الشيخُ: هوَ الصفوةُ الذي اصطفاهُ ربُّ العالَمينَ ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾[القصص:68] نحبُّه ـ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ لأنه لا يكملُ إيمانُ عبدٍ إلا بمحبتِه ـ صَلَّى اللهُ عَليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ ـ عن أنسِ بنِ مالكٍ ـ رَضيَ اللهُ عنهُ ـ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ: «لا يؤمنُ عبدٌ حتى أكونَ أحبَّ إلَيهِ مِن أهلِه ومالِه والناسِ أجمَعينَ»صحيح البخاري (14)، وصحيح مسلم (44)، ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[التوبة:128] .
فواللهِ لولا رسولُ اللهِ ما عرَفْنا اللهَ، واللهُ ـ جلَّ وعَلا ـ جاءَ بالبيانِ المبينِ على لسانِ هذا الرسولِ الكريمِ فعرَفنا ما لهُ مِنَ الكمالاتِ، ما لهُ مِنَ الصفاتِ، ما له مِن جميلِ الأفعالِ، فانجذبتِ القلوبُ لربِّها وعرَفَتْه، ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[آل عمران:31].
إنَّ مِن دلائلِ محبةِ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ الغضبُ لشريعَتِه والغضبُ لسُنتِه، والغضبُ لِما يتعلقُ بدينِه، بل والغضبُ لأمتِه، فإنَّ مِن يغضبُ لأمةِ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ إذا نزلَ بها مكروهٌ، ومَن يغضبُ لسُنتِه ـ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ إذا نيلَ مِنها، ومَن يغضبُ لشريعتِه إذا انتقصَتْ فإنهُ دليلٌ على محبتِه للنبيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ.
مِن محبَّتِه ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ إجلالُ مَن أحبَّهم وهم صحابتُه الكرامُ ـ رضيَ اللهُ عَنهم ـ وعلى رأسِهم أبو بكرٍ خيرُ الأمةِ بعدَ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم ـ ثم عمرُ ـ رضيَ اللهُ عنهُ ـ ثم عثمانُ ـ رضيَ اللهُ عنهُ ـ ثم عليٌّ ـ رضيَ اللهُ عنهُ ـ ثُم سائرُ الصحابةِ ـ رضيَ اللهُ عَنِ الجميعِ ـ هؤلاءِ لهم مِنَ المكانةِ والمنزلةِ ما يَنبغي أنْ تصانَ، وحبُّهم مِن محبةِ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ فكلُّ مَن أبغضَ هؤلاء ووقعَ فيهم فإنهُ كاذبٌ في محبتِه للنبيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ.
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[الأحزاب:56]، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾[الأنبياء:107]، ففي الصحيحَينِ مِن حديثِ أنسٍ ـ رَضيَ اللهُ عَنهُ ـ قالَ ـ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ـ: «ثلاثٌ مَن كُنَّ فيهِ وجدَ بهِنَّ حلاوةَ الإيمانِ، أنْ يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إلَيهِ مما سِواهُما»صحيح البخاري (16)، وصحيح مسلم (43)، ولذلكَ يَنبغي لنا أنْ لا نتأخرَ فإنَّ الركبَ يسيرُ والأيامُ تمضِي، ومَن تأخرَ فلا يَلومَنَّ إلا نفسَه.