×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (38) تعظيم شعائر الله

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3501

المقدم:مرحبا بكم من جديد مستمعينا الكرام في هذه الحلقة عن تعظيم شعائر الله، فإن الله –سبحانه وتعالى- عز وجل- حث وحض على تعظيم شعائره، ويكفي في ذلك قوله –تبارك وتعالى-: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[الحج: 32]هذا الموضوع ذو أهمية بالغة وهو موضوع مهم نتحدث فيه في هذه الحلقة لأننا نعيش كذلك هذه الأيام التي هي من الأشهر الحرم شهر ذي القعدة وغيرها من الأشهر الحرم وفي هذه الأثناء يفضل أن يتحدث الإنسان عما يكون فيه مما يجب من التعظيم والتوقير لله –عز وجل- وخصوصًا من احترام هذه المواسم والأزمنة الفاضلة.

شيخ خالد عندما نتحدث عن هذا الموضوع المهم، وفي مطلع هذا اللقاء عن هذا الموضوع الهام عن تعظيم شعائر الله في البداية ما هي هذه الشعائر التي أمرنا بتعظيمها؟

الشيخ:- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياك الله أخي عبد الله وأهلا وسهلًا بالإخوة والأخوات والمستمعين والمستمعات.

موضوع (تعظيم شعائر الله –عز وجل-) موضوع يهم كلَّ مؤمن في كل وقت وزمان؛ ذلك أن الله تعالى خلقنا لعبادته، والعبادة لا تتحقق إلا بتمام التعظيم لله –عز وجل- فتعظيم الله –عز وجل- هو مفتاح تحقيق العبودية له جل في علاه، عبادة الرحمن لا تقوم إلا على تعظيم الديان وعلى الاهتمام بمحبته. وتعظيم الله –عز وجل- عمل قلبي ينتج عن معرفة الله تعالى والعلم به، فكلما زاد الإنسان علمًا بالله تعالى ومعرفة بأسمائه وصفاته وكمالاته، وازداد علمًا بجميل أفعاله وبديع صنعه كان ذلك من موجبات تعظيم ربه جل في علاه.

هذا فيما يتعلق بتحقيق التعظيم الذي هو أصل العبادة، وهو ألذ ما تتنعم به القلوب، فإن تعظيم الله تعالى بهجة، طمأنينة، سرور، سكن، انشراح، كل هذه المعاني إنما تتحقق للعبد بتعظيم الله تعالى وما حدث به.

 وتعظيم الله –عز وجل- يقوم في القلب ثم ينعكس على الأقوال وعلى الأعمال، وعلى حفظ حدود الله وعلى تعظيم شعائر الله، فكل هذه الثمار أصل لابد أن يفتِّش الإنسان قلبه في هذا الشأن، وهو ما في قلبك قدر ما في قلبك من تعظيم الله –عز وجل-، فإنه بقدر ما يكون في قلبك من تعظيم الله –عز وجل- ينعكس هذا على قولك طيبةً وذكاء، وينعكس هذا على جوارحك امتثالًا وانقيادًا، وينعكس هذا على حالك في معاملتك لله –عز وجل- بالذل والخضوع.

وتجد لهذا من السكن والطمأنينة والانشراح والبهجة والسرور ما لا تجده بكل ما يتنعم به الناس، بهذا ينبغي للمؤمن أن يحرص على أن يبحث عن إقامة تعظيم قلب الله –عز وجل- في قلبه، وهذا الأمر يا أخي الكريم لا يحتاج إلى كبير عناء ولا إلى جهد بالغٍ، بل هو في الأصل فطرة الله التي فطر القلوب عليها، فالقلوب مجبولة على محبة الله وتعظيمه كأن القلوب تنجذب إلى خالقها، وقد قذف الله تعالى فيها بالفطرة تعظيمه وتوقيره ومحبته، لكن قد يخفى هذا التعظيم ويضمحل أو يزول أو يتلاشى بسبب أن القلب سكنه غير الله –عز وجل- محبة وانشغالًا، والقلب إذا اشتغل بشيء انصرف عن غيره، ولذلك قال تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ[الأحزاب: 4] على المؤمن أن يفتش قلبه وأن يبحث عن توقير الله وإجلاله وتعظيمه، الله –عز وجل- يقول لكفرة لا يؤمنون به ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا[نوح: 13] أي ما لكم لا تعاملون معاملة توقِّرون، والتوقير والتعظيم حقه -جل في علاه- ما لكم لا تعرفون الله حق معرفته، ما لكم لاتشكرونه حق شكره، ما لكم لا تبالون بعظمته جل في علاه، ما لكم لا ترون لله طاعة، ما لكم لا تعرفون حق عظمته.

هذا الاستفهام الاستنكاري الذي جاء في قوله: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا[نوح: 13] ينبغي أن يوجهه كل واحد منا إلى نفسه، أين أنت من تعظيم الله؟ أين أنت من إجلاله؟ أين أنت من حفظ حقوقه؟ أين أنت من شكره؟ أين أنت من معرفته؟ أين أنت من طاعته؟ أين أنت من توقي معصيته؟ أين أنت من الاستزادة من معرفته ومعرفة آياته التي بثَّها في الآفاق وفي الأنفس؟

كل هذه أسئلة لابد من السؤال عنها حتى يبحث، حتى يصل الإنسان إلى تعظيم الله –عز وجل- فلهذا كلما وجدت في نفسك قصورًا وتقصيرًا في حق الله، ابحث عن أصل ذلك في أمرين: ضعف المحبة أو ضعف التعظيم؛ لأن الإنسان لو عظم الله تعالى حق تعظيمه، ولو عرف حق معرفته حفظ حدوده، أطاعه فيما أمر وفيما نهى، شكره فطاعته سبحانه والقيام بحقه هو ثمرة العلم به –جل وعلا- ولذلك يقول الله تعالى لرسوله: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ[محمد: 19] ؛لأنه بتمام العلم بمعرفته –جل وعلا- يعرف الإنسان عظيم تقصيره فلا يملك إلا أن يستغفر، فلا يملك إلا أن يطلب العفو والمغفرة لقصوره أو لتقصيره، لقصوره وعدم قدرته على إيفاء الله حقه أو لتقصيره بما يكون من ترك واجبٍ أو تورُّطٍ في محرم.

أيها الإخوة والأخوات، أيها المستمعون والمستمعات الأكارم من المهم ألا نقصِّر في معالجة قصورنا في طاعة الله، ضعفنا في الإقبال عليه، عندما تجد من نفسك ضعفًا في الصلاة، عندما تجد في نفسك ضعفًا في أداء الزكاة، ضعفًا في الصوم، ضعفًا في الحج، ضعفًا في أداء حقوق الخلق في حفظ الأمانة في أداء الحقوق لأهلها، في إيفاء العقود، فتِّش في تعظيمك لله وفي محبتك له، فإنه إذا قام في قلبك تعظيم الله وتعظيم شرعه، فإنه لابد أن يثمر ذلك تعظيمًا لحقوقه وقيامًا بما أوجب الله لك.

وأنا أذكر لكم قصة قصَّها النبي –صلى الله عليه وسلم- على أصحابه كما في صحيح البخاري أن النبي –صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ذكر رجلًا من بني إسرائيل استسلف من آخر ألف دينار، طلب منه أن يقرضه ألف دينار فلما طلب منه الألف وافق الرجل، لكنه طلب منه أن يأتيه بالشهداء قال له: ائتني بالشهداء فقال الرجل لصاحبه: كفى بالله شهيدًا أي ألا يكفيك أن يكون الله تعالى شهيدًا بيني وبينك، فقبل الرجل شهادة الله تعالى ثم قال له: ائتني بالكفيل يعني أعطني من يكفلك ويضمن أنك إذا لم توفِّ الألف دينار ولم ترجعها يسدِّد عنك فقال له: كفى بالله وكيلًا قال الرجل: بعد هذا الكلام صدقت فدفع إليه ألف دينار دون أن يأخذ منه شهيدًا سوى الله، ودون أن يأتيه بكفيل سواه جل في علاه.[أخرجه البخاري في صحيحه:2063 مختصرًا، وعلق القصة بتمامها جازما بها في صحيحه:2291]

وانظر إلى الصدق كيف يوصل الإنسان إلى النجاة، دفع إليه إلى أجل مسمَّى شهر، شهرين، ثلاثة، الرجل خرج إلى البحر، هذا الذي اقترض المال خرج إلى البحر يطلب رزقًا يقضي حاجة، فلما قضى حاجته من المال التمس مركبًا يركبها ليعيد المال إلى صاحبه، ويقدم عليه في الأجل الذي حدد أن يعطيه المال فلم يجد مركبًا، ما وجد سفينة يذهب بها إلى صاحب الدين، فما كان منه وقد جعل الله كفيلًا وجعله شهيدًا إلا أن أخذ خشبةً فنقرها أي شقَّها من منتصفها بالنقر، فأدخل فيها ألف دينار وكتب فيها كتابًا وصحيفة منه إلى صاحب الدين أنه أنا لم أستطع أن آتي لعدم وجود مركب وهذه الألف التي اقترضتها منك ووعدتك في الأجل، فلما خشيت أو خفت ألا أدرك الأجل بعثتها إليك زجَّ بها في البحر هذه الخشبة المنقورة التي بها الألف دينار والصحيفة زجها في البحر رماها في البحر ثم قال وهو يرميها: اللهم إنك تعلم إني كنت تسلفت فلانًا ألف دينار، فسألني كفيلًا فقلت: كفى بالله كفيلًا فاللهم رضي بك وسألني شهيدًا فقلت: كفى بالله شهيدًا فرضي بك، وإني جهدت أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعك فرماها في البحر حتى ولجت فيه ومضى، لما رآها ذهبت في الأمواج وولجت في البحر انصرف وهو يلتمس مركبًا يخرج إلى بلده يبحث عن مركب يوصله إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبًا قد جهزها الداعي في بلد آخر، لما قرب الأجل خرج البحر ينظر جاء الرجل، جاء مركب، أرسل الفلوس مع أحد فما جاء مركب، يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: فإذا بالخشبة التي فيها المال تتقاذفها الأمواج إلى هذا الرجل بين يديه فأخذها لأهله حطبًا، ما أخذها ما يدري ما فيها أخذها ليحتطب بها فلما نشرها قطعها وجد المال والصحيفة قد وصلت إليه، ثم إن ذلك الرجل الذي كان قد بعث بهذه الخشبة وما فيها من مال وصحيفة جاء لكنه خشي أنه لم يوصل المال إلى صاحبه، فأتى بألف دينار غير الألف التي بعثها بالخشبة، فقال للرجل: والله مازلت جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبًا قبل الذي أتيت فيه.

يعني ما وجدت مركبة على أساس التأخر ما كان في وسيلة أني أصل إلا في هذا الوقت، قال له الرجل الدائن: هل كنت بعثت إلي بشيء قبل ذلك؟ قال: ألم أخبرك، المدين يقول له: ألم أخبرك إني لم أجد مركبًا؟ ما ذكر له أبدًا سيرة الخشبة ولا سيرة المال، أني لم أجد مركبًا قبل الذي جئت به؟ قال له الرجل: فإن الله قد أدَّى عنك الذي بعثت بالخشبة فانصرف بالألف راشدًا.

هذه القصة المختصرة الحقيقة هي نموذج لتعظيم شعائر الله، هي نموذج لثمرة تعظيم الله –عز وجل- هذا الرجل لما طلب تعظيم شعائر الله من الطرفين والآن سنقف عليها على وجه التفصيل، في مواقف تعظيم شعائر الله حتى نعرف أن تعظيم شعائر الله ليس أمرًا قلبيًّا، كلام في اللسان لا يترجم، إذا قام تعظيم الله –عز وجل- في القلب انقدح وظهرت ثماره في الأقوال والأعمال والمعاملة، في معاملة الخالق وفي معاملة الخلق، في الخلوة وفي العلن وفي السر والإعلان، وفي كل مكان.

هذا الرجل طلب من صاحبه دينًا فقال له لما طلب الشهداء قال: كفى بالله شهيدًا، كفى بالله وكيلًا، فلما قال له ذلك قال: صدقت تعظيمًا لله وإجلالًا لله وقبولًا بشهادته وثقةً به أنه شهيد ولن يضيَّع حقك، والله شهيد وقد اكتفيت بي شهيدًا وهو الكفيل، ثم إن هذا الرجل المقترض أيضًا انظر إلى تعظيمه لله حيث أنه لما جاء الأجل خشي ألا يجد مركبًا توصله وهو معذورٌ كان منه هذه المجازفة أن وضع المال في خشبة وكتب صحيفة وقذف بها في لجَّة البحر هذا من تعظيم الله؛ لأنه لولا أن الله في قلبه عظيمٌ لطلب حيلًا للاعتذار عن الوفاء بالأجل مع أنه ناوي الوصال، لكنه ما استطاع كان ممكن يقول: أنتظر لما آجي لماذا أعرض نفسي وأموالي للخطر بأن أرميها في البحر؟، لكن تعظيم الله هو الذي حمله على ذلك أنه جعل الله بينه وبين الرجل جعله شهيدًا وجعله كفيلًا، فعلم أنه لم يضيع حقه وأن الله تعالى سيعامله بما في قلبه من الصدق.

انظر أيضًا لما وصل المال لما جاء ما اقتصر على الخشبة؛ لأن الخشبة الوفاء فيها ظنيٌّ احتمال ما تصل، ما اكتفى بهذا أنه جعل الله بينه وبين الرجل شهيدًا وكفيلًا، ركب مركبًا وجاء إليه بألف غير الألف التي بعثها ثم انظر أيضًا تعظيم الله في قلب هذا الرجل ماذا لي والله هذه ألف جود على الألف الأولى والحلال ما حلَّ في يدك، آخذُها والحمد لله، ما درى أني استلمت، لكنه يعلم أن الشهيد والكفيل مطَّلعٌ فقال: إن الله قد أدَّى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف دينار راشدًا.

هذا المعنى يا إخواني ويا أخواتي هو ترجمةٌ لتعظيم الله –عز وجل-، ما قام هذا ولا ذاك بما قاما به إلا لأن الله في قلوبهما عظيم، فإذا قامت التعظيم في قلب انقدح هذا على العمل والسلوك والمعاملة في الغيب والشهادة معاملة الله –عز وجل- وفي معاملة الخلق، هذا الرجل لما قذف الخشبة ما فيها أحد ما يرجو من أحد ثناء، ولا يرجو من أحد مدحًا، ولا يدري تصل ولا ما تصل لكنه يعامل من يعامل الله، ولذلك لما قذفها ما خاطب أحدًا ولا أرسل رسالة بطريقة أو بأخرى بل أخفى الأمر حتى عند الدائن لما جاء إليه ما قال: أنا فعلت كذا وكذا لماذا؟ لأنه يتعامل مع الله.

ولذلك قال: اللهم إنك تعلم إني كنت تسلفت فلانًا ألف دينار، فسألني كفيلًا فقلت: كفى بالله كفيلًا فرضي بك، ولا يمكن أن أخون من رضي بك وسألني شهيدًا فقلت: كفى بالله شهيدًا فرضي بك ولا يمكن أن أخون من قَبِلك شهيدًا، وإني جهدت إن أجد مركبًا كل معاملة لله خطاب مع الله بين العبد وربه ليس ثمة وسيط ولا رقيب ولا حسيب، إنما هو الله جل في علاه.

لذلك ينبغي أن نفهم أن تعظيم شعائر الله ليس شيئًا معزولًا عما يكون في القلوب من التقوى ولهذا لما ذكر الله –عز وجل- الحجَّ وأعماله وما فيه من قربات، وما فيه من طاعات، وما أمر به من تجنب الشرك وقول الصدق قال بعد هذا كله ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[الحج: 32] فتعظيم الشعائر التي هي معالم الدين سواء كان ذلك في الزمان، أو كان ذلك في المكان، أو كان ذلك في الأعمال، أو كان ذلك في الشخص، أو كان ذلك في الأحوال، أو كان ذلك فيما كان مما عظمه الله –عز وجل- تعظيم ما عظمه الله هو دليل على تقوى القلب؛ لأنه لا يمكن أن يعظم الإنسان حدود الله، شعائر الله، حرمات الله، أشخاصًا، أعمالًا، أحوالًا، مكانًا، زمانًا إلا وقلبه لله معظم.

فهنيئًا لمن امتلأ قلبه بتعظيم الله –عز وجل-، فإن ذلك من دلائل إيمانه وصدقه، وقيامه بما فرض عليه من العبودية لله –جل وعلا-.

المقدم:- هذا تعريف عامٌّ يا شيخ عن مسألة تعظيم شعائر الذي أمرنا أو الشعائر التي أمرنا بتعظيمها لكن البعض لعله يربطها بمشاعر الحج فقط من النسك وغير ذلك.

الشيخ:- لا هو بعض الناس يقصرها أنا ذكرت أن تعظيم شعائر الله في الأصل هو بيان بالحدود الله، ولذلك فسر العلماء شعائر الله بحدوده بحقوقه، بشرائعه، بأحكام دينه، بما عظمه الله –عز وجل- وزاد تسمية بعض الأشياء شعائرًا ليس حصرًا لها في ذلك، إنما تنبيه أنها مما يجب تعظيمه، مما يجب حفظ حق الله تعالى فيه، فعلى سبيل المثال يقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ[البقرة: 158] تسمية أن الصفا والمروة من شعائر الله، والطواف من شعائر الله، هو الشعائر منها ما هو فرض، ومنها ما هو سنة، لكن المقصود أن الشعائر هي كل ما شرع الله لعباده تعظيمًا، والنصُّ على الصفا والمروة هنا لسبب وليس أنه حصرٌ لها دون سائر ما جعله الله تعالى من معالم دينه، من الطواف بالبيت، من الوقوف بعرفه، من الوقوف بمزدلفة، من الوقوف بمني، من الهدي وما إلى ذلك مما يندرج في هذا المعنى.

شعائر الله هي معالم دينه التي أمر الله تعالى بحفظها، ولذلك جاء في الآية بقوله تعالى: ﴿لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ[المائدة: 2] هذا لا يقتصر على جانب من الجوانب، بل يشمل كل ما عظمه الله تعالى.

المقدم:-يعني عدم المنع من تجاوز هذه الشعائر التي أمرنا الله بالتوقف عندها، وكذلك عدم انتهاكها مثلا.

الشيخ:-إي نعم يعني بيان أنها من حدود الله التي يجب أن تصان، يجب أن تحفظ، يجب أن يقام حق الله تعالى فيها، شعائر الله ذكرت في مكان وهو أن الصفا والمروة من شعائر الله، وذكرت في ذوات وذلك في البدن والهدي فقال تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ[الحج: 36].

ومن شعائر الله ما جعله الله تعالى محرَّمًا من الزمان، كما قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ[البقرة: 217]، من شعائر الله ما يتعلق بالمكان على وجه العموم في المسجد الحرام قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ[الحج: 25].

كل هذه من شعائر الله التي يجوز على المؤمن أن يصونها وأن يحفظ حق الله تعالى فيها.

المقدم:-وتعظيم الشعائر المكانية والزمانية إذا اجتمعت من باب أولى.

الشيخ:-نعم بالتأكيد يعني إذا اجتمعت حرمةٌ زمانية وحرمة مكانية، شعيرة زمانية وشعيرة مكانية كان هذا من مُوجبات التعظيم والصيانة والبعد عن كل ما يكون سببًا للوقوع في الخطأ وتخصيص الواجب، تعظيم الأمر والنهي هو من تعظيم شعائر الله –عز وجل-، وهذا يشمل كل الشريعة.

لذلك أنا أعود وأقول: أنه بعض الناس يحصر الشعائر في جوانب محددة، الشعائر هي في كل ما أمر الله تعالى به، وفي كل ما نهى عنه يجب أن يعظم، فتعظيم شعائر الله في النهي بأن يبتعد عنه وأن تجتنب أسبابُ الوقوع فيه ومجانبة كل وسيلة تقرب منه، كمن يهرب من الأماكن التي فيها الفتن، يهرب من الأماكن التي فيها المعصية، كل هذا من تعظيم شعائر الله.

فينبغي للمؤمن أن يفهم تعظيم شعائر الله بالمفهوم الواسع، وهو ثمرة تعظيم الله جل في علاه.

المقدم:- شيخ خالد عندما نتحدث أيضًا عن هذا الجانب يجب أن نستدعي ما كان عليه الناس في زمان الجاهلية عندما كانوا يعظمون هذه الشعائر، وخاصة فيما يتعلق بالأشهر الحرم حتى أنهم كانوا أحيانًا يتحايلون على هذه الأشهر عندما وصفهم الله –سبحانه وتعالى- وصف هذه الفعلة القبيحةَ منهم من المشركين عندما كانوا ينسئون في الشهور، يقدمونها ويؤخرونها حتى يستحلوا ما حرم الله، ولذلك كان الناس كما قيل: إذا جاءوا إلى مكة وخرجوا من الحرم يأخذون من لحاق الشجر ولاسيما شجر الثمر الذي كان يكثر في مكة يجعلونه على رقابهم أو على دوابهم، لا يتعرض لهم أحد أبدًا لأنهم كانوا كما ذكرنا أنهم في الجاهلية يقطعون الطريق ويفعلون المنكرات والفواحش وغير ذلك.

لكن إذا قدم القادم رأوا عليه هذا الشعار وهذه العلامة مثلا عظموا ذلك، ولم يتعرضوا له مطلقًا، كان هذا حالهم في الجاهلية، فلما جاء الإسلام زاد هذا الأمر تأكيدًا وتعظيمًا أكثر من ذلك، فنحن من باب أولى أن نكون معظمين لهذه الشعائر أليس كذلك؟

الشيخ:-بلى، وهذا يتعلق بالشعائر الإسلامية فالله –عز وجل- أخبر في كتابه عن الزمان بقوله: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ[التوبة: 36] هذا من حيث عدد الأشهر، ولذلك كل التقاويم بلا اختلاف الأشهر اثنا عشر شهرًا وهذا مما يدل على أن البشرية شيء واحد وإن اختلفت أديانهم، وأن مصدر تلقيهم واحد، وهو أن ما قدره الله تعالى وقضاه وجاءت به الرسل، فعدة الشهور عند الله التي جرى عليها نظام الكون وجرت عليها الشرائع وجرى عليه الناس اثنا عشر شهرًا يوم خلق السموات والأرض ثم قال تعالى: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ[التوبة: 36] من هذه الأشهر أربعة محرمة، ومعنى حرم أي ذات حرمة، وذات مكانة وذات منزلة يجب أن تصان وتحفظ، هذه الأربعة هي شهر ذو القعدة الذي نحن فيه، وشهر ذو الحجة، وشهر الله المحرم هذه ثلاث أشهر متوالية، وشهر رجب وهذا رابع الأشهر الحرم وهو شهر محرم فرد ليس قبله شيء من الأشهر الحرم ولا بعده شيء منفرد.

ولذلك كان بعض العرب لا يهتم به إلا مضر فإن مضر كانت تعظمه أشدَّ تعظيم مع انفراده، ولذلك سمي هذا الشهر برجب مضر؛ لأنهم كانوا يعظمونه ويحفظون حق الله تعالى فيه.

هذه الأشهر يقول الله تعالى فيها: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ[التوبة: 36] أي هذا هو الطريق القويم، وهذا الدين الذي جاء به المرسلون وهو السبيل الأمثل الذي من سلكه في عدة الزمان، فقد سلم من كل انحراف وميل ثم قال تعالى بعد ذلك: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ[التوبة: 36] قوله: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ[التوبة: 36] الضمير في قوله: "فيهن" للعلماء فيه قولان لأهل التفسير فيه قولان:

 من أهل العلم من قال: فيهن يعود إلى الأشهر جميعها في قوله: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا[التوبة: 36] فلا تظلموا فيهن أنفسكم فيكون النهي عن الظلم في كل الزمان.

وهذا لاشك فيه فإن الظلم لا يحل في زمان ولا في مكان ولا على حال، بل هو مما حرمه الله تعالى في كل زمان وفي كل مكان وعلى كل حال، فالظلم لا يحل منه شيء «يا عِبادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا»[مسلم:2577/55] ومن أهل العلم من قال إن قوله: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾[التوبة: 36] هذا مما يتعلق بالأشهر الحرم على وجه التخصيص بوجوب صيانتها والعناية بها لمزيد حفظ لحقها وليس أنها الظلم في غيرها يجوز، لكن حرمتها آكد الله تعالى حرم الظلم فيها فقال: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ[التوبة: 36] هذه الأشهر من شعائر الله التي ينبغي أن تحفظ وأن تصان.

ولذلك قال الله –جل وعلا- في محكم كتابه قال –جل وعلا-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ[المائدة: 2] فالله –عز وجل- نهى عن إحلال الشهر الحرام، وهو يشمل كل الأشهر الحرم التي جعلها الله تعالى محرمةً وهي التي قال فيها –جل وعلا-: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[المائدة: 97].

فينبغي للمؤمن أن يصون هذه الأشهر وأن لا يحلها، بل يحفظها كما أمر الله تعالى في محكم كتابه حيث قال: ﴿لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ[المائدة: 2].

المقدم:- طيب عندما نتحدث أيضًا عن هذا الجانب ربما مناسبة لهذه الأيام الفضيلة شهر ذي القعدة وكذلك شهر ذي الحجة، وفي هذه الأيام يتوافد ضيوف الرحمن إلى هذه الديار المقدسة راغبين في إتمام مناسكهم وفي إتمام الركن الخامس من أركان الإسلام، لعلها فرصةٌ مناسبة نتحدث عما يتعلق بما ينبغي على الحاج أن يحفظ فيه من حرمات الله –عز وجل- ومن شعائره فيتعلق بتعظيمها بشكل عام، خاصة عندما نعلم أنه اجتمعت فيه ثلاثة أحوال يعني الثلاثة أحوال التي هو فيها من عبادة، وكذلك أيضًا تعظيمًا من حجٍّ عندما أتى من دياره ومن بلده قاصدًا بيت الله الحرام، بالإضافة إلى أنه يتواجد في أفضل البقاع، وبالإضافة إلى أنه يعيش هذه الأيام التي هي من الأشهر الحرم كيف يمكن أن نؤكد على هذا الجانب؟ فيما يتعلق بالواجب على الحجيج في تعظيم شعائر الله، بالإضافة إلى الابتعاد عن البدع وما حرم الله –عز وجل- من اقتحامها ومن انتهاكها.

الشيخ:- هو الله –عز وجل- في سورة المائدة قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ[المائدة: 2] هذا على وجه العموم يشمل كل ما عظمه الله تعالى، ثم جاء تخصيص لله في أمور محددة فقال: ﴿وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا[المائدة: 2] هذه الآية الكريمة التي تضمنت النهي عن إحلال شعائر الله بانتهاكها فقوله تعالى: ﴿لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ[المائدة: 2] أي لا تتعدوا شعائر الله أي لا تتعدوا حدوده، ولا تحلوا حرمات الله –عز وجل- ولا تنتهكوا ما أمر وما نهى، وما فرض من شعائر الدين، ثم جاء بالنص على جملة من الأشياء، ولا تحلوا الشهر الحرام بانتهاك حرمته التي جعلها الله –تعالى-، ولا الهدي ولا القلائد يعني ولا ما بُعث إلى هذا البيت من الهدي وما يهدى من الهدي الذي بنوعيه سواء كان مقلدًا وما كان غير مقلدًا، ثم قال: والقلائد هي نوع من الهدي  له علامات تدل على أنه يقصد به التقرب إلى الله –عز وجل-.

فنهى الله تعالى عن إحلال هذه جميعًا قال: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ أي ومما يجب صيانته وحفظه وحفظ حق الله تعالى فيه من يؤم البيت الحرام في قوله تعالى: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ أي لا تحلوا قاصدي البيت الحرام العامدين له الآتين إليه، يبتغون فضلًا من ربهم، يلتمسون أرباحًا في تجارتهم مع الله تعالى ورضوانًا منه جل في علاه هؤلاء لهم حرمة ولهم مكانة ولهم منزلة عند الله.

ولذلك قال: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ أي لا تحلوا قاصدي البيت الحرام العامدين إليه الجائين إليه يبتغون فضلا من الله ورضوانًا.

المقدم:- يعني حسن استقبالهم والترحاب هو من تعظيم شعائر الله؟

الشيخ:- نعم هو حسن إفادة هؤلاء والعناية بهم وحسن التعامل معهم هو من تعظيم شعائر الله؛ لأن هؤلاء جاءوا معظِّمين لله –عز وجل- وهذا يشمل المقيمين من الناس في البلد الحرام، ويشمل من الحجاج فيما بينهم ألا يحلوا شعائر الله، فلا يخطأ سبيل الحاج، ولا يؤذى، ولا يعتدي على ماله سواء كان من حاجٍّ أو كان من حلال بمعنى أن قوله: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ[المائدة: 2] خطاب لكل مؤمن على أي حال كان، كان من أهل مكة، أو كان ممن وفد إليها ممن يحج البيت ينبغي أن يكون من قصد هذا البيت الحرام سواء بحج، أو بزيارة، أو بغير ذلك مما يُقصد به هذا البيت كان يقصد الصلاة فيه أو ما أشبه ذلك، فينبغي الصيانة والعناية بهذا الأمر ويلاحظ أيضًا ما تفضلت به من حرمة المكان، ومن حرمة الزمان، ومن حرمة الحال، فكل هذه المعاني ينبغي أن تصان.

فحرمة الزمان يقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ[التوبة: 36] حرمة المكان يقول الله تعالى فيه: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ[الحج: 25].

والمقصود به الحرم والمسجد الحرام وحرمة الحال في قوله تعالى: ﴿وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا[المائدة: 2] فهذه حال ينبغي أن تصان وأن تحصن.

لذلك وصيتي لمن جاء إلى هذا البيت ولمن كان فيه أن يحفظ حق الله تعالى فيما أمر بحفظه زمانًا ومكانًا وحالًا.

المقدم:- شيخ خالد نُتيح المجال للمستمعين الذين يودُّون التواصل معنا لطرح ما لديهم من استفسارات نذكر قبل ذلك بأرقام التواصل في هذا البرنامج 6477117 والرقم الثاني 6493028 رقم الواتس أب هو 0535918519 نأخذ الاتصال الأول من المستمع عبد العزيز الشريف من الرياض حياك الله أخي عبد العزيز.

المتصل:- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم:- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل:- حيا الله الأستاذ عبد الله مساك الله بالخير.

المقدم:- أهلا مساك الله بالنور.

المتصل:- السلام عليكم كيفك يا شيخ خالد.

الشيخ:- وعليكم السلام ورحمة الله حياك الله أخي عبد العزيز.

المتصل:- مساك الله بالخير كيف حالك يا شيخ عساك طيب؟

الشيخ:- مساك الله بالرضا حياكم الله.

المتصل:- يقول الله –عز وجل-: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ[الحج: 25] شعائر الله، تعظيم الكعبة المشرفة كيف يكون هذا التعظيم؟ وما جزاء من أراد بحجاَّج بيت الله الإساءة والأذى والتضجير وغير ذلك؟

السؤال الثاني: -بارك الله فيك- الطلاق والزواج من آيات الله وهي من الشعائر، هناك من يلعب بالطلاق ويلعب بالزواج ويمزح ويقول: زوجتك ويقول: طلقت وهكذا نصيحتك لمن يلعب بهذه الشعيرتين وجزاك الله كل خير.

المقدم:- بارك الله فيك شكرًا أخي عبد العزيز.

إذا أحببت يا شيخ أنه نجيب على سؤال الأخ عبد العزيز في البداية قبل أن ننطلق في الأسئلة الأخرى يسأل عن مسألة تعظيم الكعبة المشرفة، وكذلك تعظيم البلد الحرام بشكل عامٍّ وما ينبغي علينا من تعظيمه في هذا الجانب بالإضافة إلى رسالة إلى كل من يودُّ تعكيرَ صفو الأمن في هذه البلاد المباركة وخاصة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة ما ينبغي علينا تجاههما من التعظيم والتجليل والإجلال والتوقير؟

الشيخ:- لاشك أن الكعبة المشرفة وما حولها من الحرم المبارك هو مما عظمه الله تعالى في كتابه﴿۞جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلۡكَعۡبَةَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ قِيَٰمٗا لِّلنَّاسِ[المائدة:97]

قال ابن عباس: أي أن الناس لو تركوا حج هذه البنية، هذه الكعبة المشرفة عامًا من الأعوام لم تقم دنياهم يوشك أن تخرَّ السماء على الأرض[تفسير ابن كثير:1/413] فيما لو ترك الناس حج البيت عامًا من الأعوام، فالكعبة قيام للناس، وانظر الآية لم تقل قيامًا للمسلمين، ولم تقل قيامًا لأهل الجزيرة، بل للناس كافة مسلمهم وكافرهم، قريبهم وبعيدهم، من جاء إلى هذا البيت ومن لم يأت إليه.

فهذه الكعبة اصطفاها الله –عز وجل- وخصها بخصائص ذكرها الله تعالى في مقدم فرض المجيء إليها فقال: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا[آل عمران: 96] فهو أول موضع بدأ الله به تعالى في الأرض.

ثانيًا أنه مبارك وبركته لا تقتصر على من جاء عليه، بل بركته تشمل كل من يؤمن بالله واليوم الآخر، فإن من بركاته أن جعله قبلةً يتوجه إليها أهل الإسلام في كل المعمورة في اليوم خمس مرات يدركون بهذه الصلاة من حط الخطايا ورفعة الدرجات ونيل المطلوبات والخيرات في الدنيا والآخرة ما لا يحقق بغير هذا التوجه وهذا الاستقبال لهذه البقعة المباركة.

من بركاته أن جاء حق الله تعالى خطاياه «مَن حَجَّ هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ»[صحيح البخاري:1521، صحيح مسلم:1350/438]من بركاته أنه من حجه فليس له جزاء إلا الجنة إذا كان قد حقق وصف الحج المبرور كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «الحَجُّ المَبرورُ ليس له جَزاءٌ إلّا الجنَّةُ» [صحيح البخاري:1773، صحيح مسلم:1349/437]كل هذه المعاني تبين عظيم بركة هذا البيت المبارك ووجه تعظيم الله –عز وجل-: ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ[آل عمران: 97] دلائل واضحة على صيانة الله وعناية الله لهذه البقعة عبر السنين وتوارد الدهور وتعاقب الأزمان وتنوع الأجيال، إلا أن هذه البنية وهذا المكان مصون محفوظ معتني به من الله –جل وعلا-.

﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ[آل عمران: 97] أي كانوا قيامًا سواء كان ذلك في المقام الذي قام لبناء البيت عليه، أو كان ذلك شاملًا لكل المقامات التي قامها تعبدًا لله، سواء كان ذلك في الطواف أو في السعي، أو كان ذلك في عرفه ومزدلفة ومني ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا[آل عمران: 97] هذه خامس الصفات، وكان آمنا أي أنه مؤمَّن بشرع الله –عز وجل- فلا ينتهك حقُّه، ولا يؤذى يا أخي لا يجوز التأمين الذي فرضه الله لهذه البقعة يشمل الإنسان ويشمل الحيوان، ويشمل النبات، وهذا تأمين واسع عام، لا يقتصر فقط على وجه من الأوجه، فاللقطة لا تحلُّ إلا لمُنشِد هذا في المال، في الدماء لا يحل لأحد أن يرفع فيها سلاحا ولا يحل فيها قتال.

فيما يتعلق بالنبات لا يعضد شوكُه، ولا يختلى خلاه، وفيما يتعلق بالحيوان لا ينفر صيده، ليس فقط لا يقتل، بل حتى التنفير لا ينفَّر بمعنى لا يهيَّج حتى يطير أو يهرب، فيترك في مكان لا يتعرض له.[صحيح البخاري:1834، وفيه: فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا»]، هذا التأمين يدل على عظمة هذه البقعة وعظيم منزلتها، فينبغي لكل مؤمن أن يعظم كل أجر الله وأن يعظم شعائر الله تعالى بهذا التعظيم.

لذلك ينبغي أن يعرف أن كل من سعى بنوع من الفساد في مكة المشرفة، وسعى فيها بإلحاد فإنه موعود من الله –عز وجل- بالهلاك والعذاب الأليم ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ[الحج: 25] فيجب على المؤمن أن يحفظ حق الله في تأمين حجاج بيت الله بتأمين هذه البقعة، بقطع السبيل على كل من يفسد.

ولهذا أنا أقول من واجبنا أيها الإخوة والأخوات سواء كنا من المواطنين أو كنا من المقيمين أو كنا من الوافدين لحج بيت الله أن نقطع الطريق على كل من يريد إفسادًا، على كل من يريد تعكير صفو هذا الحج بشعارات أو تجمعات أو اختناقات أو مخالفة للأنظمة أو سعي بنوع من الفساد والتشويش ينبغي أن نكون كما أمرنا الله تعالى في قوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[المائدة: 2].

المقدم:- نأخذ عماد من الرياض اتفضل عماد

المتصل:- السلام عليكم ورحمة الله.

المقدم:- سلام ورحمة الله اتفضل باختصار أخي عماد.

المتصل:- مساكم الله بالخير أنتم والمسلمين كيف حالك يا شيخ؟

الشيخ:- مرحبا، أحييك.

المتصل:- بارك الله فيك يقول الله –عز وجل-: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[الحج: 32] بارك الله فيكم يا شيخ هل الأذان والإقامة تعتبر من شعائر الله –سبحانه وتعالى-؟

المقدم:- يجيبك الشيخ إن شاء الله شكرا أخي عماد بالنسبة لسؤال الأخ عماد يا شيخ خالد الأذان والإقامة؟

الشيخ:-من شعائر الله بالتأكيد، الصلاة من أعظم شعائر الله، الأذان من شعائر الله، تعظيم الأذان بأن يؤتى به على وجه المشروع، وبأن يصان عن الاستهزاء والعبث وأن يجاب وأن يمتثل أمر الله تعالى فيه.

المقدم:- أنا أذكر أنه في بعض الناس بمجرد أن يسمعوا الأذان يقول: الله أكبر يتركون ما لديهم من أعمال وهذا يعني هم يقولون: ليس فقط تعظيمًا للصلاة وإنما كذلك تعظيمًا للأذان.

الشيخ:-هو على كل حال تعظيم الأذان بأن يجيب المؤذن، هذا التعظيم الذي يكون للأذان لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ»[صحيح البخاري:611، صحيح مسلم:383/10].

ولذلك أنا قلت: إن تعظيم شعائر الله في كل شيء من الأشياء، هو أن يمتثل ما أمر الله تعالى به، فيما يتعلق بالطلاق أيضًا والنكاح، ومن شعائر الله من حيث أنه ينبغي أن يحفظ حقُّ الله تعالى وحدود الله تعالى في هذين الأمرين في العقد أو في حله وهو الطلاق.

المقدم:-فيما يتعلق بالسؤال الذي وردنا عبر الواتس أب هذه المستمعة تسأل تقول: هل هناك قصص للصحابة في تعظميهم لله تعالى ولشعائرهم؟

الشيخ:-نعم أنا ذكرت قصةَ الرجل من بني إسرائيل الصحابة أكيد في سيرهم -رضي الله تعالى عنهم- شيءٌ كثير في تعظيم شعائر الله، من ذلك ما نقل عن أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- أنه أكل طعامًا فقال له من أتاه بالطعام: أنه من مال اكتسبه على كهانة كانت في الجاهلية فما كان من أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- ألا أن أدخل إصبعه في فمه في حلقه ليخرج ما في جوفه وكان يتهوَّع لإخراج ما في جوفه، هذا من تعظيم الله –عز وجل- .[صحيح البخاري:3842]

هو معذور فيما أكل، لكن من شدة صيانتهم وحفظهم لحق الله –عز وجل- كانوا على هذا النحو من التوقي، ويقول أنس في تصوير عظيم ما كان عليه الصحابة من تعظيم شعائر الله وحفظ حقوقه يقول للتابعين: :إنكم لتعملون أعمالًا هي في أعنيكم أدق من الشعر كنا نراها في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- من الكبائر".[صحيح البخاري:6492]

وهذا ليس لأن الحكم اختلف، لكن الناظر إلى الأمر اختلف ينبغي أن يكون القلب على غاية تعظيم الله –عز وجل- كلما عظم العبد الله –عز وجل- كان حفظه للحقوق وحدوده وشرعه أكمل وأظهر وأثبت.

المقدم:- كنت أريد أن أتحدث عن الجزاء الذي يترتب على تعظيم شعائر الله، لكن تذكرت أيضًا قصة أحد السلف عندما وجد ورقة مكتوب فيها اسم الله –عز وجل- فقام برفعها وتطيبيها ومن ثم تنحية عن الطريق ورفعها في مكان طيب، وجد بعد ذلك بعد موته رؤيةً في المنام أن الله –سبحانه وتعالى- قد جزاه خير الجزاء بما فقط بما قدم من هذا العمل الجليل[ أبو نعيم في الحلية:8/336]، وهذا أعتقد أنه يظن أنه من ضمن تعظيم شعائر الله –عز وجل-.

الشيخ:-بالتأكيد تعظيم الله –عز وجل- عن أن يهان وأن يمتهن وأن يكون في أماكن القذر، أو يكون في أماكن الامتهان بالتأكيد هذا من تعظيم شعائر الله، وأذكر في هذا قصة حاضرة قبل أيام في اللاعب المصري الذي رفع العلم السعودي لما وجده وأشاد بأني رفعته فوق لما فيه من ذكر الله –عز وجل- لا إله إلا الله محمد رسول الله، هذا من تعظيم الله –عز وجل- بالتأكيد أنه لا يكون هذا إلا من قلب معظم لله نسأل الله أن يملأ قلبي وقلوبكم بتعظيمه ومحبته وأن يجعلنا من عباده وأوليائه.

المقدم:- اللهم آمين شكر الله لكم فضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم.

الشيخ:-بارك الله فيكم وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، ونلقاكم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم:-عليكم السلام ورحمة الله ولكم الشكر الجزيل مستمعينا الكرام على حسن استماعكم لنا في هذه الحلقة، وتفاعلكم معنا في موضوعنا في هذا اليوم عن تعظيم شعائر الله، لقاؤنا يتجدد بكم بإذنه تعالى في حلقة الأسبوع المقبل من هذا البرنامج حتى ذلكم الحين تقبلوا تحياتي أنا عبد الله الداني ومنفذ هذه الحلقة على الهواء الزميل سامر منجيان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90635 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87043 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف