×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / التفسير / دفع إيهام الاضطراب / الدرس (19)قول الله تعالى{إن الذين كفروا بعد إيمانهم...}.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

قوله تعالى:{إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون} [آل عمران:90] هذه الآية الكريمة تدل على أن المرتدين بعد إيمانهم المزدادين كفرا لا يقبل الله توبتهم إذا تابوا؛ لأنه عبر ب (لن) الدالة  على نفي الفعل في المستقبل, مع أنه جاءت آيات أخر دالة على أن الله يقبل توبة كل تائب قبل حضور الموت, وقبل طلوع الشمس من مغربها, كقوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}, وقوله: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}, وقوله: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل}, فإنه يدل بمفهومه على أن التوبة قبل إتيان بعض الآيات مقبولة من كل تائب, وصرح تعالى بدخول المرتدين في قبول التوبة قبل هذه الآية مباشرة في قوله تعالى: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق ..} إلى قوله: {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم} فالاستثناء في قوله: {إلا الذين تابوا} راجع إلى المرتدين بعد الإيمان المستحقين للعذاب واللعنة إن لم يتوبوا, ويدل له قوله تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر} الآية؛ لأن مفهومه أنه إذا تاب قبل الموت قبلت توبته مطلقا.

والجواب من أربعة أوجه:

الأول: وهو اختيار ابن جرير ونقله عن رفيع بن العالية أن المعنى: إن الذين كفروا من اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم به قبل مبعثه ثم ازداوا كفرا بما أصابوا من الذنوب في كفرهم لن تقبل توبتهم من الذنوب التي أصابوها في كفرهم, ويدل على هذا الوجه قوله تعالى: {وأولئك هم الضالون}؛ لأنه يدل على أن توبتهم مع بقائهم على ارتكاب الضلال وعدم قبولها حينئذ ظاهر .

الثاني: وهو أقربها عندي أن قوله تعالى: {لن تقبل توبتهم} يعني إذا تابوا عند حضور الموت, ويدل لهذا الوجه أمران:

الأول: أنه تعالى بين في مواضع أخرى أن الكافر الذي لا تقبل توبته هو الذي يصر على الكفر حتى يحضره الموت في ذلك الوقت كقوله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن, ولا الذين يموتون وهم كفار}, فجعل التائب عند حضور الموت والميت على كفره سواء, وقوله تعالى: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} الآية, وقوله في فرعون: {الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}. فالإطلاق الذي في هذه الآية يقيد بقيد تأخير التوبة إلى حضور الموت لوجوب حمل المطلق على المقيد كما تقرر في الأصول.

الثاني: أنه تعالى أشار إلى ذلك بقوله: {ثم ازدادوا كفرا} فإنه يدل على عدم توبتهم في وقت نفعها, ونقل ابن جرير هذا الوجه الثاني - الذي هو التقيد بحضور الموت - عن الحسن وقتادة وعطاء الخراساني والسدي.

الثالث: أن المعنى {لن تقبل توبتهم} أي إيمانهم الأول لبطلانه بالردة بعد, وهذا القول خرجه ابن جرير عن ابن جريج, ولا يخفى ضعف هذا القول وبعده عن ظاهر القرآن.

الرابع: أن المراد بقوله: {لن تقبل توبتهم} أنهم لم يوفقوا للتوبة النصوح حتى تقبل منهم, ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا }, فإن قوله تعالى: {ولا ليهديهم سبيلا} يدل على {إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم}, وكقوله: {إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون} الآية, ونظير الآية على هذا القول قوله تعالى:  {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} أي لا شفاعة لهم أصلا حتى تنفعهم, وقوله تعالى: {ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به} الآية؛ لأن الإله الآخر لا يمكن وجوده أصلا حتى يقوم عليه برهان أو لا يوم عليه.

 قال مقيده - عفا الله عنه -: مثل هذا الوجه الأخير هو المعروف عند النظار بقولهم: "السالبة لا تقتضي وجود الموضوع" وإيضاحه أن القضية السالبة عندهم صادقة في صورتين؛ لأن المقصود منها عدم اتصاف الموضوع بالمحمول, وعدم اتصافه به يتحقق في صورتين:       ا           الأولى: أن يكون الموضوع موجودا إلا أن المحمول منتف عنه, كقولك: "ليس الإنسان بحجر" فالإنسان موجود والحجرية منتفية عنه.

والثانية: أن يكون الموضوع من أصله معدوما؛ لأنه إذا عدم تحقق عدم اتصافه بالمحمول الوجودي - لأن العدم لا يتصف بالوجود كقولك لا نظير لله يستحق العبادة - فإن الموضوع الذي هو نظير لله مستحيل من أصله, وإذا تحقق عدمه تحقق انتفاء اتصافه باستحقاق العبادة ضرورة. وهذا النوع من أساليب اللغة العربية, ومن شواهده قول امرؤ القيس:

على لا حب لا يهتدي بمناره **إذا سافه العود النباطي جرجرا.

 لأن المعنى: على لا حب لا منار له أصلا حتى يهتدى به, وقول الآخر:

لا تفزع الأرنب أهوالها**و لا ترى الضب بها ينجحر.

 لأنه يصف فلاة بأنها ليس فيها أرانب ولا ضباب حتى تفزع أهوالها أو ينجحر فيها الضب أي يدخل الجحر أو يتخذه. وقد أوضحت مسألة (أن السالبة لا تقتضي وجود الموضوع) في أرجوزتي في المنطق, في مبحث (انحراف السور), وأوضحت فيها أيضا في مبحث (التحصيل والعدول) أن من الموجبات ما لا يقتضي وجود الموضوع نحو: (بحر من زئبق) ممكن والمستحيل معدوم؛ فإنها موجبتان, وموضوع كل منهما معدوم. وحررنا هناك التفصيل فيما يقتضي وجود الموضوع وما لا يقتضيه.

وهذا الذي قررنا من أن المرتد إذا تاب قبلت توبته ولو بعد تكرر الردة ثلاث مرات أو أكثر, لا منافاة بينه وبين ما قاله جماعة من العلماء من الأربعة وغيرهم, وهو مروي عن علي وبن عباس رضي الله عنهما من أن المرتد إذا تكرر منه ذلك يقتل ولا تقبل توبته, واستدل بعضهم على ذلك بهذه الآية؛ لأن هذا الخلاف في تحقيق المناط لا في نفس المناط, والمتناظران قد يختلفان في تحقيق المناط مع اتفاقهما على أصل المناط, وإيضاحه أن المناط مكان النوط وهو التعليق, ومنه قول حسان رضي الله عنه:

وأنت زتيم نيط في آل هاشم **كما نيط خلف الراكب القدح الفرد.

و المراد به: مكان تعليق الحكم وهو العلة, فالمناط والعلة مترادفان إصطلاحا, إلا أنه غلب التعبير بلفظ المناط في المسلك الخامس من مسالك العلة الذي هو المناسبة والإخالة؛ فإنه يسمى تخريج المناط, وكذلك في المسك التاسع الذي هو تنقيح المناط, فتخريج المناط: هو استخراج العلة بمسلك المناسبة والاخالة, وتنقيح المناط: هو تصفية العلة وتهذيبها حتى لا يخرج شيء غير صالح لها, ولا يدخل شيء غير صالح لها كما هو معلوم في محله, وأما تحقيق المناط - وهو الغرض هنا –فهو: أن يكون مناط الحكم متفق عليه بين الخصمين, إلا أن أحدهما يقول: هو موجود في هذا الفرع, والثاني: يقول: لا, ومثاله: الاختلاف في قطع النباش؛ فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى يوافق الجمهور على أن السرقة مناط القطع, ولكنه يقول: لم يتحقق المناط في النباش؛ لأنه غير سارق, بل هو آخذ مال عارض للضياع كالملتقط من غير حرز.

 فإذا حققت ذلك, فاعلم أن مراد القائلين: لا تقبل توبته أن أفعاله دالة على خبث نيته وفساد عقيدته, وأنه ليس تائبا في الباطن توبة نصوح, فهم موافقون على أن التوبة النصوح مناط القبول كما ذكرنا, ولكن يقولون: أفعال هذا الخبيث دلت على عدم تحقيق المناط فيه.

المشاهدات:6958

قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} [آل عمران:90] هذه الآية الكريمة تدل على أن المرتدين بعد إيمانهم المزدادين كفرا لا يقبل الله توبتهم إذا تابوا؛ لأنه عبّر بـ (لن) الدالة  على نفي الفعل في المستقبل, مع أنه جاءت آيات أخر دالة على أن الله يقبل توبة كل تائب قبل حضور الموت, وقبل طلوع الشمس من مغربها, كقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}, وقوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}, وقوله: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ}, فإنه يدل بمفهومه على أن التوبة قبل إتيان بعض الآيات مقبولة من كل تائب, وصرّح تعالى بدخول المرتدين في قبول التوبة قبل هذه الآية مباشرة في قوله تعالى: {كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حقٌّ ..} إلى قوله: {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم} فالاستثناء في قوله: {إلا الذين تابوا} راجع إلى المرتدين بعد الإيمان المستحقين للعذاب واللعنة إن لم يتوبوا, ويدل له قوله تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر} الآية؛ لأنّ مفهومه أنه إذا تاب قبل الموت قبلت توبته مطلقا.

والجواب من أربعة أوجه:

الأول: وهو اختيار ابن جرير ونقله عن رفيع بن العالية أن المعنى: إنّ الذين كفروا من اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم به قبل مبعثه ثم ازداوا كفرا بما أصابوا من الذنوب في كفرهم لن تقبل توبتهم من الذنوب التي أصابوها في كفرهم, ويدل على هذا الوجه قوله تعالى: {وأولئك هم الضالون}؛ لأنه يدل على أن توبتهم مع بقائهم على ارتكاب الضلال وعدم قبولها حينئذ ظاهر .

الثاني: وهو أقربها عندي أن قوله تعالى: {لن تقبل توبتهم} يعني إذا تابوا عند حضور الموت, ويدل لهذا الوجه أمران:

الأول: أنّه تعالى بيّن في مواضع أخرى أنّ الكافر الذي لا تقبل توبته هو الذي يصر على الكفر حتى يحضره الموت في ذلك الوقت كقوله تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال: إني تبت الآن, ولا الذين يموتون وهم كفار}, فجعل التائب عند حضور الموت والميت على كفره سواء, وقوله تعالى: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} الآية, وقوله في فرعون: {الآن وقد عصَيْتَ قبلُ وكنت من المفسدين}. فالإطلاق الذي في هذه الآية يقيّد بقيد تأخير التوبة إلى حضور الموت لوجوب حمل المطلق على المقيد كما تقرر في الأصول.

الثاني: أنه تعالى أشار إلى ذلك بقوله: {ثم ازدادوا كفرا} فإنه يدل على عدم توبتهم في وقت نفعها, ونقل ابن جرير هذا الوجه الثاني - الذي هو التقيد بحضور الموت - عن الحسن وقتادة وعطاء الخراساني والسدي.

الثالث: أن المعنى {لن تقبل توبتهم} أي إيمانهم الأول لبطلانه بالردة بعد, وهذا القول خرجه ابن جرير عن ابن جريج, ولا يخفى ضعف هذا القول وبعده عن ظاهر القرآن.

الرابع: أن المراد بقوله: {لن تقبل توبتهم} أنهم لم يوفقوا للتوبة النصوح حتى تقبل منهم, ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا }, فإنّ قوله تعالى: {ولا ليهديهم سبيلا} يدل على {إنّ الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم}, وكقوله: {إن الذين حقّت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون} الآية, ونظير الآية على هذا القول قوله تعالى:  {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} أي لا شفاعة لهم أصلا حتى تنفعهم, وقوله تعالى: {ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به} الآية؛ لأن الإله الآخر لا يمكن وجوده أصلا حتى يقوم عليه برهان أو لا يوم عليه.

 قال مقيده - عفا الله عنه -: مثل هذا الوجه الأخير هو المعروف عند النظار بقولهم: "السالبة لا تقتضي وجود الموضوع" وإيضاحه أن القضية السالبة عندهم صادقة في صورتين؛ لأن المقصود منها عدم اتصاف الموضوع بالمحمول, وعدم اتصافه به يتحقق في صورتين:       ا           الأولى: أن يكون الموضوع موجودا إلا أن المحمول منتف عنه, كقولك: "ليس الإنسان بحجر" فالإنسان موجود والحجرية منتفية عنه.

والثانية: أن يكون الموضوع من أصله معدوما؛ لأنه إذا عدم تحقق عدم اتصافه بالمحمول الوجودي - لأن العدم لا يتصف بالوجود كقولك لا نظير لله يستحق العبادة - فإن الموضوع الذي هو نظير لله مستحيل من أصله, وإذا تحقق عدمه تحقق انتفاء اتصافه باستحقاق العبادة ضرورة. وهذا النوع من أساليب اللغة العربية, ومن شواهده قول امرؤ القيس:

على لا حب لا يهتدي بمناره **إذا سافه العود النباطي جرجرا.

 لأن المعنى: على لا حب لا منار له أصلا حتى يهتدى به, وقول الآخر:

لا تفزع الأرنب أهوالها**و لا ترى الضب بها ينجحر.

 لأنه يصف فلاة بأنها ليس فيها أرانب ولا ضباب حتى تفزع أهوالها أو ينجحر فيها الضب أي يدخل الجحر أو يتخذه. وقد أوضحت مسألة (أن السالبة لا تقتضي وجود الموضوع) في أرجوزتي في المنطق, في مبحث (انحراف السور), وأوضحت فيها أيضا في مبحث (التحصيل والعدول) أن من الموجبات ما لا يقتضي وجود الموضوع نحو: (بحر من زئبق) ممكن والمستحيل معدوم؛ فإنها موجبتان, وموضوع كل منهما معدوم. وحررنا هناك التفصيل فيما يقتضي وجود الموضوع وما لا يقتضيه.

وهذا الذي قررنا من أن المرتد إذا تاب قبلت توبته ولو بعد تكرر الردة ثلاث مرات أو أكثر, لا منافاة بينه وبين ما قاله جماعة من العلماء من الأربعة وغيرهم, وهو مروي عن علي وبن عباس رضي الله عنهما من أن المرتد إذا تكرر منه ذلك يقتل ولا تقبل توبته, واستدل بعضهم على ذلك بهذه الآية؛ لأن هذا الخلاف في تحقيق المناط لا في نفس المناط, والمتناظران قد يختلفان في تحقيق المناط مع اتفاقهما على أصل المناط, وإيضاحه أن المناط مكان النوط وهو التعليق, ومنه قول حسان رضي الله عنه:

وأنت زتيم نيط في آل هاشم **كما نيط خلف الراكب القدح الفرد.

و المراد به: مكان تعليق الحكم وهو العلة, فالمناط والعلة مترادفان إصطلاحا, إلا أنه غلب التعبير بلفظ المناط في المسلك الخامس من مسالك العلة الذي هو المناسبة والإخالة؛ فإنه يسمى تخريج المناط, وكذلك في المسك التاسع الذي هو تنقيح المناط, فتخريج المناط: هو استخراج العلة بمسلك المناسبة والاخالة, وتنقيح المناط: هو تصفية العلة وتهذيبها حتى لا يخرج شيء غير صالح لها, ولا يدخل شيء غير صالح لها كما هو معلوم في محله, وأما تحقيق المناط - وهو الغرض هنا –فهو: أن يكون مناط الحكم متفق عليه بين الخصمين, إلا أن أحدهما يقول: هو موجود في هذا الفرع, والثاني: يقول: لا, ومثاله: الاختلاف في قطع النباش؛ فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى يوافق الجمهور على أن السرقة مناط القطع, ولكنه يقول: لم يتحقق المناط في النباش؛ لأنه غير سارق, بل هو آخذ مال عارض للضياع كالملتقط من غير حرز.

 فإذا حققت ذلك, فاعلم أن مراد القائلين: لا تقبل توبته أن أفعاله دالة على خبث نيته وفساد عقيدته, وأنه ليس تائبا في الباطن توبة نصوح, فهم موافقون على أن التوبة النصوح مناط القبول كما ذكرنا, ولكن يقولون: أفعال هذا الخبيث دلّت على عدم تحقيق المناط فيه.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89957 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86964 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف