الاقتراض من أجل العقيقة

رابط المقال

السؤال:
رزقت ـ والحمد لله ـ بولدين وبنت، ولم أعق عنهما، فهل يجوز لي بعد هذه الفترة أن أعق عن كل واحد منهم؟ وكيف تكون العقيقة؟ 
الجواب:
العقيقة ثابتة في السنة في جملة من الأحاديث، ففي صحيح البخاري  (1)  عن سلمان بن عامر الضبي  أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى»، وفي حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الغلام مرتهن بعقيقته، يذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه»  (2)  ، فهذا مما يدل على مشروعيتها، وبيان وقتها، وأنها في السابع.
والسنة أن يعق عن الذكر شاتين، وعن الأنثى شاة واحدة، وإذا حصل وعق عن الذكر شاة واحدة، فإنه لا حرج فيه، كما جاء في الحديث السابق مع «مع الغلام عقيقة» ولم يذكر العدد، وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا»  (3)  ، وأما سنية الثنتين فقد جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ولد له ولد، فأحب أن ينسك عنه، فلينسك عن الغلام شاتين مكافئتين، وعن الجارية شاة»  (4)  ، فهذا على وجه الاستحباب، ومن عجز عن هذا فلا حرج عليه؛ لأن المشروع هو ما كان حال الاستطاعة، وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن الرجل لا يجد ما يعق أيقترض ليعق؟ فقال: "أشد ما سمعت فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سمرة: «كلُّ غلامٍ مرتهَنٌ بعقيقتِه»، فأرجو إن اقترض أن يجعل الله له خلفًا"، فاستحب الإمام أحمد رحمه الله الاقتراض لأجل العقيقة، ومن حسنت نيته وصلحت فيرجى أن يخلف الله تعالى عليه، لكن هل الاقتراض واجب؟ هل العقيقة واجبة؟ الجواب: لا، هي سنة في قول عامة العلماء، ومن لم يستطع فإنها تسقط عنه على ما يظهر من الأدلة؛ لأن الواجبات كلها منوطة بالاستطاعة، ولكن هل إن استطاع بعد ذلك يعق؟ للعلماء قولان: منهم من قال: العبرة بالقدرة وقت مشروعية العقيقة، وهي في اليوم السابع من الولادة، وقال آخرون: بل يعق ولو بعد حين إذا قدر، قد جاء عن ابن سيرين أنه قال: لو علمتُ أنه لم يعق عني لعققتُ عن نفسي، ولكن هذا لا دليل عليه، لكن لو فعل الإنسان على وجه التقرب فلا بأس به، لكنه ليس مشروعًا ولا مسنونًا، فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عق عن نفسه، ولم ينقل عن الصحابة أنهم عقوا عن أنفسهم، وظواهر النصوص أن المشروع في وقتٍ إذا فات وقته فإنه يكون سنة فات محلها، والله تعالى أعلم.