×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / فضائيات / المبالغة في حفلات التخرج

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:9578

المقدمُ:  يا شيخُ، اليومَ قدْ يكونُ الموضوعُ في كلِّ البيوتِ تَقريبًا أو يكادُ يكونُ حتى لا أكونَ مُبالغًا ألا وهو الحديثُ وبالذاتِ في مثلِ هذه الأيامِ، الآنَ التي هي حصادُ الموسمِ الدراسيِّ، أريدُ أن أقفَ يا شيخُ معَ حفلاتِ التخرجِ هذه التي تقامُ ـ نحن يعني ـ أنا لن أتطرقَ مثلًا هل هي على مستوَى المدارسِ؟ أو على مستوَى البيوتِ أو الأسَرِ إلى آخرِه؟ نريدُ توجيهًا عامًّا يا شيخُ حيالَ ما يتمُّ.

الشيخُالحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وأُصلِّي وأسلِّمُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمعينَ أمَّا بعدُ:

فأولًا: نباركُ للناجِحينَ والناجِحاتِ، وأسألُ اللهَ ـ تعالى ـ أن يكونَ نجاحَ دنيا وآخرةٍ، وأن يكونَ عونًا لهم في تميزِ دنياهم وصلاحِ آخرتِهم، فيما يتعلقُ بالفرحِ في النجاحِ وغيرِه، بالتأكيدِ إنه أمرٌ طبيعيٌّ والشريعةُ فسحَتِ النفوسَ في ما تقتضيهِ طبيعتُها مِن فرحٍ وحزنٍ، فأذِنتْ في الفرحِ بأمورٍ لم تأذنْ بها في الحالةِ الاعتياديةِ، وأذنتْ في الحزنِ أيضًا بأمورٍ لم تكنْ معتادةً أو مأذونًا فيها في الحالاتِ الاعتياديةِ.

فرحةُ النجاحِ فرحةٌ بالتأكيدِ إنها جميلةٌ لا سيما إذا كانَ النجاحُ حقيقيًّا وإنْ جازَ.

المقدمُ: ما معنَى حقيقيٍّ يا شيخُ؟

الشيخُ: يعني نجاحٌ له طعمٌ، يكونُ له تحولٌ في حياةِ الإنسانِ، هُناك نجاحٌ هو بالتأكيدِ خطوةٌ في الطريقِ، لكن لما تصلُ إلى غايةٍ وهدفٍ تعدُّ تحولًا يكونُ ذلك الفرحُ مختلفًا، يعني الذي يتخرجُ مِنَ الجامعةِ ويفرحُ بهذا التخرجِ، ليسَ كالذي يتخرجُ مِنَ السنةِ الأولَى للسنةِ الثانيةِ في الجامعةِ أو السنةِ الأولى في الثانويِّ للسنةِ الثانيةِ، أو ما إلى ذلكَ، فالفرحُ ليسَ على درجةٍ واحدةٍ بالتأكيدِ؛ لأنه هُناك فرحٌ يكونُ فيهِ تحولٌ في حياةِ الإنسانِ يترتبُ علَيهِ تغييرٌ في مسارِه، ويكونُ ما انتقلَ مِن مرحلةٍ إلى مرحلةٍ، وإما أنْ يكونَ قدْ وصلَ إلى غايةٍ في مسارٍ علميٍّ معينٍ.

المقصودُ أنه إذا كانَ فرحًا حقيقيًّا، فبالتأكيدِ أنه أو لأمرٍ يفرحُ بهِ حقيقةً، بالتأكيد أن هذا مما أذنتْ فيه الشريعةُ، فلا إشكالَ، والأصلُ في الأمور الحلُّ وللهِ الحمدُ، لكن يبقَى أنَّ هناك أمورًا يَنبغي أن تُراعَى وتُلاحظَ في حالِ الفرحِ وفي حالِ الحزنِ، فالإنسانُ في كلِّ أحوالِه في منشطِه ومكرَهِه وعُسرِه ويُسرِه هو عَبدٌ للهِ جلَّ في عُلاه.

وإذا كانَ كذلكَ فالواجبُ على المؤمنِ أنْ يُحققَ العبوديةَ للهِ في كلِّ أمرٍ، اللهُم إني أسألُك كلمةَ الحقِّ في الغضبِ والرضا والقصدَ في الفقرِ والغِنى، هذه أمورٌ يتحققُ بها للإنسانِ تمامُ التعبدِ في أحوالِه، فحالةُ الفرحِ قدْ تقترنُ بنوعٍ مِنَ الطيشِ أحيانًا، ولذلكَ اللهُ ـ تعالَى ـ قالَ: ﴿لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ[القصص:76]، والفرِحونَ الذين لا يحبُّهمُ اللهُ  ـ عزَّ وجلَّ ـ همُ الذين يُخرِجُهم فرحُهم عَن سُننِ العبوديةِ وطريقِ الاستقامةِ والصراطِ المستقيمِ.

هذه الحفلاتُ التي يحتفلُ فيها الناسُ بأبنائِهم وبناتِهم في نجاحِهم هذا لا بأسَ به في الأصلِ؛ لكن يجبُ أن تُراعَى فيهِ حدودُ اللهِ، أبرزُ ما يكونُ هو ينبغي أنْ يُراعَى حجمُ الإنجازِ معَ حجمِ الفرحِ، وهُناك تناسبُ بينَ حجمِ الإنجازِ الحاصلِ معَ الفرحِ، أنا أقولُ: هذه يمكنُ قضيةٌ تكادُ تتصلُ بالأثرِ النفسيِّ أكثرُ مِنها بالأثرِ الشرعيِّ.

المقدمُ: على الابنِ يعني؟

الشيخُ: على الابنِ وعلى الأسرةِ وعلى المجتمعِ، عندَما نفرحُ بطالبٍ تخرَّجَ مثلًا مِنَ الروضةِ أو مِنَ التمهيديِّ للابتدائيِّ، يعني هذا وتُقامُ حفلةً كبيرةً يعني يشعرُ الطالبُ أنه أنجزَ وهو الحقيقةُ ما أنجزَ، هو لم يصنعْ شيئًا يعني ليسَ هناك إنجازٌ معينٌ يكافئُ بهذه المكافأةِ التي يفعَلُها بعضُ الناسِ، هو يريدُ أن يفرحَ أولادَه، طيب، حسنٌ جيدٌ، لكنْ لا نُفرِحُهم بما قدْ يكونُ له تأثيرٌ سلبيٌّ على تفكيرِهم ونمطِ تقويمهم للأمورِ ورؤيتِهم لحقائقِ الأمورِ، أو أنْ نُلبسَهم شيئًا لم يَصنعوه، فالمتشبعُ بما لم يُعطَ كلابسِ ثوبي زورٍ، بمعنَى أنك عندَما تخلعُ عَليهِ أوصافَ الإنجازِ وهو لم يصنعْ ذلكَ ولم يقدمْ هذا الشيءَ، فأنت في الحقيقةِ تُوهمُه أنهُ أنجزَ، وهذا مما يَدعوهُ إلى الكسلِ، وأنه ممكنٌ يحصلُ الفرحُ والنجاحُ بكلِّ هذه البلادةِ التي لم ينجزْ مِنها شيئًا، ما هناك إنجازٌ حقيقيٌّ قامَ بهِ.

صحيحٌ إنَّ الناسَ تختلفُ تقويماتُهم، فيَأتي واحدٌ متخرجٌ مِن شهادةٍ عُليا، ليسَ كغيرِه مِن حيثُ الإنجازُ، لكن حتى صاحبُ الشهادةِ الصغرَى هو في عينِه منجزٌ صحيحٌ، لكن يبقَى أنْ نضعَ الأمورَ في نصابِها، فالذي يكونُ إنجازُه ضعيفًا أو محدودًا أو هو خطوةٌ في طريقِ لا تُوقفُه عَن مسيرِه بتصفيقٍ وفرحٍ قدْ يجعَلُه يتوقفُ عَن مواصلةِ السيرِ أو يشعرُ أنَّ أيَّ جُهدٍ يمكن أنْ يقدِّمَه فهو محلٌّ فرحٍ، وإن كانَ يسيرًا، وبمعنَى أنهُ لم يبذلْ جُهدَه، ولم يُقدِّمْ ما يكونُ حريًّا بالفرحِ والابتهاجِ والإنجازِ.

أما ما يتعلقُ بالإسرافِ، فهُناك ظاهرةُ إسرافِ -حقيقيةً- في كثيرٍ مِن هذه الحفلاتِ، واللهُ ـ تعالى ـ يقولُ: ﴿وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[الأنعام:141]، وقدْ قالَ اللهُ ـ تعالَى ـ: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ[الإسراء:27]، فيَنبغي للمؤمنِ أنْ يحذرَ مِنَ الإسرافِ والتبذيرِ، وذاك أنَّ الإسرافَ والتبذيرَ آفةٌ نَهَى اللهُ ـ تعالى ـ عَنْها حتى في العبادةِ، فقالَ: كلوا واشربوا وتصدَّقوا، والصدقةُ عبادةُ، مِن غيرِ سرفٍ ولا مخيلةٍ، فيَنبغي الحدُّ مِن هذا.

 وانظرْ كيفَ قالَ: مِن غيرِ سرفٍ ولا مخيلةٍ، ذكَرَ الخيلاءَ، الخيلةُ وهوَ حالةٌ نفسيةٌ يرَى الإنسانُ فيها تَفوقَه على غيرِه وسموَّه على غيرِه ومُنافستِه على غيرِه في العلوِّ والارتفاعِ في أمرِ الدُّنيا، وهَذا مِنَ الغلطِ الذي ينبغي أنْ يتجنَّبَه الإنسانُ، فالخيلاءُ قاتلٌ؛ لأنه مدعاةٌ إلى الكبرِ، مدعاةٌ إلى غبطِ الناسِ واحتقارِهم؛ لأنه يُفضي إلى آفاتٍ وسيئاتٍ شرعيةٍ وسلوكيةٍ تُفضي في نهايةِ المطافِ بالإنسانِ إلى نوعٍ مِنَ الهلاكِ الحقيقيِّ في مُعاملتِه للناسِ، وفي صلتِه باللهِ عزَّ وجلَّ.

أيضًا ما يتعلقُ باستعمالِ المعازفِ، الإسرافِ في أنماطٍ مِنَ المسالكِ الرديئةِ هذه كلُّها أمورٌ يَنبغي حدُّها وضبطُها، وأقولُ: الأسرُ تتحملُ مسؤوليةً لضبطِ الأمورِ بحيثُ تكونُ هذه الفرحةُ فرحةً تتناسبُ معَ الإنجازِ وتكونُ مدخلةً للسرورِ على الأُسرِ وعلى الأبناءِ والبناتِ دونَ أنْ يكونَ في ذلكَ خروجٌ عَنِ الصراطِ المستقيمِ، نسألُ اللهُ الهدايةَ والإعانةَ وأنْ يرزُقَنا وإياكُم نجاحَ الدارَينِ، وأنْ يُوفقَ أبناءَنا وبناتِنا إلى ما فيهِ خيرُ الدنيا والآخرةِ.

المقدمُ: اللهم آمينَ، أحسَنَ اللهُ إلَيكُم يا شيخُ وجزاكُم خيرًا.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95402 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات91095 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف