×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / العقيدة / فضل الإسلام / الدرس(5) من شرح كتاب فضل الإسلام

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1503

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فنصل ما كنا قد شرعنا فيه من القراءة في كتاب "فضل الإسلام" للشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب طيب الله ثراه، وعلا في الجنان منزلته اللهم آمين، اقرأ ما وقفنا عليه.

                                 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-تعالى في كتابه فضل الإسلام.

باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام

وقوله تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا}.[الحج:78]

عن الحارث الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع، والطاعة، والجهاد والهجرة، والجماعة. فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، إلا أن يراجع. ومن دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جُثى جهنم. فقال رجل يا رسول الله: وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام. فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين والمؤمنين عباد الله» رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.[أخرجه الترمذي في سننه(2863)، وأحمد في مسنده(17170)، وقال الترمذي:«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ»]

وفي الصحيح: «من فارق الجماعة شبرا فميتته جاهلية»[صحيح البخاري(7054)، ومسلم(1849)] وفيه: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟»[صحيح البخاري(4905)، ومسلم(2584)]

قال أبو العباس: كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب، أو بلد، أو جنس، أو مذهب، أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية، بل لما اختصم مهاجري وأنصاري فقال المهاجري: يا للمهاجرين! وقال الأنصاري: يا للأنصار! قال صلى الله عليه وسلم: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟»، وغضب لذلك غضبا شديدا انتهى كلامه.

قوله –رحمه الله-: "باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام"

 بعد أن ذكر فيما تقدم الاكتفاء والاستغناء بمتابعة الكتاب والسنة جاء بالخروج عن ذلك بدعوى الجاهلية وبدعوى غير الإسلام قال –رحمه الله-: "باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام" يعني التحذير وبيان خطورة الخروج عن دعوى الإسلام، ودعوى الإسلام المقصود به ما جاء به الإسلام من الاعتقاد والعمل والانتساب الخروج عما جاء به الإسلام عقيدة وعملًا ونسبة، فيجب الاكتفاء بالإسلام نسبة، فلا يتنسب إلى سواه، وعقيدة فلا يلتفت إلى غيره، وعملًا فلا يشتغل بعمل سوى ما جاء به –صلى الله عليه وسلم-هذا معنى قوله: "باب ما جاء في الخروج عن دعوى الإسلام".

إذًا الخروج عن دعوى الإسلام يشمل ثلاثة أشياء؛ الأول الخروج عن دعوى الإسلام نسبة بالانتساب إلى غير الإسلام.

الثاني: الخروج عن دين الإسلام عقيدة، الخروج عن دعوى الإسلام عملًا، وكله مما يذمّ صاحبه، وبدأ في أول الأمر بالنسبة، الخروج عن دعوى الإسلام انتسابًا.

قال: وقوله تعالى: ﴿هُوَسَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا[الحج: 78]، هو الله -جل في علاه- ﴿سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ[الحج: 78]، أي: ارتضى لكم هذا الاسم دون سائر الأسماء ﴿وَفِي هَذَا[الحج: 78]، يعني وفي هذا الدين، وفي هذا القرآن الذي أنزل عليكم ﴿سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ[الحج: 78]، )إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ[آل عمران:19] )إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ([الأحزاب:35] وهذا يدل على ما ذكر من وجوب لزوم دعوى الإسلام، فلا يتنسب إلى غير دين الإسلام على وجه الافتخار والعلو، أو على وجه الحمية وطلب النصرة، فإن ذلك من دعوى الجاهلية، وهذا لا يعني انتفاء النسب التعريفية، فثمة نسب تعريفية جرت عليها أحوال الناس وأعمالهم من زمن النبي –صلى الله عليه وسلم-، وهو الانتساب إلى القبائل، إلى البلدان، إلى الجهات، فهذا لا حرج فيه.

فالنبي قرشي، وهذا نوع من النسبة، والأوس والخزرج كذلك ينتسبون إلى ما ينتسبون، وسائر القبائل وأصحاب الجهات ينتسبون إلى جهاتهم، هذه نسبة ليست محل مؤاخذة، وهي جائزة؛ لأن بها يتعارف الناس ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا[الحجرات: 13]، والتعارف إنما يكون بما ينتسبون إليه من نسب، لكن النسبة المنهية عنها هو ما كان على وجه الافتخار، أو الانتساب الاعتقادي، أو ما كان حمية وتنقصًا للآخرين، هذا كله مما ينهى عنه، وهو من دعوى الجاهلية.

ذكر بعد هذه الآية جملة من النصوص والنقل، ابتدأه بذكر حديث الحارث الأشعري عن الحارث الأشعري -رضي الله تعالى عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم-أنه قال: «آمُرُكم بخَمسٍ اللهُ أمرني بهنّ» الحديث، هذا صححه جماعة من أهل العلم، هو ثابت من حيث الإسناد، آمركم بخمس يعني بخمس خصال، بخمس أعمال، بخمس خصال، أو خمس صفات الله، أمرني بهن فاجتمع فيها أمر الله وأمر رسوله «السَّمعِ، والطَّاعةِ، والجِهادِ، والهِجرةِ، والجماعةِ»، هذه هي الأمور الخمسة؛ السمع: القبول، والطاعة: الانقياد، والجهاد: قتال الكفار المحاربين، والهجرة: الانتقال من بلد الكفر إلى البلد الإسلام، وهجر ما نهى الله تعالى عنه ورسوله، والجماعة لزوم جماعة المسلمين، هذه الأمور الخمسة.

السمع والطاعة في الغالب يقترنان فالسمع قبول، والطاعة انقياد، وهما مما أثبته الله ورسوله لولاة الأمر، فمن حقوق ولاة الأمر السمع لهم والطاعة، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ[النساء: 59]، والأحاديث في السمع والطاعة كثيرة؛ منها في الصحيحين من حديث ابن عمر :«عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي المَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ » وحديث عباده بن الصامت -رضي الله تعالى عنه- بايعنا النبي –صلى الله عليه وسلم-وذكر منها: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي المَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ»[صحيح البخاري(7199)]، والأحاديث في ذلك كثيرة، وهو ما يجب تقريره لأجل حفظ بيضة أهل الإسلام واجتماعهم، ولذلك أكد النبي –صلى الله عليه وسلم-هذا في أول الأمر، وقدمه على بقية الأمور لماذا؟ لأنه لا جهاد ولا هجرة ولا جماعة إلا بالسمع والطاعة، وهذا وجه التقديم.

فقدم الأهم من المأمورات، ثم قال –صلى الله عليه وسلم-: «والجهاد» لما فيه من حفظ بيضة أهل الإسلام، ورد اعتداء المعتدين عنهم «والهجرة» كذلك لصيانة الديانة، سواء كان الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، أو كان بمعنى ترك ما حرمه الله ورسوله، كما قال –صلى الله عليه وسلم-: «والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»[صحيح البخاري(10)] «وآمركم بالجماعة»، يعني بلزومها، ثم أكد هذا المعنى بقوله: «فإنه من فارق الجماعة قيد شبر» يعني قدر شبر، وهو أدنى ما يكون من المفارقات مما يقاس، فأدنى ما يقاس في المسافات هو الشبر، ليس ثمة أدنى من ذلك في القياس في الغالب، فذكر النبي –صلى الله عليه وسلم-للإشارة إلى حصول أدنى مفارقة للجماعة، سواء كان ذلك في اعتقاد، أو في عمل، أو في رأي «من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» يعني عروته التي يستمسك بها، فالربقة هي العروة التي يستمسك بها.

وقوله: «من عنقه» يعني خلع ما يحفظ دينه وإسلامه؛ لأن الربقة هي عبارة عن عروة تُجعل في رقبة الدابة تمسك بها فتقاد، فعندما تخلع الربقة من الرقبة، لا يبقى شيء يقود الشخص أو الشيء إلى الجهة التي يطلب أن يتوجه إليها، فلذلك مثل النبي –صلى الله عليه وسلم-مفارقة الجماعة بخلع الربقة عن الرقبة؛ لأنه لا يكون معه عند ذلك ما يقوده إلى الهدى، وإلى الخير، وإلى البر، وإلى الصلاح، بل يكون حائرًا ضائعًا.

ولذلك قال –صلى الله عليه وسلم-: «إلا أن يراجع» يعني يترك المفارقة والمخالفة، سواء كانت المخالفة للجماعة قولًا أو عملًا أو اعتقادًا، «ومن دعا بدعوى الجاهلية، فإنه من جُثى جهنم» وهذا إشارة إلى نوع من المفارقات التي تقع، وهو الدعاء بدعوى الجاهلية، وهي ضد دعوى الإسلام، وهذا هو موضع الشاهد في الحديث «من دعا بدعوى الجاهلية» أي: من دعا قولًا أو انتسابًا إلى ما عليه عمل أهل الجاهلية اعتقادًا أو عملًا فإنه من جثى جهنم ،الجثى: هي الحسرة المجتمعة، فمثل النبي –صلى الله عليه وسلم-من دعا بدعوى الجاهلية بأنه من حصى جهنم، أي: وقودها الذي توقد به، والجاهلية اسم لكل ما خرج عن دين الإسلام قولًا أو عملًا.

فقوله:« من دعا بدعوى الجاهلية» يعني من خرج عن هدي الإسلام في القول أو العمل أو الاعتقاد، «فإنه من جُثى جهنم» وعيد له بالنار، فقال رجل: «يا رسول الله وإن صلى وصام؟» يعني وإن حصل منه الاستقامة في الصلاة والصوم.

قال: «وإن صلى وصام» أي: وإن حصل منه الصلاة والصوم فإنه يعاقب بالنار، لكن هذا لا يعني أن يخلد، إذا كانت دعوى الجاهلية دون الكفر، لأن دعوى الجاهلية منها ما هو كفر، ومنها ما هو دون الكفر، ثنتان من أمتي في أمر الجاهلية لا يتركوهن، وأربع من أمر الجاهلية في أمتي لا يتركوهن، وذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- من ذلك: الطعن في الأنساب والاستقساء بالنجوم[صحيح مسلم(934)، وفيه من حديثأَبَا مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ، النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ ] إلى آخر ما ذكر –صلى الله عليه وسلم-.

فالمقصود أن قوله: «وإن صلى وصام» يعني: وإن كان معه أصل الإسلام، لكنه أخل بخصاله، وسار في غير هديه، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين، أي: فاكتفوا بالانتساب والانتماء إلى ما سماكم الله تعالى ورضيه لكم وهو الإسلام ﴿هُوَسَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا[الحج: 78].

قال: فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين والمؤمنين عباد الله، ثم قال: وفي الصحيح «من فارق الجماعة شبرًا فمات فميتته جاهلية»[صحيح البخاري(7054)، ومسلم(1849)]، من فارق الجاهلية بالخروج عن جماعة أهل الإسلام والانتساب إلى غيرهم، أو اعتقاد قول غيرهم، أو الاشتغال بعمل غيرهم ولو كان قدم ما يكون من المفارقة فمات على ذلك، فميتته جاهلية.

قال: وفيه «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم»[صحيح البخاري(4905)، ومسلم(2584)]  إشارة إلى حديث اختلاف الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- في غزوة جرى فيها نزاع بين أنصاري ومهاجري، حيث كسع المهاجري الأنصاريَّ، فقال الأنصاري: يا للأنصار! وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «أفبدعوى أهل الجاهلية»، «دعوها فإنها منتنة» فنهاهم النبي –صلى الله عليه وسلم-عن هذه الدعوى، وأخبر بنتنها، وأنها مما ينهى عنه، ويطلب النأي عنه والبعد، ثم ذكر شيخ الإسلام كلمة في التعقيب قال: "كل ما يخرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب، أو بلد، أو جنس، أو مذهب، أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية وهذا يصلح اعتباره ضابطًا لدعوى الجاهلية، فكل عصبية أو انتماء يخرج به الناس عن دعوى الإسلام، سواء كان لنسب، أو بلد، أو عرق، أو جنس، أو مذهب، أو طريقة فهو من دعوى الجاهلية التي حذر منها النبي –صلى الله عليه وسلم-.

ففي الصحيحين من حديث جابر ذمّ النبي –صلى الله عليه وسلم-قول الأنصاري: يا للأنصار، وقول المهاجر: يا للمهاجرين لما سيقت هذه الألقاب وهذه الأسماء في مساق حمية الجاهلية.

 وصف الهجرة والنصرة أوصاف ممدوحة في الكتاب والسنة، لكن لما جيء بها في مساق الحمية، وإثارة النعرات، والخروج عن الجماعة، والتفريق كانت كما قال النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-«ما بال دعوة أهل الجاهلية؟»، والمقصود ما حالها، وما الذي جاء بها؟ وهي التداعي والتناصر بأوصاف توجب الفرقة والشقاق بين أهل الإسلام، قال: دعوها فإنها خبيثة هذا إذا كان في مسميات شرعية.

ولذلك ينبغي للمؤمن ألا تغره الأسماء والألقاب، فالأسماء والألقاب لا تغني شيئًا إذا كان مقتضاها يفضي إلى التفريق والتمزيق، مثل ما هو قائم الآن في كثير من الجهات من تنظيمات وأحزاب وجماعات، كل جماعة تتسمى باسم، كل حزب يأخذ اسمًا، ويأخذ الاسم البراق الذي يحصل الخير فيه وينفيه عن غيره، فتتمزق الأمة، وتتشرذم، ويزهد في الاسم الذي ارتضاه الله لأهل الإسلام ﴿هُوَسَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا[الحج: 78].

ولذلك كل نسبة أو انتماء لحزب أو لجماعة أو فئة غير ما ذكره الله ورسوله في الكتاب والسنة هو من المحدثات التي ينبغي أن يعرض عنها الإنسان، وأن يحذر منها، الانتساب إلى الكتاب والسنة وما سمى الله تعالى به أهل الإسلام من الأوصاف المحمودة، لكن لا يعني هذا ألا يكون هناك كما ذكرنا نسب تعريفية، كالانتساب إلى البلدان، أو القبائل، أو الجهات، أو ما إلى ذلك على وجه يتعارف به الناس، لا على وجه يتعصبون إليه، يحتمون به، وينحازون إليه.

قال –رحمه الله-: [باب وجوب الدخول في الإسلام كله وترك ما سواه]

وقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}.[البقرة:208]، وقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}.[النساء:60] وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}.[الأنعام:159]، قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}.[آل عمران:106]، تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف وتسودُّ وجوه أهل البدعة والاختلاف.[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 /792)، والآجري في "الشريعة" (2128(]

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية كان في أمتي من يصنع ذلك. وإن بني إسرائيل افترقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا ملة واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال ما أنا عليه وأصحابي».[أخرجه الترمذي في سننه(2641)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع ]، وليتأمل المؤمن الذي يرجو لقاء الله كلام الصادق الصدوق في هذا المقام، خصوصا قوله: «ما أنا عليه وأصحابي». يا لها من موعظة، لو وافقت من القلوب حياة! رواه الترمذي. ورواه أيضا من حديث أبي هريرة وصححه[أخرجه الترمذي في سننه(2640)، وقال:« حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»]، لكن ليس فيه ذكر النار، وهو في حديث معاوية (عند) أحمد وأبي داود وفيه: "أنه سيخرج من أمتي قوم تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلَب بصاحبه، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله" وتقدم قوله: «ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية».[صحيح البخاري(6882)]

قوله –رحمه الله-: باب وجوب الدخول في الإسلام كله وترك ما سواه بعد أن بين الإسلام، وبين ما يتعلق به جاء في هذا الباب لبيان أن المطلوب من كل أحد أن يدخل في الإسلام كله، فلا يفرقه فيؤمن ببعض ويكفر بعض، أو يقبل بعضًا ويرد بعضًا، أو يعمل ببعض ويترك البعض، بل لابد من الدخول فيه كله، والإعراض عن كل ما سواه من الطرائق والعقائد والأقوال والأعمال، واستدل لذلك بجملة من النصوص، ابتدأها بأظهر آية في الدلالة على هذا المعنى.

قال: وقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً[البقرة: 208]، دعا الله تعالى أهل الإيمان بوصف الإيمان، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ[البقرة: 208]، السلم هو الإسلام كافة، أي: جميعًا، كافة هنا تحتمل أن يراد بها جميع أهل الإيمان، يعني يا أهل الإيمان كافة ادخلوا في السلم، وهذا المعنى صحيح.

والمعنى الآخر ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً[البقرة: 208]، أي: في كل الإسلام اعتقادًا وعملًا، ظاهرًا وباطنًا، وهذا وجه الدلالة في هذه الآية على ما ذكر المؤلف –رحمه الله-في الترجمة.

الآية الثانية قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ[النساء: 60]، وجه الدلالة أن الله ذم على هؤلاء زعمهم الإيمان مع طلبهم تحكيم غير القرآن، فجعل إيمانهم مزعومًا غير صادق مكذوب ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ[النساء: 60]، فالمطلوب منهم الدخول في الإسلام كافة.

انتهى الوقت، نستكمل -إن شاء الله تعالى-  غدا -إن شاء الله- ننتهي من الرسالة بإذن الله، اللهم صل على محمد.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91406 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87214 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف