×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / فادعوه بها-1 / الحلقة(10) الحمد لله رب العالمين

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله رب العالمين، أحمده جل في علاه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، سبحان الله عما يشركون.

وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات، وأسأل الله العظيم أن يكون هذا اللقاء لقاء مباركا نافعا.

هذه الحلقة من برنامجكم: فادعوه بها، ذاك البرنامج الذي نتناول فيه التعبد لله عز وجل بأسمائه معرفة وعلما ودعاء وعبادة، هذا ملخص البرنامج، فكله يدور على تحقيق هذا المقصد: كيف نتعبد لله عز وجل بأسمائه معرفة وعلما وعملا وترجمة في حياتنا وأحوالنا.

الله جل وعلا سمى نفسه بأسماء وأخبر بها في كتابه، وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، ومن تلك الأسماء اسمه: (الله) الذي لم تخل منه سورة، بل جميع السور افتتحت بهذا الاسم، وهذه من خصائص هذا الاسم أن جميع سور القرآن مفتتحة باسم (الله)، إذا قلنا البسملة آية في أول كل سورة، فكل سورة تبتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم إلا سورة براءة، فإن الصحابة لم يذكروا فيها البسملة، ومع ذلك فأول اسم ذكره الله من أسمائه في سورة براءة: (الله) ﴿براءة من الله ورسوله﴾+++[التوبة:1]---.

إذا: هذا الاسم له خاصية وميزة ليست لغيره من الأسماء، وقد قال بعض أهل العلم: إنه اسم الله تعالى الأعظم، وذكروا لذلك أدلة، منها: أن أكثر الدعاء النبوي مفتتح ب(اللهم)، ومن ذلك أيضا: أنه الجامع لمعاني أسماء الله عز وجل وأن الله تعالى يذكره أولا، فجعلوا خصائص هذا الاسم من مرشحات أن يكون هو الاسم الأعظم.

وذكرت لكم فيما مضى أن سؤال الله تعالى باسمه الأعظم يكون بالتعيين أو بالوصف، بالتعيين: أن ترجح قولا من الأقوال في اسم الله الأعظم، فمثلا إذا كنت قد سمعت الأدلة أو سألت عالما فقال لك: اسم الله الأعظم هو (الله) فعند ذلك أنت إذا قلت يا الله، فقد سألته باسمه الأعظم، لكن إذا اختلطت الأقوال، ولم يترجح لك شيء فعندما تقول: اللهم إني أسألك باسمك الأعظم، فأنت سألت الله تعالى باسمه الأعظم وصفا لا تعيينا، ولهذا الأمر في ذلك واسع.

وأطيب ما قيل من الأقوال في مسألة ما هو اسم الله الأعظم: أن اسم الله الأعظم لا ينحصر في اسم، بل أسماء الله تعالى تنقسم إلى قسمين في الجملة:

القسم الأول:أسماء تدل على معان معينة، مثل (السميع) يدل على صفة السمع، وأنه يدرك جل وعلا كل الأصوات، كما قالت عائشة رضي الله عنها +++سنن النسائي (3460)،وسنن ابن ماجة (188)---: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات جل في علاه فإنني في طرف الحجرة لم أسمع ما كانت تقوله المجادلة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيها رب العالمين: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله﴾+++[المجادلة:1]---.

هذا نمط من الأسماء، وهو ما يدل على معنى معين أو وصف معين، السميع، البصير، الجبار وما أشبه ذلك من أسماء الله عز وجل.

القسم الثاني:هناك أسماء تدل على غيرها، فهي واسعة الدلالة، يعني: لا تفسر هذه الأسماء بمعنى واحد، بل تفسر بمعان كثيرة، مثل: (الله) هذه لا تفسر بمعنى واحد، الله هو المألوه المعبود الذي تألهه القلوب، وتقبل عليه وتحبه وتعظمه لجلاله وجماله سبحانه وبحمده.

ومن أمثلة ذلك أيضا: (العظيم) فإنه لا يفسر بمعنى واحد، إنما العظمة مكتسبة وحاصلة بمجموع ما وصف الله تعالى به نفسه.

كذلك: (الكريم)، وما أشبه ذلك من الأسماء التي لا يكون معناها مستفادا من وصف واحد، إنما من مجموع صفات، فعند ذلك كل اسم من أسماء الله تعالى دل على مجموع صفاته، فإنه اسم أعظم، ولهذا جاءت الأحاديث، وإن كان غالب ما جاء في هذا الباب ضعيف؛ لكن جاءت الأحاديث بتعيين بعض الأسماء على أنه اسم الله الأعظم.

فمن ذلك ما جاء من أن اسم الله الأعظم في ثلاث سور: البقرة وآل عمران وطه، في قول الله تعالى : ﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾+++[البقرة:255]---، وفي قوله: ﴿الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾+++[آل عمران:1-2]---، وفي قوله: ﴿وعنت الوجوه للحي القيوم﴾+++[طه:111]--- فقالوا: إن اسم الله تعالى الأعظم هو الحي القيوم.

ومنهم من قال: إن اسم الله الأعظم في آيتين بناء على الحديث الوارد، في قوله تعالى : ﴿وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم﴾+++[البقرة:163]---، وفي فاتحة آل عمران: ﴿الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾+++[آل عمران:1-2]---.

ومن أهل العلم من قال: إن الاسم الأعظم هو الله، ومنهم من قال غير ذلك من الأقوال، واستدل هؤلاء بالحديث الذي في السنن أنه من قال: «اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب»+++سنن أبي داود (1493)،وسنن الترمذي (3475)---.

والراجح في اسم الله الأعظم -كما سبق بيانه وإيضاحه- أنه لا يختص باسم معين، بل اسم الله الأعظم هو كل اسم واسع في دلالته ويدل على معان كثيرة، وإذا أراد الإنسان أن يدعو باسم الله الأعظم على وجه محقق فليقل: اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، فأنت سألته بكل أسمائه ومنها اسمه الأعظم، أو أن تقول: اللهم إني أسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت وإذا دعيت به أجبت.

إذا: مما قيل في اسم الله (الله) أنه هو الاسم الأعظم، وهذه أقوال مما يتعلق بتحديد الاسم الأعظم، والراجح ما تقدم إن شاء الله تعالى من أنه لا يختص باسم معين، بل كل اسم دل على معان عظيمة كثيرة، فإنه اسم أعظم، وهي متفاوتة أيضا وليست على درجة واحدة في عظمها، وأما الاسم الأعظم الذي على الإطلاق، وهو دال على الكمال المطلق لله فهو اسم الله جل في علاه سبحانه وبحمده

مما يتعلق بهذا الاسم هو: كيفية التعبد لله تعالى بهذا الاسم؟ وهذه قضية كبرى، ذلك أن اسم الله تعالى (الله) ذكره الله تعالى في مواضع عديدة في كتابه الحكيم، بل هو أكثر اسم ذكره الله في كتابه، حتى بلغ فيما عده العادون أنه يزيد على ألفين وأربعمائة موضع يذكر الله تعالى فيه هذا الاسم، وذلك لدلالته على حق الله جل وعلا.

هذا الاسم يدل على كل أسماء الله عز وجل وعلى كل ما له من الحقوق، ولذلك كان هذا الاسم في كلمة التوحيد، في الكلمة التي تواطأت عليها دعوات الرسل، فلما يقول القائل في دخوله للإسلام: لا إله إلا الله، لا يقول لا إله إلا الرحمن، وإنما يقول: لا إله إلا الله، فهو الاسم المتصل بتحقيق غاية الوجود ومقصود الكون، ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾+++[الذاريات:56]---، فلهذا كان لهذا الاسم هذه المنزلة الكبرى، إذ أنه هو الاسم الذي يدل على حق الله لا إله غيره جل في علاه ولهذا كانت أكثر الأدعية النبوية مصدرة بهذا الاسم: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، وما أشبه ذلك من الأدعية النبوية، كسيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك. اللهم أنت لا إله إلا أنت الأحد الصمد، وما أشبه ذلك من الأحاديث الكثيرة المصدرة بهذا الاسم، فلذلك قال أهل العلم: إن هذا الاسم هو الاسم الأعظم. وهذا من الأدلة التي استدلوا بها.

فكون كلمة التوحيد مفتاح الجنة لا إله إلا الله ذكر فيها هذا الاسم دل على خصوصية هذا الاسم في المعنى الذي يتصل بهذه الكلمة.

(لا إله إلا الله) هذه الكلمة ما مقصودها؟ وما معناها؟ هذه الكلمة معناها: لا معبود بحق إلا الله، يعني: لا أحد يستحق العبادة إلا الله جل وعلا وهنا يتبين خطأ من يقول: إن لا إله إلا الله يعني: لا خالق إلا الله، هذا ما أحد ينكره، ولم تأت الرسل بدعوة الناس إلى أن يقروا بأن الله هو الخالق، بل كانوا يسألون: من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، ﴿ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله﴾+++[العنكبوت:61]---، هذا جواب لم يكن فيه خلاف بين الرسل وأقوامهم، فكانوا جميعا ينطلقون في تقرير التوحيد الذي يجب لله، وهو أن يعبد وحده لا شريك له، ولا تصرف العبادة إلى سواه، وينطقون بكونه رب كل شيء سبحانه وبحمده فلم يكن هناك نزاع في من هو رب السماوات، من خالق السماوات والأرض، فلذلك تفسير هذه الكلمة (لا إله إلا الله) بأنه لا خالق أو لا مخترع إلا الله؛ هذا قصور بمعناها، لاشك أن هذا من دلالات الكلمة، لكنه ليس هو المعنى، فعندما أقول مثلا في تفسير كلمة (الكريم) أن الكريم هو الذي إذا جاءه ضيف أطعمه وأحسن الطعام، وأقول: هذا هو معنى الكريم، هل هذا صحيح؟ الجواب: لا؛ لأني قصرت الكرم على صورة واحدة أو على معنى واحد من معاني الكرم، لكن الكريم أوسع من هذا، الكريم هو الذي يعطي الخير الكثير، ولا يرقب له مردودا ولا يؤمل له عائدا، فذاك في ضيافة الأضياف وفي إغاثة المحتاجين وفي إكرام الأصدقاء وفي الإنفاق على الأهل، وما أشبه ذلك من كلما يندرج تحت وصف الكرم.

ولذلك لما نقول: لا إله إلا الله أي: لا خالق إلا الله؛ فنحن نقصر هذا المعنى الكبير العظيم الذي بعث الله الرسل جميعا لتقريره، ونقصره على معنى واحد ونغيب المعاني الرئيسة الأساسية التي تندرج تحت هذه الكلمة.

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، أن تصلح قلوبنا، وأن تغفر ذنوبنا، وأن تيسر أمورنا، وأن تشرح صدورنا، وأن تجعلنا من حزبك وأوليائك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم تولنا فيمن توليت، وعافنا فيمن عافيت، واجعلنا من أوليائك وحزبك يا حي يا قيوم.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من هذا البرنامج: فادعوه بها، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:3156

الحمد لله رب العالمين، أحمده ـ جل في علاه ـ وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، سبحان الله عما يشركون.

وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات، وأسأل الله العظيم أن يكون هذا اللقاء لقاءً مباركاً نافعاً.

هذه الحلقة من برنامجكم: فادعوه بها، ذاك البرنامج الذي نتناول فيه التعبد لله ـ عز وجل ـ بأسمائه معرفة وعلماً ودعاءً وعبادة، هذا ملخص البرنامج، فكله يدور على تحقيق هذا المقصد: كيف نتعبد لله ـ عز وجل ـ بأسمائه معرفة وعلماً وعملاً وترجمة في حياتنا وأحوالنا.

الله ـ جل وعلا ـ سمى نفسه بأسماء وأخبر بها في كتابه، وأخبر بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سنته، ومن تلك الأسماء اسمه: (الله) الذي لم تخل منه سورة، بل جميع السور افتتحت بهذا الاسم، وهذه من خصائص هذا الاسم أن جميع سور القرآن مفتتحة باسم (الله)، إذا قلنا البسملة آية في أول كل سورة، فكل سورة تُبتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم إلا سورة براءة، فإن الصحابة لم يذكروا فيها البسملة، ومع ذلك فأول اسم ذكره الله من أسمائه في سورة براءة: (الله) ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ[التوبة:1].

إذاً: هذا الاسم له خاصية وميزة ليست لغيره من الأسماء، وقد قال بعض أهل العلم: إنه اسم الله تعالى الأعظم، وذكروا لذلك أدلة، منها: أن أكثر الدعاء النبوي مفتتح بـ(اللهم)، ومن ذلك أيضاً: أنه الجامع لمعاني أسماء الله ـ عز وجل ـ وأن الله ـ تعالى ـ يذكره أولاً، فجعلوا خصائص هذا الاسم من مرشحات أن يكون هو الاسم الأعظم.

وذكرت لكم فيما مضى أن سؤال الله ـ تعالى ـ باسمه الأعظم يكون بالتعيين أو بالوصف، بالتعيين: أن ترجح قولاً من الأقوال في اسم الله الأعظم، فمثلاً إذا كنت قد سمعت الأدلة أو سألت عالماً فقال لك: اسم الله الأعظم هو (الله) فعند ذلك أنت إذا قلت يا الله، فقد سألته باسمه الأعظم، لكن إذا اختلطت الأقوال، ولم يترجح لك شيء فعندما تقول: اللهم إني أسألك باسمك الأعظم، فأنت سألت الله ـ تعالى ـ باسمه الأعظم وصفاً لا تعييناً، ولهذا الأمر في ذلك واسع.

وأطيب ما قيل من الأقوال في مسألة ما هو اسم الله الأعظم: أن اسم الله الأعظم لا ينحصر في اسم، بل أسماء الله ـ تعالى ـ تنقسم إلى قسمين في الجملة:

القسم الأول:أسماء تدل على معان معينة، مثل (السميع) يدل على صفة السمع، وأنه يدرك ـ جل وعلا ـ كل الأصوات، كما قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـسنن النسائي (3460)،وسنن ابن ماجة (188): الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ـ جل في علاه ـ فإنني في طرف الحجرة لم أسمع ما كانت تقوله المجادلة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي قال فيها رب العالمين: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ[المجادلة:1].

هذا نمط من الأسماء، وهو ما يدل على معنىً معين أو وصف معين، السميع، البصير، الجبار وما أشبه ذلك من أسماء الله عز وجل.

القسم الثاني:هناك أسماء تدل على غيرها، فهي واسعة الدلالة، يعني: لا تُفسَّر هذه الأسماء بمعنىً واحد، بل تُفسَّر بمعانٍ كثيرة، مثل: (الله) هذه لا تُفسَّر بمعنىً واحد، الله هو المألوه المعبود الذي تألهه القلوب، وتقبِل عليه وتحبه وتعظمه لجلاله وجماله سبحانه وبحمده.

ومن أمثلة ذلك أيضاً: (العظيم) فإنه لا يفسر بمعنىً واحد، إنما العظمة مكتسبة وحاصلة بمجموع ما وصف الله ـ تعالى ـ به نفسه.

كذلك: (الكريم)، وما أشبه ذلك من الأسماء التي لا يكون معناها مستفاداً من وصف واحد، إنما من مجموع صفات، فعند ذلك كل اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ دل على مجموع صفاته، فإنه اسم أعظم، ولهذا جاءت الأحاديث، وإن كان غالب ما جاء في هذا الباب ضعيف؛ لكن جاءت الأحاديث بتعيين بعض الأسماء على أنه اسم الله الأعظم.

فمن ذلك ما جاء من أن اسم الله الأعظم في ثلاث سور: البقرة وآل عمران وطه، في قول الله ـ تعالى ـ: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[البقرة:255]، وفي قوله: ﴿الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[آل عمران:1-2]، وفي قوله: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ[طه:111] فقالوا: إن اسم الله ـ تعالى ـ الأعظم هو الحي القيوم.

ومنهم من قال: إن اسم الله الأعظم في آيتين بناءً على الحديث الوارد، في قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[البقرة:163]، وفي فاتحة آل عمران: ﴿الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[آل عمران:1-2].

ومن أهل العلم من قال: إن الاسم الأعظم هو الله، ومنهم من قال غير ذلك من الأقوال، واستدل هؤلاء بالحديث الذي في السنن أنه من قال: «اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد فقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب»سنن أبي داود (1493)،وسنن الترمذي (3475).

والراجح في اسم الله الأعظم -كما سبق بيانه وإيضاحه- أنه لا يختص باسم معين، بل اسم الله الأعظم هو كل اسم واسع في دلالته ويدل على معانٍ كثيرة، وإذا أراد الإنسان أن يدعو باسم الله الأعظم على وجه محقق فليقل: اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، فأنت سألته بكل أسمائه ومنها اسمه الأعظم، أو أن تقول: اللهم إني أسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت وإذا دعيت به أجبت.

إذاً: مما قيل في اسم الله (الله) أنه هو الاسم الأعظم، وهذه أقوال مما يتعلق بتحديد الاسم الأعظم، والراجح ما تقدم ـ إن شاء الله تعالى ـ من أنه لا يختص باسم معين، بل كل اسم دل على معانٍ عظيمة كثيرة، فإنه اسم أعظم، وهي متفاوتة أيضاً وليست على درجة واحدة في عِظَمها، وأما الاسم الأعظم الذي على الإطلاق، وهو دال على الكمال المطلق لله فهو اسم الله جل في علاه سبحانه وبحمده

مما يتعلق بهذا الاسم هو: كيفية التعبد لله ـ تعالى ـ بهذا الاسم؟ وهذه قضية كبرى، ذلك أن اسم الله ـ تعالى ـ (الله) ذكره الله ـ تعالى ـ في مواضع عديدة في كتابه الحكيم، بل هو أكثر اسم ذكره الله في كتابه، حتى بلغ فيما عده العادون أنه يزيد على ألفين وأربعمائة موضع يذكر الله ـ تعالى ـ فيه هذا الاسم، وذلك لدلالته على حق الله جل وعلا.

هذا الاسم يدل على كل أسماء الله ـ عز وجل ـ وعلى كل ما له من الحقوق، ولذلك كان هذا الاسم في كلمة التوحيد، في الكلمة التي تواطأت عليها دعوات الرسل، فلما يقول القائل في دخوله للإسلام: لا إله إلا الله، لا يقول لا إله إلا الرحمن، وإنما يقول: لا إله إلا الله، فهو الاسم المتصل بتحقيق غاية الوجود ومقصود الكون، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات:56]، فلهذا كان لهذا الاسم هذه المنزلة الكبرى، إذ أنه هو الاسم الذي يدل على حق الله لا إله غيره ـ جل في علاه ـ ولهذا كانت أكثر الأدعية النبوية مصدَّرة بهذا الاسم: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، وما أشبه ذلك من الأدعية النبوية، كسيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك. اللهم أنت لا إله إلا أنت الأحد الصمد، وما أشبه ذلك من الأحاديث الكثيرة المصدرة بهذا الاسم، فلذلك قال أهل العلم: إن هذا الاسم هو الاسم الأعظم. وهذا من الأدلة التي استدلوا بها.

فكون كلمة التوحيد مفتاح الجنة لا إله إلا الله ذُكِر فيها هذا الاسم دل على خصوصية هذا الاسم في المعنى الذي يتصل بهذه الكلمة.

(لا إله إلا الله) هذه الكلمة ما مقصودها؟ وما معناها؟ هذه الكلمة معناها: لا معبود بحق إلا الله، يعني: لا أحد يستحق العبادة إلا الله ـ جل وعلا ـ وهنا يتبين خطأ من يقول: إن لا إله إلا الله يعني: لا خالق إلا الله، هذا ما أحد ينكره، ولم تأت الرسل بدعوة الناس إلى أن يقروا بأن الله هو الخالق، بل كانوا يسألون: من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[العنكبوت:61]، هذا جواب لم يكن فيه خلاف بين الرسل وأقوامهم، فكانوا جميعاً ينطلقون في تقرير التوحيد الذي يجب لله، وهو أن يُعبَد وحده لا شريك له، ولا تُصرف العبادة إلى سواه، وينطقون بكونه رب كل شيء ـ سبحانه وبحمده ـ فلم يكن هناك نزاع في من هو رب السماوات، من خالق السماوات والأرض، فلذلك تفسير هذه الكلمة (لا إله إلا الله) بأنه لا خالق أو لا مخترع إلا الله؛ هذا قصور بمعناها، لاشك أن هذا من دلالات الكلمة، لكنه ليس هو المعنى، فعندما أقول مثلاً في تفسير كلمة (الكريم) أن الكريم هو الذي إذا جاءه ضيف أطعمه وأحسن الطعام، وأقول: هذا هو معنى الكريم، هل هذا صحيح؟ الجواب: لا؛ لأني قصرت الكرم على صورة واحدة أو على معنىً واحد من معاني الكرم، لكن الكريم أوسع من هذا، الكريم هو الذي يعطي الخير الكثير، ولا يرقب له مردوداً ولا يؤمل له عائداً، فذاك في ضيافة الأضياف وفي إغاثة المحتاجين وفي إكرام الأصدقاء وفي الإنفاق على الأهل، وما أشبه ذلك من كلما يندرج تحت وصف الكرم.

ولذلك لما نقول: لا إله إلا الله أي: لا خالق إلا الله؛ فنحن نقصر هذا المعنى الكبير العظيم الذي بعث الله الرسل جميعاً لتقريره، ونقصره على معنىً واحد ونغيب المعاني الرئيسة الأساسية التي تندرج تحت هذه الكلمة.

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، أن تصلح قلوبنا، وأن تغفر ذنوبنا، وأن تيسر أمورنا، وأن تشرح صدورنا، وأن تجعلنا من حزبك وأوليائك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم تولنا فيمن توليت، وعافنا فيمن عافيت، واجعلنا من أوليائك وحزبك يا حي يا قيوم.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من هذا البرنامج: فادعوه بها، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89965 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86964 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف