×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / التفسير وعلومه / القواعد الحسان / الدرس(55) من شرح القواعد الحسان

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس(55) من شرح القواعد الحسان
00:00:01

قال المؤلف رحمه الله :"القاعدة الخامسة والخمسون: يكتب للعبد عمله الذي باشره، ويكمل له ما شرع فيه وعجز عن تكميله([1])، ويكتب له ما نشأ عن عمله". وهٰذا من فضل الله وسعة رحمته أنه (يكتب للعبد عمله الذي باشره)؛ يعني الذي قام به. والثاني: (ويكمل له ما شرع فيه) من العمل، يعني ولو لم يكمله، بشرط أن يمنع منه مانع خارج عن إرادة الإنسان. الثالث: (ويكتب له ما نشأ عن عمله) أي نتائج عمله وما ترتب عليه، وسيأتي في كلام المؤلف رحمه الله بيان ذلك. (فهذه الأمور الثلاثة وردت في القرآن. أما الأعمال التي باشرها العبد فأكثر من أن تحصى النصوص الدالة عليها، كقوله: ﴿بما كنتم تعملون﴾،([2]) ﴿لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت﴾،([3]) ﴿لي عملي ولكم عملكم﴾،([4]) ونحو ذلك. وأما الأعمال التي شرع العبد فيها ولما يكملها([5]): فكقوله تعالى:﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله﴾،([6]) فهذا خرج للهجرة([7])، وأدركه الأجل قبل تكميل عمله، فأخبر تعالىٰ أنه وقع أجره على الله([8])،  فكل من شرع في عمل من أعمال الخير، ثم عجز عن إتمامه بموت أو عجز بدني أو عجز مالي أو مانع داخلي أو خارجي، وكان من نيته لولا المانع لأتمه([9]) فقد وقع أجره على الله. ((فإنما الأعمال بالنيات)) ([10])،  وقال تعالى: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾([11]). فكل من اجتهد في الخير هداه الله الطريق الموصلة إليه، سواء أكمل ذلك العمل أو حصل له عائق عنه). ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذين تخلفوا عنه في غزوة تبوك: ((إن أقواما في المدينة ما سرتم مسيرا ولا نزلتم واديا إلا شركوكم في الأجر)). قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: ((وهم بالمدينة، حبسهم العذر)) ([12]) وفي رواية: ((حبسهم المرض))([13]). فهٰؤلاء قوم خرجوا بقلوبهم ونياتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عجزوا عن الخروج بأبدانهم وأشباحهم، فالأشباح والصور محبوسة في المدينة بسبب المرض والعذر؛ لكن القلوب خارجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يضيع من أحسن عملا، وهؤلاء أحسنوا، فلهم من الأجر نظير ما لمن باشر العمل بصدقه ورغبته، وهٰذا من فضل الله وواسع رحمته. والمؤمن إذا تدبر هٰذا حرص على أن يقيم في قلبه نية صالحة في كل وقت، أدرك ذلك أو لم يدركه، أهم شيء العزيمة على الرشد، فنسأل الله عز وجل العزيمة على الرشد. (وأما آثار أعمال العبد فقد قال تعالى: ﴿إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا﴾،([14]) أي: باشروا عمله ﴿وآثارهم﴾، التي ترتبت على أعمالهم من خير وشر([15]). وقال في المجاهدين: ﴿ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾،([16]) فكل هذه الأمور من آثار عملهم، ثم ذكر أعمالهم التي باشروها بقوله: ﴿ولا ينفقون نفقة﴾.([17]) إلىٰ آخر الآية). أشار الله عز وجل إلى الفرق بين نوعي العمل في سياق هاتين الآتين: ففي الآية الأولى قال: ﴿ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح﴾. الثانية ماذا قال جل وعلا؟ ﴿ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم﴾ ما قال (به عمل صالح)، فجعل النفقة وقطع الوادي مكتوبا، وأما في القسم الأول فقال: ﴿إلا كتب لهم به عمل صالح﴾؛ لأنه فرق بين الأمرين: فما ذكر في الآية الأولى هو ثمار الأعمال ونتائجها، وهي ليست من كسب الإنسان، الظمأ والنصب والمخمصة ليست من كسب الإنسان، إنما هو أمر ترتب ونتج عن طاعة الله عز وجل. وأما الثاني فإنه عمل منه: فالنفقة عمل منه، وقطع الوادي عمل منه؛ ولذلك كتب له. وهٰذا الفرق بين التفريق في الآيتين: في الأولى: قال: ﴿إلا كتب لهم به عمل صالح﴾. وفي الثانية: قال: ﴿إلا كتب لهم﴾ فذاك كتب لهم؛ لأنه عمل صالح في ذاته. وأما الأول فليس المخمصة أي المجاعة ولا الظمأ ولا النصب عملا صالحا في ذاته، ما أحد يؤجر على الجوع إلا بنية وهي نية التعبد: إما بصيام، أو أن يصيبه ذلك نتيجة عمل صالح، كالجهاد وقتال الكفار. واضح الفرق بين الآيتين: الأول: نتائج. والثاني: أعمال. نعم. (والأعمال التي هي من آثار عمل العبد نوعان:) هٰذا التفريق مهم تنبه له. (أحدهما: أن تقع بغير قصد من الإنسان، كأن يعمل أعمالا صالحة خيرية، فيقتدي به غيره في هذا الخير، فإن ذلك من آثار عمله. وكمن يتزوج بغير نية حصول الأولاد الصالحين([18])، فيعطيه الله أولادا صالحين، فإنه ينتفع بهم وبدعائهم. والثاني: وهو أشرف النوعين: أن يقع ذلك بقصده، كمن علم (غيره) علما نافعا، فنفس تعليمه ومباشرته له من أجل الأعمال، ثم ما حصل من العلم والخير المترتب على ذلك، فإنه([19]) من آثار عمله. وكمن يفعل الخير ليقتدي به الناس، أو يتزوج لأجل([20]) حصول الذرية الصالحين([21])، فيحصل مراده،  فإن هذا من آثار عمله، وكذلك من يزرع زرعا أو يغرس غرسا أو يباشر صناعة مما ينتفع بها الناس في أمور دينهم ودنياهم، فقد قصد بذلك حصول النفع([22])، فما ترتب من نفع ديني أو دنيوي على هذا العمل فإنه من آثار عمله، وإن كان يأخذ على عمله الأخير أجرا وعوضا، فإن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة: صانعه وراميه والممد له([23])). وبهذا نعرف أن العمل الصالح -العمل النافع- يحصل به الأجر للإنسان على كل حال، إذا كان العمل متعديا، العمل النافع المتعدي يحصل للإنسان به الأجر على كل حال، والفارق بين الأجرين هو النية والاحتساب، فبالاحتساب يعظم الأجر ويكبر، وبدونه يكون الأجر ثابتا إلا أنه دون أجر من نوى واحتسب، ولذلك ينبغي للمؤمن أن يحتسب الخير والنفع، ولا يلزم في الخير والنفع التعيين، يعني لا يلزم مثلا إذا ألقى كلمة في مجموعة أن يكون النفع مقصورا على هٰؤلاء، فلينو النفع مطلقا: رفع الجهل عن غيره، فلو أن أحدهم ذهب ونقل هٰذا الكلام إلىٰ شخص آخر أو أنه سجل ونقل بعد مماته بسنين وسمعه أحد وانتفع به كان له أجر أعظم من أجر النفع المجرد؛ يعني أعظم من أجر ذلك الذي لم ينو إلا نفع أشخاص معينين، أو لم ينو النفع، إنما فعل خيرا وأثمر هذا الخير وأنتج خيرات كثيرة. ولذلك ينبغي للمؤمن أن يلاحظ نيته، كما ذكرنا قبل قليل أن يعزم على الخير في كل حين ووقت، يشمل الذي يمده له ليرمي به، والممد له الذي يبذل المال ليوفره للغزاة والمجاهدين، يشمل كل هذا. ([1]) في نسخة: قهرا عنه. ([2]) سورة : المائدة (105). ([3]) سورة : البقرة (286). ([4]) سورة : يونس (41). ([5]) في نسخة: وعجز العبد عن تكميلها. ([6]) سورة : النساء (100). ([7]) في نسخة: قاصدا الهجرة. ([8]) في نسخة: فأتم الله له ما قصد إليه وأعطاه أجره. ([9]) في نسخة: وكان من نيته -لولا المانع- إكماله. ([10])  البخاري: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم... حديث رقم (1). مسلم: كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال. حديث رقم (1907). ([11]) سورة : العنكبوت (69). ([12]) البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب من حبسه العذر عن الغزو، حديث رقم (2839). ([13]) مسلم: كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، حديث رقم (1911). ([14]) سورة : يس (12). ([15]) في نسخة: في الدنيا والآخرة. ([16]) سورة : التوبة (120). ([17]) سورة : التوبة (121). وهي: ﴿ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون﴾. ([18]) في نسخة: بقصد الإعفاف فقط. ([19]) في نسخة: هٰذا. ([20]) في نسخة: للعفة ول. ([21]) في نسخة: الصالحة. ([22]) في نسخة: له ولغيره. ([23]) سنن الترمذي: كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، حديث رقم (1637).     سنن أبي داوود: كتاب الجهاد، باب في الرمي، حديث رقم (2513).     سنن النسائي: كتاب الجهاد، باب ثواب من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل، حديث رقم (3146). قال الشيخ الألباني: ضعيف.  وصححه الحاكم وابن خزيمة.

المشاهدات:3895


قال المؤلف رحمه الله :"القاعدة الخامسة والخمسون: يُكتب للعبد عمله الذي باشره، ويكمَّل له ما شرع فيه وعجز عن تكميله([1])، ويكتب له ما نشأ عن عمله".



وهـٰذا من فضل الله وسعة رحمته أنه (يُكتب للعبد عمله الذي باشره)؛ يعني الذي قام به.



والثاني: (ويكمل له ما شرع فيه) من العمل، يعني ولو لم يكمله، بشرط أن يمنع منه مانع خارج عن إرادة الإنسان.



الثالث: (ويكتب له ما نشأ عن عمله) أي نتائج عمله وما ترتب عليه، وسيأتي في كلام المؤلف رحمه الله بيان ذلك.



(فهذه الأمور الثلاثة وردت في القرآن.



أما الأعمال التي باشرها العبد فأكثر من أن تحصى النصوص الدالة عليها، كقوله: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾،([2]) ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾،([3]) ﴿لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ﴾،([4]) ونحو ذلك.



وأما الأعمال التي شرع العبد فيها ولما يكملها([5]): فكقوله تعالى:﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾،([6]) فهذا خرج للهجرة([7])، وأدركه الأجل قبل تكميل عمله، فأخبر تعالىٰ أنه وقع أجره على الله([8])،  فكل من شرع في عمل من أعمال الخير، ثم عجز عن إتمامه بموت أو عجزٍ بدني أو عجز مالي أو مانع داخلي أو خارجي، وكان من نيته لولا المانع لأتمه([9]) فقد وقع أجره على الله. ((فإنما الأعمال بالنيات)) ([10])،  وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾([11]). فكل من اجتهد في الخير هداه الله الطريق الموصلة إليه، سواء أكمل ذلك العمل أو حصل له عائق عنه).



ومن ذلك قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذين تخلفوا عنه في غزوة تبوك: ((إن أقواماً في المدينة ما سرتم مسيراً ولا نزلتم وادياً إلا شركوكم في الأجر)). قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: ((وهم بالمدينة، حبسهم العذر)) ([12]) وفي رواية: ((حبسهم المرض))([13]). فهٰؤلاء قوم خرجوا بقلوبهم ونياتهم مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن عجزوا عن الخروج بأبدانهم وأشباحهم، فالأشباح والصور محبوسة في المدينة بسبب المرض والعذر؛ لكن القلوب خارجة مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله لا يضيع من أحسن عملاً، وهؤلاء أحسنوا، فلهم من الأجر نظير ما لمن باشر العمل بصدقه ورغبته، وهـٰذا من فضل الله وواسع رحمته.



والمؤمن إذا تدبر هـٰذا حرص على أن يقيم في قلبه نية صالحة في كل وقت، أدرك ذلك أو لم يدركه، أهم شيء العزيمة على الرشد، فنسأل الله عز وجل العزيمة على الرشد.



(وأما آثار أعمال العبد فقد قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا﴾،([14]) أيْ: باشروا عمله ﴿وَآَثَارَهُمْ﴾، التي ترتبت على أعمالهم من خير وشر([15]).



وقال في المجاهدين: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَؤونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾،([16]) فكل هذه الأمور من آثار عملهم، ثم ذكر أعمالهم التي باشروها بقولـه: ﴿وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً﴾.([17]) إلىٰ آخر الآية).



أشار الله عز وجل إلى الفرق بين نوعي العمل في سياق هاتين الآتين:



ففي الآية الأولى قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَؤونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾.



الثانية ماذا قال جل وعلا؟ ﴿وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلا كُتِبَ لَهُمْ﴾ ما قال (به عمل صالح)، فجعل النفقة وقطع الوادي مكتوباً، وأما في القسم الأول فقال: ﴿إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾؛ لأنه فرق بين الأمرين: فما ذكر في الآية الأولى هو ثمار الأعمال ونتائجها، وهي ليست من كسب الإنسان، الظمأ والنصب والمخمصة ليست من كسب الإنسان، إنما هو أمر ترتب ونتج عن طاعة الله عز وجل.



وأما الثاني فإنه عمل منه: فالنفقة عمل منه، وقطع الوادي عمل منه؛ ولذلك كتب له.



وهـٰذا الفرق بين التفريق في الآيتين:



في الأولى: قال: ﴿إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾.



وفي الثانية: قال: ﴿إِلا كُتِبَ لَهُمْ﴾ فذاك كتب لهم؛ لأنه عمل صالح في ذاته.



وأما الأول فليس المخمصة أي المجاعة ولا الظمأ ولا النصب عملاً صالحاً في ذاته، ما أحد يؤجر على الجوع إلا بنية وهي نية التعبد: إما بصيام، أو أن يصيبه ذلك نتيجة عمل صالح، كالجهاد وقتال الكفار.



واضح الفرق بين الآيتين:



الأول: نتائج.



والثاني: أعمال. نعم.



(والأعمال التي هي من آثار عمل العبد نوعان:)



هـٰذا التفريق مهم تنبه له.



(أحدهما: أن تقع بغير قصد من الإنسان، كأن يعمل أعمالاً صالحة خيرية، فيقتدي به غيره في هذا الخير، فإن ذلك من آثار عمله. وكمن يتزوج بغير نية حصول الأولاد الصالحين([18])، فيعطيه الله أولاداً صالحين، فإنه ينتفع بهم وبدعائهم.



والثاني: وهو أشرف النوعين: أن يقع ذلك بقصده، كمن علم (غيره) علماً نافعاً، فنفس تعليمه ومباشرته له من أجل الأعمال، ثم ما حصل من العلم والخير المترتب على ذلك، فإنه([19]) من آثار عمله.



وكمن يفعل الخير ليقتديَ به الناس، أو يتزوّج لأجل([20]) حصول الذرية الصالحين([21])، فيحصل مراده،  فإن هذا من آثار عمله، وكذلك من يزرع زرعاً أو يغرس غرساً أو يباشر صناعة مما ينتفع بها الناس في أمور دينهم ودنياهم، فقد قصد بذلك حصول النفع([22])، فما ترتّب من نفع ديني أو دنيوي على هذا العمل فإنه من آثار عمله، وإن كان يأخذ على عمله الأخير أجراً وعوضاً، فإنّ الله يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة: صانعه وراميه والممد له([23])).



وبهذا نعرف أن العمل الصالح -العمل النافع- يحصل به الأجر للإنسان على كل حال، إذا كان العمل متعدياً، العمل النافع المتعدي يحصل للإنسان به الأجر على كل حال، والفارق بين الأجرين هو النية والاحتساب، فبالاحتساب يعظم الأجر ويكبر، وبدونه يكون الأجر ثابتاً إلا أنه دون أجر من نوى واحتسب، ولذلك ينبغي للمؤمن أن يحتسب الخير والنفع، ولا يلزم في الخير والنفع التعيين، يعني لا يلزم مثلاً إذا ألقى كلمة في مجموعة أن يكون النفع مقصوراً على هٰؤلاء، فلينو النفع مطلقاً: رفع الجهل عن غيره، فلو أن أحدهم ذهب ونقل هـٰذا الكلام إلىٰ شخص آخر أو أنه سُجِّل ونقل بعد مماته بسنين وسمعه أحد وانتفع به كان له أجر أعظم من أجر النفع المجرد؛ يعني أعظم من أجر ذلك الذي لم ينوِ إلا نفع أشخاص معينين، أو لم ينو النفع، إنما فعل خيراً وأثمر هذا الخير وأنتج خيرات كثيرة.



ولذلك ينبغي للمؤمن أن يلاحظ نيته، كما ذكرنا قبل قليل أن يعزم على الخير في كل حين ووقت، يشمل الذي يمده له ليرمي به، والممد له الذي يبذل المال ليوفره للغزاة والمجاهدين، يشمل كل هذا.









([1]) في نسخة: قهراً عنه.




([2]) سورة : المائدة (105).




([3]) سورة : البقرة (286).




([4]) سورة : يونس (41).




([5]) في نسخة: وعجز العبد عن تكميلها.




([6]) سورة : النساء (100).




([7]) في نسخة: قاصداً الهجرة.




([8]) في نسخة: فأتم الله له ما قصد إليه وأعطاه أجره.




([9]) في نسخة: وكان من نيته -لولا المانع- إكمالُه.




([10])  البخاري: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... حديث رقم (1).



مسلم: كتاب الإمارة، باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما الأعمال بالنية وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال. حديث رقم (1907).




([11]) سورة : العنكبوت (69).




([12]) البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب من حبسه العذر عن الغزو، حديث رقم (2839).




([13]) مسلم: كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، حديث رقم (1911).




([14]) سورة : يـس (12).




([15]) في نسخة: في الدنيا والآخرة.




([16]) سورة : التوبة (120).




([17]) سورة : التوبة (121). وهي: ﴿وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.




([18]) في نسخة: بقصد الإعفاف فقط.




([19]) في نسخة: هـٰذا.




([20]) في نسخة: للعفة ولـ.




([21]) في نسخة: الصالحة.




([22]) في نسخة: له ولغيره.




([23]) سنن الترمذي: كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، حديث رقم (1637).



    سنن أبي داوود: كتاب الجهاد، باب في الرمي، حديث رقم (2513).



    سنن النسائي: كتاب الجهاد، باب ثواب من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل، حديث رقم (3146).



قال الشيخ الألباني: ضعيف.  وصححه الحاكم وابن خزيمة.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83545 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78510 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72789 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60765 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55155 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52325 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49598 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات48344 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44937 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44251 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف