×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / العقيدة / فضل الإسلام / الدرس(9) من شرح كتاب فضل الإسلام

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1246

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

يقول –رحمه الله-: باب التحذير من البدع

قال –رحمه الله-تعالى: [باب التحذير من البدع]

عن العرباض بن سارية قال: «وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون. قلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودِّع، فأوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد. وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ عضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة»قال الترمذي: حديث حسن صحيح.[سنن الترمذي(2676)]

وعن حذيفة قال: «كل عبادة لا يتعبده أصحاب محمد فلا تعبدوها، فإن الأول لم يدع للآخر مقالا. فاتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم». رواه أبو داود. [لم أقف عليه عند أبي داود، أخرجه ابن وضاح في "البدع" (ص10) وابن المبارك في "الزهد" (47) وابن نصر في "السنة" (89) وابن عساكر في "تاريخه" (4/ 155)، من طريق إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود، وهو لم يسمع من ابن مسعود، كما في "تحفة التحصيل" (ص168)، عن علي ابن المديني.]

وقال الدارمي: أخبرنا الحكم بن المبارك أنبأنا عمر بن يحيى قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: "كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج. فلما خرج قمنا إليه جميعا. فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفا أمرا أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيرا. قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة. قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك أو انتظار أمرك. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الله حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. قال: فعدّوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير. قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله لعل أكثرهم منكم. تم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج ".[سنن الدارمي(210)، وصححه الألباني في الصحيحة(2005) ]

والله المستعان وعليه التكلان، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا آخر ما ذكره المؤلف –رحمه الله-في هذه الرسالة الماتعة رسالة فضل الإسلام.

يقول –رحمه الله-: باب التحذير من البدع.

التحذير غرضه وغايته بيان خطورة الشيء والتنفير منه، فتحذيرك من الشيء هو بيان خطورته وتنفير منه؛ لأنه لا يتم الحذر من الشيء إلا بتوقيه والنأي عنه، والبدع جمع بدعة، وقد تقدم بيان معنى البدعة، وأنها إحداث في الدين يقصد به التعبد لرب العالمين في الاعتقاد أو في العمل.

وتقدم في كلام المؤلف -رحمه الله- والتراجم السابقة ما يفيد هذا المعنى من التحذير من البدع، وبيان سوء عاقبتها كما في باب ما جاء أن البدعة أشد من الكبائر، هذا يفيد التحذير من البدع، وكذلك باب ما جاء أن الله احتجز التوبة عن صاحب البدعة، هذا أيضًا يفيد التحذير من البدع، لكن التحذير الذي تضمنه هذا الباب مختلف، فالتحذير هناك ببيان منزلة البدعة في الباب الأول باب أن البدعة أشد من الكبائر منزلة البدعة في المخالفة؛ لأن المخالفة إما بكفر، وإما ببدعة، وإما بمعصية.

فالكفر ظاهر الأمر في خطورته ومفارقة الإسلام، فوازن بين نوعين من المخالفة للإسلام والخروج عما جاء به، وهما البدعة والمعصية، وفي الباب الثاني بين خطورتها من جهة أنها تمنع من الهدى وتمنع من مراجعة الحق، أما هنا فهو تحذير عام لا يختص شيئًا بعينه، بل بيان خطورته على وجه العموم في كونها موقعة للناس في الهلاك وأنواع الانحراف والضلال.

ولهذا ساق في الباب حديث العرباض بن سارية -رضي الله تعالى عنه- المتضمن وصية النبي –صلى الله عليه وسلم-في موعظته حيث وعظ أصحابه موعظة بليغة وجلت منها القلوب، خافت منها القلوب، وذرفت منها العيون فطلبوا من النبي –صلى الله عليه وسلم-وصية لما سمعوا منه تلك الموعظة.

الموعظة «قالَ: أوصيكُم بتقوى اللَّهِ»هذه الوصية التي عقبت الموعظة، أوصيكم أي: أعهد إليكم عهدًا موثقًا، فالوصية عهد موثق بتقوى الله بتوحيده ولزوم طاعته«والسَّمعِ والطَّاعةِ» هذا فيما تنتظم الوصية الأولى، ينتظم بها صلة العبد بربه، «والسمع والطاعة» هذا مما ينتظم به حال الإنسان مع الناس وفي أمته، وهو إعمال السمع والطاعة، والسمع: القبول، والطاعة: الامتثال والانقياد، والمقصود بالسمع والطاعة ما هو حق لولاة الأمور من الأمراء والرؤساء والملوك وسائر من تأمر على أهل الإسلام، فلهم الحق في السمع والطاعة، وذاك يحقق الئتام الجماعة ونبذ الفرقة وصلاح ما بين الناس، فهذه الوصية النبوية تضمنت أمرين؛ الأول: ما يصلح ما بين العبد وربه، والثاني ما يصلح ما بين العبد والخلق، فصلاح ما بين الإنسان وغيره لزومه السمع والطاعة في المعروف إلا أن يأمر بمعصية.

قال في تأكيد السمع والطاعة قال: «وإن تأمَّرَ عليكُم عبدٌ» يعني رقيق مملوك «وإنَّهُ من يعِشْ منكُم فسيَرى اختِلافًا كثيرًا»، هذا بيان لأهمية هاتين الوصيتين للسلامة مما سيجري من اختلاف عما كان عليه حال النبي –صلى الله عليه وسلم-وحال أصحابه «فعليكُم بسنَّتي» فالزموا طريقتي «وسنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ المَهْديِّينَ» أي: طريقة الخلفاء الراشدين وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، بإجماع الأمة.

 وصفهم بوصفين: الرشد والهداية، والرشد ضد السفه، والهداية ضد الضلال، فجمع الله لهم رشدًا وهداية فسلموا من السفه والضلال والرشد لعله في أمر الدنيا والهداية في أمر الدين، ويمكن أن يكون الجميع في أمر الدين وأمر الدنيا، لكن الهداية في الغالب تطلق على أمور الدين، والرشد يطلق على أمر الدين والدنيا كما قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ[النساء: 6]، وهو حسن التصرف في المال، وهو أمر من أمور الدنيا، ويطلق على الاستقامة في الدين كما في قوله تعالى: ﴿حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ[الحجرات: 7]، فالرشد يطلق على صلاح الدين وصلاح الدنيا، والهداية في غالب استعمالاتها تطلق على صلاح الدين، لكن أيضًا تطلق على صلاح الدنيا، كما في قوله: ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى[طه: 50]، أي: هداه إلى مصالح معاشه، لكن في الغالب استعمالات الهداية في أمور الديانة، والرشد يطلق على هذا وهذا.

المقصود قوله: «وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» تمسكوا بها أي: الزموها «عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ» هذا بيان أنه تمسك شديد إلى هذا الحد أن يعض عليها بالنواجذ، والتمسك بالشيء يمكن أن يكون باليد، وإذا بالغ الإنسان في التمسك بالشيء وعدم الانفكاك عنه تمسك فيه بكل ما أوتي من قوة، بيده وأضراسه، ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم-في حديث حذيفة قال: «فاعتزل تلك الفِرقَ كلَّها، ولو أن تعضَّ على أصلِ شجرةٍ»[صحيح مسلم(1847)]، أي: تمسكًا بالهدى وعدم الانحراف والميل إلى أي نوع من أنواع الضلالات إلى هذا الحد قال –صلى الله عليه وسلم-:«وإيَّاكُم ومُحدَثاتِ الأمورِ» البدع- وهذا موضع الشاهد- إضافة إلى قوله: «فعليكم بسنتي، وإياكم ومحدثات الأمور» يعني ما حدث من محدثات في الاعتقاد، أو العمل فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، أي: يخرج بها الإنسان عن الصراط المستقيم.

قال: وعن حذيفة «كلُّ عبادةٍ لا يتعبدُها أصحابُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فلا تعبدوها» أي: لا تتقربوا إلى الله تعالى بها «فإن الأولَ لم يدعْ للآخرِ مقالًا. فاتقوا اللهَ يا معشرَ القراءِ وخذوا طريقَ من كان قبلكم»[سبق] وهذه وصية جامعة ألا يترك الإنسان ما كان عليه سلف الأمة في الاعتقاد والعمل، فلو كان خيرًا لسبقونا إليه، إذ هم خير الأمة بعد النبيين ،كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ».[صحيح البخاري(2652)، ومسلم(2533)]

بعد ذلك ذكر ما نقله الترمذي بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، في قصة جرت زمن أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-يعني في عهد الصحابة، وهي ترجمه بيان لقول حذيفة كل عبادة لا يتعبدها أصحاب رسول الله لا تتعبدوها، وهي قصة قوم رآهم أبو موسى -رضي الله تعالى عنه- في مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-أو في المسجد، والله أعلم هل هو مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-أو غيره، ولعله في الكوفة عندما كان واليًا على الكوفة، فأبو موسى وابن مسعود كلاهما كان في الكوفة رضي الله تعالى عنهما «فقال له أبو موسى يا أبا عبد الرَّحمنِ إني رأيتُ في المسجدِ آنفًا أمرًا أنكرتُه»، والذي يظهر أنه ليس في مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-«ولم أرَ والحمدُ للهِ إلا خيرًا»، يعني ليس فيه ما ينكر، ولكنه مما لم أعهده، ولذلك «قال: فما هو، فقال إن عشتَ فستراه» يعني: تعالى وانظر إليه هذا معنى قوله: إن عشت فستراه «قال رأيتُ في المسجدِ قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرون الصلاةَ، في كلِّ حلْقةٍ رجلٌ، وفي أيديهم حصًى فيقول: كَبِّرُوا مئةً فيُكبِّرونَ مئةً، فيقول هلِّلُوا مئةً فيُهلِّلون مئةً، ويقول: سبِّحوا مئةً فيُسبِّحون مئةً قال: فماذا قلتَ لهم» ابن مسعود يقول لأبي موسى: ماذا قلت لهم؟ «قال ما قلتُ لهم شيئًا انتظارَ رأيِك» وهذا من أدبه -رضي الله تعالى عنه- وعدم تقدمه بين يدي من هو أعلم منه، فخشي أن يقول لهم شيئًا ينكر به ما رآه وهو على خلاف ما ظن«قال أفلا أمرتَهم أن يعُدُّوا سيئاتِهم وضمنتَ لهم أن لا يضيعَ من حسناتهم شيءٌ»، يعني: اشتغالهم بالعد إن كان ولابد فليعدوا سيئاتهم حتى ينزعوا عنها، وإذا عد الإنسان سيئاته فإنه لم يفقد من حسناته شيئًا، لأنه سيراجع نفسه، ويكف عن العصيان والخطأ ويستغفر ربه «ثم مضى ومضَينا معه حتى أتى حلقةً من تلك الحلقِ فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون» أي: من التسبيح على هذا النحو والذكر على هذا النحو «قالوا: يا أبا عبدَ الرَّحمنِ حصًى نعُدُّ به التكبيرَ والتهليلَ والتَّسبيحَ، قال فعُدُّوا سيئاتِكم فأنا ضامنٌ أن لا يضيعَ من حسناتكم شيءٌ، ويحكم يا أمَّةَ محمدٍ» "ويح" كلمة تقال ترحمًا لمن قيلت فيه، مقابل "ويل"، "ويل" كلمة عقوبة و"ويح" كلمة رحمة، فهو من التلطف بهم ودعوتهم إلى النزوع عما هم فيه على نحو من الشفقة عليهم والرحمة بهم «ويحكم يا أمة محمدٍ، ما أسرعَ هلَكَتِكم! هؤلاءِ صحابةُ نبيِّكم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُتوافرون» فاقتدوا بهم والزموا هديهم «وهذه ثيابُه لم تَبلَ وآنيتُه لم تُكسَرْ» يعني لقرب العهد به –صلى الله عليه وسلم-«والذي نفسي بيده إنكم لعلى مِلَّةٍ هي أهدى من ملةِ محمدٍ أو مُفتتِحو بابَ ضلالةٍ» يعني إما أن تكون خيرًا من طريق النبي –صلى الله عليه وسلم-أو أنكم شارعون في فتح باب من أبواب الضلال والخروج عن هديه –صلى الله عليه وسلم-«قالوا: والله يا أبا عبدَ الرَّحمنِ ما أردْنا إلا الخيرَ» يعني ما قصدنا بها إلا الخير، قال -رضي الله تعالى عنه- في كلمة جامعة للإجابة على هذا الإيراد ما قصدنا إلا الخير «قال وكم من مُريدٍ للخيرِ لن يُصيبَه» فإرادة الخير ليست كفيلة في إصابته، فكم ممن يريد الخير لكن لا يوفق إليه، إما لعدم اجتهاده في طلبه، وإما لخفائه وعدم ظهوره، إذ إن الخطأ يأتي من جهتين؛ الخطأ في الأقوال والآراء يأتي من جهتين، أي من واحد من جهتين؛ الخطأ في الآراء، إما أن يأتي من جهتين أو من واحد من جهتين؛ يأتي إما من سوء القصد، أو ضعف الطلب، فلا يقصد الحق فلا يصيبه، أو يقصد الحق لكن لا يجتهد في تحصيله فلا يصل إليه، وقد يجتمعان فيسوء القصد ويتعطل الطلب، وبالتالي يكون المانع له من إصابة الحق سوء النية، مع ترك العمل، سوء القصد مع ترك العمل، لكن من بذل جهده في طلب الحق مستصحبًا للنية الصالحة فإنه سيُهدى، لكن هؤلاء تخلفت عنهم الهداية؛ لأنهم اقتصروا على إرادة الحق دون طلبه، ما سألوا أصحاب النبي وهم بينهم، ولا اقتدوا بهم وهم بينهم، فلم يصيبوا الحق والهدى قال رضي الله تعالى عنه: «إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حدَّثنا أنَّ قومًا يقرؤون القرآنَ لا يجاوزُ تراقيهم وايمُ اللهِ ما أدري لعلَّ أكثرَهم منكم»وهذا من فراسته رضي الله تعالى عنه حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن، يشتغلون بتلاوة أفضل الكلام، وتحصيل أفضل العلم وهو قراءة القرآن، لكنهم لا يفهمون وليس له في قلوبهم أثر، وهذا معنى قوله: «لا يجاوز تراقيهم» التراقي العظم الذي يحيط بالرقبة، ومعنى لا يجاوز تراقيهم يعني لا يصل إلى قلوبهم، فليس له نفوذ إلى قلوبهم، بل هو على ألسنتهم دون أن يكون له تأثير على قلوبهم قال:  «وأيم الله لا أدري لعل أكثرهم يكونوا منكم ثم تولى عنهم» بعد هذه الموعظة «فقال عمرو بنُ سلَمةَ فرأينا عامَّةَ أولئك الحِلَقِ» يعني الذين كانوا على هذا النحو «يُطاعِنونا يومَ النَّهروانِ مع الخوارج»[سبق]، ،  فضلوا لعدم لزومهم السنة وسيرهم على ما كان عليه حال أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا يبين خطورة البدعة، وإن كانت عملية لأن هؤلاء بدؤوا بماذا؟ ببدعة عملية وهي التسبيح، عد التسبيح بالحصى في حلق، لكنه انتهى بهم إلى بدعة عقدية وهي تكفير أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم-والخروج على أهل الإسلام، ولهذا يتبين خطورة البدعة الصغيرة والكبيرة، أن البدعة الصغيرة تقود إلى البدعة الكبيرة، إن لم يتوق الإنسان خطرها، وينزل عنها إلى لزوم السنة.

قال –رحمه الله-: والله أعلم بالصواب، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

وبهذا تكون قد انتهت هذه الرسالة الماتعة النافعة، غفر الله لمؤلفها، ونفعنا بما تضمنته من العلوم النافعة والتنبيهات الجليلة، ونسأله –جل وعلا-بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يثبتنا على الإسلام.

اللهم أحيينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، واجعلنا في زمرة سيد المرسلين، واغفر لنا الخطأ والزلل يا رب العالمين.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90594 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87038 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف