×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

رمضانيات / برامج رمضانية / ادعوني أستجب لكم / الحلقة (15) ادعوا ربكم تضرعا وخفية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3173

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات.
الحمدلله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالكِ يوم الدين، أحمدهُ حقَّ حمده، لا أُحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه، لا يفتروا المؤمنُ حمداً لربه، فإنَّ الحمدَ موجبٌ لعطاءه، أحمدُه ملء السماء والأرض، وملء ما شاءَ من شيءٍ بعد، لهُ الحمدُ كُلهُ ظاهراً وباطنا.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له، شهادةً أرجو به النجاة من النار، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسوله، صفيه، وخليله المختار، بعثه الله بين يديَ الساعة بالحقِّ، والهدى، ودين الحق بشيراً ونذيرا، داعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا، أضاءت به الأرضُ بعد ظُلماتها، أنارَ الله به القلوب، هَدى به البصائر، أخرجنا اللهُ ـ تعالى ـ بهِ من الظلماتِ إلى النور، فصلى الله عليه وعلى آله وسلم، اللهم صلي على محمد وعلى آلِ محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميد مجيد، أمّا بعد:
فحياكم الله أيها الإخوة والأخوات .. في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.
الدعاءُ مقامٌ جليل، الدعاءُ منزلة عُظمى، الدعاء يصطفي اللهُ تعالى لعبادة من يشاء فيوفقهم إليه، وذلكَ في كُلِ صوره، وأنواعه في دعاء العبادة، وفي دعاء المسألة، وهو أعلمُ بالمهتدين، الله أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالته، سبحانه وبحمده، فمن وفّقهُ اللهُ ـ تعالى ـ للدعاء فليحمدِ الله، فإنَّ الدعاءَ من توفيقِ اللهِ ـ تعالى ـ للعبد، ومن دلائل إرادةِ اللهِ بعبدهِ الخير أن يفتحُ لهُ في باب الدعاء، فجديرٌ بنا أن نتأدّبَ بالآداب التي يكونُ فيها دعاؤنا لربنا ـ جلّ وعلا ـ مقبولاً، أن يكون دعاؤنا لربنا ـ جلّ في علاه ـ موضعَ رضاه ـ سبحانهُ وبحمده ـ فإنهُ إذا رضيَ اللهُ ـ تعالى ـ عن الدعاء، وعن العبد، كان ذلكَ موجباً لجزيل العطاءِ، وعظيم الإثابة، وكبير الإجابة، فهو الكريم، المنان سبحانه وبحمده.
أيها الإخوة والأخوات .. كُلنا إلى الله فقراء، ليسَ فينا غنيٌّ عنِ الله ـ عزّ وجل ـ بل كُلنا كما قال الرب ـ جلّ في علاه ـ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فاطر:15  .
إنَّ استشعار معنى الفقر يوجبُ الذّلَ والانكسار للرب ـ جلّ في علاه ـ لهذا من يتوهم من الناس أنهُ إذا ملَكَ شيئاً، أو قدِرَ على شيء أنهُ بذلكَ يكونُ غنيّاً، يخرجُ عن حدودِ الاستكانةِ، والافتقار إلى الزهو، والعلو، والاستكبار، الّذي هو موجبٌ لعقوبةِ الله ـ عزّ وجل ـ فإنَّ اللهَ ـ جلّ وعلا ـ يحبُ المنكسرين، الأذلاء، الخاضعينَ له، لأنّهُ هذا هو مقتضى حالهم، فهم فقراء، والفقيرُ حالهُ المسكنة، أرأيت الآن لو رأيتَ رجلاً فقيراً في أمر الدنيا ليسَ عندهُ مال، ولا عندهُ ما يُوجبُ افتخارهُ على الناس أو ما يبرر، أو ما يُمكن أن يُفسر، وإلا فليس ثمةَ تبرير في العلو على الناس، لكن ما يُفسر علوُّهُ على الناس، أليس ذلكَ موجباً للاستغراب!
ما الّذي يجعلهُ يستكبر وهو فقير؟ ما الّذي يجعلهُ يستكبر وهو عائل!
ما الّذي يجعلهُ يعلو على الناس وهو لا شيءَ عندَهُ!
نحنُ مهما ملكنا، ومهما كانَ في أيدينا فإننا إلى اللهِ فقراء، مهما كان الإنسانُ غنيّاً فلا يخرُج عن حدود الفقر:
أنا الفقيرُ إلى ربِّ البريّاتِ *** أنا المسكينُ في مجموعِ حالاتي..
أنا الظلومُ لنفسي وهي ظالمتي *** والخيرُ إن يأتني من عنده يآتي..
لا أستطيعُ لنفسي جلبَ منفعةٍ *** ولا عنِ النفسِ لي دفعَ المضراتِ..
والفقرُ لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبدا *** كما الغنى أبدا وصف لهُ ذاتِي
والفقرُ لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبدا – في كل أحوله -.
هكذا ينبغي أن نوقن، هذا لا يخرج عنهُ مَلك ولا مملوك، غني ولا فقير، شريف ولا وضيع، الجميع كُلهم إلى الله فقراء، لنستحضر هذا المعنى، لأنَّ هذا المعنى سيجعلُنا نلج إلى الله ـ عزّ وجل ـ من باب لا يردُّ من دخلَ عليه منه، إنهُ بابُ الافتقار إلى الله ـ عزّ وجل ـ إنهُ بابُ الانكسار بين يديه، إنهُ بابُ الخشوع، وكلُ هذه المعاني يتحقق بها ما أمرَ اللهُ ـ تعالى ـ به، الداعين لهُ، حيثُ قال: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ الأعراف:55   اللهُ ـ تعالى ـ أمرَ الداعين، أمرَ العابدين، سواءً كانَ ذلك بدعاء عبادة، أو دعاء مسألة أن يستحضروا هذا الوصف، فمن عبدَ الله بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ينبغي أن يتضرّع إليه، لأنَّ الله أمرَ بالضراعة، فقال: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا﴾ والدعاء يشمل دعاء العبادة، كما يشمل دعاء المسألة والطلب، فكلُ من سألَ الله، كلُ من طلبَ منه ينبغي أن يمتلئ قلبهُ باستشعار فقره، وباستشعار ذُلّه، وباستشعار انكساره بين يدي ربه، وأنهُ لا مانعَ لما أعطى، ولا مُعطيَ لما منع.
هذا المعنى جليل نرددهُ بألسِنتنا، لكن كثير منّا يغفل عنهُ بعمله، نحنُ نقول في أذكارِ الصلاة بعد أن نفرغ: "اللهم لما مانعَ لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدِّ" أي صاحب الغنى والحظ،: "ولا ينفعُ ذا الجدِّ منكَ الجد" صحيح البخاري (844)، ومسلم (593)   أي لا ينفعُ صاحب الغنى غناه، ولا صاحب الحظ حضّه، بل كُلُ الخلقِ إليه فقراء، غنيُّهم، وفقيرهم، فمن الضروري، ومن المهم أن نستحضرَ هذا المعنى، فإنَّ من العدوانِ في الدعاء، ومن سوءِ الحالِ في الداعي أن يفتخِرَ بنفسه، وأن يخرُج عن مقام الضراعةِ إلى اللهِ ـ عزّ وجل ـ اللهُ ـ تعالى ـ يقول لعبادة: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ فترك التضرع في الدعاء، هو مخالفة لما أمرَ اللهُ ـ جلّ وعلا ـ به، فالتضرع في الدعاء، في دعاء العبادة، وفي دعاء المسألة، هو وصفُ أولياء الله المتقين، فقد قال اللهُ ـ تعالى ـ في وصف الأنبياء والمرسلين: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ يقول ـ جلّ وعلا ـ: ﴿ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ الأنبياء:90   فالتضرع طريقهُ الخشوع، إنكَ إذا أردت أن تحقق ما أمرُ اللهُ  ـ تعالى ـ به، فكُن أواهاً منيبا، كُن خاشعاً ذليلا، فسيتحقق لكَ الضراعة التي أمرَ اللهُ ـ تعالى ـ بها في قوله: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ اللهُ ـ تعالى ـ يصف إبراهيم – عليه السلام – فيقول: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ التوبة:14   ويقول ـ جلّ وعلا ـ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ هود:75   منيب، ومما جاء في تفسير: "الأواه" أنهُ المتضرع الخاشع.
فمن أرادَ أن يكونَ قريباً من الله ـ عزّ وجل ـ بالغاً منزلةً عُليا في العبوديةِ، بالغاً منزلةً رفيعة في القربِ منه فليذِلَ لهُ ـ جلّ في علاه ـ ليكن كما قال الله في وصفِ إبراهيم: ﴿أَوَّاهٌ﴾ ذو ضراعةٍ، وخشوعٍ، وإقبالٍ، وإخباتٍ إلى اللهِ ـ جلّ في علاه، ـ الضراعة سبب للنجاة من الكروب، والبلايا، يقول الله ـ جلّ وعلا ـ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ الأعراف:94   فالتضرعُ عدو البلاء، من أرادَ أن يستدفع البلاء عن نفسه، وعن أهله، وعن بلده، فليجتهد في تحقيق الضراعةِ لله ـ عزّ وجل ـ ليكن مُتضرِّعاً، أواهاً، مُنيبا، فذاكَ عدو البلاءِ، وذاكَ عدو المصائب، ما مُنِعَ وقوع البلاء، والهلاك بمثل التضرّع إلى الله، والانكسار بين يديه، وإنزال الحاجةِ به جلّ وعلا، وإظهارِ الفقرِ، والذُّلِ له، فادعوا الله وأنتَ مُتضرّع، ادعوا الله وأنتم في حالٍ من الانكسار، والذُّلِ بين يديه، ما يكونُ سبباً لإجابةِ دعواتكم: "وإني لأدعوا اللهَ والأمر ضيّقٌ عليَّ فما ينفكُّ أن يتفرّجا، ورُبَّ فتىً سُدَّت عليه وجُوهُهُ أصاب لهُ في دعوةِ اللهِ مخرجا"
إذاً التضرّع إلى الله ـ عزّ وجل ـ عبادة جليلة، فإذا اقترنت بالدعاء كانت موجبةً لإجابته، كانت موجبةً لعطاءِ اللهِ ـ تعالى ـ كانت موجبةً للفوزِ بفضله، وبما هو أهله من العطاءِ، والإحسان، والمغفرةِ، والامتنان، فلنجتهد رجالاً ونساءَ، ذكوراً وإناثا، في دعاءنا وفي غير دعاءنا، أن نكونَ إلى الله فقراء، وأن نُظهِرَ فقرنا له، وأن نستشعِرَ فقرنا إلى فضله، فإنَّ ذلكَ من موجِباتِ نيلِ قُربه ـ جلّ في علاه ـ ولذلكَ تجد أنَّ المنكسرة قلوبهم، الّذين يُظهرون الفقر، ويستشعرون عظيم ما هم فيه من حاجة إلى الله ـ عزّ وجل ـ على حالٍ مستقيمة، وعلى حالٍ من اللهِ قريبة، لأنهم لا يخرجون عن طاعته، ولا يخرجون عن الحاجةِ إليه، بخلاف الّذي يتوهم الغنى، فإنهُ يستغني عن الله، ويستكبر عليه، وقد قال الله ـ جلّ وعلا ـ: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) العلق:7-8   فالطغيان هو فرعُ الخروجِ عن تُذكُري حال الافتقار، ومن استحضر الافتقار سلِمَ من الطغيان، وخرجَ عن الحال التي ذمّها اللهُ ـ تعالى ـ في قوله: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)﴾ إنَّ من آداب الدعاء:
ـــ أن يتضرّع الداعي في دعاءه.
ـــ أن ينكسر بين يدي ربه.
ــــ أن يُنزل به حاجته، كما قال يعقوب – عليه السلام -: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ يوسف:86   فاشكوا إلى اللهِ حاجاتكم وأنتم إليه فقراء، فنحنُ لا غنى بنا عن فضله، لننال بذلكَ ما يكونُ من إحسانه، وعطاءه.
اللهم ارزقنا قلوباً مُتضرّعة، وألسنةً لكَ ذاكرة، ونفوساً إليكَ مُقبلة، وأعنا على طاعتك، واسلك بنا سبيل رُشدك، وخذ بنواصينا إلى ما تحب وترضى، واصرف عنّا السوء والفحشاء، إلى أن نلقاكم في حلقةٍ قادمة من برنامجكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أستودعكم الله الّذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات89947 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات86962 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف