(بابُ زكاةِ بهيمَةِ الأنعَامِ)
وهي: الإبلُ والبَقَرُ والغَنمُ. وسُمِّيَت بهيمَةً؛ لأَنها لا تَتكلَّمُ.
(تجبُ) الزَّكاةُ (في إبلٍ) بَخَاتيٍّ أو عِرَابٍ (وبَقرٍ) أهليَّةٍ أو وحشيَّةٍ، ومِنها الجواميسُ (وغنَمٍ) ضأْنٍ أو مَعْزٍ، أَهليَّةٍ أو وحشيَّةٍ: (إذا كانَت) لدَرًّ ونَسلٍ، لا لعَمَلٍ. وكانَت (سائمَةً) أي: راعيَةً للمُباحِ (الحولَ أو أكثَرَه) لحديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: سمعتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقول: «في كلِّ إبلٍ سائمَةٍ، في كلِّ أربعينَ ابنَةُ لبونٍ». رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي . وفي حديثِ الصدِّيقِ: «وفي الغَنَمِ في سائمتِها» .. إلى آخره. فلا تجبُ في مَعلوفَةٍ، ولا إذا اشتَرَى لها ما تأْكُلُه، أَو جَمَعَ لها مِن المباحِ ما تأْكُلُه.
(فيجبُ في خمسٍ وعِشرينَ مِن الإبلِ: بِنتُ مخاضٍ) إجمَاعًا، وهي: ما تَمَّ لها سَنَةٌ. سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّ أُمَّها قد حَمَلَت، والماخِضُ: الحامِلُ. وليسَ كَونُ أمِّها ماخِضًا شَرطٌ، وإنما ذُكِرَ تَعريفًا لها بغَالِبِ أحوالِها.
(و) يجبُ (فيمَا دُونها) أي: دُونَ خمسٍ وعِشرين: (في كلِّ خمسٍ شاةٌ) بصفَةِ الإبِلِ، إن لم تكُن مَعيبَةً. ففي خمسٍ مِن الإبِلِ كِرامٍ سِمَانٍ: شَاةٌ كريمةٌ سَمينَةٌ. وإن كانَت الإبلُ مَعيبَةً : ففيها شاةٌ صحيحَةٌ، تنقُصُ قُيمتُها بقَدرِ نَقصِ الإبلِ. ولا يجزئُ بعيرٌ ولا بَقرَةٌ، ولا نِصفَا شَاتَينِ.
وفي العَشرِ: شَاتَان، وفي خمسَ عَشرَةَ: ثَلاثُ شياهٍ، وفي عِشرينَ: أَربعُ شِياهٍ، إجماعًا في الكُلِّ.
(وفي سِتٍّ وثَلاثِينَ: بِنتُ لَبونٍ): ما تمَّ لها سَنَتَان؛ لأَنَّ أُمَّها قد وضَعَت غالبًا، فهي ذاتُ لبنٍ .
(وفي سِتٍّ وأربَعينَ: حِقَّةٌ): ما تمَّ لها ثلاثُ سِنينَ؛ لأَنها استحقَّت أنْ يَطرُقَها الفَحْلُ، وأَن يُحمَلَ عَليها وتُركَب.
(وفي إحدى وستِّين: جَذَعَةٌ) بالذَّالِ المعجَمَةِ: ما تمَّ لها أَربَعُ سِنين؛ لأَنها تجْذَعُ إذا سَقَطَت سِنُّهَا. وهذا أعلَى سِنٍّ يجِبُ في الزَّكاةِ.
(وفي سِتٍّ وسَبعينَ: بِنتَا لَبونٍ. وفي إحدَى وتِسعينَ: حِقَّتَان) إجماعًا.
(فإذا زَادَت عن مائةٍ وعِشرينَ واحِدَةٌ: فثلاثُ بَناتِ لَبُونٍ) لحديثِ الصَّدَقاتِ الذي كتَبَه رسولُ اللَّه ﷺ، وكانَ عندَ آلِ عُمَرَ بن الخطاب. رواه أبو داود، والترمذي وحسَّنه .
(ثـمَّ في كلِّ أربَعينَ: بِنتُ لَبونٍ، وفي كلِّ خَمسينَ: حِقَّةٌ) ففي مائةٍ وثلاثينَ: حِـقَّةٌ وبِنتَا لَبونٍ، وفي مـائةٍ وأَربـعينَ: حِقَّتانِ وبِنتُ لـبونٍ، وفي مـائةٍ وخمسينَ: ثَلاثُ حِـقَاقٍ، وفـي مائةٍ وسِتينَ: أربَعُ بناتِ لبونٍ، وفي مائةٍ وسبعينَ: حِقَّةٌ وثلاثُ بناتِ لَبونٍ، وهكذا. فإذا بلَغَت مائتَين: خُيِّرَ بَينَ أربعِ حِقاقٍ، وخمسِ بَناتِ لَبونٍ.
ومن وجَبَت عليه بِنتُ لَبونٍ مَثلًا وعَدِمَها، أو كانَت مَعيبَةً: فله أن يَعدِلَ إلى بنتِ مخاضٍ، ويدفَعَ جُبرَانًا، أو إلى حِقَّةٍ ويأْخُذَه، وهو: شاتان أو عِشرون دِرهمًا، ويُجزئُ: شاةٌ وعَشَرَةُ دراهِمَ.
ويتعيَّنُ على وليِّ مَحجورٍ عليه إخراجُ أَدوَنِ مُجْزئٍ. ولا دخلَ لجُبرانٍ في غيرِ إبِلٍ.