×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / بينات / الحلقة(24)إنما يتقبل الله من المتقين.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3495

الحمد لله رب العالمين له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون، أحمده جل في علاه وأثني عليه الخير كله لا أحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:

فيقول ربنا جل في علاه ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[المائدة: 27]، قال الله –جل وعلا-هذه الآية في فصل المنازعة بين ابني آدم ﴿قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27] فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا من المتقين.

تلك العبادة التي زلفها العابدون وتلك الأيام التي قضاها الصائمون والليالي التي تهجد فيها المصلون مضت وانقضت، لكنها تبقى بما زخرت فيه من الأعمال الصالحة، وما أجملها من أيام وما أعظمها من ليالي مضت بالعمل الصالح الذي يؤمل أهل الإيمان والصدق أن يتقبل الله تعالى منهم، ليس هناك ضمانة لأحد أن عمله مقبول تأمل ذاك, خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام يقوم بأجل المهمات وأعظم الأعمال التي أمره الله تعالى بها إنه يقيم بناء يقصده الناس كافة إنه يقيم الكعبة إنه يرفع القوائم من البيت يقول الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127] حُكي عن أحد السلف قال: عجبًا لخليل الرحمن يرفع قواعد البيت ثم يخشى ويخاف ألا يتقبل الله منه. أسند ابن أبي حاتم في تفسيره(1/233) عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ: أَنَّهُ قَرَأَ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} ثُمَّ يَبْكِي وَيَقُولُ: يَا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، تَرْفَعُ قَوَائِمَ بَيْتِ الرَّحْمَنِ وَأَنْتَ مُشْفق أَنْ لَا يَتَقَبَّلَ مِنْكَ إنه استحضار لمعنى يتجاوز الجهد البشري، إنه أمر يتعلق بفضل الله وإنعامه وكرمه وإحسانه، إن الله –جل وعلا-: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27] ، ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يبذل وسعه وطاقته وجهده في أن يكون منهم.

وجاء سائل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال لابنه: "أعطه دينارا، فلما انصرف، قال له ابنه: تقبل الله منك يا ابتاه، فقال: لو علمت أن الله تعالى يقبل مني سجدة واحدة، وصدقة درهم؛ لم يكن غائب أحب إلي من الموت، أتدري ممن يتقبل؟ إنما يتقبل الله من المتقين" صفة الصفوة(1/ 219)

الله أكبر ما أعظم هذا الفقه وما أجل هذا النظر وما أعظم هذا السمو بالنفس عن أن تعجب بعمل أو أن تزهو بصالح قدمته، فهي تقدم ما تقدم من صالح العمل، وتصدق قول الرب –جل وعلا-: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون: 60] في المسند وغيره من حديث عائشة قالت: يا رسول الله أهو السارق يسرق والزاني يزني ثم يخاف أن يعاقبه الله تعالى قال: «لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ ولكنه الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ» أو كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: إنما يتقبل الله من المتقين. مسند أحمد(25705) والترمذي(3175) .

إن النبي –صلى الله عليه وسلم-نبه إلى أمر تضمنته هذه الآية وهو أن القلوب ينبغي أن تكون بعد العمل وجلة أن يرد عليها عملها، فهي تعمل وترجو ثواب الله، تعمل وترقب الله تعالى في أعمالها فقد حققت إخلاصًا وصوابًا، إخلاصًا بقصد الله وابتغاء وجهه، وصوابًا بمتابعة النبي –صلى الله عليه وسلم-والاهتداء بسنته ثم بعد ذلك لم ينتهِ المطاف، إنما الأمر يتعلق بعمل القلب بعد ذلك أن يرد العمل لشيء لا أعلمه لشيء لا أدري ما هو, فقد يدب إلى العمل ما يفسده, ومن أعظم ما يفسد الأعمال ويخيب الآمال أن يُبتلى الإنسان بالعجب.

فكم من عمل بهي وجهد ذكي ذهب هباء منثورًا فلم ينتفع منه أصحابه، بسبب ما أصاب نفوسهم من العلو والكبر، من الإذلال والمن على الله تعالى بالعمل الصالح، وما طمعي في صالح قد عملته ولكني في رحمة الله أطمع، إن العمل الصالح ينتفع به صاحبه، وأما الرب –جل وعلا-قد قال: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: 37] وهي التي يتقبل الله تعالى من أهلها وأصحابها ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27] الله أكبر ما أعظم هذا الفقه الذي إذا أبصره الإنسان تصاغرت نفسه ورأى كل عظيم في حق الرب حقير، فحق الله علينا جليل كما قال جماعات من السلف لو أن الإنسان قدم على الله تعالى يوم القيامة بأعمال الثقلين يعني بأعمال الإنس والجن لم ينفعه ذلك إلا أن يرحمه الله تعالى.

في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال لأصحابه: «لن يدخل أحدٌ منكمُ الجنَّة بعملِه» البخاري(5673), مسلم(2816) فيا صاحب الصيام ويا صاحب القيام إياك أن تغتر، ويا صاحب الصدقة إياك أن تغتر ويا صاحب الأعمال الصالحة احذر نفسك أن تغلبك، فإنه لولا الله وفضله ما وفقت لعمل.

والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا، إنها نعمة من الله من بها عليك بأن يسرك للعمل الصالح فاستشعرها بالمنة وأملها أيضًا بعد ذلك فيما يكون من قبول الله تعالى ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27] إن الله تعالى لا تضره معصية العاصي كما لا تنفعه طاعة الطائعين، ولذلك جاء في الحديث الشريف الذي رواه أبو ذر في صحيح الإمام مسلم في أشرف حديث رواه أهل الشام يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-يقول الله تعالى حديث إلهي «يا عبادي إنَّكم لن تبلُغوا ضُرِّي فتضرُّوني ولن تبلُغوا نَفعي فتنفَعوني, يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه»مسلم(2577)  إنها أعمالنا وهي ما نقدمه بين يدي مسيرنا إلى الله –جل وعلا-يأتي العبد يوم القيامة كما في الصحيح فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أمامه فلا يرى إلا النارالبخاري(7512), ومسلم(1016), لا يفقه مما بين يديه إلا ما كان معه من العمل قال الله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء: 13-14] إننا بحاجة إلى أن نستذكر أن هذه الأعمال إن لم يتقبلها الله –جل وعلا-إن لم يرحمنا بقبولها فإنها لا تنفع، ولهذا في الحديث الذي قال: «لَنْ يُدْخِلَ أحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ. قالوا: ولا أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: لا، ولا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بفَضْلٍ ورَحْمَةٍ» البخاري(5673), مسلم(2816)  لذلك من الضروري أن نرقب رحمة الله –جل وعلا-وألا نغتر بأعمالنا إننا نفرح لما نقدم من العمل، لكن شتان بين من يفرح ويؤمل فرض الله ولا يرى لنفسه فضلًا وبرًا ولا يرى لفضله حقًا على الله تعالى يستوجبه وبين من يفرح بالعمل، فيجعله من أصحاب العلو الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ [القصص: 76] لا يحب فرحًا ينقل الإنسان من الخير إلى الشر، ينقله من العبودية والذل إلى العلو والاستكبار.

إننا بحاجة إلى أن نتذكر أن صفات التقوى هي في متناول أيدينا وفي مقدورنا وقد ابتلانا الله تعالى واختبرنا بها ومن تقوى الله تعالى أن نثني عليه خيرًا وأن نشكره على ما يسر من الأعمال، فلولا فضله وإحسانه ومنه وبره ما وفقنا إلى العمل.

ولذلك شرع الله لنا بعد العبادات ما نعلن فيه فضله، ونقر بافتقارنا إليه ونبين أننا لولا إحسانه وفضله ما كان منا شيء، لهذا بعد فراغنا من صلاتنا يشرع لنا بعد أن نقول: السلام عليكم ورحمة الله أن نقول: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله, مما يستغفر المصلي؟ أليس في طاعة وذكر وعبادة، إنه يستغفر إقرارًا بأنه مهما بلغ في الجودة والإتقان والإحسان والعمل وفق هدي النبي خير الأنام، فهو مقصر لم يبلغ الله تعالى حقه بعد الحج شرع الله تعالى أن يذكره المؤمنون ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة: 200] .

إننا بحاجة إلى أن نرقب مثل هذه المعاني المنتثرة في النصوص، نبينا خير من صلى وقام، قام لله تعالى كما أمره الله –جل وعلا-في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُقُمْ فَأَنذِرْ [المدثر: 1-2] ثلاثة وعشرين عامًا يعبد الله تعالى يبلغ رسالته لا يترك بابًا من أبواب الخير إلا ويطرقه ومع ذلك ماذا يقول ربه له؟ ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ورَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر: 1-3].

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتوب علي وعليكم، وأن يقبلني وإياكم في عباده المتقين، اللهم اجعلنا من عبادك المتقين يا ذا الجلال والإكرام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89952 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86962 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف