×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / أمثال قرآنية / الحلقة (3) من برنامج أمثال قرآنية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة (3) من برنامج أمثال قرآنية
00:00:01

  بسم الله الرحمن الرحيم. (( الحلقة الثالثة )) الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، أحمده لا أحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنة بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من حلقات برنامجكم " أمثال قرآنية". القرآن العظيم، ذاك الكتاب المبين، ذاك السفر المجيد، أعظم الكتب بيانا، هو أوضح كتب الله تعالى برهانا وحجة وسلطانا. يقول الله جل وعلا في بيان القرآن ووضوحه{ هذا بيان للناس} +++ سورة آل عمران: 138. ---، ويقول سبحانه مقسما بهذا القرآن وهذا الكتاب { وقرآن مبين} +++ سورة الحجر: 1.---، {وكتاب مبين} +++ سورة المائدة:15.---. وبيان القرآن جاء بأحسن لفظ، وأوضح لسان، وأدله على الغاية والمقصود. بيان القرآن أشرف بيان وأهداه. بيان القرآن أكمل بيان وأعلاه. بيان القرآن أبلغ بيان وأسماه،{ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء}+++ سورة النحل : 89. ---. فالقرآن بين في نفسه،بين في ألفاظه، بين في معانيه، بيانه محيط بكل ما يحتاج إليه الناس في حياتهم ، في دينهم ، في دنياهم، في معاشهم، ومعادهم.   هو مبين للحق بجميع أدلته  وطرقه، كما أنه مبين للباطل بكل أوجهه ودلائله، { ما فرطنا في الكتاب من شيء}+++ سورة الأنعام:38.---. ومن لطف الله تعالى أن جعل هذا القرآن بأساليب بينة واضحة تؤدي إلى المقصود، وتهدي على الغاية، فبيان القرآن جاء بكل طريق ومسلك يحقق الغاية والمقصود.  ومن ذلك البيان، ومن تلك الطرق التي بين فيها القرآن ما تضمنه من الحجج والبراهين والحق المبين، "ضرب الأمثال"، فإن الله تعالى ضرب في هذا الكتاب الأمثال، وصرف فيه الأمثال إيضاحا للحق، وبيانا للهدى. فالتمثيل يكشف المعاني ويوضحها لأنه بمنزلة التصوير والتشكيل لتلك المعاني، وهذا من أوضح أساليب البيان. فالمثل يؤثر في القلوب ما لا يؤثر وصف الشيء في نفسه، ولهذا قال جل وعلا {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون}+++ سورة الزمر:27.---. وقال سبحانه وتعالى : { ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا} +++ سورة الإسراء:89---. إن الله تعالى أمر عباده بأن يستمعوا لأمثاله التي ضربها في محكم كتابه، فقال جل في علاه { يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له } +++ سورة الحج:73. --- ,{وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون }+++ سورة العنكبوت:43. ---. إنها دعوة للتدبر والتأمل، والتفكر وإعادة النظر، وإجالة الفكر في ثنايا تلك الأمثال المضروبة في محكم الكتاب{ ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون }+++ سورة الزمر:27.---. الأمثال التي ضربها الله تعالى في كتابه هي جمل مثل، والمثل والمثل والمثيل في المعنى كالشبه والشبه والشبيه. وهي من حيث معناها في ضرب الأمثال تصوير للمعاني بمحسوسات أو بمشابهات، ليتضح بها المقام، ويجتلي بها المقصود، ويقرب المعنى للفهم والعقل. ويمكن أن يقال: إن ضرب الأمثال في القرآن هو تشبيه شيء بشيء، بيانه بالمثال ليصير الخفي جليا، والمعنوي محسوسا. فضرب المثل هو ذكر الشبيه والصورة، واعتبار الشيء بغيره. ضرب المثل إبراز المعاني في صورة حسية تكسبها روعة وجمالا. ولعل المقام يتضح بالمثال. قال الله جل وعلا { أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال }+++ سورة الرعد:17. ---. هذه الآية الكريمة من سورة الرعد تضمنت عدة أمثال: منها: أن الله تعالى شبه القلوب بالأودية في اتساعها للماء النازل من السماء، فالأودية منها كبار تسع ماء كثيرا، ومنها صغار لا تسع إلا ماء قليلا، كذلك القلوب في اتساعها واستقبالها للوحي والهدى الذي جاء به القرآن العظيم. منها ما يتسع علما عظيما، ومنها ما لا يتسع إلا دون ذلك أو يتسع الشيء اليسير أو يضيق عن كل هدى فلا يرفع به رأسا، ولا ينتفع به في شيء من أموره. إن الأمثال في القرآن العظيم على أنواع وصور، فمنها أمثال جاء فيها التصريح بلفظ المثل أو ما يدل على التشبيه. ومنها أمثال كامنة، ومنها أمثال مرسلة. أما النوع الأول من الأمثال، وهو ما يعرف بالأمثال المصرحة أو الصريحة، وهو ما تضمن لفظ المثل أو ما يشبه هذا مما يدل على التشبيه فذاك كثير في كلام الله تعالى. منه قوله جل وعلا { مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون }+++ سورة هود:24. ---. ومنه قوله تعالى{ مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد }+++ سورة إبراهيم:18. ---. أما ما لم يأتي فيه التصريح بلفظ المثل، ولكن جاء ما يدل على التشبيه، فذاك كثير أيضا، منه قوله تعالى :{ فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت } +++ سورة محمد:20. ---. ومنه قوله جل وعلا { قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران }+++ سورة الأنعام:71. ---. ومنه قوله جل وعلا { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس }+++ سورة البقرة:275. ---. ومنه قوله جل وعلا { أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون } +++ سورة البقرة:266. ---. هذا هو النوع الأول من أمثال القرآن وهي الأمثال المصرحة. وأما النوع الثاني من أنواع الأمثال القرآنية، فهي الأمثال الكامنة، وهي التي لم يصرح فيها بلفظ المثل، لكنها تدل على معان رائعة في إيجاز يكون لها وقعها إذا نقلت إلى ما يشابهها ويمثلون لهذا النوع بأمثلة منها قوله جل وعلا{ لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك } +++ سورة البقرة:68.---. ومنها قوله جل وعلا { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا }+++ سورة الإسراء:110. ---. أما النوع الثالث من الأمثال القرآنية، فهي الأمثال المرسلة، وهي جمل أرسلت إرسالا من غير تصريح بلفظ التشبيه، فهي آيات جارية مجرى الأمثال . ومن ذلك قوله تعالى { الآن حصحص الحق } +++ سورة يوسف:51.---. ومنها قوله سبحانه وتعالى{ ليس لها من دون الله كاشفة } +++ سورة النجم:58.---. ومنها قوله جل وعلا { أليس الصبح بقريب} +++ سورة هود:81. ---. ونظائر هذا في كلام الله تعالى كثير. وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في جواز استعمال مثل هذه الآيات في الاستشهادات في كلام الناس. فمنهم من قال :" إن ذلك خروج عن الأدب مع القرآن الحكيم، إذ قد تستعمل هذه الألفاظ فيما لا يسوغ ولا يليق بكتاب الله جل وعلا". ومنهم من قال:" لا بأس باستعمالها لأنها تخرج مخرج الاستشهاد فيما يتعلق بأفصح كلام وأوضحه فلا حرج في استعمال ذلك إذا كان المقام حقا وإذا كان المقام لا استهانة فيه بكلام الله تعالى"+++ انظر "التمهيد " لابن عبد البر(2/223)، و"شرح النووي على صحيح مسلم" (1/340)،وانظر "الحاوي " للسيوطي (1/251).---.  وهذا هو أقرب القولين إلى الصواب، فلا حرج في استعمال قوله جل وعلا { لكم دينكم ولي دين } +++ سورة الكافرون:6. ---، في مقام المتاركة، إذا كان ذلك في مقام حق وهدى لا يتضمن استهانة بكلام الله جل وعلا. هذه أنواع من الأمثال القرآنية التي جمعها أهل العلم وتكلموا عليها، وإننا إن شاء الله تعالى في حلقات هذا البرنامج سنتناول أبرز هذه الأمثال، ونأخذ من معينها ما ينتفع به المؤمن، وما يستزيد به قربا إلى الله جل وعلا ، وهداية وصلاحا واستقامة. فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن يجعلنا من العلماء العاملين، ممن ذكرهم الله في قوله، واستثناهم في محكم كتابه، { وما يعقلها إلا العالمون}+++ سورة العنكبوت:43. ---. أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:2978
 
بسم الله الرحمن الرحيم.
(( الحلقة الثالثة ))
الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، أحمده لا أحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنة بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من حلقات برنامجكم " أمثال قرآنية".
القرآن العظيم، ذاك الكتاب المبين، ذاك السِّفر المجيد، أعظم الكتب بياناً، هو أوضح كتب الله تعالى برهاناً وحجة وسلطاناً.
يقول الله جل وعلا في بيان القرآن ووضوحه{ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} سورة آل عمران: 138. ، ويقول سبحانه مقسماً بهذا القرآن وهذا الكتاب { وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} سورة الحجر: 1.، {وَكِتَابٌ مُبِينٌ} سورة المائدة:15..
وبيان القرآن جاء بأحسن لفظ، وأوضح لسان، وأدله على الغاية والمقصود.
بيان القرآن أشرف بيانٍ وأهداه.
بيان القرآن أكمل بيانٍ وأعلاه.
بيان القرآن أبلغ بيان وأسماه،{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} سورة النحل : 89. .
فالقرآن بيِّنٌ في نفسه،بيِّن في ألفاظه، بيِّنٌ في معانيه، بيانه محيط بكل ما يحتاج إليه الناس في حياتهم ، في دينهم ، في دنياهم، في معاشهم، ومعادهم.
 
هو مبين للحق بجميع أدلته  وطرقه، كما أنه مبين للباطل بكل أوجهه ودلائله، { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} سورة الأنعام:38..
ومن لطف الله تعالى أن جعل هذا القرآن بأساليب بيِّنة واضحة تؤدي إلى المقصود، وتهدي على الغاية، فبيان القرآن جاء بكل طريق ومسلك يحقق الغاية والمقصود.
 ومن ذلك البيان، ومن تلك الطرق التي بيَّن فيها القرآن ما تضمنه من الحجج والبراهين والحق المبين، "ضرب الأمثال"، فإن الله تعالى ضرب في هذا الكتاب الأمثال، وصرَّف فيه الأمثال إيضاحاً للحق، وبياناً للهدى.
فالتمثيل يكشف المعاني ويوضحها لأنه بمنزلة التصوير والتشكيل لتلك المعاني، وهذا من أوضح أساليب البيان.
فالمثل يؤثر في القلوب ما لا يؤثر وصف الشيء في نفسه، ولهذا قال جل وعلا {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} سورة الزمر:27..
وقال سبحانه وتعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} سورة الإسراء:89.
إن الله تعالى أمر عباده بأن يستمعوا لأمثاله التي ضربها في محكم كتابه، فقال جل في علاه { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ } سورة الحج:73. ,{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } سورة العنكبوت:43. .
إنها دعوة للتدبر والتأمل، والتفكر وإعادة النظر، وإجالة الفكر في ثنايا تلك الأمثال المضروبة في محكم الكتاب{ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } سورة الزمر:27..
الأمثال التي ضربها الله تعالى في كتابه هي جمل مثل، والمثل والمِثْلُ والمثِيل في المعنى كالشبه والشبه والشبيه.
وهي من حيث معناها في ضرب الأمثال تصوير للمعاني بمحسوسات أو بمشابهات، ليتضح بها المقام، ويجتلي بها المقصود، ويقرب المعنى للفهم والعقل.
ويمكن أن يقال: إن ضرب الأمثال في القرآن هو تشبيه شيء بشيء، بيانه بالمثال ليصير الخفي جلياً، والمعنوي محسوساً.
فضرب المثل هو ذكر الشبيه والصورة، واعتبار الشيء بغيره.
ضرب المثل إبراز المعاني في صورة حسية تُكسبها روعة وجمالاً.
ولعل المقام يتضح بالمثال.
قال الله جل وعلا { أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ } سورة الرعد:17. .
هذه الآية الكريمة من سورة الرعد تضمنت عدة أمثال:
منها: أن الله تعالى شبَّه القلوب بالأودية في اتساعها للماء النازل من السماء، فالأودية منها كبار تسع ماء كثيراً، ومنها صغار لا تسع إلا ماء قليلاً، كذلك القلوب في اتساعها واستقبالها للوحي والهدى الذي جاء به القرآن العظيم.
منها ما يتسع علماً عظيماً، ومنها ما لا يتسع إلا دون ذلك أو يتسع الشيء اليسير أو يضيق عن كل هدى فلا يرفع به رأساً، ولا ينتفع به في شيء من أموره.
إن الأمثال في القرآن العظيم على أنواع وصور، فمنها أمثالٌ جاء فيها التصريح بلفظ المثل أو ما يدل على التشبيه.
ومنها أمثال كامنة، ومنها أمثال مرسلة.
أما النوع الأول من الأمثال، وهو ما يعرف بالأمثال المصرِّحة أو الصريحة، وهو ما تضمن لفظ المثل أو ما يشبه هذا مما يدل على التشبيه فذاك كثير في كلام الله تعالى.
منه قوله جل وعلا { مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } سورة هود:24. .
ومنه قوله تعالى{ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ } سورة إبراهيم:18. .
أما ما لم يأتي فيه التصريح بلفظ المثل، ولكن جاء ما يدل على التشبيه، فذاك كثير أيضاً، منه قوله تعالى :{ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ } سورة محمد:20. .
ومنه قوله جل وعلا { قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ } سورة الأنعام:71. .
ومنه قوله جل وعلا { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ } سورة البقرة:275. .
ومنه قوله جل وعلا { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } سورة البقرة:266. .
هذا هو النوع الأول من أمثال القرآن وهي الأمثال المصرِّحة.
وأما النوع الثاني من أنواع الأمثال القرآنية، فهي الأمثال الكامنة، وهي التي لم يصرح فيها بلفظ المثل، لكنها تدل على معانٍ رائعة في إيجاز يكون لها وقعها إذا نقلت إلى ما يشابهها ويمثلون لهذا النوع بأمثلة منها قوله جل وعلا{ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ } سورة البقرة:68..
ومنها قوله جل وعلا { وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا } سورة الإسراء:110. .
أما النوع الثالث من الأمثال القرآنية، فهي الأمثال المرسلة، وهي جمل أرسلت إرسالاً من غير تصريح بلفظ التشبيه، فهي آيات جارية مجرى الأمثال .
ومن ذلك قوله تعالى { الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ } سورة يوسف:51..
ومنها قوله سبحانه وتعالى{ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ } سورة النجم:58..
ومنها قوله جل وعلا { أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} سورة هود:81. .
ونظائر هذا في كلام الله تعالى كثير.
وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في جواز استعمال مثل هذه الآيات في الاستشهادات في كلام الناس.
فمنهم من قال :" إن ذلك خروج عن الأدب مع القرآن الحكيم، إذ قد تستعمل هذه الألفاظ فيما لا يسوغ ولا يليق بكتاب الله جل وعلا".
ومنهم من قال:" لا بأس باستعمالها لأنها تخرج مخرج الاستشهاد فيما يتعلق بأفصح كلام وأوضحه فلا حرج في استعمال ذلك إذا كان المقام حقا وإذا كان المقام لا استهانة فيه بكلام الله تعالى" انظر "التمهيد " لابن عبد البر(2/223)، و"شرح النووي على صحيح مسلم" (1/340)،وانظر "الحاوي " للسيوطي (1/251).
وهذا هو أقرب القولين إلى الصواب، فلا حرج في استعمال قوله جل وعلا { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } سورة الكافرون:6. ، في مقام المتاركة، إذا كان ذلك في مقام حق وهدى لا يتضمن استهانة بكلام الله جل وعلا.
هذه أنواع من الأمثال القرآنية التي جمعها أهل العلم وتكلموا عليها، وإننا إن شاء الله تعالى في حلقات هذا البرنامج سنتناول أبرز هذه الأمثال، ونأخذ من معينها ما ينتفع به المؤمن، وما يستزيد به قرباً إلى الله جل وعلا ، وهداية وصلاحاً واستقامة.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن يجعلنا من العلماء العاملين، ممن ذكرهم الله في قوله، واستثناهم في محكم كتابه، { وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} سورة العنكبوت:43. .
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات18648 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات11971 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9152 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8020 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف