مِنْ محظوراتِ الإحرامِ تغطيةُ الرأسِ، وقدْ جاءَ ذلكَ في حديثِ ابنِ عمرَ حيثُ قالَ:«لا يلبسُ المحرمُ القمُصَ ولا العمائمَ»والعمائمُ: كلُّ ما يفصَّلُ على الرأسِ، «ولا البَرانِسَ»، والبرنسُ هوَ الرداءُ المغربيُّ الذي يكونُ ثوبًا متصِلًا بغطاءٍ للرأسِ، هَذا منَعَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المحرمَ منهُ، وبالتالي لا يلبسُ المحرمُ شيئًا يُغطي بهِ رأسَه سواءٌ كانَ مُفصَّلًا على الرأسِ كالعمامةِ أو الطاقيةِ أو القبعةِ أو الكوفيةِ أو سائرِ ما يُغطَى بهِ الرأسُ؛ مفصلٌ أو حتى غيرُ مفصلٍ كأنْ يضعَ خرقَةً على رأسِه، أو يحملَ متاعًا يقصدُ بهِ سترُ رأسِه، فهذا كلُّه مما يمنَعُ منهُ المحرمُ، لِما جاءَ في قولِه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«لا يلبسُ المحرمُ العمائمَ ولا البرانِسَ» فسترُ الرأسِ بملاصقٍ هوَ مِن محظوراتِ الإحرامِ باتفاقِ العلماءِ.
أما إذا ستَرَ رأسَه بغيرِ ملاصقٍ مباينٍ، وهَذا نوعانِ:
سترُ الرأسِ بمباينٍ؛ غيرِ ملاصقٍ للرأسِ ثابتٌ كالخيمةِ مثلًا أو البناءِ أو غيرِ ذلكَ مِنَ الشجرِ أو الكَباري فهَذا لا يمنَعُ منهُ المحرمُ بالاتفاقِ، لأنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- ضُربَتْ لهُ خيمةٌ وهوَ في نمرةَ يومَ عرفةَ ونزلَ بها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يمتنعْ مِنَ الاستظلالِ بما يُغطي الرأسَ منفصِلًا ثابتًا.
أما النوعُ الثاني: الاستظلالُ بالمتحركِ فهذا للعلماءِ فيهِ قولانِ:
جمهورُ العلماءِ على أنهُ لا يُمنعُ منهُ المحرمُ، وقدْ جرَى مِنَ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومَ النحرِ في قصةِ مجيئِه إلى رميِ الجمرةِ معَ أسامةَ بنِ زيدٍ وبلالٍ، حيثُ استترَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الشمسِ، كما في حديثِ أمِّ قيسٍ بنتِ محصنٍ.
أما ما يتعلقُ بالقولِ الثاني: في هذهِ المسألةِ ما ذهبَ إليهِ بعضُ أهلِ العلمِ: أنهُ لا يجوزُ أنْ يستترَ بمنتقِلٍ كالسياراتِ مثلًا والطائراتِ وهذا في الحقيقةِ فيهِ مِنَ العُسرِ والمشقةِ ما لو كانَ كذلكَ لبيَّنَه رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبالتالي لا حرجَ في أنْ يستظلَّ المحرمُ بالمظلاتِ المتحركةِ، وبالسياراتِ، وبالأشرعةِ، وبغيرِها مما ينتقلُ معَه.