×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / بينات / الحلقة(12) لعلكم تتقون.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3053

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، أحمده جل في علاه وأثني عليه الخير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من النار, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صفوته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:

فما ذكره الله –جل وعلا-في قوله في فرض الصيام ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة: 183] بيان للغاية والعلة والسر والحكمة فيما يمتنع منه الصائم وفيما يقصده الصائم بصومه، فالصائم يمتنع من كل ما يخرجه عن حدود التقوى وهو بصومه يسعى إلى تحقيق هذه الغاية التي هي أكبر الغايات وهي أسمى المنى والمراتب في هذه الدنيا أن يكون العبد في زمرة عباد الله المتقين؛ فإن المتقين هم أولياء رب العالمين ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ *الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[يونس: 62 ـ 63] الصوم وسيلة من سوائل تحقيق هذه الصفة التي هي أعلى صفات الكمال البشري أن يكون الإنسان متقيًا لله تعالى فإن الوقاية من الشرور في الدنيا والمفاسد فيها هو وسيلة الوقاية من المخاوف والأهوال يوم القيامة.

فالذين اتقوا في هذه الدنيا بشروا ببشارة عظيمة قال الله تعالى: ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا[النبأ: 31] فوزًا كبيرًا عظيمًا، ولهذا ينبغي أن نفتش عن هذه الحكمة والغاية في أخلاقنا وأعمالنا وفي سائر عباداتنا وشؤوننا، فإن الذي يشتغل بالصوم على أنه شهر يصوم فيه الناس دون أن ينعكس هذا الصوم على أخلاقه أو يؤثر في مسلكه دون أن يكون لهذا الصوم زكاة لا شك أنه قد غفل عن الغاية واشتغل بالصورة.

إن الصوم لا غرض فيه من الامتناع فقط عن مأكل ومشرب ومنكح دون أن يحقق غاية أو قصد، بل الغاية الكبرى والمقصد الأسمى من هذا العمل الشريف الكريم الجليل الذي جعله الله تعالى ركن من أركان الإسلام بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت هذا العمل الكبير ليس غرضه مجرد حجب الملذات عن النفوس لأجل تعذيبها أو لأجل إذاقتها شيء من الألم ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ[النساء: 147] المقصود هو شيء أكبر من هذا الذي يتوهمه كثير من الناس وهو أن تزكوا الأعمال.

ولهذا جاء في الصحيح من حديث المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ»البخاري(1903) وهذا بيان جلي وقول فصل في أنه ليس المقصود من الصيام أن نمتنع عن الطعام والشراب مما أحله الله في غير وقت الصيام ثم نسرف على أنفسنا في أشياء حرمها الله تعالى على مر الوقت وطول الزمان.

ولهذا جاء في كلام السلف الصالحين وأقوال الأئمة المهديين ما يبين أن الصوم ليس هو الامتناع عن الطعام والشراب فهذا عمر رضي الله عنه وهو الخليفة الراشد يقول: "ليس الصيام من الطعام والشراب وحده، ولكنه من الكذب، والباطل، واللغو، والحلف"ابن أبي شيبة في المصنف (ج2/ص272(أي الحلف الكاذب والباطل، هكذا يقول عمر رضي الله عنه في بيان ما الذي ينبغي أن يمتنع منه يعني الامتناع من الطعام والشراب هو للتقوي على أن يحقق الإنسان الامتناع عما منعه الله تعالى في كل الأوقات، وليس لأجل أن يحرم نفسه ما أحل له في غالب وقته وفي مدة زمانه ثم إذا أمر بالامتناع منه جاء بما يناقضه جاء بما من أجله منع من الأكل والشرب، ليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه أي ليس له غرض –جل وعلا-وليس له قصد في أن يدع الإنسان الطعام والشراب ثم يسرف على نفسه في المحرمات من لم يدع قول الزور سؤال ما هو قول الزور؟

قول الزور هو كل قول باطل، فيشمل الكذب، يشمل شهادة الزور، يشمل القول الفاحش، يشمل الغيبة، يشمل النميمة، يشمل السب، يشمل كل قول لا يرضى عنه الله تعالى مما يجري في لسانك وتتحرك به شفتك.

الأمر الثاني وهو العمل به أي العمل بالزور وهو العمل بالباطل من لم يدع قول الزور والعمل به أي العمل بالباطل وهو شامل لكل مخالفة لكل معصية لكل خروج عن حدود الشريعة سواء كان ذلك بارتكاب المحرمات الخاصة التي فيما بين الإنسان وربه أو كان ذلك بارتكاب المحرمات التي تتعلق بالاعتداء على حقوق الناس من أكل أموالهم وإيذاء أجسامهم وإهدار دمائهم أو الاعتداء على أعراضهم أو ما أشبه ذلك مما يكون من أعمال الناس الباطلة، فمن لم يدع هذا وذاك من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه وليس معنى هذا أنه يذهب ويكمل الناقص على ما قيل يكمل مسيرته في الفساد إنما البيان هنا والغرض هو أن يبين للناس أنهم إذا لم يمتنعوا مما حرم الله تعالى عليهم في كل الأوقات فهم مهددون بألا يتقبل منهم هذا العمل لأنه لم يأتِ بنتيجته ولم يأتِ بغرضه ولم يأتِ بقصده.

وقد جاء في الأثر: «كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش»مسند أحمد مرفوعا (8856)، وهذا يبين أنه لم يدرك من هذا الصيام غايته ولم يحصل مقصوده وإن السلف الصالحين والأئمة المهديين رحمهم الله كانوا على فطنة في هذا الأمر فجاء عن جابر رضي الله عنه قوله: "وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صِيَامِكَ سَوَاءً" ابن أبي شيبة (8880)وهذا يبين أنه ينبغي في الصوم من التحفظ والاحتياط والعناية ما ليس في سائر الأيام.

ولهذا روى الإمام البخاري ومسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «الصيامُ جُنةٌ»جنة يعني وقاية تقي الإنسان ما يخاف وتستره مما يسوؤه ويكدره وهذا في الدنيا وفي الآخرة فالصيام جنة كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-يسجن بها ويستكن ويستتر عن كل مكروه.

ولذلك جاء في تفصيل معنى الجنة فقال: «إذا كان يَومُ صَومِ أحدِكم، فلا يَرفُثْ، ولا يَجهَلْ», وفي بعض الروايات :«فلا يصخب ولا يجهل» البخاري (1904), ومسلم(1151). ومعنى هذا أنه ينبغي في الصوم أن يكون الإنسان على هيئة من الوقار والسكينة وهدوء النفس وطمأنينة القلب ما يناسب هذا العمل لا ينبغي له أن يسرف على نفسه بألوان من الإسرافات والامتداد مع رغبات النفس وانفعالاتها، فيقع فيما حرمه الله تعالى عليه إن المؤمن في صومه مأمور بمزيد اعتناء بنفسه وحجبها عن مشتهياتها حتى في الانتقام والأخذ للنفس ففي تتمة هذا الحديث الشريف حديث أبي هريرة «إذا كان يَومُ صَومِ أحدِكم، فلا يَرفُثْ، ولا يَجهَلْ فإن شاتَمَهُ» أي وقعت بينه وبين أحدملاسنة مشاتمة مسابة لأي سبب من الأسباب «سابَّهُ وقاتلَهُ فليقُل: إنِّي امرؤ صائمٌ» البخاري (1904), ومسلم(1151)  وهذا فيه بيان إنه أنا أحجز نفسي وأمنعها عن الانفعال لقولك واعتدائك ومسابتك ومشاتمتك أمنعها من هذا؛ لكوني صائما لا عجزًا عن الرد ولا خوفًا من مقابلة الإساءة بمثلها، إنما لكوني صائما والصوم يقتضي حفظًا لنفسي وحفظًا لقولي وحفظًا لعملي من أن يقع فيه شيء لا يرضي ربي.

هكذا يجهر بها المؤمن معلنًا طواعيته لله تعالى إني امرؤ صائم فهل نحن ممن يلاحظ مثل هذه المعاني في صيامه وأنه يمتنع حتى من أخذ حقه إذا كان في مقام مسابة لأنه إذا سبك شخص فلك أن ترد عليه بمثل ما سبك ما لم تكن المسبة نفسها تتعدى إلى الغير كأن يسب مثلا أباك أو يسب أمك أو يسب أحدًا ليس له بالموضوع صلة فتتوجه بالسب إلى أبيه أو أمه هذا لا يجوز، إنما لو قال لك مثلا سبة تتعلق بك من تسيفه أو تشبيه بحيوان أو ما أشبه ذلك، فإنك تمتنع من هذا هو في الأصل يجوز لك كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ[النحل: 126] هذا في الحالة الاعتيادية، لكن في حال الصوم هناك من الاحتياط هناك من الصيانة هناك من حجب النفس عن الانفعالات والمضي فيما تشتهي ما ينبغي المؤمن أن يسترعيه وأن ينتبه إليه ولهذا يقول جابر : "وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صِيَامِكَ سَوَاءً" ابن أبي شيبة (8880)تشعر بالفرق، ليس الفرق فقط هو في ضعف النفس أو في وجع الرأس كما يحصل من بعض الناس لا، ينبغي أن يتعلق هذا بالمسلك والعمل والسلوك والأخلاق والمعاملة وسائر الشؤون.

ينبغي أن يكون الصوم هاديًا للإنسان إلى كمال في أخلاقه، ذكاء في أعماله، تحقيقًا لخصال التقوى وصفاتها التي هي مقصود الصيام وغرضه وغايته قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة: 183] لذلك ينبغي أن نفتش عن هذه الخصال في أعمالنا وأنا أقول إذا كان خلوف فم الصائم عند الله تعالى أطيب من رائحة المسك وهو أثر بدني طبيعي يحصل لكل من امتنع من الأكل والشرب فكيف بأعمال ينبغي أن تكون أطيب أيضًا من رائحة المسك في نفسه وسلوكه وفي معاملته للخلق ينبغي أن يكون أطيب من ريح المسك صابرا على أذاهم محتسبًا الأجر عند الله تعالى، محسنًا إليهم.

ولذلك كان النبي –صلى الله عليه وسلم-أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن. البخاري(4997), ومسلم(2308).

إذًا هنا بيان لأثر الصوم وأثر القرآن على المسلك في أذكي الناس وأطيبهم خلقًا وأعظمهم عملًا وطاعة وأكبرهم تقوى وهو النبي –صلى الله عليه وسلم-فغيره أيضًا ينبغي أن يتأسى به وأن يكون على هدي النبي –صلى الله عليه وسلم-في كل حاله وفي كل شأنه فيحرص حرصًا بالغًا أن يكون من أجود الناس في صيامه، من أجود الناس في قيامه من أجود الناس في عمله من أجود الناس في سائر شأنه في هذا الشهر المبارك جود مالي، وجود خلقي، وجود بكل ما يستطيع وأجود الجود أن يقدم الإنسان كل ما يستطيع رغبة فيما عند الله تعالى محتسبًا الأجر عنده –سبحانه وبحمده-

أسأل الله تعالى أن يجعل صيامنا على الوجه الذي يرضي به عنا وأن يكون صيامًا ترتفع به درجاتنا وتزكو به أنفسنا وتطيب به قلوبنا وأن يثقل الله تعالى به موازيننا, اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89959 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86964 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف