×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة : جددوا إيمانكم

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:14450

إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمِنَ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى حَقَّ التَّقْوَى، وَلازِمُوا ما أَمَرَكُمُ اللهُ تَعالَى بِهِ سِرًّا وَعَلَنًا، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَآل عمران:102، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًاالنساء:136.

عِبادَ اللهِ, إِنَّ الإيمانَ بِاللهِ – عَزَّ وَجَلَّ - أَشْرَفُ العِباداتِ، إِنَّ الإِيمانِ بِاللهِ – عَزَّ وَجِلَّ - مِفْتاحُ الخَيْراتِ، إِنَّ الإِيمانَ بِاللهِ – عَزَّ وَجَلَّ - سَبِيلُ دُخُولُ الجَناَّتِ، فالإيمانُ بِاللهِ يا عِبادَ اللهِ أَعْظَمُ ما فَرَضَ اللهُ تَعالَى عَلَى الخَلْقِ، هُوَ الَّذي أَوْصَى اللهُ تَعالَى بِهِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَلأَجْلِهِ خَلَقَ اللهُ الخلْقَ أَجْمَعِينَ، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِالذَّارِياتِ:56، وَلا عِبادَةَ إِلاَّ بِالإيمانِ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, الإيمانُ بِاللهِ فَوائِدُهُ وَخَيْراتُهُ عَظِيمَةٌ مُغْدِقَةٌ وَثِمارُهُ بِاثِقَةٌ يانِعَةٌ؛ فَهُوَ أَعْظَمُ ما اكْتَسَبتْهُ القُلُوبُ وَحَصَّلَتْهُ النُّفُوسُ، هُوَ خَيْرُ ما تَنافَسَ فِيهِ المتَنافِسُونَ، وَسَعَى في تَحْصِيلِهِ السَّاعُونَ، هُوَ خَيْرُ ما يَخْرُجُ بِهِ الإِنْسانُ مِنَ الدُّنْيا، اللَّهُمَّ أَحْيِنا مُسْلِمِينَ وَتَوَفَّنا مُؤْمِنينَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ وَأَلْحِقْنا بِالصَّالحينَ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, الإِيمانُ بِاللهِ لَهُ في قُلُوبِ أَهْلِهِ الصَّادِقِينَ حَلاوَةٌ وَلَذَّةٌ وَبَهْجَةٌ وَسُرُورٌ، لا يُعْرِبُ عَنْهُ لَفْظٌ وَلا يُبَيِّنُهُ فَصاحَةُ لِسانٍ، وَلا يُحِيطُ بِهِ وَصْفُ، وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظيمِ.

ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولاً، «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإيمانِ؛ أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سَواهُما، وَأَنْ يُحِبَّ الرُّجُلَ لا يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودُ في الكُفْرِ بَعْدِ إِذْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَما يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ في النَّارِ».أَخْرَجَهُ البُخارِيُّ(16), وَمُسْلِمٌ (43) .

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ لِلإيمانِ بِاللهِ الَّذي تَتَزَيَّنُ بِهِ القُلُوبُ وَتَتَجَمَّلُ بِهِ الجَوارِحُ، وَيَزْدانُ بِهِ البَيانُ، إِنَّ لِلإِيمانِ باِللهِ بَيِّناتٌ وَبَراهِينٌ، وَقَدْ أَقامَ اللهُ تَعالَى عَلاماتٌ الإِيمانِ الَّتي بِها يَتَمَيَّزُ الصَّادِقُ في إِيمانِهِ عَنْ صاحِبِ الكَذِبِ وَالبُهْتانِ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, عَلامَةُ الِإيمانِ الصَّادِقِ الَّذي يَرْفَعُ اللهُ تَعالَى بِهِ العَبْدُ في الجِنانِ، وَيَقِيهِ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ دُخُولَ النِّيرانِ: هُوَ أَنْ يُصَدِّقَ العَبْدُ بِما جاءَ عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ تَصْدِيقًا جازِمًا، وَأَنْ يُقِرَّ بِما جاءَ عَنِ اللهِ في كِتابِهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فيما صَحَّ مِنْ سُنَّتِهِ، مُذْعِنًا بِذَلِكَ، مُنْقادًا لَهُ، مُحِبًّا خاضِعًا، وَأَنْ يَعْمَلَ بِهِ ظاهِرًا وَباطِنًا.

إِنَّ الإِيمانَ لا يَتِمُّ لأَحَدٍ حَتَّى يُحِبَّ في اللهِ، وَيُبْغَضَ في اللهِ؛ فَإِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الإيمانِ أَنْ يُحِبَّ في اللهِ وَأَنْ يُبْغِضَ في اللهِ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ إِيمانًا صَادِقًا، وَيَقِينًا رَاسِخًا، وَعِلْمًا نافِعًا، وَقَلْبًا خاشِعًا، وَعَمَلًا صالحاً يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.

عِبادَ اللهِ, إِنَّ الإيمانِ بِاللهِ لَيْسَ بِالتَّمَنِّي وَلا بِالتَّحَلِّي وَلا بِالدَّعاوَىَ، وَلَكِنَّ الإيمانَ ما وَقَرَ في القَلْبِ وَصَدَّقَتْهُ الأَعْمالُ، فَاجْتَهِدُوا أَيُّها المؤْمِنُونَ، اجْتَهِدُوا في تَحْقِيقِ إيمانكُِمْ وَالْتِزامِ مُقْتَضَياتِهِ عِلْمًا وَعَمَلاً وَحالاً، وَاسِعُوا في زِيادَتِهِ وَتَثْبِيتِهِ وَإِزالَةِ ما يُناقِضُهُ أَوْ يُنْقِصُهُ؛ فَإِنَّ الإيمانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَالنَّاسُ فِيهِ مُتَفاوِتُونَ تَفاوُتًا عَظِيمًا. قالَ الإِمامُ أَحْمَدُ – رَحِمَهُ اللهُ - لمَّا سُئِلَ عَنِ الإيمانِ يَزِيدُ يَنْقُصُ، قالَ: "يَزِيدُ حَتَّى يَبْلُغَ أَعْلَى السَّمواتِ السَّبْعِ وَيَنْقُصَ حَتَّى يَصيرَ إِلَى أَسْفَلَ السَّافِلِينَ"طَبقاتُ الحَنابِلَةُ" 2/ 210, وَلِذَلِكَ أَوْصَى النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المؤْمِنينَ بِتَعاهُدِ إِيمانهِمْ وَتَفَقُّدِهِ وَتَشْدِيدِهِ وَالعِنايَةِ بِهِ، فَفِيما رَواهُ الحاكِمُ بِإِسْنادٍ لا بَأْسَ بِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ - قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ الإيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ» أي: أَنَّ الإِيمانَ لَيَهِي وَيَضْعُفُ وَيَبْلَى في قَلْبِ الإنْسانِ كَما يَبْلَى الثَّوْبُ مِنْ طُولِ الاسْتِعْمالِ. ثُمَّ قالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تَدارُكِ ذَلِكَ: «فَسَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلُوبِكِمْ»أَخْرَجَهُ الحاكِمُ(5), وَقالَ الذَّهَبِيُّ: رُواتُهُ ثِقاتٌ؛ فَالَّلهُمَّ ارْزُقْنا إِيمانًا صادِقًا، اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قُلُوبَنا عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى، مُنَّ عَلَيْنا بِفَضْلِكَ بِإيمانٍ رَاسِخٍ، وَيَقِينٍ صادِقٍ، وَعِلْمٍ ثابِتٍ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَوْلِيائِكَ وَحِزْبِكَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ الإيمانَ بِاللهِ سَعادَةُ الدُّنْيا، إِنَّ الإِيمانَ بِاللهِ طُمَأْنِينَةُ القَلْبِ، إِنَّ الإيمانَ بِاللهِ مُخْرِجٌ مِنْ كُلِّ ظُلْمَةٍ، وَمُدْخِلٌ إِلَى كُلِّ فُسْحَةٍ وَسُرُورٍ وَسَعادَةٍ؛ وَلِذَلِكَ كانَ الصَّحابَةُ –رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُمْ - يَتَعاهَدُونَ إِيمانَهُمْ، وَيَتَفَقَّدُونَ أَعْمالهُمْ، وَيَأْخُذُونَ بِأَسْبابِ زِيادَةِ الإيمانِ، وَيَتَواصَوْنَ بِذَلِكَ غايَةَ التَّواصِي، فَكانَ عُمَرُ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ - يَقُولُ لأَصْحابِهِ: «تَعالَوْا نَزْددْ إِيمانًا»شَرْحُ أُصُولِ اعْتِقادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَماعَةِ لِلاَّلكِائِيِّ ح(1700), وَكانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ لِبَعْضِ جُلْسائِهِ وَإِخْوانِهِ: «اجْلِسُوا بِنا نَزْددْ إِيمانًا»البَيْهِقِيُّ في الشُّعَبِ ح(44), وَكانَ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ لِبَعْضِ مَنْ لَقِيَهُ: «اجْلِسُوا بِنا نُؤْمِنْ ساعَةً»رواهُ البُخارِيُّ في صَحيحِهِ تَعْلِيقاً (1/45 فَتْحُ) وَوُصَلَهُ أَبُو عُبَيْدٍ في الإيمانِ (ص 72).

وَكانُوا يَسْأَلُونَ اللهَ تَعالَى زِيادَةَ الإِيمانِ وَتَثْبِيتَهُ؛ فَكانَ ابْنُ مَسْعُودٍ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ - يَدْعُو اللهَ – عَزَّ وَجَلَّ - وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ زِدْني إِيمانًا وَيِقِينًا وَفِقْهًا»(شَرْحُ أُصُولِ اعْتِقادِ أَهْلِ السُّنَّةِ) لِلالِكائِيِّ: 5/1013 (1704), وَصَحَّحَهُ الحافِظُ(فَتْحُ البِاري 48/1) .

أَيُّها المؤْمِنُونَ, كُلُّنا، صَغِيرُنا وَكَبِيرُنا، طائِعُنا وَعاصِينا، مَنْ كانَ قَدْ فَتَحَ اللهُ لَهُ في الخَيْراتِ، وَمَنْ كانَ مُقَصِّرًا في الطَّاعاتِ، كُلُّنا بِحاجَةٍ إِلَى زِيادَةِ إِيمانٍ وَتَثْبِيتٍ؛ وَلِذَلِكَ كانَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُ اللهَ الثَّباتَ عَلَى الهُدَى وَدِينِ الحَقِّ فَيَقُولُ: «الَّلهُمَّ مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكِ»التَّرْمِذِيُّ((3522),وَقالَ:حَسَنٌ، وَالدِّينُ هُوَ الإِيمانُ بِاللهِ – عَزَّ وَجِلَّ - وَالقِيامُ بِأَمْرِهِ جَلَّ في عُلاهُ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ لِزَيادَةِ الإيمانِ في قُلُوبِ العِبادِ أَسْبابًا، وَالرَّاشِدُ مَنْ تَأَمَّلَ تِلْكَ الأَسْبابَ وَأَخَذَ بِها طَاقَتَهُ وَعَمِلَ بِها جَهْدَهُ عَلَّ اللهَ أَنْ يَزْيدَ في إِيمانِهِ، وَأَنْ يُثبِّتَ يَقِينَهُ، وَأَنْ يَقِيَهُ شَرَّ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، وَإِنَّ مِمَّا يُؤَكِّدُ ضَرُورَةَ العِنايَةِ بِالإيمانِ وَأَسْبابِ زِيادَتِهِ وَتَثْبِيتِهِ أَنَّ الإيمانَ في آخِرِ الزَّمانِ سَرِيعُ التَّقَلُّبِ وَالتَّغَيُّرِ، «يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كافِرًا، وَيُصْبِحُ كافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا»مُسْلِمٌ(118)، ذاكَ كُلُّهُ بِسَبَبِ عَظيمِ الفِتَنِ الَّتي تُدْهِي القُلُوبَ وَتَغْشاها.

فَلا ثَباتَ إِلاَّ لمَنِ ثَبَّتَهُ اللهُ ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًاالإسراء:74، هَكَذا يَقُولُ اللهُ لِرَسُولِهِ الَّذي هُوَ أَعْظَمُ الخَلْقِ إِيمانًا، يَمْتَنُّ عَلَيْهِ بِالتَّثْبِيتِ الَّذي لَوْلاهُ لمالَ إِلَى ما كانض يَدْعُو إِلَيْه المُشْرِكُونَ مِنَ المهادَنَةِ وَالملايَنَةِ، ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتالإسراء:74-75.

أَيُّها المؤْمِنونَ, ابْحَثُوا عَنْ كُلِّ ما يَزِيدُ إِيمانَكُمْ، وَجَنِّبُوا أَنْفُسَكُمْ كُلَّ ما يَنْقُصُ الإِيمانَ، وَاعْلَمْ عَلَى وَجْهِ الإْجْمالِ أَنَّ كُلَّ طاعَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبْيرَةٍ، وَاجِبَةٍ أَوْ مُسَتَحَبَّةٍ، ظاهِرَةٍ أَوْ باطِنَةٍ يَزْدادُ بها إِيمانَكَ، وَكُلَّ مَعْصِيَةٍ دَقِيقَةٍ أَوْ جَلَيلَةٍ عَلانِيَةٍ أَوْ خَفِيَّةٍ فِيما يَتَعَلَّقُ بِالجَوارِحِ أَوْ فِيما يَتَعَلَّقُ باِلقُلُوبِ يَنْقُصُ بِها إِيمانُكَ؛ فَإيمانُنا: قَوْلٌ وَصِدْقٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ بِالتَّقْوَى وَالطَّاعاتِ وَالإِحْسانِ، وَيَنْقُصُ بِالزَّلَلِ وَالخَطَأِ وَالعِصْيانِ. اللَّهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، أَعِنَّا عَلَى طاعَتِكَ وَاصْرِفْ عَنَّا مَعْصِيَتَكَ، وَاجْعَلْنا مِنْ حِزْبِكَ وَأَوْلِيائِكَ، أَقُولُ هَذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهِ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.

***

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، أَحْمَدُهُ حَقَّ حَمْدِهِ، لَهُ الحَمْدُ في الأُولَى وَالآخِرَةِ، وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك َلَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلىَ يَوْمِ الدِّينِ.

أَماَّ بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ - جَلَّ في عُلاهُ - جُهْدَكُمْ وَطاقَتَكُمْ في سِرِّكُمْ وَإِعْلانِكُمْ، رَاقِبُوهُ؛ فَإِنَّ تَقْواهُ تَجْلِبُ لَكُمْ كُلَّ خَيْرٍ وَتَدْفَعُ عَنْكُمْ كُلَّ سُوءٍ، وَتُعِينَكُمْ عَلَى كُلِّ بِرِّ، وَتَدْفَعُ عَنْكُمْ كُلِّ شَرٍّ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ عِبادِكَ المتَّقِينَ وَحِزْبِكَ المفْلِحينَ وَأَوْلِيائِكَ الصَّالحينَ.

عِبادَ اللهِ, إِنَّ مِمَّا يَزِيدُ الإِيمانَ في القُلُوبِ: مَعْرِفَةَ اللهِ تَعالَى وَالعِلْمَ بأَسْمائِهِ وَصِفاتِهِ، فَمَعْرِفَةُ اللهِ تَعالَى وَالعِلْمُ بِأَسْمائِهِ وَصِفاتِهِ تُورِثُ في القُلُوبِ زِيادَةً في الإيمانِ، وَقُوَّةً في اليَقِينِ وَتُثْمِرُ شَجَرَةَ المعْرِفَةِ الَّتي بِها يَقُومُ العَبْدُ بِالواجِباتِ، وَيَنْتَهِي عَنِ المَنْهِيَّاتِ. إِنَّ الإيمانَ بِاللهِ –عَزَّ وَجَلَّ - يَزِيدُ بِقَدْرِ ما يَكُونُ مَعَكَ مِنَ العِلْمِ بِهِ، وَمِنَ العِلْمِ بِهِ وَأَوْسَعَ الطرق المعرِّفة به أن تتعرف على أسمائه وصفاته، تعرَّفَ عَلَى ما ذَكَرَهُ اللهُ في كِتابِهِ مِنَ الأَسْماءِ، فإِذا قَرَأْتَ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌالإخلاص:1، فَاعْلَمْ ما مَعْنَى أَحَدٍ، ﴿اللَّهُ الصَّمَدُالإِخْلاصُ:2 حاوَلْ أَنْ تَعْرِفَ ما مَعْنَى الصَّمَدِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ زِيادَةً في إِيمانِكَ، فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ أَحَدٌ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّهُ لا نَظِيرَ لَهُ، وَأَنَّهُ لا مَثِيلَ لَهُ، وَأَنَّهُ لا كُفْءَ لَهُ، وَأَنَّهُ لا يُحاطُ بِهِ عِلْمًا، وَأَنَّهُ جَلَّ في عُلاهُ انْفِرَدَ بِكُلِّ كَمالِ وَتَنَزَّهَ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ - لا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ في الإِيمانِ، أَعْظَمَ مِنْ ذاكَ الَّذِي لا يَعْرِفُ هَذا المعْنَى، وَإِنَّما يَتْلُو كِتابَ اللهِ دُونَ مَعْرِفَةٍ لمعانِي أَسْماءِ اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ -. وَمَنْ عَرَفَ أَنَّ اللهَ الصَّمَدَ الَّذي يَقْصِدُهُ كُلُّ مَنْ في السَّمواتِ وَالأَرْضِ في حَوائِجِهِمْ زَادَ إِيمانُهُ وَثَبَتَ يَقِينُهُ؛ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ الَّذي عَرَفَ فَقَطْ أَنَّهُ الصَّمَدُ دُونَ أَنْ يَعْرِفَ مَعْنَى الصَّمَدِ، فَتَعَرَّفُوا عَلَى اللهِ ِبمَعْرِفَةِ مَعانِي أَسْمائِهِ وَصِفاتِهِ فَسَيَنْكَشِفُ لَكُمْ مِنْ جَمالِهِ وَجَلالِهِ وَبَهائِهِ وَعَظَمَتِهِ ما تَنْجَذِبُ بِهِ قُلُوبُكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، وَما تَعْرِفُونَ بِهِ قَدْرَهُ جَلَّ في عُلاهُ، فتُُنْزِلُونَ بِهِ حَوائِجَكُمْ، وَتُقْبِلُونَ عَلَيْهِ جَلَّ وَعَلا في السَّرَّاءِ وّالضَّرَّاءِ وَالعُسْرِ وَاليُسْرِ وَالمنْشَطِ وَالمَكْرَهِ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ مِمَّا يَزْدادُ بِهِ الإيمانُ: أَنْ يُقَلِّبَ العَبْدُ نَظَرَهُ في آياتِ اللهِ في الآفاقِ والأَنْفُسِ؛ فَإِنَّ اللهَ بَثَّ في كَوْنِهِ مِنَ الآياتِ ما يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ صُنْعِهِ وَقُدْرَتِهِ، فَهُوَ جَلَّ وَعَلا البَدِيعِ؛ بَدِيعُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ، هُوَ جَلَّ وَعَلا قَيُّومُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ، فَتَفَكَّرُوا في آلائِهِ: ﴿أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْالغاشِيَةُ:17-20، وَلَيْسَ ثَمَّةَ أَحَدٌ مَحْجُوبًا عَنِ النَّظَرِ في آلاءِ اللهِ وَآياتِهِ؛ ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَالذاريات:21.

وَفي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ *** تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌفصلت:53.

عِبادَ اللهِ, تَفَكَّرُوا في آلاءِ اللهِ؛ فَإِنَّ عِبادَ اللهِ هُمْ الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ، فَتَجِيشُ قُلُوبُهُمْ باِلإيمانِ، وَتَنْطِقُ أَلْسِنَتُهُمْ بِتَنْزيهِ الرَّحْمنِ، سُبْحانَكَ ما خَلَقْتَ هَذا باطِلاً الَّذينَ يَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِآل عمران:191.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ مِمَّا يَزْدادُ بِهِ الإيمانُ في قَلْبِ العَبْدِ: أَنْ يُقْبِلَ عَلَى القُرْآنِ العَظيمِ تِلاوَةً وَقِراءَةً وَتَفَهُّمًا وَتَدَبُّرًا، فَالإِقْبالُ عَلَى القُرْآنِ تِلاوَةً وَتَدَبُّرًا، عِلْمًا وَعَمَلاً، مِنْ أَعْظَمِ ما يَزْدادُ بِهِ الإيمانُ في قُلُوبِ الخَلْقِ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَيونس:57. وقد قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًاالأنفال:2، قالَ قَتادَةُ - رَحِمَهُ اللهُ -: "ما جالَسَ أَحَدٌ كِتابَ اللهِ إِلاَّ قامَ عَنْهُ إِمَّا بِزِيادَةٍ أَوْ نُقْصانٍ"أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ في سُنَنَهِ ح(3387), وَفِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ كَثيرٍ بْنِ أَبي عَطاءٍ؛ صَدُوقٌ كَثِيرُ الغَلَطِ، بِزِيادَةٍ لأَهْلِ الإِيمانِ وَنُقْصانٍ لأَهْلِ الجُحُودِ وَالكُفْرِ وَالعِصْيانِ، فَالقُرْآنُ أَعْظَمُ ما يَزْدادُ بِهِ الإِيمانُ؛ فَأَكْثِرُوا مِنَ سَماعِهِ وَتِلاوَتِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالتَّفَكُّرِ في مَعانِيهِ، وَمُطالَعَةِ تَفْسِيرِهِ، وَالعَمَلِ بِما فِيهِ، تَجِدُوا خَيْرًا عَظِيمًا وَتَسَبَّقُوا سَبْقًا كَبِيرًا. فَلَيْسَ شَيْءٍ في الدُّنْيا أَنْفَعُ لِلعَبْدِ في مَعاشِهِ وَمَعادِهِ وَأَقْرَبُ إِلَى نَجاتِهِ مِنْ تَدَبُّرِ القُرْآنِ العَظيمِ، وَإِطالَةِ التَّأَمُّلِ وَالتَّفْكِيرِ في مَعاني آياتِهِ؛ فَإِنَّها تُوقِفُ العَبْدَ عَلَى مَعالمِ الخَيْرِ وَالشَّرِّ بِحذافِيرِها، القِراءَةُ المُتَدَبِّرَةُ تُثبِّتُ قَواعِدَ الإِيمانِ في القُلُوبِ، وَتُشِيدُ بُنْيانَ الإِيمانِ في الأَفْئِدَةِ، وَتُوَطِّدُ أَرْكانَهُ وَدَعائِمَهُ؛ فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ وَأَقْبِلُوا عَلَى القُرْآنِ سَماعًا وَتِلاوَةً وَتَدَبُّرًا، أَعْطُوهُ مِنْ وَقْتِكُمْ فَهُوَ رِسالَةُ اللهِ لَكُمْ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ مِمَّا يَزْدادُ بِهِ إِيمانُ العَبْدِ: أَنْ يَشْتَغِلَ بِطاعَةِ اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ -، وَأَنْ يُعْمِلَ التَّقْوَى في قَلْبِهِ وَقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ، وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَى الخَلْقِ بِقَدْرِ طَاقِتِهِ، فَبِقَدْرِ ما مَعَكَ مِنْ خِصالِ الطَّاعَةِ وَبِقَدْرِ ما مَعَكَ مِنْ خِصالِ البِرِّ تُحَصِّلُ مِنَ الإيمانِ، فَاجْتَهِدُوا عِبادَ اللهِ في امْتِثالِ المأْمُوراتِ الواجِبات وَالمسْتَحَبَّاتِ، وَتَجنَّبُوا المعاصِي وَالسَّيِّئاتِ، وَاسْتَكْثِرُوا مِنَ الباقِياتِ الصَّالحاتِ؛ تَنالُوا بِذَلِذكَ أَعْلَى المراتِبِ وَالدَّرَجاتِ.

إِنَّ مِمَّا يَزْدادُ بِهِ إِيمانُ العَبْدِ - أَيُّها المؤْمِنُونَ - أَنْ يُكْثِرَ الإِنْسانُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ تَعالَى؛ فَذِكْرُهُ يُوجِبُ الزِّيادَةَ، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَالأنفال:2، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُالرعد:28.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ مِمَّا يَزِيدُ الإِيمانَ أَنْ يُكْثَرَ الإِنْسانُ مِنْ شُهُودِ مَجالِسِ الذِّكْرِ، وَأَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ عَبْرَ ما يَسَّرَ اللهُ لَهُ مِنْ وَسائِلِ السَّماعِ، هَذا حَنْظَلَةُ لَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ - فَقالَ: "كَيْفَ أَنْتَ يا حَنْظَلَةُ؟ قالَ حَنْظَلَةُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قالَ أَبُو بَكْرٍ: سُبْحانَ اللهِ ما تَقُولُ؟ قالَ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُذَكِّرُنا باِلنَّارِ وَالجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ؛" أَيْ حَتَّى كَأَنَّا نَنْظُرَ إِلَيْها، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ ، "فإِذا خَرْجَنا مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَسِينا كَثِيرًا. قالَ أَبُو بَكْرٍ: فَواللهِ إِنَّا لَنْلَقَى مِثْلَ هَذا؛" يَعْني جَمِيعُنا يَحْصُلُ لَهُ مِثْلُ هَذا، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ الرَّسُولُ الكَرِيمُ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى ما تَكُونُونَ عِنْدِي وَفي الذِّكْرِ لَصافَحَتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفي طُرُقِكُمْ، وَلَكَنْ يا حَنْظَلَةُ ساعَةٌ وَساعَةٌ، وَساعَةٌ وَساعَةٌ، ساعَةٌ وَساعَةٌ»مُسْلِمٌ(2750)، وَالرَّابِحُ هُوَ مَنْ زادَتْ ساعاتُ يَقَظَتِهِ وَإِقْبالِهِ عَلَى رَبِّهِ عَلَى ساعاتِ غَفْلَتِهِ وَبُعْدِهِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ وَمَوْلاهُ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ عِبادِكَ الذَّاكِرينَ، وَأَوْلِيائِكَ الصَّالحينَ، وَعِبادِكَ المؤْمِنينَ، وَخُذْ بِنواصِينا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى مِنَ القَوْلِ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ الإِيمانَ يَنْقُصُ بِالمعاصِي، وَعِلاجُ ذَلِكَ بِكَثْرَةِ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ وَبَذْلِ الجُهْدِ في اتَّباعِ السَّيِّئَةِ الحَسَنَةِ، فَإِذا وَقَعْتَ في ذَنْبٍ فَبادِرْ إِلَى الاسْتِغْفارِ، وَأَقْبِلْ عَلَى العَزيزِ الغَفَّارِ؛ فَإِنَّهُ يَغْفِرُ الدَّقِيقَ وَالجَليلَ، وَالصَّغِيرَ وَالكَبيرَ ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًاالزمر:53.

وَإِذا اسْتَغْفَرَ العَبْدُ صادِقًا وَتابَ إِلَى رَبِّهِ مُقْبِلاً؛ بَدَّلَ اللهُ سَيِّئاتِهِ حَسنَاتٍ، ﴿فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍالفرقان:70، فَبَدِّلُوا سَيِّئاتِكُمْ حَسناتٍ، وَاجْتَهِدُوا في طاعَةِ اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ - بِكَثْرَةِ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا الدَّقِيقَ وَالجَلِيلَ، وَالصَّغِيرَ وَالكَبِيرَ، وَالقَدِيمَ وَالحَدِيثَ، وَما نَذْكُرُهُ وَما لا نَذْكُرُهُ، وَما نَعْلَمُهُ وَما لا نَعْلَمُهُ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا الدَّقِيقَ وَالجَليلَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.

رَبنَّا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِْن لمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ.

اللَّهُمَّ ثبِّتْ الإيمانَ في قُلوبِنا، اللَّهُمَّ زِدْنا هُدَى وَنُورًا، اللَّهُمَّ زِدْنا هُدَىً وَنُورًا، اللَّهُمَّ زِدْنا هُدَى وَثَباتًا وَنُورًا.

اللَّهُمَّ اهْدِنا وَلا تُضِلَّنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.

اللَّهُمَّ ثبِّتْنا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وَفي الآخِرَةِ، وَاجْعَلْنا مِنْ عِبادِكَ وَخُلَّصِ أَوْلِيائِكَ، أَخْلِصْنا بخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ، وَاجْعَلْنا مِنَ المصْطَفَيْنَ الأَخْيار يا رَبَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِح أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكْ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ سَدِّدْهُمْ في الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْهُمْ وَأَصْلِحْ بِهِمْ، وَأَعِنْهُمْ عَلَى كُلِّ ما فِيهِ خَيْرُ العِبادِ وَالبِلادِ يا رَبَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ اكْتُبْ مِثْلَ ذَلِكَ لِسائِرِ وُلاةِ المسْلِمينَ حَيْثُ كَانُوا، الَّلهُمَّ وَاجْمَعْ كَلِمَتنا عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى، اللَّهُمَّ وانْصُرْ جُنودَنا المرابِطينَ، وَجنودَنا المقاتِلينَ، مَنْ أَرادَ بِلادَ الإسْلامِ بِسوءٍ فأَشْغِلْهُ بنِفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرَهُ يا قَوِيُّ يا عَزِيزُ.

رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النَّارِ.

صَلُّوا عّلّى مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً للِعالمينَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ في هَذا اليَوْمِ؛ فَإنَّ صلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيْهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَميدٌ مجيدٌ, وَبارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما بارَكْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعلَى آلِ إِبْراهِيمَ؛ إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90624 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87040 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف