المقدمُ: السلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ أَهْلا ومرْحبا بِكمْ مَعَنا دائِمًا عَبْرَ أثيرِ إذاعَةِ نِداءِ الإِسْلامِ.
نحنُ وَإِياكُمْ أَيُّها الأَحِبَّةُ في البرنامجِ الإفتائيِّ ينابيع الفتْوَى وفي هَذا البرنامجِ نتواصلُ وإياكمْ بِصفَةٍ يومِيَّةٍ في مثلِ هَذا التوقيتِ منْ كُلِّ يَوْمٍ للبحْثِ في دُرُوسٍ تتَّصِلُ بِشهْرِ رمضانَ المباركِ وكذلكَ الإجابةِ عَلَى أسئلةِ المستمعِينَ الكرامِ والمتابعينَ لهذا البرنامجِ.
يسُرُّنا في هَذِه الحلَقَةِ أَنْ يَكُونَ مَعنا فضيلَةُ الشَّيْخِ الدكتور خالدُ بْنُ عبدِ اللهِ المصلحِ أُسْتاذِ الفقهِ بكليةِ الشريعَةِ بجامِعَةِ القَصِيمِ الَّذي نأْنَسُ ونسعدُ بِالحديثِ معهُ حولَ مواضيعِ هذا البرنامجِ السلامُ عليكُم يا شيخ خالد وحياكُمُ اللهُ.
الشيخُ: وعليكُمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ مرحبا بِكَ وحياكَ اللهُ وحيا اللهُ الإخوةَ والأخواتِ المستمعينَ والمستمعاتِ.
المقدمُ: حياكُمُ اللهُ يا شَيخنا أَيْضًا أرحِبُّ بِكُمْ أَنا محمد الجرني وأَخِي لؤي الحلَبِيُّ من الإخراجِ وبدءًا نشكُرُ ضَيْفَنا الكريمَ عَلَى تفضُّلِهِ بِهذا الدرسِ في هَذا اليومِ وكذلكَ بإجابَتِهِ عَلَى أَسئلة المستمعين عقب الدرس وكَما قررهُ شيخُنا سَوْفَ يكُونُ الحديثُ عَنْ فِقْهِ الصيامِ كَيْفَ للمسلمِ أَنْ يَكُونَ واعِيًا في هَذا الشهْرِ المباركِ وأَنْ يستزيدَ مِنَ العِلمِ الشرعِيِّ حَتَّى يُتِمَّ صَوْمَهُ عَلَى ما يحبُّ اللهُ –سُبحانَهُ وتعالَى-ويرْضَى تَفضَّلْ يا شَيْخَنا فتحَ اللهُ عَلَيْكُمْ.
الشيخُ: السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وأصلِّي وأسلمُ على نبيِنا محمدٍ وعلٍى آلهِ وأصحابِهِ أَجْمعينَ أَمَّا بعدُ.
فالصيامُ هُوَ مِنَ العِباداتِ الَّتي شرعَها اللهُ تَعالَى لهذهِ الأُمَّةِ وقَدْ شَرعها جلَّ في علاهُ للأُمَمِ السابِقَةِ فليْسَ هَذا مما خَصَّ اللهُ به دينَ الإسلامِ وخاتَمَ الرسالاتِ بَلْ هوَ مما فرضَهُ اللهُ تَعالَى عَلَى مَنْ تقدَّمَ مِنَ الأممِ كَما قالَ تعالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183].
فهذهِ الشريعةُ المباركةُ شريعةٌ سبقتْ في الأُمَمِ السَّابِقَةِ وقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعالَى بِها في هذا الشرعِ الحنيفِ وجعَلَها رُكنًا مِنْ أَرْكانِ الإِسْلامِ فإِنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ علَيهِ وسلمَ-كَما في الصحيحِ مِنْ حديثِ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَر قالَ: «بُنيَ الإسلامُ علَى خمسٍ، شهادَةِ أنْ لا إلَهَ إِلَّا اللهُ، وأنَّ محمدا رسولُ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ، وَإِيتاءِ الزكاةِ، وَالحجِّ، وصَيامِ رَمَضانَ» فجعلَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ-صومَ رَمضانَ رُكنًا مِنْ أَركانِ الإسلامِ الَّذي يبْني عليهِ ودُعامَةً مِنْ دَعائمهِ الَّتي تَقُومُ عليْها هذهِ الديانةُ.
وما ذاكَ إِلَّا لِشَريفِ منزلَةِ هَذهِ العِبادَةِ وكبيرِ مَكانتِها في صَلاحِ مَعاشِ الناسِ ومعادهِمْ لِتحقِيقِ العُبودِيَّةِ للهِ –عزَّ وجلَّ-وَهذا ينبغِي أنْ يُلاحظَ وأنْ ينتبهَ إليهِ أن جَميعَ أَركانِ الإسلامِ لم تتبوأْ هَذهِ المنزلةَ العاليةَ وَالمكانةَ الساميةَ في الشريعةِ إِلَّا لعظيمِ نفعِ هَذا الخُلقِ وكبيرِ إِصلاحِ هذهِ مَسارهم وتحقيقِ العبوديةِ للهِ –عزَّ وجلَّ-بِها.
فلذلكَ ينبغِي أَنْ يَعْتنيَ الإنسانُ بهذهِ الفرائضِ وأنْ يلِيَها اهْتِمامًا وعِنايةً فائقةً فإنَّ أحبَّ ما تقرَّبَ بهِ العبدُ إِلَى ربهِ –جلَّ وَعَلا-ما افترضهُ عليهِ ورأسُ ما فرضَ اللهُ تعالَى علَى عبادهِ المؤمنينَ وأهلِ الإسلامِ هِيَ هذهِ الأَرْكان العمليةُ بَعْد الإيمانِ بهِ جلَّ في عُلاهُ وَهِيَ دَعائِمُ الإسْلامِ وأَرْكانُهُ الَّتي يقُومُ علَيْها وَمِنْها الصَّوْمُ.
اللهُ تَعالَى عنْدما فرَضَ الصَّومَ ذكرَ غايتهُ وَعِلَّتهُ قالَ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183] وهَذا الفقهُ يَنْبَغِي أَنْ يَعتنىَ بِهِ وأَنْ يهْتمَّ بهِ فإنَّ فقهَ غاياتِ العِباداتِ وإدراكَ أَسْرارِ الشرائعِ وَمَقاصِدَ التَّشْرِيعِ مما يبلغُ الإنسانُ الأَجْرَ العظيمَ ويجعلهُ علَى بصيرةٍ فِيما حقَّقَ مِنْ تِلكَ العِباداتِ وَما حصَلَ مِنْ تِلْكَ الأَعْمالِ الصالحاتِ.
وَلهذا ذَكَرَ اللهُ تَعالَى في أُصُولِ الإِسْلامِ وأَركانُهُ ما يجنيهِ الإِنْسانُ بتلكَ العِباداتِ فقالَ في الصَّلاةِ: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾[العنكبوت: 45] وقالَ في الزكاةِ: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾[التوبة: 103] وقالَ في الصَّوْمِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة: 183] وقالَ في الحجِّ: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾[البقرة: 197].
إذًا جميعُ هذهِ العباداتُ يتحقَّقُ بِها مِنْ صَلاحِ القلْبِ واستقامَتِهِ وصلاحِ السرِّ والعلَنِ ما لا يُمكنُ تَحقيقهُ بغيرِ هذهِ العباداتِ، والصومِ لَهُ في ذلكَ تأثيرٌ بالغٌ فإنَّ صلاحَ عَمَلِ الإنْسانِ بِالصومِ ما يَنْبَغِي أَنْ يعرِفَ ويتنبَّهُ إِلَيْهِ فَإِنَّ الصَّوْمَ يُضَيِّقُ عَلَى الشَّيْطانِ مَجاريهِ وَمسالَكَهُ في بَدَنِ الإِنْسانِ فيُضْعِفُ أَثَرَهُ، ولِذَلِكَ قالَ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ» وذلكَ لضعْفِ تأْثِيرهِ.
الصومُ فَرْضٌ فرضهُ اللهُ تعالَى علَى عِبادهِ وهُوَ شعيرةٌ منْ شَعائِرِ الإسلامِ وهُوَ واجبٌ علَى المستطيعِ كَسائِرِ أَرْكانِ الإِسْلامِ وشعائِرِهِ وفرائضِهِ وَواجباتِهِ فاتَّقُوا اللهَ ما استطعتُمْ.
المقدمُ: شيخُ خالد باركَ اللهُ فِيكمْ هُنا حتىَّ تتحَقَّقَ التقْوَى لعلَّ السائلَ يَسْألُ كيفَ يحققُ مفهومَ التقْوَى في صيامِهِ؟
الشيخُ: التقْوَى في الصومِ يتحققُ بأُمُورِ؛
الأَمْرِ الأولِ تتحققُ التقوَى بقبولِ فرضيَّةِ الصِّيامِ، فإِنَّ المؤمِنَ إِنَّما يتمُّ إيمانُهُ بِقبولِ ما شرعَهُ اللهُ وقَضَى بِهِ وحكَمَ ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾[الأحزاب: 36] يتحققُ التقْوَى بالصوْمِ بأَنْ يمتثلَ ذلِكَ ويعمَلَ بِهِ، فإنَّ الصوْمَ طاعَةٌ للهِ –عزَّ وجلَّ-وكلَّ طاعةٍ يتقرَّبُ بِها العبدُ إِلَى ربهِ فإنهُ يُدْرِكُ بذلكَ تَقْوَى اللهِ قالَ تَعالَى بَعْدَ أَنْ ذكرَ الحجَّ والعملَ بهِ قالَ: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾[البقرة: 197] فالصائمُ إِذا صامَ فإنهُ يحقِّقُ التقْوَى بِطاعَتِهِ للهِ –عزَّ وجلَّ-بإمساكِهِ عنِ المفطراتِ مِنْ طُلوعِ الفجرِ إلَى غُروبِ الشَّمسِ.
وتتحققُ التقوَى بالصومِ بحبسِ النفسِ عنِ القبائحِ والرذائلِ والمستكرهاتِ فإنَّ المؤمنُ في صومهِ يتقَوَّى كُلُّ هَذا ولذلكَ قالَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ-: والصيامُ جُنَّةٌ ومَعْنَى جنةٍ أيْ وِقايةٌ وَهِيَ الوِقايةُ مِنَ القبائِحِ وَالرذائِلِ وَالسيئاتِ كما أَنَّها وِقايةٌ مِنَ النارِ.
ولذلكَ قالَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-بعْدَ ذَلِكَ «فإذا كانَ صومُ يومِ أَحدكُمْ فلا يرفثُ ولا يسخطُ ولا يجهلُ فإنَّ سابَّهُ أحدٌ أَوْ قاتلَهُ فليقُلْ إني صائمٌ» فتتَحَقَّقُ التقْوَى بحفْظِ الصومِ وحفِظِ الإِنْسانِ نفسهُ مِنَ القبائحِ وَالرذائلِ في صَوْمهِ حتىَّ يكملُ ما يؤملهُ مِنْ تَقْوَى اللهِ –عزَّ وجلَّ-.
المقدمُ: هُنا شيخُ خالد باركَ اللهُ فِيكُمْ في هَذا النصِّ النبويِّ في قولِهِ: فَلا يرْفُثْ ما هُوَ الرفثُ في الصيامِ؟
الشيخُ: الرفثُ هُوَ الكَلامُ القَبيحُ والفاحشُ ومنهُ أَيْضًا الفعلُ المنهيُّ عنْهُ مما يتعلَّقُ بالنساءِ استمْتاعًا فإنَّ الصائمَ يَدَعُ شهوتهُ للهِ –عزَّ وجلَّ-فالرفَثُ يَشْملُ هَذا وهَذا.
لكنْ فِيما يظهرُ مِنْ سِياقِ الحديثِ أنَّ المقْصُودَ بِالرفَثِ هُوَ تجنبُ بِذِي القولِ وقبيحهِ ولذلِكَ قالَ فَلا يرفُثْ أَيْ لا يتكلَّمُ بِكلامٍ فاحشٍ بذيءٍ ولا يَسْخطُ يعْني وَلا يرفعُ صوتَهُ بِكلامٍ أوْ بِما يكرهُ مِنْ رَفْعِ الصوتِ بِهِ وَلا يجهلُ أَيْ وَلا يقعُ منهُ اعْتداءٌ وفعلُ الجهالَةِ بِقولِهِ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ فإنَّ مَنْ وَقَع في ذلكَ لم يُحقِّقِ الغايةَ منَ الصَّوْمِ كَما قالَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّم-: «مَنْ لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ».
المقدم: في هذا الشأْنِ شيخَنا باركَ اللهُ فِيكُمْ أَيْضًا مَفْهُومُ الزورِ هُنا يعْني هَلْ يكونُ في رفثِ الكلامِ أَوْ يكُونُ في الكذبِ أَوْ يكُونُ في أمْرٍ آخرَ؟
الشيخُ: قولُه –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: «منْ لم يدَعْ قولَ الزُّورِ» قولُ الزورِ يشملُ كلَّ باطلٍ، كلُّ قولٍ محرمٍ ومنْ ذلكِ الكذِبُ، ومِنْ ذلكَ الغِيبةُ، ومنْ ذلكَ الملاعنَةُ والمشاتمةُ والمسابَّةُ، ومِنْ ذلكَ النميمَةُ، ومِنْ ذلكَ شهادةُ الزورِ، فكُلُّ قولٍ محرمٍ هوَ قولُ الزورِ، ولذلكَ قالَ العُلماءُ في شرحِ هَذا الحديثِ منْ لمْ يدعْ قولَ الزورِ أَيْ منْ لمْ يدعِ القولَ المحرمَ والعمَلَ المحرمَ ولذلكَ قالَ: منْ لم يدعْ قولَ الزورِ والعملَ بالمحرمِ العملَ بالزُّورِ الذي هُوَ المحرمُ مِنْ نَظَرٍ محرمٍ أوْ سَماعٍ محرمٍ أوْ أَكْلٍ للمالِ بِالباطِلِ أَوْ غيرِ ذلكَ مِنَ الأَمْوالِ الَّتي حرَّمَها اللهُ تَعالَى علَى المؤْمِنِ فإنهُ لم يُحَقِّقِ الغايَةَ مِنَ الصَّوْمِ.
ولذلِكَ قالَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فلَيْسَ للهِ حاجةً أيْ لَيْسَ ثَمَّةَ غَرَضٌ ولا مَقْصُودٌ منْ هَذا الصَّوْمِ الَّذي لم يأْتِ بغايتِهِ ومقصودِهِ مِنْ ذَكاءِ النفسِ وصلاحِ القولِ والعَمَلِ فليسَ للهِ حاجَةً في أنْ يدعَ طعامَهُ وشرابَهُ.
المقدمُ: شيخَنا باركَ اللهُ فيكمْ بأنَّ بعضَ الناسِ تُسيطِرُ عليهِمُ انْفعالاتهُمْ الغضَبُ لا يكبحُ لِسانُهُ عَنِ القولِ بِغضبٍ وفي عالِ قَدْ يأْتي فِيهِ أَيْضًا في لِسانهِ شَيْءٌ مِنَ الملاعَنَةِ أَوْ المسابَّةِ وَاللهُ المسْتعانُ ماذا عنِ الغضَبِ وترويضِ النفسِ في شهرِ رمضانَ؟
الشيخُ: هُوَ يا أَخِي شهرُ رمضانَ شهرٌ تزكُو فيهِ النفُوسُ وتصْفُو وتطيبُ وتصلحُ وتقتربُ مِنَ الخيرِ وتبعدُ عنِ الشرِّ ويضعفُ تسلُّطُ الشيطانِ علَيْها ويكُونُ منْ إقبالِهِ علىَ اللهِ –عزَّ وجلَّ-ما هُوَ مُشاهدٌ مَعْروفٌ ولذلكَ قالَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليْهِ وسلمَ-فيما ذَكَرَ مما يتميزُ به هذا الشهرُ المباركُ تفتحُ أبوابُ الجنةِ وتُغلَقُ أبوابُ النارِ وتُصفَّدُ الشياطينِ.
كلُّ هذا مما يحصلُ بهِ للإنسانِ عوْنٌ في أَلَّا يقعَ منهُ شيءٌ مِنَ الغلطِ وَالخطأِ ويكبحُ جِماحَ نفسهِ عنِ الغضَبِ الَّذي يوقُعهُ في المساوِئِ وَقَدْ جاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ –صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ أَوْصِني وَهَذا في عامَّةِ أَمْرهِ وفي سائرِ أيامهِ وأَحوالهِ فَقالَ لهُ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ-: لا تغضَبْ ثمَّ ردَّدَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-عليهِ هَذهِ الوصِيَّةُ مِرارًا لا تغضبْ لا تغضبْ لا تغضبْ وذاكَ لما للغضبِ مِنَ الأثَرِ القبيحِ علَى مسلكِ الإنسانِ وحالِهِ وَدُنْياهُ معاشًا وآخرتِهِ صَلاحًا، فإنَّ الغضَبَ هُوَ اضِّطرابٌ وهيجانٌ في النفسِ وخروجٌ عنِ الاسْتقامَةِ يُوقعُهُ في الطيشِ ويوقِعُهُ فِيما ما لا يحمدُ عُقباهُ قوْلًا بسببِ الانْفعالِ أو تصرفٍ يندمُ عليهِ في معاملةٍ أوِ اعتداءٍ علَى الخُلقِ.
لذلكَ منَ المهمِّ أنْ يَسْتحضرَ المؤمنُ هَذِه الوصيةَ النبويةَ لاسِيَّما في شهرِ رَمضانَ لأنهُ يتأكدُ في شهرِ رَمضانَ كفُّ النفسِ عنْ كُلِّ قبيحٍ لذلِكَ قالَ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: فإنْ سابَّهُ أحدٌ أوْ شاتَمهُ سابَّهُ أَيْ وجَّهَ إِلَيهِ إِساءةً أوْ إِنْ سابهُ أحدٌ أو قاتلهُ سابَّهُ وجَّهَ إليهِ إِساءَةً قوليةً، قاتلهُ إِساءةٌ فعليةٌ ما الَّذي يُقابِلَ هَذِهِ الإساءةَ؟
الأصلُ أنهُ يجوزُ الإنسانُ أَنْ يُقابِلَ الإِساءَةَ بِمثْلِها قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾[الشورى: 40]، ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾[البقرة: 194] هَذا هُوَ الأصلُ لكنْ لما كانَ الصومُ محلَّ زكاةِ وصلاحِ واستقامَةِ وسُموٍّ بالنَّفْسِ عَنْ أَنْ تُقابِلَ الإِساءَةَ بمثْلِها جاءَ الأَمْرُ بِتَقْوِيمِ الحالِ وَإِصْلاحِهِ حيْثُ جَعَلَ النبيُّ –صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وسلَّمَ-علاجُ إساءةِ المسيءِ في وقتِ الصيامِ أَنْ يخبرَ بحالِ المسائِلِ فَقالَ: فليقُلْ إِنِّي صائِمٌ يَعْني أَنَّ هَذا الصَّوْمَ هُوَ الَّذِي يحجزني ويمنعُنِي مِنْ أَنْ أُقابِلَ الإِساءَةَ القولِيَّةَ وَهِيَ السَبُّ أَوْ الشتمُ بِمثلِها أوِ الإساءةُ الفعليَّةُ بمثلِها وهيَ المقاتلةُ الَّتي تحصُلُ مِنْ أحدٍ بِاعتداءٍ علَى نفسٍ أوْ مالٍ أوْ غيرِ ذلكَ.
المقصودُ أنَّ الإنسانَ ينبغِي لهُ أنْ يجعلَ صَومَهُ سبيلًا وطَرِيقًا لِتقويمِ نفسهِ وتهديدِ خلقهِ والخروجِ عنْ كلِّ ما يكُونُ مِنْ سيءِ القولِ والعمَلِ نسألُ اللهَ تعالَى أنْ يُعِينَنا وإياكمْ علَى أنفُسِنا وأنْ يرزُقَنا النفسَ المطمئنةَ النفسَ الأَمَّارةَ باِلخيرِ البعيدةِ النائيةَ عنْ كلِّ شرٍ وأنْ يجعلَنا ممنْ رَضِيَ عنهُمْ وَرضوْا عنْهُ.
المقدمُ: اللهُمَّ أَمين جزاكُمُ كُلُّ خيرٍ يا شيْخَنا فِيما يكونُ مِنْ أَوْرادٍ في اسْتقْبالِ شهرِرمَضانَ سائلِ بعثَ يقُولُ: فضيلةُ الشيخِ ما حُكمُ قولِ اللهُمَّ سلِّمْنا في رمضانَ وتسلَّمْهُ مِنَّا وَسلِّمْهُ لَنا؟
الشيخُ: هَذا الدُّعاءُ ليْسَ مأْثُورًا عنِ النبيِّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وسلَّمَ-وَلا عنْ أَحدٍ مِنَ أَصْحابِهِ وَالدُّعاءُ بِهِ لَيْسَ في حَرَمٍ لأنَّ حقيقةَ الأَمْرِ هُوَ أنهُ يَسأَلُ اللهَ –عزَّ وجلَّ-أنْ يرزُقَهُ السلامةَ مِنَ السُّوءِ وَالَّذي وَردَ في بَعْضِ رَواياتِ كتابِ الدُّعاءِ قريبٌ منْ هَذا لكنْ ليْسَ بِصيغَةِ الجمْعِ إِنَّما بصِيغَةِ الإِفْرادِ اللهُمَّ سلَّمْني لِرَمَضانَ وَسَلَّمَ رَمَضانَ لي وتسلَّمْهُ مِني مُتقَبَّلًا، لكِنْ إِسْنادُهُ ضَعِيفٌ وفي الجملَةِ كَما ذكرْتَ هَذا الحديثَ لا يثبتُ عَنِ النبيِّ –صَلَّى اللُه عليْهِ وسلَّمَ-مِنْ جِهةِ الإسنادِ لكنْ مَعْناهُ صحيحٌ إِذا دَعا بِهِ الإِنْسانُ فَلا بَأْسَ فَإِنَّهُ مما لا يَجُوزُ وَسَلَّمْني لِرَمَضانَ أَيْ أصِحَّ بَدَني ومَكِّنِّي مِنْ أَنْ أَصِلَ إِلَى هَذا الشهرِ وأَكُونُ فِيهِ عَلَى نحوٍ سليمٍ منْ أَنْ يَفُوتَني ما فِيهِ مِنْ خَيراتٍ بسببٍ عارضٍ منْ مَرَضٍ أوْ غيرِ ذلكَ يحولُ بيني وبينَ ما فيهِ مِنْ خيرٍ، وسَلِّمْ رَمَضانَ لي أَيْ سلَّمْهُ مِنْ أَنْ أَقعَ في شَرٍّ أوْ شغلٍ أَوْ ما يمنَعُني مِنَ الخيرِ الَّذِي فيهِ وتسلَّمْهُ مِني مُتَقَبَّلًا أَيْ ما فِيهِ مِنْ صالحِ الأَعْمالِ.
المقدمُ: نعمْ جزاكُمُ اللهُ كلَّ خيرٍ يا شيْخَنا.
الشيخُ: إِذًا خلاصةُ الجوابِ هَذا الدعاءُ غيرُ ثابتٍ عنِ النبيِّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-وإِنْ كان قدْ وردَ في بعض الرواياتِ بِصيغَةِ الإِفرادِ اللهمَّ سلِّمني لِرمضانَ وسلمْ رمضانَ لي وتسلَّمْهُ مِني مُتقَبَّلًا.
المقدمُ: فتحَ اللهُ عليكُمْ شيخَنا باركَ اللهُ فِيكُمْ فِيما يروَىَ عنِ النبيِّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-ولعلَّ هَذا مِنَ المتفَّقِ عليهِ في قولهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطْرَ» لعلكُمْ يا شيخَنا تبينونَ هذهِ الخيريةُ في فقْهِ الصيامِ وكيف للمسلمِ أنْ يعجلَ الفطْرَ هلْ هُناكَ ظرفٌ زمَني يحددُ هَذا التعليلَ؟
الشيخُ: هَذا الحديثُ الشريفُ بينَ فيه النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-عظيمَ العملِ بالسنة وبينَ فيهِ أثرَ ذلِكَ علَى عمومِ لناسِ حيثُ جاءَ فِيما رواهُ البُخاريُّ ومسلِمٌ من حديثِ سالمِ بْنِ سعدٍ أنهُ قالَ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: «لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ» أيْ عُمومهمْ والناسُ هُنا المقصُودُ بهمْ أهْلُ الإِسْلامِ بخيرِ أَيْ في أمْرِ دِينهِمْ وكذلكَ في أَمْرِ دُنْياهُمْ ما عجَّلُوا الفطْرَ يَعْني ما بادرُوا إِلَى الفطْرِ وَهَذا دليلٌ عَلَى استحْبابِ تعْجِيلِ الفِطْرِ وأَنَّ ذلِكَ مِنَ السُّننِ الَّتي أَناطَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-بِها الخيريةَ بهذهِ الأُمَّةِ وتعجيلِ الفطْرِ هُوَ المبادرةُ إلَيْهِ ويَتَحَقَّقُ ذلِكَ بالمبادرةِ إِلَى الفطرِ في أولِ أوانهِ وفي أولِ وقتهِ وهُوَ غيابُ قرصِ الشمسِ في الأُفْقِ، فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلهِ وسلَّمَ قالَ: «إذا أقبلَ الليلُ من هاهُنا ، وأدبرَ النهارُ من هاهُنا وغابتِ الشمسُ، فقد أفطرَ الصائمُ» وفي بعض الروايات «إذا أقبَلَ اللَّيلُ مِن هاهنا، وأدبَرَ النَّهارُ مِن هاهنا، وغرَبَتِ الشَّمسُ؛ فقد أفطَرَ الصَّائِم» وَهَذا يدُلُّ عَلَى أَنَّ مَناطَ الفطرِ هُوَ ذهابٌ الشمسِ بغيابِها وذَهابِها في الأُفقِ بحيثُ يغيبُ قرصُ الشمسِ لأَنَّ هَذا مبدأُ الليلِ كما قالَ اللُه –عزَّ وجلَّ-: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾[البقرة: 187] والليلُ بالاتفاقِ مبدأُهُ مِنْ غُروبِ الشَّمْسِ، فَيكُونُ أَوَّلُ التعجيلِ الَّذي ندبَ إليهِ المؤمنَ هوَ بغُروبِ الشمسِ وَذَهابِ قرصِ الشمسِ كُلِّهِ.
يكونُ الإنسانُ عندَ ذلِكَ يبدأُ الصيامُ، عندَ ذلِكَ يبدأُ الفطرُ وما ندبَ إليْهِ النبيُّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-مِنَ اسْتحبابِ تحبيبِ الفِطْرِ.
المقدمُ: باركَ اللهُ لكُمْ شيخَنا تعلَمُونَ أيْضًا بأنَّ المسافرَ قَدْ يُدركهُ الصومُ وهُوَ حالُ السفرِ وحينَما يأْتِي وقَتْ الإفطارِ ويريدُ أنْ يعجِّلَ لَكِنَّهُ قدْ لا يستعدُّ لهذا الأمْرِ فَلا يكُونُ مَعهُ لا رَطْبٌ ولا تمْرٌ ولا ماءٌ وقَدْ يَكُونُ مَعَهُ شيءٌ هَلْ يُصَلِّي إِذا كانَ مُتَوِّضأً أو عَلَى طهارةٍ دُونَ أَنْ يُفْطِرَ أَوْ ماذا يفْعَلُ؟
الشيخُ: هُوَ إِذا كانَ الإنسانُ عندهُ ما يُفْطِرُ عليهِ، فالسنةُ في حقهِ أَنْ يُبادرَ إِلَى الفطرِ بِما يسَّرَ اللهُ لهُ مِنْ طَعامٍ وشرابٍ والدليلُ عَلَى ذلِكَ أَنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-كانَ في سَفَرٍ مَعَ بَعْضِ أَصْحابِهِ كَما في حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبي أوْفى فَقالَ: لما غربَتِ الشمسُ قالَ لبعضِ القَوْمِ يا فُلان «(انزِلْ فاجدَحْ) فقال: يا رسولَ اللهِ لو أمسَيْتَ» يعني لَوْ انتظرتَ حتَّى يتحققَ المساءُ «قالَ: (انزِلْ فاجدَحْ لي)» يعْني مازالَ يرَى الضوءَ والنورَ نُورَ الشمسِ أَوْ النورَ في الأفقش فظنَّ أنهُ مازالَ لم تغْرِبِ الشمسُ قالَ: انزلْ فاجدحْ لَنا فنزلَ فجدَح لهم فشربَ النبيُّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ-.
المقصودُ مِنْ هَذا أنَّهُ ينبغِي إِذا كانَ الإنْسانُ عندهُ ما يفطرُ عليهِ أنْ يُبادرَ إِلَى الفطرِ بِما يسرَ اللهُ لهُ منْ ماءٍ أو تمرٍ أو نحوِ ذلكَ، إِذا لم يكُنْ عندَهُ شَيءٌ يفطرُ عليهِ فكيفَ يحقِّقُ سنيةَ تعجيلِ الفطرِ؟ هُنا بالنيةِ يحققُ سُنيةَ الفِطْرِ وتعجيلِ الفطرِ بِالنيةِ بأَنْ ينوِيِ الفطْرَ ينْوِيَ أنهُ خرجَ مِنَ الصومِ وهَذا كافي في تحقيقِ الفضلِ لأنَّ الصومَ حقيقتُهُ قائمةٌ عَلَى أَمريْنِ؛
الأمر الأولِ: النيةُ.
والأَمْر الثاني: الإمساكُ عن المفطراتِ.
فإذا لم يكُنْ ثمةَّ ما يفطِرُ عليهِ، فإنَّ طريقَ تحقِيقِ تعجيلِ الفطرِ هُوَ رفعُ النيةِ الَّتي بها أمسكَ مِنْ طُلوعِ الفجرِ إِلَى غُروبِ الشمسِ.
المقدمُ: إِذًا شيخَنا باركَ اللهُ فِيكُمْ لَعَلَّكُمْ تأذَنُونَ بشيءٍ مِنَ الاتصالاتِ وَفاصلٌ قصيرٌ نذكِّرُ أيْضًا بأرقامِ الاتصالِ لِلمستمعينَ الكرامِ لَعلكُمْ تأذنُونَ شيخَ خالد.
حياكمُ اللهُ مُسْتمِعِينا الكرامَ مرةً أخْرَى وحيَّا اللهُ ضَيْفَنا الكريمَ فضيلةَ الشيخِ الأستاذَ الدكتورَ خالدَ بْنَ عبدِ اللهِ المصلحَ أُستاذَ الفقهِ بجامعةِ القصيمِ حَياكُمُ اللهُ شيخَنا مرةً أخْرَى.
الشيخُ: حياكُمُ اللهُ وَحَيَّا اللهُ الإخْوةَ والأَخواتِ المستمعينَ والمستمعاتِ جعلَنا اللهُ وإياكُمْ عَلَى الطاعاتِ.
المقدمُ: اللهمَّ آمين لعلكُمْ تأذنُونَ شيخَنا بهذا الاتصالِ مِنَ الأَخِ حسن الأَحْمَد حياكَ اللهُ يا حَسَنْ.
المتصلُ: حياكَ اللهُ السلامُ عليكُمْ.
المقدمُ: وعليكُمْ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
المتصلُ: مُبارك عليكُمُ الشهرُ إِنْ شاءَ اللهُ.
المقدمُ: وعليكمُ يا أَخِي أتفضل باركَ اللهُ فِيكَ.
المتصلُ: أخوي الكريم اللهُ يزيدُ فَضْلَكَ أَنا في عندي فلُوس لِشخصٍ مَوْجُوداتٍ عندي مرميات.
المقدمُ: بصفةٍ ماذا عندكَ الفلُوس ديْنٌ أو هِبَةٌ أَوْ ماذا؟
المتصلُ: لا عنْدِي كونه توفيرُ موقع يوفرُها
المقدمُ: أمانةٌ يعْني للحفظِ.
المتصلُ: إيه فأَنا احتجْتُ مِنْهُمْ ووقْتَ ما يطلبهُمْ أَقْدِرُ أَرْجَعْهُمْ ليهِ كامِلات عادي ما في مشكلةٍ أخذَ منْهُمْ؟
المقدُمُ: أنتَ لم تستأذنْهُ يَعْني تصرفتَ بِها؟
المتصلُ: لا أَنا مشْ موضوع ما استأذنتُ لسه ما أخذتُ منهمْ شيءٌ.
المقدمُ: طيبُ ماذا تُريد إذًا؟
المتصلُ: أريدُ أنْ أَعْرفَ يعْني أقدرَ آخُذ منهمْ بِدُونَ ما استأذنَ أَوْ لا؟
المقدمُ: طيب خير إِنْ شاءَ اللهُ.
المتصلُ: عندي سُؤال ثاني اللهُ يُعافيكَ.
المقدمُ: الثاني أتفضلْ.
المتصلُ: زادَ اللهُ فضْلَكَ أخوي وأَنا نشتغلُ سِواءٌ أخوي دخلهُ الشهري ألْفين ريال، وأَنا دخْلِي الشَّهريُّ أربعُ آلاف فأُريدُ أَنْ أقسم عليهِ المصرُوفِ الشخصِيِّ ما بَيْني وبينهُ علَى بيتِ أَهْلي وَإِخْواني وأَخواتي والباقي كُلّ يوفرُ لنفسهِ فَهَذا الشيءُ عليْهِ إِثْم أوْ لا؟
المقدمُ: يعْني تجمع مالك وماله ثم تقسمُ المصروفاتِ علَى الأُسْرةِ منكَ ومنهُ؟
المتصلُ: مني ومنهُ والمتبقي مِنَ الراتبِ كُلٌّ مِنَّا.
المقدمُ: بإذنهِ أو بِدُونَ إِذْنِهِ يا حسن؟
المتصلُ: لا بِالترتِيبِ معهُ أَنا أَتكَلَّمْ مَعَهُ وأَشُوف يَعْني كون هُوَ
المقدمُ: خير تستمعُ يا حسنْ باركَ اللهُ فيكَ نعمْ شيخ خالد أتفضلْ.
الشيخُ: بالنسبةِ للسؤالِ الأَوَّلِ وهُوَ تصرفهُ في الوديعةِ التي ودعت عندهُ لا يجوزُ له أنْ يتصرفَ فيها إِلَّا بإذنِ صاحبِها فإذا أذن صاحبُ المالِ في التصرفِ يكُونُ المالُ عندَ ذلكَ فرْضًا، أَمَّا أنْ يتصَرَّفَ بِدُونِ الرُّجوعِ إِلَى صاحبِ المالِ فَهَذا خلافُ مُقْتَضَى الأَمانَةِ الَّتي أَنْ يَكُونُ عَلَيْها مِنْ أؤتُمنِ عَلَى الشيءِ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾[النساء: 58] فَلا تتصرَّفْ في مالٍ منْ أَعْطاكَ هَذا المالِ لتحفظهُ بَِأيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْواعِ التصرُّف إلا بإذنه هذا بالنسبة لما يتعلق بالسؤال الأول.
السؤالُ الثاني وهَوُ كونهُ يجمعُ مالهُ ومالَ أَخِيهِ وَيقومُ بصرفهِ والمتبقِّي يقتسمهُ عليهِ فَهَذا إِذا اتَّفقا عَلَى ذَلِكَ فهُوَ نوْعٌ مِنَ التعاوُنِ عَلَى مَصالحِ مَعاشِهِمْ ومصالحِ أسرتهِمْ وَلا حرجَ عليْهِمْ في ذلكَ، بَلْ هُوَ مِنَ العملِ الصالحِ الَّذِي أَسألُ اللهَ تَعالَى أنْ يُغنيهِمْ بِسببِهِ وأَنْ يُبارِكَ لهمْ فِيما رزقهُمْ.
المقدمُ: اللهُمَّ آمين شيخَنا باركَ اللهُ فِيكُمْ أَيْضًا بابُ الريَّانِ في أَعْلَى الجنانِ يَكُونُ لمنْ أَحْسنَ الصِّيامَ هَلْ يَكُونُ هَذا الصِّيامُ في صِيامِ الفَرْضِ فَقَطْ أَوْ يَدْخُلُ فِيهِ صيامِ النافِلَةِ؟
الشيخُ: الريانُ لَيْسَ في أَعْلَى الجِنانِ الريانُ بابُ منْ أَبْوابِ الجنةِ وقَدْ جاءَ ذَلِكَ عنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلَى آلهِ وَسَلَّم فِيما أَخْبرَ بِهِ في الصَّحِيحِ أنَّهُ قالَ –صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ-: «في الجنَّةِ بابٌ يُقالُ له الرَّيَّانُ لا يدخُلُه يومَ القيامةِ إلَّا الصَّائمونَ» لا يدخلُ منهُ أَحَدٌ غيرهُمْ «يقالُ يومَ القيامةِ: أينَ الصائمونَ؟ فإذا دَخلوا أُغلِقَ فلم يدخلْ غيرُهمْ» وفي الحديثِ الآخرِ حَديثٌ أَبِي هريرةَ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ أَنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-أخبرَ في جُملةِ ما أخبرَ مِنْ أَبوابِ الجنةِ الثمانِيةِ بابُ الريانِ الَّذِي يَدخُلُ مِنهُ الصَّائِمُونَ.
فهُوَ بابٌ مِنْ أَبْوابِ الجنةِ وَيُدركُهُ مَنْ صامَ الفرْضَ بِالدَّرجَةِ الأُولَى لأَنَّ صِيامَ الفرضِ أَعْلَى ثَوابًا وأوْفَى أَجْرًا مِنَ اللهِ –عزَّ وجلَّ-وأحَبَّ إِلَى اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ-ويدخلُ فِيهِ أَيْضًا أَصْحابُ صِيامِ التطوُّعِ وَفي الجملَةِ كُلُّ عَملٍ صالحٍ فإنْ رُتِّبَ عليهِ أَجْرُ كُلِّ عملٍ صالحٍ رتِّبَ عليهِ أجرٌ فإنَّ نَصِيبَ الإِنْسانِ مِنْ هَذا الأَجْرِ بقَدْرِ ما معَهُ مِنْ تحقِيقِ وَتكميلِ هَذا العَملِ الصالحِ.
فكُلَّما كانَ الصيامُ أَوْفَى وأَكْمَلَ وأكثرَ وأحسنَ كانَ نَصِيبهُمْ مِنْ الدُّخُولِ مِنْ هَذا البابِ بِقدرِ ما معَهُ مِنْ هَذا الوصْفِ الَّذِي أُنِيطَ بِهِ الدُّخُولُ في هَذا البابِ العظيمِ نسأَلُ اللهُ أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ يَدَّعِى مِنْ أَبوابِ الجنةِ الثمانيةَ.
المقدمُ: اللهُمَّ آمين شَيْخنا باركَ اللهُ فِيكُمْ أَيْضًا فِيما يتعلَّقُ بِالصَّوْمِ وَواجِباتِ الصومِ مِنْ جَهلِ فرضِ الصَّوْمِ في شَهْرٍ رَمَضانٍ أوْ جَهْل تحريمِ الطَّعامِ أوْ الوَطْءِ أَو إِلَى هَذا وذاكَ مِنَ الأَحْكامِ كيفَ يَكُونُ صَوْمُهُ صَحِيحًا؟
الشيخُ: الأَصْلُ فِيما يتعلَّقُ بِالصَّوْمِ إِذا وَقَعَ مِنَ الإِنْسانِ شَيْءٌ منْ تَناوُلِ المفْطِراتِ جهْلًا فإِنَّهُ لا يُؤَثِّرُ ذلِكَ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِهِ كُلُّ مَنْ تَناوَلَ شَيْئًا مِنَ المفطِراتِ وَهُوَ لا يعلَمُ أنَّهُ مُفْطرٌ ومثلُهُ مَعْذُورٌ بِهذا الجهْلِ فإِنَّهُ لا يؤَثِّرُ عليْهِ.
والجهلُ في الجهَلَةِ فِيما يتعلَّقُ بِالصومِ نَوْعانِ؛ جهلٌ بِالحكْمِ، وجهْلٌ بِالوقْتِ فَمَثلًا لو جَهِلَ الإِنْسانُ أَنَّ إِخْراجَ ما في الجوْفِ يُسَبِّبُ الفطرَ اللي هُو الاستقاءُ لوْ أَنَّ الإنسانَ أَدْخلَ إِصبعَهُ في فمهِ ليخرجَ ما في جوفِهِ هَذا بِالاتفاقِ اتفاقِ أَهلِ العلْمِ أنهُ مُفْطرٌ لكنْ إِذا الإِنسانُ فعلَ ذلِكَ وَقالَ: واللهِ أَنا ما أَدْرِي أنهُ مُفْطِرٌ لوْ كُنتَ أعلمُ أنهُ مُفطرٌ لما فعلتهُ هَذا يجهَلُ الحكمَ، فجهلهُ بِالحكمِ يرفعُ عنهُ المؤاخَذةَ فَلوْ وقعَ منهُ ذلكَ قِيلَ لهُ: لا تعُدْ إِلَى هَذا وصوْمُكَ صحيحٌ لأنَّهُ لم تَأْتي ما يُفطرُ عالمًا ومِنْ شرْطِ وُقُوعِ الفطرِ أَنْ يكُونَ الإنسانُ عالمًا بِالمفطراتِ.
ولهذا الصَّحابيُّ الجليلُ الَّذي وَضعَ عِقاليْنِ عِندَ رأْسِهِ ليتبينَ الخيطُ الأبيضُ مِنْ الخيطِ الأَسْودِ وبَقِيَ يأكُلُ حَتَّى أَسْفَرَ لما أَخْبرَ النبيُّ –صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ-بِذلِكَ قالَ: إِنَّ وَسادَكَ لِعريضِ أَنْ وَسع الخيط الأَبْيضُ وَالأَسْودُ إِنَّما ذَلِكَ بَياضُ النهارُ وَسوادُ اللَّيْلِ ولمْ يأْمَرُهُ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ-بِالقَضاءِ لأنَّهُ كانَ جاهِلًا بمعْنَى الآيَةِ.
فالجهلُ بِالحكْمِ يَرْفعُ المؤاخذةَ إِذا كانَ مثلُهُ يجهلُ.
النوعُ الثاني مِنَ الجهْلِ الَّذِي يتطَرُّقُ إِلَى الصَّوْمِ الجهلِ بالوقتِ أَوْ الجهْلِ بِالحالِ مثل أَنْ يأْكُلَ الإنسانُ يظنُّ أنَّ الفجرَ لم يطلعُ فيتبينُ أنهُ قَدْ طلعَ أَوْ يأْكُل يظنُّ أنَّ الشمسِ قَدْ غربَتْ ثُمَّ يتبينُ أَنَّها لم تغرُب أوْ يسمعُ مُؤَذِّنًا فيظنُّ أنهُ ضابِطٌ لأذانهِ وَيكُونُ قَدْ أَخْطَأَ بِتقدمٍ في أذانِ المغربِ فَهُؤلاءُ كلهُمْ أَفْطَرُوا جَهْلًا بِالحالِ أنهُ لا يجوزُ لهمْ الأَكْلُ في هذهِ الأَحْوالِ.
الجهلُ بِالحالِ أَيْضًا يعذرُ بِهِ الإِنْسانُ فقَدْ جاءَ في صَحِيحِ الإِمامِ البُخاريِّ منْ حديثِ أَسماءِ بِنتِ أَبي بكرٍ رضِيَ اللهُ تَعالَى عنْها «أفطَرنا علَى عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في يومِ غَيمٍ ثمَّ طلَعتِ الشَّمسُ» يعني أفْطرُوا يظنونَ أَنَّ الشمسَ قدْ غربَتْ ثُمَّ طلعَتِ الشمسُ وهُمْ قَدْ وقَعَ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِنَ المفْطِراتِ فمثلُ هَذا لا حرجَ لأَنَّهُ لم تذكر رَضِي اللهُ تَعالى عنها أَن النبيَّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ-أَمرهُمْ بِالقضاءِ واستدلَّ جَماعةٌ مِنْ أَهْلِ العلمِ بِهذا الحديثِ عَلَى أَنَّ مَنْ وقَعَ مِنْهُمْ مُفْطرٌ يظنُّ أنَّهُ لم يتبينِ الفجْرَ أَوْ يَظُنُّ أنهُ غربتِ الشمسُ فإنهُ لا حرجَ عليهِ وصومُهُ صَحيحٌ ولا قَضاءَ عليهِ، لكنْ مَتَى ما تبينَ لهُ أنهُ أَخْطَأَ تبينَ الفجرَ أو ظهرَ أو أنَّ الشمسَ لم تغربْ وَجَبَ عليهِ الإِمْساكُ.
المقدمُ: جزاكمُ اللهُ كُلَّ خيرٍ يا شيخَنا المتصلُ عبدُ المجيدِ حياكَ اللهُ أَخِي عبدَ المجيدِ.
المتصلُ: السلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ.
المقدمُ: وعليكُمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
المتصلُ: حياكَ اللهُ وَحيا اللهُ الشيخَ
المقدم: حياك الله يا أخي عبد المجيد إذا سمحت يا أخي ترفع صوتك حتى يتضح سؤالك أتفضل يا عبد المجيد.
المتصلُ: اللهُ يجزاكَ الله وَيعطيكَ العافيةَ سُؤالي لِلشيخِ أَنا دخلتُ بَعْدَ صلاةِ العشاءِ وكانَ في جماعةٍ يُصلُّونَ العِشاءَ متأَخِّرينَ وَالإِمامِ يُصَلِّي التراويحَ وأَنا ما صليتُ صَلاةً العِشاءِ فهلْ أُصَلِّي مَعَ الجماعَةِ المتأَخِّرةِ العَشاءَ وَلا أدخلُ مَعَ الإمامِ؟
المقدمُ: تدخل مَعَ الِإمامِ صَلاةَ التراويحِ وَلا تدخلُ معهُ بنيةِ صلاةِ العشاءِ؟
المتصلُ: أدخلُ مَعهُ في نيةِ صَلاةِ العشاءِ وَلا أدخلُ يعْني الجماعةَ المتأخرةَ أُصَلِّي معهمُ العِشاءَ بعدينَ أَكملِ التراويح.
المقدم: طيب تستمعُ إنْ شاءَ اللهُ باركَ اللهُ فِيكَ.
الشيخُ: إِذا دخلَ المصَلِّي إِلَى المسجدِ وَالإِمامِ يُصَلَّي التراويحَ وهُوَ لم يُصَلِّي العشاءَ، فإنَّ المشرُوعَ في حقهِ أَنْ يدْخُلَ مَعَ الإمامِ بنيةِ العِشاءِ فَإِذا سلَّمَ الإِمامُ قامَ وأَكملَ ما بَقِيَ وَهَذا أكملَ وأَحْسَنَ وأوفق للسنةِ منْ أَنْ تتعَدِّدَ الجماعاتُ في المسجدِ ويتفرَّقُونَ فِإذا دخَلَ المصلَّي وجدَ الإمامُ الرئيسَ يُصَلِّي التراويحِ دَخَلَ مَعَهُ ولوْ وَجَدَ جَماعةً يصلُّونَ العِشاءَ لا يَنضَمُّ إليهمْ لأنَّ الأَحَقَّ بِالإمامةِ هُوَ الإِمامُ الراتبُ الإمامُ الأَساسُ الأصيلُ الَّذي يؤمُّ في المسجدِ والجماعةِ الأُخْرَى هِيَ خلافُ الأوْلَى وخلافُ ما ينبَغِي أَنْ يَكُونَ عليهِ حالُ أهلِ الإسلامِ مِنَ الاجْتِماعِ علَى إمامٍ واحدٍ، ولا إِشْكالَ في كوْنِ الإِمامِ يُصَلِّي نافلةً وأَنْتَ تُصَلِّي فَرْضَ فإنَّ معاذًا رضِيَ اللهُ تَعالَى عنْهُ كانَ يُصلِّي مَعَ النبيِّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-صلاةَ العشاءِ ثم يرجعُ إِلَى قومِهِ فَيُصلِّي بهمْ تلكَ الصلاةَ، فتكونَ نافلةً لهُ ولمنْ خلْفَهُ تكونُ فريضَةً.
المقدمُ: خيرٌ إن شاءَ اللهُ جزاكُمُ اللهُ كُلَّ خيرٍ يا شيخَنا أَمامي اتصالانِ منَ الأَخِ إبراهيمَ وقبلَ ذلكَ أمُّ عبدِ اللهِ إذا أذِنْتَ يا شيخَنا نأخُذُ الاتِّصالَيْن مَعا
الشيخُ: نعمْ.
المقدمُ: خيرٌ إن شاءَ اللهُ أم عبدِ اللهِ أتفضلِّي.
المتصلةُ: السلامُ عليكُمْ.
المقدمُ: عليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ
المتصلةُ: عندي سُؤالين للشيخِ.
المقدمُ: الأولُ.
المتصلةُ: يا شيخُ أَنا بروحٍ عندَ أَهْلِي في جدةَ بس إِني ناوية اعتمرْ بَسّ بعد أسبوع يعْني فإنَّ أَنْوي العُمرةَ وَلا لا؟
الشيخُ: تروحين طائرة ولا سائرة؟
المتصلةُ: لا في الطائرة.
المقدمُ: خير إنْ شاءَ اللهُ السؤالُ الثاني.
المتصلةُ: السؤالُ الثاني يا شيخُ أكرمكمُ اللهُ جاءني طمثٌ أمس بعد العشاءِ وتوقفَ يعْني وأَمسكتُ صِيامَ اليومِ فالحكْمُ في ذلكَ أَوْ هَلْ إِنِّي أقبلُ يَوْمَ أَوْ شيءٌ ولم يكْمِلِ الطَّمْثَ أَبدًا.
المقدمُ: طيب خير إِنْ شاءَ اللهُ الأخُ إِبْراهيمَ حياكَ اللهُ يا إِبْراهيمُ.
المتصلُ: السلامُ عليكُمْ.
المقدمُّ: عليكمُ السلامُ ورحْمَةُ اللهِ وَبركاتهُ.
المتصلُ: بس عندي أربَعُ أسئلةٍ بسرعةٍ كده.
المقدمُ: الأولُ.
المتصلُ: الآنَ السؤالُ الأولُ ما حكْمُ المبالغةِ في الاستنشاقِ والمضمضةِ أثْناءَ الصيامِ ولوْ دَخَلَ شَيْءٌ في الحلقِ دخل يعْني ما الحكْمُ؟
السؤالُ الثاني الآنَ العُمرةُ لازم أحْصُل قدمتُ ما جاءَ التقديمُ تطعيمُ ما جاءَ يجُوزُ أوكلُ واحدٍ محصنٍ أعطيهِ مبلغ وأقولُهُ يجيب عُمرةً عَنِّي؟
السؤالُ الثالثُ ما حكمُ مصحفٍ مِنَ الصدقَةِ جاءَني مصحفٌ ورثهُ الصدقةُ الجاريةُ في حديثِ صحيحِ كيفَ يكونُ مُصحفُ؟
السؤالُ الرابعُ إِفْطارُ الصائمِ بالتمرِ وَالماءِ يكفِي إذا أفطرتَ صائم بالتمرِ والماءِ يكفِي؟
المقدمُ: هَذا حديثُ سنةٍ يا أخِي تسمع إِنْ شاءَ اللهُ باركَ اللهُ فِيكَ يا إِبْراهِيمُ نعمْ يا شيخ خالد هذهِ أَمُّ عبدِ اللهِ تسألُ عَنْ نيِّتها للعمرةِ وَهِيَ مُسافرةٌ واستقرَّتْ في جدة.
الشيخُ: نعمْ تسألُ عنِ الإحرامِ لَها أنْ تحرم مِنْ جدة إِذا جاءَ وقتُ عمرتِها تحرم مِنْ جدةَ إِن شاءَ اللهُ تَعالَى نسأَلُ اللهَ لَها القبولَ فجدةُ في مُحاذاةِ مِيقاتِ والإِحرامِ منها لا بأْسَ بِهِ.
المقدمُ: خير إِنْ شاءَ اللهُ إِذْن تسألُ عَنْ إِمْساكِها لِلصيامِ.
الشيخُ: نعمْ هِيَ تقُولُ أَنَّها جاءها شيءٌ منَ الطمثِ ثُمَّ انقطعَ وَلا أَثَرَ له فلَعَلَّ هذا عارضٌ مادامَ أنهُ ليْسَ في وقتهِ المعتادِ وَلا علَى الحالِ المعتادةِ فَإنَّهُ لا يمنعُها من الصَّومِ، أَمَّا إِذا كانَ طمثٌ ينقطعُ فترةُ نُصَّ يوم فهذا يحصُلُ فِيما يأْتي عَلَى النساءِ مِنَ الطمثِ فانقطاعهُ نصف يومٍ أوْ يوْمٍ لا يُلْغِي حُكمه لكنْ بِما أَنَّها تقولُ حسبَ ما فهمتَ مِنْ سُؤالِها أَنَّ هَذا شيء عارض وقدْ زالَ فصَوْمُها اليوم صحيحٌ لا إِشْكالَ علَيْها.
المقدمُ: جزاكُمُ اللهُ خيرا الأخ إبراهيمُ يسأَلُ يقولُ: ما حُكُمُ المبالغةِ بِالاستنثارِ والمضمضةُ وقَدْ يدخلُ إِلَى الحلقِ والجوفِ شيءٌ منهُ.
الشيخُ: المبالغةُ مِنَ الاستنشاقِ المبالغةُ عُمُومًا في المضمضَةِ وَالاستنشاقِ هِيَ مِنْ السننِ وهَذا باتفاقِ الفُقهاءِ في المذاهِبِ وَحُكِيَ الإجماعُ عليْه قالَ النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ-: «أسْبِغ الوضوءَ، وخلّلْ بين الأصابعِ، وبالِغْ في الاستِنْشاقِ إلا أن تكونَ صائما» فاستثنَى النبيُّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-مِنْ هَذهِ السنةِ حالَ الصيامِ وذلِكَ صِيانَةً لهُ منْ أَنْ يَنْفذ شيءٌ منَ الماءِ إِلَى جَوْفِهِ، وَبِالتالي يَنبغِي للصائمِ أنْ يتركَ ذلكَ وليسَ مِنْ سُننِ الوُضوءِ بِالنسبةِ للصائمِ أَنْ يُبالغَ في المضمضةِ وَالاستنشاقِ بَلْ يمضمضُ دُونَ مبالغةٍ ويستنشقُ دُونَ مُبالغةٍ.
المقدمُ: يدخلُ في هَذا يا شيخَنا أَيْضًا الغرغرةُ بِالماءِ والملحِ أَوْ بمحلُولٍ؟
الشيخُ: الغرغرةُ أشدُّ مِنَ المضمضةِ لأَنَّ الغرغرةَ هِيَ إِيصالُهُ للحلقِ فَلا يفْعلُ ذلكَ لكن لَوْ فعَلَ ولم ينفذْ شيءٌ منهُ إِلَى جوفهِ فإنَّ صومهُ صحيحٌ لأنهُ يعرض صِيامهُ للجرح.
المقدمُ: اللهُ المستعانُ كَما أوشكَ أنْ يقعَ في الحمَى يا شيخُ؟
الشيخ: نعمْ.
المقدمُ: فِيما يتصلُ بِالعمرةِ يقولُ: أنهُ يرغبُ في العمرةِ ولم يتحصَّلْ بَعدُ علَى منجزاتِها وشُروطِها النظاميةِ فهلْ لهُ أنْ يمكِنُ مُعْتمرًا حازَ هذهِ الشرُوطِ؟
الشيخُ: ليسَ لهُ أنْ يوكلَ وبشره إنما يؤملهُ مِنْ أَجر ِالعُمرةِ حاصلٌ لهُ بنيتهِ فإنهُ منْ لم يتمكَّنْ منَ العمرةِ لأَجلِ عدمِ توافُرِ شُروطِ الإجراءاتِ الاحترازيةُ فإنَّ أجرهُ وافٍ واللهُ كريمٌ إِنَّما الأَعْمالُ بالنياتِ فمَنْ نَوى صالحًا ولم يتمكَّنْ منهُ لِوُجودِ عارضٍ يمنعهُ فإنَّ ذلكَ يؤجرُ عليهِ فَلا حاجةَ إِلَى أَنْ يوكِلَ وَلا يصحُّ التوكيلُ لأَنَّ التوكيلَ لا يكُونُ إِلَّا من عاجزٍ وقدْ وَرَدَ في الفريضةِ في الحجِّ ويلْحَقُ بِهِ العُمرة منَ العاجزِ في الفرْضِ أَوْ في العمرةِ الواجِبَةِ، أَمَّا ما عداهُ فلَمْ ينقل ولذلكَ لا حاجةَ توكل أحد ولعلَّ اللهَ ييسرُ لكَ التحصيلَ قَريبًا وتدركُ الخيرَ بِالفعلِ أَوْ بالنيةِ إِذا لمْ يتيسر لَك ذلكَ.
المقدمُ: اللهمَّ آمين يسألُ يا شيخَنا حولَ المصحفِ ورثه كَما هُوَ في النصِّ الَّذي ذكره يسألُ عنْ معْنَى هَذا؟
الشيخُ: هَذا جاءَ في السننِ سننُ ابْنِ ماجه مِنْ حديثِ أَبي هريرةَ أنَّ النبيَّ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-قالَ: «إنَّ ممَّا يَلحَقُ المؤمنَ مِن عَمَلِه وحَسناتِه بعدَ موتِه عِلمًا عَلَّمَه ونشَرَه، ووَلدًا صالحًا ترَكَه، ومُصحَفًا وَرَّثَه، أو مَسجِدًا بناه، أو بيتًا لابنِ السبيلِ بناه، أو نهرًا أجراه، أو صَدَقةً أَخرَجَها مِن مالِه في صِحَّتِه وحياتِه، يَلحَقُه مِن بعدِ موتِه».
قولهُ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: ومصحفاً ورثهُ أي خلَّفهُ لوارثهِ تركَ مصحفًا لعقبهِ أو تركهُ لمن يقرأُ منهُ سَواءٌ مِنْ ورثتهِ أوْ مِنْ غيرهِ فَهَذا معْنَى قولهِ: ومصْحَفًا ورَّثهُ.
المقدمُ: يعْني هُوَ يتركُ مُصْحفًا لورثتهِ يقرءُونَ مِنهُ؟
الشيخُ: إي نعم وَلا يورث المصحفَ والأصلُ لا يورثُ المصحفَ إلا لأَهْلِ البيتِ ليقرأَ منهُ.
المقدمُ: نعمْ خير إنْ شاءَ اللهُ يسألُ كَذلكَ يقُولُ: بأنَّهُ يرغبُ كَما فهمت مِنْ سؤالهِ في أنْ يرغِّبَ في تفطيرِ صائمينَ فهلْ يجزيهم أنْ يفطرهُمْ علَى تمرٍ وماءٍ أم لابدَّ أَنْ يُعطيهُمْ طعامًا بعدَ ذلِكَ؟
الشيخُ: تمامَ التفطير هُوَ حصُول الكفايةِ لما يطعمُ الصائمَ مما يُذْهِبُ جُوعَهُ وعطشهُ فتفطيرهُ عَلَى تمرٍ هُو بعضُ الفطَرِ لاسِيَّما لمنْ كانَ قادِرًا علَى ما هُوَ أكْثرُ منْ ذلكَ لأَنَّ المقْصُودَ بِالتفطيرِ التفطيرُ المعتادُ الَّذي جرتْ بهِ عادةُ الناسِ في كفايتهِمْ قالَ اللهُ تَعالَى في الكفارةِ: ﴿ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾[المائدة: 89] فإذا أطعمهمْ مِنْ أَوْسطِ الطعامِ الَّذي يُفطرُ عليهِ الناسُ يتحققُ لهُ الفضْلُ، إِذا لم يَكنْ لَهُ قُدْرةٌ علَى ذلِكَ وأَطْعَم تمر فَهذا نوعٌ منَ الإِحْسانِ، لكنْ بعضُ الناسِ يظنُّ أنَّ التفطيرَ إِعطاءُ تمرة أوْ تمرتينِ ويحصُلُ بذلكَ علَى الفضْلِ المذكورِ في الحديثِ عَلَى أَنَّ الحدِيثَ في إِسْنادهِ بَعْضُ الشيءِ لكنَّ الَّذي يظْهرُ وَاللهُ تَعالَى أعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مُشاركةَ في التفطيرِ ولكنْ لا يحصُلُ التفطيرُ إِلَّا بِالإطعامِ الَّذِي تحصُلُ بِهِ الكِفايةُ.
المقدمُ: نعمْ هَذا شَيخُنا في مسألَةِ الكفارةِ أوْ مسألةِ الضيافَةِ؟
الشيخُ: كذلكَ أَنا قصدْتُ أنهُ الكفارةُ طَلَبَ فِيها أوسطَ الطعامِ الَّذي تحصُلُ بِهِ الكفايةُ يتحققُ الإِطْعامُ فإطعامُ عشرةِ مساكينَ مِنْ أوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهليكُمْ فكذلكَ فِيما يتعلقُ بالتفطيرِ الَّذي رُتِّبَ عليْهِ الأَجْرُ هُوَ في أَوْسَطِ الإِفْطارِ لا أعلاهُ وأوفاهُ وَلا أدناهُ وأقلُّهُ.
المقدمُ: نعمْ جزاكمُ اللهُ كُلَّ خيرٍ يا شيْخَنا أُريدُ أَنْ أُغادِرَ وإياكَ هَذا اللّقاء لكنْ أُخُونا لؤي يقولُ: هُناكَ متصلٌ يرغبُ في استفتاءكُمْ.
الشيخُ: طيب
المقدمُ: نعمْ لؤي هلِ المتصلُ جاهز طيب الأُختُ نُورا حياكِ إِيَّاكِ نُورا عَلَى السريعِ باركَ اللهُ فِيكِ أتفضلي.
المتصلةُ: السلامُ عليكُمْ
المقدمُ: عليكُمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ تَعالَى وَبركاتُهُ.
المتصلةُ: أَنا عندي سُؤاليْن؛ السؤالُ الأوَّلُ الركعةُ الأَخيرةُ آخرُها آخرُ الليلِ وَادَّعِي فيها الوترُ؟
السؤالُ الثاني أَنا لما أصَلِّي ألبسُ لبسَ مرة كده مغطى يجوز أكشفُ يدي أوْ أخلِّيها تحتَ السجدةِ؟
المقدمُ: طيب تستمعينَ إنْ شاءَ اللهُ باركَ اللهُ فيكُم الدعاءُ في الركعَةِ الأخيرةِ؟
الشيخُ: الدعاءُ في القُنوت استحبهُ جماعةٌ منَ العُلماءِ في كُلِّ الشهْرِ وبعضُهُمْ إِنَّما استحبهُ في النصفِ الأَخِير منْهُ لِوُرودِ ذلكَ عَنِ الصَّحابِةِ والأَمْرُ في هَذا واسِعٌ.
المقدمُ: خير إِنْ شاءَ اللهُ تقولُ أَيْضًا في مسألَةِ تغطيةِ اليديْنِ وَالقدميْنِ بِلباسٍ سابرٍ إذا كُشفَ شيءٌ مِنْ يديْها مثَلا هَلْ علَيْها شيءٌ؟
الشيخُ: للصلاةِ الواجبُ تغطيةُ ظهورِ القدمينِ في قولِ جُمْهورِ أهْلِ العلمِ والأمرُ في هَذا يسيرٌ يعْني لوْ تبينَ شيءٌ مِنْ قَدَمِها، وأَمَّا كفُّها فَلا يجبُ تَغطيتُهُما في الصلاةِ.
المقدمُ: باركَ اللهُ فيكُمْ شَيخُنا وأَحسنَ إِليكُمْ قبلَ الختامِ الكلمةِ لكمْ يحفظكُمْ اللهُ.
الشيخُ: أُوصِي إِخواني وأَخواتي وجميعَ المؤْمِنينَ والمؤمناتِ بِالاجْتِهادِ في تحقيقِ غايَةِ الصومِ مِنَ التقْوَى وصَلاحِ السرِّ والطَمَعِ في نيلِ عظيمِ الفضْلِ والأَجْرِ بمغْفَرِةِ الذنوبِ فإنَّ النبيَّ –صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-قالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ» فنأملُ مِنَ اللهِ –عزَّ وجَلَّ-أنْ يُعِينَنا علَى أن يكُونَ صِيامُنا مُحَقَّقًا لهذا الوصْف أَنْ يكونَ صِيامًا إِيمانًا وَاحْتِسابًا، إيمان قبول لهذا التشريعِ ورِضا بِهِ وانْشراح صدرٍ بِه واحْتسابِ الأجرِ عندَ اللهِ –عزَّ وجلَّ-فيهِ فإنَّ ذلكَ مما يبلغُ الإنسانَ هَذا الفضلَ العظيمَ وهُوَ أَداءُ ما فرضَ اللهُ تَعالَى عليهِ مع مغفرةِ الذنبِ وحطِّ الوِزرِ أَسألُ اللهَ أنْ يعفُوَ عني وعنكُمْ وأنْ يغفِرَ لَنا ولَكُمْ وأنْ يوفِّقَنا إِلَى كلِّ بِرٍّ وخيرٍ وأنْ يُوفِّقَ وُلاةَ أَمْرِنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ وولَّي عهدهِ إِلَى ما يحبُّ ويرْضَى وأنْ يسدِّدهُمْ إِلَى صالحِ الأَعْمالِ وصَلَّى اللهُ وسلَّم علَى نبيِنا محمدٍ والسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ.
المقدمُ: وعليكمُ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ.