الحلقة (75) الذنوب والمعاصي وأثرها على حياة العبد

رابط المقال

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة"، والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة.
نرحب بكم ونحييكم في بدء هذا اللقاء، وهذه تحيتي أنا عبد الله الداني، ومنفذ هذه الحلقة على الهواء زميلي مصطفى الصحفي، ومن استقبال المكالمات هذه تحية الزميل خالد فلاتة.
كما يسرني أن نرحب في بدء هذه الحلقة بضيفي وضيفكم الدائم في هذا البرنامج فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح؛ أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، فالسلام عليكم ورحمة الله، وأهلًا ومرحبًا بكم يا شيخ خالد.
الشيخ: مرحبًا، أهلًا وسهلًا بك، حياكم الله.
المقدم: أهلًا وسهلًا، حياكم الله يا شيخ، وأهلًا ومرحبًا بكل المستمعين والمستمعات الذين ينضمون إلينا الآن عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة للاستماع إلى هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة".
حديثنا في هذه الحلقة مستمعينا الكرام عن أثر الذنوب والمعاصي على العبد في الدنيا والآخرة، فإن الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (1)  .
في هذه الآية دلالة واضحة على العلاقة التي تربط بين أفعال الناس والنتائج التي يتحصلون عليها، فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي خلق العباد، وهو الأدرى بما يناسبهم، وأمَر -سبحانه وتعالى- أيضًا بعبادته وبسلوك طريق الإيمان، والابتعاد عن طريق الكفر والضلالة، وعبادته وحده.
شيخ خالد، عندما نتحدث عن آثار الذنوب والمعاصي، ما هي المقدمة التي يمكن أن نبدأ بها هذا الحديث؟ وما يتعلق أيضًا بما يمكن أن تؤثره هذه الذنوب والمعاصي في حياة العبد بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير، والسراج المنير، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم البصيرة في الدين، والعمل بالتنزيل، وأن يجعلنا من عباده المتقين، وحزبه المفلحين، وأوليائه الصالحين.
فيما يتصل بقضية الذنوب وأثرها في الإنسان في معاشه ومعاده، هذه القضية من القضايا ذات الأثر الكبير والأهمية البالغة؛ ذلك أن الله -عز وجل- خلقنا في هذه الدنيا لابتلاء واختبار؛ كما قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2)  ، هذا الاختبار يكون الناس فيه على حالينِ: حال الفائز وحال الخاسر، الفائز هو الذي حقق النجاح بطاعة الله تعالى، ولزوم ما أمر -جل في علاه-، وترك ما نهى عنه وزجر، فإذا لزم العبد ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى الله تعالى عنه، يبتغي بذلك ما عند الله -عز وجل-، فاز فيما ابتُلي به واختُبر.
وأما إذا أخفق باكتساب المحرمات، أو بالوقوع في السيئات، وترْك الواجبات، فإنه بهذا يكون قد تورط في السيئات.
فالذنوب والمعاصي تدور على معنيين:
المعنى الأول: ترك ما أمر الله -عز وجل- به.
والمعنى الثاني: انتهاك ما حرَّم الله تعالى وما نهى؛ مما اقتضت حكمتُه أن يحرمه، وأن يمنع العباد منه.
فالمعصية هي ترك الطاعات بمخالفة الأمر، أو بمواقعة النهي وما حرمه الله تعالى ورسوله.
وبالتأكيد أن مواقعة السيئات والذنوب فيها خروج عن مقصود الحياة، وفيها إخفاق في تحقيق الغاية التي من أجْلها خلق الله تعالى الخلق.
ولهذا يترتب على التورط في ترك الواجب، أو في فعل المحرَّم من الآثار السيئة والنتائج القبيحة ما يَترتب.
وليُعلمْ أنه ما من سيئة، سواء كانت تركَ واجب، أو فعل محرم، إلا ولابد أن تترك آثارًا، وأولُ هذه الآثار هو ما يكون في القلب من تأثير الطاعة وتأثير المعصية؛ كما قال الله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (3) 
وكما قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ (4)  .
فالأعمال لا بد وأن تترك آثارًا على حسب حقيقتها، وما تكون عليه هذه الأعمال من تحقيق غاية الوجود أو المخالفة له.
وبالتالي إذا عرفنا أن الذنب هو ترك الطاعة بمخالفة أمر الله -عز وجل- ورسوله، أو بالتورط فيما نهى الله تعالى عنه ورسوله؛ تبين لنا أن هذه الذنوب هي مما يصاحب الإنسانَ ويرافقه في أحواله الكثيرة المختلفة؛ فإن الذنوب لا بد منها، لكن هذا المعنى لا يبرِّر أن يسرِف الإنسان على نفسه، بل هذا يبين أنه لا بد أن يكون دائمَ الاستغفار، دائم السعي في التخفف من آثار هذه المعاصي والذنوب.
المقدم: أحسن الله إليكم، نتواصل معكم مستمعينا الكرام، ومع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح في هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة"، وحديثنا متواصل عن أثر الذنوب والمعاصي في حياة العبد.
أرقام التواصل: 0126477117 و 0126493028، الرقم المخصص لاستقبال الرسائل النصية على الواتس آب هو 0582824040.
كما يمكنكم مشاركتنا على حساب الإذاعة على تويتر: نداء الإسلام، وذلك أيضًا عبر هاشتاج البرنامج الدين والحياة.
شيخ خالد، ربما هناك مشكلة أيضًا فيما يتعلق بالذنوب والمعاصي، وهي أن العبد ربما يستصغرها بداية ثم لا يلبث أن يعتادها، ولا يُلقي لها بالًا، يبدأ مثلًا يرتكب في كل مرة معصيةً أعظم، فربما تصيبه هذه الناحية بالشؤم، وكذلك أيضًا ربما يلقى شؤم معصيته. وذلك القول الذي يُنسب إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- عندما قال: "إن للطاعة تعبًا في أثناء عملها، وكذلك لذة تعقبها؛ تعقب عمل هذه الطاعة، وكذلك في المقابل هناك لذة تصحب عمل المعصية، لكنها تعقب هذا العبد الشؤم الذي هو معروف بشؤم المعصية
نتحدث عن هذه الذنوب التي أحيانًا يستصغرها الإنسان، ثم بعد ذلك تطبع على قلبه، فبالتالي ربما يراها أمرًا طبيعيًّا واعتياديًّا، وكذلك أيضًا ربما يستمرئها مع مرور الوقت.
الشيخ: أخي الكريم، الذنوب جميعها من حيثُ قبيحُ أثرها تشترك في أن لها آثارًا سيئة، لكن هذه الآثار بالتأكيد مختلفة بقدْر حجم المخالفة، وأما بالنظر إلى كونها أصل مخالفة عن طاعة الله، والخروج عن حدوده وشرعه؛ لا شك أنها تشترك في هذا المعنى الكلي العام.
إذن عندنا جانبان - بارك الله فيك -: جانب أصل المخالفة، وهذا لا فرق فيه بين الصغير والكبير، لكن بين قُبح المخالفة من حيث ما يترتب عليه، وما ينتج عنه؛ هذا متفاوت، حتى في الذنب الواحد، ولذلك الزنا قال الله تعالى عنه: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (5)  .
ولما سُئل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: أي الذنب أعظم؟ قال: «أَنْ تَجعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ». ثم قال له السائل: ثم أي يا رسول الله؟ يعني: أي الذنب بعد هذا في المرتبة والمنزلة؟ قال: «أَن تَقتُلَ وَلَدَكَ خشيةَ أنْ يَأكُلَ مَعَكَ». فالقتل قبيح في كل الأحوال، لكن في هذه الصورة هو من أقبح ما يكون، قال: ثم أي؟ قال: «أَنْ تُزانيَ حَليلةَ جَارِكَ»  (6)  فجعل الزنا بحليلة الجار في المرتبة من الذنب عالية، لا بالنظر إلى ذات الزنا الذي قال تعالى فيه: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (7)  إنما بالنظر إلى الخيانة. وفي الحديث: «واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ ، قلنا: من يا رسول الله؟ قال: «مَن لا يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ».  (8) 
فالذنب ينبغي للمؤمن أن يتوقاه صغيرًا كان أو كبيرًا، وأن يجتهد في التخفف منه، وألا يستهين بصغيرِهِ؛ فإن الصغير قد يَقترب معه من استخفاف القلب، واستهانة الفاعل؛ ما يجعله في مصافِّ الكبائر، ولهذا حذر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من صغير الذنوب؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُم ومُحَقَّراتِ الذُّنُوبِ؛ فإنهنَّ يَجتمِعنَ على الرَّجُلِ فَيُهْلِكْنَهُ».
وهذا يبيِّن أن محقرات الذنوب قد تفضي بصاحبها إلى نوع من الهلاك.
وقد مثَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في قومٍ نزلوا فلاةً، فعندما جاء وقت طعامهم جعل الرجل ينطلق فيجيء بعود، والآخر يجيء بعود، حتى جمعوا سوادًا -أي: كومة عظيمة من هذه الأعواد المجتمعة - فأجَّجوا نارًا وأنضجوا ما قذفوا فيها.  (9) 

 فانظر كيف كانت هذه النار العظيمة نتاج مجموع ما جمعوه من هذه الأعواد التي أنضجت طعامهم، وأدركوا بها مَطلوبَهم مما يتعلق بصنعة الطعام؟
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإنَّ مُحقَّراتِ الذنوبِ متى يُؤْخَذ بها صَاحِبُها تُهْلِكْه» أي: تورده الهلاك، هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّراتِ الذُّنوبِ»
وفي الحديث أيضًا قال صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّراتِ الأعمالِ؛ فإنَّ لها مِنَ اللهِ طَالِبًا».  (10)  أي: لها من الله تعالى ما يطلبها، ويستوجب الحذر من الاستكثار منها؛ فإنها تفضي بصاحبها إلى الهلاك، وتوصله إلى المؤاخذة التي إذا أحاطت بالعبد أهلكته.
إذًا لا فرق فيما ينبغي أن يكون عليه الإنسان من الحذر والتوقي بين الصغير والكبير، بل الذي دلت عليه النصوص وجوبُ الاجتهاد في مجاهدة صغير الذنوب وكبيرها، والفطنة وحضور القلب في توقي هذا وذاك.
وهذا لا يعني أن يكون الإنسان معصومًا؛ فإن العصمة لا يمكن أن تتحقق لبني آدم؛ فإنهم مجبولون على الخطأ والإساءة، ولكن المطلوب هو أن يتوقى الإنسان الخطأ جهده وطاقته، ثم إذا وقع في خطأ أن يستعتب.
جاء ذلك فيما رواه الترمذي من حديث قتادة، عن أنس -رضي الله تعالى عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلُّ ابنِ آدمَ خَطَّاءٌ»، فهذا مما جبل الله تعالى عليه الإنسان، والخطَّاء هنا كثير الخطأ، والخطأ بنوعيه: إما ترك واجب، وإما فعل محرم.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وخيرُ الخَطَّائِينَ» أي: خير مَن يكثِر من الأخطاء «التوَّابونَ».  (11) 
وهذا يدل على أن الخطأ أمر مما يتعلق بطبيعة الإنسان، وما فطره الله تعالى عليه الإنسان من ضعف؛ كما قال تعالى: ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (12)  ، وضعفه عدم صبره، وعدم تماسكه، وعدم قوته على القيام بما كُلف به في كل أحواله، لكنه مطلوب منه أن يعالج هذا الضعف بمسارعة الأوبة والتوبة والرجوع إلى الله -عز وجل-، في قوله صلى الله عليه وسلم: «وَخَيرُ الخَطَّاءينَ التَّوَّابُونَ».
وقد جاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر له بعض أصحابه أنهم كانوا إذا حضروا لديه صلى الله عليه وسلم وسمعوا من الذكر ما سمعوا، وجدوا من النشاط في الطاعة والإقبال على الخيرات ما يجدون، ولكنهم لا يخلون من أن يقعوا فيما تقتضيه الجِبلَّة من خطأ أو تقصير أو قصور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي أيوب؛ قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لولَا أنَّكُم تُذنِبونَ لَخَلَقَ اللهُ خَلقًا يُذنبونَ فَيَغْفِرُ لهمْ»  (13) 
وهذا يدل على أن الذنب لا بد من وقوعه، وهذا ليس دعوة لمواقعة الذنوب، وينبغي أن يُفهم هذا الكلام؛ لأن بعض الناس يرى أن في مثل هذه الأحاديث مبررًا ومسوِّغًا لوقوع الأخطاء.
المقدم: يُغلِّب جانب الرجاء كذلك يا شيخ.
الشيخ: نعم، هذه الأحاديث – مثل حديث أبي أيوب وحديث أنس بن مالك- ليست للدعوة إلى مواقعة الخطأ، إنما هي بيان طريقة معالجته، وأن الإنسان ينبغي ألا يغلُب عليه جانب طلب السمو إلى درجة أن يخرج عما تقتضيه الفطرة من أنه مجبول على القصور والتقصير، وأنه مطالَب أن يتفادى الخطأ قبل وقوعه، ثم إذا وقع في الخطأ؛ إما في ترك واجب وإما في فعل محرم، الواجب عليه أن يسعى في التخفف منه.
كيف يتخفف منه؟
يتخفف منه بالتوبة والاستغفار، وكثرة المراجعة لنفسه في أسباب الخروج من تلك السيئات والخطايا.
المقدم: أحسن الله إليكم، نتواصل معكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة" وحديثنا أيضًا متواصل في موضوعنا اليوم عن "أثر الذنوب والمعاصي في حياة العبد."
وأرقام التواصل: 0126477117 ، 0126493028 ، رقم الواتس آب 0582824040.
كذلك يمكنكم مشاركتنا بالتغريد على حساب الإذاعة: "نداء الإسلام" على تويتر، أو كذلك هاشتاج البرنامج "الدين والحياة".
شيخ خالد، أيضًا عندما تحدثنا في هذه التوطئة التي أتينا بها على مقصودنا من هذا الحديث، ربما ننتقل أيضًا إلى الحديث عن أبرز الآثار التي يمكن أن يُصاب بها العبد الذي يمكن أن يستمرئ هذه الذنوب والمعاصي دون أن يكون هناك توبة وأوبة.
الشيخ: أخي الكريم، إدراك أن المعصية موجِبة للهلاك هو مرحلة ضرورية لمعالجة أي خطأ يقع فيه الإنسان؛ صغير أو كبير.

 هناك ذنوب نتورط فيها، ونقع في حبائلها، ونمارسها على أنها شيء طبيعي وعادي في حياتنا، وهي مما يورد الإنسان المهالك.
جاء في المسند والسنن؛ عند الترمذي وأبي داود، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها-، قالت: "قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسْبك من صفية كذا وكذا". أي: يكفيك من صفية. وصفية هي إحدى زوجات النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ذكرتها عائشة -رضي الله تعالى عنها- بشيء من أوصافها فقالت: يكفيك من صفية، يعني في الزهد فيها ومعرفة ما يكون من نزول منزلتها، أنها كذا وكذا. أي: قصيرة، كما جاء ذلك في بعض الروايات.
وطبعًا هذا كلام ضرائر، عائشة -رضي الله تعالى عنها- تتكلم عن ضرتها، وهذا جانب قد يتكرر فيما يقع في نفس الإنسان من طلب السمو، أو فيما يتعلق في نفس الإنسان من طرف الثأر لنفسه أو غير ذلك من البواعث والأسباب التي تجعله يتكلم في غيره بسوء.
عائشة لم تقل في هذه المرأة، وهي أم المؤمنين صفية -رضي الله تعالى عنها- شيئًا كثيرًا، إنما قالت فقط: حسبك من صفية أنها كذا وكذا. قالت هذا الكلام على وجه التنقص لها -رضي الله تعالى عنهما- بمقتضى طبيعة ما يكون بين الضرائر من منافسة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة -رضي الله تعالى عنها-: «لقدْ قُلتِ كلمةً لو مُزِجَتْ بماءِ البحرِ لَمَزَجَتْهُ»  (14)  أي: لو خُلطت هذه الكلمة في ماء البحر كثرةً ووفرةً وضخامةً «لَمَزَجَتْهُ» أي: غَيَّرَتْهُ.
وحدَث من هذه الكلمة العابرة، الكلمة التي يتكلمها الإنسان وقد تكون مطابقة للواقع لكنها غِيبة؛ لأنها ذِكرُك أخاك بما يكره في غَيبته؛ كان منها هذا التأثير؛ أن تغير لون البحر.
قالت: وحكيت له إنسانًا، فقال: «ما أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إنسانًا وأنَّ لي كَذَا وَكَذا».  (15) 
«حَكَيتُ» يعني قلَّدت «إنسانًا» يعني شخصًا لم تعينه- رضي الله تعالى عنها-.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إنسانًا وأنَّ لي كَذَا وَكَذا» أي: ما أحب أن أحاكي قول إنسان أو صفة إنسان على وجه التحقير له، أو الاستخفاف به، أو الاستهزاء به، أو نحو ذلك، وأن لي كذا وكذا.
وذلك في كف الإساءة إلى الغير بذكره بما يكره، أو بفعل ما يكره، سواء كان ذلك غيبة أو كان ذلك همزًا أو لمزًا بالحركات والأفعال.
فالمقصود أن هذه الكلمة التي قالتها عائشة -رضي الله تعالى عنها- كان هذا ردُّ النبي صلى الله عليه وسلم لها في بيان عظيم أثر هذه الكلمة، وعظيم أثر هذه المخالفة؛ أنها توجب الهلاك، حيث قال صلى الله عليه وسلم عنه في بيان أثرها: «لقدْ قُلتِ كلمةً لو مُزِجَتْ بماءِ البحرِ لَمَزَجَتْهُ».
الذنوب والمعاصي عظيمة التأثير، هذا إذا كانت قليلةً كهذا الحديث، فكيف إذا كانت ذنوبًا متتابعةً؟ ذنوبًا يصر عليها الإنسان؟ ذنوبًا ينوعها، يديمها؟ لا شك أنها من أعظم أسباب الهلاك، ومن أكبر أسباب الفساد التي يَفسُد بها الكونُ؛ كما قال الله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (16)  .
المقدم: شيخ خالد، هذا عندما نتحدث أيضًا عن هذه الآثار ربما هذه فرصة ليتعرف الإنسان إذا ما كان معنيًّا بهذا الأمر، وأنه يجب عليه أن يستعتب وأن يعود ويئوب إلى الله -سبحانه وتعالى-، لعل هذه يا شيخ من الأمور المناسبة أن نذكِّر بها الإنسان حتى يقيس وضعه ويقيس حالته، ويكون هناك أيضًا تذكير دائم بمسألة الرجوع، فأحيانًا ربما تنزل به نازلة أو تقع عليه مصيبة أو غير ذلك من الأمور التي أحيانًا قد يرى أنها عقوبة لا سبب لها، بينما هي ربما أتته أو نزلت عليه كنوع من التذكير والإنذار من الله -سبحانه وتعالى-، وفيها رحمة منه -سبحانه وتعالى-بأن يذكِّر هذا العبد بضرورة العودة إليه -سبحانه وتعالى-.
الشيخ: يا أخي الكريم، الله -عز وجل-يقول في محكم كتابه: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (17)  . وهذا يبين أن المصائب التي تقع على الإنسان في نفسه، وماله، وأهله، وبلده هي نتاج عمله، فالله -عز وجل-عدل لا يظلم الناس شيئًا ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (18)  .
وهو -سبحانه وبحمده-يعفو ويتجاوز، والله -جل في علاه-يخبر في هذه الآية: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ أن كل ما يحيط بالإنسان من خطأ أو خلل أو مكروه في نفسه أو في أهله أو في ماله؛ إنما هو بسبب ما كان من عمله، الله -جل وعلا-ذكر هذه الآية الكريمة منبهًا للإنسان أن يقع منه الفطنة، ولفت النظر إلى أن ما يكون من المكروهات التي تحيط به إنما هو بسبب ما جنته يده، وبسبب ما كسبه.
ولهذا يقول: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ﴾ صغيرة أو كبيرة، دقيقة أو جليلة، إنما هو بما كسبت يد الإنسان، ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ.
وهذه القاعدة فيما يتعلق بالذنوب والمعاصي جاء النص عليها في حوادث فردية وقعت زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلما أصاب الصحابةَ -رضي الله تعالى عنهم-ما أصابهم من البلاء والشدة والكرب في يوم أحد قالوا: أنى هذا؟ فجاء الجواب مباشرةً: ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير (19)  ، وقال -جل في علاه-: ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ﴾ يعني من مصيبة ومكروه ﴿فَمِنْ نَفْسِكَ (20)  .
وقال -جل وعلا-: ﴿وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ (21)  .
فكل ما يكون من مكروهات تحيط بالناس هو نتاج ما قدمته أيديهم.
ومن رحمة الله -عز وجل-بعباده أن جعل للطاعة أثرًا يدركه الإنسان في الدنيا قبل الآخرة، وللسيئة أثرًا يدركه الإنسان في الدنيا قبل الآخرة، فهذه الآثار هي التي تحمل الناس على الاستعتاب في حال الخطأ، وعلى الاستزادة في حال الصالح.

 الله -جل وعلا-يقول في محكم كتابه: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ (22)  .
وهذا بيان أن ما يدركونه من خيرات وفتح بركات السماء والأرض هو من ثمرة القيام بطاعة الله -عز وجل-.
طبعًا قد يكون استدراجًا؛ لأن الفتح إما أن يكون ثمرة الطاعة، وإما أن يكون عطاءً يُبتلى به، لكن الفرق بين الفتحين أنه في حال الفتح - فتح الطاعة والخير - يكون ذلك على وجه المباركة من الله -عز وجل-للعبد، أما فيما إذا كان ذلك استدراجًا فقد ذكر الله -جل وعلا-في مُحكَم كتابه أنه يفتح أبواب كل شيء، ولم يذكر في ذلك بركات، قال: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (23)  .
فشتان بين الفتحين؛ فتح أهل التقى والصلاح،وفتح أهل المعصية؛ فتحُ أهل التقى والصلاح ثمرة الطاعة والإحسان، وينتِج خيرًا، وهو الانتفاع بهذه البركات ونيل الخيرات، والاستزادة من الصالحات، فيكون ما أعطاه الله تعالى من الخيرات عونًا له على طاعته: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ (24)  وليست مجرد فتح للعطاء، وأما في الصورة الأخرى فإنه فتح يترتب عليه الاستكثار من السيئات، والغرق في الخطايا، ولذلك قال: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾، ثم انظر ماذا نتج عن ذلك؟ ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (25)  .
إذن من رحمة الله أن يذيق العبد ثمرة عمله، سواء كان ذلك صالحًا فيستزيد ويُقبِل ويستكثر من الصالحات؛ لأنه ذاق شيئًا من آثارها وثمارها في الدنيا، فزاده ذلك إقبالًا على ربه.
ولذلك قال الله -جل وعلا-: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً (26)  هذا في الدنيا قبل الآخرة.
وكذلك فيما يتعلق بالمعصية من رحمة الله أن يذيق الإنسان بعض ما عمل؛ كما قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27)    أي: عن المعصية، والإساءة، وترك ما أمر، أو اجتناب ما نهى عنه وزجر -سبحانه وبحمده-.
وقال: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (28)  .
وقال -جل في علاه- في آيات كثيرة
المقدم: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا (29)  .
الشيخ: هذا فيما يتعلق بأنها مقدَّرة مكتوبة، لكن فيما يتعلق بأثر هذه المعصية، وثمرة المخالفة، فهذا فيه آيات كثيرة
المقدم: ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (30)  فيما يتعلق بمخالفة الصحابة.
مخالفة الصحابة يا شيخ كذلك أيضًا كما تفضلتم في هذه الحلقة في غزوة أحد عندما نزل بعض الصحابة من جبل الرماة، وأُصيب المسلمون بما أُصيبوا به في تلك المعركة قال -سبحانه وتعالى-: ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (31)  إشارة إلى هذه المخالفة التي وقع بها هذا الكرب العظيم.
الشيخ: نعم بالتأكيد، فشواهد هذا كثيرة في الكتاب والسنة؛ أن ما ينزل بالإنسان مما يَكره هو بسبب سيئ عمله، وقد جاء أن عليًّا رضي الله عنه قال كلمة: "ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رُفع إلا بتوبة"  (32)  .
فهذا تأكيد لهذا المعنى، مُتواتِر عليه النقل في الكتاب والسنة، وفي مأثور سلف الأمة؛ مما يوجب للإنسان الفطنة والتنبه؛ أن ذلك بسبب ذنوبنا.
واستحضارُ هذا في الذهن مما يفتح عين الإنسان على تفسير الأحداث والوقائع.
إليك هذا الخبر الذي ذكره الإمام أحمد -رحمه الله- عن جُبير بن نُفير -رضي الله تعالى عنه-؛ قال: لما فُتحت قُبرُص فُرِّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، يقول جبير -رضي الله تعالى عنه-: فرأيتُ أبا الدرداء جالسًا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال أبو الدرداء: ويحك يا جبير، ما أهونَ الخلقَ على الله -عز وجل- إذا أضاعوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.  (33) 
يعني: من التفرق والذل والهوان وزوال العز.
هذا التفسير الذي فسره أبو الدرداء -رضي الله تعالى- عنه لهذا الموقف وهذا الحدث؛ قلّ أن يتنبه إليه الإنسان، لاسيما في أوقات الفرح والبهجة والنصر والتمكن والغلبة والظفر، يعني لا يستشعر هذا المعنى، قد يظن أن هذا الذي حصل هو بقوته وسعيه وعمله دون أسباب ممن وقعت عليهم الهزيمة، أو أصابهم ما أصابهم، لكن أبو الدرداء -رضي الله تعالى عنه- كان فطنًا، فتدبَّر في هذه اللحظة هذا المعنى الذي ينبغي ألا يغيب.
يا أخي نحن أحيانًا نمضي في أنواع من الإسراف والخطأ دون استشعار لآثار هذا الخطأ في حياتنا، فمن النعمة العظمى التي يمن الله تعالى بها على العبد أن يرزقه قلبًا بصيرًا يرى آثار معاصيه، وثمار عمله في سعيه، فيزيده في الطاعة إقبالًا، وفي المعصية تخففًا، الله -جل وعلا- يقول: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ (34)  الله -عز وجل- يذكر بأن البأساء والضراء التي تنزل بالناس هي مما يوجب أن يتذكروا، وأن يتفطنوا، وأن يرجعوا إلى الله تعالى بالتضرع والتوبة إليه، لكن أحيانًا يقسو القلب فيعمى، ولذلك قال: ﴿وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، وزاد الأمر سوءًا بتزيين الشيطان ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. فالثمرة من قسوة القلب وتزيين الشيطان ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (35)  .
فينبغي للمؤمن أن يرقب آثار أعماله الصالحة من شرح الصدر، وسرور النفس، ونشاط البدن، وتوقي السوء والشر؛ ما يزيده إقبالًا على الله، كما أنه يتلمس آثار المعاصي فيما يقع له من بلاء.
بعض السلف كان يقول: "إني لأرى أثر معصيتي في عثرة دابتي وفي خُلُق زوجتي.  (36) 
ففي كثير من الأحيان تحيط بنا مصائب ومنبِّهات، لكن نعزلها عن عملنا، نعزلها عن نتائج سعينا، فتكون مبتوتة الصلة في نظرنا، وبالتالي أحيانًا لا يفطن الإنسان إلى أن هذا من ثمرة عمله، وهذا من ثمرة سعيه، فيجعله يراجع نفسه بالكف عن الخطأ، والإقبال على الإصلاح.
المقدم: هذه أيضًا دعوة لمراجعة النفس دائمًا، ولمخاطبتها دائمًا ومحاسبتها باستمرار؛ فإن الحساب في هذه الحياة يسير وميسَّر، ومتاح لكل شخص أن يستعتب، وأن يدرك قبل فوات الأوان.
وهذا هو ما أشرنا إليه من خلال هذه الحلقة من بداية التوطئة في هذا الحديث، وإلى الانتهاء بأن هذه الآثار يجب على الإنسان أن يلتفت إليها التفاتةً جادةً، وأن يصحح من مساره، وأن يحاسب نفسه محاسبة دائمة.
ولعل مما تجدر الإشارة إليه أن هذه الآثار ليست محصورة فقط في المصائب التي تصيب الأفراد، بل هذا الأمر يمتد أيضًا إلى ما يتعلق بالآثار التي تصيب الجماعات.
أشكركم في ختم هذه الحلقة فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم.
أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل ما تفضلتم به في هذا اللقاء في ميزان حسناتكم.
الشيخ: آمين، بارك الله فيك، وأسأل الله لي ولكم العفو والتجاوز والصفح، وأن يعيننا على الإصلاح، كما أسأله -جل في علاه- أن يحفظ بلادنا من كل سوء وشر، وأن يقينا شر كل ذي شر هو آخذ بناصيته، وأن يوفق ولاة أمرنا إلى ما يحب ويرضى.
ونلقاكم في حلقة قادمة قريبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.