×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مطبوعة / خطبة : أهمية الدعاء

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:86169


100- أهمِّيَّةُ الدُّعاءِ .


الخطبة الأولى


ِإنَّ الْحَمْدَ لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.


أَمَّا بَعْدُ.


فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، وَاشْكُرُوهُ جَلَّ وَعَلا حَقَّ شُكْرِهِ، أَجابَ دُعاءَكُمْ، وَرَحِمَ ضَعْفَكُمْ، وَفَرَّجَ كَرْبَكُمْ، وَأَغاثَ بَلاءَكُمْ، فَلَهُ الحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ حَمْداً كَثِيراً، لَهُ الحَمْدُ سُبْحانَهُ حَمْداً نَلْتَزِمُ فِيهِ شَرْعَهُ، وَنَقِفُ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، فاعْمَلُوا عِبادَ اللهِ شُكْراً، فَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِ اللهِ الشَّكُورُ.


أَيُّها المؤْمِنُونَ.


إِنَّ مِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ تَعالَى وَرَحْمَتِهِ بِعِبادِهِ أَنْ جَعَلَ دُعاءَهُ وَسُؤْالَهُ عِبادَةً مِن أَفْضَلِ العِباداتِ، وَقُرْبَةً مِنْ أَجَلِّ القُرُباتِ، فَعَنِ النُّعْمانِ بِنْ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «الدُّعاءُ هُوَ العِبادَةُ»([1])، فَجَعَلَ اللهُ سُبْحانَهُ بِمَحْضِ فَضْلِهِ وَعَظِيمِ إِحْسانِهِ وَبِرِّهِ سُؤالَ عِبادِهِ وَدَعاءَهُمْ لُبَّ عِبادَتِهِ وَأَساسَها: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾([2]).


أَيُّها المؤْمِنُونَ.


إِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ وَتَعالَى أَمَرَكُمْ بِدُعائِهِ، وَوَعَدَكُمْ الإِجابةَ فَضْلاً مِنْهُ وَمِنًّا، فَقالَ تَبارَكَ وَتَعالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾فَاسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ أَيُّها المؤْمِنُونَ، بِدُعاءِ اللهِ وَسُؤالِهِ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ تَوَعَّدَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ دُعائِهِ بِالعِقابِ الأَلِيمِ، وَالعَذابِ المهينِ:﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي –أَيْ دُعائِي وَمَسْأَلَتِي –سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾([3])وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  أَنَّ النَّبِيَّ  صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: (مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ)([4]).


فَاسْأَلُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، وَاطْلُبُوا مِنْهُ كُلَّ حاجاتِكُمْ، دَقِيقَها وَجَلِيلَها، قَرِيبَها وَبَعِيدَها، فَإِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ بِيَدِ اللهِ، لا مانِعَ لما أَعْطَى وَلا مُعْطِيَ لما مَنَعَ، قالَ تَعالَى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ([5])قالَتْ أُمُّ المؤْمِنينَ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْها: "سَلُوا اللهََ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الشّسْعَ أَيْ: حَتَّى سيْرَ النَّعْلِ - فَإِنَّ اللهَ لَوْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ"([6]).


فَسَلُوا اللهَ عِبادَ اللهِ كُلَّ شَيْءٍ، فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ عَبْدَهُ الَّذِي يَسْأَلُهُ وَيَتَمَلَّقُهُ، وَيُنْزِلُ بِهِ حَوائِجَهُ، وَيُلِحُّ في سُؤالِهِ وَطَلَبِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحانَهُ جَوادٌ كَرِيمٌ، يَداهُ مَبْسُوطَتان، يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ، فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ العالمينَ، بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.


أَيُّها المؤْمِنُونَ.


إِنَّ مِنْ تَمامِ جُودِ اللهِ تَعالَى وَكَرَمِهِ، وَمِنْ كَمالِ غِناهُ وَقَيُّومِيَّتِهِ، أَنَّهُ سُبْحانَهُ وَتَعالَى يَعْرِضُ عَلَى عِبادِهِ مَسْأَلَتَهُ وَطَلبَهُ، فَفِي "الصَّحِيحَيْنِ"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  أَنَّ النَّبِيَّ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وَتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَه؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟»([7]).


فَيا عَبْدَ اللهِ، أَيُّ غُبْنٍ، وَأَيُّ خَسارَةٍ، في تَرْكِ سُؤالِ رَبٍّ جَوادٍ كَرِيمٍ، بِيَدِهِ الخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ


رَبٌّ بَلَغَ جُودُهُ وَغِناهُ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي عِبادَهُ لِيَسْأَلُوهُ مِنْ كُلِّ ما يُرِيدُونَ، قالَ وَهْبُ بْنِ مُنَبِّهْ رَحِمَهُ اللهُ لِرَجُلٍ كانَ يَأْتِي بَعْضَ الأَغْنِياءِ لِيُعْطُوهُ: وَيْحَكَ، تَأْتِي مَنْ يُغْلِقُ عَنْكَ بابَهُ، وَيُظْهِرُ لَكَ فَقْرَهُ، وَيُوارِي عَنْكَ غِناهُ، وَتَتْرُكُ مَنْ يَفْتَحُ لَكَ بابَهُ، وَيُظْهِرْ لَكَ غِناهُ، وَيَدْعُوكَ إِلَى مَسْأَلَتِهِ: ادْعُنِي أَسْتَجِبْ لَكَ([8])


فاجْتَهِدُوا عِبادَ اللهِ في سُؤالِ مَوْلاكُمْ جَلَّ وَعَلا مِنْ كُلِّ ما تَشاؤُونَ، فِإِنَّكُمْ لا تَعدِمُونَ خَيْراً ما سَأَلْتَمُوهُ وَرَجَوْتُمُوهُ، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قالَ: (ما مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو لَيْسَ بِإِثْمٍ وَلا قَطِيعَةِ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطاهُ اللهُ إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوْتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَها لَهُ في الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها) فَقالَ أَحَدُ الصَّحابَةِ: إِذاً نُكْثِرُ يا رَسُولَ اللهِ؟ فَقالَ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اللهُ أَكْثَرُ)([9]).


َأيُّها المؤْمِنُونَ.


إِنَّ دُعاءَ اللهِ تَعالَى وَسُؤالَهُ وَالتَّضُرُّعَ وَالشَّكْوَىَ إِلَيْهِ مِنْ أَنْفَعِ الأَدْوِيَةِ، فَالدُّعاءُ عَدُوُّ البَلاءِ، يُدافِعُهُ وَيُعالِجُهُ وَيَمْنعُ نُزُولَهُ وَيَرْفَعُهُ وَيُخفِّفُهُ، فَـلا يُهِمُّكَ مَعَ الدُّعـاءِ وَالتَّضَرُّعِ أَحَدٌ، فَعَنْ ثَوْبانَ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «لا يَرُدُّ القَضاءَ إِلَّا الدُّعاءُ»([10]).


فَيا أَيُّها المؤْمِنُونَ.


ادْعُوا اللهَ وَاسْأَلُوهُ، وَاحْرِصُوا عَلَى الأَخْذِ بِآدابِ الدُّعاءِ، الَّتِي تَزِيدُ في أَجْرِهِ، وَتُغَلِّبُ إِجابَتَهُ، فَإِنَّ لِلدُّعاءِ آداباً وَاجِبَةً وَمُسْتَحَبَّةً، لهَا أَثَرٌ بالِغٌ في تَحْصِيلِ المطْلُوبِ، وَالأَمْنِ مِنَ المرْهُوبِ.


فَمِنْ آدابِ الدُّعاءِ الواجِبَةِ: أَنْ يُخْلِصَ العَبْدُ في دُعائِهِ للهِ تَعالَى، فَلا يَدْعُو َمعَهُ أَحَدَاً، بَلْ يَدْعُوهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، كَما أَمرَ اللهُ بِذَلِكَ: ﴿وَأَنَّ المسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾([11]).


فَدُعاءُ غَيْرِ اللهِ وَسُؤالُهُ كَدُعاءِ الأَمْواتِ مَثَلاً أَوِ الأَحْياءِ شِرْكٌ، تُحْبَطُ بِهِ الأَعْمالُ، وَيُجْنَى بِهِ غَضَبُ اللهِ الواحِدِ القَهَّارِ، فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، وَوَحِّدُوهُ بِالسُّؤالِ وَالدُّعاءِ وَالطَّلَبِ: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾([12]).


أَيُّها المؤْمِنُونَ.


إِنَّ مِنْ آدابِ الدعاءِ: دعاءَ اللهِ بأسمائه الحسنى وصفاتِه العليا، والثناءَ عليه وحمدَه، كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ ([13]).


ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّلاةُ عَلَى خاتَمِ الرُّسُلِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  قالَ:"إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِوَالأَرْضِ لاَ يَصْعَدُ مِنْهُ شَىْءٌ حَتَّى تُصَلِّى عَلَى نَبِيِّكَ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  "([14]).


وَمِنْ آدابِ الدُّعاءِ أَيُّها المؤْمِنُونَ: الدُّعاءُ بِالخَيْرِ، وَالبُعْدُ عَنِ الإِثْمِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالاسْتِعْجالِ، فَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" قالَ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«يُسْتَجابُ لِلعَبْدِ ما لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ»([15]) ، وَفِيهِ أَيْضا ً: «يُسْتَجابُ لأَحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي »([16]) ، وَيَقُولُ: «قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أُرَ يُسْتجابُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدْعُ الدُّعاءَ»([17]).


وَمِنْ آدابِ الدُّعاءِ أَيُّها المؤْمِنُونَ: حُسْنُ الظَّنِّ بِاللهِ تَعالَى، فَإِنَّ اللهَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذا دُعاهُ، قالَ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإجابَةِ »([18]).


وَقالَ عُمَرُ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : "أَنالا أَحْمَلُ هَمَّ الإِجابَةِ، وَلَكِنْ أَحْمِلُ هَمَّ الدُّعاءِ، فَمَنْ أُلْهِمَ الدُّعاءَ فَإِنَّ الإِجابَةَ مَعَهُ".


عِبادِ اللهِ،إِنَّ مِنَ الأَسْبابِ المهِمَّةِ الَّتي يَحْصُلُ بِها إِجابةُ الدُّعاءِ إِطابَةَ المأْكِلِ وَالمشْرَبِ وَالملْبَسِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  قالَ: قالَ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّباً، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ، يا رَبِّ يا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرامٌ، وَغُذِّيَ باِلحرامِ، فَأنَّى يُسْتَجابُ لِذَلِكَ؟!»([19]).


فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، وَذَرُوا كُلَّ كَسْبٍ حَرامٍ، فَإِنَّ ما يَفُوتُكُمْ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، بِسَبَبِ الكَسْبِ الحرامِ، أَضْعافَ أَضْعافَ ما تُحِصِّلُونَهُ مِنْ لِذَّةٍ زَائِلَةٍ، أَوْ فَرْحَةٍ كاذِبَةٍ، وَيَكْفِيكَ مِنْ هَذا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلا: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾([20])


 


الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ


أَمَّا بَعْدُ.


فَيا أَيُّها المؤْمِنُونَ أَكْثِرُوا مِنْ سُؤالِ اللهِ تَعالَى وَدُعائِهِ في الشِّدةِ وَالرَّخاءِ، وَالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، فَإِنَّ الدُّعاءَ عِبادَةٌ جَلِيلَةٌ، يَرْفَعُ اللهُُ بِها الدَّرَجاتِ وَيَحُطُّ بِها الخِطِّياتِ، وَتُحَصَّلُ بِها المأْمُولاتُ وَالمطْلُوباتُ، وَقَدْ قالَ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  في وَصِيِّتِهِ لابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: ( تعرَّفْ على اللهِ في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشَّدَّةِ )([21]).


فاجْتَهِدُوا يا مَنْ تَرْجُونَ النَّوالَ، وَتُؤَمِّلُونَ جَوابَ السُّؤالَ، اجْتَهِدوا في دُعاءِ اللهِ تَعالَى، تَحَرَّوْا أَوْقاتِ الإِجابَةِ، كَساعَةِ يَوْمِ الجُمُعَةِ، وَجَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَبَيْنَ الأَذانِ وَالإقامَةِ، وَأَدْبارِ الصَّلَواتِ المكْتُوباتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الأَوْقاتِ الفاضِلَةِ.


ادْعُوا اللهَ بِقُلُوبٍ حاضِرَةٍ خاشِعَةٍ مُنْكَسِرَةٍ ذَلِيلَةٍ، أَلِحُّوا في الدُّعاءِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، تَوَسَّلُوا إِلَيْهِ جَلَّ وَعَلا بِأَسْمائِهِ وَصِفاتِهِ، ارْفَعُوا أَيْدِيكُمْ حالَ دُعائِكُمْ ، إِلَّا في الأَحْوالِ الَّتي لَمْ يُرِدْ فِيها رَفْعُ اليَدَيْنِ.


اسْتَقْبَلُوا القَبْلَةَ حالَ الدُّعاءِ، احْمَدُوا اللهِ تَعالَى وَأَثْنَوا عَلَيْهِ بِكُلِّ خَيْرٍ، صَلُّوا في دُعائِكُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَحْسِنُوا الظَنَّ بِاللهِ تَعالَى، وَأَمِّلُوا مِنْهُ الخَيْرَ، ثُمَّ اعْلَمُوا بارَكَ اللهُ فِيكُمْ أَنَّ دُعاءً، تَوَفَّرَتْ فِيهِ هَذِهِ الصِّفاتُ، لا يَكادُ يُردُّ أَبَداً.


 








([1]) أخرجه أبو داود ( 1479)، والترمذي(2969)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه ، وصححه الترمذي.              




([2]) سورة غافر (14) .            




([3]) سورة غافر (60) .            




([4]) أخرجه الترمذي ( 3373) ، وَالبُخارِيُّ في "الأَدَبِ المفْرَدِ " (2 / 114)، وَابْنُ ماجَهْ ( 3827) ، وَأَحْمَدُ (2 / 443 ، 477) وَقالَ التِّرْمِذِيُّ : ( لا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذا الوَجْهِ ) .




([5]) سورة يونس (107).        




([6]) أخرجه أبو يعلى 4/312.




([7])" صحيح البخاري" (1145)، ومسلم(758).  




([8]) حلية الأولياء 4/43.




([9]) أخرجه أحمد (3/18) ، والحاكم (1/670 ، رقم 1816) وقال : صحيح الإسناد".




([10]) أخرجه الترمذي (2139)،والطبرانى (6/251)، والبزار (6/502)،وقال الترمذي :" حسن غريب".




([11]) سورة الجن (18) .          




([12]) سورة الرعد (14) .         




([13]) سورة الأعراف (180) .




([14]) أخرجه الترمذي (486)، قال الحافظ في "نتائج الأَفْكارُ":"أَخْرَجَهُ مَوْقُوفاً، وَفِي سَنَدِهِ أَبُو قُرَّةَ الأَسَدِيِّ لا يَعْرِفُ اسْمَهُ وَلا حالَهُ، وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَلا أَصْحابِ السُّنَنِ إِلَّا هَذا الموْقُوفِ، وَهُوَ مِنْ رِوايَةِ النَّضْرِ بِنْ شُمَيْلٍ عَنْهُ، وَقَدْ رَواهُ مُعاذُ بْنِ الحارِثِ عَنْ أَبِي قُرَّةَ مَرْفُوعاً، أَخْرَجَهُ الواحِدَّيُ، وَمِنْ طَرِيقِهِ عِبْدُ القادِرِ الرَّهاوِيُّ في الأَرْبَعِينَ، وَفي سَنَدِهِ أَيْضاً مَنْ لا يَعْرِفُ".




([15]) أخرجه مسلم (2735) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.            




([16]) أخرجه البخاري (6340)، ومسلم ( 2735).




([17]) أخرجه مسلم (2735) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.                            




([18])أخرجه الترمذى (3479) وقال: حديث غريب . والحاكم (1/670) ، وقال :" مستقيم الإسناد" ، وتعقبه الذهبى فى التلخيص بأن فيه صالح المرى متروك .




([19]) أخرجه مسلم (1015) .  




([20]) سورة البقرة (276) .      




([21]) أخرجه أحمد (2800) بإسناد صحيح.

الاكثر مشاهدة

2. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80633 )
3. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74892 )
5. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات62122 )
6. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56451 )
8. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53437 )
11. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات51065 )
12. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50836 )
13. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46119 )
14. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45677 )
15. خطبة: أهمية العلم الشرعي ( عدد المشاهدات43662 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف