×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / أحكام 1431 / الحلقة (4)بعض الأحكام المتعلقة بعيد الأضحى.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، أحمده جل في علاه، وأثني عليه الخير كله.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد.

فمرحبا بكم وأهلا وسهلا - أيها الإخوة والأخوات- وأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من المباركين، وأن يمن علينا وإياكم بالقبول، وأسأله من فضله أن يجزي القائمين على مثل هذه البرامج خير الجزاء.

هذا البرنامج " برنامج أحكام" وهو ضمن البرامج المباركة التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد؛ لتبصير حجاج بيت الله الحرام بما ينفعهم في معاشهم ومعادهم، فجزاهم الله خيرا، وبارك في جهودهم.

وفي هذه الحلقة سنتناول العيد، ذاك الاسم المشوق والذي تهفوا إليه النفوس.

 العيد لفظ تشتاق إليه النفوس وتحبه.

وهو يوم شرع الله   تعالى فيه جملة من الأحكام، من الهدي والأضحية وغير ذلك مما سيأتي بيانه وإيضاحه.

كما ذكرت كلمة مشوقة تهفو إليها النفوس، والله تعالى لما شرع هذه الشريعة المباركة وسائر الشرائع، من رحمته بعباده أن أعطى النفوس حظها في طلب البهجة والسرور كما أنه راعى أحوال ما يمكن أن يصيبها من الحزن والضيق والمكدرات.

فأذن الشارع بإعطاء النفوس حقها في الفرح، كما أنه أعطاها حقها في الحزن.

ففي الفرح قال الله تعالى {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}+++ الآية (85) من سورة يونس.---

سمة العيد الفرحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في عيد الفطر: «للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه»+++أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.---

فالفرح في هذه الشريعة مأذون به، بل مأمور به إذا كان مما يقرب إلى الله تعالى ويؤذن بالإقبال عليه، ويعين في السير إليه جل وعلا.

لكنه يكون ممنوعا كما قال الله تعالى :{لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين}+++جزء من الآية رقم (76) من سورة القصص.---

عندما يكون عائقا بين العبد وبين تحقيق العبودية.

بين العبد والوصول إلى مرضاة الله تعالى عند ذلك يكون الفرح مذموما وممنوعا.

فالعيد فرحة، ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم  فيه بجملة من المأذونات، فدخل أبو بكر الصديق خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم إلى بيت النبوة فوجد جاريتين تضربان بالدف، فقال: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا»+++ أخرجه البخاري (952)، ومسلم (892).---

[وفي حديث عائشة رضي الله عنها]«لتعلم يهود أن في ديننا فسحة»+++أخرجه أحمد (6/116) وإسناده حسن.---

إذا: هو يوم بهجة وسرور وفرحة، كما أنه يوم نتعبد لله تعالى بالفرحة والبهجة والسرور  فإننا كما نتعبد لله تعالى بسائر ما نتعبد به من الصيام والقيام ، والحج ، والقيام بقراءة القرآن نحن نتعبد لله تعالى بالفرح، ففرحتنا عبادة، ففرحتنا طاعة لله جل وعلا.

ولهذا يفرح المؤمنون بالعيد على أي وجه كان سواء كان عيد الفطر أو كان عيد الأضحى فكلاهما عيد يبتهج فيه المسلمون.

شرع الله تعالى جملة من القربات في هذا العيد.

وأشار إخواننا إلى جملة مما يشرع في أيام العيد ومنه الأضحية، تلك القربة التي يتقرب بها العباد إلى الله جل في علاه.

وهذا في حق أهل الأمصار، أما في حق أهل منى, فإنهم يتقربون إلى الله تعالى بذبح الهدايا التي يتقرب بها المؤمنون إلى الله تعالى.

الذبح قربة إلى الله تعالى يقول الله تعالى :{قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}+++ سورة الأنعام الأيتان (162) و(163).---

هذا الذي أمر الله تعالى به من التقرب بذبح الهدايا ، والأضاحي هو من العبادات الجليلة التي لها مقام رفيع عند رب العالمين.

 لكن ليس الشأن فيما يتصل بالدماء واللحوم، فإنه لا يصل إلى الله من ذلك شيء،{لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}+++سورة الحج: 37.---، ما يقوم في قلب العبد من إجلال الله وتعظيمه، ومحبته ، ومن الإسراع فيما يحبه ويرضاه, فهذا هو الذي ينفع العبد وهو الذي يرتفع إلى الله جل وعلا قال الله تعالى : {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}+++ سورة فاطر:10.---

هكذا ينبغي أن نستشعر أن هذه الهدايا والأضاحي والقربات، هي رفعة لنا عند الله تعالى.

لكن ينبغي أن نعلم أن لها أحكاما تخصها، فمنها على سبيل المثال أنه ينبغي أن يراعي فيها عدة أمور:

منها:أنمن أراد الأضحية أن يمتنع من أخذ شيء من شعره أو ظفره من دخول العشر؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحى فلا يمس من شعره وبشره شيئا »+++أخرجه مسلم (1977).---، حتى يضحي، أي حتى يذبح أضحيته.

ومنها:أنهينبغي أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وأن تكون سالمة من العيوب، وأن تكون على السن المعتبرة في الغنم أو في البقر أو في الإبل على التفصيلات التي ذكرها العلماء في هذا الشأن.

والمقصود أنه ينبغي مراعاة الأحكام المتعلقة بالأضحية حتى تكون طيبة مقربة للعبد من ربه جل في علاه وأن يتخير أطيب ما يستطيع وهي سنة في قول عامة الفقهاء+++مواهب الجليل (4/362)، والمجموع للإمام النووي (8/382), والمغني لابن قدامة (9/435).---

وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى وجوبها+++البناية شرح الهداية (12/6).---، لما جاء في المسند والسنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من كان له سعة، ولم يضح فلا يقربن مصلانا»+++أخرجه أحمد (2/321)، وابن ماجة(1096).---

هذا أبرز ما يكون من الأعمال العامة المشتركة في هذا اليوم بالنسبة للحجاج التقرب بالهدايا  وبالنسبة لأهل الأمصار في عموم بلاد الإسلام وغيرها التقرب إلى الله تعالى بالأضاحي.

* صلاة العيد هي من الشعائر التي يشرع لأهل الأمصار المحافظة عليها وأن يقبلوا عليها "فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن تخرج الحيض وذوات الخدور إلى المصليات ليشهدن الصلاة، ويحضرن دعوة المسلمين"+++أخرجه مسلم (890)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.---، هكذا مع أنهن لسنا من أهل الصلاة بالنسبة للحيض وأما ذوات الخدور فالأصل فيهن أن لا يخرجن.

المقصود أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويأمر العواتق وذوات الخدور بالخروج وهذا يدل على تأكد شهود هذه الصلاة وهي من المشاهد المبروكة التي يجري الله فيها خيرا عظيما.

وهناكأعمال كثيرة وقربات عديدة تشرع في هذا اليوم بالنسبة لعموم المسلمين، وأبرز ما يكون هو الفرح بطاعة الله تعالى وصلة الأرحام والبذل والإحسان ، وسائر أوجه الخير.

وبالنسبة للأضاحي هي من القربات التي تختص بهذا اليوم ابتداء ولكنها تستمر إلى بقية أيام التشريق تذبح ويتقرب إلى الله تعالى بالأكل منها {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير}+++جزء من الآية رقم (28) من سورة الحج.---

وأيضا يتقرب إلى الله تعالى بالإطعام، وتقديم الهدايا للمحتاجين، وغير المحتاجين من الأقارب، فهي تقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم يأكله، وقسم يهديه، وقسم يتصدق به.

وبهذا نعرف أن هذا الاحتفال العام الذي يكون للمسلمين فيه خير عظيم.

* بالنسبة للصلاة، أهل منى لا يصلون صلاة العيد، كما أن أهل منى يشتغلون بأعمال التحلل، فهو يوم الحج الأكبر في قول عامة علماء الأمة، وهو الذي جاء به الحديث من حديث علي رضي الله عنه «يوم الحج الأكبر يوم النحر»+++أخرجه الترمذي (957)، وصححه الألباني.---

وأما يوم عرفة فهو يوم فضيل، وكبير.

 أما سبب تسمية يوم النحر بيوم الحج الأكبر، فبالنسبة للحجاج فيه أكثر أعمال الحج، فيه رمي الجمار، فيه ذبح الهدايا، فيه الحلاق، فيه قضاء النسك بالطواف بالبيت، والسعي إذا كان لم يسع قبل ذلك.

وبهذا يتبين أنه يوم حافل بالأعمال الصالحة بالنسبة لأهل منى، وأيضا حافل بالأعمال الصالحة لغير أهل منى .

 ومما يتعلق بهذا اليوم أنه يحرم صومه، فقد "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم النحر"+++أخرجه مسلم (1138) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.---

وهنا تنبيه عن ثلاثة أمور، الأضحية والهدي والفدية .

 ثلاثة أمور تتكرر على أسماعنا، ونسمعها من الحجاج ومن غير الحجاج، فما الفروق بينها.

معرفة الفروق تفيد في معرفة الأحكام، فهذه الفروق ليست فروق بين معرفة كلمات ، إنما فروق بين كلمات تتضمن معاني، وتتضمن أحكام، تترتب على تلك المعاني.

الأضحية تكلمنا عنها بشيء من الإلماح لأحكامها في المقطع السابق من حديثنا، وقلنا: إن الأضحية يتقرب بها الناس إلى الله تعالى ابتداء من يوم النحر، ويمتد التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي في أيام التشريق، في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر في أصح قولي العلماء+++ينظر المجموع للإمام النووي (8/387), والمغني لابن قدامة (3/385), والفتاوى الكبرى (5/385).---

 من أهل العلم+++ينظر المبسوط للسرخسي (8/200), ومواهب الجليل (4/273).---من يقول إلى يوم الثاني عشر فقط، والثالث عشر ليس محلا للذبح.

والصحيح أن جميع هذه الأيام الأربعة أيام لذبح الأضاحي والتقرب إلى الله تعالى بالأضحية. كما أنه يتقرب إلى الله تعالى بالأضحية في الليل والنهار.

متى تبتدأ الأضحية؟

تبتدأ الأضحية بعد صلاة العيد، يعني بعد فراغ الإمام من صلاة العيد يبتدأ وقت الأضحية.

 فإذا كان في مكان لا يصلى فيه العيد، قال الفقهاء بقدر مضي صلاة العيد.

والأفضل والسنة أن لا يضحي الناس إلا بعد فراغ الإمام من خطبته وانتهائه مما يتصل بخطبة العيد، لأنه كان النبي صلى الله عليه وسلم  يبتدأ الأضحية بفراغه من الخطبة، وكان صلى الله عليه وسلم يضحي في مصلاه.

هذا فيما يتصل بالأضحية، وعرفنا أنها سنة عامة لأهل الإسلام في كل مكان، فليست مما يرتبط بأعمال الحج، أو يرتبط بالحرم، بل هي في كل مكان، يتقرب إلى الله تعالى المسلمون بذبح الأضاحي.

وأما الهدايا وهي القسم الثاني:هو ما يهدى إلى البيت ، ما يهدى إلى الحرم، والهدي نوعان:

هدي واجب، وهدي مستحب.

الهدي الواجب هو ما فرضه الله تعالى على المتمتعين، وهم من تمتع بالعمرة إلى الحج، يعني من جمع في مجيئه إلى هذا البيت بين عمرة وحج, فإنه يجب عليه هدي، لقول الله تعالى :{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}+++جزء من الآية رقم (196) من سورة البقرة.---

أي ما تيسر من الهدي، وما تيسر من الهدي يشمل كل هدي توافرت فيه الصفات المشروعة، ارتفع ثمنه، أو قل ثمنه، وذلك أن المقصود هو التقرب إلى الله تعالى بذبح الهدايا على وفق ما كان يتقرب به النبي صلى الله عليه وسلم  بالشيء السالم من العيوب البالغ السن المعتبرة، هذا ما ينبغي أن يلاحظ من بهيمة الأنعام، وهذا ثالث الأوصاف التي يجب مراعاتها.

لا فرق بين الهدي والأضحية من حيث ما يتقرب به، يعني الهدي والأضحية والفدية كلها يجب فيها مراعاة هذه الأمور الثلاثة، أن تكون سالمة من العيوب، أن تبلغ السن المعتبرة، وأن تكون من بهيمة الأنعام.

وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم.

هذه مشتركة بين الأمور الثلاث، لكن هناك فروقات، عرفنا أن الأضحية تكون عامة للناس أما الهدي فمنه ما هو واجب ومنه ما هو مستحب.

الواجب في حق المتمتع والقارن، والمستحب في حق المفرد، وأيضا ما زاد على الواجب وهو شاة واحدة بالنسبة للمتمتع والقارن فإنه مستحب، وهو نسك تقرب وهو واجب يتقرب به الناس كطوافهم بالبيت، وكسعيهم بين الصفا والمروة، ويشرع ذبحه في الحرم فلا يذبح في خارج الحرم.

أما الفدية :ثالث المذكورات في حديثنا هذه الحلقة.

الفدية من اسمها توحي بأن هناك ما يفتدى، هناك ما يتوقى من المؤاخذة، فالفدية هي في مقابل ترك واجب، أو هي في مقابل فعل محظور، وبه نعلم الفرق بين الهدايا والأضاحي والفدية.

الفدية لا تفعل ابتداء إنما تفعل في مقابل ترك واجب من واجبات النسك - الحج والعمرة - أو ارتكاب محظور من محظورات الإحرام، أي ممنوع من ممنوعات الإحرام.

فعلى سبيل المثال، من أحرم وهو من أهل المواقيت، أحرم بعد أن تجاوز الميقات، هذا يجب عليه فدية.

من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام بأن حلق رأسه مثلا ، تجب عليه فدية.

الفدية في ترك الواجب هي ذبح شاة؛ لكن في فعل المحظور الفدية تتنوع، وليست مقصورة فقط على ذبح شاة.

ارتكاب المحظور من حلاق أو تقليم أظافر أو تطيب ، هنا هو مخير بين ثلاث خيارات ذكرها الله تعالى في قوله {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} ثم قال:{فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه} صورتان من المبيحات لحلق الرأس {ففدية} أي الواجب عليه مقابل حلق الرأس {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}.

وهذه الأمور الثلاثة هي:

الصدقة:هي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من غالب قوت البلد.

الصيام:ثلاثة أيام.

النسك:هو الفدية التي ذكرناها، وهي خيارية في هذه الصورة وليست واجبة، إنما على وجه الخيار فيما إذا كانت في ارتكاب محظور من هذا الجنس.

أما إذا كان المحظور جماعا فإن الفدية فيه على تفصيل عند العلماء: فمنهم من يقول: إذا كان قبل التحلل الأول تجب بدنه، وإذا كان بعد التحلل الأول فله خيار بين ثلاثة أمور وتفاصيل هذه الأمور قد يضيق عنها الوقت.

لكن نعود ونقول: إنه قد تبين لنا من خلال هذا العرض أن الفدية مختلفة عن الأمرين المذكورين وهما الأضحية والهدي.

الهدي والأضحية تقرب ابتدائي، إما واجب وإما مستحب.

وأما الفدية فإنها تكون افتكاك من إثم، وتخلص من خطأ، سواء كان هذا الخطأ ارتكاب لمحظور، أو كان هذا الخطأ تركا لواجب.

 لا فرق أنه تجب الفدية ولكن فيما يتصل بارتكاب المحظور، فارتكاب المحظور قد تكون الفدية مخير فيها بين ثلاثة أمور كما ذكرنا ، إما إطعام، وإما صيام، وإما ذبح فدية مقابل ما وقع من محظور لقوله تعالى{ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}.

هذا ما يتصل بهذه الأمور الثلاثة وهي الأضحية والهدي والفدية، وبه نعلم أنها جميعا مما يتقرب به إلى الله تعالى.

ينبغي أن يحرص فيها المؤمن على استطابة ما يتقرب به إلى الله، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.

ومن طيب هذه الأمور أن تكون على أعلى ما يكون مما يستطيعه الإنسان، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لكن حسب طاقته، ينبغي أن لا يبخل، بل يجود بما يستطيع في أضحيته في هديه، في فديته، فإن الله كريم يعطي على القليل الكثير {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى} وهو محبة التقرب بأنفس وأثمن وأعلى وأطيب ما يجود به الإنسان وما يجده.

أسأل الله لي ولكم القبول.

وفي ختام هذه الحلقة أذكركم بأنها حلقة ضمن الحلقات التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، لتوعية حجاج بيت الله الحرام، أسأل الله أن يجزيهم خيرا، وأن يوفق القائمين على هذه البرامج خير الجزاء.

وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:3320

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، أحمده جل في علاه، وأثني عليه الخير كله.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد.

فمرحباً بكم وأهلاً وسهلاً - أيها الإخوة والأخوات- وأسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعلني وإياكم من المباركين، وأن يمن علينا وإياكم بالقبول، وأسأله من فضله أن يجزي القائمين على مثل هذه البرامج خير الجزاء.

هذا البرنامج " برنامج أحكام" وهو ضمن البرامج المباركة التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد؛ لتبصير حجاج بيت الله الحرام بما ينفعهم في معاشهم ومعادهم، فجزاهم الله خيراً، وبارك في جهودهم.

وفي هذه الحلقة سنتناول العيد، ذاك الاسم المشوق والذي تهفوا إليه النفوس.

 العيد لفظ تشتاق إليه النفوس وتحبه.

وهو يوم شرع الله  ـ تعالى ـ فيه جملة من الأحكام، من الهدي والأضحية وغير ذلك مما سيأتي بيانه وإيضاحه.

كما ذكرت كلمة مشوقة تهفو إليها النفوس، والله ـ تعالى ـ لما شرع هذه الشريعة المباركة وسائر الشرائع، من رحمته بعباده أن أعطى النفوس حظها في طلب البهجة والسرور كما أنه راعى أحوال ما يمكن أن يصيبها من الحزن والضيق والمكدرات.

فأذن الشارع بإعطاء النفوس حقها في الفرح، كما أنه أعطاها حقها في الحزن.

ففي الفرح قال الله ـ تعالى ـ {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} الآية (85) من سورة يونس.

سمة العيد الفرحة، وقد قال النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ في عيد الفطر: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ»أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

فالفرح في هذه الشريعة مأذون به، بل مأمور به إذا كان مما يقرب إلى الله ـ تعالى ـ ويؤذن بالإقبال عليه، ويعين في السير إليه جل وعلا.

لكنه يكون ممنوعاً كما قال الله ـ تعالى ـ :{لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}جزء من الآية رقم (76) من سورة القصص.

عندما يكون عائقاً بين العبد وبين تحقيق العبودية.

بين العبد والوصول إلى مرضاة الله ـ تعالى ـ عند ذلك يكون الفرح مذموماً وممنوعاً.

فالعيد فرحة، ولهذا أذن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ فيه بجملة من المأذونات، فدخل أبو بكر الصدِّيق خير هذه الأمة بعد نبيها ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إلى بيت النبوة فوجد جاريتين تضربان بالدف، فقال: أَبِمُزْمُورِ الشَّيْطَانِ في بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَذَلِكَ في يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» أخرجه البخاري (952)، ومسلم (892).

[وفي حديث عائشة رضي الله عنها]«لَتَعْلَمُ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً»أخرجه أحمد (6/116) وإسناده حسن.

إذاً: هو يوم بهجة وسرور وفرحة، كما أنه يوم نتعبد لله ـ تعالى ـ بالفرحة والبهجة والسرور  فإننا كما نتعبد لله ـ تعالى ـ بسائر ما نتعبد به من الصيام والقيام ، والحج ، والقيام بقراءة القرآن نحن نتعبد لله ـ تعالى ـ بالفرح، ففرحتنا عبادة، ففرحتنا طاعة لله جل وعلا.

ولهذا يفرح المؤمنون بالعيد على أي وجهٍ كان سواء كان عيد الفطر أو كان عيد الأضحى فكلاهما عيد يبتهج فيه المسلمون.

شرع الله تعالى جملة من القربات في هذا العيد.

وأشار إخواننا إلى جملة مما يشرع في أيام العيد ومنه الأضحية، تلك القربة التي يتقرب بها العباد إلى الله جل في علاه.

وهذا في حق أهل الأمصار، أما في حق أهل منى, فإنهم يتقربون إلى الله ـ تعالى ـ بذبح الهدايا التي يتقرب بها المؤمنون إلى الله تعالى.

الذبح قربة إلى الله ـ تعالى ـ يقول الله ـ تعالى ـ:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} سورة الأنعام الأيتان (162) و(163).

هذا الذي أمر الله ـ تعالى ـ به من التقرب بذبح الهدايا ، والأضاحي هو من العبادات الجليلة التي لها مقام رفيع عند رب العالمين.

 لكن ليس الشأن فيما يتصل بالدماء واللحوم، فإنه لا يصل إلى الله من ذلك شيء،{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}سورة الحج: 37.، ما يقوم في قلب العبد من إجلال الله وتعظيمه، ومحبته ، ومن الإسراع فيما يحبه ويرضاه, فهذا هو الذي ينفع العبد وهو الذي يرتفع إلى الله ـ جل وعلا ـ قال الله ـ تعالى ـ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} سورة فاطر:10.

هكذا ينبغي أن نستشعر أن هذه الهدايا والأضاحي والقربات، هي رفعة لنا عند الله تعالى.

لكن ينبغي أن نعلم أن لها أحكاماً تخصها، فمنها على سبيل المثال أنه ينبغي أن يراعي فيها عدة أمور:

منها:أنمن أراد الأضحية أن يمتنع من أخذ شيء من شعره أو ظفره من دخول العشر؛ لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قال: « إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا »أخرجه مسلم (1977).، حتى يضحي، أي حتى يذبح أضحيته.

ومنها:أنهينبغي أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وأن تكون سالمة من العيوب، وأن تكون على السن المعتبرة في الغنم أو في البقر أو في الإبل على التفصيلات التي ذكرها العلماء في هذا الشأن.

والمقصود أنه ينبغي مراعاة الأحكام المتعلقة بالأضحية حتى تكون طيبة مقربة للعبد من ربه ـ جل في علاه ـ وأن يتخير أطيب ما يستطيع وهي سُنة في قول عامة الفقهاءمواهب الجليل (4/362)، والمجموع للإمام النووي (8/382), والمغني لابن قدامة (9/435).

وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى وجوبهاالبناية شرح الهداية (12/6).، لما جاء في المسند والسنن من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قال:«مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا»أخرجه أحمد (2/321)، وابن ماجة(1096).

هذا أبرز ما يكون من الأعمال العامة المشتركة في هذا اليوم بالنسبة للحجاج التقرب بالهدايا  وبالنسبة لأهل الأمصار في عموم بلاد الإسلام وغيرها التقرب إلى الله ـ تعالى ـ بالأضاحي.

* صلاة العيد هي من الشعائر التي يشرع لأهل الأمصار المحافظة عليها وأن يقبلوا عليها "فالنبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أمر بأن تخرج الحيَّض وذوات الخدور إلى المصليات ليشهدن الصلاة، ويحضرن دعوة المسلمين"أخرجه مسلم (890)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.، هكذا مع أنهن لسنا من أهل الصلاة بالنسبة للحيَّض وأما ذوات الخدور فالأصل فيهن أن لا يخرجن.

المقصود أنه كان النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يدعو ويأمر العواتق وذوات الخدور بالخروج وهذا يدل على تأكد شهود هذه الصلاة وهي من المشاهد المبروكة التي يجري الله فيها خيراً عظيماً.

وهناكأعمال كثيرة وقربات عديدة تشرع في هذا اليوم بالنسبة لعموم المسلمين، وأبرز ما يكون هو الفرح بطاعة الله ـ تعالى ـ وصلة الأرحام والبذل والإحسان ، وسائر أوجه الخير.

وبالنسبة للأضاحي هي من القربات التي تختص بهذا اليوم ابتداءً ولكنها تستمر إلى بقية أيام التشريق تذبح ويتقرب إلى الله ـ تعالى ـ بالأكل منها {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}جزء من الآية رقم (28) من سورة الحج.

وأيضاً يتقرب إلى الله ـ تعالى ـ بالإطعام، وتقديم الهدايا للمحتاجين، وغير المحتاجين من الأقارب، فهي تقسَّم إلى ثلاثة أقسام: قسم يأكله، وقسم يهديه، وقسم يتصدق به.

وبهذا نعرف أن هذا الاحتفال العام الذي يكون للمسلمين فيه خير عظيم.

* بالنسبة للصلاة، أهل منى لا يصلون صلاة العيد، كما أن أهل منى يشتغلون بأعمال التحلل، فهو يوم الحج الأكبر في قول عامة علماء الأمة، وهو الذي جاء به الحديث من حديث علي ـ رضي الله عنه ـ «يوم الحج الأكبر يوم النحر»أخرجه الترمذي (957)، وصححه الألباني.

وأما يوم عرفة فهو يوم فضيل، وكبير.

 أما سبب تسمية يوم النحر بيوم الحج الأكبر، فبالنسبة للحجاج فيه أكثر أعمال الحج، فيه رمي الجمار، فيه ذبح الهدايا، فيه الحلاق، فيه قضاء النسك بالطواف بالبيت، والسعي إذا كان لم يسع قبل ذلك.

وبهذا يتبين أنه يوم حافل بالأعمال الصالحة بالنسبة لأهل منى، وأيضاً حافل بالأعمال الصالحة لغير أهل منى .

 ومما يتعلق بهذا اليوم أنه يحرم صومه، فقد "نهى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عن صيام يوم النحر"أخرجه مسلم (1138) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وهنا تنبيه عن ثلاثة أمور، الأضحية والهدي والفدية .

 ثلاثة أمور تتكرر على أسماعنا، ونسمعها من الحجاج ومن غير الحجاج، فما الفروق بينها.

معرفة الفروق تفيد في معرفة الأحكام، فهذه الفروق ليست فروق بين معرفة كلمات ، إنما فروق بين كلمات تتضمن معاني، وتتضمن أحكام، تترتب على تلك المعاني.

الأضحية تكلمنا عنها بشيء من الإلماح لأحكامها في المقطع السابق من حديثنا، وقلنا: إن الأضحية يتقرب بها الناس إلى الله ـ تعالى ـ ابتداء من يوم النحر، ويمتد التقرب إلى الله ـ تعالى ـ بذبح الأضاحي في أيام التشريق، في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر في أصح قولي العلماءينظر المجموع للإمام النووي (8/387), والمغني لابن قدامة (3/385), والفتاوى الكبرى (5/385).

 من أهل العلمينظر المبسوط للسرخسي (8/200), ومواهب الجليل (4/273).من يقول إلى يوم الثاني عشر فقط، والثالث عشر ليس محلاً للذبح.

والصحيح أن جميع هذه الأيام الأربعة أيام لذبح الأضاحي والتقرب إلى الله ـ تعالى ـ بالأضحية. كما أنه يتقرب إلى الله ـ تعالى ـ بالأضحية في الليل والنهار.

متى تبتدأ الأضحية؟

تبتدأ الأضحية بعد صلاة العيد، يعني بعد فراغ الإمام من صلاة العيد يبتدأ وقت الأضحية.

 فإذا كان في مكان لا يصلى فيه العيد، قال الفقهاء بقدر مضي صلاة العيد.

والأفضل والسنة أن لا يضحي الناس إلا بعد فراغ الإمام من خطبته وانتهائه مما يتصل بخطبة العيد، لأنه كان النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ يبتدأ الأضحية بفراغه من الخطبة، وكان ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يضحي في مصلاه.

هذا فيما يتصل بالأضحية، وعرفنا أنها سنة عامة لأهل الإسلام في كل مكان، فليست مما يرتبط بأعمال الحج، أو يرتبط بالحرم، بل هي في كل مكان، يتقرب إلى الله ـ تعالى ـ المسلمون بذبح الأضاحي.

وأما الهدايا وهي القسم الثاني:هو ما يهدى إلى البيت ، ما يهدى إلى الحرم، والهدي نوعان:

هدي واجب، وهدي مستحب.

الهدي الواجب هو ما فرضه الله ـ تعالى ـ على المتمتعين، وهم من تمتع بالعمرة إلى الحج، يعني من جمع في مجيئه إلى هذا البيت بين عمرة وحج, فإنه يجب عليه هدي، لقول الله ـ تعالى ـ:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}جزء من الآية رقم (196) من سورة البقرة.

أي ما تيسر من الهدي، وما تيسر من الهدي يشمل كل هدي توافرت فيه الصفات المشروعة، ارتفع ثمنه، أو قل ثمنه، وذلك أن المقصود هو التقرب إلى الله ـ تعالى ـ بذبح الهدايا على وفق ما كان يتقرب به النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ بالشيء السالم من العيوب البالغ السن المعتبرة، هذا ما ينبغي أن يلاحظ من بهيمة الأنعام، وهذا ثالث الأوصاف التي يجب مراعاتها.

لا فرق بين الهدي والأضحية من حيث ما يتقرب به، يعني الهدي والأضحية والفدية كلها يجب فيها مراعاة هذه الأمور الثلاثة، أن تكون سالمة من العيوب، أن تبلغ السن المعتبرة، وأن تكون من بهيمة الأنعام.

وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم.

هذه مشتركة بين الأمور الثلاث، لكن هناك فروقات، عرفنا أن الأضحية تكون عامة للناس أما الهدي فمنه ما هو واجب ومنه ما هو مستحب.

الواجب في حق المتمتع والقارن، والمستحب في حق المفرد، وأيضاً ما زاد على الواجب وهو شاة واحدة بالنسبة للمتمتع والقارن فإنه مستحب، وهو نسك تقرب وهو واجب يتقرب به الناس كطوافهم بالبيت، وكسعيهم بين الصفا والمروة، ويشرع ذبحه في الحرم فلا يذبح في خارج الحرم.

أما الفدية :ثالث المذكورات في حديثنا هذه الحلقة.

الفدية من اسمها توحي بأن هناك ما يفتدى، هناك ما يتوقى من المؤاخذة، فالفدية هي في مقابل ترك واجب، أو هي في مقابل فعل محظور، وبه نعلم الفرق بين الهدايا والأضاحي والفدية.

الفدية لا تفعل ابتداء إنما تفعل في مقابل ترك واجب من واجبات النسك - الحج والعمرة - أو ارتكاب محظور من محظورات الإحرام، أي ممنوع من ممنوعات الإحرام.

فعلى سبيل المثال، من أحرم وهو من أهل المواقيت، أحرم بعد أن تجاوز الميقات، هذا يجب عليه فدية.

من ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام بأن حلق رأسه مثلاً ، تجب عليه فدية.

الفدية في ترك الواجب هي ذبح شاة؛ لكن في فعل المحظور الفدية تتنوع، وليست مقصورة فقط على ذبح شاة.

ارتكاب المحظور من حلاق أو تقليم أظافر أو تطيب ، هنا هو مخير بين ثلاث خيارات ذكرها الله ـ تعالى ـ في قوله {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} ثم قال:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} صورتان من المبيحات لحلق الرأس {فَفِدْيَةٌ} أي الواجب عليه مقابل حلق الرأس {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}.

وهذه الأمور الثلاثة هي:

الصدقة:هي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من غالب قوت البلد.

الصيام:ثلاثة أيام.

النسك:هو الفدية التي ذكرناها، وهي خيارية في هذه الصورة وليست واجبة، إنما على وجه الخيار فيما إذا كانت في ارتكاب محظور من هذا الجنس.

أما إذا كان المحظور جماعاً فإن الفدية فيه على تفصيل عند العلماء: فمنهم من يقول: إذا كان قبل التحلل الأول تجب بدنه، وإذا كان بعد التحلل الأول فله خيار بين ثلاثة أمور وتفاصيل هذه الأمور قد يضيق عنها الوقت.

لكن نعود ونقول: إنه قد تبين لنا من خلال هذا العرض أن الفدية مختلفة عن الأمرين المذكورين وهما الأضحية والهدي.

الهدي والأضحية تقرب ابتدائي، إما واجب وإما مستحب.

وأما الفدية فإنها تكون افتكاك من إثم، وتخلص من خطأ، سواء كان هذا الخطأ ارتكاب لمحظور، أو كان هذا الخطأ تركاً لواجب.

 لا فرق أنه تجب الفدية ولكن فيما يتصل بارتكاب المحظور، فارتكاب المحظور قد تكون الفدية مخير فيها بين ثلاثة أمور كما ذكرنا ، إما إطعام، وإما صيام، وإما ذبح فدية مقابل ما وقع من محظور لقوله تعالى{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}.

هذا ما يتصل بهذه الأمور الثلاثة وهي الأضحية والهدي والفدية، وبه نعلم أنها جميعاً مما يتقرب به إلى الله تعالى.

ينبغي أن يحرص فيها المؤمن على استطابة ما يتقرب به إلى الله، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.

ومن طيب هذه الأمور أن تكون على أعلى ما يكون مما يستطيعه الإنسان، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لكن حسب طاقته، ينبغي أن لا يبخل، بل يجود بما يستطيع في أضحيته في هديه، في فديته، فإن الله كريم يعطي على القليل الكثير {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى} وهو محبة التقرب بأنفس وأثمن وأعلى وأطيب ما يجود به الإنسان وما يجده.

أسأل الله لي ولكم القبول.

وفي ختام هذه الحلقة أذكركم بأنها حلقة ضمن الحلقات التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، لتوعية حجاج بيت الله الحرام، أسأل الله أن يجزيهم خيراً، وأن يوفق القائمين على هذه البرامج خير الجزاء.

وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89954 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86963 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف