×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / فضائيات / التصوير الحديث بين الحرمة والإباحة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:6013

المقدم:صاحب الفضيلة إن أذنتم موضوع هذه الحلقة كنا قد وعدنا المشاهدين بأن تتحدث عنه هذا الأسبوع، وكان قد سألت عنه اختنا أم محمد من الجزائر حول الشخصيات الكرتونية يا شيخ، هذه الشخصيات الخيالية عن اقتناء الأطفال لها، وأكثر أطفالنا هم يعني مولعون ومغرمون بها، أو بعض الحيوانات التي تكون عليها أيضًا بعض الشخصيات الكرتونية يا شيخ، اقتناء الأطفال لهذه اللعب هذا أولًا، ثم الأمر الآخر بعض الملابس التي قد تكون عليها بعض الرسومات لشخصيات كرتونية، نأخذ هذا أولًا حفظكم الله.

الشيخ:الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد...

هذه الشريعة المباركة شريعة أحكم الحاكمين رب العالمين، هي شريعة جاءت بالخير في كل أحكامها، ليس في أحكام الشريعة ما لا مصلحة فيه بل كل أحكام الشريعة دائرة على تحقيق المصالح ودفع المفاسد، وإذا انطلق المؤمن من هذا المنطلق في نظر الأحكام الشرعية فإنه سيزيد انشراحًا في الامتثال ولن يكون عنده مشكلة مع النصوص إذا قال الله ـ تعالى ـ في أمر إنه حرام، فلن يعارض ذلك ولن يجادل حتى ولو لم يتبين له وجه التحريم، كما قال الله ـ جل في علاه ـ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ[الأحزاب:36]فليس هناك مجال للمناقشة بعد وضوح حكم الله وحكم رسوله، إلا أن من المهم أن نفهم حكم الله وحكم رسوله، وإذا تبين لنا شيئًا من حكم الله وحكم رسوله أنه قضاء الله، أو أنه قضاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعند ذلك مقتضى الإيمان التسليم والإذعان، مقتضى الإيمان الانقياد والقبول، وأن لا يكون هناك تردد في قبول حكم الله مهما كان ثقيلًا على النفس، فإن قبول أحكام الشريعة هو ترجمة الإيمان.

في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاءه أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ لما نزل قول الله ـ تعالى ـ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[البقرة:284]، هذه الآية انشقت على أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى جاءوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقولون: يا رسول الله كُلفنا ما نطيق من الصلاة، والصوم، والصدقة، ونزلت علينا آية لا نطيقها وهي قوله ـ تعالى ـ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[البقرة:284]، تبدو ما في أنفسكم أي تظهروه، أو تخفوه تستروه، يحاسبكم به الله فالمحاسبة واقعة على ما ظهر وعلى ما استتر.

 ما يجول في القلب أمر لا يمكن للإنسان أن يضبطه وأن يتحكم فيه في كل أحواله، فقد يسترسل وقد يدهمه هاجوس أو وسواس أو أفكار، فيمضي معها فشق ذلك على الصحابة فكان أن جاءوا يشكون إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه المشقة، لأنهم يتعاملون مع النصوص تعامل القبول والاستجابة والعمل ليس فقط للسماع كما هو شأن كثير من الناس، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أتُرِيدُونَ أنْ تَقُولوا كما قالَ أهْلُ الكِتابَيْنِ مِن قَبْلِكُمْ سَمِعْنا وعَصَيْنا؟ بَلْ قُولوا :سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ، قالوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وإلَيْكَ المَصِيرُ»صحيح مسلم (125)، كما قالت اليهود لموسى لما أمرهم بما أمرهم سمعنا وعصينا قال: قولوا سمعنا وأطعنا، قالوا: سمعنا وأطعنا، يقول أبو هريرة: فلما اقترأها القوم يعني أكثروا من قراءة هذه الآية وذلت بها ألسنتهم أصبحت تقرأ وتتلى على وجه لا معارضة فيه، قال: نزل قوله ـ تعالى ـ: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ[البقرة:285]. الحكم الآن ما هو؟ عقدي أو تكليفي عملي؟

الحكم تكليفي عملي لكن شهد لهم بالإيمان رب العالمين، فقال: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ[البقرة:285]، جاء التخفيف: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286]، بعد أن شهد لهم وزكاهم بأنهم قبلوا حكم الله جاء التخفيف من رب العالمين.

إذًا الخلاصة من هذا الشاهد أو من هذا الحديث أنه ينبغي للمؤمن إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يسلم. فيما يتعلق بهذه المقدمة لأنه هناك من يدخل في كثير من الأحكام بالنظر العقلي بمعنى أنه يقول: أما أسأل: لماذا حرم الله كذا؟ فإن تبين لي لماذا حرم الله الحكم الفولاني أو المسألة الفولانية أو القضية الفولانية قبلت وانقدت، واستجبت، وإذا لم يتبين لي سبب التحريم عند ذلك أتوقف أو أتردد أو أجد في نفسي حرج من قبول هذا الحكم، هذه الإشكالية ناتجة عن ضعف اليقين، عن ضعف الإيمان، ولو كان الإيمان راسخًا لما تردد في قبول الحكم، ولا أوقف الحكم على الاقتناع العقلي.

لا يعني هذا أنه الأحكام الشرعية ليست معللة، ما من حكم إلا وله علة، ما من قضية جاءت في الشريعة إلا ولها سبب لكن هذا السبب قد يكون معروفًا، قد يهتدي به الإنسان، قد لا يهتدي إليه، قد لا يتبين له إلا أن هناك سبب فالله ـ تعالى ـ حكيم، فقال ـ جل وعلا ـ: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ[هود:1]. فما في شيء إلا وفيه حكمة، ليس هناك شيء في التشريع إلا وفيه حكمة، الحكمة الجامعة لكل التشريع أنه لمصلحة العباد ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ[الأنبياء:107]، الحكمة الجامعة لكل التشريع تحقيق العبودية لله ـ عز وجل ـ هذه الحكم لا تخفى ولا تغيب عن أي تفصيل من تفاصيل أحكام السريعة أنه رحمة للخلق، تحقيق لمصلحتهم، درأ المفسدة عنهم، أيضًا تحقيق العبودية، فالأمر والنهي لأجل أن يحقق الناس العبودية هذا من الحكم التي جاءت بها الشريعة في كل أحكامها، وفي كل تشريعاتها.

إذا كان ذلك فللنطلق من هذا الأصل في النظر لكل أحكام الشريعة، بعد هذه المقدمة الإجمالية نأتي للسؤال التصوير: لماذا حرم الله التصوير؟

عندما ننظر في النصوص الواردة في السنة النبوية نجد أن التصوير ورد فيه من التحذير والتنفير ما لم يرد في غيره، فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ: «كلُّ مُصوِّرٍ في النَّارِ، يُجْعَلُ له بكلِّ صورةٍ صوَّرها نفسٌ فتُعذِّبُه في جهنَّمَ»صحيح مسلم (2110)، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا الحديث في صحيح الإمام مسلم من حديث ابن عباس، وجاء في رواية البخاري لهذا الحديث من طريق عكرمة عن ابن عباس، من طريق قتادة، ومن طريق أنس النضر بن أنس بن مالك، ومن غيره هذه الطرق أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «مَن صَوَّرَ صُورَةً في الدُّنْيا كُلِّفَ يَومَ القِيامَةِ أنْ يَنْفُخَ فيها الرُّوحَ، وليسَ بنافِخٍ»صحيح البخاري (5963)، وصحيح مسلم (2110)،وفي حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في الصحيحين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «إنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذابًا عِنْدَ اللَّهِ يَومَ القِيامَةِ المُصَوِّرُونَ»صحيح البخاري (5950)، وصحيح مسلم (2109)، وفي حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ في الصحيح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «إنَّ أشدَّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ الَّذين يضاهونَ بخلقِ اللهِ»صحيح البخاري (5954)، وصحيح مسلم (2107).

وفي حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «وَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، ولْيَخْلُقُوا ذَرَّةً»صحيح البخاري (5953)،هذا المجموع من الأحاديث المنفرة المشددة في قضية التصوير تجعل المؤمن على وجل من التصوير، وخوف منه؛ لأنه كل هذه العقوبات شديدة، كلها تدل على أن التصوير من كبائر الذنوب؛ لأنه رُتب عليه عقوبة أخروية، ورتب عليه أيضًا عقوبة دنيوية، العقوبة الدنيوية منع مصاحبة الملائكة، ففي الصحيحين من حديث أبي طلحة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ ولا تَصاوِيرُ»صحيح البخاري (5949)،وفي حديث أبي جحيفة في صحيح الإمام البخاري قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «ولَعَنَ المُصَوِّرَ»صحيح البخاري (2086).

فكل هذه الأحاديث تدل على الأمر الخطير في قضية التصوير، لكن هذه النصوص النبوية على أي شيء تتنزل؟ يعني بمعنى آخر ما هو التصوير الذي يندرج في هذه النصوص؟ هل هو كل صورة؟ هذا سؤال نحتاج أن نجيب عليه، إذا كنا نقول: كل صورة فمعنى هذا أنه جميع ما تظهر فيه صورة الإنسان من فعله فإنه يكون محرمًا، وعلى هذا لا يجوز للإنسان أن يقف أمام المرآة؛ لأن المرآة تعكس الصورة، فهذا الآن لو وقفت أمامه يعني ما أدري هو يظهر أو لا لكن ظهرت صورة يدي، كذلك أضع وجهي الآن يعكس صورة الوجه، وبالتالي الآن هذا العكس صورة، هل هذا يدخل؟ لما أجي أنا في مرآة منصوبة في البيت أو في مكان غسل اليدين وأقف أمامه هل أنا مصور؟ أدخل في أشد الناس عذابًا؟

الإجماع منعقد على أنه هذا لا يدخل في التصوير المحرم  فليس هذا من التصوير المحرم، إذًا عرفنا أن الأحاديث ليست على إطلاقها، هذه مقدمة عرفنا أنه هذا ليس من الذي يدخل في عموم هذه الأحاديث التي ورد فيها التحذير من التصوير؛ لأنه لو كان كذلك لما جاز استعمال المرآة ولحذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ذلك، ولبين أنه داخل في التحريم. فالإجماع منعقد على أن صورة الإنسان في الماء إذا وقف الإنسان يطل على ماء في بئر أو ماء في بركة أو في بحر وانعكست صورته، أو صورته في المرأة كل هذا لا يدخل في التحريم فليس داخلًا في قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:  «إنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذابًا عِنْدَ اللَّهِ يَومَ القِيامَةِ المُصَوِّرُونَ»صحيح البخاري (5950)، وصحيح مسلم (2109)، وبقية الأحاديث الأخرى التي تقدم ذكرها.

إذًا نحن نحتاج إلى أن نحدد ما هي مواصفات الصورة المحرمة حتى نعرف ما الذي يدخل في الحديث وما الذي لا يدخل فيه؟

النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حذر من التصوير، وأمر بطمس التصاوير كما في حديث علي ابن أبي طالب: بعثنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أن أدع قبر مشركًا إلا سويته، وأن لا أدع صورة إلا طمستها، الآن ما هو التصوير بعد أن خرجنا هذا؟

التصوير لا يخلو من حالين: إما أن يكون تصوير ما فيه روح، أو تصوير ما لا روح فيه، تصوير ما لا روح فيه مثل الشجرة، مثل البر، الشعيرة، مثل البحار، الجبال، كل هذا من خلق الله، فما حكم تصويره؟

بعض العلماء يقول: أن تصويره محرم، لكن هذا ليس بصحيح، وعامة علماء الأمة على إباحة تصوير ما روح فيه، طيب بماذا يجيبون عن قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، ولْيَخْلُقُوا ذَرَّةً»صحيح البخاري (5953)، يوحي بأنه يحرم تصوير ما لا روح فيه، كل ما هو من خلق الله فلا يجوز تصويره؛ لأنه فيه مضاهاة لخلق الله، هذا قال به بعض أهل العلم لكن العامة من علماء الأمة قديمًا وحديثًا على أن ما لا روح فيه يجوز تصويره، لماذا؟ لماذا أخرجوا مع قوله: «فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، ولْيَخْلُقُوا ذَرَّةً»صحيح البخاري (5953)؟

أخرجوا ما لا روح فيه؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر في عقوبة من يُعذب في الآخرة بأنه يكلف أن ينفخ فيها الروح، فجعل الروح حاضرة في العقوبة، ذاك أنه إذا صور صورة كُلف أن ينفخ فيها الروح، فإذا لم تكن الصورة فيها روح فإنها لا تدخل في النهر، وعلى هذا ذهب عامة العلماء حتى أن رجلًا جاء إلى ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ يسأله قال: أني أصنع وأصور التصاوير، أفتني، فقال له: أدنوا، فاقترب، قال: ادنوا أيضًا فدنا منه فوضع يده على رأسه، فقال له ما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «مَن صَوَّرَ صُورَةً في الدُّنْيا كُلِّفَ يَومَ القِيامَةِ أنْ يَنْفُخَ فيها الرُّوحَ، وليسَ بنافِخٍ»صحيح البخاري (5963)، وصحيح مسلم (2110)،، فوجد الرجل في نفسه حرجًا ومشقة؛ لأن هذا مصدر تكسبه، فقال: فإن كنت لابد فاعلًا فاعمد إلى هذه الأشجار والجبال فصور، يعني إذا كنت ولابد فاعمد إلى هذه الأشجار التي لا روح فيها فصور ما شئت مما لا روح فيه.

إذًا خرج أيضًا من النصوص في تحريم التصوير ما لا روح فيه، أيضًا القسم الثاني ما فيه روح، ما فيه روح ينقسم إلى قسمين: إما أن يكون لا ظل له، ليس له ظل كالتصاوير التي تُرسم في الجذر أو التي تُرسم على الثياب أو التي تُنقش وليس لها ظل، هذا قسم. القسم الثاني ما له ظل من التصاوير، ما له ظل من التصاوير وفيه روح عامة الفقهاء على أنه محرم، وقد حكى بعضهم الإجماع عليه، بعضهم حكى الإجماع على أنه لا يجوز، ومن حكى الإجماع على ذلك القرافي من فقهاء المالكية.

ما له ظل وهو ذو روح يعني حي، حيوان، إنسان، فإنه إذا كان له ظل فإنه لا يجوز، وعلى هذا التماثيل التي توضع على وجه الزينة على المكاتب حصان، فرس، أو توضع نًصب في الشوارع، هذا مما يدخل في قول عامة العلماء تدخل فيما جاءت فيه النصوص من الوعيد، وأنها محرمة. طبعًا بعض المعاصرين ولعل له مستند في قول بعض المتقدمين أنه لا بأس بهذه التصاوير التي لا تُعبد من دون الله، لكن عامة العلماء أنهم لا يفرقون في هذه التصاوير بين ما يُعبد من دون الله وما لا يُعبد من دون الله.

القسم الثاني من التصاوير التي لها روح ما لا ظل له وهذا كالتصاوير التي في الجدر، التصاوير التي في الثياب، التصاوير التي في الأوراق، هذه العلماء جمهورهم على تحريمها، ونقصد بالتصاوير هنا التي ينقشها الإنسان ويصورها بيده، فهذه جمهور العلماء على تحريمها. وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه لا بأس فيها، وأنها جائزة استنادًا إلى ما جاء في حديث أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فيه صُورَةٌ. قالَ بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بنُ خالِدٍ فَعُدْناهُ، فإذا نَحْنُ في بَيْتِهِ بسِتْرٍ فيه تَصاوِيرُ، فَقُلتُ: لِعُبَيْدِ اللهِ الخَوْلانِيِّ: ألَمْ يُحَدِّثْنا في التَّصاوِيرِ؟ قالَ إنَّه قالَإلَّا رَقْمًا في ثَوْبٍ، ألَمْ تَسْمَعْهُ؟ قُلتُ: لا، قالَ: بَلَى، قدْ ذَكَرَ ذلكَ»صحيح البخاري (3226)، وصحيح مسلم (2106).

الرقم يعني الرسم باليد في ثوب فإنه مما يؤذن فيه، هذا مما ذهب إليه جماعة من العلماء، أكثر الفقهاء على أنه لا فرق بين أم له ظل وما لا ظل له في التحريم، هذا تصوير وذكر لكلام العلماء ـ رحمهم الله ـ في مسألة التصوير وخلافهم، وما فيه وفاق، وما لا خلاف فيه، مما يتصل بهذين النوعين المستثنى من التصوير المحرم لعب البنات، وقد جاء فيها الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإقرارها حيث جاء في حديث عائشة أنها كان لها لعب من البنات تلعب بها، ورآها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأقرها على ذلك وهذا في الصحيحين، في صحيح البخاري وأيضًا جاء في النسائي، وجاء في غيرهما وأظنهما في مسلم أيضًا، إقرار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عائشة على البنات اللواتي كانت تلعب بهن، وهذا دليل على أنه لا بأس بما له ظل إذا كان يُستعمل استعمالًا صحيحًا من تربية البنات على اللعب، من وسائل التعليم أو ما أشبه ذلك مما يلتحق بها في مصلحة منغمر فيها ما يتعلق بالمحذور الذي من أجله جاء التحذير والتنفير عن التصوير.

ما يتعلق بالصور التي لا تثبت غير الدائمة أيضًا رخص فيها جماعة من العلماء فرخصوا في الصور التي لا تدوم، تزول سريعًا كصور بعض العجين الذي يذهب أو الأطعمة التي تصور فيها صور لها روح، وتفنى سريعًا تذوب أو تؤكل أو... فهذه مما رخص فيها العلماء، والأحوط والأسلم لدين الإنسان أن يبعد عنها لكن لو استعملها فلا حرج ـ إن شاء الله تعالى ـ أما أن يصورها فليجتنب تصوير ما له روح حتى ولو كان سريع الزوال؛ لأنه سرعة الزوال من عدمه ليست مؤثرة ولا يجرؤ الإنسان أن يقدم على مثل هذه المحرمات الخطيرة التي ورد فيها الوعيد بناء على أن هذه سريعة الزوال، فصورة المحرم موجودة، المضاهاة وُجدت ولو كانت زالت الصورة.

فينبغي للمؤمن أن يتجنب حتى ما هو سريع الزوال لكن فيما يتعلق بالاستعمال لو اشترى بسكوت فيه تصاوير لا بأس أن يستعمله إذا كان له رغبة فيه أو حاجة إليه؛ لأنه سيفني هذه الصورة، سيزيل هذه الصورة باستعماله وأكله لكن المبدأ عندنا التصوير الفعل وهو صناعة الطعام على هذا النحو نقول: هو داخل في عموم الأحاديث الواردة في التحريم، أما مسألة استعمال ذلك أو اقتناء هذا لأجل الأكل فلا حرج فيه؛ لأنه وسيلة إلى طمسه، وسيلة إلى إذهاب الصورة المحرمة.

عندنا مسألة أخرى وهي مسألة من مسائل العصر، التصوير الفوتوغرافي أو تصوير الفيديو الذي هو عبارة عن صور متلاحقة، هل هذا يدخل في نصوص التحريم؟

للعلماء في ذلك قولان: منهم من يرى أن التصوير الفوتوغرافي داخل في عموم الأحاديث لأنه مضاهاة لخلق الله، وصورة في عموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذابًا عِنْدَ اللَّهِ يَومَ القِيامَةِ المُصَوِّرُونَ»»صحيح البخاري (5950)، وصحيح مسلم (2109)، وعلى هذا القول كل هذا الشغل الذي يراه الناس هذا محرم، لماذا؟

لأنه هذا الصورة التي الآن، أرى وترى أنت من خلالها، لقطات متتابعة تجري بحيث أنه يركب منها هذا العرض الذي يراه المشاهدون وبالتالي هذا تصوير متتابع، تصوير بالثانية، تصوير بجزء الثانية لأن الذي ينقل الصورة فبالتالي على هذا القول لا يجوز التصوير، ولا يجوز استعمال هذه الوسائل حتى لو كان للنفع العلمي أو ما إلى ذلك؛ لأن هذا تصوير محرم.

القول الثاني وهو قول الجماعة من العلماء أنه ليس هذا من التصوير المحرم، هذا التصوير سواء أن كان تصويرًا فوتوغرافيا أو تصويرًا سينمائيًا بالفيديو هذا ليس تصويرًا محرمًا، لماذا ليس تصويرًا محرماً؟

لأن هذا خلق الله، هذا كما لو فتحت علينا دريشة، لو فتحت علينا النافذة أو طاقة وتنظر من خلالها، الآن يعني لا فرق هو في الحقيقة نقل للواقع، المصور الآن الإخوة الذين يقومون بعملية النقل هؤلاء لا يشكلون صورنا، ولا يقومون أبدًا بالتدخل في إظهار أشكالنا، إنما هذا هو خلق الله، هذه الصورة التي خلقنا الله تعالى عليها هذا نقل حي لما نحن فيه أو حتى لو لم يكن صورة، فقط صورة يعني ثابتة هي صورة لنا ليس للمصور دخل في تشكيلها، لم يصور عينًا، ولم يرسم أنفًا، ولم يشكل فمًا، وبالتالي هذه الصورة لا تدخل في التصوير المحرم، وإلى هذا ذهب جماعة من العلماء من أقدم من وقفت على إباحة شيخنا الشيخ عبد الرحمن السعدي من علماء المملكة، وشيخنا محمد بن العثيمين يرى أن هذا لا يدخل في التصوير المحرم، وأما علماء العالم الإسلامي فكثير من علماء العالم الإسلامي يرون أن هذا التصوير لا يدخل في التصوير المحرم، وهذا هو القول الراجح، وهذا وجه واضح وبين أنه هذا ليس من التصوير المحرم.

طيب إذا قلنا: أن هذا ليس من التصوير المحرم وهو الراجح فلا يدخل في نصوص الوعيد فيجوز أن يستعمل الإنسان الصورة سواء أن يصور عبر كاميرا تصوير أو من خلال الجوالات، أو من خلال أي وسيلة للتصوير كل هذا جائز لا حرج فيه، من حيث التصوير لكن لو الإنسان يجي يصور شيء متجسسًا على أحد، يجي يتجسس ويصور نقول له: حرام لأنه تجسس، يصور مثلًا مرأة متبرجة نقول: حرام لأن المرأة متبرجة، لكن الفعل اللي هو عملية التصوير هذه ليست داخلة في المحرم، نفس التصوير عملية كبس الزر، الضغط على الزر الذي يوقف الصورة ويحبسها ويظهرها هذه عملية جائزة ليست من التصوير المحرم.

لكن قد يقترن بالتصوير مفاسد أخرى، تجسس، تصوير محرمات، إشاعة فاحشة، أذية، كل هذا له أسباب للتحريم أخرى منفكة عن الفعل نفسه. هذه النظارة الآن هي جائزة لكن لو ألبسها حتى أرى شيئًا محرمًا هي ليست محرمة لكن نظري في المحرم هو الذي لا يجوز. القلم هذا شراءه لا بأس به لكن لما أجي أكتب به كلامًا محرمًا هو التحريم في الكتابة وليست في الآلة إذًا التصوير آلة، والتحريم فيما يمكن أن يصطحب بعملية التصوير من محاذير شرعية.

فيما يتعلق بجانب آخر وهو جانب اقتناء هذه الصور إذا قلنا: التصوير حلال، الفوتوغرافي ليس حرامًا، هل يجوز اقتناؤه؟

من العلماء من يرى أنه حتى إذا قلنا بأن اللي يقول: حرام هذا لا يجيز اقتناؤه، لكن الذي يقول: حلال، انقسموا إلى قسمين: منهم من يقول: لا يجوز اقتناؤه إلا لحاجة، أما اقتناؤه للذكرى رحنا نحن وإياك رحلة مثلًا أو أردنا أن نصور لأجل الذكرى فهذا لا يجوز، لماذا؟

قالوا: لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ ولا تَصاوِيرُ»صحيح البخاري (5949)، فقالوا: أن الملائكة لا تدخل دل ذلك على عدم جواز الاقتناء كما أنه لا يجوز أن يبقى في البيت كلب فإنه ينقص أجر صاحب –غير كلب الحراسة والمأذون فيه والصيد والحرف- هؤلاء قالوا: لا يجوز، لماذا؟ لماذا قالوا: لا يجوز؟

قالوا: لأن هذا صورة والملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة، وممن قال بهذا القول شيخنا محمد بن العثيمين ـ رحمه الله ـ فهو يجيز التصوير لكن لا يجيز الاحتفاظ به للذكرى، هو يقول: يجوز احتفاظ ما كان توثيقًا أو ما كان لحاجة كالصور التي للوثائق والأوراق الرسمية أو ما أشبه ذلك.

القول الثاني أنه يجوز اقتناؤها، وأن قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ ولا تَصاوِيرُ»صحيح البخاري (5949)، محمول على الصورة المحرمة، وليس على الصورة المباحة وبالتالي كل ما حل تصويره جاز اقتناؤه، وهذا القول من حيث النظر في القواعد أصوب واقرب إلى الصواب. وأنا أقول: بالمثال يتبين المقام، الكلب الذي للحراسة يجوز بقاؤه في البيت أو لا؟

نعم، طيب لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب، هل يمكن أن يستدل بعموم هذا على عدم اقتناء الكلب الذي للحراسة؟

الجواب لا؛ لأنه هذا مستثنى، إذًا كلب في قوله: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب، البيت الذي لا يجوز اقتناؤه، ومثله أيضًا في الصورة نقول: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة، الصورة التي لا يجوز اقتناؤها أما ما يجوز اقتناؤه من التصاوير فإنه لا مانع من حفظه سواء أن كان ذلك على وجه المتعة، أو كان ذلك للذكرى، أو كان ذلك لما كان من العلل فيجوز اقتناء الصور التي يجوز تصويرها، وعليه اقتنيت، وضعت في ألبوم، وضعت في درج، وضعت في كتاب، وضعت على الطاولة لا حرج في هذا.

تأتي مسألة أخرى ولعلنا نختم لأنا طولنا في الموضوع بس هذا عاد ضريبة التأخير حتى نستوعب كل الأسئلة التي وردت حول هذا الموضوع، التعليق تعليق الصور؟

تعليق الصور إذا كانت صور معظمة فلا يجوز تعليقها، وقال بعض أهل العلم هي يُكره تعليقها؛ لأن أصل التحريم ومن علل تحريم التصاوير هو أنها ذريعة في أمم سبقت إلى عبادة غير الله، فلذلك كل ما كان من التصاوير معظمًا فإنه يجب إزالته ولا يجوز تعليقه، وبالتالي إذا كانت هذه الصور للتعظيم فإنه لا يجوز لكن إذا كانت هذه الصور للتعريف مثل صور الانتخابات التي تُعلق في الشوارع،  هذه ما يعلق صورته ويعرف بفلان اسم فلان حتى يعرفه الناس ويعرفوا صورته، هذا ليس للتعظيم فلا حرج في التعليق.

ما كان في البيوت إذا كان للتعظيم فأيضًا نقول: تركه واجب، وأما إذا كان لغير التعظيم فالأولى ترك تعليقه؛ لأن تعليقه كرهه عامة العلماء، وقد كره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعليق صورة في سهوه وقال لعائشة ـ رضي الله عنها ـ: أميطي عنا كرامك، فإن أصحاب هذه التصاوير يعذبون يوم القيامة، هذا ما يتعلق بمسائل الصور والتصوير الحديث، والتصوير القديم والخلاف الذي فيه، وما يستثنى وما لا يستثنى.

أسأل الله ـ تعالى ـ أن يرزقنا الفقه في الدين والعمل به.

المقدم:اللهم آمين، أحسن الله إليكم وجزاكم خيرًا.

المادة السابقة
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89951 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86962 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف