(وتُضَمُّ قِيمةُ العُروضِ) أي: عُروضِ التِّجارةِ (إلى كُلٍّ مِنهُما) كمَن له عَشَرةُ مَثاقِيلَ، ومَتاعٌ قِيمَتُهُ عَشرَةٌ أُخرى. أَو له مائةُ دِرهَمٍ، ومَتاعٌ قِيمَتُه مِثلُها. ولو كانَ ذهبٌ وفِضةٌ وعُروضٌ، ضُمَّ الجميعُ في تَكميلِ النِّصابِ.
ويُضمُّ جَيِّدُ كُلِّ جِنسٍ ومَضرُوبُه إلى رَديئِهِ وتِبرِهِ، ويُخرَجُ مِن كُلِّ نَوعٍ بحصَّتِه، والأفضَلُ مِن الأَعلَى، ويُجزِئ إخراجُ رَديءٍ عن أعلَى مَعَ الفَضلِ.
(ويُباحُ للذَّكَرِ مِن الفِضَّةِ: الخاتَمُ) لأَنَّه عليه السلام اتَّخَذَ خَاتمًا مِن وَرِقٍ. متفق عليه . والأَفضَلُ جَعلُ فَصِّهِ مما يلي كَفَّه. وله جَعلُ فصِّهِ مِنهُ ومِن غَيرِه. والأَولى جَعلُه في يَسَارِه، ويُكرَهُ بسبَّابَةٍ ووسطَى. ويُكرَهُ أن يُكتَبَ عليه ذِكرُ اللَّه، قُرآنٌ أو غيرُه.
ولو اتخَذَ لنَفسِه عِدَّةَ خَواتِيمَ، لم تَسقُط الزكاةُ فيما خَرَجَ عن العَادَةِ، إلَّا أن يتَّخِذَ ذلك لولَدِه أو عبدِه.
(و) يُباحُ له: (قَبيعَةُ السَّيفِ) وهي: ما يُجعَلُ على طَرَفِ القَبضَةِ. قال أَنسٌ: كانَت قبيعَةُ سيفِ رسول اللَّه ﷺ فِضَّةً . رواه الأَثرم.
(و) يُباحُ له: (حِليَةُ المِنطَقَةِ) وهي: ما يُشدُّ بهِ الوَسطُ، وتُسمِّيها العامَّةُ: الحِيَاصَةَ. واتَّخَذَ الصحابَةُ المناطِقَ؛ مُحلَّاةً بالفِضَّةِ.
(ونحوُه) أي: نحوُ ما ذُكِرَ، كحِليَةِ الجَوشَنِ، والخُوذَةِ، والخُفِّ، والرَّانِ، وحمائِلِ سَيفٍ؛ لأنَّ ذلك يُساوي المِنطَقَةَ مَعنًى، فوجَبَ أن يُساويَها حُكمًا. قال الشيخ تقي الدين: وتِركَاشُ النُّشَّابِ ، والكَلالِيبُ؛ لأنَّه يَسيرٌ تَابِـعٌ.
ولا يباحُ غيرُ ذلك، كتَحلِيَةِ المراكِبِ، ولِباسِ الخَيلِ كاللُّجُمِ، وتحليَةِ الدَّواةِ والمِقلَمَةِ، والكِمرَانِ، والمُشْطِ، والمُكحَلَةِ، والميلِ، والمِرآةِ، والقِنديلِ.
(و) يُباحُ للذَّكَرِ (مِن الذَّهَب: قَبيعَةُ السَّيفِ) لأنَّ عمرَ كان له سَيفٌ فيه سَبائِكُ مِن ذَهبٍ . وعثمانَ بنَ حُنيفٍ كان في سَيفِه مِسمَارٌ مِن ذَهبٍ ، ذكرَهُما أحمدُ، وقيَّدَهُما باليَسيرِ ، معَ أنه ذَكَرَ أنَّ قَبيعَةَ سيفِ النبي ﷺ كان وزنُها ثمانيةَ مَثاقيلَ، فيُحتَمَلُ أنها كانَت ذَهَبًا وفِضَّةً. وقد رواه الترمذي كذلِك.
(ومَا دَعَت إليه ضَرورَةٌ، كأنفٍ، ونحوِه) كرِبَاط أسنَانٍ؛ لأنَّ عرفَجَةَ بنَ أسعدَ قُطِعَ أنفُه يومَ الكُلابِ، فاتَّخَذَ أنفًا مِن فِـضَّةٍ، فأنتَنَ عليه، فـأمرَه النبيُّ ﷺ فاتَّخَذَ أنفًا مِن ذَهَـبٍ. رواه أبو داود وغيرُه، وصححه الحاكم . وروى الأثرم عن موسى بنِ طَلحةَ، وأبي حمزةَ الضُّبَعي، وأبي رافعٍ ثابِتٍ البُنَانيِّ، وإسماعيلَ بنِ زيدِ بنِ ثابت، والمغيرةِ بن عبد اللَّه: أنَّهم شَدُّوا أسنَانَهم بالذَّهَبِ.
(ويُباحُ للنِّساءِ مِن الذَّهَبِ والفِضَّةِ: ما جَرت عادَتُهُنَّ بِلُبسِه، ولو كَثُرَ) كالطَّوقِ، والخَلخَالِ، والسِوارِ، والقُرطِ، وما في المَخَانِقِ والمَقَالِدِ والتَّاجِ، وما أشبَه ذلك؛ لقوله عليه السلام: «أُحِلَّ الذَّهبُ والحريرُ للإناثِ من أُمَّتي، وحُرِّمَ على ذُكورِها» .
ويباحُ لهُمَا: تَحَلٍّ بجَوهَرٍ ونحوِه. وكُرِهَ: تَختُّمُهُما بحَديدٍ، وصُفْرٍ، ونُحَاسٍ، ورَصَاصٍ.
(ولا زَكَاةَ في حُليِّهِمَا ) أي: حُليِّ الذَّكَرِ والأُنثَى المباحِ (المُعَدِّ للاستِعمَالِ أو العَاريَّةِ) لقوله عليه السلام: «ليسَ في الحُليِّ زَكاةٌ». رواه الطبراني ، عن جابر . وهو قولُ أنَسٍ، وجابرٍ، وابنِ عمرَ، وعائشةَ، وأسماءَ أُختِها . حتى ولو اتَّخَذَ الرَّجُلُ حُليَّ النِّساءِ لإعارَتِهِنَّ، أو بالعَكسِ، إن لم يَكُنْ فِرارًا.
(وإنْ أُعِدَّ) الحُليُّ (للكِرَاءِ، أو النَّفَقَةِ، أو كانَ مُحرَّمًا) كَسَرْجٍ، ولِجَامٍ، وآنيَةٍ: (ففيه الزَّكاةُ) إن بلَغَ نِصَابًا وَزنًا؛ لأنها إنَّمَا سَقَطَت مما أُعِدَّ للاستِعمالِ بصَرفِه عن جِهَةِ النَّمَاءِ، فيَبقَى ما عَدَاهُ على مُقتَضَى الأصلِ. فإن كانَ مُعدًا للتِّجارَةِ: وجَبَت الزكاةُ في قيمَتِه، كالعُرُوضِ.
ومُباحُ الصِّناعةِ إذا لم يَكُنْ للتِّجارةِ، يُعتَبَرُ في النِّصَابِ: بوَزنِه، وفي الإخراجِ: بقيمَتِه.
ويَحرُمُ أن يُحلَّى مَسجِدٌ، أو يُمَوَّهَ سقفٌ أو حائِطٌ بنَقدٍ. وتجِبُ إزالتُه، وزَكاتُه بشَرطِه، إلَّا إذا استُهلِكَ فلم يجتَمِع مِنه شَيءٌ.