×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / دروس العقيدة / الأصول الثلاثة / الدرس الخامس من الأصول الثلاثة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس الخامس من الأصول الثلاثة
00:00:01

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: قال المؤلف رحمه الله تعالى : ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[([1]). ودليل الصيام قوله تعالى: ] يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون [([2]). ودليل الحج قوله تعالى: ] ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين[ ([3]). ثم قال رحمه الله: (ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع)، هذا هو معنى شهادة أن محمدا رسول الله، فكل من لهج بهذه الشهادة فإنه يجب عليه أن يستحضر هذه المعاني، فإن ما جاء به النبي rلا يخلو من أمرين: إما خبر، فالواجب فيه التصديق فالأخبار تقابل بالتصديق. وإما أمر فالواجب فيه الانقياد والتسليم، فالواجب في الأخبار التصديق، والواجب في الأحكام الطاعة والانقياد والتسليم، واعلم أنه يجب طاعة النبي rفيما أمر به سواء علمنا ما حكمة هذا الأمر أو جهلنا الحكمة، سواء أدركته عقولنا أو لم تدركه، هذا فيما يتعلق بالأوامر، فمن علق العمل بالأوامر على معرفة الحكمة فإنه لم ينقد للنبي r، ولم يحقق هذه الشهادة، وحقيقة من هذه حاله إنما هو عابد لهواه، لأنه لا يقبل من الأوامر ولا ينتهي عن شيء إلا ما وافق عقله ورأيه، وهذا لا يكون قد حقق العبودية لله عز وجل ،  لأن العبودية التامة : أن ينقاد لأمر الله عز وجل ولأمر رسوله r، أدرك عقله الحكمة أو لا، هذا فيما يتعلق بالأحكام، أما ما يتعلق بالأخبار فالواجب على المؤمن إذا بلغه خبر الله أو خبر رسوله r: أن يؤمن بما أخبر الله به وبما أخبر به رسوله r، علم معناه أو لم يعلم، فإن الإنسان مهما بلغ علمه فإنه قد يخفى عليه بعض ما أمر الله به ورسوله، فلا يدرك معنى ما أمر الله به ورسوله على وجه الكمال، وعلى هذا فإن الواجب على مثل هذا: أن يسلم بما جاء عن الله وبما جاء عن رسوله r، ويقول: آمنت بما جاء عن الله وعن رسوله rكما جاء عن الله وعن رسوله rعلى مراد الله ورسوله r، وهذا الإيمان المجمل يكفيه وتبرأ ذمته به، ولا يلزمه معرفة التفاصيل إذا كان لا يستطيع معرفة التفصيل، لقول الله تعالى: ]فاتقوا الله ما استطعتم [([4])وهذا ما عمله سلف الأمة في معرفة كيفيات ما أخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه، وأخبر به عما يكون في اليوم الآخر، فإنهم آمنوا بذلك على ما جاء عن الله وعن رسوله rدون الدخول في تعيين الكيفيات، أو تصويرها. فمعنى شهادة أن محمدا رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر فشمل الواجب في الأمر والواجب في الخبر.  ثم قال: (واجتناب ما نهى عنه وزجر)، هذا تابع للأمر، وهو التفصيل، وقوله: (وأن لا يعبد الله إلا بما شرع)، هذا فيه بيان وجوب لزوم طريقة النبي rعلى وجه الإجمال. فالواجب أن يسلم العبد انقياده للنبي r، وليعلم أن من رغب في الفوز والنجاة يوم القيامة أنه لا يمكن أن يحصل له مقصوده ولا أن يفلح بمطلوبه ولا أن يأمن مما يرهب إلا بسلوك طريق النبي r، فإن الله سبحانه وتعالى قد سد الطرق الموصلة إليه جميعها إلا طريقه r، فمن رام الوصول إلى رضوان الله وجنته من غير طريق النبي rفإنما يطلب ضائعا لا يمكن تحصيله، فهو لا يجني من سعيه خيرا ولا يحصل مطلوبا، ويدل على هذا أن النبي rأخبر بما يكون يوم القيامة أن الذين يعبرون الصراط إذا من الله عليهم بمجاوزته وأردوا دخول الجنة فإنهم لا يتمكنون من الدخول حتى يستفتح لهم النبي r، كما ورد في الحديث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله r: (( آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد. فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك))([5])، وهذا يدل على أنه لا سبيل لدخول الجنة بعد بعثة النبي rإلا من طريقه، فإذا كانت الجنة لا يفتح بابها إلا باسمه فإن دخولها لا يتحقق إلا لمن تبعه وارتسم منهجه وسار على هديه، وهذا دليل هذه القاعدة أننا لا نعبد الله إلا بما شرع، وليعلم من عبد الله بغير ما شرعه الله سبحانه وتعالى أو بغير ما جاء به النبي rفقد افترى على الله، وما افتراه واخترعه لا يزيده من الله جل وعلا إلا بعدا، فهذه قاعدة مطردة في كل بدعة، وفي كل محدثة، فإن الله سبحانه وتعالى قد شرع من الدين أكمله وأتم علينا النعمة وأسبغ علينا الفضل بكمال هذه الشريعة، فلا مجال للزيادة ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا [([6])فأكمله جل وعلا في القول وأكمله في عمل الجوارح وأكمله في عمل القلوب، ثم إنه كمله على وجه رضيه سبحانه وتعالى، فمن زاد فقد سخط ما رضيه الله جل وعلا، ولم يكتف بما رضيه الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة، ودلائل هذه القاعدة أكمل وأكثر من أن تحصر، والأصل في ذلك قوله تعالى: ]أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله[([7])ومن السنة قوله r:(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))([8])، استمسك بهذا الصراط المبين والطريق القويم، واعلم بأن مآله إلى جنة عرضها السماوات والأرض نسأل الله عز وجل أن يثبتنا عليه وأن يزيدنا هدى وتقى فيه. قال رحمه الله: ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى:]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[([9])فهذه الآية تضمنت ثلاثة أمور: تضمنت بيان التوحيد، وتفسيره، وتضمنت الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وفيها أن هذا الدين عقيدة وعملا هو أقوم الأديان، وأن كل من رام استقامة في غيره فإنه لا يحصل له ذلك، لقوله تعالى: ]وذلك[ أي: المتقدم، وما أمر به من التوحيد، ومن إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ]دين القيمة[ أي: الدين القويم والصراط المستقيم. قال رحمه الله: ودليل الصيام قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون[([10])والشاهد منها قوله تعالى: ]كتب عليكم الصيام[. قال رحمه الله: ودليل الحج قوله تعالى: ] ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين[([11])وفي هذه الآية دليل على وجوب الحج. وهذه هي أركان الإسلام وشرائعه التي لا يستقيم إسلام المرء إلا بها. المرتبة الثانية: الإيمان، وهو بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. وأركانه ستة: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: ] ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون[([12]). ودليل القدر قوله تعالى: ] إنا كل شيء خلقناه بقدر[([13]). هذه المرتبة هي المرتبة الثانية، فرغ الشيخ رحمه الله من المرتبة الأولى وهي مرتبة الإسلام وتلخص لنا: أن الإسلام هو الطاعات الظاهرة، هذا باعتبار ذكر الإسلام مع الإيمان والإحسان، لأن تعريف الإيمان وتعريف الإسلام وتعريف الإحسان يختلف فيما إذا اقترن شيء منها بالآخر، وفيما إذا جاء كل منها على انفراد، فإذا جاءت منفردة كان الإسلام يشمل الإيمان والإحسان، وإذا جاء الإيمان منفردا كان الإيمان شاملا للإحسان والإسلام، وكذلك الإحسان إذا جاء منفردا شمل الإسلام والإيمان، وانتبه لهذا التفريق. أما إذا اجتمعت كما هو الحال في حديث جبريل فإن الإسلام يختص بالأعمال الظاهرة قولية أو فعلية، والإيمان يختص بالأعمال الباطنة، والإحسان هو الكمال والغاية في هذين الأمرين، أعمال الظاهر، وأعمال الباطن.  قال المؤلف رحمه الله تعالى: المرتبة الثانية الإيمان،ثم بين الإيمان وعرفه بقوله: ( هو بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان )وهذا تعريف للإيمان بنص نبوي، وفي هذا فائدة ولفتة مهمة لطالب العلم، وهي أن الاصطلاحات الشرعية كالإسلام والإيمان والإحسان والبر والتقوى والصلاة والزكاة وغير ذلك من ألفاظ الشريعة إنما يستقى معناها ومفهومها من الشريعة لا من لسان العرب، وهذه فائدة تهمك وتفيدك في تعريف الإيمان، فإن أقواما عرفوا الإيمان ( بأنه مجرد التصديق ) وقيل لهم: من أين لكم هذا ؟ قالوا: أفادتنا اللغة بهذا، قلنا لهم: إن الإيمان أمره كبير وشأنه خطير، به تحصل النجاة من النار والفوز بالجنة. وهل يعقل أن مثل هذا يتركه الله سبحانه وتعالى ويتركه رسوله rدون بيان أو توضيح؟ الجواب: لا يمكن تركه بدون بيان وإيضاح، ولذلك وجب الرجوع في تعريف الإيمان وفي تعريف الإسلام وفي تعريف الإحسان وفي غيرها من الاصطلاحات الشرعية إلى اصطلاح الشارع، وإلى ألفاظه وإلى بيانه وتوضيحه، فإنه الغاية والمنتهى في بيان حقائق هذه الأمور، فالشيخ رحمه الله سلك هذا المنهج، فبين الإيمان بقول النبي r، ولا أظن أحدا يقرأ هذا الحديث إلا ويتضح له الإيمان غاية الوضوح، فإن النبي rأخبر بأن الإيمان بضع وسبعون شعبة، ثم ضرب مثلا لكل شعبة من شعبه، فهذه المذكورات في هذا الحديث وهي ثلاثة أمور ترجع إليها بقية الشعب، فأعلاها قول: لا إله إلا الله،هذا أعلى شعب الإيمان، وهذا يفيد أن الأقوال تدخل في مسمى الإيمان، فالقول من الإيمان. ولذلك جعل أعلى مراتب الإيمان القول، وهو قول: لا إله إلا الله، ثم قال: ( والحياء شعبة من الإيمان )، والحياء عمل قلبي أصله في القلب وقد تظهر ثماره في الجوارح والسلوك، لكن أصله في قلب الإنسان، وبهذا نعرف أن جميع الأعمال القلبية تدخل في مسمى الإيمان.  ثالث ما ذكره النبي rمن شعب الإيمان في هذا الحديث (وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)،إماطته يعني: إزالته عن الطريق المسلوك، سواء كان طريق مشاة أو طريق سيارات أو طريق دواب، كل ما استطرقه الناس ومشوا فيه بأرجلهم أو في دوابهم فإنه يدخل في قوله: (وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)وإماطة الأذى من عمل الجوارح، وبه نعرف أن من مسمى الإيمان عمل الجوارح، وأن من أخرج الأعمال عن مسمى الإيمان فقد خالف ما أجمع عليه السلف وما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة. فهمنا من هذا الحديث أن الإيمان يكون في القلب ويكون في اللسان ويكون في الجوارح، واعلم أن قول النبي r:( فأعلاها قول: لا إله إلا الله )ليس المراد مجرد القول الخالي من تدبر ما تضمنته هذه الكلمة من العمل، فالحقيقة أن قوله: ( فأعلاها قول: لا إله إلا الله )يشمل القول وعمل القلب، لأن القول هو قول القلب وقول اللسان، وقول القلب يكون بتصديقه وإخلاصه، وقول اللسان يكون بنطقه وتلفظه. إذا: فهمنا الآن ما هو الإيمان، وأنه قول وعمل قول القلب، وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح، وعلى هذا تواطأت كلمات السلف، فمهما اختلف لفظها وتنوع تعبيرها فإنها ترجع إلى أن الإيمان قول وعمل.  هل قوله: ( والإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول: لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان )هو تعريف الإيمان إذا قرن به الإسلام ، لأننا ذكرنا قبل قليل: أن الإسلام هو الأعمال الظاهرة إذا اقترن بالإيمان وأن الإيمان يكون عمل القلب، والحديث تضمن قول اللسان وعمل الجوارح وعمل القلب.  ففهمنا من هذا: أن المؤلف رحمه الله بدأ بيان هذه المرتبة بالبيان العام الذي لا يكون مع الإسلام والإحسان، أما الإيمان الذي يقصد ويراد عند ذكر الإسلام أي: عند اقترانه بذكر الإسلام فهو ما قاله رحمه الله في قوله: وأركانه ستة، وهي: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، هذه كلها أعمال قلبية. ولذلك سماها شيخ الإسلام رحمه الله: عقود القلب، وسماها حقائق الإيمان، فعقود القلب وحقائق الإيمان كلها من الأعمال القلبية، فإذا قيل لك: ما الإيمان ؟ فإن أردت أن تعرفه تعريفا عاما دون اقتران بذكر الإسلام فقل: ما ذكره المؤلف رحمه الله أولا: بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان، إذا جاء ذكر الإيمان والإسلام في سياق واحد كقوله تعالى: ] إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات[([14])حيث ذكر الأمرين: الإسلام والإيمان. فالمسلمون في قوله: ] إن المسلمين والمسلمات [ هم الذين أتوا بالأعمال الظاهرة، والمؤمنون في قوله: ]والمؤمنين والمؤمنات[ هم الذين أتوا بالأعمال الباطنة، وتنبه إلى هذا الفرق. إذا فقول المؤلف رحمه الله: ( وأركانه ستة )هذا باعتباره مع الإسلام، فلو أن شخصا أتاك وقال لك: عرف الإيمان ؟ قلت: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، هل تكون قد أجبته؟ إذا لم يسبق سؤال عن الإسلام فإنك لا تكون قد أوفيت ببيان الإيمان بيانا كافيا، لأنه بقيت الصلاة، والصيام، والحج لم يأت ذكر لواحد منها، فتنبه لهذا، ولذلك لما قال النبي rلوفد عبد القيس: (( آمركم بالإيمان أتدرون ما الإيمان ؟. . . )) ([15])، بماذا فسره النبي r؟ فسره بقوله: (( أن تشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتعطوا الخمس من المغنم ))([16])فعرف الإيمان بالإسلام ، لأنه لم يأت سؤال عن الإسلام هنا، فكان الإسلام هو الإيمان، وهكذا حيث ذكر الإيمان أو الإسلام مستقلا فإنه لابد في البيان أن تبينه كما بينه النبي rبيانا عاما يشمل القول والعمل والاعتقاد، أما إذا سئلت عن الإسلام كما هو الحال في حديث جبريل، ثم جاءك السؤال عن الإيمان ففي هذه الحال يكون الإسلام متعلقا بالأعمال الظاهرة، ويكون الإيمان متعلقا بالأعمال الباطنة. قال المؤلف رحمه الله: ( وأركانه ستة )،فأركان: جمع ركن، والركن هو الذي لا يقوم الشيء إلا به، ففهمنا من هذا: أن اختلال وصف من هذه الأوصاف المذكورة ثلمة في الإيمان، تؤدي وتفضي بصاحبها إلى ارتفاع وصف الإيمان عنه، فمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لكن لم يؤمن بالقدر فإنه لا يكون مؤمنا ، ولا يستحق وصف الإيمان ، لأنه فقد ركنا من أركان الإيمان الذي لا يثبت ولا يقر إلا به. يقول رحمه الله: أن تؤمن بالله، الإيمان بالله يتضمن أمورا هي، الإيمان بالله يقتضي ويستلزم الإيمان بوجوده، وبربوبيته، وبألوهيته، وبأسمائه وصفاته، ولو أننا لم نذكر الوجود لما ضر، لأنك إذا أقررت بالثلاثة الأمور لزم منها أن يكون موجودا من تثبت له الألوهية والربوبية والأسماء والصفات. لأنها أوصاف، والأوصاف لا تثبت إلا لموجود، ولا تثبت لمعدوم، وإنما نص على الوجود لمقابلة شبهة الملحدين، أهل التعطيل الذين يقولون: لا وجود للإله، أو: لا إله والكون مادة، فهؤلاء الجواب على شبهاتهم: بأنه لا يحصل الإيمان إلا بهذه الأمور الأربعة. ثم قال رحمه الله: ( وملائكته )، الإيمان بالملائكة، وهم عالم غيبي نوراني، أحياء ناطقون. خلقهم الله سبحانه وتعالى من نور، ولهم شأن عظيم مفصل في الكتاب والسنة، فالإيمان بهم أن تؤمن بوجودهم على وجه الإجمال، وأن تؤمن بما ذكره الله عنهم في كتابه، وما ذكره رسول الله rفيما صح من سنته، وأن تؤمن بمن سمي منهم، وأن تؤمن بأنهم خلق عظيم لهم أحوال وقدرات الله مكنهم منها، وأنهم مذللون لرب العالمين، لا يخرجون عن أمره، هذا ما يتضمنه الإيمان بالملائكة. ثم قال رحمه الله: ( وكتبه )، وأما الإيمان بالكتب فإنه الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى أنزل إلى رسله كتبا، والله أعلم بها، وتؤمن بما سماه الله منها كالزبور، والإنجيل، والتوراة، والقرآن، وهو أعظمها. ويزيد القرآن خاصية وميزة في الإيمان: أن تؤمن بأن أخباره يجب تصديقها، وأن أحكامه يجب الانقياد لها، فهذا ما اختص به القرآن دون غيره من الكتب، وأيضا أن تؤمن بأن الجميع كلام الله، حتى التوراة هي من كلامه سبحانه وتعالى، مع أنه كتبها لكنه كتبها وتكلم بها. ثم قال رحمه الله: ( ورسله )، الإيمان بالرسل يحصل: بأن الله سبحانه وتعالى بعث رسلا لا يحصيهم إلا هو، وأن تؤمن بمن سماه الله منهم، وأن تؤمن بأنهم بلغوا البلاغ المبين، ونصحوا أممهم، وقاموا بما أمرهم الله به، ويختص محمد rبأن تؤمن أنه خاتم الرسل، وأنه خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده، وأنه مبعوث إلى الثقلين الجن والإنس، وأن من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، وأنه لا ينتظر نبي بعده، ولا يرتقب كتاب غير كتابه، فلا كتاب بعد كتابه ولا نبي بعده r، ويضاف إلى هذا وجوب الطاعة والانقياد، وذلك بتصديق أخباره وقبول ما جاء به من الأحكام. ثم قال رحمه الله: ( واليوم الآخر )، والإيمان باليوم الآخر ملخصه أن تؤمن بكل ما أخبر الله به مما يكون بعد الموت، هذا ملخص الإيمان باليوم الآخر، فاليوم الآخر يبتدئ بالموت، قال الله تعالى: ]وجاءت سكرة الموت بالحق[([17])بالحق أي: بما أخبرت به الرسل مما يكون بعد الموت من الثواب والعقاب كما تقدم في التفسير. قوله: ( وبالقدر خيره وشره ) هذا فيه إثبات القدر، والقدر: هو حكم الله الكوني، هذا تعريف القدر، وأحسن ما قيل في تعريفه: أن القدر هو حكم الله الكوني فتؤمن بأن الله سبحانه وتعالى علم بالأشياء قبل وقوعها، وأنه كتبها سبحانه وتعالى في اللوح المحفوظ، وأن ما علمه وكتبه فقد طابق مشيئته وخلقه، وبهذا تعلم بأن القدر أربع مراتب كما سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى. ثم قال رحمه الله: ( بالقدر خيره وشره )أحسن ما قيل في تعريف القدر أنه : حكم الله الكوني،  فتؤمن بأن الله سبحانه وتعالى علم بالأشياء قبل وقوعها وأنه كتبها سبحانه وتعالى وأن ما علمه وكتبه فقد طابق مشيئته وخلقه وبهذا تعلم أن مراتب القدر أربع مراتب كما سيأتي بيانها إن شاء الله، والمقصود بالقدر هنا: المقدور أي بما قدره الله من الخير والشر، واعلم أن الله سبحانه وتعالى ليس في فعله شر، كما قال النبي rفي ثنائه على ربه: ((والشر ليس إليك))([18])، فالشر لا يضاف إلى الله عز وجل ولا ينسب إليه، إنما الشر في المفعولات، والمقدورات، والمخلوقات، أما تقديره وفعله وخلقه فلا شر فيه سبحانه وتعالى، بل الخير كله في يديه. قال رحمه الله :والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى:] ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين [([19])هذه خمسة أركان، ثم قال رحمه الله :ودليل القدر قوله تعالى: ]إنا كل شيء خلقناه بقدر[([20]). وقد جمعت في حديث جبريل الذي سيأتي الحديث عنه قريبا، واعلم أن الأدلة على هذه الأصول كثيرة، وإنما يذكر أهل العلم هذين الدليلين لأن الدليل الأول جمع خمسة أركان من أركان الإيمان، والثاني نص على الركن السادس، وإلا فإنه لا ينحصر الاستدلال على هذه الأركان بهذا الدليل، وإنما نبهنا على هذا حتى لا يتوهم متوهم أن العلماء إذا ذكروا هذا الدليل فلا دليل غيره، بل الأدلة كثيرة، وإنما هذا الدليل يذكر ويكرر لكونه جمع أكثر أركان الإيمان.       ([1])  البينة:5. ([2]) البقرة:183. ([3]) آل عمران: 97. ([4]) التغابن: 16. ([5]) أخرجه مسلم في الإيمان برقم : 292، وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم : 11948. ([6]) المائدة: 3. ([7]) الشورى: 21. ([8]) أخرجه مسلم في الأقضية، برقم: 3242، وابن ماجه في المقدمة، برقم: 14، وأحمد في باقي مسند الأنصار، برقم 25124. ([9]) البينة: 5. ([10])البقرة: 183. ([11]) آل عمران: 97. ([12]) البقرة:177. ([13]) القمر:49. ([14]) الأحزاب: 35. ([15]) أخرجه البخاري في الإيمان، برقم: 51، والترمذي في الإيمان، برقم: 2536، وأبو داود في السنة، برقم: 4057، وأحمد في مسند بني هاشم، برقم: 1916. ([16])أخرجه البخاري في الإيمان، برقم: 51، والترمذي في الإيمان، برقم: 2536، وأبو داود في السنة، برقم: 4057، وأحمد في مسند بني هاشم، برقم: 1916. ([17]) ق: 19. ([18])أخرجه مسلم في صلاة المسافرين، برقم: 1290، والترمذي في الدعوات، برقم: 3344، والنسائي في الافتتاح، برقم: 887، وأبو داود في الصلاة، برقم: 649، وأحمد في مسند العشرة، برقم: 764. ([19])البقرة: 177. ([20])القمر: 49.

المشاهدات:5784

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى :

ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: ]وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[([1]). ودليل الصيام قوله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [([2]). ودليل الحج قوله تعالى: ] وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[ ([3]).

ثم قال رحمه الله: (ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلاّ بما شرع)، هذا هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله، فكل من لهج بهذه الشهادة فإنه يجب عليه أن يستحضر هذه المعاني، فإن ما جاء به النبي rلا يخلو من أمرين:

إما خبر، فالواجب فيه التصديق فالأخبار تقابل بالتصديق.

وإما أمر فالواجب فيه الانقياد والتسليم، فالواجب في الأخبار التصديق، والواجب في الأحكام الطاعة والانقياد والتسليم، واعلم أنه يجب طاعة النبي rفيما أمر به سواء علمنا ما حكمة هذا الأمر أو جهلنا الحكمة، سواء أدركته عقولنا أو لم تدركه، هذا فيما يتعلق بالأوامر، فمن علّق العمل بالأوامر على معرفة الحكمة فإنه لم ينقد للنبي r، ولم يحقق هذه الشهادة، وحقيقة من هذه حاله إنما هو عابد لهواه، لأنه لا يقبل من الأوامر ولا ينتهي عن شيءٍ إلاّ ما وافق عقله ورأيه، وهذا لا يكون قد حقق العبودية لله عز وجل ،  لأن العبودية التامة : أن ينقاد لأمر الله عز وجل ولأمر رسوله r، أدرك عقله الحكمة أو لا، هذا فيما يتعلق بالأحكام، أما ما يتعلق بالأخبار فالواجب على المؤمن إذا بلغه خبر الله أو خبر رسوله r: أن يؤمن بما أخبر الله به وبما أخبر به رسوله r، علم معناه أو لم يعلم، فإن الإنسان مهما بلغ علمه فإنه قد يخفى عليه بعض ما أمر الله به ورسوله، فلا يدرك معنى ما أمر الله به ورسوله على وجه الكمال، وعلى هذا فإن الواجب على مثل هذا: أن يسلِّم بما جاء عن الله وبما جاء عن رسوله r، ويقول: آمنتُ بما جاء عن الله وعن رسوله rكما جاء عن الله وعن رسوله rعلى مراد الله ورسوله r، وهذا الإيمان المجمل يكفيه وتبرأ ذمته به، ولا يلزمه معرفة التفاصيل إذا كان لا يستطيع معرفة التفصيل، لقول الله تعالى: ]فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [([4])وهذا ما عمله سلف الأمة في معرفة كيفيات ما أخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه، وأخبر به عما يكون في اليوم الآخر، فإنهم آمنوا بذلك على ما جاء عن الله وعن رسوله rدون الدخول في تعيين الكيفيات، أو تصويرها. فمعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر فشمل الواجب في الأمر والواجب في الخبر.

 ثم قال: (واجتناب ما نهى عنه وزجر)، هذا تابع للأمر، وهو التفصيل، وقوله: (وأن لا يعبد الله إلاّ بما شرع)، هذا فيه بيان وجوب لزوم طريقة النبي rعلى وجه الإجمال. فالواجب أن يسلِّم العبد انقياده للنبي r، وليعلم أن من رغب في الفوز والنجاة يوم القيامة أنه لا يمكن أن يحصل له مقصوده ولا أن يفلح بمطلوبه ولا أن يأمن مما يرهب إلاّ بسلوك طريق النبي r، فإن الله سبحانه وتعالى قد سد الطرق الموصلة إليه جميعها إلاّ طريقه r، فمن رام الوصول إلى رضوان الله وجنته من غير طريق النبي rفإنما يطلب ضائعاً لا يمكن تحصيله، فهو لا يجني من سعيه خيراً ولا يحصل مطلوباً، ويدل على هذا أن النبي rأخبر بما يكون يوم القيامة أن الذين يعبرون الصراط إذا منّ الله عليهم بمجاوزته وأردوا دخول الجنة فإنهم لا يتمكنون من الدخول حتى يستفتح لهم النبي r، كما ورد في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: (( آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ))([5])، وهذا يدل على أنه لا سبيل لدخول الجنة بعد بعثة النبي rإلاّ من طريقه، فإذا كانت الجنة لا يفتح بابها إلاّ باسمه فإن دخولها لا يتحقق إلاّ لمن تبعه وارتسم منهجه وسار على هديه، وهذا دليل هذه القاعدة أننا لا نعبد الله إلاّ بما شرع، وليعلم من عبد الله بغير ما شرعه الله سبحانه وتعالى أو بغير ما جاء به النبي rفقد افترى على الله، وما افتراه واخترعه لا يزيده من الله جل وعلا إلاّ بعداً، فهذه قاعدة مطردة في كل بدعة، وفي كل محدثة، فإن الله سبحانه وتعالى قد شرع من الدين أكمله وأتم علينا النعمة وأسبغ علينا الفضل بكمال هذه الشريعة، فلا مجال للزيادة ]الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً [([6])فأكمله جل وعلا في القول وأكمله في عمل الجوارح وأكمله في عمل القلوب، ثم إنه كمّله على وجه رضيه سبحانه وتعالى، فمن زاد فقد سخط ما رضيه الله جل وعلا، ولم يكتف بما رضيه الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة، ودلائل هذه القاعدة أكمل وأكثر من أن تحصر، والأصل في ذلك قوله تعالى: ]أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ[([7])ومن السنة قوله r:(( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ))([8])، استمسك بهذا الصراط المبين والطريق القويم، واعلم بأن مآله إلى جنة عرضها السماوات والأرض نسأل الله عز وجل أن يثبتنا عليه وأن يزيدنا هدىً وتقىً فيه.

قال رحمه الله: ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى:]وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[([9])فهذه الآية تضمنت ثلاثة أمور: تضمنت بيان التوحيد، وتفسيره، وتضمنت الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وفيها أن هذا الدين عقيدةً وعملاً هو أقوم الأديان، وأن كل من رام استقامةً في غيره فإنه لا يحصل له ذلك، لقوله تعالى: ]وَذَلِكَ[ أي: المتقدم، وما أمر به من التوحيد، ومن إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة ]دِينُ الْقَيِّمَةِ[ أي: الدين القويم والصراط المستقيم.

قال رحمه الله: ودليل الصيام قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[([10])والشاهد منها قوله تعالى: ]كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ[.

قال رحمه الله: ودليل الحج قوله تعالى: ] وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[([11])وفي هذه الآية دليل على وجوب الحج. وهذه هي أركان الإسلام وشرائعه التي لا يستقيم إسلام المرء إلاّ بها.

المرتبة الثانية: الإيمان، وهو بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. وأركانه ستة: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: ] لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[([12]). ودليل القدر قوله تعالى: ] إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[([13]).

هذه المرتبة هي المرتبة الثانية، فرغ الشيخ رحمه الله من المرتبة الأولى وهي مرتبة الإسلام وتلخص لنا: أن الإسلام هو الطاعات الظاهرة، هذا باعتبار ذكر الإسلام مع الإيمان والإحسان، لأن تعريف الإيمان وتعريف الإسلام وتعريف الإحسان يختلف فيما إذا اقترن شيء منها بالآخر، وفيما إذا جاء كلٌ منها على انفراد، فإذا جاءت منفردةً كان الإسلام يشمل الإيمان والإحسان، وإذا جاء الإيمان منفرداً كان الإيمان شاملاً للإحسان والإسلام، وكذلك الإحسان إذا جاء منفرداً شمل الإسلام والإيمان، وانتبه لهذا التفريق. أما إذا اجتمعت كما هو الحال في حديث جبريل فإن الإسلام يختص بالأعمال الظاهرة قوليةً أو فعليةً، والإيمان يختص بالأعمال الباطنة، والإحسان هو الكمال والغاية في هذين الأمرين، أعمال الظاهر، وأعمال الباطن.

 قال المؤلف رحمه الله تعالى: المرتبة الثانية الإيمان،ثم بين الإيمان وعرّفه بقوله: ( هو بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلاّ الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان )وهذا تعريف للإيمان بنص نبوي، وفي هذا فائدة ولفتة مهمة لطالب العلم، وهي أن الاصطلاحات الشرعية كالإسلام والإيمان والإحسان والبر والتقوى والصلاة والزكاة وغير ذلك من ألفاظ الشريعة إنما يستقى معناها ومفهومها من الشريعة لا من لسان العرب، وهذه فائدة تهمك وتفيدك في تعريف الإيمان، فإن أقواماً عرّفوا الإيمان ( بأنه مجرد التصديق ) وقيل لهم: من أين لكم هذا ؟ قالوا: أفادتنا اللغة بهذا، قلنا لهم: إن الإيمان أمره كبير وشأنه خطير، به تحصل النجاة من النار والفوز بالجنة. وهل يعقل أن مثل هذا يتركه الله سبحانه وتعالى ويتركه رسوله rدون بيان أو توضيح؟ الجواب: لا يمكن تركه بدون بيان وإيضاح، ولذلك وجب الرجوع في تعريف الإيمان وفي تعريف الإسلام وفي تعريف الإحسان وفي غيرها من الاصطلاحات الشرعية إلى اصطلاح الشارع، وإلى ألفاظه وإلى بيانه وتوضيحه، فإنه الغاية والمنتهى في بيان حقائق هذه الأمور، فالشيخ رحمه الله سلك هذا المنهج، فبين الإيمان بقول النبي r، ولا أظن أحداً يقرأ هذا الحديث إلاّ ويتضح له الإيمان غاية الوضوح، فإن النبي rأخبر بأن الإيمان بضع وسبعون شعبة، ثم ضرب مثلاً لكل شعبةٍ من شعبه، فهذه المذكورات في هذا الحديث وهي ثلاثة أمور ترجع إليها بقية الشعب، فأعلاها قول: لا إله إلاّ الله،هذا أعلى شعب الإيمان، وهذا يفيد أن الأقوال تدخل في مسمى الإيمان، فالقول من الإيمان. ولذلك جعل أعلى مراتب الإيمان القول، وهو قول: لا إله إلاّ الله، ثم قال: ( والحياء شعبة من الإيمان )، والحياء عمل قلبي أصله في القلب وقد تظهر ثماره في الجوارح والسلوك، لكن أصله في قلب الإنسان، وبهذا نعرف أن جميع الأعمال القلبية تدخل في مسمى الإيمان.

 ثالث ما ذكره النبي rمن شعب الإيمان في هذا الحديث (وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)،إماطته يعني: إزالته عن الطريق المسلوك، سواء كان طريق مشاةٍ أو طريق سياراتٍ أو طريق دواب، كل ما استطرقه الناس ومشوا فيه بأرجلهم أو في دوابهم فإنه يدخل في قوله: (وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)وإماطة الأذى من عمل الجوارح، وبه نعرف أن من مسمى الإيمان عمل الجوارح، وأن من أخرج الأعمال عن مسمى الإيمان فقد خالف ما أجمع عليه السلف وما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة.

فهمنا من هذا الحديث أن الإيمان يكون في القلب ويكون في اللّسان ويكون في الجوارح، واعلم أن قول النبي r:( فأعلاها قول: لا إله إلاّ الله )ليس المراد مجرد القول الخالي من تدبر ما تضمنته هذه الكلمة من العمل، فالحقيقة أن قوله: ( فأعلاها قول: لا إله إلاّ الله )يشمل القول وعمل القلب، لأن القول هو قول القلب وقول اللسان، وقول القلب يكون بتصديقه وإخلاصه، وقول اللسان يكون بنطقه وتلفّظه.

إذاً: فهمنا الآن ما هو الإيمان، وأنه قول وعمل قول القلب، وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح، وعلى هذا تواطأت كلمات السلف، فمهما اختلف لفظها وتنوع تعبيرها فإنها ترجع إلى أن الإيمان قول وعمل.

 هل قوله: ( والإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول: لا إله إلاّ الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان )هو تعريف الإيمان إذا قرن به الإسلام ، لأننا ذكرنا قبل قليل: أن الإسلام هو الأعمال الظاهرة إذا اقترن بالإيمان وأن الإيمان يكون عمل القلب، والحديث تضمن قول اللسان وعمل الجوارح وعمل القلب.

 ففهمنا من هذا: أن المؤلف رحمه الله بدأ بيان هذه المرتبة بالبيان العام الذي لا يكون مع الإسلام والإحسان، أما الإيمان الذي يقصد ويراد عند ذكر الإسلام أي: عند اقترانه بذكر الإسلام فهو ما قاله رحمه الله في قوله: وأركانه ستة، وهي: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، هذه كلها أعمال قلبية. ولذلك سماها شيخ الإسلام رحمه الله: عقود القلب، وسماها حقائق الإيمان، فعقود القلب وحقائق الإيمان كلها من الأعمال القلبية، فإذا قيل لك: ما الإيمان ؟ فإن أردتَ أن تعرِّفه تعريفاً عاماً دون اقترانٍ بذكر الإسلام فقل: ما ذكره المؤلف رحمه الله أولاً: بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلاّ الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان،

إذا جاء ذكر الإيمان والإسلام في سياقٍ واحدٍ كقوله تعالى: ] إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ[([14])حيث ذكر الأمرين: الإسلام والإيمان. فالمسلمون في قوله: ] إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ [ هم الذين أتوا بالأعمال الظاهرة، والمؤمنون في قوله: ]وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ[ هم الذين أتوا بالأعمال الباطنة، وتنبه إلى هذا الفرق.

إذاً فقول المؤلف رحمه الله: ( وأركانه ستة )هذا باعتباره مع الإسلام، فلو أن شخصاً أتاك وقال لك: عرِّف الإيمان ؟ قلت: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، هل تكون قد أجبته؟ إذا لم يسبق سؤال عن الإسلام فإنك لا تكون قد أوفيت ببيان الإيمان بياناً كافياً، لأنه بقيت الصلاة، والصيام، والحج لم يأتِ ذكر لواحدٍ منها، فتنبه لهذا، ولذلك لما قال النبي rلوفد عبد القيس: (( آمركم بالإيمان أتدرون ما الإيمان ؟. . . )) ([15])، بماذا فسره النبي r؟ فسره بقوله: (( أن تشهدوا أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتعطوا الخمس من المغنم ))([16])فعرَّف الإيمان بالإسلام ، لأنه لم يأتِ سؤال عن الإسلام هنا، فكان الإسلام هو الإيمان، وهكذا حيث ذكر الإيمان أو الإسلام مستقلاً فإنه لابد في البيان أن تبينه كما بينه النبي rبياناً عاماً يشمل القول والعمل والاعتقاد، أما إذا سئلت عن الإسلام كما هو الحال في حديث جبريل، ثم جاءك السؤال عن الإيمان ففي هذه الحال يكون الإسلام متعلقاً بالأعمال الظاهرة، ويكون الإيمان متعلقاً بالأعمال الباطنة.

قال المؤلف رحمه الله: ( وأركانه ستة )،فأركان: جمع ركن، والركن هو الذي لا يقوم الشيء إلاّ به، ففهمنا من هذا: أن اختلال وصفٍ من هذه الأوصاف المذكورة ثلمةٌ في الإيمان، تؤدي وتفضي بصاحبها إلى ارتفاع وصف الإيمان عنه، فمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لكن لم يؤمن بالقدر فإنه لا يكون مؤمناً ، ولا يستحق وصف الإيمان ، لأنه فقد ركناً من أركان الإيمان الذي لا يثبت ولا يقر إلاّ به.

يقول رحمه الله: أن تؤمن بالله، الإيمان بالله يتضمن أموراً هي، الإيمان بالله يقتضي ويستلزم الإيمان بوجوده، وبربوبيته، وبألوهيته، وبأسمائه وصفاته، ولو أننا لم نذكر الوجود لما ضر، لأنك إذا أقررت بالثلاثة الأمور لزم منها أن يكون موجوداً من تثبت له الألوهية والربوبية والأسماء والصفات. لأنها أوصاف، والأوصاف لا تثبت إلاّ لموجود، ولا تثبت لمعدوم، وإنما نص على الوجود لمقابلة شبهة الملحدين، أهل التعطيل الذين يقولون: لا وجود للإله، أو: لا إله والكون مادة، فهؤلاء الجواب على شبهاتهم: بأنه لا يحصل الإيمان إلاّ بهذه الأمور الأربعة.

ثم قال رحمه الله: ( وملائكته )، الإيمان بالملائكة، وهم عالم غيبي نوراني، أحياء ناطقون. خلقهم الله سبحانه وتعالى من نور، ولهم شأن عظيم مفصل في الكتاب والسنة، فالإيمان بهم أن تؤمن بوجودهم على وجه الإجمال، وأن تؤمن بما ذكره الله عنهم في كتابه، وما ذكره رسول الله rفيما صح من سنته، وأن تؤمن بمن سمي منهم، وأن تؤمن بأنهم خلق عظيم لهم أحوال وقدرات الله مكنهم منها، وأنهم مذللون لرب العالمين، لا يخرجون عن أمره، هذا ما يتضمنه الإيمان بالملائكة.

ثم قال رحمه الله: ( وكتبه )، وأما الإيمان بالكتب فإنه الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى أنزل إلى رسله كتباً، والله أعلم بها، وتؤمن بما سماه الله منها كالزبور، والإنجيل، والتوراة، والقرآن، وهو أعظمها. ويزيد القرآن خاصيةً وميزةً في الإيمان: أن تؤمن بأن أخباره يجب تصديقها، وأن أحكامه يجب الانقياد لها، فهذا ما اختص به القرآن دون غيره من الكتب، وأيضاً أن تؤمن بأن الجميع كلام الله، حتى التوراة هي من كلامه سبحانه وتعالى، مع أنه كتبها لكنه كتبها وتكلم بها.

ثم قال رحمه الله: ( ورسله )، الإيمان بالرسل يحصل: بأن الله سبحانه وتعالى بعث رسلاً لا يحصيهم إلاّ هو، وأن تؤمن بمن سماه الله منهم، وأن تؤمن بأنهم بلّغوا البلاغ المبين، ونصحوا أممهم، وقاموا بما أمرهم الله به، ويختص محمد rبأن تؤمن أنه خاتم الرسل، وأنه خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده، وأنه مبعوث إلى الثقلين الجن والإنس، وأن من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، وأنه لا ينتظر نبي بعده، ولا يرتقب كتاب غير كتابه، فلا كتاب بعد كتابه ولا نبي بعده r، ويضاف إلى هذا وجوب الطاعة والانقياد، وذلك بتصديق أخباره وقبول ما جاء به من الأحكام.

ثم قال رحمه الله: ( واليوم الآخر )، والإيمان باليوم الآخر ملخصه أن تؤمن بكل ما أخبر الله به مما يكون بعد الموت، هذا ملخص الإيمان باليوم الآخر، فاليوم الآخر يبتدئ بالموت، قال الله تعالى: ]وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ[([17])بالحق أي: بما أخبرت به الرسل مما يكون بعد الموت من الثواب والعقاب كما تقدم في التفسير.

قوله: ( وبالقدر خيره وشره ) هذا فيه إثبات القدر، والقدر: هو حكم الله الكوني، هذا تعريف القدر، وأحسن ما قيل في تعريفه: أن القدر هو حكم الله الكوني فتؤمن بأن الله سبحانه وتعالى علم بالأشياء قبل وقوعها، وأنه كتبها سبحانه وتعالى في اللوح المحفوظ، وأن ما علمه وكتبه فقد طابق مشيئته وخلقه، وبهذا تعلم بأن القدر أربع مراتب كما سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى.

ثم قال رحمه الله: ( بالقدر خيره وشره )أحسن ما قيل في تعريف القدر أنه : حكم الله الكوني،  فتؤمن بأن الله سبحانه وتعالى علم بالأشياء قبل وقوعها وأنه كتبها سبحانه وتعالى وأن ما علمه وكتبه فقد طابق مشيئته وخلقه وبهذا تعلم أن مراتب القدر أربع مراتب كما سيأتي بيانها إن شاء الله، والمقصود بالقدر هنا: المقدور أي بما قدره الله من الخير والشر، واعلم أن الله سبحانه وتعالى ليس في فعله شر، كما قال النبي rفي ثنائه على ربه: ((والشر ليس إليك))([18])، فالشر لا يضاف إلى الله عز وجل ولا ينسب إليه، إنما الشر في المفعولات، والمقدورات، والمخلوقات، أما تقديره وفعله وخلقه فلا شر فيه سبحانه وتعالى، بل الخير كله في يديه.

قال رحمه الله :والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى:] لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [([19])هذه خمسة أركان، ثم قال رحمه الله :ودليل القدر قوله تعالى: ]إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[([20]). وقد جمعت في حديث جبريل الذي سيأتي الحديث عنه قريباً، واعلم أن الأدلة على هذه الأصول كثيرة، وإنما يذكر أهل العلم هذين الدليلين لأن الدليل الأول جمع خمسة أركان من أركان الإيمان، والثاني نص على الركن السادس، وإلاّ فإنه لا ينحصر الاستدلال على هذه الأركان بهذا الدليل، وإنما نبهنا على هذا حتى لا يتوهم متوهم أن العلماء إذا ذكروا هذا الدليل فلا دليل غيره، بل الأدلة كثيرة، وإنما هذا الدليل يذكر ويكرر لكونه جمع أكثر أركان الإيمان.

 

 

 


([1])  البينة:5.

([2]) البقرة:183.

([3]) آل عمران: 97.

([4]) التغابن: 16.

([5]) أخرجه مسلم في الإيمان برقم : 292، وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم : 11948.

([6]) المائدة: 3.

([7]) الشورى: 21.

([8]) أخرجه مسلم في الأقضية، برقم: 3242، وابن ماجه في المقدمة، برقم: 14، وأحمد في باقي مسند الأنصار، برقم 25124.

([9]) البينة: 5.

([10])البقرة: 183.

([11]) آل عمران: 97.

([12]) البقرة:177.

([13]) القمر:49.

([14]) الأحزاب: 35.

([15]) أخرجه البخاري في الإيمان، برقم: 51، والترمذي في الإيمان، برقم: 2536، وأبو داود في السنة، برقم: 4057، وأحمد في مسند بني هاشم، برقم: 1916.

([16])أخرجه البخاري في الإيمان، برقم: 51، والترمذي في الإيمان، برقم: 2536، وأبو داود في السنة، برقم: 4057، وأحمد في مسند بني هاشم، برقم: 1916.

([17]) ق: 19.

([18])أخرجه مسلم في صلاة المسافرين، برقم: 1290، والترمذي في الدعوات، برقم: 3344، والنسائي في الافتتاح، برقم: 887، وأبو داود في الصلاة، برقم: 649، وأحمد في مسند العشرة، برقم: 764.

([19])البقرة: 177.

([20])القمر: 49.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83517 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78475 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72749 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60754 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55129 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52318 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49576 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات48301 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44922 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44241 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف