×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / فضائيات / كتاب الصلاة: الركوع.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:6806

المقدمُدكتورُ خالدٌ، حديثُنا مستمرٌ ومتصلٌ في أركانِ الصلاةِ وموضوعِنا في هذه الحلقةِ معَ ركنِ الركوعِ حفَظِكمُ اللهُ.

الشيخُ: الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين وأُصلِّي وأسلِّمُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمعينَ، أما بعدُ:

مما ينبغي أنْ يستحضرَه المؤمنُ وهو في هذه العبادةِ الجليلةِ التي هي أعظمُ أركانِ الإسلامِ التي قالَ فيها النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ «وعمودُه الصلاةُ»سننُ الترمذي (2616) أي عمودُ الإسلامِ الصلاةُ، أن يعلمَ أنه في جميعِ أقوالِه وفي جميعِ حركاتِه هو يتعبدُ للهِ ـ تعالى ـ بمعنَى أنه في جميعِ هذه التنقلاتِ مِنَ التكبيرِ والقيامِ والقراءةِ والركوعِ ثُم الرفعِ ثم السجودِ ثم الرفعِ ثم السجودِ ثم القيامِ، كلُّ هذا في الحقيقةِ هو عبوديةٌ للهِ جلَّ وعَلا، ولا فرقَ في تحقيقِ العبودية بينَ أنْ يكونَ قائمًا وراكعًا وساجدًا.

 الركوعُ هو مِنَ العباداتِ الجليلةِ التي لا تجوزُ إلا للهِ ـ جلَّ وعَلا ـ وأمرَ اللهُ ـ تعالى ـ بها مِنْ قبلِنا مِنَ الأممِ، ففي ما ذكرَه عَن بني إسرائيلَ ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ[البقرة:43]، وأيضًا فيما ذكرَه عَن مريمَ ـ رضيَ اللهُ عَنها ـ وأمَرَها به ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ[آل عمران:43]، فأمرها أيضًا بالركوعِ.

 فالركوعُ هو مِن أصولِ الصلاةِ وأركانِها التي لا تتمُّ الصلاةُ إلا به، والركوعُ هو محلٌّ للتعظيمِ، والتعظيمُ في الركوعِ مِن ناحيَتَينِ: مِن ناحيةِ الهيئةِ والشكلِ فإنَّ الراكعَ معظمٌ لمنْ يركعُ له، فإنَّ الراكعَ يُكثِرُ مِنَ التعظيمِ، ومِن ناحيةِ القولِ فإنَّ الراكعَ يكثرُ مِنَ التعظيمِ والتمجيدِ للهِ ـ تعالى ـ ولهذا جاءَ في الصحيحِ مِن حديثِ ابنِ عباسٍ ـ رضيَ اللهُ عنهُ ـ أنَّ النبيَّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ قالَ: «وأمَّا الركوعُ فعظِّموا فيه الربَّ»صحيح مسلم (479) فهو محلٌّ لتعظيمِ اللهِ ـ تعالى ـ قولًا وفعلًا، والتعظيمُ إنما يكونُ بتلكَ الأقوالِ إضافةً للفعلِ الذي هو ركوعٌ للهِ ـ تعالى ـ وخضوعٌ له وإجلالٌ وتعظيمٌ يقرنُ معَ هذا التعظيمِ القوليِّ بأنْ يذكرَ اللهَ ـ تعالى ـ في ركوعِه.

والنبيُّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ في تنقلاتِه كانَ يقاربُ في قدرِ هذه التنقلاتِ مِن حيثُ الطولُ، فإذا أطالَ في القيامِ أطالَ في الركوعِ والسجودِ، وإذا قصَّرَ في القيامِ قصرَ الركوعَ والسجودَ -صلواتُ اللهِ عَليهِ وعلى آلِه وسلمَ، فالركوعُ هو في الحقيقةِ تتمةٌ لذلكَ الخضوعِ الذي ابتدأهُ العبدُ قائمًا للهِ ـ تعالى ـ ثُم بعدَ ذلك يركعُ معظمًا للهِ جلَّ وعَلا.

صفةُ الركوعِ هيَ بعدَ فراغِه مِن قراءةِ الفاتحةِ وما يُشرَعُ أن يقرأَ معَها مِنَ السورِ فيما يُشرَعُ أنْ يقرأَ يسكتُ سكتةً يسيرةً، وهذه السكتةُ بقدرٍ تُرادُ النفسُ كما جاءَ في حديثِ سُمرةَ بنِ جندبٍ أنه كانَ للنبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ سَكتتانِ سكتةٌ في أولِ قراءتِه، وسكتةٌ قبلَ ركوعِه، وهذه السكتةُ ليستْ سكتةً طويلةً، إنما هي سكتةٌ بقدرِ ما يرادُ النفسُ، ثم يقولُ: اللهُ أكبرُ، والتكبيرُ هنا يُشرَعُ فيه أنْ يرفعَ يدَيهِ حذوَ منكبَيهِ، وهذا هو أصحُّ ما وردَ، وإن كانَ قدْ وردَ أنه حذوُ أذنيهِ، والأمرُ في هذا واسعٌ، كبَّر حذوَ منكبيهِ كما هو قولُ الجمهورِ كهيئةِ الساجدِ أو حذوَ أذنيهِ ثم يركعُ، يَنحني.

وقدرُ الركوعِ الذي يجبُ هو أنْ يضعَ يدَيهِ على رُكبتَيهِ هكذا ضبَطَه بعضُ أهلِ العلمِ، فإذا كانتِ اليدانِ قدْ وصلَتا إلى الركبتينِ فإنه يكونُ راكعًا، وهَذا طبعًا بالنظرِ إلى الطولِ المعتادِ لليدَينِ، فأما القِصَرُ الزائدُ والطولُ الزائدُ هذا ليسَ محلًّا للبحثِ، قدْ يقولُ قائلٌ هناك مَن يَداه طويلتانِ بحيثُ أنه يمكنُ أن يثنيَ ركبتَيهِ وهو في الحقيقةِ أشبهُ بالقائمِ، لكن في الركوعِ لا بُدَّ مِنَ الانحناءِ، والقدْرُ المجزئُ مِن هذا الانحناءِ أن تصلَ اليدانِ إلى الركبتَينِ.

بعدَ ذلكَ ما الصفةُ الكاملةُ؟ هذا الحدُّ الأدنَى، الصفةُ الكاملةُ بأنْ يركعَ بحيثُ يَستوي ظهرُه، وجاءَ في صفةِ ركوعِ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ كما في الصحيحِ مِن حديثِ عائشةِ أنه كانَ «لا يشخِّصُ رأسَه» يعني لا يرفعُه، «ولا يصوبُه»صحيح مسلم (498) يعني لا يُحنيه في ركوعِه، بل يكونُ على مستوَى ظهرِه، جاءَ في سُننِ ابنِ ماجةَ أن النبيَّ ـ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ـ كانَ يُسوِّي ظهرَه حتى لو صُبَّ عَليهِ ماءٌ لقرَّ؛ لاستوائِه، وهذا يعني أنه لا انحناءَ زائدٌ ولا ارتفاعَ كما هو الحالُ.

 وكلاهُما تشاهدُه في أحوالِ الراكِعين منهم مَن يبالغُ في الركوعِ حتى ينخفضَ عَنِ المستوَى المعتادِ مِنَ الاستواءِ، ومِنهم مرتفعٌ أشبهُ ما يكونُ بالقائمِ، وكلاهُما مخطئٌ، إنما السنةُ أن يركعَ ركوعًا يمكِّنُ فيهِ يدَيهِ مِن رُكبتيهِ وتكونُ أصابعُه مفرجةً كما جاءَ في السنةِ وينحني بظهرِه.

 ويحرصُ معَ تطبيقِ هذه الصفةِ التي ذَكرناها في صفةِ الركوعِ الظاهريةِ أن يُقرِنَ معَ ذلك ركوعَ القلبِ بتعظيمِ اللهِ ـ جلَّ وعَلا ـ وإجلالِه، فهو يقولُ في هذا الركوعِ: سبحانَ ربيَ العظيمِ، وهذا التسبيحُ لا بُدَّ أن يعقلَ مَعناهُ، وهُنا أقفُ أن أذكارَ الصلواتِ ليستْ أذكارًا تقالُ وتطلقُ ولا يَدري الإنسانُ مَعناها، يعني سبحانَ اللهِ ما مثل كيفَ الحالُ لما تقابلُ صاحبَك ومعتادٌ أن تقولُ له كيفَ الحالُ حتى لو كانَ لا يهمُّك حالُه تقولُ له: كيفَ الحالُ، في كثيرٍ مِنَ الأحيانِ أصبحتْ كيفَ الحالُ هذه مثلُ مساءِ الخيرِ بدونَ ما يعقلُ الإنسانُ مَعناها إنما فقطْ هي مقدمةُ حديثٍ معتادٍ، لكن كيفَ الحالُ أعطِني كذا، كيف الحالُ إيش صار في الموضوعِ الفلانيِّ، وليسَ مقصودًا أن تسألَ عَن حالِه.

 هذا غلطٌ، قولُ المؤمنِ عندَما يركعُ يقولُ: سبحانَ ربي العظيمِ ليسَ كتلك الكلماتِ التي تقالُ على اللسانِ مِن غيرِ وعيٍ وإدراكٍ، إنما هو في الحقيقةِ قولٌ يمجدُ فيهِ العبدُ ربَّه ويعظِّمُ فيه العبدُ اللهَ تعالى ويحققُ به ما قالَ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ «وأما الركوعُ فعظِّموا فيه الربَّ»صحيح مسلم (479) والله ـ تعالى ـ ذكرَ في صفاتِ عبادِه ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا[الزمر:9]، إذًا هو في كلِّ أحوالِه يحققُ العبوديةَ قانتًا جاءَ منتَهى ما يكونُ مِنَ الانخفاضِ وهو السجودِ، ومُنتَهى ما يكونُ مِنَ الارتفاعِ وهو القيامُ وما بينَهُما يجبُ أن يكونَ كذلك وهو الركوعُ، فالركوعُ مقدمةُ السجودِ فينبغي أن يُعظِّمَ فيه اللهَ.

 وانظرْ هُنا لما يعظمُ الإنسانُ اللهَ بركوعِه اللهمَّ لك ركعتُ وخشعَ لك سَمعي وبصرِي ومُخي وعَظْمي وعَصبي ثم انظرْ يعني هذه مِنَ الأذكارِ التي كانَ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ يقولُها في ركوعِه «اللهُمَّ لك ركعتُ وبكَ آمنتُ ولك أسلَمتُ خشعَ لك سَمعي»صحيح مسلم (771) وتأملْ كيفَ التعظيمُ يثمرُ الخشوعَ، «خشعَ لك سَمعي وبَصري ومخي وعُظمي وعَصَبي» ثم يقولُ: «وما أقلَّتْ قَدمي» يعني بجَميعي، وهذا الخشوعُ فرعٌ عَنِ التعظيمِ يعني إذا علِمَ العبدُ ما للهِ مِنَ الكَمالاتِ، ما للربِّ مِنَ العظمةِ ـ جلَّ في عُلاه ـ وتصوَّرْ أنه عظيمٌ «سبحانَ ربي العظيمِ» في أسمائِه، العظيمِ في أفعالِه، العظيمِ في ما يجبُ لهُ، العظيمُ في كلِّ شأنٍ مِن شئونِه ـ جلَّ في عُلاه ـ كانَ هذا قادحًا في قلبِه الخشوعَ والذلَّ والانخفاضَ للهِ ـ تعالى ـ عندَ ذلكَ اعلمْ أن هذا النزولَ والانخفاضَ لا يستحِقُّه إلا اللهُ ـ جلَّ في عُلاه ـ وأنه لا يصرفُ إلا له سبحانَه وبحمدِه.

فيَنبغي أن يستحضرَ المؤمنَ هذا المعنَى وليسَ الركوعَ هو أن ينخفضَ الإنسانُ ويرتفعَ وتكونَ أشبهَ ما يكونُ بحركاتٍ رياضيةٍ مِنَ انخفاضٍ وارتفاعٍ لا معنَى له إنما هو انخفاضٌ ينخفضُ فيهِ القلبُ للهِ ـ جلَّ وعَلا ـ إجلالًا وتعظيمًا قبلَ أن تنخفضَ الجوارحُ والأبدانُ، ولهذا إذا تعطلَتِ الصورةُ لمانعٍ مِنَ الموانعِ كأنْ يكونَ الإنسانُ عاجزًا عَنِ الركوعِ نقولُ له: اركعْ بقلبِك فقُلْ: اللهُ أكبرُ وانوِ أنك راكعٌ ثم عظِّمِ اللهَ ـ تعالى ـ بما شئتَ، والذكرُ المشروعُ المشهورُ هو أن يقولَ: "سبحانَ ربي العظيمِ، سبحانَك اللهُم ربَّنا وبحمدِك اللهُمَّ اغفِرْ لي".صحيح البخاري (794)

 وانظرْ هُنا قالَ: اللهم اغفِر لي، معَ أنَّ النبيَّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ قالَ في الركوعِ «فعَظِّموا فيهِ الربَّ» فيه دعاءٌ، هلِ الركوعُ محلُّ الدعاءِ؟ الجوابُ: ليسَ الركوعُ محلًّا للدعاءِ على وجهِ الاستقلالِ بمعنَى أنه ما يأتي واحدٌ ويقولُ: اللهُ أكبرُ ثُم يركعُ ويقولُ: اللهم اغفِرْ لي وارحَمْني وعافِني، هذا ليسَ محلُّه الركوعُ إنما السجودُ ولذلك «وأما السجودُ فاجتَهِدوا في الدعاءِ فقمنٌ أنْ يُستجابَ لكم»صحيح مسلم (479) حريٌّ وجَديرٌ أنْ يستجابَ لكم، أما الركوعُ فهو محلٌّ للتعظيمِ وما جاءَ مِنَ الدعاءِ إنما هو على وجهِ التبعِ وليسَ على وجهِ الأصلِ، ولذلكَ يقولُ: سُبحانك اللهُم ربَّنا وبحمدِك اللهُم اغفِرْ لي، فهو تابعٌ وليسَ أصلًا.

 وكذلكَ كلُّ الأذكارِ التي جاءَتْ إنما هي دائرةٌ على التعظيمِ سبحانَ اللهِ العظيمِ، سُبحانَك اللهُم ربنا وبحمدِك اللهُم اغفِرْ لي، سبوحٌ قدوسٌ ربُّ الملائكةِ والروحِ، اللهُم لك ركعتُ وبك آمنتُ ولك أسلمتُ خشعَ لك، كلُّها تمجيدٌ وتقديسٌ وبيانٌ ما للهِ جلَّ وعَلا مِنَ الكمالاتِ، هل تتعينُ هذه الأذكارُ في الركوعِ؟ مِن أهلِ العلمِ مَن يقولُ: إنه يجبُ أن يقولَ: سبحانَ ربي العظيمِ؛ لأن النبيَّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ لما نزلَ قولُه ـ تعالى ـ: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ[الواقعة:74] قالَ: اجعلوها في رُكوعِكم، ولما نزلَ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى[الأعلى:1] قال: اجعَلوها في سُجودِكم، المسألةُ قريبةٌ فهو المقصودُ التسبيحُ.

وأكملُ ما يكونُ التسبيحُ فيما جاءَ به الخبرُ عَنِ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ فإذا جاءَ بذكرٍ مِنَ الأذكارِ التي ذكرَها النبيُّ ـ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ـ فإنه يحققُ المطلوبَ، لو ركعَ بدونِ ذكرٍ، ذهبَ طائفةٌ مِن أهلِ العلمِ إلى أنه لا يجوزُ ولا يتحققُ الواجبُ؛ لأنَّ الواجبَ الركوعِ معَ القولِ، ومِن أهلِ العلمِ وهذا قولُ الجمهورِ أنه يجزأه ذلك، ويَنبغي للمؤمنِ أن لا يقصرَ في الذكرِ القوليِّ بأن يعظمَ اللهَ ـ تعالى ـ بما يسرَ اللهُ له من صيَغِ التعظيمِ.

المقدمُ: أحسنَ اللهُ إليكُم، وأنت لم تقصِّرْ في الشرحِ والتوضيحِ يا شيخُ جُزيتُم خيرًا.

المادة السابقة

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95495 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91245 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف