×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / دروس العقيدة / الفتوى الحموية الكبرى / الدرس (25) من شرح الحموية الكبرى

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس (25) من شرح الحموية الكبرى
00:00:01

 (ثم قال: فصل : وقد قال القائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية : إن معنى قوله ﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾([1])أنه استولى وقهر وملك وأن الله عز وجل في كل مكان وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق وذهبوا في الاستواء إلى القدرة فلو كان كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة؛ لأن الله قادر على كل شيء والأرض فالله قادر عليها وعلى الحشوش وعلى كل ما في العالم فلو كان الله مستويا على العرش بمعنى الاستيلاء - وهو عز وجل مستول على الأشياء كلها - لكان مستويا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقذار لأنه قادر على الأشياء مستول عليها وإذا كان قادرا على الأشياء كلها ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول: إن الله مستو على الحشوش والأخلية لم يجز أن يكون الاستواء على العرش الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها ووجب أن يكون معنى الاستواء يختص العرش دون الأشياء كلها. وذكر دلالات من القرآن والحديث والإجماع والعقل) الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين. أما بعد فذكر المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي الحسن أن المعتزلة والجهمية والحرورية خالفوا فيما تقدم من ذكر الاستواء, والاستواء كما ذكرنا في السابق أنه صفة فعلية أثبتها أهل السنة والجماعة لله سبحانه وتعالى على الوجه الذي يليق به وقد دلت على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة بل إن إثبات استواء الله عز وجل من المتواتر الذي جاءت فيه النصوص واستواء الله عز وجل على العرش ذكرنا أن أهل السنة والجماعة أطلقوا في تفسيره أربعة معان أو أربع كلمات لتفسيره وهذه المعاني الأربعة (العلو ، الصعود, الاستقرار , الارتفاع) هي الكلمات التي وردت عن السلف في تفسير معنى الاستواء وهي تفسير وليست تأويلا يعني وليست تحريفا للكلم عن مواضعه كما سلك أرباب الكلام وقد بين الشيخ فيما نقله عن أبي الحسن تأويلات المتكلمين لهذه الصفة فقال : (وقد قال القائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية)والحرورية: فرقة من فرق الخوارج (أن معنى قوله " الرحمن على العرش استوى " أنه استولى وقهر وملك , استوى بمعنى استولى وقهر وملك) وهذا تحريف للكلم عن مواضعه لأن استوى جاء تفسيرها في كلام السلف بالمعاني المتقدمة وأما تأويلها بأنه استولى وقهر وملك فهذا باطل لا يصح من حيث اللغة ولا من حيث المعنى ومن تأويلاتهم أيضا أن الاستواء بمعنى الإقبال فقالوا: استوى على العرش بمعنى أقبل عليه أو أقبل إليه وكل هذه تأويلات باطلة لم ترد عن السلف وهي مضادة لما فهم من كلام الله سبحانه وتعالى قال: (وإن الله عز وجل في كل مكان) وهذا أمر لا يتعلق بالاستواء فحسب بل يتعلق أيضا بالعلو فإن الاستواء دليل خاص من أدلة علو الله سبحانه وتعالى على خلقه ولذلك استدل به أهل السنة على علو الله سبحانه وتعالى وأما أدلة العلو فهي كثيرة اجتمعت عليه جميع الدلالات من الكتاب ومن السنة ومن الإجماع ومن الفطرة ومن العقل اجتمعت عليه جميع الأدلة , والعلو الذي يثبته أهل السنة والجماعة صفة لله سبحانه وتعالى هو علو الذات وعلو القهر وعلو القدر علو القهر و علو القدر لا خلاف فيه بين أهل القبلة فكلهم يثبت علو القهر وعلو القدر لكنهم اختلفوا في علو الذات فأثبت أهل السنة والجماعة علو الله سبحانه وتعالى بذاته على خلقه , وخالفوا في ذلك أهل الكلام فقالوا: إنه ليس عاليا على خلقه وأولوا النصوص التي فيها إثبات علوه بأنه علو القهر أو علو القدر ليفروا من إثبات علو الذات وهؤلاء الذين نفوا العلو اختلفوا بعد ذلك في هل الله سبحانه وتعالى في كل مكان أو أنه ليس في مكان فمنهم من قال : إنه في كل مكان وهذا قول المعتزلة والأشاعرة وقال آخرون: إنه ليس في مكان وهو قول الجهمية , مقتضى قول الجهمية الذين يقولون : لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا داخل العالم ولا خارج العالم وما إلى ذلك من تفصيلاتهم الباطلة فلما اختلفوا في هذه المسألة ذكرها الشيخ رحمه الله في كلامه وقال: (وإن الله عز وجل في كل مكان وجحدوا أن يكون على عرشه كما قال أهل الحق)وهؤلاء يلزم على قولهم هذا لوازم باطلة يلزم على القولين على قول من نفى أنه داخل العالم وخارجه ومن أثبت أنه في كل مكان يلزم على القولين لوازم باطلة وهم إنما فروا من إثبات العلو لأنهم ادعوا أنه يلزم على إثبات العلو لوازم باطلة لكن يقال لهم في الجواب : إن ما فررتم إليه من أنه سبحانه وتعالى ليس في مكان أو أنه في كل مكان يلزم عليه من اللوازم الباطلة أكثر مما توهتموه في إثبات العلو فإن إثبات العلو لله عز وجل لا يلزم عليه أي لازم باطل , إذ إن كلامه سبحانه وتعالى: ﴿ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ﴾([2])فكلامه محكم لا باطل فيه ثم قال الشيخ رحمه الله : (وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق وذهبوا في الاستواء إلى القدرة)يعني في تفسير الاستواء إلى قدرته (وقالوا: إنه استوى على العرش يعني قدر عليه)وهذا معنى قولهم: استولى , ثم قال الشيخ في مناقشة هذا التأويل الباطل : (فلو كان كما ذكروه)يعني لو كان معنى الاستواء الاستيلاء (لا فرق بين العرش والأرض السابعة لأن الله قادر على كل شيء)على العرش وعلى الأرض السابعة. فالله قادر عليها وعلى الحشوش وعلى كل ما في العالم (فلو كان مستويا على العرش بمعنى الاستيلاء وهو عز وجل مستول على الأشياء كلها لكان مستويا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش وعلى الأقذار لأنه قادر على الأشياء مستول عليها)فلا معنى لتخصيص الاستواء بالعرش في سبع آيات من كتابه قال وإذا كان قادرا على الأشياء كلها ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول : يعني أن يقول القائل إن الله مستو على الحشوش والأخلية لم يجز أن يكون الاستواء على العرش الاستيلاء الذي هو عام في كل شيء فلما كان من الممكن عند أهل الإسلام أن يقولوا : إن الله مستو على الحشوش وعلى الأخليه دل ذلك على أن معنى الاستواء المذكور في كتابه والذي خص به العرش ليس هو معنى الاستيلاء الذي هو ثابت على كل شيء ووجب أن يكون معنى الاستواء يختص بالعرش دون الأشياء كلها وذكر دلالات من القرآن والحديث والإجماع والعقل يعني على ما قرره من أن الاستواء ليس معناه الاستيلاء وأن تفسير الاستواء بالاستيلاء باطل.  ثم قال: (باب الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين وذكر الآيات في ذلك. ورد على المتأولين لها بكلام طويل لا يتسع هذا الموضع لحكايته: مثل قوله فإن سئلنا أتقولون لله يدان؟ قيل: نقول ذلك وقد دل عليه قوله تعالى: ﴿ يد الله فوق أيديهم ﴾([3]) وقوله تعالى ﴿ لما خلقت بيدي ﴾([4]) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده) ([5]) وقد جاء في الخبر المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم :(أن الله خلق آدم بيده وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده)([6]) وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل عملت كذا بيدي ويريد بها النعمة وإذا كان الله إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوما في كلامها ومعقولا في خطابها وكان لا يجوز في خطاب أهل البيان أن يقول القائل: فعلت كذا بيدي ويعني بها النعمة: بطل أن يكون معنى قوله تعالى ﴿بيدي﴾([7]) النعمة. وذكر كلاما طويلا في تقرير هذا ونحوه). وهذا كما ذكر في هذا النقل أن الصواب إثبات هذه الصفة لله سبحانه وتعالى وهي صفة اليدين وهما ثابتتان له سبحانه وتعالى على الوجه الذي يليق به وأما تأويل المؤولين لهذه الصفة بأنها القدرة أو النعمة فهذا تأويل غلط لا تدل عليه النصوص بل النصوص دالة على خلافه وأجاب على تأويل الدين بالنعمة بأجوبة فقال: بعد أن ذكر الآيات والنصوص الدالة على إثبات صفة اليدين له سبحانه وتعالى (وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل: عملت كذا بيدي ويريد بها النعمة)لأن التثنية لا يراد بها إلا عين المعدود ومعلوم أن نعمة الله سبحانه وتعالى لا حصر لها ولا إحصاء لقول الله تعالى : ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾([8])فيصعب إحصاؤها إن عدت , إذا هذا الوجه الأول في إبطال تفسير اليدين بالنعمة : أن اللفظ جاء مثنى جاء بصيغة التثنية ؛ والتثنية لا ترد إلا ويقصد منها العدد المذكور بخلاف الجمع فقد يرد للتعظيم وبخلاف الإفراد أو المفرد فقد يراد به الجنس ولذلك كانت هذه الصيغة التي وردت بها إثبات صفة اليدين من أقوى الأدلة على إثبات هذه الصفة لأنه لا مجال للتأويل فيها بخلاف الإفراد والجمع فقد يقال : إن الجمع للتعظيم وقد يقال: إن الإفراد لجنس النعمة وليس المراد اليد الحقيقية مع أن الأدلة التي فيها الإفراد والجمع دالة أيضا على إثبات صفة اليد له سبحانه وتعالى لأنه لا تنسب هذه الصفة إلا لمن له يد لا تذكر الصفة وتضاف إلى شيء إلا لمن كان متصفا بها فلا تقول هذا ما عمله بيده وليس له يد بل لابد أن يكون من وصف وأضيفت له اليد موصفا بها (وإذا كان الله إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوما في كلامها ومعقولا في خطابها وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيدي ويعني بها النعمة , بطل أن يكون معنى قوله تعالى ﴿بيدي﴾([9])النعمةيقول وذكر كلاما طويلا في تقرير هذا ونحوهوالكلام في تقرير هذه الصفة طويل المراد أن صفة اليد ثابتة لله سبحانه وتعالى وقد وردت في كتابه على ثلاثة أوجه وردت بالإفراد ووردت بالتثنية ووردت بالجمع , الإفراد كقوله: ﴿يد الله فوق أيديهم﴾([10])و كقوله: ﴿يد الله مغلولة﴾([11])والتثنية كقوله : ﴿لما خلقت بيدي﴾([12]), والجمع كقوله ﴿مما عملت أيدينا﴾([13])وكلها دالة على إثبات هذه الصفة له سبحانه وتعالى.  (وقال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني المتكلم - وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري؛ ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده - قال في " كتاب الإبانة " تصنيفه: فإن قال قائل: فما الدليل على أن لله وجها ويدا؟ قيل له قوله: ﴿ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾([14]) وقوله تعالى: ﴿ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي﴾([15]) فأثبت لنفسه وجها ويدا. فإن قال: فلم أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إن كنتم لا تعقلون وجها ويدا إلا جارحة؟ قلنا لا يجب هذا كما لا يجب إذا لم نعقل حيا عالما قادرا إلا جسما أن نقضي نحن وأنتم بذلك على الله سبحانه وتعالى وكما لا يجب في كل شيء كان قائما بذاته أن يكون جوهرا؛ لأنا وإياكم لم نجد قائما بنفسه في شاهدنا إلا كذلك وكذلك الجواب لهم إن قالوا: يجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفات ذاته عرضا واعتلوا بالوجود. وقال: " فإن قال فهل تقولون إنه في كل مكان "؟ . قيل له: معاذ الله بل مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ ([16])وقال الله تعالى: ﴿إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾([17]) وقال: ﴿أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور الأرض فإذا هي تمور﴾([18]) قال: ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه والحشوش والمواضع التي يرغب عن ذكرها؛ ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان؛ ولصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض وإلى خلفنا وإلى يميننا وإلى شمالنا وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله. وقال أيضا في هذا الكتاب: صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفا بها: هي الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والبقاء والوجه والعينان واليدان والغضب والرضا. وقال في " كتاب التمهيد " كلاما أكثر من هذا - لكن ليست النسخة حاضرة عندي - وكلامه وكلام غيره من المتكلمين في مثل هذا الباب كثير لمن يطلبه). الشيخ رحمه الله وأمانته في النقل يقول: وقد وجد هذا الكتاب وحققه بعضهم بعض أهل الزيغ والضلال ولم يجد فيه هذا المقطع من الكلام الذي نقله شيخ الإسلام وأيضا نقله ابن القيم فكتب أن ما ذكر عن الباقلاني وهو من أئمة الأشاعرة يعني هو المجدد الثاني والذي سعى في تقعيد مذهب الأشعري ونشره بين الناس قالوا إن ما نسبه إليه شيخ الإسلام من هذا الكلام ليس صحيحا وليس موجودا في الكتاب المذكور كتاب التمهيد وأبطل الله كيدهم وكذبهم حيث إن الكتاب حققه مستشرق من نسخة أخرى ووجد فيه ما نقله الشيخ بنصه وهذا من توفيق الله ونصرته لأهل الحق . (وكلامه وكلام غيره من المتكلمين في مثل هذا الباب كثير لمن يطلبه وإن كنا مستغنين بالكتاب والسنة وآثار السلف عن كل كلام.)وهذا ليقر به من يعظم هؤلاء من المتكلمة وهذا احتجاج على هؤلاء بكلامهم لأنك إذا قلت :قال الباقلاني استسلم الخصم لأنه يجله ويقدره ويعده من كبار الأئمة قال الجويني: قال الأشعري يستسلم في هذه الحالة وما من إنسان ذهب مذهبا من مذاهب المتكلمين إلا وجدت في كلامه ما ينقض قاعدته ولذلك أسلم الطرق وأحكمها وأضبطها وأبعدها عن الاضطراب طريق أهل السنة والجماعة المطرد في باب أسماء الله عز وجل وصفاته. (وملاك الأمر " أن يهب الله للعبد حكمة وإيمانا بحيث يكون له عقل ودين حتى يفهم ويدين ثم نور الكتاب والسنة يغنيه عن كل شيء؛ ولكن كثيرا من الناس قد صار منتسبا إلى بعض طوائف المتكلمين ومحسنا للظن بهم دون غيرهم ومتوهما أنهم حققوا في هذا الباب ما لم يحققه غيرهم؛ فلو أتى بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم. ثم هم مع هذا مخالفون لأسلافهم غير متبعين لهم؛ فلو أنهم أخذوا بالهدى: الذي يجدونه في كلام أسلافهم لرجي لهم مع الصدق في طلب الحق أن يزدادوا هدى). أسلافهم تخبطوا وضلوا وضربوا في طرق عديدة ثم رجعوا في آخر أمرهم إلى بدايات طريق السلف فلو أن هؤلاء ابتدؤوا من حيث انتهى أئمتهم لكان خيرا لهم مع الصدق في الطلب , في طلب الحق إلى زيادة هدى وخير ولكن هؤلاء أعرضوا عن نهاياتهم وابتدؤوا ببداياتهم أي ببدايات أئمتهم فتخبطوا وضلوا وكان خاتمة كثير منهم أن وصل إلى حيث يبتدىء أهل السنة والجماعة. (ومن كان لا يقبل الحق إلا من طائفة معينة؛ ثم لا يتمسك بما جاءت به من الحق: ففيه شبه من اليهود الذين قال الله فيهم: ﴿وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين﴾([19]) فإن اليهود قالوا لا نؤمن إلا بما أنزل علينا. قال الله تعالى لهم ﴿تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين﴾ أي إن كنتم مؤمنين بما أنزل عليكم يقول سبحانه وتعالى لا لما جاءتكم به أنبياؤكم تتبعون ولا لما جاءتكم به سائر الأنبياء تتبعون ولكن إنما تتبعون أهواءكم فهذا حال من لم يتبعوا الحق لا من طائفته ولا من غيرها مع كونه يتعصب لطائفته بلا برهان من الله ولا بيان). ما أصدق بيانه وأجمل كلامه رحمه الله يعني وهو يبين لهؤلاء أنكم إذا لم تقبلوا كلام السلف وقلتم: إنهم لم يخاطبوا بهذه المعاني فاقبلوا كلام أئمتكم ولا تكونوا كالذين ذمهم الله بأن تركوا كلام أنبيائهم وتركوا كلام الأنبياء غير أنبيائهم. ([1])سورة: (طه:5).      ([2]) سورة: فصلت : آية (42).       ([3]) سورة: الفتح: آية (10).         ([4]) سورة: ص: آية (75). ([5]) أما مسح الله لظهر آدم بيده فهو ثابت من حديث عمر بن الخطاب أخرجه: مالك (1661) ، وأحمد (313) ، والترمذي (3075) ، وأبوداود (4703) من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب عن مسلم بن يسار الجهني عن عمر بن الخطاب.   ([6]) أخرجه : البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص : 403).      ([7]) سورة:ص: آية (75). ([8]) سورة: النحل: آية (18).         ([9])سورة:ص: آية (75).   ([10]) سورة: الفتح: آية (10) . ([11]) سورة: المائدة: آية (64).       ([12]) سورة:ص: آية (75) . ([13]) سورة: يس: آية (71).       ([14])سورة: الرحمن: آية (27).       ([15])سورة: ص: آية (75). ([16]) سورة: طه: آية (5).          ([17]) سورة: فاطر: آية (10). ([18]) سورة: الملك: آية (16). ([19]) سورة: البقرة: آية (91).

المشاهدات:3994


 (ثم قال: فصل : وقد قال القائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية : إن معنى قوله ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ([1])أنه استولى وقهر وملك وأن الله عز وجل في كل مكان وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق وذهبوا في الاستواء إلى القدرة فلو كان كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة؛ لأن الله قادر على كل شيء والأرض فالله قادر عليها وعلى الحشوش وعلى كل ما في العالم فلو كان الله مستوياً على العرش بمعنى الاستيلاء - وهو عز وجل مستول على الأشياء كلها - لكان مستوياً على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقذار لأنه قادر على الأشياء مستول عليها وإذا كان قادراً على الأشياء كلها ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول: إن الله مستو على الحشوش والأخلية لم يجز أن يكون الاستواء على العرش الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها ووجب أن يكون معنى الاستواء يختص العرش دون الأشياء كلها. وذكر دلالات من القرآن والحديث والإجماع والعقل)



الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين. أما بعد



فذكر المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي الحسن أن المعتزلة والجهمية والحرورية خالفوا فيما تقدم من ذكر الاستواء, والاستواء كما ذكرنا في السابق أنه صفة فعلية أثبتها أهل السنة والجماعة لله سبحانه وتعالى على الوجه الذي يليق به وقد دلت على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة بل إن إثبات استواء الله عز وجل من المتواتر الذي جاءت فيه النصوص واستواء الله عز وجل على العرش ذكرنا أن أهل السنة والجماعة أطلقوا في تفسيره أربعة معان أو أربع كلمات لتفسيره وهذه المعاني الأربعة (العلو ، الصعود, الاستقرار , الارتفاع) هي الكلمات التي وردت عن السلف في تفسير معنى الاستواء وهي تفسير وليست تأويلاً يعني وليست تحريفا للكلم عن مواضعه كما سلك أرباب الكلام وقد بين الشيخ فيما نقله عن أبي الحسن تأويلات المتكلمين لهذه الصفة فقال : (وقد قال القائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية)والحرورية: فرقة من فرق الخوارج (أن معنى قوله " الرحمن على العرش استوى " أنه استولى وقهر وملك , استوى بمعنى استولى وقهر وملك) وهذا تحريف للكلم عن مواضعه لأن استوى جاء تفسيرها في كلام السلف بالمعاني المتقدمة وأما تأويلها بأنه استولى وقهر وملك فهذا باطل لا يصح من حيث اللغة ولا من حيث المعنى ومن تأويلاتهم أيضاً أن الاستواء بمعنى الإقبال فقالوا: استوى على العرش بمعنى أقبل عليه أو أقبل إليه وكل هذه تأويلات باطلة لم ترد عن السلف وهي مضادة لما فهم من كلام الله سبحانه وتعالى قال: (وإن الله عز وجل في كل مكان) وهذا أمر لا يتعلق بالاستواء فحسب بل يتعلق أيضا بالعلو فإن الاستواء دليل خاص من أدلة علو الله سبحانه وتعالى على خلقه ولذلك استدل به أهل السنة على علو الله سبحانه وتعالى وأما أدلة العلو فهي كثيرة اجتمعت عليه جميع الدلالات من الكتاب ومن السنة ومن الإجماع ومن الفطرة ومن العقل اجتمعت عليه جميع الأدلة , والعلو الذي يثبته أهل السنة والجماعة صفة لله سبحانه وتعالى هو علو الذات وعلو القهر وعلو القدر علو القهر و علو القدر لا خلاف فيه بين أهل القبلة فكلهم يثبت علو القهر وعلو القدر لكنهم اختلفوا في علو الذات فأثبت أهل السنة والجماعة علو الله سبحانه وتعالى بذاته على خلقه , وخالفوا في ذلك أهل الكلام فقالوا: إنه ليس عالياً على خلقه وأولوا النصوص التي فيها إثبات علوه بأنه علو القهر أو علو القدر ليفروا من إثبات علو الذات وهؤلاء الذين نفوا العلو اختلفوا بعد ذلك في هل الله سبحانه وتعالى في كل مكان أو أنه ليس في مكان فمنهم من قال : إنه في كل مكان وهذا قول المعتزلة والأشاعرة وقال آخرون: إنه ليس في مكان وهو قول الجهمية , مقتضى قول الجهمية الذين يقولون : لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا داخل العالم ولا خارج العالم وما إلى ذلك من تفصيلاتهم الباطلة فلما اختلفوا في هذه المسألة ذكرها الشيخ رحمه الله في كلامه وقال: (وإن الله عز وجل في كل مكان وجحدوا أن يكون على عرشه كما قال أهل الحق)وهؤلاء يلزم على قولهم هذا لوازم باطلة يلزم على القولين على قول من نفى أنه داخل العالم وخارجه ومن أثبت أنه في كل مكان يلزم على القولين لوازم باطلة وهم إنما فروا من إثبات العلو لأنهم ادعوا أنه يلزم على إثبات العلو لوازم باطلة لكن يقال لهم في الجواب : إن ما فررتم إليه من أنه سبحانه وتعالى ليس في مكان أو أنه في كل مكان يلزم عليه من اللوازم الباطلة أكثر مما توهتموه في إثبات العلو فإن إثبات العلو لله عز وجل لا يلزم عليه أي لازم باطل , إذ إن كلامه سبحانه وتعالى: ﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ﴾([2])فكلامه محكم لا باطل فيه ثم قال الشيخ رحمه الله : (وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهل الحق وذهبوا في الاستواء إلى القدرة)يعني في تفسير الاستواء إلى قدرته (وقالوا: إنه استوى على العرش يعني قدر عليه)وهذا معنى قولهم: استولى , ثم قال الشيخ في مناقشة هذا التأويل الباطل : (فلو كان كما ذكروه)يعني لو كان معنى الاستواء الاستيلاء (لا فرق بين العرش والأرض السابعة لأن الله قادر على كل شيء)على العرش وعلى الأرض السابعة.



فالله قادر عليها وعلى الحشوش وعلى كل ما في العالم (فلو كان مستوياً على العرش بمعنى الاستيلاء وهو عز وجل مستول على الأشياء كلها لكان مستوياً على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش وعلى الأقذار لأنه قادر على الأشياء مستول عليها)فلا معنى لتخصيص الاستواء بالعرش في سبع آيات من كتابه قال وإذا كان قادراً على الأشياء كلها ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول : يعني أن يقول القائل إن الله مستو على الحشوش والأخلية لم يجز أن يكون الاستواء على العرش الاستيلاء الذي هو عام في كل شيء فلما كان من الممكن عند أهل الإسلام أن يقولوا : إن الله مستو على الحشوش وعلى الأخليه دل ذلك على أن معنى الاستواء المذكور في كتابه والذي خص به العرش ليس هو معنى الاستيلاء الذي هو ثابت على كل شيء ووجب أن يكون معنى الاستواء يختص بالعرش دون الأشياء كلها وذكر دلالات من القرآن والحديث والإجماع والعقل يعني على ما قرره من أن الاستواء ليس معناه الاستيلاء وأن تفسير الاستواء بالاستيلاء باطل.



 ثم قال: (باب الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين وذكر الآيات في ذلك. ورد على المتأولين لها بكلام طويل لا يتسع هذا الموضع لحكايته: مثل قوله فإن سئلنا أتقولون لله يدان؟ قيل: نقول ذلك وقد دل عليه قوله تعالى: ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾([3]) وقوله تعالى ﴿ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾([4]) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده) ([5]) وقد جاء في الخبر المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم :(أن الله خـلق آدم بيده وخلـق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده)([6]) وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل عملت كذا بيدي ويريد بها النعمة وإذا كان الله إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوما في كلامها ومعقولا في خطابها وكان لا يجوز في خطاب أهل البيان أن يقول القائل: فعلت كذا بيدي ويعني بها النعمة: بطل أن يكون معنى قوله تعالى ﴿بيَدَيَّ﴾([7]) النعمة. وذكر كلاما طويلا في تقرير هذا ونحوه).



وهذا كما ذكر في هذا النقل أن الصواب إثبات هذه الصفة لله سبحانه وتعالى وهي صفة اليدين وهما ثابتتان له سبحانه وتعالى على الوجه الذي يليق به وأما تأويل المؤولين لهذه الصفة بأنها القدرة أو النعمة فهذا تأويل غلط لا تدل عليه النصوص بل النصوص دالة على خلافه وأجاب على تأويل الدين بالنعمة بأجوبة فقال: بعد أن ذكر الآيات والنصوص الدالة على إثبات صفة اليدين له سبحانه وتعالى (وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب أن يقول القائل: عملت كذا بيدي ويريد بها النعمة)لأن التثنية لا يراد بها إلا عين المعدود ومعلوم أن نعمة الله سبحانه وتعالى لا حصر لها ولا إحصاء لقول الله تعالى : ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾([8])فيصعب إحصاؤها إن عدت , إذاً هذا الوجه الأول في إبطال تفسير اليدين بالنعمة : أن اللفظ جاء مثنى جاء بصيغة التثنية ؛ والتثنية لا ترد إلا ويقصد منها العدد المذكور بخلاف الجمع فقد يرد للتعظيم وبخلاف الإفراد أو المفرد فقد يراد به الجنس ولذلك كانت هذه الصيغة التي وردت بها إثبات صفة اليدين من أقوى الأدلة على إثبات هذه الصفة لأنه لا مجال للتأويل فيها بخلاف الإفراد والجمع فقد يقال : إن الجمع للتعظيم وقد يقال: إن الإفراد لجنس النعمة وليس المراد اليد الحقيقية مع أن الأدلة التي فيها الإفراد والجمع دالة أيضاً على إثبات صفة اليد له سبحانه وتعالى لأنه لا تنسب هذه الصفة إلا لمن له يد لا تذكر الصفة وتضاف إلى شيء إلا لمن كان متصفاً بها فلا تقول هذا ما عمله بيده وليس له يد بل لابد أن يكون من وُصف وأضيفت له اليد موصفا بها (وإذا كان الله إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوماً في كلامها ومعقولاً في خطابها وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيدي ويعني بها النعمة , بطل أن يكون معنى قوله تعالى ﴿بيدَيَّ([9])النعمةيقول وذكر كلاما طويلا في تقرير هذا ونحوهوالكلام في تقرير هذه الصفة طويل المراد أن صفة اليد ثابتة لله سبحانه وتعالى وقد وردت في كتابه على ثلاثة أوجه وردت بالإفراد ووردت بالتثنية ووردت بالجمع , الإفراد كقوله: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾([10])و كقوله: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾([11])والتثنية كقوله : ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾([12]), والجمع كقوله ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾([13])وكلها دالة على إثبات هذه الصفة له سبحانه وتعالى.



 (وقال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني المتكلم - وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري؛ ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده - قال في " كتاب الإبانة " تصنيفه: فإن قال قائل: فما الدليل على أن لله وجهاً ويداً؟ قيل له قوله: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ﴾([14]) وقوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾([15]) فأثبت لنفسه وجها ويدا. فإن قال: فلم أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إن كنتم لا تعقلون وجها ويدا إلا جارحة؟ قلنا لا يجب هذا كما لا يجب إذا لم نعقل حياً عالماً قادراً إلا جسماً أن نقضي نحن وأنتم بذلك على الله سبحانه وتعالى وكما لا يجب في كل شيء كان قائماً بذاته أن يكون جوهراً؛ لأنا وإياكم لم نجد قائما بنفسه في شاهدنا إلا كذلك وكذلك الجواب لهم إن قالوا: يجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفات ذاته عرضاً واعتلوا بالوجود. وقال: " فإن قال فهل تقولون إنه في كل مكان "؟ . قيل له: معاذ الله بل مستو على عرشه كما أخبر في كتابه فقال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ ([16])وقال الله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾([17]) وقال: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ الأرض فإذا هي تمور﴾([18]) قال: ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه والحشوش والمواضع التي يرغب عن ذكرها؛ ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان؛ ولصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض وإلى خلفنا وإلى يميننا وإلى شمالنا وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله. وقال أيضاً في هذا الكتاب: صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفاً بها: هي الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والبقاء والوجه والعينان واليدان والغضب والرضا. وقال في " كتاب التمهيد " كلاماً أكثر من هذا - لكن ليست النسخة حاضرة عندي - وكلامه وكلام غيره من المتكلمين في مثل هذا الباب كثير لمن يطلبه).



الشيخ رحمه الله وأمانته في النقل يقول: وقد وجد هذا الكتاب وحققه بعضهم بعض أهل الزيغ والضلال ولم يجد فيه هذا المقطع من الكلام الذي نقله شيخ الإسلام وأيضا نقله ابن القيم فكتب أن ما ذكر عن الباقلاني وهو من أئمة الأشاعرة يعني هو المجدد الثاني والذي سعى في تقعيد مذهب الأشعري ونشره بين الناس قالوا إن ما نسبه إليه شيخ الإسلام من هذا الكلام ليس صحيحاً وليس موجوداً في الكتاب المذكور كتاب التمهيد وأبطل الله كيدهم وكذبهم حيث إن الكتاب حققه مستشرق من نسخة أخرى ووجد فيه ما نقله الشيخ بنصه وهذا من توفيق الله ونصرته لأهل الحق .



(وكلامه وكلام غيره من المتكلمين في مثل هذا الباب كثير لمن يطلبه وإن كنا مستغنين بالكتاب والسنة وآثار السلف عن كل كلام.)وهذا ليقر به من يعظم هؤلاء من المتكلمة وهذا احتجاج على هؤلاء بكلامهم لأنك إذا قلت :قال الباقلاني استسلم الخصم لأنه يجله ويقدره ويعده من كبار الأئمة قال الجويني: قال الأشعري يستسلم في هذه الحالة وما من إنسان ذهب مذهباً من مذاهب المتكلمين إلا وجدت في كلامه ما ينقض قاعدته ولذلك أسلم الطرق وأحكمها وأضبطها وأبعدها عن الاضطراب طريق أهل السنة والجماعة المطرد في باب أسماء الله عز وجل وصفاته.



(وملاك الأمر " أن يهب الله للعبد حكمة وإيمانا بحيث يكون له عقل ودين حتى يفهم ويدين ثم نور الكتاب والسنة يغنيه عن كل شيء؛ ولكن كثيرا من الناس قد صار منتسبا إلى بعض طوائف المتكلمين ومحسنا للظن بهم دون غيرهم ومتوهما أنهم حققوا في هذا الباب ما لم يحققه غيرهم؛ فلو أتى بكل آية ما تبعها حتى يؤتى بشيء من كلامهم. ثم هم مع هذا مخالفون لأسلافهم غير متبعين لهم؛ فلو أنهم أخذوا بالهدى: الذي يجدونه في كلام أسلافهم لرجي لهم مع الصدق في طلب الحق أن يزدادوا هدى).



أسلافهم تخبطوا وضلوا وضربوا في طرق عديدة ثم رجعوا في آخر أمرهم إلى بدايات طريق السلف فلو أن هؤلاء ابتدؤوا من حيث انتهى أئمتهم لكان خيراً لهم مع الصدق في الطلب , في طلب الحق إلى زيادة هدى وخير ولكن هؤلاء أعرضوا عن نهاياتهم وابتدؤوا ببداياتهم أي ببدايات أئمتهم فتخبطوا وضلوا وكان خاتمة كثير منهم أن وصل إلى حيث يبتدىء أهل السنة والجماعة.



(ومن كان لا يقبل الحق إلا من طائفة معينة؛ ثم لا يتمسك بما جاءت به من الحق: ففيه شبه من اليهود الذين قال الله فيهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾([19]) فإن اليهود قالوا لا نؤمن إلا بما أنزل علينا. قال الله تعالى لهم ﴿تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي إن كنتم مؤمنين بما أنزل عليكم يقول سبحانه وتعالى لا لما جاءتكم به أنبياؤكم تتبعون ولا لما جاءتكم به سائر الأنبياء تتبعون ولكن إنما تتبعون أهواءكم فهذا حال من لم يتبعوا الحق لا من طائفته ولا من غيرها مع كونه يتعصب لطائفته بلا برهان من الله ولا بيان).



ما أصدق بيانه وأجمل كلامه رحمه الله يعني وهو يبين لهؤلاء أنكم إذا لم تقبلوا كلام السلف وقلتم: إنهم لم يخاطبوا بهذه المعاني فاقبلوا كلام أئمتكم ولا تكونوا كالذين ذمهم الله بأن تركوا كلام أنبيائهم وتركوا كلام الأنبياء غير أنبيائهم.







([1])سورة: (طـه:5).     




([2]) سورة: فصلت : آية (42).      




([3]) سورة: الفتح: آية (10).        




([4]) سورة: صّ: آية (75).




([5]) أما مسح الله لظهر آدم بيده فهو ثابت من حديث عمر بن الخطاب أخرجه: مالك (1661) ، وأحمد (313) ، والترمذي (3075) ، وأبوداود (4703) من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب عن مسلم بن يسار الجهني عن عمر بن الخطاب.  




([6]) أخرجه : البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص : 403).     




([7]) سورة:صّ: آية (75).




([8]) سورة: النحل: آية (18).        




([9])سورة:صّ: آية (75).  




([10]) سورة: الفتح: آية (10) .




([11]) سورة: المائدة: آية (64).      




([12]) سورة:صّ: آية (75) .




([13]) سورة: يّـس: آية (71).      




([14])سورة: الرحمن: آية (27).      




([15])سورة: صّ: آية (75).




([16]) سورة: طـه: آية (5).         




([17]) سورة: فاطر: آية (10).




([18]) سورة: الملك: آية (16).




([19]) سورة: البقرة: آية (91).

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83168 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78230 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72542 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60683 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55031 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52239 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49437 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات47980 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44831 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44138 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف