×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / ثبت الأجر / الحلقة(25)أثر الصيام في تزكية النفوس

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

(الحلقة الخامسة والعشرون) أثر الصيام في تزكية النفوس   الحمد لله رب العالمين، أحمده جل في علاه، وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله وعليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات! هكذا هي أيام الشهر تنقضي ولياليه تمضي، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلني وإياكم من المقبولين، وأن يختم لنا وإياكم بالصالحات، وأن يستعملنا وإياكم فيما يحب ويرضى من الطاعات. اللهم تقبل منا الصيام والقيام، وأعنا على الصالحات والخيرات يا ذا الجلال والإكرام. أيها الإخوة والأخوات! الله جل في علاه أمر العباد بأن يسلكوا إليه صراطا مستقيما، وهذا لسعادتهم وبرهم، لفرحهم وبهجتهم في الدنيا والآخرة، فالذي يستفيد من الطاعات هم الطائعون، والذي يجني فائدة الاستقامة على ما أمر الله به فإنه يعيش سعيدا في دنياه ويلقى فلاحا وفوزا في أخراه: ﴿فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز﴾+++[آل عمران:185]---. فنسأل الله تعالى أن يزحزحنا وإياكم عن النار، وأن يدخلنا الجنات. أيها الإخوة والأخوات! الصوم له تأثير بالغ في تقويم السلوك على الصراط القويم، الصوم له أثر كبير في تزكية النفوس وتجريتها، وإنه سبيل طويل يعين الإنسان على كف شر أكبر أعدائه إنه الشيطان الرجيم نعوذ بالله منه، ذاك الذي قعد للناس بالمرصاد فهو على الصراط المستقيم قاعد يمنع الناس ويصدهم، وقد قال فيما أخذ على نفسه من العهد والميثاق في كلامه لرب العالمين: ﴿قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم﴾+++[الأعراف:16]---. والقاعد هو المتمكن مما يريد، المتمكن من جلسته فهو قاعد على الصراط المستقيم، ماذا يفعل؟ ﴿ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين﴾+++[الأعراف:17]---، هذه هي النتيجة لهذا السعي هو صد الناس عن الشكر، صد الناس عن العبادة، والشكر هنا مقصوده العبادة كما قال تعالى: ﴿وقليل من عبادي الشكور﴾+++[سبأ:13]---، إن أكثر الناس يتورطون في هذا الكيد، فإنه كيد عظيم من حيث دوامه، ومن حيث تلونه وتنوعه، لكن الله تعالى إذا أعان العبد ويسر له الهدى كان هذا كيدا ضعيفا لا يعيق الإنسان عن السير، ولذلك قد حمى الله تعالى أولياؤه وعباده المتقين فقال: ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان﴾+++[الحجر:42]---، وهذا يدل على أنه لا يتسلط على من حقق العبودية، وإن الصوم من أبرز العبادات التي يضيق بها على الشيطان عمله، ولذلك جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار» وهذا إيذان بكثرة الخيرات وقلة أسباب البليات والشر والرداء والنار، نعوذ بالله، قال صلى الله عليه وسلم: «وسلسلت الشياطين» وسلسلت الشياطين هو تقييدها فالسلسلة تستعمل للتقييد، ولذلك في بعض الروايات: «سلسلت». وفي بعض الروايات: «غلت الشياطين» وغلها أي: أنها لا تصل إلى ما تريد من البشر، هذا الغل هو ليس فقط لأجل ما يكون من موافقة زمان معين، إنما لأجل ما يقوم به الصائمون من الأعمال فالأعمال لها آثار على السلوك والخلق والمسار والمنهج والطريقة والسنة، فكل هذا مما يتأثر به مسلك الإنسان، فإذا قام العبادة على الوجه الذي يرضى الله تعالى عنه كانت مؤثرة على مسلكه، كانت مؤثرة على عمله، ولهذا جاء في الصحيحين في بيان أن الشيطان يتخلل عمل الإنسان جاء في الصحيح من حديث صفية رضي الله عنها أنها كانت تعود النبي صلى الله عليه وسلم في اعتكافه، وجلست معه مرة فلما أرادت أن تخرج إلى بيتها قلبها شيعها حتى يوصلها فقام معها إلى باب المسجد، فمر رجلان فرأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا مع امرأة، فكأنهما خفا في سيرهما أسرعا المسير، لعلهما قصدا ألا يحرجا النبي صلى الله عليه وسلم أو ألا يشوشا عليها ما هو فيه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «على رسلكما» أي: تمهلا في المسير «إنها صفية» أي: إن هذه المرأة التي أقف معها ليست من الأجانب ولا من الغرائب ولا من البعيدات، إنما هي زوجتي صفية فقالا: سبحان الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم مبينا سبب هذا التنبيه: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يلقي في قلوبكما شرا». الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولا سبيل لتضييق هذا إلا بالاستعانة بالله تعالى، ومن الأعمال التي تضيق بها مجاري عمل الشيطان هو الصوم، ولهذا سلسلة الشياطين في هذا الشهر، لأن الصائمين قد ضيقوا على هذا الشيطان مجاله ومجراه فضاق عمله وتأثيره، ولهذا أقول يا إخواني ويا أخواتي، من المهم أن نستشعر هذه الفائدة العظيمة من فوائد الصيام، فإنها فرصة لنا أن نقوم سلوكنا، ولكن ينبغي أن نعلم أنه لا يفيد قوله صلى الله عليه وسلم: «سلسلة الشياطين» أن الشيطان قد منع من كل عمل في هذا الشهر، أو أنه لا يقع في هذا الشهر شيء من المعاصي، بل بعض الناس لا ينشط شره ولا يكثر فساده إلا في هذا الشهر، وهذا لا لأجل كونه قد أغواه الشيطان، بل هناك أسباب عديدة تحث الناس على الشر وترغبهم فيه، فالصديق من أسباب وقوع الإنسان في الخير أو في الشر فالصاحب ساحب، فمن كانت صحبته طيبة كانت أعماله رشيدة، ومن كانت صحبته رديئة كانت أعماله بعيدة عن الطاعة والإحسان، ولهذا ينبغي أن نفهم أنما يجري في رمضان من مخالفة ليس فقط بسبب الشيطان، الشيطان قد يكون له تأثير فإنه لم يمنع بالكلية من العمل، بل هو يوسوس ويفعل بعض ما يفعله من السوء لكنه دون ما يكون في سائر الشهور، يعني هذا الشهر شهر رمضان الشيطان لا يستطيع أن يصل إلى ما يصل إليه من الشر في غير رمضان، لكنه لا يعني أنه لا يصل إلى شر بالكلية، بل هو مؤثر ويوجد منه عمل، ويوجد منه تأثير، لكنه محدود، وإن جهات كثيرة تؤثر على الإنسان حثا على السوء، وترغيبا في الشر تنشط وتقوم، وقد تسد بعض الدور الذي كان يقوم به إبليس، ولا تعجب إذا رأيت كثيرا من الناس يمضي عليه رمضان وهو في غفلة، يمضي عليه رمضان وهو في لهو، فإن شياطين الإنس قد عوضوا كثيرا مما يقوم به الشيطان، ولهذا نجد حمى الإعلام الفضائي بل وغير الفضائي تستعر في رمضان، فتجد وسائل الإعلام المسموعة والمرئية وغيرها لا سيما القنوات الفضائية تجدها قد نشطت نشاطا تعد هذا الشهر موسمها الرئيس الذي تعد له من أشهر، ثم إذا انقضى تبدأ تقتات على هذه البرامج إعادة وبثا مكررا في مناسبة عديدة في نفس القناة أو في غيرها بقية السنة. هذا نوع من تسلط الشيطان على الناس بتعويض ما يمكن أن يكون من النقص الناشئ عن هذه السلسلة. ولهذا أقول يا إخواني ويا أخواتي، هذه أيام مباركة وشريفة، لا تفت ولا تذهب علينا بمثل هذا الكيد الذي يفعله هؤلاء لصدنا عن سبيل الله لنغتنم كل بر ونستقبل كل خير، ونجتهد في كل طاعة، فإنه الذي يبقى والذي تسر به القلوب وتبتهج به النفوس، وتفرح به الأفئدة يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. لنجتهد في الصالحات، ولنتخفف هذه الفرصة فرصة لتكفير الخطايا، فرصة للتخفف من السيئات، فرصة لتصحيح المسار، فرصة لبناء رصيد الأعمال الصالحة، فرصة للعودة إلى الرشد والبر، فرصة للتخفف من كل رذيلة ظاهرة أو باطنة، فلا نضيع هذه الفرصة، وينبغي أن نحذر من قرناء السوء، وقرين السوء ليس هو فقط الصاحب الصديق أو الصديقة، بل قرين السوء قد يكون كتابا، قد يكون منظرا، قد يكون مسلسلا، قد يكون قناة، قد يكون أنشودة أو أغنية يسمعها الإنسان، فينبغي أن يبعد الإنسان نفسه عن كل ما يصده عن سبيل الله، وأنت على نفسك رقيب، والنتيجة لك أو عليك، ليس هناك مستفيد من عملك الصالح إلا أنت فلذلك قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: «يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه». أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقني وإياكم الاستقامة على طاعته، وأن يصرف عنا كل رديء وسيئ من الخلق والعمل، وأن يصرف عنا قرناء السوء، وأن يعيننا على الرشد والبر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه. 

المشاهدات:5267
(الحلقة الخامسة والعشرون)
أثر الصيام في تزكية النفوس
 
الحمد لله رب العالمين، أحمده جل في علاه، وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وعليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات! هكذا هي أيام الشهر تنقضي ولياليه تمضي، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلني وإياكم من المقبولين، وأن يختم لنا وإياكم بالصالحات، وأن يستعملنا وإياكم فيما يحب ويرضى من الطاعات.
اللهم تقبل منا الصيام والقيام، وأعنا على الصالحات والخيرات يا ذا الجلال والإكرام.
أيها الإخوة والأخوات! الله جل في علاه أمر العباد بأن يسلكوا إليه صراطاً مستقيماً، وهذا لسعادتهم وبرهم، لفرحهم وبهجتهم في الدنيا والآخرة، فالذي يستفيد من الطاعات هم الطائعون، والذي يجني فائدة الاستقامة على ما أمر الله به فإنه يعيش سعيداً في دنياه ويلقى فلاحاً وفوزاً في أخراه: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾[آل عمران:185].
فنسأل الله تعالى أن يزحزحنا وإياكم عن النار، وأن يدخلنا الجنات.
أيها الإخوة والأخوات! الصوم له تأثير بالغ في تقويم السلوك على الصراط القويم، الصوم له أثر كبير في تزكية النفوس وتجريتها، وإنه سبيل طويل يعين الإنسان على كف شر أكبر أعدائه إنه الشيطان الرجيم نعوذ بالله منه، ذاك الذي قعد للناس بالمرصاد فهو على الصراط المستقيم قاعد يمنع الناس ويصدهم، وقد قال فيما أخذ على نفسه من العهد والميثاق في كلامه لرب العالمين: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾[الأعراف:16].
والقاعد هو المتمكن مما يريد، المتمكن من جلسته فهو قاعد على الصراط المستقيم، ماذا يفعل؟ ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾[الأعراف:17]، هذه هي النتيجة لهذا السعي هو صد الناس عن الشكر، صد الناس عن العبادة، والشكر هنا مقصوده العبادة كما قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾[سبأ:13]، إن أكثر الناس يتورطون في هذا الكيد، فإنه كيد عظيم من حيث دوامه، ومن حيث تلونه وتنوعه، لكن الله تعالى إذا أعان العبد ويسر له الهدى كان هذا كيداً ضعيفاً لا يعيق الإنسان عن السير، ولذلك قد حمى الله تعالى أولياؤه وعباده المتقين فقال: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾[الحجر:42]، وهذا يدل على أنه لا يتسلط على من حقق العبودية، وإن الصوم من أبرز العبادات التي يضيق بها على الشيطان عمله، ولذلك جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار» وهذا إيذان بكثرة الخيرات وقلة أسباب البليات والشر والرداء والنار، نعوذ بالله، قال صلى الله عليه وسلم: «وسُلسلت الشياطين» وسلسلت الشياطين هو تقييدها فالسلسلة تستعمل للتقييد، ولذلك في بعض الروايات: «سِلسلت».
وفي بعض الروايات: «غُلت الشياطين» وغلها أي: أنها لا تصل إلى ما تريد من البشر، هذا الغل هو ليس فقط لأجل ما يكون من موافقة زمان معين، إنما لأجل ما يقوم به الصائمون من الأعمال فالأعمال لها آثار على السلوك والخلق والمسار والمنهج والطريقة والسنة، فكل هذا مما يتأثر به مسلك الإنسان، فإذا قام العبادة على الوجه الذي يرضى الله تعالى عنه كانت مؤثرة على مسلكه، كانت مؤثرة على عمله، ولهذا جاء في الصحيحين في بيان أن الشيطان يتخلل عمل الإنسان جاء في الصحيح من حديث صفية رضي الله عنها أنها كانت تعود النبي صلى الله عليه وسلم في اعتكافه، وجلست معه مرة فلما أرادت أن تخرج إلى بيتها قلبها شيعها حتى يوصلها فقام معها إلى باب المسجد، فمر رجلان فرأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً مع امرأة، فكأنهما خفا في سيرهما أسرعا المسير، لعلهما قصدا ألا يحرجا النبي صلى الله عليه وسلم أو ألا يشوشا عليها ما هو فيه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «على رسلكما» أي: تمهلا في المسير «إنها صفية» أي: إن هذه المرأة التي أقف معها ليست من الأجانب ولا من الغرائب ولا من البعيدات، إنما هي زوجتي صفية فقالا: سبحان الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً سبب هذا التنبيه: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يلقي في قلوبكما شراً».
الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولا سبيل لتضييق هذا إلا بالاستعانة بالله تعالى، ومن الأعمال التي تضيق بها مجاري عمل الشيطان هو الصوم، ولهذا سلسلة الشياطين في هذا الشهر، لأن الصائمين قد ضيقوا على هذا الشيطان مجاله ومجراه فضاق عمله وتأثيره، ولهذا أقول يا إخواني ويا أخواتي، من المهم أن نستشعر هذه الفائدة العظيمة من فوائد الصيام، فإنها فرصة لنا أن نقوم سلوكنا، ولكن ينبغي أن نعلم أنه لا يفيد قوله صلى الله عليه وسلم: «سلسلة الشياطين» أن الشيطان قد منع من كل عمل في هذا الشهر، أو أنه لا يقع في هذا الشهر شيء من المعاصي، بل بعض الناس لا ينشط شره ولا يكثر فساده إلا في هذا الشهر، وهذا لا لأجل كونه قد أغواه الشيطان، بل هناك أسباب عديدة تحث الناس على الشر وترغبهم فيه، فالصديق من أسباب وقوع الإنسان في الخير أو في الشر فالصاحب ساحب، فمن كانت صحبته طيبة كانت أعماله رشيدة، ومن كانت صحبته رديئة كانت أعماله بعيدة عن الطاعة والإحسان، ولهذا ينبغي أن نفهم أنما يجري في رمضان من مخالفة ليس فقط بسبب الشيطان، الشيطان قد يكون له تأثير فإنه لم يمنع بالكلية من العمل، بل هو يوسوس ويفعل بعض ما يفعله من السوء لكنه دون ما يكون في سائر الشهور، يعني هذا الشهر شهر رمضان الشيطان لا يستطيع أن يصل إلى ما يصل إليه من الشر في غير رمضان، لكنه لا يعني أنه لا يصل إلى شر بالكلية، بل هو مؤثر ويوجد منه عمل، ويوجد منه تأثير، لكنه محدود، وإن جهات كثيرة تؤثر على الإنسان حثاً على السوء، وترغيباً في الشر تنشط وتقوم، وقد تسد بعض الدور الذي كان يقوم به إبليس، ولا تعجب إذا رأيت كثيراً من الناس يمضي عليه رمضان وهو في غفلة، يمضي عليه رمضان وهو في لهو، فإن شياطين الإنس قد عوضوا كثيراً مما يقوم به الشيطان، ولهذا نجد حمى الإعلام الفضائي بل وغير الفضائي تستعر في رمضان، فتجد وسائل الإعلام المسموعة والمرئية وغيرها لا سيما القنوات الفضائية تجدها قد نشطت نشاطاً تعد هذا الشهر موسمها الرئيس الذي تعد له من أشهر، ثم إذا انقضى تبدأ تقتات على هذه البرامج إعادة وبثاً مكرراً في مناسبة عديدة في نفس القناة أو في غيرها بقية السنة.
هذا نوع من تسلط الشيطان على الناس بتعويض ما يمكن أن يكون من النقص الناشئ عن هذه السلسلة.
ولهذا أقول يا إخواني ويا أخواتي، هذه أيام مباركة وشريفة، لا تفت ولا تذهب علينا بمثل هذا الكيد الذي يفعله هؤلاء لصدنا عن سبيل الله لنغتنم كل بر ونستقبل كل خير، ونجتهد في كل طاعة، فإنه الذي يبقى والذي تسر به القلوب وتبتهج به النفوس، وتفرح به الأفئدة يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
لنجتهد في الصالحات، ولنتخفف هذه الفرصة فرصة لتكفير الخطايا، فرصة للتخفف من السيئات، فرصة لتصحيح المسار، فرصة لبناء رصيد الأعمال الصالحة، فرصة للعودة إلى الرشد والبر، فرصة للتخفف من كل رذيلة ظاهرة أو باطنة، فلا نضيع هذه الفرصة، وينبغي أن نحذر من قرناء السوء، وقرين السوء ليس هو فقط الصاحب الصديق أو الصديقة، بل قرين السوء قد يكون كتاباً، قد يكون منظراً، قد يكون مسلسلاً، قد يكون قناة، قد يكون أنشودة أو أغنية يسمعها الإنسان، فينبغي أن يبعد الإنسان نفسه عن كل ما يصده عن سبيل الله، وأنت على نفسك رقيب، والنتيجة لك أو عليك، ليس هناك مستفيد من عملك الصالح إلا أنت فلذلك قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: «يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقني وإياكم الاستقامة على طاعته، وأن يصرف عنا كل رديء وسيئ من الخلق والعمل، وأن يصرف عنا قرناء السوء، وأن يعيننا على الرشد والبر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه. 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89951 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86962 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف