خطبة الجمعة : حول الاعتداء على بقيق

رابط المقال

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، لَهُ الحَمْدُ في الأوُلَىَ وَالآخِرَةِ، وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجعوُنَ, لَهُ الحَمْدُ الأَكْمَلُ الأَتَمُّ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محُمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ، خَتَمَ اللهُ تَعالَىَ بِهِ النُّبُواتِ وَالرسالاتِ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأوُصِيِكُمْ أَيُّها النَّاسُ، أوُصِيِكُمْ وَنَفْسِيِ بِتَقْوَىَ اللهِ تَعالىَ، فَاتقَّوُا اللهَ تَعالَىَ في السِّرِّ وَالعَلَنِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ يَرْجوُ دُخوُلَ الجَنَّةِ يُعِدُّ لها عَمَلًا، وَمَنْ يخافُ النَّارَ يَهْرُبُ مِنْها وَيَوْجَلْ، فَالَّلهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الجَنَّةَ وَما قَرَّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنعوُذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَما قَرَّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

َأيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ؛ إِنَّهُ ما قوُبِلَ كَيْدُ الأَعْداءِ وَمَكْرُهُمْ وَاعْتداؤُهُمْ بمثْلِ تَقْوَىَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ, وَصِدْقِ اللُّجْأِ إِلَيْهِ، وَالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ مِنَ الخطايا وَالمعاصِيِ وَصِدْقِ الاسْتِغْفارِ.

كَتَبَ عُمَرُ الفاروُقَ لِسَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ في وَقْعَةِ القادِسِيَّةِ كِتابًا فَقالَ فِيِهِ: «أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي آمُرُكَ وَمَنْ مَعَكَ مِنَ الأَجْنادِ بِتَقْوَىَ اللهِ عَلَىَ كُلِّ حالٍ، فَإِنَّ تَقْوَىَ اللهِ أَفْضَلَ العُدَّةِ عَلَىَ العَدُوِّ، وَأَقْوَىَ المكيدةِ في الحربِ»  (1)  .

فاتَّقوُا اللهَ أَيُهَا المؤِمْنوُنَ، اتَّقوُا اللهَ تَفوزوُا بمعِيَّتِهِ، وَنَصْرِهِ، وَتَأْيِيِدِهِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (2)   .

أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ نِعَمَ اللهِ تعَالَىَ عَلَىَ عِبادِهِ عَظيِمَةً جَليِلَةً، مُتَنَوِّعَةً كَثيرِةً، وَمَنْ شَهِدَ نِعَمَ اللهِ أَوْجَبَ ذَلِكَ في قَلْبِهِ مَحبَّتَهُ، وَشُكْرَهُ وَتَعْظيِمَهُ، وَقَدْ أَنْعَمَ اللهُ تَعالَىَ عَلَيْكُمْ في هَذِهِ البِلادِ بِنِعَمٍ كَثيرةٍ، وَفيِرةٍ، في سَلامَةِ الدِّيانَةِ، وَصِحَّةِ الأَبْدانِ، وَوَفْرَةِ الأَرْزاقِ، وَأَمْنِ المعاشِ؛ فاعْبدوُا رَبَّ هذا البَيْتِ الَّذي أَطْعَمَكُمْ مِنْ  جوُعٍ وَآمنَكُمْ مِنْ خَوْفٍ.

وَقَدْ كانَ لهذهِ النَّعِمِ مَنْ يَحْسُدُها، وَمَنْ يَنْظُرُ إِليْها نَظْرَةَ كُرْهٍ وَبُغْضٍ وَتَمَنِّي زَوالٍ، وَلا يُقابَلُ مِثْلَ هذا الكَيْدُ بِمثْلِ التَّقْوَىَ واَلإيمانِ واَلَّلجَأِ إِلَىَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ، وَحُسْنِ التَّدْبيرِ في مُقابَلَةِ كَيْدِ الأَعْداءِ.

أَيُّها المؤْمِنوُنَ, قامَتْ هذهِ البِلادُ - وَللهِ الحَمْدُ - عَلَىَ عَقيدةٍ سَليمَةِ، وَدِيانَةٍ قويمةٍ، وَدَعْوَةٍ صَحيحَةٍ عَلَىَ يَدِ المؤَسِّسِ رَحِمَهُ اللهُ الملكُ عَبْدُ العزيزِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ آلِ سُعوُدٍ، قامَتْ عَلَىَ هذهِ الأُصوُلُ مُنْبثِقَةً مِنْ كِتابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسوُلِهِ عَلَىَ نَهْجِ السَّلِفِ الصَّالحِ، فَشَرِق بها أَقْوامٌ كَثيروُنَ  (3)  مِنَ أَعْداءِ الِمَّلةِ واَلدِّينِ مِنْ المُبْتدِعَةِ وَالمخَرِّفيِنَ وَغَيْرِهِمْ، فَحوُرِبَتْ هذهِ الدَّعْوَةُ وَهذهِ البِلادُ بِالتَّشْويِهِ، وَالتَّشْبيِهِ وَالتَّشْكيِكِ، وَالدَّعايَةِ المضَلِّلَةِ مِنَ جِهاتٍ عَديدَةٍ مُنْذُ أَنْ تَأَسَّسْتْ وَنَشَأَتْ، فَدَحَضَ اللهُ تِلْكَ الأراجِيِفَ، ورَدَّ اللهُ الذينَ كادوُا هذهِ الدَّوْلةَ بِغَيْظِهِمْ لمْ يَنالوُا خيرًا، فجَمَعَ اللهُ شَمْلَ هذهِ البلادِ عَلَىَ يَدِ المؤَسِّسِ ـ رحِمَهُ اللهُ ـ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الرِّجالِ الصَّادِقينَ تَحْتَ رايةِ التَّوْحيدِ في وِلايَةٍ شَرْعِيَّةٍ راسِخَةِ الجُذورِ، باثِقَةً يانِعَةً فَعَمَّ خَيْرُها وَبرَكَتُها أَهْلَ هذهِ البلادِ، والعَرَبِ وَالمسلمينَ بَلِ العالمُ جَميعًا.

فانْتَشَرَتْ - وَللهِ الحَمْدُ - في الآفاقِ الدَّعْوةُ إِلَىَ الكِتابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِلَىَ مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالحِ وَفَتَحَ اللهُ تَعالَىَ لهذِهِ البلادِ كنوُزَ الأَرْضِ، وَأَفاءَ عَلَيْها مِنَ الأَرْزاقِ مِنْ حَيْثُ لا تَحْتَسِبُ، وَجاءَتْها الخَيْراتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ، فَجَمَعَ اللهُ لهذِهِ البِلادِ خَيْرَيِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، فازْدادَ بِذلِكَ حَنَقَ الحُسَّاِد وَالأَعْداءِ، فَاشَّتَدَّ عَداؤُهُمْ، وَعَظُمَ مَكْرُهُمْ عَلَىَ اخْتِلافِ بَواعِثِهِمْ وَمَقاصِدِهِمْ.

 إِلَّا أَنَّ مِنْ أَشَدِّهِمْ عَداءً، وَأَخْبَثِهِمْ مَكْرًا وَكَيْدًا، وَأَظْهَرِهِمْ أَذِيَّةً، الصفَوِيِّينَ الإيرانيين الحاقدين؛ فَقَدْ ناصَبوُا هذهِ البلادَ الأَذَىَ وَالكَيدَ والمكْرَ وَالعَداءَ عَقيدَةً وَقِيادَةً وَشَعْبًا، وَلمْ يَأْلوُا جُهْدًا منذُ ثَوْرَتِهِمُ الخَبيثةِ المشْؤوُمَةِ في أَنْ ينالوُا مِنْ هذهِ البلادِ بِكُلِّ طَريقٍ يَسْتطيعوُنَها، في مَكْرٍ كُبَّارٍ، وَكَيْدٍ مُتواصِلٍ مُكَرَّرٍ، يَسْعَوْنَ مِنْ خِلالِهِ أَنْ ينالوُا مِنْ هذهِ البلادِ تَشْقيقًا وَتَمْزيقًا وَإِضْعافًا وَإِهانَةً، وَمُسْلْسَلُ عَدائِهِمْ وَأَذاهُمْ لا يَقْتَصَرُ عَلَىَ أَذَىً مُباشِرٍ مِنْهُمْ، بَلْ جَنَّدوُا مَنْ أَذْنابِهْمْ وَأَعْوانِهمْ نَبْتَاتِ خَبَيِثةٍ تَسْعَىَ فَسادًا في الأَرْضِ، وَتَسْعَىَ لِلنَّيْلِ مِنْ هَذِهِ البِلادِ تَحْقيقًا لمآرِبِ الصَّفَويِينَ الإِيرانيينَ.

وَقَدْ رَدَّ اللهُ تَعالَىَ كَيْدَ هؤُلاءِ فيما مَضَىَ مِنَ الزَّمانِ، وَنَأْمُلُ مِنْهُ جَلَّ في عُلاهُ، وَنَطْمَعُ مِنْ فَضْلهِ وَرَحْمتِهِ أَنْ يُتَمَّ الفَضْلَ بِرَدِّ كَيْدِهِمْ، وَمُحاصَرَةِ أَذاهُمْ، وَقَطْعِ دابِرِ شَرِّهِمْ، وَمِنْ آخِرِ ذَلِكَ ما زَيَّنَتْهُ لهُمْ أَنْفُسُهُمْ الخبيثَةُ مِنَ الاعْتِداءِ عَلَىَ هذهِ البِلادِ المباركَةِ في مَصْدَرٍ مُهِمٍّ مِنْ مصادِرِ الطَّاقَةِ لِلعالمِ كُلِّهِ وَهُوَ ما جَرَىَ مِنْ ضَرْبِ المعامِلِ في مَدينَتَيْنِ أَوْ في مَوْقِعَيْنِ وَمَعْمَلَيْنِ لِشركَةْ أَرامْكوُ.

وكَانَ ذَلِكَ فَضْحًا لَهُمْ، وَبَيانًا لِعَظيمِ جُرْمِهْمْ وَأَنَّهُمْ عَجَزوُا عَنْ أَنْ يَنالوُا مِنْ هذهِ البِلادِ بِأَذْنابِهِمِ، وَأَتْباعِهِمْ، وَجماعاتِهِمْ الَّتي يُوالوُنَها فَباشِروُا ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ. فَنَسْأَلُ اللهَ العظيمَ الَّذي لَهُ الملْكُ في السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ أَنْ يَفْضَحَ شَرَّهُمْ، وَأَنْ يَرُدَّ كَيْدَهُمْ في نحُوُرِهِمْ، وَأَنْ يُخيِّبَ سَعْيهُمْ، وَأَنْ يَجْعَلَ دائِرَةَ السُّوءِ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلادَنا وَالمسْلمينَ مِنْ كَيْدِهِمْ وَمَكْرِهِمْ، فَإِنَّ شَرَّهُمْ مُسْتَطيِرٌ في العالمِ، لمْ يَسْلَمْ مِنْ أَذاهُمْ قَريِبٌ وَلا بَعيِدٌ، مُسْلِمٌ وَلا كافِرٌ، فَشَرُّهُمْ عَظيمٌ، وَأَذاهُمْ كَبيرٌ، فَنَسْأَلُهُ بِقُوَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَنْ يَكْفِيَنا شَرَّهُمْ بما شاءَ، وَأَنْ يَجْعَلَ شرَّهُمْ وَكَيْدَهُمْ وَمَكْرَهُمْ في نُحوُرِهِمْ.

أَقوُلُ هذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظيمَ ليِ وَلَكُمْ فاسْتَغْفِروُهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغفوُرُ الرَّحيِمُ.

* * *

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثيِرًا طَيِّبًا مُباركًا فِيِهِ، أَحْمَدُهُ في البُكورِ وَالآصالِ عَلَىَ كُلِّ ما تَفَضَّلَ بِهِ مِنَ النِّعَمِ وَأَوْلاهُ مِنَ الآلاءِ وَالفَضَائِلِ. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ وَمُصْطَفاهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنِ.

أَمَّا بَعْد

فاتَّقوُا اللَّهَ عبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ؛ فَمَنِ اتَّقَى الله نجّاه ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (4)  .

وَتَقْوَىَ اللهِ: لُزوُمُ أَمْرِهِ، وَتَرْكُ ما نَهَىَ عَنْهُ، وَالسَّعْيُ فيما يُحِبُّ وَيَرْضَىَ، وَالنَّأْيُ عَنْ كُلِّ ما يُبْغِضُهُ جَلَّ في عُلاهُ. نَعوُذُ بِرضاهُ مِنْ سَخَطِهِ، وَبمعافاتِهِ مِنْ عُقوُبَتِهِ، وَبِهِ مِنْهُ لا نُحْصِيِ ثَناءً عَلَيْهِ هُوَ كَما أَثْنَىَ عَلَىَ نَفْسِهِ

أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ هَذهِ البلادَ المباركَةَ، هِيَ مَهْبِطُ الوَحْيِ وَمَهْدُ الإِسْلامِ، وَمَأْرِزُ الإيمانِ، وَقِبْلَةُ أَهْلِ الِإسْلامِ، لَيْسَ لهَا في الدُّنْيا نَظيرٌ، فالمحافظَةُ عَلَىَ أَمْنِها وَاسْتِقْرارِها دِيِنٌ وَطاعَةٌ وَقٌرْبَىَ، وَهُوَ أَوَّلُ وَأَوْلَىَ ما يجِبُ الاهْتِمامُ بِهِ، وَالتَّطَلُّعُ إِلَيْهِ، وَالاشْتِغالُ بِهِ، وَالاسْتِمْساكُ بِهِ، وَبَذْلُ كُلِّ جُهْدٍ في سَبيِلِ تَحْقيِقِهِ، فَنَتعاوَنُ في ذلِكَ وَلْنَكُنْ عَلَىَ يَقَظَةٍ تامَّةٍ، فَكَمْ مِنْ مُتَرَبِّصٍ يرُيِدُ تَفْتيتَ بِلادَنا، وَتَمْزيقِ شَمْلِنا، وَهَدْمِ وَحْدَتِنا، وَانْهيارِ كِيانِنا، وَالسَّعيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.

وَلْنَحْذَرْ كُلَّ دَعايَةٍ مُضَلِّلَةٍ؛ فالحَرْبُ الِإعْلامِيَّةُ الموَجَّهَةُ إِلَىَ هذهِ البِلادِ قِيادَةً وشَعْبًا، وَعَقيدةً وَمَنْهَجًا لا تَقِلُّ شَرًّا وَضَرَرًا وَأَثرًا مِنْ صواريخِ العَدُوِّ وَمَقْذوُفاتِهِ، فلنكن صفًّا واحِدًا مَعَ وُلاتِنا، وَعُلَمائِنا، وَرِجالِ أَمْنِنا، وَجَيْشِنا في ائْتِلافِ قُلوُبِنا وَاجْتِماعِ كَلِمَتنا، وَوَحْدَتِنا الجامعَةِ، وَتَماسُكِ مُجْتَمَعِنا في اجْتِماعٍ راسِخٍ نُحافِظُ بِهِ عَلَىَ دينِنا، وَنَحْمي لَهُ مُقَدَّساتُنا، وَنُقيِمُ بِهِ شَريعَتَنَا، وَنُبْطِلُ كَيْدَ أَعْدائِنا، وَنَرُدُّهْمْ عَلَىَ أَعْقابِهِمْ خاسريِنَ لمْ يَنالوُا خَيْرًا.

أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّنا في هَذِهِ البِلادِ - وَلِلهِ الحَمْدُ - رَغْمَ ضَخامَةِ التَّحَدِيَّاتِ، وَتَنَوُّعِ الأَخْطارِ المحيِطَةِ بِنا نَعيِشُ آمنينَ عَلَىَ أَنْفُسِنا في خَيْرٍ وَفيرٍ، وَعَيْشٍ رَغيدٍ، وَأَمْنٍ وَطيِبٍ، وَديِنٍ قائمٍ ظاهِرٍ؛ فاحْمِدوُا اللهَ عَلَىَ ذلِكَ، وادْعوُا اللهَ تعالَىَ لبِلادِكُمْ، وَلِوُلاتِكُمْ، وَلِرُعاةِ أَمْنِكُمْ، وَلجَيْشِكُمْ، وَلِكُلِّ مَنْ كانَ لَهُ يَدٌ في المحافَظَةِ عَلَىَ هذهِ البلادِ وَالذَّبِّ عَنْها، ادُعوا لهُمِ بِالسَّدادِ وَالتَّوْفيقِ، وَالعِزِّ وَالتَّمْكينِ عَلَىَ ما يُبْذَلُ مِنْهُمْ مِنْ جُهوُدٍ عَظيِمَةٍ تَجْتَمِعُ بها الكَلِمَةُ، وَيَتَحَقَّقُ بها خَيْرُ العِبادِ وَالبِلادِ في أَمْنِها وَاسْتْقْرارِها وَرَخائِها وَاجْتِماعِها.

وَخُصُّوُا بِالدُّعاءِ وُلاةَ أَمْركُمْ فالدُّعاةُ لوُلاةِ الأَمْرِ فِيِهِ خَيْرٌ عَظيمٌ، وَادْعوُا لِرِجالِ أَمْنِكُمْ، وَلِرجالِ الجَيْشِ الحارِسينَ لِثُغوُركُِمْ، ادْعوُا لَهُمْ بِالظَّفَرِ وَالتَّمْكينِ، وَالعِزِّ وَالنَّصْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ ممَّا يَدْفَعُ اللهُ بِهِ كَيْدَ الأَعْداءِ، وَيُحَقِّقُ بِهِ خَيْرًا عَظيمًا للِعِبادِ والبلادِ.

وَحِفْظُ أَمْنِ هذهِ البِلادِ وَاسْتِقْرارهِا، وَاجْتِماعِها، لَيْسَ الخَيْرُ فِيِهِ عائِدًا إِلَىَ أَفْرادِها وَمَنْ يَعيِشُ عَلَيْها مِنْ أَهْلِها وَالقادِمِيِنَ إِلَيْها، بَلْ هُوَ عامٌّ لِلمُسْلِميِنَ جَميعًا؛ فَهَذِهِ قِبْلَتُهُمْ، وَهِيَ مَهْوَىَ أَفْئِدَتِهْمْ، فَلْنُحافِظْ عَلَىَ ذَلِكَ، وَلْنَجْتَمِعْ عَلَىَ وُلاةِ أَمْرِنا، وَلْنَقْطَعِ السَّبيِلَ عَلَىَ هؤُلاءِ، وَلْنَكُنْ حَذِرينَ منْ كُلِّ مَنْ يَدْعوُ إلَىَ فُرْقَةٍ أَوْ شِقاقٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ ممَّا يُفْرِحُ الأَعْداءَ وَيُحَقِّقُ مَقاصِدَهُمْ وَكَيْدَهُمْ.

الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، الَّلهُمَّ آمِنا في أَوْطانِنا، الَّلهُمَّ آمِناَّ في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُموُرنِا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فيِمَنْ خَافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالمينَ. وَاكْتُبْ مِثْلَ ذَلِكَ لِسائِرِ بِلادِ المسْلمينَ، الَّلهُمَّ اكْتُبْ مثْلَ ذَلِكَ لسائِرِ بِلادِ المسْلمينَ، الَّلهُمَّ اكْتُبْ مِثْلَ ذَلِكَ لِسائِرِ بلادِ المسِلِمينَ.

الَّلهُمَّ وَأَيِّدْ بِالحَقِّ إِمامَنا، وَوَليَّ أَمْرِنا خادِمَ الحرَمَيْنِ الشَّريِفَيْنِ وَوَليَّ عَهْدِهِ، الَّلهُمَّ وَفِّقْهُمْ إِلَىَ ما فِيِهِ خَيْرُ العِبادِ وَالبِلادِ، اجْمَعْ بهِمْ كَلِمَةَ المسْلمينَ، رُدَّ بهِمْ عَنَّا وَعَنِ المسْلمينَ كُلَّ شَرٍّ وَفَسادٍ وَضُرٍّ يا ربَّ العالمينَ.

الَّلهُمَّ مَنْ سَعَىَ فسادًا وَشَرًّا وَفُرْقَةً وَأَذَىً لِعِبادِكَ فَاجْعَلْ كَيْدَهُ في نَحْرِه، وَرُدَّ تَدْبيِرَهُ، وَاجْعَلْ دائِرَةَ السُّوُء عَلَيْهِ يا ذا الجلالِ وَالِإكْرامِ.

رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنكوُنَنَّ مِنَ الخاسرين.َ

الَّلهُمَّ إِناَّ نسَأَلُك الهُدَىَ وَالتُّقَىَ وَالعَفافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَىَ، نَعوُذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، الَّلهُمَّ إذا أَرَدْتَ بِعبادِكَ فِتْنَةً فاقْبِضْنا إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتوُنِينَ، الَّلهُمَّ رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنةً، وَقِنا عَذابَ النَّارِ.

صَلوُّا عَلَىَ نبَيِِّكُمْ مُحَمَّدٍ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البكوُرِ وَالآصالِ؛ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْروُضَةٌ عَلَيْهِ في هذا اليَوْمِ.

الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَىض محُمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ، كَما صَلَّيْتَ عَلَىَ إِبْراهيمَ وَعَلَىض آلِ إِبْراهيمَ؛ إِنَّكَ حميدٌ مَجيدٌ.