×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / دروس العقيدة / الفتوى الحموية الكبرى / الدرس (10) من شرح الحموية الكبرى

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس (10) من شرح الحموية الكبرى
00:00:01

 (والصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن سلك سبيلهم في هذا الباب على سبيل الاستقامة. وأما المنحرفون عن طريقهم: فهم " ثلاث طوائف ": أهل التخييل وأهل التأويل وأهل التجهيل. (فأهل التخييل: هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم من متكلم ومتصوف ومتفقه. فإنهم يقولون: إن ما ذكره الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور لا أنه بين به الحق ولا هدى به الخلق ولا أوضح به الحقائق. ثم هم على قسمين: منهم من يقول: إن الرسول لم يعلم الحقائق على ما هي عليه. ويقولون: إن من الفلاسفة الإلهية من علمها وكذلك من الأشخاص الذين يسمونهم الأولياء من علمها ويزعمون أن من الفلاسفة والأولياء من هو أعلم بالله واليوم الآخر من المرسلين. وهذه مقالة غلاة الملحدين من الفلاسفة والباطنية: باطنية الشيعة وباطنية الصوفية. ومنهم من يقول: بل الرسول علمها لكن لم يبينها وإنما تكلم بما يناقضها وأراد من الخلق فهم ما يناقضها؛ لأن مصلحة الخلق في هذه الاعتقادات التي لا تطابق الحق. ويقول هؤلاء: يجب على الرسول أن يدعو الناس إلى اعتقاد التجسيم مع أنه باطل وإلى اعتقاد معاد الأبدان مع أنه باطل ويخبرهم بأن أهل الجنة يأكلون ويشربون مع أن ذلك باطل. قالوا: لأنه لا يمكن دعوة الخلق إلا بهذه الطريق التي تتضمن الكذب لمصلحة العباد. فهذا قول هؤلاء في نصوص الإيمان بالله واليوم الآخر. (وأما الأعمال فمنهم من يقرها ومنهم من يجريها هذا المجرى. ويقول: إنما يؤمر بها بعض الناس دون بعض ويؤمر بها العامة دون الخاصة فهذه طريقة الباطنية الملاحدة والإسماعيلية ونحوهم). بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين أما بعد. . فأعاد الشيخ رحمه الله بعد كلامه السابق إلى تصنيف الطوائف المنحرفة في باب أسماء الله وصفاته أو في باب الإخبار عنه سبحانه وتعالى وضم إليه الانحراف في باب ما أخبر به سبحانه وتعالى عما يقع في اليوم الآخر فقال مبينا منهج السلف (والصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن سلك سبيلهم في هذا الباب)أي في باب ما يتعلق بالله سبحانه وتعالى على سبيل الاستقامة من غير غلو ولا تفريط ثم قال: (وأما المنحرفون عن طريقهم فهم ثلاث طوائف في الجملة أهل التخييل وأهل التأويل وأهل التجهيل)ثم شرع رحمه الله في الكلام على كل طائفة على سبيل الإجمال لأن هذه القسمة التي ذكرها الشيخ رحمه الله هي قسمة عامة يندرج فيها أكثر من فرقة فمثلا أهل التأويل يدخل فيهم الأشاعرة ويدخل فيهم الكلابية ويدخل فيهم المعتزلة ويدخل فيهم الجهمية ويدخل فيهم غلاة الجهمية أيضا وكذلك أهل التخييل وأهل التجهيل مراتب بدع لها مراتب وصور فهو يتكلم عن أصول هذه البدع ويذكر الجامع في كل بدعة فذكر أولا أهل التخييل فقال: (فأهل التخييل هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم من متكلم ومتصوف ومتفقه)هم (المتفلسفة)أي هم الذين اشتغلوا بالفلسفة وما جاء عن اليونان وما ورثوه عن أرسطو وغيره من الضلال (ومن سلك سبيلهم من متكلم)  يعني ولو لم يكن مصنفا منهم إلا أنه سلك سبيلهم في بعض ما ذهبوا إليه (ومتصوف ومتفقه)فبين ما يقوله هؤلاء قال: (فإنهم يقولون إن ما ذكر الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور)تخييل للحقائق أي تصوير وتكييف لأمر لا واقع له تخييل هو تصوير الأمر الذي لا واقع له فهم يخيلون حقائق لا واقع لها لينتفع به أي بهذا التخييل الجمهور وهم عموم الناس (لا أنه بين به الحق) يعني لا أنه بين بما جاء به من الإخبار عن الله عز وجل أو الإخبار عن اليوم الآخر بالحق المبين إنما جاء بأمور تخييلية (لا واقع لها لا أنه بين به الحق ولا هدى به الخلق ولا أوضح به الحقائق)ثم هؤلاء الضلال المكذبون لله ورسوله على قسمين (منهم من يقول أن الرسول لم يعلم الحقائق على ما هي عليه ويقولون إن من المتفلسفة الإلهية من علمها وكذلك من الأشخاص الذين يسمونهم الأولياء من علمها ويزعمون أن من الفلاسفة والأولياء من هو أعلم بالله وباليوم الآخر من المرسلين)وهذا من الكفر المبين أن يجعل هؤلاء الضلال أعلم بالله ورسوله من الرسل الصادقين المصدقين من الله جل وعلا (وهذه مقالة غلاة الملحدين من الفلاسفة والباطنية)  قال: (باطنية الشيعة وباطنية الصوفية)فالباطنية مذهب منه ما يوجد عند الشيعة ومنه ما يوجد عند الصوفية ومنه ما يوجد عند غيرهم فمن باطنية الشيعة الإسماعيلية الذين يقولون إن ما أخبر الله سبحانه وتعالى به إنما هو تخييل لا حقيقة له فلا بعث ولا نشور ولا صحة لما ذكر الرسل عن الله عز وجل من الأسماء والصفات وغير ذلك من الأقوال الباطلة وباطنية الصوفية كابن عربي والحلاج وغيرهم من الذين ضلوا واعتقدوا الكذب من الرسل فيما أخبروا وأنهم يتلقون عن الله عز وجل وأن ما تخبر به الرسل ليس على الحقيقة إنما هو لأجل نفع الناس. قال: (ومنهم من يقول) هذا القسم الثاني: (بل الرسول علمها)يعني علم حقائق هذه الأشياء حقائق ما أخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه أو أخبر به سبحانه وتعالى عما يكون في اليوم الآخر (لكن لم يبينها وإنما تكلم بما يناقضها)وهذا من أعظم الافتراء والكذب على الرسل وهذه بدعة مغلظة وهي أشد من الأولى لأن الأولى فيها تهمة الأنبياء بعدم العلم والثانية فيها تهمتهم بالعلم والتضليل وهذا هو سبيل المغضوب عليهم الذين علموا وكتموا ولم يعملوا بما علموا وأما القسم الأول فهو سبيل الضالين الذين لم يعلموا والأنبياء منزهون عن هذين الطريقين فطريقهم تام العلم تام العمل ولذلك شرع الله لأهل الإيمان أن يسألوه سبحانه وتعالى أن يهديهم صراطه المستقيم﴿اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم﴾([1])وهم الرسل والأنبياء والصالحون والشهداء ولتوضيح هذا السبيل استثنى طريقين ﴿غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾([2])فالمغضوب عليهم هم الذين علموا ولم يعملوا والضالون هم الذين عملوا بلا علم فالفلاسفة جعلوا الأنبياء والرسل إما من المغضوب عليهم أو من الضالين وهذا فيه أعظم التكذيب لهم والفرية عليهم والتنقص لله جل وعلا الذي أقر هؤلاء وأيدهم ونصرهم. ثم قال: (وأراد من الخلق فهم ما يناقضها)أي الرسول (لأن مصلحة الخلق في هذه الاعتقادات التي لا تطابق الحق) وأي مصلحة هذه التي يزعمون إنما هي خيالات وشبه، قال: (ويقول هؤلاء يجب على الرسول أن يدعو الناس إلى اعتقاد التجسيم مع أنه باطل والى اعتقاد معاد الأبدان مع أنه باطل)يعني لن يكون وهو كذب (ويخبرهم بأن أهل الجنة يأكلون ويشربون مع أن ذلك باطلقالوا: لأنه لا يمكن دعوة الخلق)هذا في بيان المصلحة التي زعموها (لأنه لا يمكن دعوة الخلق إلا بهذه الطريقة التي تتضمن الكذب لمصلحة العباد)فلو جاءت الرسل تدعو إلى الله وتبين للناس حقائق الأمور على ما هي عليه دون هذه الكذبات ودون هذه الافتراءات التي زعموها لما صدقهم احد ولما تبعهم أحد فكذب الرسل في الإخبار بأن الله يبعث الناس وأن أهل الجنة يتنعمون بالأكل والشرب وغير ذلك لمصلحة كبرى وهي أن ينقاد الناس إلى الخير وينصرفوا عن الشر قال: (فهذا قول هؤلاء في نصوص الإيمان بالله واليوم الآخر)يعني فيما يتعلق بالعقائد (وأما الأعمال)أي وأما ما جاءت به الرسل من الأعمال كالأمر بالصلاة والأمر بالزكاة والصوم والحج وغير ذلك من العبادات (فمنهم من يقرها)يثبتها على ما جاءت (ومنهم من يجريها هذا المجرى)أي مجرى الأمور الخبرية الاعتقادية فيقول فيها: إن الرسل قد ضللوا وإنما أمروا بهذا لمصلحة العباد و إلا فإن المقصود بالصلاة ليست الصلاة التي بينها النبي eلأمته إنما هو أمور باطلة لا يعلمها إلا الخواص وهذا من أعظم النقض والكذب على الشريعة. يقول: (ويقول: إنما يؤمر بها بعض  الناس دون بعض، يؤمر بها العوام) أما الخواص الذين يفهمون معنى هذه العبادات على حقيقتها يفهمون معنى الحج ومعنى الصيام ومعنى الزكاة ومعنى الصلاة المعنى الحقيق لا حاجة بهم إلى أن يصلوا ولا إلى أن يحجوا ولا إلى أن يصوموا ولا إلى أن يزكوا الزكاة التي فرضت على العامة. ثم قال: (ويؤمر بها العامة دون الخاصة فهذه طريقة الباطنية الملاحدة الإسماعيلية ونحوهم) وهذه الطريق مستنكرة مكذبة مكروهة ظاهرة البطلان عند كل من يؤمن بالله واليوم الآخر ولذلك لم  يطل الشيخ رحمه الله في نقض هذه الطريق إنما اكتفى بذكر طريقتهم دون النقض لها لأنها بينة العوام لا تلتبس على من في قلبه إيمان بالله واليوم الآخر. ثم انتقل الشيخ رحمه الله إلى الطائفة الثانية فقال: (وأما أهل التأويل فيقولون: إن النصوص الواردة في الصفات لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس الباطل ولكن قصد بها معاني ولم يبين لهم تلك المعاني ولا دلهم عليها؛ ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها ومقصوده امتحانهم وتكليفهم وإتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه ويعرف الحق من غير جهته وهذا قول المتكلمة والجهمية والمعتزلة ومن دخل معهم في شيء من ذلك. يعني مثبتة الصفاتوالذين قصدنا الرد في هذه الفتيا عليهم: هم هؤلاء؛ إذ كان نفور الناس عن الأولين مشهورا بخلاف هؤلاء فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة وهم - في الحقيقة - لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا) أهل التأويل بين الشيخ رحمه الله قولهم فقال: فيقولون : (إن النصوص الورادة في الصفات لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس الباطل) فهؤلاء حفظوا جانب الرسالة من التضليل والكذب وإنما تعبدهم أن يصلوا إلى المقصود يقولون:  إن الرسل لم تبين هذه المعاني بيانا واضحا لا لقصد التضليل إنما لتعبد الناس للوصول إلى هذا المقصود ولذلك قال: (ولكن قصد بها معانيولم يبين  لهم تلك المعاني ولا دلهم عليهم ولكن أراد أن ينظروا يعني بأنفسهم ويستقلوا بعقولهم)في معرفة المراد (فيعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها) إلى ذلك الحق المراد وفي هذا طعن في الرسل من جهة أنهم لم يبينوا للناس الهدى و إنما أتوا بما زادهم التباسا واضطرابا لأن العقول إذا كانت تستقل بمعرفة ما  يجب لله سبحانه وتعالى من الأسماء والصفات فما الحاجة إلى الإتيان بالنصوص فالإتيان بالنصوص التي ظواهرها يخالف المراد منها في الحقيقة زيادة عناء وتطويل وتعب وتضليل ولا فائدة فيه فهذا تنقص للرسل من هذه الجهة فهم سلموا من اتهام الرسل بكونهم من المغضوب عليهم أو الضالين لكنهم لم يسلموا من أن الرسل كانوا سببا في حيرة الناس وتناقضهم واضطرابهم واختلافهم والتباس الأمر عليهم. قال: (ومقصوده امتحانهم)أي تعبدهم (وتكليفهمواتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه ويعرف الحق من غير جهته)أي من غير الجهة التي يجب أن يعرف منها وهي جهة الرسل (وهذا قول المتكلمة والجهمية والمعتزلة)لأنهم من أضل الناس في باب الأسماء والصفات وهم من أعتى أهل التأويل ضلالا وأشدهم بعدا عن طريق أهل السنة والجماعة. ثم قال: (ومن دخل معهم في شيء من ذلك)ويريد من ذلك مثبتة الصفات الذين دخلوا معهم في بعض ما ذهبوا إليه من البدع بإنكار بعض ما وصف الله سبحانه وتعالى به نفسه أو بتأويله عن الحق قال: (والذين قصدنا الرد عليهم في هذه الفتيا عليهم هم هؤلاء)  لأن شبهتهم بينة ومضللة وتلتبس على الناس وقد تقبلها بعض العقول بخلاف أصحاب التخييل الذين  عوارهم وضلالهم وبعدهم عن الحق وتكذيبهم للرسل ظاهر بين (إذا كان نفور الناس) يعني الأولين(مشهور بخلاف هؤلاء فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة)يعني بالرد على أهل التخييل وغيرهم من أهل البدع المغلظة (وهم في الحقيقة لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا) يعني لا نصروا الإسلام الذي جاءت به الرسل لأنهم اضطروا إلى مخالفة الرسل في بعض ما جاءوا به ولا للفلاسفة كسروا أي بينوا ضلال طريقهم لأنهم أخذوا عنهم في جوانب كثيرة مما يتعلق بصفات الله سبحانه وتعالى ويبين هذا أي يبين عدم كسرهم للفلاسفة بقوله: (لكن أولئك الملاحدة ألزموهم في النصوص)يعني نصوص الصفات (ألزموهم في النصوص نصوص المعاد نظير ما ادعوه في نصوص الصفات)أهل التأويل أولوا أي النصوص؟ أولوا نصوص الصفات وأثبتوا نصوص المعاد على ما جاءت دون تأويل وأهل التخييل أولوا الجميع أولوا نصوص المعاد وأولوا نصوص الصفات فاحتج أهل التخييل على أهل التأويل بقولهم: أنتم أولتم في الصفات فلماذا لا تأولون في المعاد فهم شاركوهم في بعض ضلالهم فألزموهم بأن يطردوا القاعدة في جميع النصوص حتى يسلموا من التناقض لأن التناقض دليل الفساد هذه قاعدة أي قول تجد فيه تناقض فهذا دليل فساده فهؤلاء تناقضوا فأولوا شيئا وأثبتوا شيئا فدل ذلك على فساد طريقهم.   ([1]) سورة:الفاتحة: آية (6-7).        ([2]) سورة:الفاتحة: آية (7).

المشاهدات:3371


 (والصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن سلك سبيلهم في هذا الباب على سبيل الاستقامة. وأما المنحرفون عن طريقهم: فهم " ثلاث طوائف ": أهل التخييل وأهل التأويل وأهل التجهيل. (فأهل التخييل: هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم من متكلم ومتصوف ومتفقه. فإنهم يقولون: إن ما ذكره الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور لا أنه بين به الحق ولا هدى به الخلق ولا أوضح به الحقائق. ثم هم على قسمين: منهم من يقول: إن الرسول لم يعلم الحقائق على ما هي عليه. ويقولون: إن من الفلاسفة الإلهية من علمها وكذلك من الأشخاص الذين يسمونهم الأولياء من علمها ويزعمون أن من الفلاسفة والأولياء من هو أعلم بالله واليوم الآخر من المرسلين. وهذه مقالة غلاة الملحدين من الفلاسفة والباطنية: باطنية الشيعة وباطنية الصوفية. ومنهم من يقول: بل الرسول علمها لكن لم يبينها وإنما تكلم بما يناقضها وأراد من الخلق فهم ما يناقضها؛ لأن مصلحة الخلق في هذه الاعتقادات التي لا تطابق الحق. ويقول هؤلاء: يجب على الرسول أن يدعو الناس إلى اعتقاد التجسيم مع أنه باطل وإلى اعتقاد معاد الأبدان مع أنه باطل ويخبرهم بأن أهل الجنة يأكلون ويشربون مع أن ذلك باطل. قالوا: لأنه لا يمكن دعوة الخلق إلا بهذه الطريق التي تتضمن الكذب لمصلحة العباد. فهذا قول هؤلاء في نصوص الإيمان بالله واليوم الآخر. (وأما الأعمال فمنهم من يقرها ومنهم من يجريها هذا المجرى. ويقول: إنما يؤمر بها بعض الناس دون بعض ويؤمر بها العامة دون الخاصة فهذه طريقة الباطنية الملاحدة والإسماعيلية ونحوهم).



بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين أما بعد. .



فأعاد الشيخ رحمه الله بعد كلامه السابق إلى تصنيف الطوائف المنحرفة في باب أسماء الله وصفاته أو في باب الإخبار عنه سبحانه وتعالى وضم إليه الانحراف في باب ما أخبر به سبحانه وتعالى عما يقع في اليوم الآخر فقال مبينا منهج السلف (والصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن سلك سبيلهم في هذا الباب)أي في باب ما يتعلق بالله سبحانه وتعالى على سبيل الاستقامة من غير غلو ولا تفريط ثم قال: (وأما المنحرفون عن طريقهم فهم ثلاث طوائف في الجملة أهل التخييل وأهل التأويل وأهل التجهيل)ثم شرع رحمه الله في الكلام على كل طائفة على سبيل الإجمال لأن هذه القسمة التي ذكرها الشيخ رحمه الله هي قسمة عامة يندرج فيها أكثر من فرقة فمثلا أهل التأويل يدخل فيهم الأشاعرة ويدخل فيهم الكلابية ويدخل فيهم المعتزلة ويدخل فيهم الجهمية ويدخل فيهم غلاة الجهمية أيضا وكذلك أهل التخييل وأهل التجهيل مراتب بدع لها مراتب وصور فهو يتكلم عن أصول هذه البدع ويذكر الجامع في كل بدعة فذكر أولا أهل التخييل فقال: (فأهل التخييل هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم من متكلم ومتصوف ومتفقه)هم (المتفلسفة)أي هم الذين اشتغلوا بالفلسفة وما جاء عن اليونان وما ورثوه عن أرسطو وغيره من الضلال (ومن سلك سبيلهم من متكلم)  يعني ولو لم يكن مصنفا منهم إلا أنه سلك سبيلهم في بعض ما ذهبوا إليه (ومتصوف ومتفقه)فبين ما يقوله هؤلاء قال: (فإنهم يقولون إن ما ذكر الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور)تخييل للحقائق أي تصوير وتكييف لأمر لا واقع له تخييل هو تصوير الأمر الذي لا واقع له فهم يخيلون حقائق لا واقع لها لينتفع به أي بهذا التخييل الجمهور وهم عموم الناس (لا أنه بين به الحق) يعني لا أنه بين بما جاء به من الإخبار عن الله عز وجل أو الإخبار عن اليوم الآخر بالحق المبين إنما جاء بأمور تخييلية (لا واقع لها لا أنه بين به الحق ولا هدى به الخلق ولا أوضح به الحقائق)ثم هؤلاء الضلال المكذبون لله ورسوله على قسمين (منهم من يقول أن الرسول لم يعلم الحقائق على ما هي عليه ويقولون إن من المتفلسفة الإلهية من علمها وكذلك من الأشخاص الذين يسمونهم الأولياء من علمها ويزعمون أن من الفلاسفة والأولياء من هو أعلم بالله وباليوم الآخر من المرسلين)وهذا من الكفر المبين أن يجعل هؤلاء الضلال أعلم بالله ورسوله من الرسل الصادقين المصدقين من الله جل وعلا (وهذه مقالة غلاة الملحدين من الفلاسفة والباطنية)  قال: (باطنية الشيعة وباطنية الصوفية)فالباطنية مذهب منه ما يوجد عند الشيعة ومنه ما يوجد عند الصوفية ومنه ما يوجد عند غيرهم فمن باطنية الشيعة الإسماعيلية الذين يقولون إن ما أخبر الله سبحانه وتعالى به إنما هو تخييل لا حقيقة له فلا بعث ولا نشور ولا صحة لما ذكر الرسل عن الله عز وجل من الأسماء والصفات وغير ذلك من الأقوال الباطلة وباطنية الصوفية كابن عربي والحلاج وغيرهم من الذين ضلوا واعتقدوا الكذب من الرسل فيما أخبروا وأنهم يتلقون عن الله عز وجل وأن ما تخبر به الرسل ليس على الحقيقة إنما هو لأجل نفع الناس.



قال: (ومنهم من يقول) هذا القسم الثاني: (بل الرسول علمها)يعني علم حقائق هذه الأشياء حقائق ما أخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه أو أخبر به سبحانه وتعالى عما يكون في اليوم الآخر (لكن لم يبينها وإنما تكلم بما يناقضها)وهذا من أعظم الافتراء والكذب على الرسل وهذه بدعة مغلظة وهي أشد من الأولى لأن الأولى فيها تهمة الأنبياء بعدم العلم والثانية فيها تهمتهم بالعلم والتضليل وهذا هو سبيل المغضوب عليهم الذين علموا وكتموا ولم يعملوا بما علموا وأما القسم الأول فهو سبيل الضالين الذين لم يعلموا والأنبياء منزهون عن هذين الطريقين فطريقهم تام العلم تام العمل ولذلك شرع الله لأهل الإيمان أن يسألوه سبحانه وتعالى أن يهديهم صراطه المستقيم﴿اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم﴾([1])وهم الرسل والأنبياء والصالحون والشهداء ولتوضيح هذا السبيل استثنى طريقين ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾([2])فالمغضوب عليهم هم الذين علموا ولم يعملوا والضالون هم الذين عملوا بلا علم فالفلاسفة جعلوا الأنبياء والرسل إما من المغضوب عليهم أو من الضالين وهذا فيه أعظم التكذيب لهم والفرية عليهم والتنقص لله جل وعلا الذي أقر هؤلاء وأيدهم ونصرهم.



ثم قال: (وأراد من الخلق فهم ما يناقضها)أي الرسول (لأن مصلحة الخلق في هذه الاعتقادات التي لا تطابق الحق) وأي مصلحة هذه التي يزعمون إنما هي خيالات وشبه، قال: (ويقول هؤلاء يجب على الرسول أن يدعو الناس إلى اعتقاد التجسيم مع أنه باطل والى اعتقاد معاد الأبدان مع أنه باطل)يعني لن يكون وهو كذب (ويخبرهم بأن أهل الجنة يأكلون ويشربون مع أن ذلك باطلقالوا: لأنه لا يمكن دعوة الخلق)هذا في بيان المصلحة التي زعموها (لأنه لا يمكن دعوة الخلق إلا بهذه الطريقة التي تتضمن الكذب لمصلحة العباد)فلو جاءت الرسل تدعو إلى الله وتبين للناس حقائق الأمور على ما هي عليه دون هذه الكذبات ودون هذه الافتراءات التي زعموها لما صدقهم احد ولما تبعهم أحد فكذب الرسل في الإخبار بأن الله يبعث الناس وأن أهل الجنة يتنعمون بالأكل والشرب وغير ذلك لمصلحة كبرى وهي أن ينقاد الناس إلى الخير وينصرفوا عن الشر قال: (فهذا قول هؤلاء في نصوص الإيمان بالله واليوم الآخر)يعني فيما يتعلق بالعقائد (وأما الأعمال)أي وأما ما جاءت به الرسل من الأعمال كالأمر بالصلاة والأمر بالزكاة والصوم والحج وغير ذلك من العبادات (فمنهم من يقرها)يثبتها على ما جاءت (ومنهم من يجريها هذا المجرى)أي مجرى الأمور الخبرية الاعتقادية فيقول فيها: إن الرسل قد ضللوا وإنما أمروا بهذا لمصلحة العباد و إلا فإن المقصود بالصلاة ليست الصلاة التي بينها النبي eلأمته إنما هو أمور باطلة لا يعلمها إلا الخواص وهذا من أعظم النقض والكذب على الشريعة.



يقول: (ويقول: إنما يؤمر بها بعض  الناس دون بعض، يؤمر بها العوام) أما الخواص الذين يفهمون معنى هذه العبادات على حقيقتها يفهمون معنى الحج ومعنى الصيام ومعنى الزكاة ومعنى الصلاة المعنى الحقيق لا حاجة بهم إلى أن يصلوا ولا إلى أن يحجوا ولا إلى أن يصوموا ولا إلى أن يزكوا الزكاة التي فرضت على العامة.



ثم قال: (ويؤمر بها العامة دون الخاصة فهذه طريقة الباطنية الملاحدة الإسماعيلية ونحوهم) وهذه الطريق مستنكرة مكذبة مكروهة ظاهرة البطلان عند كل من يؤمن بالله واليوم الآخر ولذلك لم  يطل الشيخ رحمه الله في نقض هذه الطريق إنما اكتفى بذكر طريقتهم دون النقض لها لأنها بينة العوام لا تلتبس على من في قلبه إيمان بالله واليوم الآخر.



ثم انتقل الشيخ رحمه الله إلى الطائفة الثانية فقال:



(وأما أهل التأويل فيقولون: إن النصوص الواردة في الصفات لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس الباطل ولكن قصد بها معاني ولم يبين لهم تلك المعاني ولا دلهم عليها؛ ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها ومقصوده امتحانهم وتكليفهم وإتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه ويُعرف الحق من غير جهته وهذا قول المتكلمة والجهمية والمعتزلة ومن دخل معهم في شيء من ذلك. يعني مثبتة الصفاتوالذين قصدنا الرد في هذه الفتيا عليهم: هم هؤلاء؛ إذ كان نفور الناس عن الأولين مشهورا بخلاف هؤلاء فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة وهم - في الحقيقة - لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا) أهل التأويل بين الشيخ رحمه الله قولهم فقال: فيقولون : (إن النصوص الورادة في الصفات لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس الباطل) فهؤلاء حفظوا جانب الرسالة من التضليل والكذب وإنما تعبدهم أن يصلوا إلى المقصود يقولون:  إن الرسل لم تبين هذه المعاني بياناً واضحاً لا لقصد التضليل إنما لتعبد الناس للوصول إلى هذا المقصود ولذلك قال: (ولكن قصد بها معانيولم يبين  لهم تلك المعاني ولا دلهم عليهم ولكن أراد أن ينظروا يعني بأنفسهم ويستقلوا بعقولهم)في معرفة المراد (فيعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها) إلى ذلك الحق المراد وفي هذا طعن في الرسل من جهة أنهم لم يبينوا للناس الهدى و إنما أتوا بما زادهم التباساً واضطراباً لأن العقول إذا كانت تستقل بمعرفة ما  يجب لله سبحانه وتعالى من الأسماء والصفات فما الحاجة إلى الإتيان بالنصوص فالإتيان بالنصوص التي ظواهرها يخالف المراد منها في الحقيقة زيادة عناء وتطويل وتعب وتضليل ولا فائدة فيه فهذا تنقص للرسل من هذه الجهة فهم سلموا من اتهام الرسل بكونهم من المغضوب عليهم أو الضالين لكنهم لم يسلموا من أن الرسل كانوا سبباً في حيرة الناس وتناقضهم واضطرابهم واختلافهم والتباس الأمر عليهم.



قال: (ومقصوده امتحانهم)أي تعبدهم (وتكليفهمواتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه ويعرف الحق من غير جهته)أي من غير الجهة التي يجب أن يعرف منها وهي جهة الرسل (وهذا قول المتكلمة والجهمية والمعتزلة)لأنهم من أضل الناس في باب الأسماء والصفات وهم من أعتى أهل التأويل ضلالاً وأشدهم بعداً عن طريق أهل السنة والجماعة.



ثم قال: (ومن دخل معهم في شيء من ذلك)ويريد من ذلك مثبتة الصفات الذين دخلوا معهم في بعض ما ذهبوا إليه من البدع بإنكار بعض ما وصف الله سبحانه وتعالى به نفسه أو بتأويله عن الحق قال: (والذين قصدنا الرد عليهم في هذه الفتيا عليهم هم هؤلاء)  لأن شبهتهم بينة ومضللة وتلتبس على الناس وقد تقبلها بعض العقول بخلاف أصحاب التخييل الذين  عوارهم وضلالهم وبعدهم عن الحق وتكذيبهم للرسل ظاهر بين (إذا كان نفور الناس) يعني الأولين(مشهور بخلاف هؤلاء فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة)يعني بالرد على أهل التخييل وغيرهم من أهل البدع المغلظة (وهم في الحقيقة لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا) يعني لا نصروا الإسلام الذي جاءت به الرسل لأنهم اضطروا إلى مخالفة الرسل في بعض ما جاءوا به ولا للفلاسفة كسروا أي بينوا ضلال طريقهم لأنهم أخذوا عنهم في جوانب كثيرة مما يتعلق بصفات الله سبحانه وتعالى ويبين هذا أي يبين عدم كسرهم للفلاسفة بقوله: (لكن أولئك الملاحدة ألزموهم في النصوص)يعني نصوص الصفات (ألزموهم في النصوص نصوص المعاد نظير ما ادعوه في نصوص الصفات)أهل التأويل أولوا أي النصوص؟ أولوا نصوص الصفات وأثبتوا نصوص المعاد على ما جاءت دون تأويل وأهل التخييل أولوا الجميع أولوا نصوص المعاد وأولوا نصوص الصفات فاحتج أهل التخييل على أهل التأويل بقولهم: أنتم أولتم في الصفات فلماذا لا تأولون في المعاد فهم شاركوهم في بعض ضلالهم فألزموهم بأن يطردوا القاعدة في جميع النصوص حتى يسلموا من التناقض لأن التناقض دليل الفساد هذه قاعدة أي قول تجد فيه تناقض فهذا دليل فساده فهؤلاء تناقضوا فأولوا شيئا وأثبتوا شيئا فدل ذلك على فساد طريقهم.



 









([1]) سورة:الفاتحة: آية (6-7).       




([2]) سورة:الفاتحة: آية (7).

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83725 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78579 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات73085 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60807 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55204 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52363 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49647 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات48462 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44984 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44284 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف