وعــن أنس رضي الله عنه قــال: قيــل: يا رســول الله، ما السبيل؟ قال: (( الزاد والراحلة )). (قال ابن حجر رواه الدارقطني وصححه الحاكم والراجح ارساله. بلوغ المرام (ص184 رقم 713))
قال الباجي: " إذا ثبت ذلك فإن الاستطاعة هي الاستطاعة على الوصول إلى البيت من غير خروج عن عادة, وذلك يختلف باختلاف أحوال الناس فمن كانت عادته السفر ماشيا واستطاع أن يتوصل إلى الحج بذلك لزمه الحج، وإن لم يجد راحلة ومن كانت عادته سؤال الناس وتكففهم وأمكنه التوصل به لزمه الحج وإن لم يجد زادا، ومن كانت عادته الركوب والغنى عن الناس وتعذر عليه في التوصل إلى الحج أحدهما لم يلزمه الحج، خلافا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما: إن الاستطاعة الزاد والراحلة دون غيرهما وقد رواه ابن عبدوس في مجموعته عن سحنون وهو الظاهر من قول ابن حبيب ودليلنا قوله تعالى ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾ (آل عمران:97) ولم يخص زادا ولا راحلة
فإن قيل: فإنه صلى الله عليه وسلم قد فسر ذلك بقوله ((الزاد والراحلة))؟ فالجواب: أنا لا نسلم أن الاستطاعة غير مفسرة فتحتاج إلى تفسير وإنما هي عامة فربما دخلها التخصيص، ولو كان ما ذكرتموه من الحديث صحيحا لكان بعض ما تختص به الآية، وأن يكون بعض ما يستطاع به في حق بعض الناس دون بعض، كالصحة في حق المريض , ولذلك قال المخالف في هذه المسألة: إن المريض ليس بمستطيع وإن وجد الزاد والراحلة , ولذلك قالت الخثعمية إن أباها لا يستطيع أن يثبت على الراحلة فجعلت من الاستطاعة الشباب والقوة على الثبوت على الراحلة ولم ينكر ذلك عليها النبي صلى الله عليه وسلم فثبت أن للاستطاعة معاني غير الزاد والراحلة من الصحة والقوة والسن الذي لا يستطاع معه الثبوت على الراحلة وغير ذلك من أمان الطريق , ولذلك قال المخالف لنا في هذه المسألة: إن أهل الحرم وأهل المواقيت لا يعتبر في حكمهم الزاد والراحلة
ودليلنا من جهة القياس أن هذا مستطيع للحج من غير خروج عن عادة فلزمه الحج كالواجد للزاد والراحلة". المنتقى (2/269).