×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / مفاتيح / الحلقة(2) من برنامج مفاتيح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2745

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده حق حمده، لا أحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.

فحياكم الله وأهلا وسهلا بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم مفاتيح، مفاتيح هي جمع مفتاح وهو كل ما يفتح مغلقًا، كل ما يوصلك إلى مطلوبك، ولذلك نحن نحتاج إلى أن نعرف ما هي المفاتيح، لاسيما وأن الله تعالى قد جعل لكل شيء مفتاحًا، فلا يصل الإنسان إلى مطلوبه لا في دنيا ولا آخرة إلا بتلك المفاتيح، لهذا كان العلم بهذه المفاتيح من أفضل العلم ومن أشرفه.

ولذلك ينبغي لكل واحد منا أن يبحث عن مفاتيح السعادة، مفاتيح النجاح، مفاتيح الخير، مفاتيح البر، مفاتيح الصلاح، حتى يدرك ما يؤمله من الخير، إن العلم بهذه المفاتيح هو من أشرف العلم، ومن أعلاه، ومن أنفسه، ذاك أنه هو السبيل الذي يوصل إلى المطلوب، أرأيتم لو أن أحدًا أراد أن يسافر من بلد إلى بلد، أليس من المهم أن يعرف الطريق الموصل من ذلك البلد، لو أراد واحد منا أن يذهب إلى مكة، هل ممكن أن يصل إلى مكة وهو لا يعرف طريقها إذا كان سيذهب بنفسه؟ لا، لا يمكن أن يصل، كذلك لا يمكن أن يدرك مطلوبه من خير الدنيا أو خير الآخرة إلا بمفاتيح ذلك الخير.

لهذا كان هذا الباب باب العلم بالمفاتيح من أنفع أبواب العلم، إن من أنفع أبواب العلم أن تعرف مفاتيح الخير لتدخل إليها وتعرف مغاليق الشر، لتبعد عنها فإنه لا يوفق إلى معرفة هذا الباب إلا موفق، والله تعالى جعل لكل خير وشر مفاتحًا وبابًا يدخل منه إليه، فمن اجتهد في معرفة تلك المفاتيح وصل، ومن ضيعها فإنه لا يصل، بل سيقف حائرًا ضائعًا تائهًا لا يصل إلى مطلوبه، ولا يدرك مبتغاه، أنزل الله القرآن الكريم وجعل مفتاح إدراك ما فيه من الخير تدبره، فمفتاح العمل والعلم والاهتداء وخيرات القرآن وبركاته هو في تدبره، وقد جمع الله فيه كنوز السعادة.

لذلك كان تدبره هو المفتاح الذي يصل به الإنسان إلى مطلوبه ومبتغاه، الجنة دار النعيم الكامل الذي لا كدر فيه ولا نكد، دار النعيم الكامل الذي أعد الله تعالى فيها لعباده ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن نكون من أهلها، إنها دار السلام السالمة من كل آفة، إنها دار الخير والبر والفوز والنجاح، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز.

إنه من المهم أن نعرف أن الجنة لها أبواب كما جاء ذلك في محكم الكتاب يقول الله تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ[الزمر: 73]

 الجنة لها أبواب، وهذه الأبواب لا تفتح إلا بمفاتيح، لابد من معرفة مفاتيح الجنة، حتى يدرك الإنسان خيرها، هذه الأبواب مفاتيحها الأعمال، هذه الأبواب مفاتيحها الصلاح، هذه الأبواب مفاتيحها سلامة القلوب، وخلوصها من كل آفة، فإنه لا يفلح يوم القيامة إلا من أتى الله بقلب سليم، وإن سلامة القلب لا تتحقق لأحد بمجرد أنه يريد أن يكون قلبه سليمًا، لابد من عمل، إن سلامة القلوب لا تتحقق إلا بالإقبال على الله –عز وجل-والإقبال على شرعه وعلى الهدى الذي جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم-.

إن الأعمال من أعظم ما تفتح به للعبد أبواب الجنة، لذلك نموذج في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله» يعني أنفق جنسين من مال من أي مال كان في سبيل الله أن يريد وجهه جل في علاه، أو في الجهاد في سبيله، «قيل له يا عبد الله هذا خير» يوم القيامة يقال له «يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ»، فذكر النبي –صلى الله عليه وسلم-في هذا الحديث أربعة أبواب، هذه الأبواب لو تأملت لوجدت أن الذي يوصل إليها ويفتحها هي الأعمال، لما تسمو الهمم وتعلو وتزكو النفوس وتحلِّق في سماء الفضائل تطلب العلو في كل خير.

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما سمع هذا الحث، وهذا الخبر النبوي، قال: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا، قَالَ: «نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» ، يعني من دعاه الله –جل وعلا-ويسَّر له الخير بأن دعي من هذه الأبواب كلها، فكان من أهل الجهاد، من أهل الصلاة، من أهل الصدقة، من أهل الإحسان، ما عليه من ضرورة، لن يناله ضر، ولن يصيبه كدر، ولن يصيبه شر، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-لما أخبر هذا الخبر قال: سأل أبو بكر النبي –صلى الله عليه وسلم-فقال يا رسول الله هل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ الله أكبر كأنه يقول: طمحت نفسي أن أكون ممن يدعا من تلك الأبواب كلها، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «نعم، وأرجو أن تكون منهم»[صحيح البخاري(1897)، ومسلم(1027)]، هل ترجو أن تكون منهم؟ هل ترجين أن تكونين منهم؟ كلنا يرجو أن يدعا من تلك الأبواب، ليس بيننا وبينها حجاب، إنها الأعمال التي نبلغ بها تلك المنازل والفضائل، إنها لذة لا يظن الظان أن الطاعة عذاب أو الطاعة كدر، أو الطاعة فقط مشقة لا، كل تلك المشقات تنقلب إلى ملذات، وهذه من رحمة الله بعباده أنه إذا صدق العبد في الإقبال على ربه يتكلف بالتأكيد أن العمل الصالح فيه نوع كلفة.

ولذلك لولا المشقة لساد الناس كلهم، لولا أن في العبادات والطاعات والتزام ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه مشقة، ما كان هناك فضل للصائمين، ولا للمصلين، ولا للطائعين، ولا للمستقيمين، الفضل إنما كان لأجل أنهم عبروا إلى تلك الفضائل، وأدركوا تلك المنازل على جسر المشاق والمصاعب، أنهم بلغوا ذلك الفضل بتوفيق الله لهم وإعانته لهم، وتحملهم ما يكون من مشقة، لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال، النفوس تحب الكسل تحب أن تحصل الشيء دون عناء، لكن لا يمكن أن ينال الإنسان الخير إلا ببذل جهد، هذا الجهد وإن كان في صورته شاقًّا مكروه للنفس، لكن الله يقلبه لذة للصادق في إقباله على ربه، لمن أخلص في طلب ما عند الله –عز وجل-ولذلك حفت الجنة بالمكاره، يعني ما تكرهه النفوس، لكن هذا الذي تكرهه النفوس له طعم، له لذة، له سعادة، له انشراح، له بهجة، له سرور، له نعيم، يناله قلب العبد في الدنيا قبل الآخرة، إذا صدق إن الأبرار لفي نعيم، إن نعيم الأبرار ليس فقط فيما يكون من جنة عرضها السماوات والأرض، أو ما يكون في القبور من حبور وسرور وفرحة ونعيم لأهل البرزخ، لا، شيء آخر غير هذا وذاك إنه طمأنينة القلب ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد: 28] إن المؤمن يذوق في الدنيا لذة الطاعة وسرورها، وبهجتها من توفيق الله له.

فيتنعم بطاعة الله رغم مشقتها، ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينا وبمحمد –صلى الله عليه وسلم-نبيًا، إنه طعم لكنه لا يذاق باللسان، إنما يذوقه القلب، لذلك قال في الصحيحين من حديث أنس «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ»[صحيح البخاري(16)، ومسلم(43)]،هذه الحلاوة تفوق كل الحلاوات، إنها حلاوة يتنعم بها قلب المؤمن، إنها لا عدل لها بنعيم الدنيا كلها، ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم-:«ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها»[صحيح مسلم(725)]، هناك لذة في الطاعة لا يمكن أن توازيها جميع ملاذ الدنيا، جميع ما فيها من مسرات، جميع ما فيها من ملذات، لكن الناس تعمى أبصارهم عن ذلك، ويظنون أنه ليس في الطاعة إلا مشقة، ليس في الطاعة إلا عناء، ليس في الامتناع عما حرم الله إلا منع النفس من المحبوبات لا، إن ذلك ينقلب إلى لذة، ولك من عصى الله، وكل من صار في طريق مخالف لأمره، يجد من العناء والضيق والكدر ما لا يمكن أن يغطيه أو يغلفه كل ملاذ الدنيا.

يقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا[طه: 124]، الصواب في تفسير الآية هذه المعيشة ليست فقط في الدار الآخرة، إنها في الدنيا، إنها في البرزخ، إنها يوم العرض على الله يوم يقوم الأشهاد، يوم يقوم الناس لربهم حفاة عراة غرلا، إن الخير له مفاتيح، والجنة لها مفاتيح، كما أن للشر مفاتيح، فاحرص واحرصي على معرفة هذه المفاتيح، ليفتح لك ما تريد من الخير، ويغلق ما تخافه من الشر، تجنب مفاتيح الشر فإنها تولجك إلى ما لا ترضى ولا تحب.

أما مفاتيح الخير، فإنها تقربك من سعادة الدنيا، كما أنها تضمن لك فوز الآخرة، احرص على تعلم هذه المفاتيح لتكون من السعداء، واحرصي على أخذ هذه المفاتيح ليفتح لكِ باب السعادة، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم من السعداء، أن يأخذ بأيدينا إلى ما يحب ويرضى من العمل، أن يوفقنا إلى طاعته، أن يذيقنا لذة عبادته، أن يملأ قلوبنا بمحبته وتعظيمه، اللهم اجعلنا من أوليائك وحزبك، خذ بنواصينا إلى ما تحب وترضى، أعنا على طاعتك واصرف عنا معصيتك، امتنا على التوحيد والشهادة، واحشرنا في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، واجعلنا من أوليائك يا ذا الجلال والإكرام.

وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم مفاتيح، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.   

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89954 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86962 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف