×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب مفرغة / خطبة: الارتباط الوثيق بين الدين والأخلاق

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الارتباط الوثيق بين الأخلاق والدين

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.

أيها المؤمنون!
إن من المقاصد الكبرى لدين الإسلام إتمام صالح الأخلاق وإكمالها، قال الله تعالى:﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين﴾+++ سورة آل عمران: (164)---. 
وعن أبي هريرة  -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق»+++ أخرجه أحمد (8595)، والحاكم (4221) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه "---. 
فالأخلاق أيها المؤمنون أمرها في الشريعة عظيم، وشأنها كبير، فبقدر ما معك من طيب الأخلاق، وكريم السجايا والآداب، بقدر ما يكون معك من استقامة الدين، فالدين كله خلق، فمن زاد عليك في الأخلاق زاد عليك في الدين.
فحسن الخلق دين رب العالمين، وهدي سيد البشر، وخاتم النبيين؛ ولذلك قال الله تعالى في وصف خاتم النبيين:﴿وإنك لعلى خلق عظيم)+++ سورة القلم: (4)---.
وحسن الخلق أيها المؤمنون هو صفة عباد الله المتقين، وبه تحصل الدرجات، وترفع المقامات، وتتحقق المقاصد والغايات. 
حسن الخلق يا عباد الله واجب، أمر الله به المؤمنين، فقال الله رب العالمين: ﴿خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)+++ سورة الأعراف: (199) ---. 
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»+++ أخرجه أحمد (20392)، والترمذي (1910)، وقال: " حسن صحيح"--- 
أيها المؤمنون!
إن الدين القويم، والإيمان الراسخ قوة عاصمة من دنايا الأخلاق وسيئها، وهو قوة دافعة إلى طيب الأخلاق وشريفها؛ ولذلك ما أكثر ما يقول الله تعالى في كتابه المبين: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾، ثم يذكر بعد هذا النداء لأهل الإيمان أمرا بالأخلاق الفاضلة، كقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)+++ سورة التوبة: (119)---.
أو نهيا عن أخلاق سيئة رديئة، كقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون )+++ سورة الحجرات: (11)---. 
وهذا يوضح لنا- أيها الإخوة الكرام- أن الإيمان القوي يلد الخلق القويم، والسلوك المستقيم، وأن أي اختلال في أخلاق الناس، أو نقص في آدابهم يرجع إلى ضعف الإيمان، وقلة الدين، وإليك بعض الأمثلة، التي تبين الارتباط الوثيق بين سوء الخلق، وضعف الإيمان والدين:
فالرجل الذي يكذب في أقواله وأعماله ليس صادقا في إيمانه، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار.
والرجل الذي يؤذي جيرانه، ويرميهم بالسوء، قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه»+++ أخرجه البخاري (6016) من حديث أبي شريح  رضي الله عنه---.
والرجل الذي أطلق للسانه العنان، يتكلم في الأعراض، ويؤذي العباد بالغيبة والنميمة والفحش وسيئ القول لم يحقق إيمانه: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت»+++ أخرجه أحمد (20392)، والترمذي (1910)، وقال: " حسن صحيح".---.
والرجل الذي عبس وجهه، واكفهر، ومحا عن وجهه البسمة الرقيقة الحانية، ورسم عليه النظرات المريبة، والكشرة القبيحة، لم يبلغ درجة المؤمن الصادق في إيمانه ودينه:«لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»+++ أخرجه مسلم (6857) من حديث أبي ذر  رضي الله عنه ---.
« والكلمة الطيبة صدقة »+++ أخرجه البخاري (2989)، ومسلم (2382) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه ---
والرجل الذي بخل بالسلام، وأخلى قلبه من محبة أهل الإسلام، وملأه بالحقد والغل والآثام، لم يحقق الإيمان، ففي "صحيح مسلم" قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»+++"صحيح مسلم "(81) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه---. 
وهكذا أيها المؤمنون يمضي الشرع المطهر في بناء الأخلاق، وغرس الفضائل، معتمدا في ذلك على صدق الإيمان بالله تعالى، فكلما زادت الفضائل والأخلاق المستقيمة في العبد، كان ذلك دليلا على صحة إيمانه، وسلامة دينه.
ففي "الصحيحين" قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا»+++ صحيح البخاري" (3295)، ومسلم (4285) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص---. 
وقال صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا»+++ أخرجه أحمد (7095)، والترمذي ( 1082)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،وقال الترمذي:"حسن صحيح"---. 
فالإيمان والدين والأخلاق والآداب عناصر متماسكة، لا يستطيع أحد تمزيق وشائجها وصلاتها. اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها. 
 
الخطبة الثانية :
أيها المؤمنون!
اتقوا الله تعالى، وذروا ظاهر الإثم وباطنه، فإن حسن الخلق، الذي أمر به الله تعالى ورسوله- صلى الله عليه وسلم- ليس ابتسامة باردة، ولا آدابا ظاهرية زائفة، بل هي آداب وفضائل، يبتغي بها المؤمن وجه الله تعالى، يوافق فيها الظاهر الباطن، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:«لا  يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»+++ أخرجه البخاري (12)، ومسلم (64) من حديث أنس  رضي الله عنه---. 
وهذا أمر مهم، ومعلم كبير، يميز أخلاق أهل الإسلام عن أخلاق غيرهم. 
فحسن الخلق الذي يطالب به أهل الإسلام سلامة في الظاهر، ونقاء وصفاء في الباطن. 
أيها المسلمون!
إن القاعدة الكبرى التي تنبثق منها فضائل الأخلاق، وتصدر عنها مكارم الآداب، هي قول الله تعالى:﴿خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)+++ سورة الأعراف: (199)---، فهذه الآية تجمع حسن الخلق على وجه الكمال، فهي تأمر بإيصال الخير إلى كل أحد من المسلمين، وتحث على تحمل الجنايات، والعفو والصفح عن الزلات، وتأمر بمقابلة السيئات بالحسنات. 
أيها المؤمنون!
إن من القضايا الكبرى التي تحتاج إلى تنبيه متصل، ونصح دائم لترسخ في الأفئدة والأذهان أن المسلم الذي يقوم بما فرض الله عليه من الصلاة والزكاة والصيام والحج، وغير ذلك من الواجبات الشرعية، ثم هو بادي الشر، كالح الوجه، قريب العدوان، سيئ الأخلاق، إن هذا المسلم ليس امرءا تقيا، بل هو مفلس عصي.
ففي "الصحيح" قال صلى الله عليه وسلم:«أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال -صلى الله عليه وسلم- مصححا مبينا: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه ثم طرح في النار»+++ صحيح مسلم" (4678) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه---. 
فاتقوا الله عباد الله، وحافظوا على شرائع الدين، وأركان الإسلام، وخذوا بفضائل الأخلاق، ومكارم الآداب، فإن العبد يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم.
المشاهدات:8354
الارتباطُ الوثيقُ بين الأَخلاقِ والدِّين

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أيها المؤمنون!
إن من المقاصدِ الكبرى لدِينِ الإسلامِ إتمامَ صالحِ الأخلاقِ وإكمالَها، قال الله تعالى:﴿ لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ سورة آل عمران: (164)
وعن أبي هريرة  -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إنما بُعثتُ لأتمِّمَ صالحَ الأخلاقِ» أخرجه أحمد (8595)، والحاكم (4221) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه "
فالأخلاقُ أيها المؤمنون أمرُها في الشَّريعةِ عظيمٌ، وشأنُها كبيرٌ، فبقدرِ ما معك من طيِّبِ الأخلاقِ، وكريمِ السجايا والآدابِ، بقدرِ ما يكونُ معك من استقامةِ الدِّينِ، فالدِّينُ كُلُّه خُلقٌ، فمن زاد عليك في الأخلاقِ زاد عليك في الدِّينِ.
فحُسْنُ الخُلُقِ دِينُ ربِّ العالمين، وهدْيُ سيدِ البشَرِ، وخاتمِ النبيين؛ ولذلك قال الله تعالى في وصفِ خاتمِ النبيين:﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) سورة القلم: (4).
وحُسٍنُ الخلُق أيها المؤمنون هو صفةُ عبادِ اللهِ المتَّقين، وبه تُحصَّلُ الدرجاتُ، وتُرفعُ المقاماتُ، وتتحقَّقُ المقاصدُ والغاياتُ. 
حُسنُ الخلُقِ يا عباد الله واجبٌ، أمَرَ اللهُ به المؤمنين، فقال اللهُ ربُّ العالمين: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) سورة الأعراف: (199)
وقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «اتَّقِ اللهَ حيثُما كنْتَ، وأتبِعْ السَّيئةَ الحسَّنةَ تمحُها، وخالِقْ الناسَ بخُلُقٍ حسَنٍ» أخرجه أحمد (20392)، والترمذي (1910)، وقال: " حسن صحيح" 
أيها المؤمنون!
إن الدِّينَ القويمَ، والإيمانَ الراسخَ قوةٌ عاصمةٌ من دنايا الأخلاقِ وسيِّئِها، وهو قوةٌ دافعةٌ إلى طيِّبِ الأخلاقِ وشريفِها؛ ولذلك ما أكثرَ ما يقولُ اللهُ تعالى في كتابِه المبينِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ثم يذكر بعد هذا النداءِ لأهلِ الإيمانِ أمراً بالأخلاقِ الفاضلةِ، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) سورة التوبة: (119).
أو نهياً عن أخلاقٍ سيئةٍ رديئةٍ، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) سورة الحجرات: (11)
وهذا يوضِّح لنا- أيها الإخوةُ الكرامُ- أن الإيمانَ القويَّ يلِدُ الخُلقَ القويمَ، والسلوكَ المستقيمَ، وأن أيَّ اختلالٍ في أخلاقٍ الناسِ، أو نقصٍ في آدابِهم يرجِعُ إلى ضعفِ الإيمانِ، وقلَِّة الدِّينِ، وإليك بعض الأمثلةَ، التي تبيِّنُ الارتباطَ الوثيقَ بين سوءِ الخلقِ، وضعفِ الإيمانِ والدينِ:
فالرجلُ الذي يكذِبُ في أقوالِه وأعمالِه ليس صادقاً في إيمانِه، فإن الكذِبَ يهدي إلى الفجورِ، وإن الفجورَ يهدي إلى النارِ.
والرَّجُلُ الذي يؤذي جيرانَه، ويرْمِيهِم بالسُّوءِ، قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «واللهِ لا يؤمنُ، واللهِ لا يؤمنُ، واللهِ لا يؤمنُ، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جارُه بوائقَه» أخرجه البخاري (6016) من حديث أبي شريح  رضي الله عنه.
والرَّجُلُ الذي أطلقَ للِسانِه العنانَ، يتكلَّمُ في الأعراضِ، ويؤذي العبادَ بالغِيبةِ والنميمةِ والفُحشِ وسيئِ القولِ لم يحقِّقْ إيمانَه: «من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، فليقل خيراً أو ليصمت» أخرجه أحمد (20392)، والترمذي (1910)، وقال: " حسن صحيح"..
والرَّجلُ الذي عبَّس وجهَه، واكفَهَرَّ، ومحا عن وجهِهِ البسْمةَ الرَّقيقةَ الحانيةَ، ورسمَ عليه النظراتِ المريبةَ، والكشْرةَ القبيحةَ، لم يبلغْ درجةَ المؤمنِ الصادقِ في إيمانِه ودينِه:«لا تحقِرَنَّ من المعروفِ شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ» أخرجه مسلم (6857) من حديث أبي ذر  رضي الله عنه .
« والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ » أخرجه البخاري (2989)، ومسلم (2382) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه
والرجل الذي بخِلَ بالسلامِ، وأخلى قلبَه من محبةِ أهلِ الإسلام، وملأَهُ بالحقدِ والغلِّ والآثامِ، لم يحقق الإيمانَ، ففي "صحيح مسلم" قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تدخلوا الجنةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلُّكُم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم»"صحيح مسلم "(81) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
وهكذا أيُّها المؤمنون يِمضي الشَّرعُ المطهَّرُ في بناءِ الأخلاقِ، وغرسِ الفضائلِ، معتمداً في ذلك على صدقِ الإيمانِ باللهِ تعالى، فكلَّما زادت الفضائلُ والأخلاقُ المستقيمةُ في العبدِ، كان ذلك دليلاً على صحةِ إيمانِه، وسلامةِ دينِه.
ففي "الصحيحين" قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن من خيارِكم أحاسِنَكم أخلاقاً» صحيح البخاري" (3295)، ومسلم (4285) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص
وقال صلى الله عليه وسلم: «أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهُم خُلُقاً» أخرجه أحمد (7095)، والترمذي ( 1082)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،وقال الترمذي:"حسن صحيح"
فالإيمانُ والدِّينُ والأخلاقُ والآدابُ عناصِرُ مُتماسِكةٌ، لا يستطيعُ أحدٌ تمزيقَ وشائِجِها وصلاتِها. اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها. 
 
الخطبة الثانية :
أيها المؤمنون!
اتقوا اللهَ تعالى، وذروا ظاهرَ الإثمِ وباطنَه، فإن حُسنَ الخلُقِ، الذي أمرَ به اللهُ تعالى ورسولُه- صلى الله عليه وسلم- ليس ابتسامةً باردةً، ولا آداباً ظاهريةً زائفةً، بل هي آدابٌ وفَضَائلُ، يَبتغي بها المؤمنُ وجهَ اللهِ تعالى، يوافِقُ فيها الظاهرُ الباطنَ، كما قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-:«لا  يؤمنُ أحَدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه» أخرجه البخاري (12)، ومسلم (64) من حديث أنس  رضي الله عنه
وهذا أمرٌ مهمٌّ، ومَعْلَمٌ كبيرٌ، يميِّزُ أخلاقَ أهلِ الإسلامِ عن أخلاقِ غيرِهم. 
فحُسنُ الخلُقِ الذي يُطالَبُ به أهلُ الإسلامُ سلامةٌ في الظاهرِ، ونقاءٌ وصفاءٌ في الباطنِ. 
أيها المسلمون!
إن القاعدةَ الكبرى التي تنبثِقُ منها فضائلُ الأخلاقِ، وتَصْدرُ عنها مكارمُ الآدابِ، هي قولُ الله تعالى:﴿خُذ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عن الجاهِلِين) سورة الأعراف: (199)، فهذه الآيةُ تجمعُ حُسنَ الخُلُقِ على وجهِ الكمالِ، فهي تأمرُ بإيصالِ الخيرِ إلى كلِّ أحدٍ من المسلمين، وتحثُّ على تحمُّلِ الجناياتِ، والعفوِ والصفحِ عن الزَّلاتِ، وتأمرُ بمقابلةِ السيئاتِ بالحسناتِ. 
أيها المؤمنون!
إن من القضايا الكبرى التي تحتاجُ إلى تنبيهٍ متَّصِلٍ، ونُصحٍ دائمٍ لترسُخَ في الأفئدةِ والأذهانِ أن المسلمَ الذي يقومُ بما فرضَ اللهُ عليه من الصلاةِ والزكاةِ والصيامِ والحجِّ، وغيرِ ذلك من الواجباتِ الشرعيةِ، ثم هو بادي الشرِّ، كالحُ الوجهِ، قريبُ العدوانِ، سيِّئُ الأخلاقِ، إن هذا المسلم ليس امرءًا تقيًّا، بل هو مفلسٌ عصيٌّ.
ففي "الصحيح" قال صلى الله عليه وسلم:«أتدرون من المفلسُ؟ قالوا: المفلسُ فينا مَن لا درهمَ له ولا متاعَ، فقال -صلى الله عليه وسلم- مصحِّحاً مبيِّناً: المفلسُ مِن أُمَّتي من يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ، ويأتي وقد شتَمَ هذا، وقذَفَ هذا، وأكل مالَ هذا، وسفَكَ دمَ هذا، وضرَبَ هذا، فيعطى هذا من حَسَناتِه، وهذا من حَسَناتِه، فإن فنِيَت حسناتُه قبل أن يُقضى ما عليه، أخَذَ من خطاياهُم، فطُرِحَت عليه ثم طُرِح في النَّارِ» صحيح مسلم" (4678) من حديث أبي هريرة  رضي الله عنه
فاتقوا اللهَ عباد اللهِ، وحافظوا على شرائعِ الدِّينِ، وأركانِ الإسلامِ، وخذوا بفضائلِ الأخلاقِ، ومكارمِ الآدابِ، فإن العبدَ يبلُغُ بحُسنِ خُلُقه درجةَ الصائمِ القائمِ.
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : الخوف من الله تعالى ( عدد المشاهدات41583 )
3. خطبة : الحسد ( عدد المشاهدات28592 )
4. خطبة: يوم الجمعة سيد الأيام ( عدد المشاهدات22995 )
5. خطبة : الأعمال بالخواتيم ( عدد المشاهدات21244 )
6. خطبة : احرص على ما ينفعك ( عدد المشاهدات18846 )
7. حكم الإيجار المنتهي بالتمليك ( عدد المشاهدات18054 )
8. خطبة : الخلاف شر ( عدد المشاهدات14972 )
9. خطبة: يا ليتنا أطعناه ( عدد المشاهدات11517 )
10. خطبة : يتقارب الزمان ( عدد المشاهدات11314 )
11. خطبة : بماذا تتقي النار. ( عدد المشاهدات10345 )
12. خطبة: أثر الربا ( عدد المشاهدات10123 )
14. خطبة : أحوال المحتضرين ( عدد المشاهدات9946 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف