×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / فضائيات / خطورة الحسد وطرق التخلص منه

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:18915

المقدم: صاحب الفضيلة لعل من حديث في مستهل هذه الحلقة يكون حول داء وبلاء هي آفة انتشرت نسأل الله أن يعصمنا منها والمشاهدين، نريد أن نقف مع الحسد ـ يا شيخ ـ يعني مع خطورته وسبله وطرق التخلص منه.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

الحسد هو كراهية نعمة الله ـ تعالى ـ على الغير هذا هو تعريفه في معناه وحقيقته، فمن قام في القلب كراهية أن الله أنعم على فلان بمال، أنعم على فلان بصحة، انعم على فلان بولد، أنعم على فلان بوظيفة، أنعم على فلانة بنسب، بجمال، بقبول عند الناس، كل هذا يندرج في معنى الحسد.

الحسد: هو كراهية أن تكره أن الله أنعم على زيد أو أنعم على فلان من الناس أو فلانة من الناس هذا هو الحسد ؛ لأنه عمل قلبي منطلقه الكراهية كراهية إنعام الله ـ تعالى ـ على الغير، من العلماء من يقول: إنه الحسد أمر زائد على الكراهية ليست فقط الكراهية، بل تمنى زوال نعمة الله ـ تعالى ـ عن فلان أو عن فلانة والحقيقة إن التمني أمر زائد عن مبعث القضية في الحسد، هو أن تكره نعمة الله ـ تعالى ـ على الغير فإذا كرهت، وإذا تمكن ذلك من قلبك حملك على أن تتمنه أن الله ما أنعم على فلان أو أن يزيل الله ـ تعالى ـ النعمة عن فلان وهذا في الحقيقة مزيد اعتداء ودرجة أعلى من الدرجة السابقة؛ لأن الدرجة السابقة مجرد كراهية، لكن هنا لا كراهية وأمنية وهي أن يزيل الله ـ تعالى ـ النعمة عن فلان أو عن فلانة.

الحسد من أمراض القلوب وهو من أقدم ما عصي الله ـ تعالى ـ به فقد عصا الله ـ تعالى ـ إبليس بسبب الحسد حيث قال له: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ[ص: 75]في تبرير ما هو عليه من عدم السجود أأسجد لمن خلقت طينا في موضع ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ طِينٍ[ص: 76] ففي عدد من الآيات ترجمة الذي حمل إبليس على ترك السجود هو ما قام في نفسه من حسد آدم حيث أنعم الله ـ تعالى ـ عليه بأن أسجد له ملائكته وخصه بهذه الخاصية أن خلقه الله ـ تعالى ـ بيده.

ولذلك كان الشيطان لما خلق آدم كما في الصحيح صحيح الإمام مسلمصحيح مسلم (2611) خلقه الله ـ تعالى ـ وجعله أجوف وكان إبليس يطيف به وينظر إلى خلقه ويتأمل كل هذا كان لما في قلبه أو لما في نفسه من كراهية من أنعم الله به على هذا المخلوق قبل أن ينفخ فيه الروح لما كان صلصال حمأ مسنونًا وصلصال من فخار حصل ما حصل من هذا التطواف على جثمان بني آدم على أبيهم حسدًا وكراهية لما أنعم الله ـ تعالى ـ به عليه.

أيضًا أول معصية وقعت في الأرض في القتل كانت بسبب الحسد كما قال الله ـ تعالى ـ :﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ[المائدة: 27] ما السبب؟ ما الحامل؟ ما قام في نفسه من الكره على هذه النعمة والحسد الذي أنعم الله عليه بالقبول.

يوسف ـ عليه السلام ـ وإخوته أيضًا أصل هذه القصة كلها كان من شأن الحسد، فالحسد قضية يعني ينبغي أن يعرف أنها ليس قضية حادثة إنما هي قضية قديمة في بني آدم ولا تختص فئة من الناس، من الناس من يقول أهل هؤلاء الجهة أو أهل هذه البلد حسدة وعيانون وأشبه ذلك والحقيقة أن الحسد لا يعرف منطقة ولا يعرف جنسية ولا يعرف لونًا ولا يعرف دينًا، بل هو في الناس كلهم هذا شيء موجود في بني آدم كسائر خصالهم لكن الحسد يختلف فيه الناس من الناس من يحكم هذا الشعور ويبعده ويتخلى عنه فيسلم وينجو كما قال الشاعر:

فَإِن تَنجُ مِنها تَنجُ مِن ذِي عَظيمَةٍ    وَإِلاّ فَــإِنّــي لا إِخـالُكَ نـاجِـيـا

هذا الذي يوفقه الله ـ تعالى ـ بالتخلص من هذه الآفة ومنهم من يستسلم لها هنا درجات للاستسلام لها منهم من يقتصر على الكراهية، ومنهم من يتولى زوال النعمة عن الغير، ومنهم من يسعى في إزالتها، ومنهم من يصغر نعمة الله على الآخرين صور كثيرة يترجم بها الحسد من البغي والعدوان والظلم للخلق.

النبي –صلى الله عليه وسلم-حذر من الحسد، بل نزلت سورة في القرآن تعالج هذه القضية كما في سورة الفلق قال الله ـ تعالى ـ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِمِنْ شَرِّ مَا خَلَقَوَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِوَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ[الفلق: 1-5] فذكر الله ـ تعالى ـ الحسد في سياق ذكر ما يستعاذ منه من الشرور وقرنه في الذكر مع السحر وكلاهما من الأخطار التي تفسد حياة الناس وتفسد معاشهم.

وقد حذر النبي –صلى الله عليه وسلم-فبين عظيم تأثيره على الناس وقدم حصوله فقد قال في حديث الزبير بن العوام عن أنس وعن غيره أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «دبَّ إليكم داءُ الأُمَمِ قبْلَكم؛ الحسَدُ والبَغضاءُ».سنن الترمذي (2510)

إذًا هو داء قديم ليس حديثًا كما ذكرنا في السرد وتعرض لأبرز الأحداث التي ذكر الله تعالى فيها وقائع كانت جرائم وشرك وقتل وأذى ومكر كله كان ناشئ عن الحسد، أيضًا بينت النصوص عظيم التأثير الذي يحصل على الإنسان بالحسد فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الحسدَ ليأكلُ الحسناتِ كما تأكلُ النَّارَ الحطبَ»سنن أبي داود (4903)، وسنن ابن ماجة (4210) ونحن في أيام الشتاء الناس يوقدون الحطب للتدفئة أوقد حطبًا وانظر كيف تفعل هذه النار بالحطب؟ كيف تسيره بعد أن كان صلبًا قويًا قد يكون نضرًا، قد يكون عظيمًا، إلى رماد هذا الرماد لا ينتفع منه ولا يستفاد بشيء ولا وزن له ولا قيمة، إنما يأخذه الناس ويتخلصوا منه هكذا حسنات تتلاشى بالحسد كما تتلاشى تلك الأخشاب وذلك الحطب بهذا النار وما أسرع تلاشيها تلك الحسنات التي اكتسبتها بسبب هذه الآفة التي تعمر قلبك.

لذلك من الضروري أن يخلي الإنسان نفسه الحسد وأن يحرص على ألا ينفعل له ولا يستجيب له، ولذلك جاء في قول بعض السلف وما قاله بعض الأئمة وحكى شيخ الإسلام ابن تيمية قال: لا يخلو جسد من حسد لكن الكلم يخفيه أي يزيله ويتنحى عنه وألا يظهره ويبعد عن قضاه واللئيم يبديه ـ أي يظهره ـ وبالتالي ينبغي أن يحرص الإنسان على طيب سريرته ويعرف أن الحسد لن يجلب له الخير ولن يدفع عنه ضر، كما أنه لم يزيل نعمة الله على الآخرين ولن يأتي بها إليه تلك أقسام وعطايا من رب العالمين لا يفعل الحسد شيئًا في إذهاب خير أو جلب نفع للإنسان، بل لا يزيده إلا هلاكًا وشرًا وضررًا.

لهذا أحرص على الإنسان إلى الناس فإن الإحسان إلى الناس والفرح بما أنعم الله تعالى به عليهم مما يزيل ما في نفسك من هواجس وساوس قد تحملك على كراهية نعمة الله تعالى على غيرك.

لهذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم-كما في الصحيحين من حديث أنس «لا يؤْمِنُ أحَدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه -أو: لجارِه- ما يُحِبُّ لنفْسِه»صحيح البخاري (13)، وصحيح مسلم (45)

إذًا هي المرتبة الإيمانية القوية ليست في ألا تكره نعمة الله على غيرك، بل أن تحب لهم ما تحب لنفسك من الخير فانظر إلى البون الشاسع بين الحاسد وبين المؤمن.

المؤمن يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير، والحاسد يكره نعمة الله ـ تعالى ـ على غيره سواء تمنى زوالها أو لم يتمنى زوالها ينبغي أن يعرف أنه الحسد هو الكراهية ولهذا لو كان الإنسان يأمل أن ينال ما نال غيره من الخير فهذا لا بأس به هذا تنافس كونه يشوف شخص من الله عليه بعلم، من الله عليه بغنى، من الله عليه بقبول، من الله عليه بصحة، من الله عليه بوظيفة، وأنا أتمنى أن الله يمن علي بمثل ما من عليه لا بأس عليه لا حرج هذا لا بأس لا حرج هذا لا بأس به والله تعالى وجه إلى سؤاله عند وجود التفاضل فيما ذكر –جل وعلا-قال: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ[النساء: 32] الطريق التي تحصل بها تلك الأماني ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا[النساء: 32]

إذًا من أراد تحقيق تلك الأماني التي يأملها في الخير وفي الفضل وفي نعيم الآخرة وفضل الدنيا عليه أن يسأل الله ـ تعالى ـ من فضله وأن يعينه على تسخيرها فيما يمضيه جل في علاه هذا هو الطريق وبه يسلم القلب.

وأنا أقول ما أحد يمكن يحكم بأنك حاسد إلا أنت، أنت أعلم بقلبك فتفقده، لأنه الحسد يحرق القلب كما هذا توضيح نبوي لأثر الحسد على الحسنات وهو في الحقيقة تصوير للنار المشتعلة في القلب، فإن القلب قلب الحاسد يشتعل كلما أنعم الله على من يحسبه ازداد غبنًا وغيظًا ويعني يهلك نفسه ولذلك قيل: ليس ثمة ذنب أنصف من الحسد فإنه أنصف من صاحبه لأنه اصطلى بنار سيئته.

ولذلك ليس ثمة ظالم في صورة مظلوم كما هو شأن الحاسد فالحاسد يحترق ويتعب ويتكدر خاطره وكل ما أنعم الله على فلان ضاق صدره ويبدو أنه والله مسكين، وهو في الحقيقة هو ظالم لكنه يبدو في صورة مظلوم، لهذا أقول من المهم أن نطهر قلوبنا وأن نرجو ما عند الله السبق الحقيقي أنك أنت تفوز بما عند الله كل هذه الدنيا بما فيها من ألوان التسابق هي في الحقيقة زيارة سرعان ما تذهب وسرعان ما تنقشع فلو بلغت ما بلغت في الدنيا نعيمًا ومكانة ومنزلة من أشياء التي يتسابق لها الناس سرعان ما تنتزع منها الله ـ تعالى ـ يقول: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا[الحديد: 20] هكذا هي حياتنا وهذا كل ما يتسابق الناس إليه.

لهذا لا ينبغي ألا يشعر الإنسان بفوات فيما فاته من أمر الدنيا إنما السبق الحقيقي والتفاوت الحقيقي في أن يسابق فيما عند الله –عز وجل-ولهذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «لا حسدَ إلَّا في اثنتينِ رجلٍ آتاهُ اللَّهُ مالًا فصرفَهُ في سبيلِ الخَيرِ ورجُلٍ آتاهُ اللَّهُ عِلمًا فعلَّمَه وعملَ بِهِ»صحيح البخاري (73)، وصحيح مسلم (815) هذا هو الحسد الحقيقي وهنا الحسد ليس المقصود به الحسد المذموم اللي تتمني به زوال نعمة الله ـ تعالى ـ عن غيرك، إنما تتمنى أن تنال من الخير في طاعة الله –عز وجل-ما نال هذا أو ذاك هذا في تعليم العلم وهداية الخلق، وهذا في نفق المال ونفع الهبات لذلك يدرك الإنسان الخير.

إذًا ينبغي أن نطهر أنفسنا وقلوبنا وأن نسأل الله أن يرزقنا قلوبا سليمة فإن القلب السليم سعادة لصاحبه في الدنيا قبل الآخرة، الإحسان للخلق هو مما يزيل عن النفس ما تجده من غضاضة الدعاء بطهارة القلب من الأسباب، كثرة ذكر الله من الأسباب، الإحسان إلى من تجد في نفسك حسدًا عليه من الأسباب.

وأنا أقول الحسد غالبًا يحصل دائمًا بين الأقران المتقاربين يعني ما أحد يروح يحسد مثلا الرئيس أو الملك بعيد يعني هو لا يشعر بنفسه لأنه يشعر أنه البون كبير بعيد بينه وبين منزلة ذاك، لكن في الغالب أنه التحاسد يكون بين الأقران بين المتقاربين فإذا رأى أنه الله أنعم على زميله في عمله في مكتبه أو في مدرسته أو في مكان شغله نعمة وجد في نفسه والله هذا يعني أنا أحق به.

يا أخي الله أعلم حيث يجعل فضله وإنعامه وهو الذي يتولى القسمة بين الناس كما قال تعالى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ[الزخرف: 32] الله –عز وجل-هو الذي يتولى القسمة والله خبير فيما يعطي وفيما يمنع فارضي بقسمة الله وافرح بالخير الذي يسوقه الله لغيرك، واعلم أن فرحك سيكون سببًا لسعادتك وأن يسوق الله ـ تعالى ـ لك وإليك أفضل مما تتمنه.

المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخ وجزاكم خيرًا.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89962 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86964 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف