الدرس(37) قوله تعالى{ولنبلونكم بشيء من الخوف...}

رابط المقال

 وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ أي نختبركم، وحيث ما جاء الاختبار في حق الله فمعناه: أن يظهر في الوجود ما في علمه، لتقوم الحجة على العبد، وليس كاختبار الناس بعضهم بعضا، لأن الله يعلم ما كان وما يكون، والخطاب بهذا الابتلاء للمسلمين، وقيل: لكفار قريش، والأول أظهر لقوله بعد هذا وبشر الصابرين بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ من الأعداء وَالْجُوعِ بالجدب وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ بالخسارة وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ بالجوانح، وقيل ذلك كله بسبب الجهاد إِنَّا لِلَّهِ اللام للملك، والمالك يفعل في ملكه ما يشاء راجِعُونَ تذكروا الآخرة لتهون عليهم مصائب الدنيا، وفي الحديث الصحيح: أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال: من أصابته مصيبة فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها أخلف الله له خيرا مما أصابه. قالت أمّ سلمة فلما مات زوجي أبو سلمة قلت ذلك فأبدلني الله به رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم +++أخرجه أحمد عن أم سلمة.

فائدة : ورد ذكر الصبر من القرآن في أكثر من سبعين موضعاً ، وذلك لعظمة موقعه في الدين . قال بعض العلماء : كل الحسنات لها أجر محصور من عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلاّ الصبر فإنه لا يحصر أجره ، لقوله تعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } وذكر الله للصابرين ثمانية أنواع من الكرامة : أولها : المحبة ، قال : { والله يُحِبُّ الصابرين } [ آل عمران : 146 ] . والثاني : النصر قال : { إِنَّ الله مَعَ الصابرين } [ البقرة : 155 ] . والثالث : غرفات الجنة . قال : { يُجْزَوْنَ الغرفة بِمَا صَبَرُواْ } [ الفرقان : 75 ] . والرابع : الأجر الجزيل قال : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ الزمر : 10 ] والأربعة الأخرى المذكورة في هذه الآية ، ففيها البشارة ، قال : { وَبَشِّرِ الصابرين } [ البقرة : 155 ] والصلاة والرحمة والهداية { أولئك عَلَيْهِمْ صلوات مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هُمُ المهتدون } والصابرون على أربعة أوجه : صبر على البلاء ، وهو منع النفس من التسخيط والهلع والجزع . وصبر على النعم وهو تقييدها بالشكر ، وعدم الطغيان ، وعدم التكبر بها . وصبر على الطاعة بالمحافظة والدوام عليها . وصبر عن المعاصي بكف النفس عنها ، وفوق الصبر التسليم؛ وهو ترك الاعتراض والتسخيط ظاهراً ، وترك الكراهه باطناً ، وفوق التسليم : الرضا بالقضاء ، وهو سرور النفس بفعل الله وهو صادر عن المحبة ، وكل ما يفعله المحبوب محبوب .