×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / العقيدة / القصيدة اللامية / الدرس(4) من شرح القصيدة اللامية.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

أما الحكيم والكريم فقد جاء بهما القرآن الكريم , قال الله تعالى:﴿إنه لقرآن كريم﴾+++ سورة الواقعة:77.---.  وقال تعالى:﴿كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾+++ سورة هود:1.---.  هذا فيما يتعلق بوصف الإحكام وقد جاء وصفه في قوله تعالى:﴿تلك آيات الكتاب الحكيم﴾+++ سورة يونس:1.---. فجاء في القرآن عدة أوصاف جاء وصفه بالحكيم , وجاء وصفه بالكريم، وجاء وصفه بالمجيد، وبغير ذلك من أوصاف .  لكن ما يتعلق بالوصف الذي ذكره المؤلف في النظم في الثلاث نسخ نسخة "الحكيم" وقد دل عليها قوله تعالى:﴿تلك آيات الكتاب الحكيم﴾.  ونسخة "الكريم" دل عليها قول الله تعالى:﴿إنه لقرآن كريم﴾. ونسخة "القديم" فنحتاج إلى النظر في صحة هذا الوصف هل يصح هذا الوصف ؟ . هل يصح وصف القرآن بالقديم ؟ أو لا ؟.  القديم في كلام المتقدمين المقصود به "الأول الذي ليس قبله شيء", هذا مرادهم بالقديم .  يعني إذا قال أهل الكلام "قديم" فالمراد الذي لا يسبقه شيء، بمعنى أنه الأول الذي ليس قبله شيء.  وهذا تعريف للقديم خلاف ما جرى عليه عمل أهل اللغة فإن أهل اللغة يستعملون القديم للمتقدم على غيره بغض النظر عن كونه مسبوقا بعدم أو لم يسبق بعدم.  وأما أهل الكلام فعندهم القديم بمعنى الأزلي الذي ليس قبله شيء.  فبينهما فرق, وأهل العلم من أهل السنة والجماعة ليس في كلام أحد منهم وصف القرآن بأنه قديم، ليس في كلام أهل السنة.  وصف القرآن بالقديم وإنما جاء ذلك في كلام بعض مثبتة الصفات فأهل السنة متفقون على أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته, يعني : متى شاء جل وعلا وإن كان جنس الكلام قديما لكن كلامه بمشيئته وقدرته.  ذهب بعض مثبتة الصفات إلى أن كلام الله تعالى قديم النوع والأفراد, وهذا قول ابن كلاب أول من قال به عبد الله بن كلاب ولذلك وصف القرآن بأنه قديم.  وهو أول من اشتهر عنه هذا القول.  وأما الأئمة من السلف فإنهم لم يقولوا ذلك ولا يحفظ عنهم فيه شيء.  بل إن الله سبحانه وتعالى وصف بعض القرآن بأنه محدث , قال تعالى ﴿ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون﴾+++ سورة الأنبياء:2.---.  فوصفه بأنه محدث، والمقصود بالإحداث هنا ما يقابل القديم.  لكن ما يقابل القديم في لغة العرب لا القديم الذي اصطلح عليه أهل الكلام.  المقصود أنه لا يصح وصف القرآن بالقديم فليس في كلام السلف ما يصدق هذا الوصف بل فيه ما يدل على بطلانه لأن الله تعالى تكلم بالقرآن لما أنزله، وأما ابن كلاب وتبعه الأشعري وجماعة من مثبتة الصفات فيقولون: إنه تكلم بالقرآن أزلا ولم يتكلم به وقت نزوله. ولذلك يقولون القرآن قديم يعني أنه كذاته فلم يحدث بعد أن لم يكن.  وهذا مبني على اختلال عندهم على أصل من أصول الاعتقاد وهو مسألة أن الحادث لا يكون إلا في حادث، وأن الحدوث يدل على الحدوث . على كل حال الذي يهمنا أن هذه اللفظة لا يمكن أن تصح عن شيخ الإسلام رحمه الله، وهي وصف القرآن بالقديم لأن هذا الوصف لم يأت في كلام السلف، ولأن معناه باطل إذ يلزم أن الله لم يتكلم بالقرآن بمشيئته وقدرته، وهو يخالف ما دلت عليه الآيات ومنها قوله تعالى ﴿ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ...﴾. فوصفه الله تعالى بأنه محدث .  قال رحمه الله في ثاني الأوصاف التي يثبتها للقرآن , قال:"فهو القديم المنزل"، ولم يبين المؤلف من أين نزل .  أولا : وصف القرآن بأنه منزل جاء ذلك في كلام الله تعالى في قوله تعالى في سورة الأنعام ﴿والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق﴾+++ سورة الأنعام:114.---. فما ذكره رحمه الله من أن آيات القرآن جاءت بهذا الوصف صحيح, وهو في هذه الآية من سورة الأنعام وهذا يدل على أن القرآن غير مخلوق . فإن قوله رحمه الله:"فهو القديم المنزل ".  "المنزل" : من فوائد هذا الوصف أن القرآن غير مخلوق كما دل عليه قوله تعالى  ﴿والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق﴾، فليس القرآن مخلوق كما يقوله الجهمية والمعتزلة.  بل القرآن كلام الله تعالى منه بدأ, أي منه خرج. ابتدأ به الكلام سبحانه وتعالى لم يبتدئ الكلام من غيره.  وقد جاء وصف القرآن بأنه منزل في آيات كثيرة وبين في آيات كثيرة من أين أنزل.  وهذا يبين أنه إنزال خاص.  لأن الإنزال الذي أخبر الله عز وجل به في كتابه إما أن يكون مقيدا وإما أن يكون مطلقا.  المقيد هو ما بين فيه جهة الإنزال أو مصدر الإنزال.  قال تعالى :﴿ تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ﴾+++ سورة الزمر:1.---. هذا إخبار بإنزال وبيان من أين أنزل﴿ تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم﴾+++ سورة غافر:2.--- ﴿تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين﴾+++ سورة السجدة:2.---.  كل هذه الآيات دالة ما ذكره المؤلف رحمه الله من أن القرآن منزل، وهي تفيد أنه كلام الله تعالى غير مخلوق وبين الله تعالى أن إنزاله كان بالحق كما قال جل وعلا:﴿قل نزله روح القدس من ربك بالحق ﴾+++ سورة النحل:102.---.  فهذه أيضا كالآية السابقة في بيان جهة الإنزال وفي بيان أنه إنزال مصاحب للحق فهو حق، وهذا الإنزال حق، والذي نزل به جبريل كما قال الله تعالى ﴿قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه﴾+++ سورة البقرة:97.---. فأخبر الله تعالى بإنزال القرآن وأن من نزل به جبريل, وقال تعالى في آية أخرى ﴿نزل به الروح الأمين ﴾+++ سورة النحل:102.---، وهو جبريل عليه السلام، فالروح الأمين هو جبريل، لأن الله تعالى بين أن من أعمال جبريل التي توجب ولايته ومحبته وتنفي عداوته وبغضه إنزاله القرآن .  قال تعالى ﴿قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه﴾، وهذا يبين أن القرآن منزل من رب العالمين.  وعلى هذا أجمع سلف الأمة، لا خلاف بينهم، ودلائل هذا في القرآن واضحة لا خفاء فيها ولا لبس.  لكن الذي يفيده إنزال القرآن أنه غير مخلوق، وفي هذا الرد على جميع الطوائف التي ضلت في باب كلام الله تعالى وفي باب القرآن خصوصا. ثم قال رحمه الله : وصحيح أخبار الصفات أمرها  *** حقا كما نقل الطراز الأول      المؤلف رحمه الله  ذكر في القرآن بيتا واحدا أثبت فيه ما يعتقده في القرآن وأنه يعتقد في القرآن ما دلت عليه الآيات، وذكر من ذلك أمرين: الأمر الأول: أنه حكيم .  والأمر الثاني في النسخة الثانية: أنه كريم , وأنه منزل منه جل وعلا.  ومعنى كريم وحكيم واضح, الكريم: كثير البركة والخير والإحسان .  والحكيم : أنه محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيصدق بعضه بعضا. فهو محكم في أخباره، محكم في أحكامه.  فالإحكام منتظم لجميع ما في هذا القرآن.  ثم بعد هذا انتقل المؤلف رحمه الله  إلى ذكر ما يجب اعتقاده في الصفات عموما.  في صفات الله تعالى ليس فقط في القرآن إنما في الصفات كلها وهذا من باب الانتقال من الخاص إلى العام، فذكر ما يجب اعتقاده في القرآن، ولعله لأجل حاجة السائل.  ثم انتقل لتقعيد ما يجب أن يكون عليه المؤمن في باب صفات الله تعالى فقال رحمه الله: وصحيح أخبار الصفات أمرها *** حقا كما ذكر الطراز الأول وأرد عهدتها إلى نقالها  ***  وأصونها عن كل ما يتخيل وأقول قال الله – جل جلاله  *** والمصطفى الهادي ولا أتأول قبحا لمن نبذ القران وراءه  *** وإذا استدل يقول قال الأخطل   هذه الأبيات الأربعة هي تقعيد لما يجب اعتقاده في باب الأسماء والصفات.  يقول رحمه الله :"وصحيح أخبار الصفات".  الصفات : جمع صفة، وهي ما أخبر الله تعالى به عن نفسه من أسماءه وصفاته؛ لأن المقصود بالصفات هنا الصفات وما يدل عليها، فإن الأسماء دالة على الصفات.  فالمقصود بهذا الباب : باب الأسماء والصفات.  الأسماء التي ذكرها الله تعالى عن نفسه والصفات التي أخبر بها عن نفسه جل وعلا.  يقول " وصحيح أخبار الصفات أمرها ". " صحيح أخبار الصفات " ولم يتكلم عن الآيات، لأن الآيات لا صحيح فيها وضعيف, إنما كلها ثابتة لكن قد بين أنه يقول بما تدل عليه الآيات في البيت السابق حيث قال "وأقول في القرآن ما جاءت به آياته"، فدل ذلك على أن ما دلت عليه الآيات يجب قبوله وتصديقه في القرآن وفي غيره . ثم لما كان كثير من الصفات ثبتت في الأحاديث، ولما كان المعترك فيما يثبت وما يرد من الصفات في الأحاديث بخلاف القرآن فإن القرآن لا يناقش في ثبوته، انتقل إلى بيان ما يجب اعتقاده في أحاديث الصفات والأمر لا يختص أحاديث الصفات فقط، بل نصوص الصفات.  لكن أشار بقوله:"صحيح أخبار الصفات"، أنه لا يعتمد في الأحاديث إلا ما كان صحيحا فما كان ضعيفا فإنه لا يعتمده في إثبات صفات الله تعالى.  إذا: لماذا قال المؤلف رحمه الله "صحيح أخبار الصفات"، مع أن الصفات ثبتت بالكتاب والسنة؟.  الجواب على هذا أن يقال: إن القرآن قد ذكره في البيت السابق، في قوله "وأقول في القرآن ما جاءت به آياته"، وكذا في سائر الصفات فلم يحتاج إلى ذكر القرآن.  أو يقال إنه لم يذكر القرآن لأن القرآن من حيث الثبوت لا ينقسم إلى صحيح وضعيف، بخلاف السنة فإنها تنقسم إلى صحيح وضعيف، فتحتاج إلى أن يميز ما الذي يثبته من أحاديث الصفات.  أما آيات الصفات فإنها ثابتة لا تحتاج إلى مناقشة.  قال رحمه الله "وصحيح أخبار "، أخبار : جمع خبر وهو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . والأصل في الخبر أنه أوسع من الحديث لأنه يدخل فيه قول الصحابي وقول التابعي فكله خبر؛ لكن المقصود بالخبر هنا خبر الرسول صلى الله عليه وسلم . يقول "وصحيح أخبار الصفات أمرها " والصفات معلوم أنها تنقسم إلى أقسام، الصفات التي ثبتت لله تعالى بالنصوص منها ما هو ذاتي، ومنها ما هو فعلي، ومنها ما هو خبري.  فالصفات لها تقسيمات عديدة, وكل هذه الصفات يجب إثباتها كما قال المؤلف رحمه الله لأنه قال : وصحيح أخبار الصفات أمرها *** حقا كما ذكر الطراز الأول " أمرها حقا "، قوله حقا : حال يعني حال كوني مقرا بها، وحال كوني معتقدا أنها حق، وحال كونها حق.  فقوله "حقا" يحتمل أن يكون حال من الفاعل، ويحتمل أن يكون حال من المفعول. " أمرها" حال كونها "حقا", والمقصود أنه يمرها معتقدا ما تضمنته فليس المقصود من إمرارها هنا إمرار ألفاظها دون معانيها، فإن هذا لا يريده المؤلف ولا هو مقصود السلف.  إنما المقصود بالإمرار في قوله "وصحيح أخبار الصفات أمرها حقا" إمرار اللفظ والمعنى،  وهذا ما يجب اعتقاده فيما أخبر الله تعالى به عن نفسه، أننا نمر ما أخبر الله تعالى به عن نفسه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم من دون تعرض لذلك بعقل أو فكر، فإن العقول تقصر عن إدراك معاني وحقائق تلك الأخبار .  قال الله تعالى:﴿ولا يحيطون به علما﴾+++ سورة طه:110.---. قال تعالى:﴿ولا يحيطون بشيء من علمه﴾+++ سورة البقرة:255.---. قال تعالى:﴿هل تعلم له سميا﴾+++ سورة مريم:65.---. قال تعالى:﴿ فلا تضربوا لله الأمثال﴾+++ سورة النحل:74.---.  كل هذه الآيات وغيرها كثير يدل على أن حقائق تلك الصفات لا سبيل إلى إدراكها، وإنما الواجب إمرارها واعتقاد معناها دون التعرض لحقائقها وكيفياتها.  يقول رحمه الله :"حقا كما ذكر الطراز الأول".  "كما ذكر الطراز"، الطراز في لسان العرب : الجيد من كل شيء , وقد استعمله العرب قديما .  يقول حسان:  " بيض الوجوه كريمة أحسابهم*** شم الأنوف من الطراز الأول".  ومقصوده بالطراز الأول : الأجاويد الأفاضل .  ويستعمل هذا اللفظ في كلام العرب للدلالة على القديم فيقال "هذا رجل من الطراز الأول"يعني من قدماء الرجال .  فقول المؤلف رحمه الله "حقا كما ذكر الطراز الأول"، أي كما ذكر السلف المتقدمون .  من هم السلف المتقدمون ؟ هم الصحابة رضي الله عنهم، ومن سار على نهجهم من التابعين وتابعيهم من أهل القرون المفضلة.  وإذا نظرنا في المنقول عن هؤلاء وجدنا أن المنقول عن هؤلاء كلهم هو ما ذكره المؤلف رحمه الله .  فقد روى أبو بكر الخلال في كتابه "السنة" عن الأوزاعي قال: سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث -أحاديث الصفات- قال أمرها كما جاءت+++"السنة" (1/246- 247).---. وقد روى أيضا عن الوليد بن مسلم, قال : سألت مالك بن أنس والأوزاعي وسفيان الثوري والليث عن آيات الصفات، فقالوا : أمرها كما جاءت+++"المصدر السابق" (1/259).---.  وقد علق جماعة من أهل العلم على هذا فقالوا: إن مكحول والزهري من أعلم التابعين، وإن الأربعة  :وهم أنس، والليث، وسفيان، والأوزاعي- أئمة الدنيا في زمانهم، في زمن تابعي التابعين.  فإذا كان هذا عقد أولئك فإن هذا يدل على أن سلف الأمة كانت هذه عقيدتهم في آيات الصفات، وهو إثباتها وإمرارها كما جاءت بلا كيف.  فثبت أن الطراز الأول هذا عقدهم، وهو منقول في الكتب التي اعتنت بنقل العقائد ككتاب "السنة" للإمام عبد الله بن الإمام أحمد. و"السنة" للخلال،  و"الإبانة" للعكبري، و"الشريعة" للأجري، وغيرها من الكتب التي تحتفي بالمنقول عن السلف في باب الاعتقاد، ولا تكاد تخطئ عينك هذا القول في كتاب من هذه الكتب منقولا عن جماعات من سلف الأمة.  فدل ذلك على أن الواجب ما ذكره المؤلف رحمه الله فيما يتعلق بصفات الله تعالى، وهو إمرارها كما جاءت فإن السلف أمروا بذلك، وسلكوا هذا المسلك. ومعنى إمرارها كما جاء في قوله "أمروها كما جاءت" , معنى ذلك أيش؟.  أي لا تتعرضوا لها بتأويل أو تحريف أو تكييف، وليس المقصود أن نقر بها ألفاظا مجردة عن المعاني.  هذا لا يمكن أن يقوله أحد، ولا يمكن أن ينسبه أحد لسلف الأمة، فإن سلف الأمة أعلم بالله، وأعلم برسوله من أن يعتقدوا في كلامه أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لفظ لا معنى له، بل كانوا يقرون بالألفاظ وما تضمنتها من المعاني.  إذا: قول السلف" أمروها كما جاءت"، أي لا تتعرضوا لها بتأويل ولا بتحريف ولذلك يقول المؤلف: وأرد عهدتها إلى نقالها  *** وأصونها عن كل ما يتخيل. وأقول قال الله جل جلاله *** والمصطفى الهادي ولا أتأول. في هذين البيتين فسر المؤلف رحمه الله وبين معنى الإمرار الذي أخبر به في البيت السابق في قوله : وصحيح  أخبار الصفات أمرها  *** حقا كما ذكر الطراز الأول فالإمرار الذي كان عند السلف وأمروا به ليس جمودا عن فهم المعاني، فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن ليتدبر، ويتعظ به، ويذكر به، ولا يمكن أن يكون هذا دون النظر في المعاني.  ومن أكثر ما أخبر الله تعالى في كتابه خبره عن نفسه فكيف يكون أكثر ما في القرآن الذي أنزل عبرة وعظة وليتدبر يجب إمرار اللفظ دون النظر في المعاني لا شك أن هذا من أبعد ما يكون.  إذا: هذا الذي ذكر المؤلف رحمه الله من إمرار الصفات كما جاءت وما كان عليه السلف في هذا يجب أن يقيد بما ذكره في قوله : وأرد عهدتها إلى نقالها *** وأصونها عن كل ما يتخيل. وأقول قال الله جل جلاله  *** والمصطفى الهادي ولا أتأول 

المشاهدات:3708
أما الحكيم والكريم فقد جاء بهما القرآن الكريم , قال الله تعالى:﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ سورة الواقعة:77..
 وقال تعالى:﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ سورة هود:1..
 هذا فيما يتعلق بوصف الإحكام وقد جاء وصفه في قوله تعالى:﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ سورة يونس:1..
فجاء في القرآن عدة أوصاف جاء وصفه بالحكيم , وجاء وصفه بالكريم، وجاء وصفه بالمجيد، وبغير ذلك من أوصاف .
 لكن ما يتعلق بالوصف الذي ذكره المؤلف في النظم في الثلاث نسخ نسخة "الحكيم" وقد دل عليها قوله تعالى:﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾.
 ونسخة "الكريم" دلَّ عليها قول الله تعالى:﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾.
ونسخة "القديم" فنحتاج إلى النظر في صحة هذا الوصف هل يصح هذا الوصف ؟ .
هل يصح وصف القرآن بالقديم ؟ أو لا ؟.
 القديم في كلام المتقدمين المقصود به "الأول الذي ليس قبله شيء", هذا مرادهم بالقديم .
 يعني إذا قال أهل الكلام "قديم" فالمراد الذي لا يسبقه شيء، بمعنى أنه الأول الذي ليس قبله شيء.
 وهذا تعريف للقديم خلاف ما جرى عليه عمل أهل اللغة فإن أهل اللغة يستعملون القديم للمتقدم على غيره بغض النظر عن كونه مسبوقاً بعدم أو لم يسبق بعدم.
 وأما أهل الكلام فعندهم القديم بمعنى الأزلي الذي ليس قبله شيء.
 فبينهما فرق, وأهل العلم من أهل السنة والجماعة ليس في كلام أحد منهم وصف القرآن بأنه قديم، ليس في كلام أهل السنة.
 وصف القرآن بالقديم وإنما جاء ذلك في كلام بعض مثبتة الصفات فأهل السنة متفقون على أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته, يعني : متى شاء جل وعلا وإن كان جنس الكلام قديماً لكن كلامه بمشيئته وقدرته.
 ذهب بعض مثبتة الصفات إلى أن كلام الله تعالى قديم النوع والأفراد, وهذا قول ابن كُلاَّب أول من قال به عبد الله بن كُلاَّب ولذلك وصف القرآن بأنه قديم.
 وهو أول من اشتهر عنه هذا القول.
 وأما الأئمة من السلف فإنهم لم يقولوا ذلك ولا يُحفظ عنهم فيه شيء.
 بل إن الله سبحانه وتعالى وصف بعض القرآن بأنه مُحدَث , قال تعالى ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ سورة الأنبياء:2..
 فوصفه بأنه محدث، والمقصود بالإحداث هنا ما يقابل القديم.
 لكن ما يقابل القديم في لغة العرب لا القديم الذي اصطلح عليه أهل الكلام.
 المقصود أنه لا يصح وصف القرآن بالقديم فليس في كلام السلف ما يصدق هذا الوصف بل فيه ما يدل على بطلانه لأن الله تعالى تكلم بالقرآن لما أنزله، وأما ابن كلاب وتبعه الأشعري وجماعة من مثبتة الصفات فيقولون: إنه تكلم بالقرآن أزلاً ولم يتكلم به وقت نزوله.
ولذلك يقولون القرآن قديم يعني أنه كذاته فلم يحدث بعد أن لم يكن.
 وهذا مبني على اختلال عندهم على أصل من أصول الاعتقاد وهو مسألة أن الحادث لا يكون إلا في حادث، وأن الحدوث يدل على الحدوث .
على كل حال الذي يهمنا أن هذه اللفظة لا يمكن أن تصح عن شيخ الإسلام رحمه الله، وهي وصف القرآن بالقديم لأن هذا الوصف لم يأت في كلام السلف، ولأن معناه باطل إذ يلزم أن الله لم يتكلم بالقرآن بمشيئته وقدرته، وهو يخالف ما دلت عليه الآيات ومنها قوله تعالى ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ...﴾.
فوصفه الله تعالى بأنه محدث .
 قال رحمه الله في ثاني الأوصاف التي يثبتها للقرآن , قال:"فهو القديم المنزل"، ولم يبين المؤلف من أين نزل .
 أولاً : وصف القرآن بأنه منزل جاء ذلك في كلام الله تعالى في قوله تعالى في سورة الأنعام ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ سورة الأنعام:114..
فما ذكره رحمه الله من أن آيات القرآن جاءت بهذا الوصف صحيح, وهو في هذه الآية من سورة الأنعام وهذا يدل على أن القرآن غير مخلوق .
فإن قوله رحمه الله:"فهو القديم المنزل ".
 "المنزل" : من فوائد هذا الوصف أن القرآن غير مخلوق كما دل عليه قوله تعالى  ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾، فليس القرآن مخلوق كما يقوله الجهمية والمعتزلة.
 بل القرآن كلام الله تعالى منه بدأ, أي منه خرج.
ابتدأ به الكلام سبحانه وتعالى لم يبتدئ الكلام من غيره.
 وقد جاء وصف القرآن بأنه منزل في آيات كثيرة وبيَّن في آيات كثيرة من أين أنزل.
 وهذا يبين أنه إنزال خاص.
 لأن الإنزال الذي أخبر الله عز وجل به في كتابه إما أن يكون مقيداً وإما أن يكون مطلقاً.
 المقيد هو ما بيَّن فيه جهة الإنزال أو مصدر الإنزال.
 قال تعالى :﴿ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ سورة الزمر:1..
هذا إخبار بإنزال وبيان من أين أنزل﴿ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ سورة غافر:2. ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ سورة السجدة:2..
 كل هذه الآيات دالة ما ذكره المؤلف رحمه الله من أن القرآن منزل، وهي تفيد أنه كلام الله تعالى غير مخلوق وبيَّن الله تعالى أن إنزاله كان بالحق كما قال جلَّ وعلا:﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾ سورة النحل:102..
 فهذه أيضاً كالآية السابقة في بيان جهة الإنزال وفي بيان أنه إنزال مصاحب للحق فهو حق، وهذا الإنزال حق، والذي نزل به جبريل كما قال الله تعالى ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ سورة البقرة:97..
فأخبر الله تعالى بإنزال القرآن وأن من نزل به جبريل, وقال تعالى في آية أخرى ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ سورة النحل:102.، وهو جبريل عليه السلام، فالروح الأمين هو جبريل، لأن الله تعالى بيَّن أن من أعمال جبريل التي توجب ولايته ومحبته وتنفي عداوته وبغضه إنزاله القرآن .
 قال تعالى ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾، وهذا يبين أن القرآن منزل من رب العالمين.
 وعلى هذا أجمع سلف الأمة، لا خلاف بينهم، ودلائل هذا في القرآن واضحة لا خفاء فيها ولا لبس.
 لكن الذي يفيده إنزال القرآن أنه غير مخلوق، وفي هذا الرد على جميع الطوائف التي ضلت في باب كلام الله تعالى وفي باب القرآن خصوصاً.
ثم قال رحمه الله :
وصحيح أخبار الصِّفَاتِ أُمِرُّهَـا  *** حَقّـاً كَمَا نَقَـلَ الطِّرَازُ الأَوَّل
    
المؤلف رحمه الله  ذكر في القرآن بيتاً واحداً أثبت فيه ما يعتقده في القرآن وأنه يعتقد في القرآن ما دلت عليه الآيات، وذكر من ذلك أمرين:
الأمر الأول: أنه حكيم .
 والأمر الثاني في النسخة الثانية: أنه كريم , وأنه منزل منه جل وعلا.
 ومعنى كريم وحكيم واضح, الكريم: كثير البركة والخير والإحسان .
 والحكيم : أنه محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيصدق بعضه بعضاً.
فهو محكم في أخباره، محكم في أحكامه.
 فالإحكام منتظم لجميع ما في هذا القرآن.
 ثم بعد هذا انتقل المؤلف رحمه الله  إلى ذكر ما يجب اعتقاده في الصفات عموماً.
 في صفات الله تعالى ليس فقط في القرآن إنما في الصفات كلها وهذا من باب الانتقال من الخاص إلى العام، فذكر ما يجب اعتقاده في القرآن، ولعله لأجل حاجة السائل.
 ثم انتقل لتقعيد ما يجب أن يكون عليه المؤمن في باب صفات الله تعالى فقال رحمه الله:
وصحيح أخبار الصفات أمرها *** حقا كما ذكر الطراز الأول
وأرد عهدتها إلى نقالها  ***  وأصونها عن كل ما يتخيل
وأقول قال الله – جل جلاله  *** والمصطفى الهادي ولا أتأول
قبحاً لمن نبذ القران وراءه  *** وإذا استدل يقول قال الأخطل
 
هذه الأبيات الأربعة هي تقعيد لما يجب اعتقاده في باب الأسماء والصفات.
 يقول رحمه الله :"وصحيح أخبار الصفات".
 الصفات : جمع صفة، وهي ما أخبر الله تعالى به عن نفسه من أسماءه وصفاته؛ لأن المقصود بالصفات هنا الصفات وما يدل عليها، فإن الأسماء دالة على الصفات.
 فالمقصود بهذا الباب : باب الأسماء والصفات.
 الأسماء التي ذكرها الله تعالى عن نفسه والصفات التي أخبر بها عن نفسه جل وعلا.
 يقول " وصحيح أخبار الصفات أمرها ".
" صحيح أخبار الصفات " ولم يتكلم عن الآيات، لأن الآيات لا صحيح فيها وضعيف, إنما كلها ثابتة لكن قد بيَّن أنه يقول بما تدل عليه الآيات في البيت السابق حيث قال "وأقول في القرآن ما جاءت به آياته"، فدل ذلك على أن ما دلت عليه الآيات يجب قبوله وتصديقه في القرآن وفي غيره .
ثم لما كان كثير من الصفات ثبتت في الأحاديث، ولما كان المعترك فيما يثبت وما يرد من الصفات في الأحاديث بخلاف القرآن فإن القرآن لا يناقش في ثبوته، انتقل إلى بيان ما يجب اعتقاده في أحاديث الصفات والأمر لا يختص أحاديث الصفات فقط، بل نصوص الصفات.
 لكن أشار بقوله:"صحيح أخبار الصفات"، أنه لا يعتمد في الأحاديث إلا ما كان صحيحاً فما كان ضعيفاً فإنه لا يعتمده في إثبات صفات الله تعالى.
 إذاً: لماذا قال المؤلف رحمه الله "صحيح أخبار الصفات"، مع أن الصفات ثبتت بالكتاب والسنة؟.
 الجواب على هذا أن يقال: إن القرآن قد ذكره في البيت السابق، في قوله "وأقول في القرآن ما جاءت به آياته"، وكذا في سائر الصفات فلم يحتاج إلى ذكر القرآن.
 أو يقال إنه لم يذكر القرآن لأن القرآن من حيث الثبوت لا ينقسم إلى صحيح وضعيف، بخلاف السنة فإنها تنقسم إلى صحيح وضعيف، فتحتاج إلى أن يميز ما الذي يثبته من أحاديث الصفات.
 أما آيات الصفات فإنها ثابتة لا تحتاج إلى مناقشة.
 قال رحمه الله "وصحيح أخبار "، أخبار : جمع خبر وهو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والأصل في الخبر أنه أوسع من الحديث لأنه يدخل فيه قول الصحابي وقول التابعي فكله خبر؛ لكن المقصود بالخبر هنا خبر الرسول صلى الله عليه وسلم .
يقول "وصحيح أخبار الصفات أمرها " والصفات معلوم أنها تنقسم إلى أقسام، الصفات التي ثبتت لله تعالى بالنصوص منها ما هو ذاتي، ومنها ما هو فعلي، ومنها ما هو خبري.
 فالصفات لها تقسيمات عديدة, وكل هذه الصفات يجب إثباتها كما قال المؤلف رحمه الله لأنه قال :
وصحيح أخبار الصفات أمرها *** حقا كما ذكر الطراز الأول
" أمرها حقا "، قوله حقاً : حال يعني حال كوني مقراً بها، وحال كوني معتقداً أنها حق، وحال كونها حق.
 فقوله "حقا" يحتمل أن يكون حال من الفاعل، ويحتمل أن يكون حال من المفعول.
" أمرها" حال كونها "حقا", والمقصود أنه يمرها معتقداً ما تضمنته فليس المقصود من إمرارها هنا إمرار ألفاظها دون معانيها، فإن هذا لا يريده المؤلف ولا هو مقصود السلف.
 إنما المقصود بالإمرار في قوله "وصحيح أخبار الصفات أمرها حقا" إمرار اللفظ والمعنى،  وهذا ما يجب اعتقاده فيما أخبر الله تعالى به عن نفسه، أننا نمر ما أخبر الله تعالى به عن نفسه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم من دون تعرض لذلك بعقل أو فكر، فإن العقول تقصر عن إدراك معاني وحقائق تلك الأخبار .
 قال الله تعالى:﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ سورة طه:110..
قال تعالى:﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ سورة البقرة:255..
قال تعالى:﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ سورة مريم:65..
قال تعالى:﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ سورة النحل:74..
 كل هذه الآيات وغيرها كثير يدل على أن حقائق تلك الصفات لا سبيل إلى إدراكها، وإنما الواجب إمرارها واعتقاد معناها دون التعرض لحقائقها وكيفياتها.
 يقول رحمه الله :"حقا كما ذكر الطراز الأول".
 "كما ذكر الطراز"، الطراز في لسان العرب : الجيد من كل شيء , وقد استعمله العرب قديماً .
 يقول حسان:
 " بِيض الوجوه كريمةٌ أحسابهم*** شم الأنوف من الطراز الأول".
 ومقصوده بالطراز الأول : الأجاويد الأفاضل .
 ويستعمل هذا اللفظ في كلام العرب للدلالة على القديم فيقال "هذا رجل من الطراز الأول"يعني من قدماء الرجال .
 فقول المؤلف رحمه الله "حقا كما ذكر الطراز الأول"، أي كما ذكر السلف المتقدمون .
 من هم السلف المتقدمون ؟ هم الصحابة رضي الله عنهم، ومن سار على نهجهم من التابعين وتابعيهم من أهل القرون المفضلة.
 وإذا نظرنا في المنقول عن هؤلاء وجدنا أن المنقول عن هؤلاء كلهم هو ما ذكره المؤلف رحمه الله .
 فقد روى أبو بكر الخلاَّل في كتابه "السنة" عن الأوزاعي قال: سُئِل مكحول والزُهري عن تفسير الأحاديث -أحاديث الصفات- قال أمرها كما جاءت"السنة" (1/246- 247)..
وقد روى أيضاً عن الوليد بن مسلم, قال : سألت مالك بن أنس والأوزاعي وسفيان الثوري والليث عن آيات الصفات، فقالوا : أمرها كما جاءت"المصدر السابق" (1/259)..
 وقد علق جماعة من أهل العلم على هذا فقالوا: إن مكحول والزُهري من أعلم التابعين، وإن الأربعة  :وهم أنس، والليث، وسفيان، والأوزاعي- أئمة الدنيا في زمانهم، في زمن تابعي التابعين.
 فإذا كان هذا عقد أولئك فإن هذا يدل على أن سلف الأمة كانت هذه عقيدتهم في آيات الصفات، وهو إثباتها وإمرارها كما جاءت بلا كيف.
 فثبت أن الطراز الأول هذا عقدهم، وهو منقول في الكتب التي اعتنت بنقل العقائد ككتاب "السنة" للإمام عبد الله بن الإمام أحمد.
و"السنة" للخلاَّل،  و"الإبانة" للعُكبُري، و"الشريعة" للأَجُرِّي، وغيرها من الكتب التي تحتفي بالمنقول عن السلف في باب الاعتقاد، ولا تكاد تخطئ عينك هذا القول في كتاب من هذه الكتب منقولاً عن جماعات من سلف الأمة.
 فدل ذلك على أن الواجب ما ذكره المؤلف رحمه الله فيما يتعلق بصفات الله تعالى، وهو إمرارها كما جاءت فإن السلف أمروا بذلك، وسلكوا هذا المسلك.
ومعنى إمرارها كما جاء في قوله "أمروها كما جاءت" , معنى ذلك أيش؟.
 أي لا تتعرضوا لها بتأويل أو تحريف أو تكييف، وليس المقصود أن نقر بها ألفاظاً مجردة عن المعاني.
 هذا لا يمكن أن يقوله أحد، ولا يمكن أن ينسبه أحد لسلف الأمة، فإن سلف الأمة أعلم بالله، وأعلم برسوله من أن يعتقدوا في كلامه أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لفظ لا معنى له، بل كانوا يقرون بالألفاظ وما تضمنتها من المعاني.
 إذاً: قول السلف" أمروها كما جاءت"، أي لا تتعرضوا لها بتأويل ولا بتحريف ولذلك يقول المؤلف:
وأرد عهدتها إلى نقالها  *** وأصونها عن كل ما يتخيل.
وأقول قال الله جل جلاله *** والمصطفى الهادي ولا أتأول.
في هذين البيتين فسَّر المؤلف رحمه الله وبيَّن معنى الإمرار الذي أخبر به في البيت السابق في قوله :
وصحيح  أخبار الصفات أمرها  *** حقا كما ذكر الطراز الأول
فالإمرار الذي كان عند السلف وأمروا به ليس جموداً عن فهم المعاني، فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن ليتدبر، ويتعظ به، ويذكر به، ولا يمكن أن يكون هذا دون النظر في المعاني.
 ومن أكثر ما أخبر الله تعالى في كتابه خبره عن نفسه فكيف يكون أكثر ما في القرآن الذي أنزل عبرة وعظة وليتدبر يجب إمرار اللفظ دون النظر في المعاني لا شك أن هذا من أبعد ما يكون.
 إذاً: هذا الذي ذكر المؤلف رحمه الله من إمرار الصفات كما جاءت وما كان عليه السلف في هذا يجب أن يقيد بما ذكره في قوله :
وأرد عهدتها إلى نقالها *** وأصونها عن كل ما يتخيل.
وأقول قال الله جل جلاله  *** والمصطفى الهادي ولا أتأول 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89946 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86962 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف