×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / مع أهل الذكر / أحكام الحامل والمرضع في رمضان

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4956

السُّؤالُ: حُكْمُ تَفْضِيلِ أَحَدِ الأَبْناءِ بِالهِبَةِ؟

الحمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نِبِيِّنا محمدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحابِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ،

فَهَذا السؤالُ الَّذي يتعلَّقُ بِالعَدْلِ بينَ الأَولادِ، هُوَ مِنَ المهِمَّاتِ الَّتي يَنْبَغِي لِكُلِّ وَالِدٍ أَنْ يَعْتَنِيَ بِها، فَإِنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ قَدْ قالَ: «فاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بينَ أَوْلادِكُمْ» صحيحُ البُخاريُّ: بابُ الإِشْهادِ في الهبَةِ، حَدِيثُ رقم(2587). وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ نَبَوِيَّةٌ شَرِيفَةٌ لِكُلِّ والدٍ مِنْ ذَكرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ، هَذِهِ الوصيةُ تَقْتَضِي التَّعْدِيلَ بَيْنَ الأَوْلادِ، في كُلِّ ما يُمْكِنُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ فِيهِ، وَأَنْ يُسَوِّىَ بَيْنهمْ فِيهِ، سَواءٌ كانَ ذَلِكَ في العَطايا المالِيَّةِ، أَوْ كانَ ذَلِكَ في الاهْتِمامِ، أَوْ كانَ ذَلِكَ في سائِرِ الشَّأْنِ.

لكِنْ بِالتَّأْكِيدِ أَنَّ الحَدِيثَ وَرَدَ عَلَى قضيةٍ معينةٍ، جاءَ في الصحيحينِ منْ حدِيثِ النُّعمانِ بْنِ بشيرٍ رضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ والدَ النُّعْمانِ -بَشِيرٌ- نحلَ النعمانَ نِحْلةً، فأرادتْ أُمُّ النعمانِ –عَمْرَةَ بِنْتُ رواحةَ- أَنْ يُشهِدَ عَلَى ذلكَ رَسُولُ اللهِ  صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ، فَذهبَ بَشِيرٌ إِلَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلمَ يُشْهِدُهُ أَنَّه نَحَلَ النعمانَ هَذِه النِّحْلَةَ، فَقالَ لَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ: «ألكَ بنونَ سواهُ؟»، قالَ: نعمْ، قالَ: «فكُلُّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذا؟» صَحِيحُ مُسْلِمٍ: بابُ كَراهَةِ تَفْضِيلِ بَعضِ الأَوْلادِ في الهبَةِ، حديثُ رقم (1623)..

هَكَذا قالَ لَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ، في الإِشارَةِ إِلَى أَنَّ هَذا العَطاءَ لا يصلُحُ أَنْ يَنفرِدَ بِهِ أَحَدُهُمْ، بَلْ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ مُشْتَركًا بينهُمْ، بمعْنَى أَنْ يَشْتَرِكُوا، في أَنْ يُعْطُوا، فَلا يُخَصَّصُ أَحْدُهُمْ دُونَ الآخِرِ.

فَقالَ: لا، قالهُ لَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بينَ أوْلادِكُمْ» صحيحُ البُخارِيِّ: بابُ الإِشْهادِ في الهبَةِ، حَدِيثُ رَقْم (2587). هَذا الحدِيثُ، وَهذهِ الجمْلَةُ «فاتَّقُوا اللهَ واعْدِلُوا بينَ أولادِكُمْ » صَحيحُ البُخارِيِّ: بابُ الإِشْهادِ في الهبَةِ، حدِيثُ رقم (2587).. ورَدَتْ عَلَى هَذا السببِ، وَالعِبْرَةِ بِعُمُومِ اللَّفْظَةِ بِخُصُوصِ السَّببِ كُما هُوَ مَعْرُوفٌ.

لَكِنْ فِيما يتعلَّقُ بِالعَطايا المالِيَّةِ يَنْبَغِي لِلمُعْطِي أَنْ يَعْدِلَ بينَ أَولادِهِ، وَهذا لا خِلافَ فِيهِ بينَ أَهْلِ العِلْمِ، أَنَّ التَّعْديلِ مَطْلُوبٌ، لكنهمْ اخْتَلَفُوا في حُكْمِ التعديلِ، هَلْ هُوَ واجِبٌ، أَمْ هُوَ مِمَّا يُنْدَبُ إِلَيْهِ؟

فمِنْ أَهْلِ العِلْمِ مَنْ قالَ: إِنَّهُ واجِبٌ المغني (6/54)، واستدلَّ لِذلِكَ بظاهرِ الحديثِ، وَلَفْظِهِ، «فاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بينَ أَوْلادِكُمْ» صَحِيحُ البُخارِيِّ: بابِ الإِشْهادِ في الهبةِ، حَدِيثُ رقم (2587). وقالَ آخرُونَ: بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ روضةُ الطالبينَ (5/378).

وَقالَ آخِرُونَ: بَلْ هُوَ واجِبٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْضِيلُ لِسَبَبٍ، وَالحَقِيقَةُ: أَنَّ هَذا القَوْلَ خارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النزاعِ، لأَنَّهُ إِذا كانَ هُناكَ عَطاءٌ لِسَبَبٍ فَهُوَ خارِجٌ عَنْ مَحَلِّ البَحْثِ.

لهذا أَعُودُ وَأَقُولُ:إِنَّ التَّعْدِيلَ المأْمُورَ بِهِ هُنا، هُوَ في العَطاءِ الَّذِي لا سَبَبَ لَهُ، مِثْلُ مَثْلًا ما يُعْطاهُ الأَوْلادُ في الأَعْيادِ، ما يُعْطاهُ الأَوْلادِ في الهباتِ الَّتي هِيَ لتَفْريحهِمْ وَإِدْخالِ السُّرورِ عليهمْ، أَمَّا ما كانَ عَطاءً لِسَبَبٍ، كأَنَّ يَكُونُ مَثَلاً لحاجةٍ، أَوْ يَكُونُ لمكافأَةٍ علَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ يَشْتَرِكُ فِيهِ الجمِيعُ، لَيْسَ خاصًا بِواحِدٍ منهمْ، فَهذا هوَ الَّذي يتأَتَّى فيهِ قَوْلُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « فاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بينَ أَوْلادِكُمْ » صحيحُ البُخارِيِّ: بابُ الإِشْهادِ في الهِبَةِ، حَدِيثُ رقم(2587)..

هَذا عامٌ في كُلِّ عَطاءٍ لا سَببَ لَهُ، فيشملُ العَطاءَ الَّذِي يَكُونُ في الأَعْيادِ، يَشْمَلُ العَطاءَ الَّذِي يَكُونُ لِلتَّفريحِ، يشملُ العَطاءَ الَّذِي يكُونُ أَحْيانا مِنْ بَعضِ الآباءِ إِذا مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِكسبٍ أَتاهُ، رِزقٌ، فرحٌ أَولادهِ بتوزيعِ ذلكَ عليهمْ، هُنا ينْبَغِي التَّعديلُ.

أمَّا كيفيةُ التعديلِ، فَللعلماءِ في ذلكَ قَولانِ:

- مِنْهُمْ مَنْ قالَ كَيْفِيَّةُ التَّعْدِيلِ هِيَ أَنْ يُعْطِي الولَدَ الذَّكَرَ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيينِ، أَيْ يُعْطِي الَّذِي ضَعْفَيْ ما يُعْطي الأُنْثَى، وَهَذا قالَ بِهِ جماعَةٌ مِنْ أَهْلِ العَِلْمَ وَهُوَ قوْلُ الحنابِلَةِ، اسْتِنادًا إِلَى أَنَّ هَذِهِ القِسْمَةَ الَّتي قَسَمَ اللهُ تَعالَى بِها الميراثَ، فَقالُوا: العَطاءُ الَّذِي لا سَبَبَ لَهُ في الحياةِ، يُماثِلُ العَطاءَ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ تَعالَى بينَ الأَوْلادِ في المماتِ، فَيَكُونُ للذكرِ مِثْلُ حَظَّ الأُنْثيينِينظرُ: الروضُ المربعُ (ص462).

- وأما الجمهورُ مِنْ أَهْلِ العلمِ فَذهبُوا إِلَى أَنَّ التَّعْدِيلَ بينَ الأَوْلادِ، ذُكُورًا وَإِناثاً، هُوَ أَنْ يُعْطُوا جَمِيعًا عَلَى نَحْوِ ما أُعْطُوا، لا فرْقَ بينَ ذَكَرٍ وأُنْثَى، فَتُعْطَى الأُنْثَى علَى نَحْوِ ما أُعْطِيَ الذكرُ، دُونَ تَفْريقٍ؛ لأَنَّ هَذا مُقْتَضَى التعديلِ المبسُوطِ (12/56)، وشرحُ التلقينِ لابنِ بُزيزةَ (2/1417)، وروضةُ الطالبينَ (5/379).

وأمَّا القِسمةُ الَّتي تَكونُ بعدَ الموْتِ، فهذهِ تولَّاها اللهُ وبينَها بَيانًا لا مجالَ فيهِ لاجتهادِ مجتهدٍ، وَلا لرأْيِ راءٍ، إِنَّما هِيَ الامْتِثالُ وَالعملُ، أَمَّا في الحياةِ فالأصْلُ في التعديلِ فَالأَصلِ أنْ يُسَوِّىَ بينَ الذكورِ والإناثِ؛ لأنَّ هَذا ليسَ عَطاءً لحاجةٍ، وَلا عَطاءً لسببٍ، إِنَّما هوَ عَطاءٌ بِلا سببٍ، وَهَذا القولُ أقربُ إِلَى الصَّوابِ.

وَلهذا الَّذي أراهُ راجِحًا في مَسألةِ التعديلِ بينَ الأوْلادِ، فيتحقَّقُ التعديلُ بينَ الأولادِ بأنْ تُعْطِي الأَولادَ ذُكُورًا أوْ إِناثًا سَواءٌ بِسَواءٍ دُونَ تميزٍ، أَمَّا القِسْمَةُ بَعْدَ الموتِ، فَذَلِكَ حُكْمُ ربِّ العالمينَ، الَّذِي جاءَ النصُّ عَلَيْهِ، وَالوصِيَّةُ بِهِ، في قولهِ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} سورةُ: النساءِ، الآيةُ (11). هَذا في القسمةِ بعدَ الموتِ، أَمَّا في الحياةِ فَلا، إِنَّما يكونُ ذلكَ بالتسوِيةِ بَيْنَهُما.

واللهُ تَعالَى أَعْلمُ، وصَلَّى اللهُ وسلمَ علَى نبيِّنا محمدٍ.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95170 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90881 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف