×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / أمثال قرآنية / الحلقة (46) من برنامج أمثال قرآنية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة (46) من برنامج أمثال قرآنية
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم. ((الحلقة السادسة والأربعون)) الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى. أحمده لا أحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه.  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم "أمثال قرآنية". إننا في هذه الحلقة – إن شاء الله تعالى – نتناول مثلا ذكره الله على وجه البسط والتوضيح في سورة "يس"، السورة التي ابتدأها الله تعالى بهذين الحرفين، "يس". ثم أقسم فيها بالقرآن الحكيم فقال جل وعلا {والقرآن الحكيم (2) إنك لمن المرسلين}. فأقسم الله بالقرآن على رسالة ونبوة النبي المصطفى، والرسول الخاتم، محمد صلى الله عليه وسلم . وقد ذكر الله جل وعلا من أوصاف رسالته ما يحفز النفوس على الالتزام بها، والقبول لها، والإقبال عليها، فقال جل وعلا {على صراط مستقيم (4) تنزيل العزيز الرحيم (5) لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون (6) لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون}. ثم ذكر الله تعالى من شأنهم، وحالهم، وإعراضهم، عن قبول هذه الرسالة ما يطابق أوصافهم، وما يحذرهم من المضي فيما هم عليه، من تكذيب وإعراض، واستكبار واستنكاف عما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فلما  فرغ القرآن من ذكر ذلك، جاء بمثل، وهذا المثل مثل قرية تشبه قريتكم يا أهل مكة. فقال فيها جل وعلا :{واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون (13) إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون}+++ سورة :يس:13-14.---، إلى آخر ما ذكر الله تعالى في قصة هذه القرية، وخبرها، وما كان منهم مع رسلهم وأنبيائهم، الذين جاءوا يدعونهم إلى عبادة الله وحده، ويحذرونهم من الشرك والكفر، والعناد والاستكبار. هذا المثل موضوعه ومحتواه ومقصوده هو بيان صورة وحال النبي صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين مع قومه، ما كان منه، وما كان منهم. ثم ما تصير إليه عاقبته، وما تصير إليه عاقبتهم. فهذا بيان للحال والمآل، للنبي صلى الله عليه وسلم ولقومه الذين كذبوه وعارضوا رسالته، ولم يقبلوا ما جاء به من الهدى والنور صلى الله عليه وسلم. ولا شك أن التمثيل والتصوير مما يقرب المعاني إلى الأذهان، ولذلك صور الله تعالى حال النبي صلى الله عليه وسلم ، حال الرسول الكريم مع قومه، بحال رسل جاءوا إلى أقوامهم، فكان منهم من التكذيب ما كان، ثم ما انتهى إليه مآل الجميع من فوز أهل التقوى والإيمان، وثبور أهل الكفر والعصيان.   فموضوع المثل بيان حال النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه، وما كان منهم من تكذيب وإعراض، ثم ما يصير إليه كل من الفريقين، {فريق في الجنة وفريق في السعير}+++ سورة الشورى:7.---. ابتدأ الله تعالى ذكر هذا المثل بأمر رسوله صلى الله عليه وسلم  ، فقال له:{واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون}، فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يضرب لقومه مثلا يعتبرون به، ومثلا يتعظون باستحضاره وتصويره وفهمه. {أصحاب القرية}، والقرية هي مجتمع الناس، ومكان ائتلافهم، وإقامتهم، وتجمعهم.  ولم يذكر الله عز وجل هذه القرية على وجه التعيين ذلك أن تعيينها لا يفيد، ولا أثر له في الصورة التي أراد الله تصويرها، فسواء كانت هذه القرية أنطاكية، كما ذكر ذلك بعض المفسرين، أو كانت القرية قرية أخرى، لا فرق في ذلك في الإفادة والمقصود من هذه القصة، ومن هذا المثل الذي ضربه الله تعالى+++ انظر" النكت والعيون" للماوردي (5/10).---. والصواب في هذه القرية أنها على ما أبهم الله تعالى، فإن الله لم يذكر هذه القرية على وجه التحديد، فهي قرية من القرى، ومدينة من المدن التي بعث الله تعالى إليها رسلا مبشرين ومنذرين. {إذ جاءها المرسلون}، أي إذ جاءها من أرسل إليهم بالحق والهدى، ليخرجهم من الظلمات إلى النور. و{المرسلون}، جمع مرسل، والرسول هو من جعله الله تعالى واسطة بينه وبين الخلق لدلالتهم عليه، وتعريفهم به، وبيان الطريق الموصل إليه. هذه هي مهمة الرسل، فإن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم واسطة بين الله جل وعلا وبين الخلق في أمرين: - في بيان التعريف بالله عز وجل الذي يقصد ويعبد. - وفي بيان وإيضاح الطريق الموصل إلى الله عز وجل. فقد جاء هذه القرية رسل، وقوله تعالى{إذ جاءها المرسلون}، يفيد أنهم أكثر من رسول، ولذلك جاء بيان عددهم في الآية التالية، حيث قال جل وعلا {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون}، فمجموع الرسل الذين جاءوا إلى هذه القرية ثلاثة، والمرسل لهم هو الله جل وعلا. قال سبحانه وبحمده {إذ أرسلنا إليهم}، فأضاف الرسالة إليه. وقد تنوعت كلمات المفسرين في بيان المرسل لهؤلاء الرسل. فقال طائفة من أهل العلم: إن الذي أرسلهم هو عيسى عليه السلام،فهم مرسلون من قبله إلى هذه القرية+++ انظر "تفسير القرطبي (15/14).---. وقال آخرون: إن المرسل هو الله عز وجل، وليس عيسى، وهؤلاء قوم قبل عيسى، وهؤلاء الرسل ممن تقدم عيسى عليه السلام+++ انظر تفسير ابن كثير (6/569)/---. وهذا القول أقرب إلى الصواب، فإن الله تعالى أضاف الإرسال إليه، كما أن في الآيات من الدلالات والإشارات، ما يبين أن المرسل هو الله عز وجل، وليس عيسى عليه السلام. ابتداء ذلك ما ذكره الله تعالى في هذه الآية، حيث إن الله جل وعلا أضاف الإرسال إليه فقال سبحانه وبحمده {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون}. أرسل الله عز وجل إلى هذه القرية رسولين كريمين، ولم يذكر الله عز وجل أسمائهما، إنما ذكر خبرهما بالوصف المميز لهما، والمقصود بالمثل، وهو أنهما رسولان كريمان من الله عز وجل. {فكذبوهما}، أي فوقع تكذيب قومهم لهذين الرسولين الكريمين، وإنما ذكر جل وعلا تعدد الرسل لبيان عظيم ما قامت به الحجة على هؤلاء فإنه بالتأكيد عندما يأتي الخبر عن أكثر من واحد يكون ذلك مقويا للخبر، ويكون عاضدا لصدقه، وموجبا لقبوله، لكن هؤلاء لم يفد فيهم.  فكان هذان الرسولان قد أتيا هؤلاء القوم لكنهم لم يستجيبوا لدعوتهم بل كما قال الله تعالى:{فكذبوهما}، أي فردوا خبرهما ولم يقبلوا رسالتهما، فما كان إلا أن أقام الله تعالى مزيدا من الحجج على هؤلاء بتعزيز الرسالة بذلك، {فعززنا بثالث}، أي شددنا هذين الرسولين، وعضدنا هذين المرسلين، بثالث من الرسل، يصدق دعوتهما، ويعينهما في تبليغ رسالة الله عز وجل. {فقالوا}، أي مجموع هؤلاء الثلاثة من الرسل، {إنا إليكم مرسلون}، أي من الله عز وجل، ندعوكم إلى عبادته وحده لا شريك له، ونبين لكم الطريق الموصل إليه جل في علاه. فماذا كان بعد هذا التعزيز من هؤلاء الرسل، ماذا كان من قومهم لما جاءوا على هذا الوجه الذي ذكر الله تعالى. قال الله سبحانه وبحمده في بيان رد قومهم بعد هذا التعزيز، {قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا}، خلاصة هذا أنهم كذبوا برسالة هؤلاء. فالله تعالى لم يقل في هذه الآية كما ذكر في الآية السابقة، {فكذبوهما}، إنما قال:{ما أنتم إلا بشر مثلنا}، فحكى حجتهم في تكذيبهم، وفي الآية السابقة ذكر التكذيب. وفي هذه الآية ذكر ما احتج به هؤلاء القوم في تكذيب الرسل.  {قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا}، يعني فكيف يرسل إليكم، وكيف يوحى إليكم. وبعد هذا قالوا:{وما أنزل الرحمن من شيء}، وهذا تكذيب لأن ينزل الله تعالى على هؤلاء وحيا أو كتابا أو هداية. {إن أنتم إلا تكذبون}، {إن}، هنا نافية بمعنى ما أنتم إلا تكذبون على الله عز وجل فيما أخبرتم به من الرسالة، وفيما ذكرتموه من أنكم رسل إلينا. {قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون}. نقف على هذا، لأن القصة والمثل الذي ذكره الله عز وجل يطول، لا تستوعبه هذه الحلقة، وسنستكمل -إن شاء الله تعالى- ذكر هذا المثل مضمونه، وما فيه من عبر وآيات في حلقات قادمة. وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:3107
بسم الله الرحمن الرحيم.
((الحلقة السادسة والأربعون))
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى.
أحمده لا أحصي ثناءً عليه كما أثنى على نفسه.
 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم "أمثال قرآنية".
إننا في هذه الحلقة – إن شاء الله تعالى – نتناول مثلاً ذكره الله على وجه البسط والتوضيح في سورة "يس"، السورة التي ابتدأها الله تعالى بهذين الحرفين، "يس".
ثم أقسم فيها بالقرآن الحكيم فقال جل وعلا {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
فأقسم الله بالقرآن على رسالة ونبوة النبي المصطفى، والرسول الخاتم، محمد صلى الله عليه وسلم .
وقد ذكر الله جل وعلا من أوصاف رسالته ما يحفز النفوس على الالتزام بها، والقبول لها، والإقبال عليها، فقال جل وعلا {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}.
ثم ذكر الله تعالى من شأنهم، وحالهم، وإعراضهم، عن قبول هذه الرسالة ما يطابق أوصافهم، وما يحذرهم من المضي فيما هم عليه، من تكذيب وإعراض، واستكبار واستنكاف عما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
فلما  فرغ القرآن من ذكر ذلك، جاء بمثل، وهذا المثل مثل قرية تشبه قريتكم يا أهل مكة.
فقال فيها جل وعلا :{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} سورة :يس:13-14.، إلى آخر ما ذكر الله تعالى في قصة هذه القرية، وخبرها، وما كان منهم مع رسلهم وأنبيائهم، الذين جاءوا يدعونهم إلى عبادة الله وحده، ويحذرونهم من الشرك والكفر، والعناد والاستكبار.
هذا المثل موضوعه ومحتواه ومقصوده هو بيان صورة وحال النبي صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين مع قومه، ما كان منه، وما كان منهم.
ثم ما تصير إليه عاقبته، وما تصير إليه عاقبتهم.
فهذا بيان للحال والمآل، للنبي صلى الله عليه وسلم ولقومه الذين كذَّبوه وعارضوا رسالته، ولم يقبلوا ما جاء به من الهدى والنور صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن التمثيل والتصوير مما يقرب المعاني إلى الأذهان، ولذلك صوَّر الله تعالى حال النبي صلى الله عليه وسلم ، حال الرسول الكريم مع قومه، بحال رسل جاءوا إلى أقوامهم، فكان منهم من التكذيب ما كان، ثم ما انتهى إليه مآل الجميع من فوز أهل التقوى والإيمان، وثبور أهل الكفر والعصيان.
 
فموضوع المثل بيان حال النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه، وما كان منهم من تكذيب وإعراض، ثم ما يصير إليه كل من الفريقين، {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} سورة الشورى:7..
ابتدأ الله تعالى ذكر هذا المثل بأمر رسوله صلى الله عليه وسلم  ، فقال له:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ}، فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يضرب لقومه مثلاً يعتبرون به، ومثلاً يتعظون باستحضاره وتصويره وفهمه.
{أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ}، والقرية هي مجتمع الناس، ومكان ائتلافهم، وإقامتهم، وتجمعهم.
 ولم يذكر الله عز وجل هذه القرية على وجه التعيين ذلك أن تعيينها لا يفيد، ولا أثر له في الصورة التي أراد الله تصويرها، فسواء كانت هذه القرية أنطاكية، كما ذكر ذلك بعض المفسرين، أو كانت القرية قرية أخرى، لا فرق في ذلك في الإفادة والمقصود من هذه القصة، ومن هذا المثل الذي ضربه الله تعالى انظر" النكت والعيون" للماوردي (5/10)..
والصواب في هذه القرية أنها على ما أبهم الله تعالى، فإن الله لم يذكر هذه القرية على وجه التحديد، فهي قرية من القرى، ومدينة من المدن التي بعث الله تعالى إليها رسلاً مبشرين ومنذرين.
{إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ}، أي إذ جاءها من أرسل إليهم بالحق والهدى، ليخرجهم من الظلمات إلى النور.
و{الْمُرْسَلُونَ}، جمع مرسل، والرسول هو من جعله الله تعالى واسطة بينه وبين الخلق لدلالتهم عليه، وتعريفهم به، وبيان الطريق الموصل إليه.
هذه هي مهمة الرسل، فإن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم واسطة بين الله جل وعلا وبين الخلق في أمرين:
- في بيان التعريف بالله عز وجل الذي يقصد ويعبد.
- وفي بيان وإيضاح الطريق الموصل إلى الله عز وجل.
فقد جاء هذه القرية رسل، وقوله تعالى{إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ}، يفيد أنهم أكثر من رسول، ولذلك جاء بيان عددهم في الآية التالية، حيث قال جل وعلا {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ}، فمجموع الرسل الذين جاءوا إلى هذه القرية ثلاثة، والمرسل لهم هو الله جل وعلا.
قال سبحانه وبحمده {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ}، فأضاف الرسالة إليه.
وقد تنوعت كلمات المفسرين في بيان المرسل لهؤلاء الرسل.
فقال طائفة من أهل العلم: إن الذي أرسلهم هو عيسى عليه السلام،فهم مرسلون من قِبله إلى هذه القرية انظر "تفسير القرطبي (15/14)..
وقال آخرون: إن المرسل هو الله عز وجل، وليس عيسى، وهؤلاء قوم قبل عيسى، وهؤلاء الرسل ممن تقدم عيسى عليه السلام انظر تفسير ابن كثير (6/569)/.
وهذا القول أقرب إلى الصواب، فإن الله تعالى أضاف الإرسال إليه، كما أن في الآيات من الدلالات والإشارات، ما يبين أن المرسل هو الله عز وجل، وليس عيسى عليه السلام.
ابتداء ذلك ما ذكره الله تعالى في هذه الآية، حيث إن الله جل وعلا أضاف الإرسال إليه فقال سبحانه وبحمده {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ}.
أرسل الله عز وجل إلى هذه القرية رسولين كريمين، ولم يذكر الله عز وجل أسمائهما، إنما ذكر خبرهما بالوصف المميز لهما، والمقصود بالمثل، وهو أنهما رسولان كريمان من الله عز وجل.
{فَكَذَّبُوهُمَا}، أي فوقع تكذيب قومهم لهذين الرسولين الكريمين، وإنما ذكر جل وعلا تعدد الرسل لبيان عظيم ما قامت به الحجة على هؤلاء فإنه بالتأكيد عندما يأتي الخبر عن أكثر من واحد يكون ذلك مقوياً للخبر، ويكون عاضداً لصدقه، وموجباً لقبوله، لكن هؤلاء لم يفد فيهم.
 فكان هذان الرسولان قد أتيا هؤلاء القوم لكنهم لم يستجيبوا لدعوتهم بل كما قال الله تعالى:{فَكَذَّبُوهُمَا}، أي فردوا خبرهما ولم يقبلوا رسالتهما، فما كان إلا أن أقام الله تعالى مزيداً من الحجج على هؤلاء بتعزيز الرسالة بذلك، {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ}، أي شددنا هذين الرسولين، وعضدنا هذين المرسلين، بثالث من الرسل، يصدق دعوتهما، ويعينهما في تبليغ رسالة الله عز وجل.
{فَقَالُوا}، أي مجموع هؤلاء الثلاثة من الرسل، {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ}، أي من الله عز وجل، ندعوكم إلى عبادته وحده لا شريك له، ونبين لكم الطريق الموصل إليه جل في علاه.
فماذا كان بعد هذا التعزيز من هؤلاء الرسل، ماذا كان من قومهم لما جاءوا على هذا الوجه الذي ذكر الله تعالى.
قال الله سبحانه وبحمده في بيان رد قومهم بعد هذا التعزيز، {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}، خلاصة هذا أنهم كذبوا برسالة هؤلاء.
فالله تعالى لم يقل في هذه الآية كما ذكر في الآية السابقة، {فَكَذَّبُوهُمَا}، إنما قال:{مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}، فحكى حجتهم في تكذيبهم، وفي الآية السابقة ذكر التكذيب.
وفي هذه الآية ذكر ما احتج به هؤلاء القوم في تكذيب الرسل.
 {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا}، يعني فكيف يرسل إليكم، وكيف يوحى إليكم.
وبعد هذا قالوا:{وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ}، وهذا تكذيب لأن ينزل الله تعالى على هؤلاء وحياً أو كتاباً أو هداية.
{إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}، {إِنْ}، هنا نافية بمعنى ما أنتم إلا تكذبون على الله عز وجل فيما أخبرتم به من الرسالة، وفيما ذكرتموه من أنكم رسل إلينا.
{قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ}.
نقف على هذا، لأن القصة والمثل الذي ذكره الله عز وجل يطول، لا تستوعبه هذه الحلقة، وسنستكمل -إن شاء الله تعالى- ذكر هذا المثل مضمونه، وما فيه من عبر وآيات في حلقات قادمة.
وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم "أمثال قرآنية" أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات18648 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات11971 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9156 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8021 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف