×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / من رحاب الحرمين / رمضان فرصة فاغتنمه في تحصيل زاد ينفعك يوم المعاد

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3210

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه حمدًا يرضيه، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، رب العالمين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن المؤمن في مواسم البرِّ والخير يجدّ ويجتهد، ويبذل وسعه في الاستكثار من الخيرات والصالحات، ذلك أن العمر كله فرصة، وهو من الله منحة، يختبر الله ـ تعالى ـ فيها العباد؛ ليرى المؤمن الصادق من الغافل اللَّاهي.

ومن رحمته أن جعل في هذه الحياة محطَّات للتزود بالتقوى، والنشاط في الطاعة، والاستعتاب من الخطأ، ومراجعة النفس، وتقويم المسيء، فالراشد هو الذي إن كان محسنًا في أيامه زاد إحسانًا في هذه المحطات، وهذه المواسم المباركة، وإن كان مسيئًا مقصِّرًا راجع نفسه، فأصلح قلبه، وقوَّم سيره، واستغفر لذنبه، وبذل غاية جُهده في التقرب إلى ربه؛ تلافيًا لما كان من قصورٍ ونقص، وتعويضًا عما كان من إساءةٍ وغفلة.

فلذلك أيها الإخوة هذه الأيام هي من تلك المحطات التي أمر الله ـ تعالى ـ فيها بالتزود بالتقوى، وندب فيها إلى المسابقة إلى رضوانه، والمسارعة في نيل مَبَرَّاتِه، والفوز بنفحاته، ولذلك بشر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأمة بهذا الشهر، ووصفه بأنه مبارك، وقال لكم: «شهر رمضان شهرٌ مبارك» مسند أحمد (9497)، وسنن النسائي (2106)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (55) .

هكذا وصفه سيد الورى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وبركة رمضان ليست في شأنٍ من شؤون الدنيا؛ بل فيما يكون فيه من صالح العمل، فإن البركة هي كثرة الخير، وكثرة البر والإحسان، وكثرة الفضل والعطاء، وهذا الشهر شهر هباتٍ وعطايا، تكثر فيه الخيرات والمبرات.

وقد نوَّع الله ـ تعالى ـ الطرق الموصلة إليه، فلم يحدها في طريق؛ لأجل أن ينشط كل إنسانٍ فيما يفتح الله ـ تعالى ـ عليه من أبواب البر والخير، والراشد والعاقل والبصير هو من ضرب في تلك الأبواب بسهم، فلم يترك بابًا من أبواب الخير إلا كان له منه نصيب، ابتداءً بالفرائض، فإنه ما تقرب عبد إلى الله ـ تعالى ـ بشيءٍ أحب إليه مما افترضه عليه، فأتقن الفرائض جملةً وتفصيلًا، أي: على وجه العموم، وعلى وجه الخصوص، الفرائض المتعلقة بسائر الزمان، والفرائض المتعلقة بالشهر والحين والزمان الذي أنت فيه.

فانظر نفسك في فرائض الله ـ عز وجل ـ من الصلاة، وبر الوالدين، وأداء الحقوق، والصدق في الحديث، وما إلى ذلك مما جعله الله ـ تعالى ـ مفروضًا على الإنسان.

ثم فتش نفسك في الفرائض التي خص الله بها هذا الزمان، وهو الصوم، فإن شهر رمضان شهر الصوم، قال الله ـ جل في علاه ـ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ[البقرة:185].

ففتش نفسك في هذا الشهر كيف أنت في صومه؟ هل أتقنته على الوجه الذي يرضى الله تعالى به؟ وليس الصوم هو أن تمسك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فحسب، هذا الكل بل غالب أهل الإسلام يفعله، لكن الشأن في أن يكون هذا الصوم بعيدًا عن القول الباطل، والعمل الباطل، فإن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال كما في الصحيح من حديث أبي هريرة: «من لم يدع قول الزور والعمل به- قول الزور أي: القول الباطل، والعمل به أي: العمل بالباطل- فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه» صحيح البخاري (1903) .

فتش في قولك، في عملك، في لحظك، في بصرك، في سمعك، في جوارحك، كيف أنت في حق الله عز وجل؟ هل أنت حقيقةً صُمت عما يغضب الله ـ تعالى ـ قولًا، وسمعًا، وبصرًا، وفكرًا، وحركةً، وسكونًا، ومعاملةً، وعملًا؟

فتش في هذا كله، فإن الصوم الحقيقي هو أن تكفَّ نفسك عن مغاضب الله، وعن معاصيه، ليس فقط أن تمتنع عن أن منعك منه من الأكل والشرب والجماع، وتطلق لنفسك العَنان في كل شيء، الصوم سمو، يسمو به الإنسان في سماء الفضائل، وفي طيب الخصال، وفي كل السجايا، ليس فقط في الابتداء والمقابلة؛ بل حتى مع من أساء وأخطأ.

يعني: الإحسان الذي في الصوم ليس مع من أحسن إليك، أو من لم يحسن إليك ولم يسئ؛ إنما الصوم بركته أن يحجز الإنسان عن مقابلة الإساءة بمثلها، مع أن الله ـ عز وجل ـ قد قال: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ[النحل:126] ، وقال ـ جل وعلا ـ: ﴿وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ[الشورى:41] ، أي: ليس عليهم مؤاخذة؛ لأنهم انتصروا بعد ما وقع عليهم من الظلم بالقدر الذي ظُلموا فيه، ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ[الشورى:40]؛  ولكن الصائب من ارتفع إلى أن يسمو عن هذا بأن يكف نفسه عن مقابلة الإساءة بمثلها.

قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ: «وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يصخب، ولا يجهل، فإن سابَّه أو شاتمه فليقل: إني صائم» صحيح البخاري (1904)، وصحيح مسلم (1151)، يعني: لا يقابل الإساءة بمثلها، لا يقابل السَّب بمثله، لا يقابل الشَّتم بمثله؛ بل يقول: إني صائم؛ تذكيرًا لنفسه بالسمو عن أن يقابل الإساءة بمثلها، وإشعارًا لمن أساء إليه أنه إنما امتنع من مقابلة الإساءة بمثلها، لا عجزًا لكنه إيثار لما عند الله ـ عز وجل ـ إيثار للآخرة على الأولى.

فينبغي أن نستشعر أيها الإخوة هذه المعاني، وأن نحرص عليها؛ فإن العمل بها يفتح للإنسان أبوابًا في الصيام خارجة عن مجرد الإمساك عن الطعام والشراب والجماع، وما أشبه ذلك من محذورات الصيام والمفطرات.

فلنحرص على استشعار هذه المعاني، ولنحتسب الأجر عند الله؛ فإن جزاءه عظيم، وأجره كبير، ومَن صدق الله صدقه الله، ومن أقبل عليه وجد منه خيرًا كثيرًا، وعطاءً جزيلًا.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من السبَّاقين إلى طاعته، المسارعين إلى مغفرته، المشتغلين بمرضاته، وأن يتقبل منَّا ذلك، وأن يجعله رفعةً في الدرجات، وحطًّا للأوزار والسيئات، وأن يجعلنا بفضله ومنّه وإحسانه وجوده وكرمه ممن أعتقه في هذا الشهر من النار، وحطَّ عنه سيء الأوزار، ورفعه في مدارج البر والتقوى وصالح الإعمال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89955 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86964 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف