الحلقة (220) الغفلة تعمي القلوب

رابط المقال

المقدم:بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نحييكم تحية طيبة عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة نحيكم في هذه الحلقة المتجددة لبرنامج "الدين والحياة" في هذه الحلقة التي نستمر معكم فيها على مدى ساعة كاملة بمشيئة الله تعالى.

في بداية هذه الحلقة مستمعينا الكرام تقبلوا تحياتي محدثكم وائل حمدان الصبحي، ومن الإخراج ماهر باسمكم جميعًا مستمعينا الكرام نرحب بضيفنا الكريم ضيف حلقات برنامج "الدين والحياة" فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، أهلا وسهلا فضيلة الشيخ السلام حياك الله.

الشيخ:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبا بك حياك الله أخي وائل وأهلا وسهلا بالمستمعين والمستمعات حياكم الله.

المقدم: أهلا وسهلًا، يا مرحبا حديثنا في هذه الحلقة فضيلة الشيخ عن الغفلة، وهي تعمي القلوب، حديثنا عن معنى الغفلة، وذكر الغفلة في القرآن الكريم الله –عز وجل-ذكر ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا (1)  ، في جملة من الآيات التي ورد ذكر الغفلة، لكن دعنا نبدأ حديثنا فضيلة الشيخ بمعنى الغفلة.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فالغفلة كما تفضلت ذكَرَها الله تعالى في محكم كتابه في مواضع كثيرة، وفي غالب مواردها كانت على سبيل الذمِّ والتحذير من خطورتها، وبيان شؤمها، وسوء عاقبتها على الإنسان في معاشه ومعاده، في دنياه وفي آخرته.

 الغفلة هي: فيما يتعلق بالمعنى اللغوي تطلق على عدة معاني:

 تطلق على السهو، وعدم التنبه للشيء.

 تطلق على الإهمال والتفريط وعدم الاعتناء بما ينبغي الاعتاء به، فهي من حيث معناها تطلق على معاني عديدة، لكن الذي يهمنا من هذه المعاني هو المورد الذي وردت فيه على وجه الذم والتحذير، وبه يعلم أن الغفلة التي ذم الله تعالى أصحابها وبيَّن خطورتها هي غيبة بال الإنسان، وعدم تذكره لما فيه خير معاشه ومعاده إهمالًا وإعراضًا.

وقيل: الغفلة هي متابعة النفس على ما تشتهيه.

وقيل: الغفلة هي الانغماس في الباطل والإعراض عن الحق.

وكل هذه المعاني في الحقيقة معاني صحيحة، وهي مطابقة للغفلة، إما أنها بيان لها، وإما أنها تعريف لها بآثارها، والله –جل وعلا-حذر أهل الإيمان من الغفلة وبين شؤمها وعاقبتها في مواضع عديدة من كتابه الحكيم.

إذًا الغفلة المذمومة هي: متابعة الإنسان لهواه وسيره وراء ملذَّاته ومشتهياته، وأيضًا هي ليست بمعنى الذهول عن الشيء الذي يعذر فيه الإنسان، لا، هي ترك لما ينبغي أن يعتنى به ويهتم به، مع إهمال وإعراض وتهاون فيما فيه النجاة والصلاح.

المقدم: فضيلة الشيخ! بعد ذكر معنى الغفلة نريد أن نأخذ سياقات ذكر الغفلة في القرآن الكريم وهي جاءت مصداقًا لما نتحدث به في هذه الحلقة جاءت بالتحذير من المعنى المذموم الذي ذكرت.

الشيخ: الله تعالى في محكم كتابه ذكر الغفلة في مواضع عديدة، وبالتتبع لما ذكره الله تعالى من شأن هذه الخصلة والصلة المذمومة التي ذكرها الله تعالى في كتابه يتبين أن الغفلة هي غطاء يغشى القلب، يغفله عن كل ما فيه نفعه وخيره ومصلحته وسعادته في الدنيا والآخرة.

فلك أن تقرأ قول الله تعالى على سبيل المثال: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (2)  ، ولك أن تقرأها أيضًا وتدرك معناها في قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ (3)  ، وأيضًا تأمل ذكرها في قوله تعالى: ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا (4)  ، وكذلك في سورة الحديد ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (5)  ، تأمل هذه المواضع التي ذكر الله تعالى فيها الغفلة، وكيف أن الغفلة إذا استحكمت على القلب أعمته عن الذي ينبغي أن يعتني به، وأن يهتم به من أمر معاشه وأمر معاده.

ولهذا الغفلة هي من أخطر الأمراض التي تصيب القلوب وتحملها على فقدان الخير، والتورط في ألوان الشر والفساد، القلب كلما اشتدت غفلته وتمكنت الغفلة منه، بإعراضه عما خلق له وبإعراضه عن التأمل والتفكر في مآله ومعرفة حقيقة معاشه تشتد قسوة القلب ويصلب، ويكون على حال من الذهول عما ينفعه وما يصلحه بحيث لا ينتفع من موعظة، ولا يتعظ بآية ولا يعتبر بواقعة، بل هو بلا حس يركض وراء شهواته، وراء ملذاته، وراء محابِّه، على نحو يفقد به ما ينبغي أن يعتني به من صلاح قلبه وصلاح عمله.

ولهذا كانت الكلمات الواردة عن الأئمة في التحذير من الغفلة وبيان خطورتها واضحة جلية، فالغفلة تورث القسوة، والقسوة تُبعِد عن الله –عز وجل-.

والغفلة تعمي عن مصالح المعاش ومصالح المعاد، ولذلك الغافل لا يقي نفسه خطرًا، ولا يتحاشى من مضارة، بل تجده متتابع في التورط في ألوان من المهالك والآفات المتتابعة التي لا تنقضي ولا تنتهي، وهو في دوَّامة ركض وراء ملاذِّه، وغافل عما فيه صلاحه، وتجد قلبه قاسيًا وعمله فاسدًا، تجده مشتغلًا بكل ما هو من الخسار والخيبة والضياع.

ولذلك قال ابن القيم: "بخلاف الغافل فإن حجاب الهيبة رقيق في قلبه"  (6)  يعني ما في قلبه تعظيم لله –عز وجل-، ولا في قلبه يقين بالآخرة فتجده كالنائم الذي غابت عنه مقاصد دينه ومقاصد معاشه، فلا يجد لذة في طاعة، ولا يجد حياة في إقبال على الله –عز وجل-، ولا يلتفت إلى ما فيه مصلحته وهدايته.

ولهذا كانت الغفلة أخطر الأمراض وأعظم الآفات التي تصيب الناس وتصدهم عن سبيل الله –عز وجل-، ولهذا عالج الله تعالى ذلك بأنواع من الأمور التي هي في الحقيقة موعظة وعبرة، وتخرجهم من هذه الآفة الخطيرة.

الحارث المحاسبي يقول: "لا أعرف خصلة أكثر في الناس ولا أغلب عليهم ولا أكثر ضررًا ولا أشد عليهم تركًا على الخاص والعام والعالم والمتعلم والجاهل من الغفلة.  (7) 

فالغفلة داء يصيب الناس على اختلاف مراتبهم ومنازلهم، ويفضي بهم إلى ضياع معاشهم وضياع معادهم وإضاعة الغرض الذي من أجله خلقوا، ومن أجله وجدوا هذه الدنيا.

لهذا نقول: من المهم أن نعرف خطورة هذه الخصلة، فإن الله تعالى ذكرها في صفات المعرضين عنه، الذين تعطلت أعينهم عن الانتفاع بما يشاهدون، وتعطلت أسماعهم عن الانتفاع بما يسمعون من المواعظ والذكر، وتعطلت أبدانهم عن الطاعة والاشتغال بما ينفعهم، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا (8)  ، كل مصادر الانتفاع والتأثر تعطلت، فالقلب لا يفقه ولا يعي، والعين لا تبصر ولا تدرك ما ينفعها، والأذن لا تسمع ما يصلحها، قال الله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ (9)  ، ثم ذكر حالهم التي أصابتهم بهذه الغيبة عن كل ما ينفع، وعن كل ما يفيد، وورطتهم في كل دينهم ودنياهم، قال: ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (10)  .

هؤلاء الذين وصفهم الله تعالى بما وصف من تعطل كل مصادر التأثر والانتفاع هم الذين غفلوا سهوا عن الآيات، وعن العبر، وعن العظات غاب عنهم لماذا خلقوا؟ انهمكوا في ملذاتهم ومشتهيات أنفسهم حتى عمت أبصارهم، كما قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (11)  هذا مصداق الآية السابقة التي ذكرت تعطل الحواس النافعة.

وهذه الغفلة خطورتها أنها تتمادى مع الإنسان وتمضي معه في أيام عمره، وفي ليله ونهاره، فلا يستيقظ ولا يتنبه ولا يعي إلا بعد فوات الأوان، كما قال –جل وعلا-: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (12)  ، لكن متى هذا؟ بعد أن فارق الحياة ومات والله تعالى يقول: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (13)  ، فالغفلة خطورتها أنها تغيب الإنسان عما ينفعه، توقعه فيما يضره، والإشكالية فيها أن الإنسان يستمتع بما يضره، فهو يستمتع بتعاطي المحرمات، يستمتع بالبعد عن الله –عز وجل-، يستمتع بكل ما يؤذيه ويظن أنها سعادته وهي في الحقيقة شقاء، كالذي يركض وراء السراب يظنه ماء، والحقيقة أنه لم يدرك خطورة ما هو فيه بسبب غفلته.

وقد قال الله تعالى في قوم أنزل بهم عقوبته: ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (14)  ، فالغفلة هي الإعراض عن الآيات، وعدم الالتفات إليها، وعدم الاعتبار والانتفاع، نسأل الله تعالى أن يبصرنا بما ينفعنا، وأن يوقظ قلوبنا، وأن يحييها بما ينفعها، وأن يعيذنا من الغفلة التي إذا غشت القلوب عميت وانطمس عليها سبيل الهدى، وانفتح لها كل باب شر، وأغلق عنها كل باب خير.

المقدم: جميل فضيلة الشيخ اسمح لي أن نذهب إلى فاصل بعده -بمشيئة الله تعالى- نستكمل حديثنا حول مظاهر الغفلة، وأيضًا سبل علاجها بمشيئة الله تعالى مستمعينا الكرام سنذهب إلى فاصل بعده نكمل الحديث ابقوا معنا.

حياكم الله مستمعينا الكرام نجدد الترحيب بكم، ونرحب بكم مجددًا في هذه الحلقة لبرنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداءالإسلام" من مكة المكرمة نرحب بضيفنا الكريم مجددًا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم أهلا وسهلا فضيلة الشيخ حياك الله.

الشيخ: مرحبا، حياك الله، وأهلا وسهلا بك وبالإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات.

المقدم: أهلا وسهلا فضيلة الشيخ، نستكمل حديثنا حول "الغفلة تعمي القلوب"، ذكرنا معنى الغفلة، وذكرنا الغفلة في القرآن الكريم وخطورة الغفلة أيضًا، لكن نريد أن نتحدث عن مظاهر الغفلة التي تكون من المسلم تجاه عبادة الله وتجاه الالتزام بأوامر الله –عز وجل-.

الشيخ: أخي الكريم الغفلة كما تقدم فيما يتصل بخطورتها هي سبب لقسوة القلب، هي طريق لتعطيل القيام بغاية الوجود ومقصوده، فلا تتحقق من غافل عبادة الله –عز وجل-والقيام بما من أجله خُلق.

خطورة الغفلة أيضًا: أنها تبعد الإنسان عن الحق وتورطه في الباطل، وتعطله عن سلوك طريق الهداية.

خطورة الغفلة أنها تجعل الإنسان متورطًا في محبة الدنيا والإقبال عليها والانغماس فيها على وجه يذهل آخرته، ويضيع ما يستقبل من معاش في الآخرة، وتفوته الجنة إذا استحكمت الغفلة على قلبه.

هذه جملة من أسباب أو من المخاطر والمخاوف التي يتورط فيها الإنسان بغفلته، كما أن الغفلة سبب للشقاء الدنيوي؛ فإن الغفلة إعراض عن الله –عز وجل-، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (15)  ، أيضًا الغفلة من مخاطرها أنها تعمي الإنسان عن الانتفاع بالآيات التي يبعثها الله تعالى، وقد جعلها في السماء والأرض، الآيات العارضة والآيات الدائمة، كما قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (16)  ، هذا في الآيات الثابتة في السماء والأرض، والآيات المتجددة يقول تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا (17)  ، فتأتيهم المواعظ والعبر، لكن لاستحكام الغفلة لا ينتبهون ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (18)  .

الغفلة إذا استحكمت على القلب انفتح باب الشيطان؛ لأن الشيطان يتمكن من قلب الغافل، كما قال الله تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ (19)  ، فبالتالي الغافل هو في الحقيقة غنيمة وأثير للشيطان، لا يتمكن من الانفكاك منه.

أما أعظم ما يؤول إليه الحال حال الغافل أنه يخسر آخرته، فلا يدرك نفعا ولا نجاحًا ولا فوزًا، يقول الله تعالى: ﴿وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (20)  ، لا جرم أنهم أي هؤلاء الغافلون في الآخرة هم الخاسرون، أعاذنا الله وإياكم من الخسار.

وبالتالي إدراك العاقل هذه العواقب الوخيمة، وهذا الشؤم العظيم من سيئات الغفلة تجعله يسعى إلى الانفكاك منها، والبعد عنها والحذر من أن يكون من الغافلين.

أما ما يتعلق بمظاهر الغفلة، فمظاهر الغفلة متعددة، فالغفلة بلاء وآفة قاتلة إذا استحكمت على القلب فإنها تورده المهالك.

من مظاهر الغفلة: أنه يغيب عنه استحضار ما يكون من شأن الآخرة، فالمنغمس في الدنيا لا يفيق ولا يتفكر في الآخرة، بل ولا يفكر أنه سيموت، وأنه سيحاسب، وأنه سيقف، وتجد أن العلامات التي تدل على قرب الآخرة لا تحرك قلبه، ولا تحيي ضميره، كما قال الله تعالى: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (21)  ، فالحساب اقترب، الحساب هو يوم القيامة والمجازاة على الأعمال، لكن مع قربه وعظيم عاقبته أن الحساب نتيجته إما فوز وأن يزحزح عن النار، وإما خيبة بأن يَرِد النار أعاذنا الله تعالى وإياكم.

فالحساب يقترب بقرب الموت، أو بقرب يوم القيامة وهو عنها غافل، فالغفلة تغفل الإنسان عن أشراط الساعة، ولذلك تجد الغافل لا يعتني بذكر الآخرة، ولا يعتني بالاستعداد لها، ولا بالتهيؤ لها لانغماسه في الدنيا، كما قال الله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ *وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ (22)  وكما قال تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (23)  .

فإذا غابت الآخرة عن عين الإنسان، وعن فكره، وعن تخطيطه وعمله بالتالي ستجد أنه يفقد معرفة الطريق الموصل إلى الله، يفقد العمل بما يرضي الله تعالى، ولذلك الغافل لا يقيم لأوامر الله تعالى وزنًا ولا يقيم لشرعه قدرًا؛ لأنه غافل عن عواقب امتثال أمر الله، وعواقب ترك أمر الله –عز وجل-، فتجده لغفلته لا يعتني بشيء من أوامر الله، ولا يعتني بشيء من نواهي الله –عز وجل-، فتجده في الأوامر كسولًا أو تاركًا، وفي النواهي تجده غير مبالٍ يتبع الخطيئة الخطيئة، والذنب الذنبَ، ولا يفيق ولا يتوب؛ لأنه غافل عن أنه سيرتهن بعمله، وأنه سيحاسب على الدقيق والجليل، والنقير والقطمير.

فالغفلة تجعل الإنسان مستخفًّا بشرع الله، بأمر الله بنهيه، بالمطلوبات فلا تجده نشيطًا لها والمحرمات لا تجده متوقيًا لها؛ لأنه غائب الذهن والفكر عن أنه سيحاسب.

من مظاهر الغفلة: السير وراء الغافلين ومصاحبتهم والاتباع لخطاهم، وبذلك يقع في عمى البصيرة، ولذلك يوم القيامة يندم الإنسان على مصاحبة هذا، والله تعالى قد نهى عن اتباع من أغفل قلبه –جل وعلا-، وأصابه عمى البصر عن اليوم الآخر، قال الله تعالى لرسوله –صلى الله عليه وسلم-، وهو أمر لكل مؤمن ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (24)  .

فمن مظاهر الغفلة أن يكون الإنسان مطيعًا لمن أغفل الله قلبه، ومن اشتغل عن ذكر ربه بذكر غيره، وصار وراء هواه، وكان أمره فرطًا ضائعًا، لا يصلح معاشًا ولا يصلح معادًا، بل هو في خراب دينه ودنياه سائر وجاري.

الغفلة من مظاهرها: عدم الوفاء بالحقوق، عدم أداء الحقوق التي فرضها الله –عز وجل-، فتجده لا يبر والديه، الغافل لا يصل رحمه، لا يحسن إلى جيرانه، لا يؤدي الأمانة التي عقد عليها في العقود والمعاملات، لا يتورع من الكسب الحرام، لا يفي بالعهد ويحفظ حق الله –عز وجل-، فتجده في كل واد متورطًا بالسوء والشر والفساد، وما يعود عليه بالضرر في دينه ودنياه، ولذلك الغفلة هي ركاد ونوم تنطمس به البصيرة، ويخرج به الإنسان عن الصراط المستقيم أعاذنا الله تعالى وإياكم من موجبات غضبه جملة من المظاهر.

وخلاصة هذه المظاهر: أن الغافل بعيد عن كل خير، متورط في كل شر، هذه الخلاصة، الخلاصة التي يمكن أن تستنتج من مجموع هذه الصفات أن الغافل منطمس البصيرة، لا يسعى في الخير لنفسه في دينه ولا في دنياه، بل هو متورط بكل سوء، فليست صلته حسنة بربه –جل وعلا-، ولا صلته حسنة بالخلق، بل هو ساع في كل ما يفسد دينه ودنياه.

والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (25)  أعاذنا الله وإياكم من استحكام الغفلة وعمل القلب الذي يورد المهالك.

المقدم: فضيلة الشيخ! نريد أن نتحدث في ختام الحلقة وفي الجزء الأخير عن سبل علاج مثل هذه الظاهرة السيئة السلبية التي قد تكون في حياة الإنسان المسلم وتؤثر على دينه ودنياه بشكل سلبي.

الشيخ: هو يا أخي الكريم من المهم أن يدرك الإنسان أنه بحاجة إلى كل ما يوقظ قلبه، بحاجة إلى كل ما يحيي نفسه ومنشطها إلى القاعة.

ولذلك علاج الغفلة بالتذكر، علاج الغفلة بالبعد عن أسبابها، وقد شرع الله تعالى لعباده من الأعمال والأفعال والعبادات التي بها تحيا قلوبهم، ويسلمون من هذه الغفلة التي متى استحكمت على القلب أعمته الله –عز وجل-، يقول: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (26)  ، ويقول تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (27)  ، ويقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (28)  .

لهذا من المهم أن يأخذ الإنسان بالأسباب التي تنجيه من الغفلة، وتخرجه من دائرة الغافلين، ولا يكون ذلك إلا بأمور:

الأمر الأول: هو معرفة مقصود هذه الحياة أن يتذكر الإنسان لماذا خلق؟ ولماذا أوجده الله تعالى في هذه الدنيا؟ ما هي مهمته؟ ما هي وظيفته؟ يقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (29)  .

يا إخواني ويا أخواتي الدنيا مرحلة من المراحل التي يقطعها الإنسان، فهي مرحلة الاختبار والابتلاء، كما قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (30)  ، وقال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً (31)  ، وهذه المرحلة هي مرحلة تحقيق العبودية لله –عز وجل-، وإذا صلحت هذه المرحلة مرحلة الحياة الدنيا ما بعدها من أطوار الحياة وأطباق التي يمر بها الناس تطيب وتزكو، قال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (32)  .

ومن الأطباق التي ينطبق عليها هذه الآية هو ما يكون من أطوار الإنسان حياته في الدنيا، في البرزخ، في الآخرة التي هي دار الجزاء ومنتهى المصير.

فتذكر هذا الأمر، تذكر أنك أنت إنما خلقت لعبادة الله، أن وظيفتك الأساسية هي أن تحقق العبودية لله بطاعته، والقيام بأمره، ومعرفته –جل وعلا-، ومحبته، وتعظيمه، والإقبال عليه –سبحانه وبحمده-هذا يخرجك من الغفلة.

هناك أسباب معينة لتحقيق هذا الغرض وهذه الغاية العظمى من الحياة وهي عبادة الله، وتوحيده من ذلك ذكر الله تعالى، فكلما اشتغل الإنسان بالذكر خرج من الغفلة، هذه قاعدة مطردة بقدر ما معك من ذكر الله –جل وعلا-،بقدر ما تسلم من غوائل وشؤم الغفلة وعواقبها السيئة.

يقول الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (33)  ، يعني في أوائل النهار وفي أواخره، ثم يقول: ﴿وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (34)  يأمر بالذكر ويحذر من الغفلة.

ولذلك ينبغي للإنسان إذا أراد أن يكون سالمًا من الغفلة أن يحافظ على ذكر ربه جل في علاه، والله كريم فقد وعد الذاكر بالأجر الجزيل والعطاء العظيم، قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (35)  ، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-في الحديث الإلهي، يقول الله تعالى: «يقولُ اللهُ تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكَرَني، إنْ ذكَرَني في نفسِه ذكَرْتُه في نفسي، وإنْ ذكَرَني في ملأٍ ذكَرْتُه في ملأٍ خيرٍمنهم»  (36)  وهنيئًا لمن يذكره الله –جل وعلا-تتابع عليه الخيرات والمضرات والفضل الكبير.

ولأهمية الذكر في الخروج من الغفلة في أكثر موارده في القرآن يذكره الله تعالى على وجه الكثرة، يأمر به على وجه الكثرة يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (37)  ، ثم يؤكد ذلك فقال: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (38)  فينبغي للإنسان أن يكثر من ذكر الله، ويخص هذين الوقتين بالخصوص، البكور والآصال، أول النهار وآخر النهار بالذكر لما لهما من التأثير على صلاح قلبه واستقامة حاله.

ومن أعظم ما يذكر الإنسان به ربه ويخرجه عن الغفلة محافظته على الصلوات الواجبات المفروضات، فإن ذكر الله تعالى في الصباح والمساء وذكر الله تعالى في البكور والآصال، وذكر الله تعالى في الغدو والعشي، وذكر الله تعالى في الصلوات المفروضات مما يخرجه عن الغفلة، قال الله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (39)  ، فينبغي للمؤمن إذا أراد أن يسلم من الغفلة أن يحرص على الصلوات المفروضات ذكر وأنثي، رجل وامرأة، الصلوات أعظم ما يحصل به الذكر قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (40)  ، يعني ما فيها من نافع بذكر الله أكبر الفوائد وأعظم المنافع المذكورة والمحصورة والمحصلة والمذكورة في الصلاة.

ولهذا يأمر الله تعالى بالذكر بالصلاة، ويأمر الله تعالى بالذكر حتى بعد الصلاة؛ لما في ذلك من الخير العظيم، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (41)  يعني أمر بالسعي إلى الذكر، ثم ندب إلى الاشتغال بمصالح الدنيا والمعاش، ومع هذا يقول مع اشتغالكم بدنياكم لا تغفلوا عن ذكره، بل اذكروه كثيرًا.

فمن أعظم أسباب الخروج من الغفلة كثرة ذكر الله، المحافظة على الصلوات المفروضات، الاشتغال بالنوافل والتطوعات من صلاة الرواتب، وصلاة الليل والصلاة مطلقًا، فإنها مما يحيي القلب.

من أسباب الوقاية من داء الغفلة: تلاوة القرآن؛ فإن القرآن جاء ذكرًا وموعظة، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ (42)  علاج لما في الصدور من الآفات، وأعظم الآفات التي تصيب القلب الغفلة، فشفاء الغفلة التي تتربع على القلوب وتتسلل إليها هو تلاوة القرآن الحكيم، والقرآن مبارك على أصحابه، مبارك على من تلاه، ومن حفظه، ومن عمل به، ومن تفهمه، ومن اشتغل به؛ فإن فيه خيرًا عظيمًا.

من أسباب الوقاية من الغفلة أن يحرص الإنسان على مجالس الذكر، بتلاوة القرآن، أو بتعلم العلم، أو بسماع المواعظ، فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ، يتلون كتابَ اللهِ، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السَّكينةُ: وغَشِيَتْهم الرحمةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكرهم اللهُ فيمن عندَه».  (43) 

فمجالس الذكر مجالس الملائكة ومجالس الأخيار ومجالس الذكر والعبرة والعظة، وغيرها من المجالس التي يغفل فيها الإنسان عن ذكر ربه هي مجالس اللغو ومجالس الشر التي تبعده عن الله –عز وجل-؛ ولذلك سماها بعض العلماء مجالس الشياطين.

الخامس من أسباب حصول السلامة من آفات الغفلة: أن يلح على الله تعالى بالدعاء أن يحيي قلبه، وأن يرزقه ذكره وشكره، ولهذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم-لمعاذ إني أحبك: «فلا تدَعْ أن تقولَ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحسنِ عبادتِك».  (44) 

إذا ذكرهم فُتحت له أبواب الخير، لذلك قال: «على ذكرك»هذا المبدأ، ثم قال:«وشكرك وحسن عبادتك»، فمفتاح صلاح الإنسان أن يتذكر أن يسلم من الغفلة، وهذا دعاء علمه النبي –صلى الله عليه وسلم-معاذًا أن يدعو به في كل صلاة، أن ندعو الله تعالى به، وأن نحرص على لزومه في صلواتنا المفروضات والمكتوبات؛ علَّ الله يحيي قلوبنا، وأن يرزقنا ذكره وشكره وحسن عبادته.

من أسباب السلامة من الغفلة: أن يذكر الإنسان حقيقة الحياة، أن يتعظ بما يشاهده من رحيل من رحل، وانتهاء الدنيا، وارتهان الناس بأعمالهم، وهذا ليس مُقعِدًا عن عمل صالح أو عمل راشد تعمر به الدنيا وهو ذكر الموت، إنما المقصود أن يكون الموت بين عينيه ليعمل ويجوِّد عمله، لا ليقعد حزينًا أو كئيبا منحسرًا عن الصالح في معاشه ومعاده، كما يفهمه بعض الناس، إن ذكر الموت يعني –خلاص- تُعطِّل حياتك، لا، ذكر الموت التي ندبت إليه الشريعة هو التي تصلح به الحياة، ما يستثمر به الإنسان لحظات عمره ويغتنم به لحظات زمانه ليبني راشدًا، ويعمل صالحًا تستقيم به دنياه وتصلح به أخراه.

وهذا معنى قوله –صلى الله عليه وسلم-فيما جاء في السنن من حديث أبي هريرة: «أَكْثِروا ذِكْرَ هادمِ اللَّذَّاتِ»  (45)  «اللذات»المقصود باللذات التي تصرف الناس عن طاعة الله تعالى، وتوقعهم في الغفلة التي يسوء بها معاشهم وتفسد بها أخرتهم.

هذه جملة من الأعمال التي بها يحصل للإنسان السلامة من الغفلة والاستيقاظ من استحكام الغفلة لقلبه، وإذا وفِّق إليها وبقدر ما يأخذ من هذه الأسباب يخرج عن دائرة الغافلين، ويكون من أهل الذكر وأهل العبرة والعظة الذين ينتفعون بما يشاهدون وما يسمعون ويستثمرون حياتهم فيما يعود عليهم بالنفع والصالح في العاجل والآجل، نسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن اشتغل بذكره وعمَّر قلبه بصالح العمل وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المقدم: عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، نسأل الله أن يعيذنا من الغفلة، ونسأله –عز وجل-أن يلهمنا رشدنا، ويردنا إليه ردًّا جميلًا، ويجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا آناء الليل وأطراف النهار، شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ، شكر الله لك، وكتب الله أجرك فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ.

الشيخ: وأنا أشكركم، وأسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء وشر،  وأن يوفق ولاة أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده إلى كل صالح، وأن يدفع عنا كل سوء، وأن يسبغ علينا نعمه، وأن يجعلنا ممن أمن في وطنه وسلم في بدنه ودينه، وأن يحيي قلوبنا بما يصلح به معاشنا ومعادنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.