×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس(1) أسباب حياة القلوب
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين والمستمعين، يا رب العالمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى: حمدت الذي أغنى وأقنى وعلما *** وصير شكر العبد للخير سلما وأهدي صلاة تستمر على الرضا *** وأصحابه والآل جمعا مسلما كما دلنا في الوحي والسنن التي***أتانا بها نحو الرشاد وعلما أزال بها الأغلاف عن قلب حائر ***وفتح آذانا أصمت وأحكما فيا أيها الباغي استنارة قلبه ***تدبر كلا الوحيين وانقد وسلما فعنوان إسعاد الفتى في حياته ***مع الله إقبالا عليه معظما الحمد الله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير والسراج المنير؛ من بعثه الله رحمة للعالمين؛ نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد: فهذا المجلس هو أول المجالس في قراءة "نظم الأسباب التي بها حياة القلوب" للعالم الجليل الشيخ حمد بن علي بن عتيق، وهو من علماء نجد، توفي رحمه الله سنة ألف وثلاث مائة وواحد للهجرة، فهو من علماء القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجري, وهو عالم جليل, له جهود مبرورة، وعمل مشكور، معروف بفقهه وذبه عن السنة، ودعوته إلى التوحيد. من مؤلفاته: "إبطال التنديد باختصار كتاب شرح التوحيد"، وله مؤلفات ورسائل، وله ذرية مباركة؛ فمن ذريته الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، وله جهود معروفة, ترجم له عدد من الأئمة والعلماء والمشايخ، منهم شيخنا عبد الله البسام – رحمه الله – في "علماء نجد خلال ثمانية قرون"([1]). من مؤلفاته هذه المنظومة، وقد أشار إلى ذلك الشيخ عبد الله رحمه الله في ترجمته([2])، وهي منظومة لطيفة لذيذة جميلة، فيها من الخير ما ينبغي أن يعتنى به, هي مما يتعلق بالقلوب؛ أقسامها، وحياتها؛ أسباب الحياة وأصناف القلوب. يقول المؤلف رحمه الله: "بسم الله الرحمن الرحيم" ابتدأ المؤلف – رحمه الله – نظمه بالبسملة؛ تأسيا بكتاب الله تعالى واقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإن كتاب الله مفتتح بالبسملة في كل سوره إلا سورة براءة, ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح كتبه بالبسملة([3])، وهذا أمر معروف ومشهور. والبسملة جملة مفيدة تامة، فيها التيمن بذكر الله تعالى، والتبرك بذكر أسمائه الحسنى جل وعلا في افتتاح المقصود والمطلوب. فذكر الله تعالى فيها ثلاثة أسماء من أسمائه (الله – الرحمن - الرحيم)، وهي أسماء جليلة من أصول أسماء الله تعالى، ترجع إليها الكمالات، وتستدرك منها الخيرات. وإذا أردت أن تقف على بركة اسم من هذه الأسماء فانظر إلى سورة الرحمن التي افتتحها الله تعالى بذكر هذا الاسم: {الرحمن}([4])، ثم ذكر الله تعالى من صفاته وآلائه ما استوجب أن يكرر كثيرا في هذه السورة: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}([5]). بعد هذا التطواف في آلاء الله تعالى ونعمه ونتائج هذا الاسم قال جل وعلا: {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام}([6]) هذه آخر آية في سورة الرحمن، أول آية ذكر الاسم، وفي آخر آية قال: {تبارك اسم ربك} الذي تقدم ذكره {ذي الجلال والإكرام} الذي كل هذه الخيرات نتاج هذا الاسم, فأسماء الله احتوت من الخيرات والمبرات والفتوحات ما يخفى على كثير من الناس, حتى أصبح كثير من الناس يذكر هذه الأسماء على وجه اللفظ دون النظر إلى معانيها, والله تعالى يقول: {ولله الأسماء الحسنى} قبل الأمر بالدعاء بها ذكر ما فيها من الخيرات، وهو أنها قد اشتملت على الحسن ومنتهاه: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}([7]) ثم أمر بدعائه وبالتعبد له بهذه الأسماء سبحانه وبحمده. المؤلف بعد البسملة ذكر الثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, وهذا ما درج عليه العلماء في مؤلفاتهم تأسيا بكتاب الله الذي فتح الله تعالى فيه كتابه بحمده: {الحمد لله رب العالمين}([8]). فحمد الله تعالى هو هدي الكتاب الكريم الذي تكلم به رب العالمين, ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو الاقتصار على البسملة؛ ولذلك من الهدي المعروف المستفاد من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وعمله أن الكتب تفتتح بالبسملة والخطب تفتتح بالحمدلة؛ ولذلك البسملة هي فاتحة الكتابات والحمدلة هي فاتحة الخطابات؛ ولذلك في الخطب خطيب الجمعة ما يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} وإنما يبتدئ ويقول: (إن الحمد لله) وهكذا كانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر فيها البسملة, بخلاف الكتب كان يذكر فيها البسملة دون الحمدلة. وذكر الحمد هو زيادة خير درج عليه العلماء تأسيا بكتاب الله تعالى. المؤلف يقول: "حمدت الذي أغنى وأقنى وعلما" الحمد هو ذكر المحمود بصفات الكمال, هذا معنى الحمد، يزيد بعض العلماء([9]): (محبة وتعظيما)؛ ولو اقتصر على الأول لكان كافيا، لكن المحبة والتعظيم هي ثمرة الحمد, ذكر المحمود بصفات الكمال محبة له وتعظيما له, وانظر إلى مواطن الحمد في كلام الله تعالى تجد أن الله يذكر أسماءه أو صفاته أو يذكر أفعاله: ففي فاتحة الكتاب: { الحمد لله رب العالمين (2) الرحمن الرحيم (3) مالك يوم الدين}([10]) كل هذا الذكر للصفات هو ذكر المحمود بصفات الكمال الموجبة للمحبة له جل وعلا والتعظيم. {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا}([11]), {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون}([12]), هكذا الحمد يأتي بعده ذكر صفات أو ذكر أسماء أو ذكر أفعال، حتى الكلمة المفردة: (الحمد لله) ذكر فيها اسمه العظيم (الله)، فإذا قلت: (الحمد لله) ذكرت اسما من أسمائه حمدته عليه. فالمؤلف يقول: "حمدت الذي أغنى وأقنى وعلما" فذكر ثلاثة أفعال من أفعال ربنا جل وعلا:"أغنى" الغنى المقصود بها أي: أعطى ما يحصل به الغنى، والغنى هنا نوعان: غنى بما يكون في يد الإنسان مما يقضي به حاجته؛ وأعظم من هذا الغنى غنى القلب؛ بأن يكون الإنسان مما في يد الله تعالى أوثق مما في يده([13])؛ هذا هو غنى النفس, الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس»([14]) ف"أغنى" أي: وهب الغنى، وهو بنوعيه: أن يكون الإنسان خارجا عن حد الفقر، بأن يملك ما يغنيه عن غيره وأن يقوم فيه، وأعظم من هذا الغنى غنى القلب الذي يكون فيه الإنسان غنيا عن الخلق معتمدا على الله تعالى، واثقا فيما عنده. قال: "وأقنى" أي: وهب القنية أو القنية, وللعلماء في أقنى أقوال([15]) وذلك فرع عما ذكروه في قوله تعالى: {وأنه هو أغنى وأقنى}([16]) جل وعلا, فالمفسرون قالوا في أقنى أنه أفقر، فحمد على أنه أفقر جل وعلا, {يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر}([17]) فأغنى يبسط، ويقدر أقنى, فهذا من المعاني التي ذكرت في هذه الكلمة. ومن المعاني: أقنى يعني أخدم؛ يسر من وسائل القنية ما يحصل به خدمة العباد. والقول الثالث في معنى أقنى أي: أنه زاد في الغنى حيث ملك الإنسان ما هو نوع من القنية زائد على غناه. والذي يظهر من المعاني أن أقنى بمعنى: أرضى وأقنع، وهذا يمكن أن يكون مستفادا من الأقوال السابقة أو يكون قولا زائدا، وقد ذكره جماعة من المفسرين([18])؛ أقنى أي: أقنع، وذلك بما تقتنع به النفوس, وهو الذي أشرنا إليه قبل قليل من غنى النفس. وقوله:"وعلما" أي: علم الإنسان ما لم يعلم, والعلم هنا لا يقتصر فقط على علم الشريعة، إنما علم الإنسان كل ما تحصل به مصالحه الدنيوية والأخروية؛ قال الله تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} ثم ذكر ماذا؟ ثم ذكر وسائل الإدراك والتعلم {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}([19]) هذه وسائل التعلم, فملكنا وسائل التعلم التي بها ندرك مصالحنا؛ قال الله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى (1) الذي خلق فسوى (2) والذي قدر فهدى}([20]) قدر جل وعلا فهدى, هدى كل مخلوق إلى ما يصلحه. فقوله: "علما" يشمل نوعي العلم: العلم الذي تطيب به القلوب وتصلح، والعلم الذي به تقوم المعيشة وتستقيم؛ ولذلك امتن الله على العباد بتعليم القلم فقال جل وعلا: {الرحمن (1) علم القرآن (2) خلق الإنسان (3) علمه البيان }([21]) البيان وهو النطق([22])، وفي القلم قال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم}([23]) وهو ما يكون فيه مصالح الناس من الكتابة. إذا العلم هنا يشمل نوعي العلم. قال رحمه الله تعالى: "وصير شكر العبد للخير سلما" صير أي: جعل شكر العبد أي: قيام العبد بشكر الله تعالى على ما تقدم من المنن؛ "أغنى وأقنى وعلما"، جعل الله تعالى شكر العبد لتلك النعم وسيلة وسببا لماذا؟ للخير؛ قال: "للخير سلما" والخير هنا يشمل خير الدنيا والآخرة، خير المعاش وخير المعاد. وقوله:"سلما" أي: سببا يدرك به خير الدنيا والآخرة, وقد دل على هذا قول الله تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}([24]) فشكر الله تعالى سبب للزيادة, وهنا الشكر في مقابل النعم على شتى أنواعها وعلى تفنن صنوفها واختلاف ألوانها, ليس على نعمة معينة؛ بل نعم الله تعالى محيطة بنا من كل جانب {وما بكم من نعمة فمن الله}([25]), {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}([26]) حق هذه النعم أن يشكر عليها جل وعلا, والشكر سلم للزيادة فإذا شكر العبد زاد الخير من الرب, وإذا كفر العبد نقص الخير؛ قال الله تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}([27]) فرتب العقوبة على الكفر، والكفر هنا ليس الكفر الذي هو الخروج عن الملة فقط، بل هو الكفران للنعمة على وجه الإجمال, ومنه الكفر الذي هو أعظم ما يكون بجحود حق الله تعالى وعدم الالتزام بشرعه. الشكر حقيقته تدور على ثلاثة أمور([28]), فإذا تحققت هذه الأمور الثلاثة تحقق للعبد الشكر: أول هذه الأمور: اعتقاد أن الله تعالى هو المنعم المتفضل المحسن. الثاني: القبول لهذه النعمة بأن يثني على المنعم, إذا نقول: الثاني: الثناء على المنعم المتفضل. الثالث: تسخير هذه النعمة فيما يحقق رضا الله جل وعلا، هذه المرتبة العليا وأدنى منها ألا تستعمل نعمته في معصيته, وقد جاء هذا عن جماعة من السلف([29]) قالوا: شكر النعمة ألا تستعين بها على معصيته, هذا الحد الأدنى, فإذا سخرتها فيما يرضيه كان شكرا تاما كاملا, إذا الثالث من الأمور التي يتحقق بها الشكر ماذا؟ ألا تستعين بها على معصيته، وأن تستعملها في طاعته. هل هذه الثلاثة متفق عليها؟ الجواب: نعم، كل من ذكر الشكر يذكر هذه الثلاثة، أو يذكر بعضها، ومن ذكر بعضها لا ينفي بقية الأوجه التي يتحقق بها الشكر، وقد جمعها الشاعر في قوله: أفادتكم النعماء مني ثلاثة... يعني لما أحسنتم إلي استفدتم مني ثلاثة أمور وهي مفردات الشكر وهي  الأمور التي يتحقق بها الشكر:  أفادتكم النعماء مني ثلاثة *** يدي ولساني والضمير المحجبا "أفادتكم النعماء مني ثلاثة *** يدي" هذا شكر الجوارح، "ولساني" هذا شكر اللسان بالثناء على المنعم، "والضمير المحجبا" هذا شكر القلب. يقول رحمه الله: وأهدي صلاة تستمر على الرضا*** وأصحابه والآل جمعا مسلما "أهدي"أي : أبعث, فالإهداء هو البعث, "صلاة" الصلاة هنا المقصود بها الدعاء بالخير الكثير للنبي صلى الله عليه وسلم, هذا أصح ما قيل في معنى الصلاة([31]). وقوله:"أهدي صلاة تستمر" أي: لا تنقطع "على الرضا" المقصود بالرضا هنا من؟ النبي صلى الله عليه وسلم, السؤال: هل من أسمائه صلى الله عليه وسلم "الرضا"؟ الجواب: هذا من أوصافه وليس من أسمائه, والمناسب في مقام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر باسمه الذي يتميز به عن غيره، أو وصفه الذي يميزه عن غيره؛ لأن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم وأسماءه تنقسم إلى قسمين: - أسماء وأوصاف لا يشركه فيها غيره. - وأسماء وأوصاف يشترك فيها معه غيره. فمثلا محمد هذا اسم لا يشركه فيه معه غيره من الأنبياء والرسل, فإذا قلت: "اللهم صل على محمد" فمعلوم مباشرة أن المقصود محمد بن عبد الله النبي الأمين صلى الله عليه وسلم, في الأوصاف أن تقول: "اللهم صل على خاتم النبيين" لا يمكن أن ينصرف هذا إلا إلى محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين} لكن لو قلت: "اللهم صل على البشير النذير" هذا اسم ووصف، لكن هل هذا اسم ووصف يختص به ولا يشركه غيره فيه؟ الجواب: لا، كل الرسل والأنبياء جاءوا بهذا، فهم مبشرون ومنذرون؛ كما قال الله تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين} فهذا وصف لا يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم، إنما وصف للنبي يشركه فيه غيره، يعني يشترك معه فيه غيره، نصيبه من هذا الوصف أعلى من نصيب غيره، لكن في مقام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يعتنى بالاسم أو الوصف الذي يميزه عن غيره, وهذه مسألة تفوت كثيرا من الذين يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم؛ يذكرونه بالوصف الذي يشارك فيه غيره اجتهادا منهم في طلب مثلا التميز أو في طلب الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم، ونقول لهم: إن أكمل صلاة هي صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي علمها أصحابه حين قالوا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد» هذا أكمل من أن تقول غير هذه الصفة، لكن لو أراد الإنسان أن ينوع وأن يأتي بغير هذا الاسم فليحرص أن يذكر وصفا مميزا، ولا بأس أن يذكر بعد ذلك ما يشركه فيه غيره, فيقول مثلا: اللهم صل على خاتم النبيين البشير النذير, اللهم صل على من بعثته رحمة للعالمين، هذا وصف مميز للنبي صلى الله عليه وسلم، على نبي التوبة، على نبي الملحمة, هذه كلها أوصاف مميزة, على الحاشر العاقب, هذه كلها أوصاف وأسماء مميزة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

المشاهدات:4890

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين والمستمعين، يا رب العالمين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

حَمِدْتُ الَّذِي أَغْنَى وَأَقْنَى وَعَلَّمَا *** وَصَيَّر شُكْرَ الْعَبْدِ لِلْخَيْرِ سُلَّمَا
وَأُهْدِي صَلَاةً تَسْتَمِرُّ عَلَى الرِّضَا *** وَأَصْحَابِه وَالْآلِ جَمْعًا مُسَلِّمَا
كَمَا دلَّنا فِي الْوَحْي وَالسُّنَنِ الَّتِي***أَتَانَا بِهَا نَحْوَ الرَّشادِ وَعَلَّما
أَزَالَ بِهَا الأَغْلافَ عَنْ قَلْبِ حائرٍ
 ***وَفَتَّحَ آذانًا أُصِمَّتْ وَأَحْكَمَا
فَيَا أَيُّهَا البَاغِي استِنَارَةَ قَلْبِهِ
 ***تَدَّبرْ كِلا الوَحْيَيْنِ وَانقَدْ وسَلِّما
فَعُنْوَانُ إِسْعَادِ الفَتَى فِي حَيَاتِهِ
 ***مَعَ اللهِ إِقْبَالاً عَلَيْهِ مُعَظِّما
الحمد الله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير والسراج المنير؛ مَن بعثه الله رحمةً للعالمين؛ نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:

فهذا المجلس هو أول المجالس في قراءة "نظم الأسباب التي بها حياة القلوب" للعالم الجليل الشيخ حمد بن علي بن عتيق، وهو من علماء نجد، توفي رحمه الله سنة ألف وثلاث مائة وواحد للهجرة، فهو من علماء القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجري, وهو عالم جليل, له جهود مبرورة، وعمل مشكور، معروف بفقهه وذبِّه عن السنة، ودعوته إلى التوحيد.

من مؤلفاته: "إبطال التنديد باختصار كتاب شرح التوحيد"، وله مؤلفات ورسائل، وله ذرية مباركة؛ فمن ذريته الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، وله جهود معروفة, ترجم له عدد من الأئمة والعلماء والمشايخ، منهم شيخنا عبد الله البسام – رحمه الله – في "علماء نجد خلال ثمانية قرون"([1]).

من مؤلفاته هذه المنظومة، وقد أشار إلى ذلك الشيخ عبد الله رحمه الله في ترجمته([2])، وهي منظومة لطيفة لذيذة جميلة، فيها من الخير ما ينبغي أن يُعتنى به, هي مما يتعلق بالقلوب؛ أقسامها، وحياتها؛ أسباب الحياة وأصناف القلوب.

يقول المؤلف رحمه الله: "بسم الله الرحمن الرحيم" ابتدأ المؤلف – رحمه الله – نظمه بالبسملة؛ تأسيًا بكتاب الله تعالى واقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإن كتاب الله مفتتح بالبسملة في كل سوره إلا سورة براءة, ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح كتبه بالبسملة([3])، وهذا أمر معروف ومشهور.

والبسملة جملة مفيدة تامة، فيها التيمُّن بذكر الله تعالى، والتبرك بذكر أسمائه الحسنى جل وعلا في افتتاح المقصود والمطلوب.

فذَكَر الله تعالى فيها ثلاثة أسماء من أسمائه (الله – الرحمن - الرحيم)، وهي أسماء جليلة من أصول أسماء الله تعالى، ترجع إليها الكمالات، وتُستدرك منها الخيرات. وإذا أردت أن تقف على بركة اسم من هذه الأسماء فانظر إلى سورة الرحمن التي افتتحها الله تعالى بذكر هذا الاسم: {الرَّحْمَنُ}([4])، ثم ذكر الله تعالى من صفاته وآلائه ما استوجب أن يُكرَّر كثيرًا في هذه السورة: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}([5]).

بعد هذا التطواف في آلاء الله تعالى ونعمه ونتائج هذا الاسم قال جل وعلا: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}([6]) هذه آخر آية في سورة الرحمن، أول آية ذكر الاسم، وفي آخر آية قال: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} الذي تقدم ذكره {ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} الذي كل هذه الخيرات نتاج هذا الاسم, فأسماء الله احتوت من الخيرات والمبرات والفتوحات ما يخفى على كثير من الناس, حتى أصبح كثير من الناس يذكر هذه الأسماء على وجه اللفظ دون النظر إلى معانيها, والله تعالى يقول: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} قبل الأمر بالدعاء بها ذكر ما فيها من الخيرات، وهو أنها قد اشتملت على الحسن ومنتهاه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}([7]) ثم أمر بدعائه وبالتعبد له بهذه الأسماء سبحانه وبحمده.

المؤلف بعد البسملة ذكر الثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, وهذا ما درج عليه العلماء في مؤلفاتهم تأسيًا بكتاب الله الذي فتح الله تعالى فيه كتابه بحمده: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}([8]). فحَمْدُ الله تعالى هو هدي الكتاب الكريم الذي تكلم به رب العالمين, ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو الاقتصار على البسملة؛ ولذلك من الهدي المعروف المستفاد من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وعمله أنَّ الكتب تُفتتح بالبسملة والخطب تفتتح بالحمدلة؛ ولذلك البسملة هي فاتحة الكتابات والحمدلة هي فاتحة الخطابات؛ ولذلك في الخطب خطيب الجمعة ما يقول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وإنما يبتدئ ويقول: (إن الحمد لله) وهكذا كانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر فيها البسملة, بخلاف الكتب كان يذكر فيها البسملة دون الحمدلة.

وذِكْر الحمد هو زيادة خير درج عليه العلماء تأسيًا بكتاب الله تعالى.

المؤلف يقول: "حمدت الذي أغنى وأقنى وعلَّما" الحمد هو ذكر المحمود بصفات الكمال, هذا معنى الحمد، يزيد بعض العلماء([9]): (محبةً وتعظيمًا)؛ ولو اقتصر على الأول لكان كافيًا، لكن المحبة والتعظيم هي ثمرة الحمد, ذكر المحمود بصفات الكمال محبةً له وتعظيمًا له, وانظر إلى مواطن الحمد في كلام الله تعالى تجد أن الله يذكر أسماءه أو صفاته أو يذكر أفعاله: ففي فاتحة الكتاب: { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}([10]) كل هذا الذكر للصفات هو ذكر المحمود بصفات الكمال الموجبة للمحبة له جل وعلا والتعظيم. {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا}([11]), {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}([12]), هكذا الحمد يأتي بعده ذكر صفات أو ذكر أسماء أو ذكر أفعال، حتى الكلمة المفردة: (الحمد لله) ذكر فيها اسمه العظيم (الله)، فإذا قلت: (الحمد لله) ذكرت اسمًا من أسمائه حمدته عليه.

فالمؤلف يقول: "حمدت الذي أغنى وأقنى وعلَّما" فذكر ثلاثة أفعال من أفعال ربنا جل وعلا:"أغنى" الغنى المقصود بها أي: أعطى ما يحصل به الغنى، والغِنى هنا نوعان: غنى بما يكون في يد الإنسان مما يقضي به حاجته؛ وأعظم من هذا الغنى غنى القلب؛ بأن يكون الإنسان مما في يد الله تعالى أوثق مما في يده([13])؛ هذا هو غنى النفس, الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ»([14]) فـ"أغنى" أي: وهب الغنى، وهو بنوعيه: أن يكون الإنسان خارجًا عن حد الفقر، بأن يملك ما يغنيه عن غيره وأن يقوم فيه، وأعظم من هذا الغنى غنى القلب الذي يكون فيه الإنسان غنيًّا عن الخلق معتمدًا على الله تعالى، واثقًا فيما عنده.

قال: "وأقنى" أي: وهب القُنية أو القِنية, وللعلماء في أقنى أقوال([15]) وذلك فرع عما ذكروه في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}([16]) جل وعلا, فالمفسرون قالوا في أقنى أنه أفقر، فحُمد على أنه أفقر جل وعلا, {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ}([17]) فأغنى يبسط، ويقدر أقنى, فهذا من المعاني التي ذكرت في هذه الكلمة.

ومن المعاني: أقنى يعني أخدم؛ يسر من وسائل القنية ما يحصل به خدمة العباد.

والقول الثالث في معنى أقنى أي: أنه زاد في الغنى حيث ملَّك الإنسان ما هو نوع من القنية زائد على غناه.

والذي يظهر من المعاني أن أقنى بمعنى: أرضى وأقنع، وهذا يمكن أن يكون مستفادًا من الأقوال السابقة أو يكون قولًا زائدًا، وقد ذكره جماعة من المفسرين([18])؛ أقنى أي: أقنع، وذلك بما تقتنع به النفوس, وهو الذي أشرنا إليه قبل قليل من غنى النفس.

وقوله:"وعلَّما" أي: علَّم الإنسان ما لم يعلم, والعلم هنا لا يقتصر فقط على علم الشريعة، إنما علم الإنسان كل ما تحصل به مصالحه الدنيوية والأخروية؛ قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} ثم ذكر ماذا؟ ثم ذكر وسائل الإدراك والتعلم {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ}([19]) هذه وسائل التعلم, فملَّكنا وسائل التعلم التي بها ندرك مصالحنا؛ قال الله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}([20]) قدَّر جل وعلا فهدى, هدى كل مخلوق إلى ما يصلحه.

فقوله: "عَلَّما" يشمل نوعي العلم: العلم الذي تطيب به القلوب وتصلح، والعلم الذي به تقوم المعيشة وتستقيم؛ ولذلك امتن الله على العباد بتعليم القلم فقال جل وعلا: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ }([21]) البيان وهو النطق([22])، وفي القلم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}([23]) وهو ما يكون فيه مصالح الناس من الكتابة. إذًا العلم هنا يشمل نوعي العلم. قال رحمه الله تعالى: "وصير شكر العبد للخير سُلَّما" صير أي: جعل شكر العبد أي: قيام العبد بشكر الله تعالى على ما تقدم من المنن؛ "أغنى وأقنى وعلَّما"، جعل الله تعالى شكر العبد لتلك النعم وسيلةً وسببًا لماذا؟ للخير؛ قال: "للخير سُلَّما" والخير هنا يشمل خير الدنيا والآخرة، خير المعاش وخير المعاد.

وقوله:"سُلَّما" أي: سببًا يُدرك به خير الدنيا والآخرة, وقد دل على هذا قول الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}([24]) فشكر الله تعالى سبب للزيادة, وهنا الشكر في مقابل النعم على شتى أنواعها وعلى تفنن صنوفها واختلاف ألوانها, ليس على نعمة معينة؛ بل نعم الله تعالى محيطة بنا من كل جانب {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}([25]), {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}([26]) حق هذه النعم أن يشكر عليها جل وعلا, والشكر سلم للزيادة فإذا شكر العبد زاد الخير من الرب, وإذا كفر العبد نقص الخير؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}([27]) فرتَّب العقوبة على الكفر، والكفر هنا ليس الكفر الذي هو الخروج عن الملة فقط، بل هو الكفران للنعمة على وجه الإجمال, ومنه الكفر الذي هو أعظم ما يكون بجحود حق الله تعالى وعدم الالتزام بشرعه.

الشكر حقيقته تدور على ثلاثة أمور([28]), فإذا تحققت هذه الأمور الثلاثة تحقق للعبد الشكر:

أول هذه الأمور: اعتقاد أن الله تعالى هو المنعم المتفضل المحسن.

الثاني: القبول لهذه النعمة بأن يثني على المنعم, إذًا نقول: الثاني: الثناء على المنعم المتفضل.

الثالث: تسخير هذه النعمة فيما يحقق رضا الله جل وعلا، هذه المرتبة العليا وأدنى منها ألا تستعمل نعمته في معصيته, وقد جاء هذا عن جماعة من السلف([29]) قالوا: شكر النعمة ألا تستعين بها على معصيته, هذا الحد الأدنى, فإذا سخرتها فيما يرضيه كان شكرًا تامًّا كاملًا, إذًا الثالث من الأمور التي يتحقق بها الشكر ماذا؟ ألا تستعين بها على معصيته، وأن تستعملها في طاعته.

هل هذه الثلاثة متفق عليها؟ الجواب: نعم، كل من ذكر الشكر يذكر هذه الثلاثة، أو يذكر بعضها، ومن ذكر بعضها لا ينفي بقية الأوجه التي يتحقق بها الشكر، وقد جمعها الشاعر في قوله:

أفادتكم النعماء مني ثلاثة...

يعني لما أحسنتم إلي استفدتم مني ثلاثة أمور وهي مفردات الشكر وهي  الأمور التي يتحقق بها الشكر:

 أفادتكم النعماء مني ثلاثة *** يدي ولساني والضمير المحجبا
"أفادتكم النعماء مني ثلاثة *** يدي" هذا شكر الجوارح، "ولساني" هذا شكر اللسان بالثناء على المنعم، "والضمير المحجبا" هذا شكر القلب.

يقول رحمه الله:

وَأُهْدِي صَلَاةً تَسْتَمِرُّ عَلَى الرِّضَا*** وَأَصْحَابِه وَالْآلِ جَمْعًا مُسَلِّما
"أهدي"
أي : أبعث, فالإهداء هو البعث, "صلاة" الصلاة هنا المقصود بها الدعاء بالخير الكثير للنبي صلى الله عليه وسلم, هذا أصح ما قيل في معنى الصلاة([31]).

وقوله:"أُهدي صلاةً تستمر" أي: لا تنقطع "على الرِّضا" المقصود بالرضا هنا من؟ النبي صلى الله عليه وسلم, السؤال: هل من أسمائه صلى الله عليه وسلم "الرضا"؟ الجواب: هذا من أوصافه وليس من أسمائه, والمناسب في مقام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر باسمه الذي يتميز به عن غيره، أو وصفه الذي يميزه عن غيره؛ لأن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم وأسماءه تنقسم إلى قسمين:

- أسماء وأوصاف لا يشركه فيها غيره.

- وأسماء وأوصاف يشترك فيها معه غيره.

فمثلًا محمد هذا اسم لا يشركه فيه معه غيره من الأنبياء والرسل, فإذا قلت: "اللهم صل على محمد" فمعلوم مباشرةً أن المقصود محمد بن عبد الله النبي الأمين صلى الله عليه وسلم, في الأوصاف أن تقول: "اللهم صلِّ على خاتم النبيين" لا يمكن أن ينصرف هذا إلا إلى محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} لكن لو قلت: "اللهم صلِّ على البشير النذير" هذا اسم ووصف، لكن هل هذا اسم ووصف يختص به ولا يشركه غيره فيه؟ الجواب: لا، كل الرسل والأنبياء جاءوا بهذا، فهم مبشرون ومنذرون؛ كما قال الله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} فهذا وصف لا يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم، إنما وصفٌ للنبي يشركه فيه غيره، يعني يشترك معه فيه غيره، نصيبه من هذا الوصف أعلى من نصيب غيره، لكن في مقام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يُعتنى بالاسم أو الوصف الذي يميزه عن غيره, وهذه مسألة تفوت كثيرًا من الذين يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم؛ يذكرونه بالوصف الذي يشارك فيه غيره اجتهادًا منهم في طلب مثلًا التميز أو في طلب الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم، ونقول لهم: إن أكمل صلاة هي صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي علمها أصحابه حين قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» هذا أكمل من أن تقول غير هذه الصفة، لكن لو أراد الإنسان أن يُنوِّع وأن يأتي بغير هذا الاسم فليحرص أن يذكر وصفًا مميزًا، ولا بأس أن يذكر بعد ذلك ما يشركه فيه غيره, فيقول مثلًا: اللهم صلِّ على خاتم النبيين البشير النذير, اللهم صلِّ على من بعثته رحمة للعالمين، هذا وصف مميز للنبي صلى الله عليه وسلم، على نبي التوبة، على نبي الملحمة, هذه كلها أوصاف مميزة, على الحاشر العاقب, هذه كلها أوصاف وأسماء مميزة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات18655 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات11982 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9166 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8029 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف