قوله:" ولا يسلبون الفاسق الملي الإيمان بالكلية".

رابط المقال

قوله:"ولا يسلبون الفاسق الملي الإيمان بالكلية، ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة".

وبيان هذا أن «الفاسق من أهل السنة، مثل الزاني، والسارق، والشارب، ونحوهم»  (1)  «ممن له طاعات ومعاص، وحسنات وسيئات، ومعه من الإيمان ما لا يخلد معه في النار، وله من الكبائر ما يستوجب دخول النار»  (2)  القول الوسط فيه هو قول أهل السنة والجماعة، فإنهم «لا يسلبونه الاسم على الإطلاق، ولا يعطونه على الإطلاق»  (3)  ، بل يقولون: «هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن عاص، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته. ويقال: ليس بمؤمن حقا، أو ليس بصادق حقا»  (4)  . «فأهل السنة متفقون على أنه قد سلب كمال الإيمان الواجب، فزال بعض إيمانه الواجب لكنه من أهل الوعيد»  (5)  . والخلاف في هذه المسألة -مسألة الأسماء والأحكام- هو «أول خلاف حدث في مسائل الأصول، حيث كفرت الخوارج بالذنب فجعلوا صاحب الكبيرة كافرا»  (6)  .

«وقالت المعتزلة: بل ينزل منزلة بين المنزلتين، فنسميه فاسقا لا مسلما، ولا كافرا»  (7)  ، فهو «ليس بمؤمن بوجه من الوجوه، ولا يدخل في عموم الأحكام المتعلقة باسم الإيمان»  (8)  ، «فالمعتزلة ينفون عنه اسم الإيمان بالكلية، واسم الإسلام أيضا، ويقولون: ليس معه شيء من الإيمان والإسلام»  (9)  . هذا من حيث الاسم. أما بالنسبة للحكم «فأهل السنة والحديث، وأئمة الإسلام المتبعون للصحابة لا يقولون بتخليد أحد من أهل القبلة في النار كما تقوله الخوارج والمعتزلة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: (أنه يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)  (10)  ، وإخراجه من النار من يخرج بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم فيمن يشفع له من أهل الكبائر من أمته، وهذه أحاديث كثيرة مستفيضة متواترة عند أهل العلم بالحديث»  (11)  .

وفي الصحيحين من حديث أنس في ذكر الشفاعة العظمى قال بعد قول الله له: اشفع تشفع في المرة الثالثة: «فأنطلق فأخرج من كان في قلبه مثقال أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه»  (12)  . و «الخوارج والمعتزلة يقولون: صاحب الكبائر الذي لم يتب منها مخلد في النار، ليس معه شيء من الإيمان، ثم الخوارج تقول: هو كافر، والمعتزلة توافقهم على الحكم، لا على الاسم»  (13)  ، فإنهم «نازعوا غيرهم في الاسم»  (14)  .