×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المسألة الأولى: ضمان الأداء: الفرع الأول: تعريفه وغايته: سبق أن ضمان الأداء هو ضمان صلاحية المببيع وقيامه بالعمل على وجه سليم لمدة معينة، بحيث يغلب على الظن صلاحه للعمل فيما بعدها. وهذا النوع من الضمان له مقاصد عديدة، من أبرزها حماية المستهلك في حال ظهور عيوب في المبيع ترجع إلى أخطاء في التصنيع ناتجة عن تقصير في العمل، أو المراقبة والتفتيش والإشراف، أو عن الإسراع في عرض السلع في الأسواق قبل تجربتها واكتشاف عيوبها في ظروف الاستعمال الفعلية. ومن مقاصده أيضا طمأنة المستهلك إلى أن ما سيقدم على شرائه من السلع فإن البائع ملتزم بضمان السلعة، ومعالجة أسباب الفشل+++ينظر: إدارة التسويق للدكتور بازرعة (2/167). ---. الفرع الثاني: تخريجه الفقهي: تكلم أهل العلم في دراستهم وبحوثهم في مسألة عيوب المبيع عن صور عديدة كثيرة، واختلفوا في ضمانها، هل هو من ضمان البائع، أو من ضمان المشتري؟ وربما كانت تلك الصور لا واقع لها في معاملات الناس في ذلك الوقت، أو أنها نادرة الوقوع، لكن مع التطور الصناعي الهائل الذي تشهده الصناعات اليوم أصبح كثير من تلك الصور بضمان الأداء، الذي يقدمه الباعة أو يشترطه المشترون في أكثر السلع. وبالنظر إلى كلام الفقهاء في هذين يتبين أنه يمكن تخريج ضمان الأداء على ما يلي: التخريج الأول: أن ضمان الأداء نوع من ضمان العيب الحادث عند المشتري، والمستند إلى سبب سابق على القبض . ما يترتب على هذا التخريج: يترتب على هذا التخريج الاختلاف فيمن يضمن هذا العيب هل البائع، أو المشتري؟ وقد تقدمت الإشارة إلى هذا الخلاف. المناقشة لهذا التخريج: يناقش هذا التخريج بأن البائع في ضمان الأداء يلتزم للمشتري ويتعهد بسلامة المبيع وصلاحيته للعمل مدة متفقا عليها، في حين أن ضمان العيب الحادث عند المشتري والمستند إلى سبب سابق على القبض ليس كذلك. الإجابة: يجاب على هذا الإيراد بأن ما ذكر من التزام البائع وتعهده لا يشكل على هذا التخريج؛ لأنه على القول بأن البائع ضامن للعيب الحادث عند المشتري إذا كان مستندا إلى سبب سابق على القبض، فإن التزام البائع وتعهده في هذه الحال يكون تأكيدا لمقتضى العقد، وأما على القول بأنه من ضمان المشتري فإن البائع يكون قد وعد بضمان العيب المستند إلى سبب عنده. التخريج الثاني: أن ضمان الأداء نوع من ضمان العيب الذي لا يعلم، إلا بالتجربة والاستعلام والاختبار.  ما يترتب على هذا التخريج: يترتب على هذا التخريج الاختلاف فيمن يضمن هذا العيب هل هو البائع أو المشتري؟ وقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين: القول الأول: أنه من ضمان البائع+++تنبيه: أصحاب هذا القول متفقون على أن العيب من ضمان البائع، إلا أنهم مختلفون في موجب هذا الضمان، وهم في الغالب يبحثون الموجب دون نص على الضمان. [ينظر: بدائع الصنائع (5/171)، الخرشي على مختصر خليل (5/82)، المهذب (3/51)، كشاف القناع (3/189)].---.  وهذا هو مذهب الحنفية +++ينظر: بدائع الصنائع (5/171)، شرح فتح القدير (6/373). ---، وقول للمالكية+++ينظر: الذخيرة للقرافي (5/61 – 62)، مواهب الجليل (4/434). ---، ومذهب الشافعية+++ينظر: تكملة المجموع للسبكي (12/83،108)، حاشية المحلي على شرح المنهاج (2/206 – 207). ---، والحنابلة+++ينظر: الشرح الكبير لابن قدامة (11/410 – 411)، الفروع (4/107 –108)، منتهى الإرادات (1/364)، الإنصاف (4/425). ---، وقول ابن حزم من الظاهرية+++ينظر: المحلى (9/73).---. القول الثاني: أنه من ضمان المشتري. وهذا هو المذهب عند المالكية+++ينظر: عقد الجواهر الثمينة (2/474)، حاشية الدسوقي (3/113) ---، وهو رواية عن أحمد+++ينظر: المغني (6/252). ---. أدلة القول الأول: 1- أن العيب الحادث في المبيع عند المشتري سببه الاستعلام والتجربة، فالمشتري معذور فيه غير ضامن له؛ لأنه وسيلة استكشاف سلامة المبيع من عيبه، فهو نظير اختبار المصراة بجلبها+++ينظر: مغني المحتاج (2/60)، إعانة الطالبين (3/36)، الشرح الكبير لابن قدامة (11/411). ---. أن البائع حصل بيده مال أخيه بغير رضا منه؛ إذ إن المشتري إنما رضي بالمبيع سليما ، فلا يكون داخلا في قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم﴾+++ سورة النساء، جزء آية: (29).---؛ لأن الرضا إنما يكون بعد المعرفة التي لا تحصل إلا بالاستعلام+++ينظر: المحلى (9/73).--- فما تبين من عيب بالاستعلام فإنه لايكون من ضمان المشتري. 2- أن العقد وقع على شيء صحيح، فإذا خرج معيبا فقد خرج على خلاف ما عقد عليه+++ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلي (1/341).---. دليل القول الثاني: احتجوا بأن العيب الحادث عند المشتري لا حجة له فيه على البائع؛ لأنه حدث في ملكه، فعليه ضمانه+++ينظر: المقدمات والممهدات (2/113)، المغني (6/252 – 253). ---. المناقشة: يناقش هذا بعدم التسليم؛ فالعيب وإن كان حادثا في ملك المشتري، إلا أنه حدث نتيجة تجربة المبيع وامتحانه، فهو في الحقيقة إظهار لعيب كامن خفي لا يعلم إلا بالاستكشاف، فلا يكون مضمونا على المستكشف المستعلم. ومعلوم أن العيب الخفي الباطن إذا دل عليه دليل، وعلم به صار كالظاهر+++ينظر: تكملة المجموع للسبكي (12/113) . ---. الترجيح:  الذي يظهر- والله تعالى أعلم- أن القول الأول هو الأرجح؛ لقوة أدلته، وسلامتها من المناقشات، وعدم قيام حجة القول الثاني.  الترجيح بين هذين التخريجين: الظاهر– والله أعلم– أن ضمان الأداء يقبل كلا التخريجين، فما كان منه متعلقا بسلامة المبيع من العيوب المصنعية والفنية، فإنه يخرج على ضمان العيب الذي لا يعلم، إلا بامتحان وتجربة واستعلام، وما كان منه متعلقا بصلاحية المبيع وقيامه بالعمل فإنه يخرج على ضمان العيب الحادث في المبيع عند المشتري، والمستند إلى سبب سابق؛ لأن عدم صلاحيته ناشئ عن عدم إتقان صنعه. الفرع الثالث: حكمه: بعد ما تقدم من عرض ضمان الأداء، ومقصوده، وما يحتمله من تخريجات، فالذي يظهر- والله تعالى أعلم– هو جواز ضمان الأداء، وأنه لا محذور فيه شرعا، وذلك لما يلي. أولا: أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة حتى يقوم دليل المنع والتحريم. ثانيا: أن اشتراط البائع الضمان على نفسه، كما هو الحال في أكثر صور ضمان الأداء، فيه معنى التوثيق؛ لطمأنة المشتري بأنه مسؤول عن جودة سلعته وإتقانها وتلبيتها لحاجات المستهلك، وقيامها بما اشتريت من أجله. ثالثا: أن الحاجة داعية إلى مثل هذا الضمان، لاسيما في ظل هذا النوع الكبير في المنتجات والسلع، ويتبين ذلك بالأوجه التالية+++ينظر: إدارة التسويق للدكتور بازرعة (2/167 – 169). ---: أن تعرف المستهلك على خصائص السلع واحتمال وجود العيب فيها وقت شرائها يكون متعذرا؛ لعدم توفر الإمكانات الفنية اللازمة للقيام بذلك. أن كثيرا من عيوب السلع دقيقة التركيب لا تظهر بمجرد تشغيلها لعرضها على المستهلك، وإنما تظهر عند الاستعمال الفعلي للسلعة+++ينظر: الاقتصادية، العدد (1656)، 18/11/1418ه، صوت المستهلك، ص (13).---. أن الضمان أصبح في كثير من الأحيان علامة الجودة والمتانة في السلع، فإن الشركات والمؤسسات الكبرى تميز منتجاتها بإعطاء الضمان عليها. أنه نظرا لكثرة الإنتاج، وسرعته، وقوة المنافسة بين الشركات والمصانع المنتجة، فإنه كثيرا ما يقع إخلال في الخصائص الفنية للسلع، ولا يتبين ذلك إلا بعد استعمال المبيع. فكثيرا ما تقوم الشركات المصنعة بسحب بعض منتجاتها من السوق ومن أيدي المشترين بسبب تبين عيب فيها سببه سوء التصنيع+++ينظر: الاقتصادية العدد (1708)، (18/1/1419)، سحب (1.7) مليون سيارة فورد من الأسواق، ص (1)، والعدد (1711)، 21/1/1419ه، فولكسفاجن تسحب عشرة آلاف خنفساء (سيارة)، ص (4).---. وهذه الأوجه تبين السبب الذي حمل كثيرا من التنظيمات التجارية على جعل ضمان الأداء من التزامات البائع في بعض السلع؛ كالأجهزة الكهربائية ووسائل النقل والآلات والمعدات+++ينظر: العقود التجارية وعمليات البنوك في المملكة العربية السعودية ص (30). ---. رابعا: أن ضمان الأداء يحمل الشركات والمؤسسات المنتجة على إتقان عملها، ورفع جودة منتجاتها؛ لكونها ضامنة لهذه المنتجات حتى بعد انتقالها إلى أيدي المستهلكين، فتحصيل المصلحة العامة يتطلب اعتبار هذا الضمان وتثبيته. وممن ذهب إلى أن هذا النوع من الضمان الترغيبي جائز لا حرج فيه شيخنا محمد الصالح العثيمين، كما هو قياس قول الأستاذ الدكتور مصطفى أحمد الزرقا؛ حيث ذهب إلى أن الصانع في عقدالاستصناع+++عقد الاستصناع: هو عقد مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعمل شيئا.--- ضامن للعيوب التي في المبيع الذي صنعه+++ينظر: عقد الاستصناع ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة ص (42). ---، وهو قياس قول الدكتور محمد بن سليمان الأشقر أيضا، حيث نصر قول الزرقا، وأيده في بحثه الاستصناع+++ينظر: بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة (1/237). ---. وقد ذهب إلى جواز هذا النوع من الضمان الترغيبي الأستاذ الدكتور نصر فريد مفتي الجمهورية المصرية.  

المشاهدات:3469
المسألة الأولى: ضمان الأداء:
الفرع الأول: تعريفه وغايته:
سبق أن ضمان الأداء هو ضمان صلاحية المببيع وقيامه بالعمل على وجه سليم لمدة معينة، بحيث يغلب على الظن صلاحه للعمل فيما بعدها.
وهذا النوع من الضمان له مقاصد عديدة، من أبرزها حماية المستهلك في حال ظهور عيوب في المبيع ترجع إلى أخطاء في التصنيع ناتجة عن تقصير في العمل، أو المراقبة والتفتيش والإشراف، أو عن الإسراع في عرض السلع في الأسواق قبل تجربتها واكتشاف عيوبها في ظروف الاستعمال الفعلية.
ومن مقاصده أيضًا طمأنة المستهلك إلى أن ما سَيُقْدِمُ على شرائه من السلع فإن البائع ملتزم بضمان السلعة، ومعالجة أسباب الفشلينظر: إدارة التسويق للدكتور بازرعة (2/167). .
الفرع الثاني: تخريجه الفقهي:
تكلم أهل العلم في دراستهم وبحوثهم في مسألة عيوب المبيع عن صور عديدة كثيرة، واختلفوا في ضمانها، هل هو من ضمان البائع، أو من ضمان المشتري؟ وربما كانت تلك الصور لا واقع لها في معاملات الناس في ذلك الوقت، أو أنها نادرة الوقوع، لكن مع التطور الصناعي الهائل الذي تشهده الصناعات اليوم أصبح كثير من تلك الصور بضمان الأداء، الذي يقدمه الباعة أو يشترطه المشترون في أكثر السلع.
وبالنظر إلى كلام الفقهاء في هذين يتبين أنه يمكن تخريج ضمان الأداء على ما يلي:
التخريج الأول: أن ضمان الأداء نوع من ضمان العيب الحادث عند المشتري، والمستند إلى سبب سابق على القبض .
ما يترتب على هذا التخريج:
يترتب على هذا التخريج الاختلاف فيمن يضمن هذا العيب هل البائع، أو المشتري؟
وقد تقدمت الإشارة إلى هذا الخلاف.
المناقشة لهذا التخريج:
يناقش هذا التخريج بأن البائع في ضمان الأداء يلتزم للمشتري ويتعهد بسلامة المبيع وصلاحيته للعمل مدة متفقًا عليها، في حين أن ضمان العيب الحادث عند المشتري والمستند إلى سبب سابق على القبض ليس كذلك.
الإجابة:
يجاب على هذا الإيراد بأن ما ذكر من التزام البائع وتعهده لا يشكل على هذا التخريج؛ لأنه على القول بأن البائع ضامن للعيب الحادث عند المشتري إذا كان مستندًا إلى سبب سابق على القبض، فإن التزام البائع وتعهده في هذه الحال يكون تأكيدًا لمقتضى العقد، وأما على القول بأنه من ضمان المشتري فإن البائع يكون قد وعد بضمان العيب المستند إلى سبب عنده.
التخريج الثاني: أن ضمان الأداء نوع من ضمان العيب الذي لا يعلم، إلا بالتجربة والاستعلام والاختبار. 
ما يترتب على هذا التخريج:
يترتب على هذا التخريج الاختلاف فيمن يضمن هذا العيب هل هو البائع أو المشتري؟ وقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه من ضمان البائعتنبيه: أصحاب هذا القول متفقون على أن العيب من ضمان البائع، إلا أنهم مختلفون في موجَب هذا الضمان، وهم في الغالب يبحثون الموجَب دون نص على الضمان.
[ينظر: بدائع الصنائع (5/171)، الخرشي على مختصر خليل (5/82)، المهذب (3/51)، كشاف القناع (3/189)].. 
وهذا هو مذهب الحنفية ينظر: بدائع الصنائع (5/171)، شرح فتح القدير (6/373). ، وقول للمالكيةينظر: الذخيرة للقرافي (5/61 – 62)، مواهب الجليل (4/434). ، ومذهب الشافعيةينظر: تكملة المجموع للسبكي (12/83،108)، حاشية المحلي على شرح المنهاج (2/206 – 207). ، والحنابلةينظر: الشرح الكبير لابن قدامة (11/410 – 411)، الفروع (4/107 –108)، منتهى الإرادات (1/364)، الإنصاف (4/425). ، وقول ابن حزم من الظاهريةينظر: المحلى (9/73)..
القول الثاني: أنه من ضمان المشتري.
وهذا هو المذهب عند المالكيةينظر: عقد الجواهر الثمينة (2/474)، حاشية الدسوقي (3/113) ، وهو رواية عن أحمدينظر: المغني (6/252). .
أدلة القول الأول:
1- أن العيب الحادث في المبيع عند المشتري سببه الاستعلام والتجربة، فالمشتري معذور فيه غير ضامن له؛ لأنه وسيلة استكشاف سلامة المبيع من عيبه، فهو نظير اختبار المصراة بجلبهاينظر: مغني المحتاج (2/60)، إعانة الطالبين (3/36)، الشرح الكبير لابن قدامة (11/411). .
أن البائع حصل بيده مال أخيه بغير رضا منه؛ إذ إن المشتري إنما رضي بالمبيع سليمًا ، فلا يكون داخلًا في قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ سورة النساء، جزء آية: (29).؛ لأن الرضا إنما يكون بعد المعرفة التي لا تحصل إلا بالاستعلامينظر: المحلى (9/73). فما تبين من عيب بالاستعلام فإنه لايكون من ضمان المشتري.
2- أن العقد وقع على شيء صحيح، فإذا خرج معيبًا فقد خرج على خلاف ما عقد عليهينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلي (1/341)..
دليل القول الثاني:
احتجوا بأن العيب الحادث عند المشتري لا حجة له فيه على البائع؛ لأنه حدث في ملكه، فعليه ضمانهينظر: المقدمات والممهدات (2/113)، المغني (6/252 – 253). .
المناقشة:
يناقش هذا بعدم التسليم؛ فالعيب وإن كان حادثًا في ملك المشتري، إلا أنه حدث نتيجة تجربة المبيع وامتحانه، فهو في الحقيقة إظهار لعيب كامن خفي لا يعلم إلا بالاستكشاف، فلا يكون مضمونًا على المستكشف المستعلم. ومعلوم أن العيب الخفي الباطن إذا دلّ عليه دليل، وعُلِم به صار كالظاهرينظر: تكملة المجموع للسبكي (12/113) . .
الترجيح: 
الذي يظهر- والله تعالى أعلم- أن القول الأول هو الأرجح؛ لقوة أدلته، وسلامتها من المناقشات، وعدم قيام حجة القول الثاني. 
الترجيح بين هذين التخريجين:
الظاهر– والله أعلم– أن ضمان الأداء يقبل كلا التخريجين، فما كان منه متعلقًا بسلامة المبيع من العيوب المصنعّية والفنيّة، فإنه يخرّج على ضمان العيب الذي لا يعلم، إلا بامتحان وتجربة واستعلام، وما كان منه متعلقًا بصلاحية المبيع وقيامه بالعمل فإنه يخرّج على ضمان العيب الحادث في المبيع عند المشتري، والمستند إلى سبب سابق؛ لأن عدم صلاحيته ناشئ عن عدم إتقان صنعه.
الفرع الثالث: حكمه:
بعد ما تقدم من عرض ضمان الأداء، ومقصوده، وما يحتمله من تخريجات، فالذي يظهر- والله تعالى أعلم– هو جواز ضمان الأداء، وأنه لا محذور فيه شرعًا، وذلك لما يلي.
أولًا: أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة حتى يقوم دليل المنع والتحريم.
ثانيًا: أن اشتراط البائع الضمان على نفسه، كما هو الحال في أكثر صور ضمان الأداء، فيه معنى التوثيق؛ لطمأنة المشتري بأنه مسؤول عن جودة سلعته وإتقانها وتلبيتها لحاجات المستهلك، وقيامها بما اشتُريت من أجله.
ثالثًا: أن الحاجة داعية إلى مثل هذا الضمان، لاسيما في ظل هذا النوع الكبير في المنتجات والسلع، ويتبين ذلك بالأوجه التاليةينظر: إدارة التسويق للدكتور بازرعة (2/167 – 169). :
أن تعرف المستهلك على خصائص السلع واحتمال وجود العيب فيها وقت شرائها يكون متعذرًا؛ لعدم توفر الإمكانات الفنيّة اللازمة للقيام بذلك.
أن كثيرًا من عيوب السلع دقيقة التركيب لا تظهر بمجرد تشغيلها لعرضها على المستهلك، وإنما تظهر عند الاستعمال الفعلي للسلعةينظر: الاقتصادية، العدد (1656)، 18/11/1418هـ، صوت المستهلك، ص (13)..
أن الضمان أصبح في كثير من الأحيان علامة الجودة والمتانة في السلع، فإن الشركات والمؤسسات الكبرى تميّز منتجاتها بإعطاء الضمان عليها.
أنه نظرًا لكثرة الإنتاج، وسرعته، وقوة المنافسة بين الشركات والمصانع المنتجة، فإنه كثيرًا ما يقع إخلال في الخصائص الفنيّة للسلع، ولا يتبين ذلك إلا بعد استعمال المبيع. فكثيرًا ما تقوم الشركات المصنِّعة بسحب بعض منتجاتها من السوق ومن أيدي المشترين بسبب تبين عيب فيها سببه سوء التصنيعينظر: الاقتصادية العدد (1708)، (18/1/1419)، سحب (1.7) مليون سيارة فورد من الأسواق، ص (1)، والعدد (1711)، 21/1/1419هـ، فولكسفاجن تسحب عشرة آلاف خنفساء (سيارة)، ص (4)..
وهذه الأوجه تبين السبب الذي حمل كثيرًا من التنظيمات التجارية على جعل ضمان الأداء من التزامات البائع في بعض السلع؛ كالأجهزة الكهربائية ووسائل النقل والآلات والمعداتينظر: العقود التجارية وعمليات البنوك في المملكة العربية السعودية ص (30). .
رابعًا: أن ضمان الأداء يحمل الشركات والمؤسسات المنتجة على إتقان عملها، ورفع جودة منتجاتها؛ لكونها ضامنة لهذه المنتجات حتى بعد انتقالها إلى أيدي المستهلكين، فتحصيل المصلحة العامة يتطلب اعتبار هذا الضمان وتثبيته.
وممن ذهب إلى أن هذا النوع من الضمان الترغيبي جائز لا حرج فيه شيخنا محمد الصالح العثيمين، كما هو قياس قول الأستاذ الدكتور مصطفى أحمد الزرقا؛ حيث ذهب إلى أن الصانع في عقدالاستصناععقد الاستصناع: هو عقد مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعمل شيئًا. ضامن للعيوب التي في المبيع الذي صنعهينظر: عقد الاستصناع ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة ص (42). ، وهو قياس قول الدكتور محمد بن سليمان الأشقر أيضًا، حيث نصر قول الزرقا، وأيده في بحثه الاستصناعينظر: بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة (1/237). .
وقد ذهب إلى جواز هذا النوع من الضمان الترغيبي الأستاذ الدكتور نصر فريد مفتي الجمهورية المصرية.
 

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83621 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78551 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72933 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60795 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55188 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52350 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49623 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات48431 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44964 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44276 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف