، بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلاتِهِمْ وَإِخْلاصِهِمْ» سُنَنُ النَّسائِيِّ: بابَ الاسْتِنْصارِ بِالضَّعِيفِ، حَدِيثُ رَقَم(3178)، قالَ الأَلْبانِيُّ : صحيح.

وذاك أنَّ القلوبَ الضَّعِيفَةَ قُلُوبٌ مُنْكَسِرَةٌ، بِخِلافِ القُلُوبِ المسْتَكْبِرَةِ الَّتي تَرَى ما عِنْدَها مِنْ قُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ، فَإِنَّها تَعْتَمِدُ عَلَى ذَلِكَ، وَتَنْسَى أَنَّ النَّصْرَ لَيْسَ بِقُوَّة سِلاحٍ، وَلا بِقُوَّةِ بَأْسٍ، إِنَّما النَّصْرُ الحَقِيقِيُّ بِعَظِيمِ افْتِقارِ القَلْبِ، مَعَ بَذْلِ السَّبِبِ الممْكِنِ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ لِلنَّصْرِ أَسْباباً مَعْنَوِيَّةً، يَجِبُ أَنْ يُنْتَبَهَ إِلَيْها. وَالقُرْآنُ في غالِبِ ما يَذْكُرُ مِنَ الأَسْبابِ، يَذْكُرُ هَذا النَّوْعَ مِنَ الأَسْبابِ، وَهُوَ الأَسْبابُ المعْنَوِيَّةُ، لماذا؟ لأَنَّها الَّتي تُمَيِّزُ أَهْلَ الإِيمانِ عَنْ غَيْرِهِمْ، وَهَذا لَيْسَ تَعْطِيلاً للأَسْبابِ الحِسِّيَّةِ مِنَ القُوَّةِ وَالبَأْسِ وَحُسْنِ الِإدارَةِ وَجَوْدَةِ النِّظامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الأَسْبابِ الحِسِّيَّةِ، لَكِنَّ الأَسْبابَ المعْنَوِيَّةَهِيَ مِفْتاحُ النَّصْرِ.

أَمَّا الأَسْبابُ المادِّيَّةُ، فَإِنَّها قَدْ تَتَوَفَّرُ لِلنَّاسِ، لَكِنَّهُمْ لا يَنالُونَ فَوْزاً، وَلا يُدْرِكُونَ نَصْراً، وَقَدْ كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، في ذِرْوَةِ القُوَّة وَفي ذِرْوَةِ الكَثْرَةِ، في العَدَدِ وَالعُدَّةِ، لَكِنَّ اللهَ تَعالَى رَفَعَ عَنْهُمْ نَصْرَهُ، أَوَّلَ الأَمْرِ لما أُعْجِبُوا بِقُوَّتِهِمْ، فَلَمَّا انْخَذَلَ مَنِ انْخَذَلَ، وَبَقِيَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُ النَّاسَ أَنَّه رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّ اللهَ لَنْ يُخْلِفَهُ وَعْدَهُ.: « أَنا النَّبِيُّ لا كَذِبْ أَنا ابْنُ عَبْدِ المطَّلِبْ» صَحِيحُ البُخارِيِّ (2709). اجْتَمَعَ مَنِ اجْتَمَعَ مِنْ أَصْحابِهِ، فَكانَ نَصْرُ حُنَيْنٍ بِفِئَةٍ قَلِيلَةٍ، أَمَّا الأَكْثَرُونَ الَّذِينَ أَعْجَبَتْهُمْ كَثْرَتُهُمْ وَقُوَّتُهُمْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ نَصْرٌ، إِنَّ النَّصْرَ الحَقِيقِيَّ في إِقْبالِ القُلُوبِ عَلَى اللهِ وَصِدْقِ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَلا يَعْنِي لا يَفْهَمُ أَنَّ تَعْطِيلَ الأَسْبابِ سَبَبٌ لِلنَّصْرِ، بَلْ لابُدَّ مِنْ أَخْذِ الأَسْبابِ الحِسِّيَّةِ الممْكِنَةِ، لِذَلِكَ قالَ في كِتابِهِ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} سورة الأنفال: الآية (60).

فأمرَ اللهُ بالإعدادِ، أمرَ اللهُ بالتَّهيؤ بكلِّ أسباب القُوَّة، وما ذكره من رباطِ الخَيلِ؛ لأنَّه أعظمُ ما يكونُ من قُوَّةٍ في ذلكَ العَصرِ، وهو أمرٌ بأن يَستعِدَّ أهلُ الإسلامِ لأعدائهِم الظَّاهِرِينَ والمستَتِرِين، أعدائِهم الَّذين يأتونهم من خارجهم، أو المتربِّصين لهم من الدَّاخل، أن يستعدُّوا لهم بما استطاعوا من قُوَّة، فإذا بذلوا ذلك وصَلَحَتْ قلوبُهم؛ فإنَّ النَّصرَ منهم قريبٌ.

أيُّها المؤمنونَ، استعراضُ آيات سورة الأنفال الَّتي ذكر اللهُ تعالى فيها الأمرَ بالإعدادِ، يُبيِّن أهمِّيَّةَ اجتماعِ أسبابِ النَّصر بأنواعها، الأسبابِ المعنويَّةِ، والأسبابِ الحسِّيَّة، بدأ الله ابتداءً بذكر الأسباب الحسِّيَّة.

يقول تعالى، استمعوا إلى هذه الآيات: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ} سورة الأنفال: الآية (60).

بذلٌ ماليٌّ مع إعدادٍ سِلاحِيٍّ: {وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} سورة الأنفال: الآية (60).

حسنُ الإدارة: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} سورة الأنفال: الآية (61).عملٌ قلبي يحصل به النَّصر: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(61)وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} سورة الأنفال: الآية (61-62 ), مهما كانَ عندك من إنفاقٍ وقوَّةٍ وإعدادٍ؛ فالجأ إلى اللهِ؛ فهُو كَافيك، {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}سورة الأنفال: الآية (62 ),  الله كافيك {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}سورة الأنفال: الآية (62 ),  يقول تعالى في أعظم أسباب النَّصر أيضاً، ومن الأسباب التي لابدَّ من حضورها: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} سورة الأنفال: الآية (63): اجتماع الكلمة.

من أسباب النَّصر قطعُ الطَّريقِ على المفرِّقين، من أسباب النَّصر قطعُ الطريقِ على المرجفين، من أسباب النَّصر قطعُ الطَّريقِ على الَّذين يُريدون أن يُفرِّقُوا بين الأمة بين حُكَّامها وعُلمائها وعُموم أفرادها، مما يتحقق به النَّصر: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} سورة الأنفال: الآية (64).

التَّأكيد على أنَّ أعظم كفايةٍ يتحصَّن بها المسلم، ليس بما في يده ولا بعمله، إنَّما بكفاية الله وتأييده ونصره: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} سورة الأنفال: الآية (64). أي كافيك اللهُ كلَّ ما أهمَّكَ وكافي المؤمنين كلَّ ما أهمَّهم وكلَّ ما أخافَهُم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} سورة الأنفال: الآية (64).

هل كفايةُ الله تعني القعودَ والرُّكونَ وعدمَ بذلِ الأسبابِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} سورة الأنفال: الآية (65). ولو كانَ فيه مشقَّةٌ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} سورة الأنفال: الآية (65). وهذا فيه النَّدبُ إلى الصَّبر، وأنَّ العددَ ليس مُهِمَّاً إذا تحقَّقتْ الأسبابُ الأخرى.

ثم يأتي التَّخفيفُ بعد ذلك: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ} سورة الأنفال: الآية (66). استمع إلى الخاتمة: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}سورة الأنفال: الآية (66). لا نصرَ إلا بصبرٍ، ولا إدراكَ لمطلوبٍ إلا بصبرٍ؛ فمنْ صبرَ ظفرَ.

اللَّهُمَّ أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً يا رَبَّ العالمينَ، ثَبِّتْ أَقْدامَنا يا حَيُّ يا قَيُّومُ، اللَّهُمَّ انصُرْنا عَلَى خُصُومِنا يا حَيُّ يا قيُّومُ، اللَّهُمَّ انْصُرْنا عَلَى مَنْ عادانا، اللَّهُمَّ انْصُرْنا يا رَبَّ العالمينَ عَلَى كُلِّ مَنْ عادانا، مِنْ عَدُوٍّ ظاهِرٍ أَوْ مُسْتَتِرٍ، اللَّهُمَّ انْصُرْ إِخْوانَنا المجاهِدينَ في سَبِيلِكَ في كُلِّ مَكانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرْ حُماةَ الحَرَمَيْنِ، اللَّهُمَّ انصُرْ حُماةَ الحَرَمَيْنَ يا رَبَّ العالمَيْنِ.

اللَّهمَّ حقِّقْ لهم النَّصر عاجلاً على عدوِّهِمْ، وَعَدُوِّهِمْ يا رَبَّ العالَمِينَ، اللَّهُمَّ اخْذُلْ كُلَّ مَنْ سَعَى في المسْلِمينَ شَرَّاً وَفَسَاداً، اللَّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، اللَّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنَا، اللَّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالمينَ.

رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا، لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ سَدِّدْهُ في رَأْيِهِ وَعَمَلِهِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَهَيِّئْ لَهُ البِطانَةَ الصَّالحِةَ يا رَبَّ العالمينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ يَا حَيُّ يا قيُّومُ أَنْ تَجْعَلَ بِلادَ الحَرَمَيْنِِ آمِنَةً مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ.

اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنْها بِقُوَّتِكَ، اللَّهُمَّ احْفَظْها بِعِزِّكَ، اللَّهُمَّ صُنْها بِصِيانَتِكَ، يا قَوِيُّ يا عَزِيزُ، لا مانِعَ لما أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لما مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المسْتَضْعَفِينَ في سُورِيَّا وَالعِراقِ وَاليَمَنِ، وَفي سائِرِ البُلْدانِ، يا رَبَّ العالمينَ، اللَّهُمَّ أقِرَّ أَعْيُنِنا بِنَصْرِ الِإسْلامِ وَعِزِّهِ، وَذُلِّ الكُفْرِ وَمِلَلِهِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ.

رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محُمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

 

المادة السابقة

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90591 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87038 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف