×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / فإني قريب / الحلقة (18) موانع إجابة الدعاء

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:367

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أحمدهُ حقَّ حمدهِ، لا أُحْصِي ثَناءً عليْهِ هُوَ كَما أَثْنَى عَلَى نفسهِ، وأشْهدُ أَنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أَنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ،  اللهُمَّ صلِّ علَى محمدٍ وعلَى آلِ محمَّدٍ كَما صليتَ علَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إبراهيمَ إنكَ حميدٌ مجيدٌ.

أمَّا بعدُ:

فالسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ،  وأهْلاً وسهْلاً بكُمْ في هذهِ الحلْقَةِ الجديدَةِ مِنْ برنامجكُمْ فَإِنِّي قريبٌ، في هَذِهِ الحلْقَةِ سَنَتناوَلُ شَيْئاً مما يتعلَّقُ بموانِعِ إِجابَةِ الدُّعاءِ، الدُّعاءُ أَيُّها الأَخْوَةُ والأَخواتُ مِنْ أَقْوَى الأَسْبابِ في دفْعِ المكرُوهاتِ، وَفي حصُولِ المطْلُوباتِ، لَكِنْ أَثَرهُ قَدْ يَتخلَّفُ لأَسْبابٍ عديدةٍ: إِمَّا لِضَعْفِهِ في نَفْسِهِ، بأنْ يَكُونَ دُعاءً لا يحبُّهُ اللهُ وَرسولُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِضَعْفٍ في قلْبِ الدَّاعِي، وتشتتِ همتهِ ورغبتهِ، وَإِمَّا لوجودِ مانعٍ مِنْ مَوانعِ إِجابَةِ الدُّعاءِ، وَلذلِكَ ينْبَغِي للؤمنِ أَنْ يحرِصَ عَلَى تَفادِي هذهِ الموانعِ الَّتي تحُولُ بينهُ وبينَ إجابةِ دعوتهِ.

فاللهُ حيٌ كريمٌ سُبحانَهُ وبحمدهِ، وكَما جاءَ في السننِ أَنَّ سلْمانَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: « إِنَّ اللهَ حَي كريمٌ يستَحْيي أَنْ يرفَعَ الرجلُ إِليهِ يديهِ ثُمَّ يردُّهُما صِفْراً خائبتينِ »، إِنَّ العبدَ إِذا تعرَّضَ لفضْلِ اللهِ وَرحمتهِ ينبغِي لهُ أَنْ يَسْعَى في تحقيقِ كلِّ ما يكُونُ سَبباً لإِجابةِ دعوتِهِ، وإنَّ أعظمَ ما يمنعُ من إجابةِ الدَّعواتِ: أَنْ يقَعَ الإنسانُ في شيءٍ مِنَ الشركِ، فالشركُ ظلمٌ عظيمٌ، والظلمُ سببٌ لحجبِ إِجابَةِ الدُّعاءِ، وَلذلكَ نفَى جلَّ وعَلا في كتابهِ فلاح الظالمين في مواضع من كتابه فقال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾[يوسف:23].

وَمِنْ عدَمِ فلاحهمْ أنْ لا يبلغهمُ اللهُ تَعالَى مُراداتِهمْ، وَلا يُوصلِهُمْ إِلَى مَطْلُوباتِهِمْ، والشركُ ظلمٌ بنصِّ القُرْآنِ، قالَ جلَّ في عُلا: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[لقمان:13]، فالشركُ ظلمٌ كبيرٌ يمنعُ منْ إجابةِ الدَّعواتِ، ولذلِكَ أَمَرَ اللهُ تَعالَى بأنْ يَكُونَ الدُّعاءُ خالِصاً لهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، ﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾[الأعراف:29]، بلْ إنَّ اللهَ تَعالَى أَخْبرَ في كِتابِهِ أَنَّهُ قَبِلَ دُعاءَ المشْركينَ لما أخلَصُوا لَهُ الدُّعاءَ، قالَ جَلَّ وعَلا: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾[العنكبوت:65]، وقالَ سُبحانَهُ: ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴾[لقمان:32].

فتمامُ الإِخْلاصِ سَببٌ لإجابةِ الدُّعاءِ، كَما أَنَّ غِيابَهُ سَببٌ لردِّ الدُّعاءِ فَقَدْ قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسلمَ فيما يخبرُ بِهِ عَنِ اللهِ عزَّ وجلَّ فِيما رواهُ الإِمامُ مسلمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُريرةَ: « أَنا  أَغْنَى الشُّركاءِ عَنِ الشركِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ معِي غيري تركتهُ وَشركهُ »، فَإِذا وقَعَ الدَّاعِي في الشركِ بِاللهِ عزَّ وجلَّ فإنَّ اللهَ تعالَى يتركهُ وَدُعائَهُ، فلنحرِصْ عَلَى الإِخْلاصِ أَيُّها المؤْمِنُونَ وَالمؤْمِناتُ، والإِخْلاصُ هُوَ تحقيقُ لا إلهَ إلَّا اللهُ، بأَنْ يَكُونَ دُعاءُكَ سالماً مِنَ الشركِ في قصدكَ، وفي لفظِكَ، فَلا تتوجَّهْ إِلَى غيرِ اللهِ تَعالَى في حاجَتِكَ، وَلا في مَقاصِدِكَ، فاللهُ هُوَ الصَّمَدُ سُبْحانَهُ وَبِحمدِهِ، الَّذي يتوجَّهُ إِليهِ كُلُّ الخلقِ، فجميعُ الخلْقِ يُنزلونَ حاجاتهِم بهِ سُبحانَهُ وبحمدهِ، كَما أنهُ يجبُ أنْ يكونَ لفظُ الدُّعاءِ سالماً من الشركِ، خالِصاً مِنْ ذَارئعِهِ وَوسائِلهِ كالتوسُّلِ المحرمِ.

أيها الأخوة والأخوات! إن من أعظم أسباب منع إجابة الدعاء: الانتفاع بالمال المحرم، سواءً كان أكلاً أو شرباً أو لبساً أو تغذيةً، وجاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين »، فقال جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾[المؤمنون:51]، وقالَ سُبحانهُ وبحمدهِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾[البقرة:172]، ثمَّ ذكرَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الرجلُ يُطيلُ السفرَ أَشعثَ أغبرَ يمدُّ يديهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ، يا ربُّ، ومطمعهُ حرامٌ، ومشربهُ حرامٌ، وملبسهُ حرامٌ، وغُذِيَ بِالحرامِ، أيْ: شَبعَ مِنَ الحرامِ، فأَنَّى يُستجابُ لِذلكَ، أَيْ: فكيفَ يُستجابُ لِذلكَ، فَهَذا رجلٌ قامَتْ فيهِ عدَّةُ أسبابٍ مِنْ أَسْبابِ إِجابَةِ الدُّعاءِ، فهُوَ في سَفَرٍ طويلٍ، وهُوَ أَيْضاً عَلَى حالٍ مِنَ التبذُّلِ وَالفقْرِ وَالهيئةِ الَّتي تَستوجِبُ الرحمَةَ ما قالَ فِيهِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أشعثَ أغبرَ، ثُمَّ إِنَّهُ كانَ عَلَى حالٍ مِنَ التضرُّعِ في مَقالهِ وَحالِهِ، فقَدْ مد يديهِ إِلَى السَّماءِ وَقالَ لِسانهُ: يا ربُّ، يا ربُّ، يسأَلُ اللهُ تَعالَى عوْناً، أَوْ إِغاثَةً، أَوْ إِجابَةً، أَوْ كَشْفَ كُربةٍ، لم يبْنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ مَسْألتَهُ، إِنَّما أخبرَ عَنْ حالِهِ وأنهُ يسأَلُ اللهَ عزَّ وجلَّ مَسألَةً مِنَ المسائِلِ، لكِنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ في بَيانِ سَببِ منْعِ إِجابَتِهِ: « ومطعمهُ حرامٌ، ومشربهُ حرامٌ، وملبسهُ حرامٌ، وغُذِيَ بِالحرامِ، فأَنَّى يُسْتَجابُ لِذلكَ »، فَكانَ أَكْلُ المحرَّماتِ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبابِ مَنْعِ إِجابَةِ الدَّعواتِ، ولذلكَ كانَ الأَتْقياءِ يتوقَّوْنَ مِنْ قَلِيلِ الحرامِ حتَّى لَوْ وَصَلَ إِليهمْ وهُمْ لا يشعُرُونَ.*656

فقدْ جاءَ في صحيحِ البُخاريِّ عنْ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قالتْ: كانَ لأَبي بكْرٍ غلامٌ يخرج لهُ الخراجَ، وكانَ أبُو بكرٍ يأكلُ مِنْ خراجهِ فجاءَ يَوْماً بشيءٍ فأكلهُ أبو بكرٍ، فقالَ لهُ الغُلامُ: أتدْري ما هَذا؟ قالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: وَما هوَ؟ قالَ العبْدُ: كنتُ تكَهَّنْتُ لإِنْسانٍ في الجاهِلِيَّةِ وَما أُحْسِنُ الكَهانَةَ إِلَّا أَنِّي خدعْتُهُ فأَعْطاني بذلِكَ، فَهَذا الَّذِي أكَلْتَ مِنْهُ، فأَدْخَلُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُ يدهُ فَقاءَ كُلَّ شيءٍ في بطنهِ، إِنَّه توَقَّي منْ ذَلِكَ الكَسْبِ المحرمِ الَّذِي هُوَ سببٌ منْ أَسْبابِ مَنْعِ الخيرِ عَنِ الإنْسانِ.
وقدْ جاءَ في رواية لأَحْمدَ في الزُّهْدِ فَقِيلَ لأَبي بكْرٍ: يرحَمُكَ اللهُ، كُلُّ هَذا مِنْ أَجْلِ هذهِ اللُّقْمةِ، قالَ: لوْ لمْ تخرجْ إِلَّا مَعَ نفْسِي لأخرجْتُها، سمعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقُولُ: « كُلُّ جسدٍ نبتَ مِنْ سُحْتٍ فالنارُ أَوْلَى بِهِ »، فخشيتُ أن يَنبتَ شَيءٌ مِنْ جَسَدي مِنْ هذهِ اللقمةِ.

فينبغِي لَنا أيُّها الإخوةُ والأَخَواتُ أَنْ نحرِصَ عَلَى طِيبِ مأْكَلِنا، وَمَشْرَبِنا، وَمَلْبَسِنا، وَما نُغْذَى بِهِ، فإنَّ شُؤْمَ المالِ الحرامِ عَظِيمٌ.

إنَّ مِنْ مَوانعِ إِجابَةِ الدُّعاءِ: الاسْتِعْجالُ في حُصُولِ المطلُوبِ، فقَدْ جاءَ في الصحيحينِ مِنْ حَديثِ أَبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ قالَ: « يُسْتجابُ لأَحَدِكُمْ ما لم يعْجَلْ يَقُولُ: دعَوْتُ فلمْ يُسْتجَبْ لي »، وَفي لفظٍ لمسلمٍ قالَ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّم: « لا يزالُ يُسْتجابُ لِلعبْدِ ما لم يَدْعُوا بإِثْمٍ أوْ قَطِعيةِ رَحِمٍ ما لمْ يستعجلْ »، قيلَ: يا رَسولَ اللهِ ما الاستعجالُ؟ قالَ: « يقولُ: قدْ دعوْتُ وقَدْ دعوتُ فلَمْ أَرَ يُستجابُ لي فيستحسرُ عندَ ذلكَ ويدَعُ الدُّعاءَ ».

فينبغِي للمؤمنِ أَنْ يعلَمَ أَنَّ اختيارَ اللهِ تَعالَى لهُ خيرٌ مِنَ اختيارهِ لنفسهِ، فَلا يكُونُ تأخُّر أمَدِ العَطاءِ مَعَ الإِلحاحِ في الدُّعاءِ، مُوجِباً ليأْسِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعالَى وإِحْسانهِ، فهُوَ الذي ضَمِنَ لكَ الإِجابَةَ فِيما يختارُهُ لَكَ لا فيما تختارهُ لِنَفْسِكَ، وما اختارهُ اللهُ لكَ خيرٌ مما تختارهُ لِنفسكَ، وَفي الوقتِ الَّذي يريدُهُ جلَّ وَعَلا لا في الوقْتِ الَّذِي تريدُ، فإنهُ الحكيمُ الخبيرُ سُبْحانَهُ وبحمدهِ.

وإنَّ منْ مَوانعِ إِجابةِ الدُّعاءِ: أَنْ يدْعُوا الإنسانُ بإثمٍ أوْ قطيعةِ رحمٍ كَما جاءَ في الصحيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّم قالَ: « لا يزالُ يُسْتجابُ للعبدِ ما لم يدْعُ بإثمٍ أوْ قَطِيعَةِ رَحمٍ »، فينبغِي للؤمنِ أنْ يحرصَ أَنْ يسلَمَ دُعائَهُ مِنَ الإِثْمِ وَقطيعةِ الرحمِ، وَالدُّعاءِ بالإثْمِ هُوَ سُؤالُ اللهِ تَعالَى كلَّ محرمٍ، فَلا يجوزُ لأَحدٍ أَنْ يسأَلَ اللهُ تَعالَى ما حرَّمَهُ علَيْهِ، كَما لا يجوزُ لهُ أَنْ يسألَهُ ما يُفْضِي إِلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ والفسادِ بينَ الناسِ، فإنَّ ذلكَ كُلَّهُ مِنْ مَوانعِ إجابَةِ الدُّعاءِ.

وقولهُ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ: « ما لم يَدْعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رَحمٍ »، يشملُ سُؤالَ كُلِّ المحرَّماتِ، فإنهُ لا يجوزُ لمؤمنٍ أنْ يسألَ اللهَ تَعالَى شيئاً منَ المحرَّماتِ، كَسُؤالِ اللهِ تعالَى الإعانةَ علَى المعاصِي أوْ تيسيرَها، أَوْ حُصُولهَا، أَوْ انْتِشارَها، أَوْ ما أَشْبَهَ ذلِكَ.

وأَمَّا قولُهُ: « أَوْ قطيعة رحمٍ »، فالمقصُودُ بِقَطِعيةِ الرَّحِمِ: هُوَ أَنْ يَدْعُوا اللهُ تَعالَى بما تنقطعُ بِهِ الحقُوقُ، وَبما يحصُلُ بهِ التظالمُ بَيْنَ الناسِ، ولذلكَ قالَ بعضُ أهْلِ العلمِ: يدخلُ في الرحمِ جميع حقُوقِ المسلمينَ وَمظالمهِمْ.

أيُّها الإخوةُ والأخواتُ!  إنَّ منْ أَسْبابِ عدمِ إِجابَةِ الدُّعاءِ: أنْ يَدْعُوا الإِنْسانُ بدعاءٍ وهُوَ ذُو قلبٍ غافلٍ، فإنَّ القلْبَ الغافِلَ اللَّاهِي لا يُدْرِكُ مَطْلُوباً، وَلا يحصِّلُ مَرْغُوباً، بَلْ هُو ممنوعٌ محجوبٌ منَ الخيرِ، لذلكَ جاءَ في ما رواهُ الترمذيُّ وغيرهُ مِنْ حديثِ أبي هريرةَ رضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: « ادعُوا اللهَ وأنتُمْ مُوقِنونَ بالإجابَةِ، واعْلَمُوا أنَّ اللهَ لا يستجيبُ دُعاءً مِنْ قلبٍ غافلٍ لاهٍ »، فليكُنْ دُعاءَكَ أَيُّها المؤمِنُ وأَيَّتُها المؤْمِنَةُ بِقَلْبٍ حاضرٍ يتدبَّرُ الكلماتِ، وَيَعِي ما يَقُولُ، يقِفُ عِنْدَ أَسماءِ اللهِ عزَّ وجلَّ الَّتي يذْكُرُها، ويدْعُوهُ بأسمائِهِ الحسْنَى المناسِبَةِ فيقُولُ: يا رحمنُ ارْحَمْني، وَيا غفَّارُ اغفِرْ لي، وَيا رزَّاقُ ارزُقْني، وَما إِلَى ذلِكَ مِنَ الأَدْعيةِ الَّتي ينبغِي أَنْ يَتواطأَ فِيها اللسانُ والقلْبُ عَلَى إدراكِ المعاني وَحُضورِ القلبِ في أَثْناءِ السُّؤالِ لِيُدْرِكَ مَأْمولهُ، ويحسن مَطلوبَهُ.

أيها الإخْوةُ والأَخواتُ إِنَّ مِنْ أسبابِ إِجابةِ الدُّعاءِ: أَنْ يتركَ الناسُ الأَمْرَ بالمعروفِ والنهْيَ عَنِ المنكَرِ، فقدْ جاءَ في حديثِ حُذيفةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: « وَالَّذِي نفْسِي بيدِهِ لتأمُرُّنَّ باِلمعروفِ ولتنهونَّ عَنِ المنكَرِ أَوْ ليُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يبعَثَ عَليكُمْ عِقاباً مِنهُ فتَدْعُونَهُ فَلا يَستجيبُ لَكُمْ »، فاحرِصُوا أَيُّها المؤْمِنونَ والمؤمناتُ عَلَى القِيامِ بأمْرِ اللهِ عزَّ وَجَلَّ، وَامتثالِ ما أمركُمْ بهِ تعالَى في خاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ، وَفي مجتمعاتكُمْ، فإنهُ ما استُجلِبَتِ الخيراتُ، وَلا استُدْفِعَتِ البلِياتُ بمثلِ تَقوَى اللهِ تَعالَى، ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ﴾[الأعراف:96]، وقدْ قالَ بَعْضُ السلفِ: لا تستبطئِ الإجابَةَ وقَدْ سدَّدْتَ طَرِيقَها بِالمعاصِي، وأَخَذَ ذلكَ بَعضُ الشعراء فَقالَ:

نحنُ ندعُو الإلهَ في كُرَبٍ * ثم ننساهُ عندَ كشْفِها

كيفَ نرجُو إِجابةً * قدْ سددْنا طَرِيقَها.

اللهمَّ أعِنَّا علَى طاعتكَ، واصرِفْ عَنَّا معصيتَكَ، واجعَلْنا مِنْ حِزْبِكَ وأَوْلِيائِكَ، وإِلَى أَنْ نَلْقاكُمْ في حلقةٍ قادمَةٍ منْ برنامجكُمْ فَإِنِّي قريبٌ، أَسْتودعِكُمُ اللهَ الَّذِي لا تضيعُ ودائِعُهُ، والسلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ. 

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95845 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91671 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف