×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة(149) عمل المسلم في اليوم والليلة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3932

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم تحيةً طيبةً عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة.

في هذه الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة"، والتي نستمر معكم فيها حتى الثالثة بمشيئة الله تعالى.

في بداية هذه الحلقة؛ تقبلوا تحياتي محدثكم/ وائل الصبحي، ومن الإخراج الزميل/ ماجد المالكي.

ضيف حلقات برنامج "الدين والحياة" هو فضيلة الشيخ الدكتور/ خالد المصلح، أستاذ الفقه بجامعة القصيم وعضو لجنة الإفتاء بمنطقة القصيم.

فضيلة الشيخ، السلام عليكم، وأهلًا وسهلًا بك معنا في بداية هذه الحلقة، حياك الله.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك وحيا الله الإخوة والأخوات، أسأل الله أن يجعله لقاءً نافعًا مباركًا.

المقدم: اللهم آمين، مستمعينا الكرام لمن أراد المشاركة معنا يمكنكم أن تشاركونا في هذه الحلقة عبر هواتف البرنامج على الرقمين: 0126477117 أو عن طريق الهاتف الآخر على الرقم 0126493028 أيضًا بإمكانكم إرسال رسالة نصية عبر الواتس أب على الرقم 0500422121.

فضيلة الشيخ بمشيئة الله تعالى سيكون حديثنا في هذه الحلقة حول "عمل المسلم في اليوم والليلة"؛ سنتحدث حول جملة من الفرائض والسنن والرواتب والنوافل والأدعية والأذكار أيضًا في الصباح والمساء في اليوم والليلة، هذه الأعمال التي تقرب المسلم من الله - تبارك وتعالى - ويكون بها وفيها أيضًا العون والتوفيق والسداد وزيادة الحسنات والقرب من الله - جل وعلا - ، نريد أن نتحدث حول هذا الموضوع حول عمل المسلم في اليوم والليلة ابتداءً من صلاة الفجر وحتى الانتهاء إلى قيام الليل لله - تبارك وتعالى - .

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير والسراج المنير؛ نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحيةً طيبةً لك أخي وائل وللإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، موضوع هذه الحلقة هو كما تفضَّلت حديثٌ عن "عمل المسلم في اليوم والليلة"، قبل أن نتحدث بتفصيل عما يكون من أعمال المسلم في يومه وليلته.

ونقصد بـعمل المسلم:الأعمال المشتركة التي يندب إليها كل من يؤمن بالله واليوم الآخر، على اختلاف أحوالهم، وعلى اختلاف أجناسهم، وعلى اختلاف بلدانهم.

قبل أن نتحدث عن هذا؛ أحب أن أنطلق من قول الله - عز وجل - : ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَالأنعام: 162 - 163  هذه الآية الكريمة العظيمة الجليلة التي أمر الله تعالى فيها نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ الناس وهو الأسوة والقدوة أن صلاته ونسكه ومحياه ومماته - صلى الله عليه وسلم - لله رب العالمين، وأن هذا الأمر أي: هذا الشأن الذي أخبر به من كون صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين - ليس على وجهٍ يكون فيه متقربًا بتطوع أو بنافلة، بل هذا أمر الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ، هذا ما فرضه الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ؛ أن يكون في كل هذه الأحوال لله - عز وجل - ؛﴿لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

وعندما تقرأ هذه الآية الكريمة وهذا البلاغ النبوي الذي أمره الله تعالى به يتضح لك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في كل شئونه، في كل لحظاته، في كل حياته كان مستحضرًا العبادة لله - عز وجل -، مستحضرًا العبودية لله - عز وجل -، مستصحبًا أنه عبدٌ لله - عز وجل -، يرقب الله - سبحانه وبحمده - في كل أمره، وفي كل شأنه، وفي كل أحواله؛ فالله تعالى أمر نَبِيَّه أن يخبر بما أنعم الله به عليه من الهداية إلى الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، وأنه على دين قيِّم، وأنه على صراط مستقيم: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَالأنعام: 161 .

هذا الدين القيم الذي وصفه الله تعالى بأنه قَيِّم أي: قائم بالحق، عامل به، ثابت عليه؛ فهو ما جاء بيانه في الآية التالية: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَالأنعام: 162 - 163  النبي - صلى الله عليه وسلم - هو محل القدوة والأُسوة، هو محل الاتباع والاقتداء والاهتداء، فما أخبر الله تعالى به في هذه الآية الكريمة هو بيان لهذا الذي جعله الله تعالى قدوة للناس جميعًا ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًاالأعراف: 158 ، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَالأحزاب: 21  فالمؤمن الرشيد العاقل البسيط يدرك أن هذا الخبر ليس مجرد ذكر ما أنعم الله به على رسوله، إنما هو خبر نأتسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقتدي به فيه، ونكون على ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من أن صلاته ونسكه ومحياه ومماته - صلى الله عليه وسلم - لله رب العالمين، لا شريك له، وأن هذا الذي يقوم به المؤمن يقوم به طاعةً لله في أمره المفروض على عبده، وليس أمرًا يتنفل به أو يتطوع.

أخبرت هذه الآية بعمل ظاهر وأخبرت بعمل باطن، العمل الظاهر هو أن الحياة والممات والذبح والنُّسُك وهي أعمال ظاهرة، والعمل الباطن لله رب العالمين، هي خالصة له، فجمعت الآية الخبر عن صلاح الباطن وعن صلاح الظاهر، صلاح الباطن بماذا؟ بالإخلاص لله وتوحيده وعبادته وحده لا شريك له، وأن يكون ذلك لوجه الله لا لسواه؛ كما قال الله تعالى في وصف الأبرار - جعلني الله وإياكم منهم - ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًاالإنسان: 9 ، وأما العمل الظاهر فهو عمل عباديٌّ ممتدٌّ ليس في لحظات ولا في مواقف، في صلاة أو نسك، بل في المحيا جميعه، بل حتى الممات، يعني في كل حياتي إلى أن يأتي مماتي؛ فأنا قائم بالطاعة والعبادة والإخلاص لله - عز وجل - على مدى العمر وفي اختلاف الأحوال، في وقت العبادة التي يباشر فيها الإنسان الفرائض التي فرضها الله تعالى وفي غيرها من الأوقات، هو مستحضِر هذا المعنى من إخلاص العمل لله - عز وجل - في كل ما يأتيه في حياته وما يجريه عليه وما يقدِّره عليه في مماته هو لله، فهو في عبادة تامة كاملة لله - عز وجل -، وبذلك يحقق الغاية من الوجود والمقصود من الحياة؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِالذاريات: 56 ، فانطلاقًا من هذا الأساس ومن هذا الأصل ننطلق إلى الحديث عن تفاصيل تحقيق هذا الذي ذكره الله تعالى من كون المحيا له وحده لا شريك له، من كون الإنسان يحقق العبادة لله - عز وجل - في كل لحظات عمره؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُالحجر: 99، واليقين هو الموت.

فالعبادة ليست في ظرف أو في وقت أو في حال أو في مكان، بل هي وظيفة العمر على اختلاف تنوع صور العبادات من عبادات قلبية، وعبادات عملية، فرائض، واجبات، مستحبات، مندوبات، عبادة خاصة بالسرِّ، عبادة في العلن، عبادة تتعلق بك وحدك، وعبادة تتعلق بغيرك، عبادة بدنية، عبادة مالية، عبادة بكل صورها وأشكالها وأنواعها.

إذًا نحن نتحدث عن كيفية تحقيق أن يكون مَحياك لله - عز وجل -، وننطلق في حديثنا عن هذه القضية ممن جعله الله تعالى قدوةً وأسوةً ومحلَّ اهتداء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإن الناظر في حياته - صلى الله عليه وسلم - يشهد من تحقيق هذه الآية ما يُلفِت الأنظار، ويُبهِر العقول، ويشهد الإنسان بأن هذا النبي الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- قد حقق العبودية كما أمره الله: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِر * فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِالمدثر: 1 - 8  عبادة ممتدة إلى انقضاء الأجل ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُالحجر: 99  كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَآل عمران: 102 .

الموت على الطاعة، الموت على الإحسان، نهاية الأجل بما يحب الله تعالى ويرضى من المواقف العظمى التي ينشدها كل من يرجو النجاة أن يحسن الله تعالى له الخاتمة.

أخي وائل وأيها الإخوة والأخوات، ختام الأعمال والخواتم وحسن الخاتمة ليست خبطَ عشواء وحظوظًا لا مقدمات لها، بل هي نتائج لمقدمات، هي ثمرة لسوابق، فمَن أحسن المقدمات والسوابق نال جميل النهايات وطيب الخواتيم.

ولهذا حسن الخاتمة عندما نقول: اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة؛ لا يعني فقط أنك تحصل على دعاء الله بذلك، بل لابد أن نعمل شيئًا غير الدعاء، وهو أن نحسن العمل في الحاضر، كما قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْمحمد: 21  يعني في الساعة الحاضرة لكان خيرًا لهم في الحاضر والمستقبل، فإعانة الله تعالى للعبد على جميل الخواتيم وحسن العاقبة إنما هو ثمرة إصلاح الحاضر، إصلاح الساعة التي فيها الإنسان، التي يعيشها الإنسان، وإذا أصلح الإنسان حاضره ويومه وليلته والوقت الذي يدركه فسيُيَسِّر الله تعالى له الحسنى؛ كما قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىالليل: 5 - 6  أعمال صالحة حاضرة ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىالليل: 7  فنسأل الله أن ييسرنا وإياكم لليسرى.

هذه مقدمة مختصرة.

لماذا نتحدث عن عمل المسلم في اليوم والليلة؟ لماذا نتطرق لهذا الأمر؟

نتطرق له لأنه وسيلة لتحقيق الغاية التي جعلها الله تعالى من المطلوبات التي أخبر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَالأنعام: 162 - 163 .

المقدم: جميل، عمل المسلم في اليوم والليلة من الفرائض والنوافل وغيرها من الأعمال هل يعني بهذه الأعمال يحقق المسلم جزءًا من العبادة لله - تبارك وتعالى -؟

الشيخ: العبادة هي عبادة قلبية، وعبادة عملية، وبدنية، العبادة القلبية هي الإخلاص لله - عز وجل -، قصده - سبحانه وبحمده -، عمارة القلب، محبته وتعظيمه - جل في علاه -، أن يكون كل ما يأتيه الإنسان يقصد به رضا الرحمن، يطلب به الفوز عند الكريم المنان - جل في علاه -، تحقيق هذه الغاية عبادة الله وحده لا شريك له، هي ما بيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجملة فيما رواه البخاري من حديث أبي هريرة- رضي الله تعالى- عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب»، ثم بعد أن ذكر هذه المرتبة العالية التي هي الولاية التي يتفضل الله تعالى بها على من يشاء من عباده ذكر الطريق الذي تدرك به هذه الولاية ويحصل للإنسان هذا الفضل، فقال - سبحانه وتعالى - في الحديث الإلهي: «وما تقرَّب إلي عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه» فأَحبُّ ما يتقرب به العبد إلى الله - عز وجل - هو ما فرضه عليه من واجبات وشرائع محتومة، والتي جعلها الله تعالى واجبة على المسلم لا يحل له أن يفرط بها، والفرائض متنوعة، منها فرائض بدنية كالصلاة، منها فرائض مالية كالزكاة، منها فرائض حولية كالصوم والحج، منها فرائض تتعلق بحق المخلوقين كبِرِّ الوالدين وصلة الأرحام وإكرام الجيران وحقوق ولاة الأمر، حقوق عامة المسلمين، كلها من الفرائض التي جعلها الله تعالى سبيلًا لتحصيل مرضاته وإدراك الولاية «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه»؛ ولهذا: الخطوة الأولى في تحقيق العبودية لله - عز وجل - في عمل المسلم في يومه وليلته، وفي حياته على وجه العموم والإجمال أن يبحث عن نفسه في فرائض الله كيف هو فيها؟ فإنه لا يتقرب العبد إلى الله - عز وجل - بشيء أفضل وأحب إلى الله تعالى من أداء الواجبات التي فرضها عليه، لا لحاجة الله إليها، فالله غني عن العباد وعن عباداتهم، لكن لحاجة الإنسان، لضرورته إلى هذه العبادات في إصلاح قلبه وإصلاح عمله.

ثم بعد ذلك بعد الفرائض والواجبات المتنوعة؛ ينتقل إلى مرحلة الإحسان، وهي التزود بصالح الأعمال «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل» قال: «يتقرب» يعني أن تدنو من الله - عز وجل - بكل طاعة وتقرُّب، بكل إحسان، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء في الصحيح في بيان عظيم فضل الله على عبده: «وإن تقرَّب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولةً»[صحيح البخاري:ح7405]، وذلك في حديث «أنا عند ظن عبدي بي» حديث في الصحيحين من أحاديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- وغيره «أنا عند ظن عبدي بي»، ثم ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الفضل الذي يخبر به الله تعالى أنه إذا تقرب العبد إليه شبرًا تقرب الله إليه باعًا وإذا تقرب منه ذراعًا تقرب الله تعالى منه باعًا، يعطي - جل وعلا - على القليل الكثير، ويعفو عن الذنب الكبير - سبحانه وتعالى - بفضله بتوبةٍ وأوبةٍ واستغفارٍ «وإذا أتاني مشيًا أتيته هُرْولَةً».

إذًا بعدما يفرغ الإنسان من الفرائض بكل صورها وأنواعها، يبدأ في كل نوع من هذه الأنواع، شرع الله نوافل وقربات؛ الصلاة فيها نافلة، الصدقة فيه نافلة، الصوم فيه نافلة، الحج فيه نافلة سواء بتكرار الحج أو بالعمرة.

 بر الوالدين منه ما هو واجب ومنه ما هو نافلة، صلة الرحم كذلك، إكرام الجار كذلك، وما إلى ذلك من الأعمال كلها، ثمة ما هو فرض ينبغي أن يتفقد الإنسان نفسه فيه، وهناك ما هو نفل ينبغي أن يستكثر منه، وهو في كلا الحالين جاهد، يتقرب إلى الله تعالى بما ينجيه، «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويدَه التي يبطِش بها، ورجله التي يمشي بها»، وكل ذلك دلالة على معيَّة الكريم المنان، معية الله - جل وعلا - لعبده، المعية التي يحفظه بها من كل سوء ويوفقه بها إلى كل بر وخير، فهذه المعية ليست فقط لصيانته وحفظه، بل حتى في توفيقه وإعانته وتيسير اليسرى له؛ ولذلك قال: «وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله تردُّدي عن نفس المؤمن؛ يكره الموتَ، وأنا أكره مَسَاءَتَه»[صحيح البخاري:ح6502]

هذه المنزلة العظمى بلغها الإنسان بتحقيق العبودية لله - عز وجل -، بأداء الفرائض والواجبات، ثم بعد ذلك الاشتغال والمسابقة إلى أنواع البر والعمل الصالح الذي ينال به الخير والفضل.

نستعرض الأعمال التي تشرع للإنسان من أول يومه، ونحن نذكر الأعمال المشتركة التي تتكرر على وجه الدوام كل يوم، فيخرج من هذا حديثنا عن الأعمال الأخرى التي تكون في واجبات وقتية أو واجبات حولية أو ما أشبه ذلك.

المؤمن يستيقظ باكرًا؛ فيشرع له في أول يومه أن يبدأ يومه بعبادةٍ هي من أجلِّ العبادات وهي الصلاة؛ ولهذا إذا استيقظ الإنسان خرج من موتٍ إلى حياةٍ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَاالزمر: 42  فاستيقاظ الإنسان هو حياة جديدة ينبغي أن يستقبلها بما يناسبها مِن ذكر الله تعالى وعبادته وطاعته والاشتغال بما يحب ويرضى، هذه الحياة الجديدة بدايتها إذا وُفِّق فيها الإنسان إلى الطاعة والإحسان من أوائل ما يفتح عينه؛ فإن ذلك سيعينه على إدراك نفع يومه.

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعقِد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاثَ عُقَد» هذا إذا كان نائمًا، إذا نام عقد على قافية رأسه ثلاث عقد معنوية، في كل عقدة يقال له: عليك ليل طويل فلا تستيقظ، فإذا استيقظ، تنبه وذكر الله، بداية حياته الجديدة، انحلت عقدة، إذا بدأها بذكر الله: الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني، أو ما إلى ذلك من الأذكار التي تقال عند الاستيقاظ؛ النبي - صلى الله عليه وسلم - استيقظ كما جاء في الصحيح من حديث ابن عباس وقرأ قول الله - عز وجل -: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِآل عمران: 190  أواخر سورة آل عمران، قرأها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتأمَّل خلق الله في السموات وفي الأرض ويبصر ذلك، هذا من ذكر الله - عز وجل -.

فقوله - صلى الله عليه وسلم - : «فإذا استيقظ فذكر الله» بأي ذكر، لو قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، سبحان الله، الحمد لله، لكن الأفضل أن يكون ذاك الذكر بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذكار الاستيقاظ، «انحلَّت عُقدة» يعني زال عنه تأثير الشيطان في أحد أبواب التأثير أو في عقدة من عقد تأثيره، «وإذا توضأ انحلت عقدة»ثانية أي: إذا غسل أطرافه بالوضوء، تهيؤًا للصلاة أو بوضوء حتى ولو لم يكن وقت صلاة؛ لما في الوضوء من تنشيط النفس وتقويتها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الطُّهور شَطْرُ الإيمان»[صحيح مسلم:ح223/1]«فإذا صلى انحلت عقدة» أي: إذا أقبل على الله - عز وجل - وصلى زالت العقدة الثالثة. والصلاة هنا سواء كانت صلاة مفروضة أو صلاة نافلة، تنحل بها عقد الشيطان، وينفك الإنسان من أسر هذا العدو.

 هذه العقد هي في الحقيقة عُقد معنوية يتأثر بها الإنسان في معاشه، في نفسه وعمله؛ ولذلك قال بعد أن ذكر انحلال هذه العقد الثلاث: «فأصبح نشيطًا» يعني في بدنه «طيبَ النفس» يعني في روحه، فيجمع له ذكاء الروح وقوة البدن، «وإلا» يعني إن لم يكن منه هذا العمل عندما يستيقظ «أصبح» قد جمع نقيضي النشاط وطيب النفس «أصبح خبيث النفس كسلان»[صحيح البخاري:ح1142]، خبيث النفس ليس له قوة في نفسه وإقبال وحياة يستقبل بها مصالح دينه ودنياه، وينعكس هذا على بدنه بالفتور والكسل والضعف.

إذًا يصبح الإنسان أول ما يصبح فيشتغل بذكر الله - عز وجل - وطاعته والوضوء والصلاة فيكون ذلك عونًا له على مصالح يومه وعلى مصالح معاشه ومعاده.

أيضًا جاء في فضل ذكر الله بصلاة الفجر أنه سبب لحفظ الله - عز وجل - لعبده، فإذا استيقظ الإنسان وصلى الفجر في وقته كان ذلك من أسباب حفظ الله للعبد في يومه، جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث جندب بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى الصبح فهو في ذِمَّة الله» يعني في حفظه وعهده وصيانته، «فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم»[صحيح مسلم:ح657/261] هذا التنبيه لأهمية صلاة الفجر في حفظ الإنسان ووقايته، وأنه عندما يفرط الإنسان في هذه الصلاة فإنه يخلو من عهد الله وذمته التي هي موجبة لحفظه وصيانته وفتح أبواب الخير له.

مما يشرع للإنسان إذا صلى الفجر على ما أمره الله به على اختلاف أحوال الناس سواء في الجماعات بالنسبة للرجال أو في البيوت بالنسبة للنساء وأهل الأعذار.

بعد ذلك يشتغل الإنسان بذكر الله - عز وجل - والتقرب إليه - جل وعلا -، بتسبيحه وتعظيمه وإجلاله - سبحانه وبحمده -؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من صلاة الفجر - صلى الله عليه وسلم - مكث في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس حسنًا.[صحيح مسلم:ح670/287]

هذا الذكر في هذا الوقت هو من أنفع الأوقات في صلاح عمل الإنسان، وفي قوة بدنه، وفي صلاح معاشه ومعاده؛ لذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من صلاة الفجر مكث في مصلاه - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في حديث جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنة، وهذا الفعل منه - صلى الله عليه وسلم - سنة ثابتة عنه بالاتفاق؛ أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يجلس.

الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- كانوا يشاركونه في الجلوس، حتى إن أحد التابعين اسمه سنان بن حرب سأل جابر بن سمرة فقال له: أكنت تجالس النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، كثيرًا.[سنن النسائي:ح1358] يعني كنت أجالسه مجالسةً كثيرةً، وأين هذا المجلس؟ هل هو مجلس في طرقات أو في أماكن لهو؟ لا، يقول -رضي الله تعالى عنه في بيان هذه المجالسة الكثيرة-: «كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام - صلى الله عليه وسلم -».

فكان النبي يجلس وأصحابه يجلسون معه يتحدثون، حتى إنه أحيانًا يأخذون في أمر الجاهلية؛ فيذكرون ما كانوا عليه من أحوال الجاهلية والسفاهات، فيضحكون وهو - صلى الله عليه وسلم - يشاركهم ويتبسم، وهذا من التحدث بنعمة الله - عز وجل - وما أجراه الله تعالى عليهم من نعمة الإسلام.

بعد هذا إذا انقضى هذا الوقت دخل وقت الضحى، ووقت الضحى يبتدئ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، وهو مما يشرع فيه للإنسان أن يصلي ما كتب الله تعالى له من الصلاة التي فيها خير وبرُّ وشكر لنعمة الله - عز وجل - التي أنعم بها عليه في بدنه؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «يصبح على كل سُلامى من الناس صدقة؛ كل يوم تطلع فيه الشمس» وذكر في أبواب الخير المتنوعة ثم قال: «ويجزئ عن ذلك كله ركعتان تركعهما من الضحى».[صحيح مسلم:ح720/84]

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعًا؛ كما جاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها، وأوصى ثلاثة من أصحابه ألا يدعوا ركعتي الضحى؛ فهي من الصلاة التي أوصى بها وفعلها - صلى الله عليه وسلم -.

 وأفضل وقتها وقت اشتداد الحرِّ قبيل الزوال؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان فضل هذا الوقت: «صلاة الأوَّابين حين ترمِضُ الفِصال».[صحيح مسلم:ح748/143]

ثم يأتي وقت صلاة الظهر، ويصلي الصلاة على نحو ما شرع الله تعالى أربعًا؛ يشرع له أن يصلي قبلها أربع ركعات، ويأتي بعدها بركعتين؛ فتكون هذه رواتب مع صلاة الفرض التي شرعها الله تعالى لعباده في قوله: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِالإسراء: 78  أي: لِمَيلِها؛ وهي أول الصلوات المتتابعة؛ فالظهر يليه ثلاث صلوات كلها يلحق بعضها ببعض، لا يفصل بينها فاصل، بل يخرج وقت صلاة ويدخل وقت الصلاة الأخرى، وهذا يبين أن العبادة في حياة المؤمن متصلة لا انفصال فيها؛ فإنه من صلاة إلى صلاة، من طاعة إلى طاعة.

ثم يصلي العصر، ويشرع له أن يصلي أربعًا قبلها على وجه الاستحباب وليست من الرواتب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «رحم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا».[سنن الترمذي:ح430، وحسنه]

وقد جاء في صلاة العصر من التأكيد ما ينبغي أن تكون محلَّ عناية، وصلاة جميع المفروضات هي مما ينبغي أن يحافظ عليه الإنسان، لكن فيما يتعلق بصلاة العصر جاء فيها تخصيص: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىالبقرة: 238  والمراد بالوسطى صلاة العصر كما جاء بيانه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد جاء فيها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله»[صحيح البخاري:ح553]، وقال - صلى الله عليه وسلم - : «الذي تفوته العصر فكأنما وُتِر أهلَه ومالَه»[صحيح البخاري:ح552] أي: كأنما فقد أهله وماله.

وبعد صلاة العصر يأتي وقت الذكر الذي هو محل تأكيد الله تعالى لعباده بذكره: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبق: 39  وهو الوقت الذي ندب الله تعالى في كتابه أن يذكر فيه الإنسانُ اللهَ تعالى ربه؛ فهو من ذكر العشي ومن ذكر الآصال الذي جاء ذكره في القرآن.

ثم إذا ذكر الله تعالى بما يسَّر الله تعالى له من أذكار بعد صلاة العصر، ويمتد ذلك إلى صلاة المغرب، تأتي صلاة المغرب وهي آخر الصلوات النهارية، وأضيفت للنهار باعتبار أنها عند غروب الشمس وسقوط القرص، فيصليها ثلاث ركعات ويتسنَّن بعدها بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي ركعتين بعد صلاة المغرب؛ يقول ما يسَّر الله من أذكار المساء المختصة بالليل؛ لأن أذكار المساء نوعان: منها ما هو بعد العصر، ومنها ما يكون بعد غروب الشمس؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ خواتيم سورة البقرة في ليلة كفتاه»[صحيح البخاري:ح4008] فهذه ليلة، والليلة تطلق على ما بعد المغرب، ما بعد غروب الشمس، ولو قالها قبل ذلك فالأمر يسير، لكن الأظهر والله تعالى أعلم في تحقيق الفضيلة وإدراكها أن يقرأها بعد غروب الشمس.

 ومنها قراءة آية الكرسي في ليلة، وما أشبه ذلك من الأذكار المقيدة بليلة؛ تكون بعد غروب الشمس.

ثم يصلي العشاء في انتهاء وقت المغرب، والأفضل أن تؤخَّر إلى ثلث الليل، وهي أربع ركعات شرعها الله - عز وجل – لعباده، وهي خاتمة الصلوات المتتابعة: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِالإسراء: 78  وهو نهاية وقت صلاة العشاء، ويصلي بعدها الراتبة ركعتين، ويكون بهذا قد فرغ من الفرائض والواجبات في الصلاة، وهي خمس فرائض في اليوم والليلة بما يتبعها من السنن.

المشروع للمؤمن ألا يسهر إلا في خير، إذا كان ولابد أن يسهر، وإن كان يمكنه النوم باكرًا فهذا هو المطلوب؛ ولذلك جاء الحديث عن النهي عن النوم قبل العشاء والحديث بعدها؛ فالنهي عن الحديث بعد العشاء فيه من إطالة الوقت على الإنسان بما قد لا يفيده، ويفوِّت عليه خيرًا عظيمًا يدركه في صلاة ليله؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام - صلى الله عليه وسلم - بعد صلاة العشاء، ويستيقظ ليشهد صلاة الليل التي هي من أفضل الصلوات والتطوعات والتقربات التي يتقرب بها المؤمن لربه - جل في علاه -.

المقدم: فضيلة الشيخ؛ بالحديث عن السهر بعد العشاء، أعتقد أن هذا الأمر مما عمَّت به البلوى، والله المستعان، في كثير من الأحيان الناس قد تسهر من بعد صلاة العشاء، ولا تكون الجلسات ولا يكون السمر إلا بعد صلاة العشاء.

الشيخ: حال الناس اليوم على هذا كما ذكرت، ونهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحديث بعد صلاة العشاء إنما هو لأجل مما ذكرت من عدم الاشتغال بما يفوت عليه الخير والبر في قيام الليل، بل حتى في صلاة الفجر؛ لأنه أحيانًا يمتد السهر بالناس إلى أوقات متأخرة، ويكون سببًا لتفويت صلاة الفجر أو تفويت الساعات الفاضلة التي يدركون فيها التنزل الإلهي، وقول الله - عز وجل -: «هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيَه؟ هل من داعٍ فأجيبَه؟»[صحيح البخاري:ح1145] هذه غنائم كبرى وفضائل عظمى تفوت الإنسان بتفريطه وسهره بما لا يفيد.

لكن لو اقتضي الأمر مصلحةً أو منفعةً في بقائه بعد العشاء فالأمر في هذا واسع.

المقدم: اسمح لي أن نستقبل اتصالات المستمعين الكرام، معنا على الهاتف الأخ عبد العزيز الشريف، حياك الله يا عبد العزيز. أهلًا وسهلًا.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله.

المتصل: حياكم الله يا أستاذ وائل، وبارك الله فيك، ونحييكم ونحيي فضيلة الشيخ، وبارك الله فيكم جميعًا.

المقدم: حياك الله.

المتصل: عمل اليوم والليلة ما المقصود به؟ هل نقول بأن الإنسان متى ما أدى الصلوات الخمس وحافظ عليها فنقول بأنه أدى عمل اليوم والليلة؟

الأمر الثاني: النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر عندما صلى بالصحابة قال: من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ فقال أبو بكر: أنا. من أطعم مسكينًا؟ ومن عاد مريضًا، ومن اتبع جنازة..[صحيح مسلم:ح1028/87] وغير ذلك؛ فهل نقول: إن هذه الأعمال التي جاءت في الحديث إنها من عمل اليوم والليلة، أم أن هناك أعمالًا نستطيع أن نقول بأنها من عمل اليوم والليلة، وأعمالًا موسمية أو حولية أو غير ذلك؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يبدو لي فضيلة الشيخ أننا تحدثنا عن جزء من سؤال الأخ عبد العزيز في بداية هذه الحلقة عن عمل اليوم والليلة، وما المقصود بعمل اليوم والليلة، لكن هو ذكر في الجزئية الأخرى حديث النبي عليه الصلاة والسلام: «من أصبح اليوم منكم صائمًا» وجملة من الأعمال، يقول: هل هذه الأعمال تدخل في عمل اليوم والليلة أيضًا؟

الشيخ: مما لاشك فيه أن عمل المسلم في اليوم والليلة مثل ما ذكرنا قبل الحديث المفصل أن هناك أعمالًا كثيرة، ومنها ما هو يومي، ومنها ما هو أسبوعي، ومنها ما هو حولي، ومنها ما هو خاص وعام. إنما تحدثنا عن العمل المشترك الذي يندب إليه أو يجب ويندب لكل مسلم في كل يوم مع تكرر الأيام وتعاقبها.

العبادة ليس لها حدٌّ، العبادة ليس لها صورة لا تتجاوزها أو حد لا تتعداه، العبادة هي كل ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يُقَرِّب إلى الله، فالذي عنده والدان يشرع له بر والديه بأعمال في حياتهما وبأعمال بعد موتهما؛ فثمة عبادات تختلف باختلاف أحوال الناس، الغني له من العبادة ما ليس للفقير، الصحيح له من العبادات ما ليس للمريض، وهلمَّ جرًّا، لكن نحن نتحدث عن العمل المشترك، وأنا أقول: من كان همه رضا ربه فإنه سيبذل كل جهده في تحقيق طاعته.

المؤمن يحتسب الأجر عند الله ليس فقط في الصلاة وفي الصوم وفي الزكاة، بل حتى في أعماله اليومية؛ فعندما تحتسب الأجر عند الله في كسبك وإغنائك لنفسك فإنك مأجور، عندما تحتسب الأجر عند الله - عز وجل - فيما تنفقه فيما تكتسبه لإغناء أولادك: «إنك إن تدع أولادك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكفَّفون الناس»[صحيح البخاري:ح1295]، أن تقوم بالحوائج المتصلة بطيب معاشك؛ هذا كله مما يتقرب به العبد إلى الله - عز وجل -؛ فلذلك العبادة ليست مقصورة على صورة فقط، بل هناك فرائض وواجبات يجب على المؤمن أن يبادر إليها في الصلاة والزكاة والصوم والحج وحقوق العباد من الوالدين وصلة الأرحام وما إلى ذلك، وهناك أبواب من التطوعات لا حصر لها، «كل تسبيحة صدقة، وكل تحميده صدقة، وكل تكبيرة صدقة، أمر بالمعروف صدقة، نهي عن المنكر صدقة، إعانتك الرجل تحمل متاعه له عليه صدقة»[صحيح مسلم:ح720/84] وما إلى ذلك من أبواب الخير المتنوعة الخاصة والمتعدية، وفي كل الأحوال: مَن عمَّر قلبه بطلب رضا ربه فسييسر الله تعالى له الأبواب ويفتح له الطرق الموصلة إلى مرضاته - جل في علاه -.

المقدم: شكر الله لك، وكتب الله أجرك فضيلة الشيخ الدكتور/ خالد المصلح؛ أستاذ الفقه بجامعة القصيم، وعضو لجنة الإفتاء بمنطقة القصيم، شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ.

الشيخ: شكرًا لك وللإخوة والأخوات، وأسأل الله تعالى أن يختم لنا وإياكم بخير، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يصرف عنا كل سوء وشر، وأن يحفظ بلادنا وولاتنا، وأن يوفق ولي أمرنا الملك سلمان وولي عهده إلى ما يحب ويرضى، وأن ينصر جنودنا المقاتلين، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91392 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87212 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف