×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (162) حقوق العمال

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:1843

المقدم: نرحب بكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة لبرنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، ضيفنا الكريم هو فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح، أستاذ الفقه بجامعة القصيم.

فضيلة الشيخ؛ السلام عليكم، وأهلًا وسهلًا، وحياك الله، يا مرحبا.

الشيخ: - مرحبًا بك، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك أخي وائل، وحيا الله الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، وأسأل الله أن يجعله لقاءً نافعًا مباركًا.

المقدم: اللهم آمين. بمشيئة الله تعالى مستمعينا الكرام سيكون حديثنا في هذه الحلقة ضمن الموضوعات التي نتدارسها ونناقشها في هذه الحلقات، والتي اهتم بها ديننا الحنيف، من هذه الموضوعات ما يتعلق بالحقوق عمومًا وحقوق العمال أو العامل والأجير؛ فقد أولاها ديننا الحنيف أهميةً، وحث على قضائها وإيفائها كاملةً.

 ومَن تتبَّع سيرة المصطفى - صلوات ربي وسلامه عليه - وجد الكثير من المواقف والقصص من سيرته التي تأمر وتحث على إعطاء العامل حقوقه.

بمشيئة الله تعالى سنتطرق في هذه الحلقة لهذا الموضوع.

فضيلة الشيخ دعني أبدأ الحديث معك ابتداءً قبل أن نتحدث عن حقوق العمال عمومًا دعنا نتحدث عن طبيعة وعلاقة العامل ورب العمل عمومًا.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:

فجَرَت حكمة الله العليم الخبير أن يفاوت بين الخلق فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق والمعاش والآجال والفهوم والقوى والقدرات، كل ذلك وفق حكمته - جل وعلا - ورحمته فيما يقضيه ويقدره لعباده من هذه القسمة المنبثقة من كمال علمه وكمال حكمته؛ قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ الزخرف: 32  فالله تعالى فاوت بين الناس، وهذه المفاوتة في كل مناحي الحياة في الغنى والفقر، وفي الصحة والمرض، وفي القوة والضعف، وفي الجاه والشرف، وفي سائر أمور الحياة.

ومن ذلك مفاوتته فيما يتعلق بالأعمال؛ ثمة أرباب عمل وأصحاب مصالح، وهناك عمال وأجراء، وكل هؤلاء في هذه القسمة الواجب عليهم أن يجروا وفق حكم الله - عز وجل -، فهذا التنويع في أحوال الناس ينبغي ألا يخرجهم عما يجب أن تكون عليه الصلة بينهم.

الله تعالى يقول: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ الزخرف: 32  ثم ذكر الحكمة من ذلك فقال: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا الزخرف: 32  فهذا التفاوت يتحقق به مصالح عظمى؛ منها ما أشارت إليها الآية الكريمة في قوله تعالى: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا الزخرف: 32  يسخر بعضهم بعضًا في الأعمال، فيحتاج ربُّ العمل ربُّ المال لعامل أجير ينجز له مصالحه ويدرك به ما يحب من الإنجازات، فهذا محتاج لهذا، وذاك محتاج لهذا، رب العمل محتاج إلى جهد العامل، والعامل محتاج إلى مال صاحب العمل، فيستخدم بعضهم بعضًا، فيسخر الله تعالى الأغنياء بأموالهم للأجراء والأجراء لأصحاب الأموال، فيكون بعضهم لبعض سببًا للرزق وللمعاش؛ هذا بماله وهذا بعمله، فيلتئم قوام أمر العالم.

 ولو تساوى الناس في الغنى والفقر والاستغناء ولم يحتج بعضهم إلى بعض لتعطلت مصالحهم ومنافعهم.

وبالتالي هذا التفاوت هو في الحقيقة لتحقيق مصلحة البشرية وإدراك ما ينتظم به معاشهم ويصلح به أمورهم، وهذا التفاوت ابتلاء واختبار، كما أنه يتحقق به مصالح، فهو يختبر الناس ما رزقوا وما قسم لهم من هِبات وعطايا رب كريم جل في علاه؛ ولذلك يقول الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ الأنعام: 165  هذا التفاوت هو الذي ذكره في الآية الأخرى في قوله: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الزخرف: 32 ؛ ففاضل بين القوم في المعاش والقسمة والأرزاق، وهذا مما يرتفع به بعض الناس على بعضهم درجات، لكن هذا الانتفاع والتفاوت هو موضع اختبار؛ ﴿لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم الأنعام: 165 ، فيبتلى الجميع، يختبر الذي أنعم عليه بالغنى في غناه، فيسأله الله تعالى عن أداء حقوق الخلق وشكر النعمة وما أدام عليهم في الحقوق من مال، ويختبر من كان دون ذلك من الفقراء وذوي الحاجات فيما ابتلاهم به من الفقر، فيسألهم عن الصبر وعن طاعة الله - عز وجل - في تحقيق البعد عن المكاسب المحرمة وما إلى ذلك.

وفي الجملة؛ الدنيا بكل أحوالها هي محل الاختبار؛ كما جاء في الصحيح من حديث أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الدُّنيا خَضِرةٌ حُلْوةٌ» حلوة في مذاقها وطعمها تشتاق إليها النفوس وتلتذ بها، وحلوة في منظرها فهي خضرة تجذب الأبصار وتلفت الأنظار، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإنَّ اللهَ مُستخلِفُكم فيها فناظِرٌ كيفَ تعمَلونَ ألا فاتَّقوا الدُّنيا»[صحيح مسلم:ح2742/99]

ولهذا ينبغي أن تكون علاقة العامل برب العمل أصحاب الأعمال الأجراء العمال عندهم مبنية على مراعاة هذه الحكم وتحقيق العدل الذي قامت به السموات والأرض وأداء الأمانات التي فرضها الله تعالى؛ فيؤدي كل أحد من هؤلاء ما اؤتمن عليه وثبت لغيره من الحقوق.

فهذا التفاوت يختبر به الناس ويبتلون به ويؤجرون عليه، وهذا التفاوت من الابتلاء وألوان الاختبار وصنوف الامتحان للجميع؛ ولهذا يقول تعالى: ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ البقرة: 283  فصاحب العمل وأصحاب الأموال وأرباب الأعمال لهم من الحقوق وعليهم من الحقوق ما يجب أن يرقبوا الله تعالى فيه، وكذلك العمال.

ولهذا؛ هذا التفاوت من ظن أنه مسوِّغ لنوع من الاستكبار أو العلو، هو من الجهل العظيم الذي يوقع الإنسان في شر العمل وسيئه؛ ولهذا ينبغي أن يغيب عن ذهن أصحاب الأعمال وأصحاب الأموال أن هذه الأموال مسوغ للعلوِّ على الخلق والاستكبار عليهم، فصاحب المال إذا لم يجد من يعمل له ماذا سيفعل؟ ستتعطل مصالحه.

المقدم: هو في حاجة للعامل.

الشيخ: هو في حاجة للعامل كحاجة العامل إليه، وكلٌّ من هؤلاء محتاج للآخر، فلو علا رب المال على العامل واستكبر عليه واحتقره لماله أو لكثرة ما معه أو لأنه صاحب عملة - كان ذلك نقصًا في عقله؛ لأن العامل يمكن أن يقابله بنفس الأمر؛ أن يمتنع عن العمل عنده، ويكون هذا مدعاةً إلى تعطل مصالح الخلق؛ ولهذا نظرة العلو والاحتقار هذه نظرة أثيمة، وهي مفسدة للعلاقات بين الناس؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ»[صحيح مسلم:ح2564/32] يعني يكفيه من الشر أن يمتلئ قلبه علوًّا على الخلق وازدراءً لهم واحتقارًا لهم؛ فإن هذا يكفي الإنسان من الشر في إيقاعه في ألوان من الشرور؛ وذلك أن العلو والاستكبار واحتقار الناس من أسباب البغي والظلم والاعتداء على الخلق والبخس على حقوقهم، فالعامل والخادم سخَّره الله لك وسخرك لهم كلاهما هو مسخَّر للآخر، فلا تحتقره ولا تتكبر عليه، بل الواجب في علاقة العامل مع رب العمل مهما كانت مرتبة العمل وصفته قد تكون عاليةً، قد تكون متوسطةً، قد تكون في أعمال نازلة، في كل أحوال هذه المراتب؛ العمال هم إخوان لأصحاب العمل، أو أرباب الأموال؛ ولهذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين من حديث أبي ذر: «هم إخْوانُكُمْ» يعني العمال والخدم «هم إخْوانُكُمْ خَوَلُكُمْ» أي: يخدمونكم «جعلهم الله تعالى تحت أيديكم» أي: في الولاية والسلطة عليهم والتصرف في مصالحهم «فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس» وهذا فيه تحقيق العدل بأن لا يعلو عليه ويتكبر عليه ويرى لنفسه منزلةً أعلى منه، بل قال: «فليطعمه مما يأكل وليلبِسْه مما يلبس»[صحيح البخاري:ح30]

وهذا يدل على أن العلاقة علاقة أخوة، وليست علاقة استكبار ولا علاقة احتقار أو ترفع، وإذا تحقق هذا في علاقة العامل سواء بالعمل كان هذا من أعظم الأسباب لنجاح العقود التي بينهما والصلة التي بينهما، فتجد العامل يبذل وسعه لإنجاح العمل وإتقانه؛ لأن رب العمل يكرمه ويحسن إليه ولا يتكبر عليه، وكذلك تجد صاحب العمل محققًا لمقاصده منشرحَ الصدر جميل صلته بمن تحت يديه من عمال، وبه تتحقق النجاحات في الأعمال، والتي من أهم أسبابها ومركزاتها العمل بروح الود والتوافق والتراحم وبذل الحقوق والمسارعة في إنجاز المهام وأداء ما علق في ذمته من حقوق لغيره.

هذا الأصل يبين الصفة التي ينبغي ألا تغيب في صلة العامل برب العمل؛ ولهذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «هم إخْوانُكُمْ خَوَلُكُمْ» أي: يخدمونكم، وهذا ينبغي أن يستحضره الإنسان فيمن يستعملهم سواء كانت أعمالًا كبيرة أو أعمالًا رفيعة أو أعمالًا دون ذلك، وحتى في عمل الإنسان مع من يخدمه في بيته من سائق أو خادم أو من يخدمه خدمة عارضة كخدمة مثلًا في إصلاح تالف أو استبدال ما يحتاج لاستبدال في البيوت أو في المراكب والسيارات أو غير ذلك من العلاقات العارضة للعمال، والتي هي أنواع؛ فمنهم من علاقته عارضة تنتهي بانتهاء عمله، وهم الأُجَراء المشتركون، ومنهم من إجارته قد تكون مستمرةً وممتدةً لمدة عقد معين، سنة أو سنتين، أو نحو ذلك، وفي كل هؤلاء ينبغي أن تسود هذه العلاقة المبنية على أداء الأمانات واحترام الحقوق وبذل الوسع في الإحسان وعدم الترفع والتكبر على الخلق ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ البقرة: 283 ؛ هاتان القاعدتان عليهما يقوم جميل الصلة بين صاحب العمل والعامل؛ الأخوَّة واستحضارها في علاقة صاحب العمل بالعامل، الثاني: الاجتهاد في أداء كل طرف من أطراف الحق الذي عليه؛ هاتان قاعدتان أساسيان في إصلاح علاقة أرباب العمل بالعمال: هم إخوانكم والواجب عليكم وعليهم ما أمركم الله تعالى به: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا النساء: 58 .

المقدم: فضيلة الشيخ كنا قد تحدثنا في بداية الحلقة حول طبيعة العلاقة بين العامل ورب العمل، وأيضًا الحكمة من تفاوت مراتب الناس في الدنيا، وأيضًا تحدثنا عن حاجة الناس لبعضهم البعض؛ حاجة العمال إلى أرباب العمل، وأيضًا العكس صحيح.

في الدقائق القادمة اسمح لي فضيلة الشيخ أن نتحدث حول حفظ الحقوق التي تكون بين العامل ورب العمل، نريد أن نذكر جملةً من هذه الحقوق التي ينبغي على أرباب العمل حفظها، وأيضًا ينبغي على العمال حفظها لأصحاب العمل.

الشيخ: فيما يتعلق بالحقوق؛ الحقوق يجمعها فيما يتعلق بأدائها وبذلها لأصحابها قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا النساء: 58  هذه الآية هي الآية الجامعة، والتي تنتظم جميع الحقوق بشتى صورها؛ فإن الله تعالى أمر فيها بأداء الأمانات ولم يخص أمانةً دون أمانة أو صورةً دون صورة، فشملت الآية كل ما يكون من الأمانات على اختلافها، كل ما يكون من الالتزامات والحقوق على اختلافها وتنوعها وصنوفها وألوانها.

ولذلك ينبغي للمؤمن أن ينطلق في كل علاقاته من هذه الآية، وهو أن الله تعالى أمره بأداء حقوق الخلق، وألا يبخس الناس حقوقهم، وألا يوقف أداء أحد من الخلق على ما يتعلق بحقه فيبخس حقوق الناس أو يعطل حقوق الناس بناءً على أنه لم يأخذ حقه، فهذه الآية من أمهات الأحكام حتى قال بعض أهل العلم وهو القرطبي - رحمه الله - قال في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا النساء: 58  قال: هذه الآية من أمهات الأحكام، تضمنت جميع الدين والشرائع، فهي تضمنت إيفاء جميع الحقوق، فالآية شاملة بنظامها لكل أمانة، وهي أعداد كثيرة وأنواع كثيرة تتعلق بحق الله - عز وجل - وتتعلق بحقوق الخلق فكلها داخلة في هذا العموم.

ولهذا في كل أمر من الأمور تدخل وفي كل علاقة وصلة تكون بينك وبين غيرك من الناس يستحضر هذا الأمر الإلهي؛ فإن الله تعالى أمرك بأداء الأمانة، وأداؤها هو إيصالها إلى مستحقيها موفورةً من دون امتنان، ومن دون مُطْل، ومن دون بخس، ومن دون نقص، بل تؤدَّى كاملةً موفورةً لا منقوصةً ولا مبخوسةً ولا ممطولًا بها، فهذا يشمل كل الأمانات وكل أنواع الصلات التي تكون بين الخالق والمخلوق، وبين الخلق أنفسهم فيما يكون بينهم من العقود والارتباطات؛ لهذا ينبغي للمؤمن أن يستحضر هذا المعنى في علاقته بمن تعاقد معهم، الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة: 1  الآية شاملة لكل العقود والواجب على كل من دخل مع غيره في ارتباط وفي عقد سواء كان عقدًا مكتوبًا أو عقدًا ملفوظًا أن يوفي بما تضمنه العقد ليتحقق له بذلك ما أمره به الله - عز وجل - من أداء الأمانات؛ في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا النساء: 58 .

وقد أثنى الله تعالى على القائمين بالحقوق والمؤدين ما عليهم من واجبات فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ المؤمنون: 8  أي: محافظون وقائمون بها على الوجه الذي تؤدى بها الحقوق وتوصل به الأمانات إلى أهلها، هذا هو الذي ينبغي أن يراعيه الإنسان لكل علاقاته التعاقدية مع غيره، ومن ذلك العامل مع رب العمل، فيجب على رب العمل أن يؤدي ما عليه من حق ويجب على العامل أن يجتهد فيما عليه من الحق.

وبذلك تستقيم العلاقة بينهما، هذا الحق والأساس، والعقود تتضمن أعمالًا وأصولًا وأوصافًا ينبغي أن يحفظها، وأن يقوم بها كل من الطرفين؛ ولهذا عند الاختلاف يرجع الناس إلى ما تم التعاقد عليه بينهما، فمن حق العامل ألا يتجاوز رب العمل ما عاقد عليه العامل من عمل؛ فلا يغير في طبيعة العمل ولا في جنسه ولا في مقره ولا في زمانه ولا في جميع ما يتصل به، وكذلك رب العمل لا يجوز له أن يغير فيما التزم به للعامل، بل يجب عليه أن يؤدي ما للعامل من الحقوق سواء كانت الحقوق ماديةً، في رواتب أو في حوافز أو في خدمات، وبالتالي يتحقق له بهذا أداء الأمانة.

والعامل يجب عليه أن يحافظ على ما عاقد عليه رب العمل بأداء العمل على الوجه الذي طلب، وعلى أكمل ما يطيقه ويستطيعه من الإتقان، من حق العامل والخادم ألا يكلف من العمل ما لا يطيق؛ وذلك أن العامل له حدٌّ وطاقة في الإنجاز، فلا يجوز لرب العمل أن يحمِّله فوق ذلك، بعض الناس إذا استعمل عاملًا أو استأجر أجيرًا في أي عمل من الأعمال ظن أنه يملك منفعة هذا العامل على وجهٍ لا يناقش فيه، وهذا ليس بصحيح، إنما يملك من المنفعة ما جرى عليه التعاقد على الصفة التي جرت عليها المعاقدة، فإذا لم يكن هناك تفصيل في هذه المنفعة المعقودة عليها فيرجع في تحديدها إلى العرف؛ ولذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في توجيهه لما ينبغي أن تكون عليه صلة العامل برب العمل ورب العمل بالعامل قال: «ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ» يعني ما لا يطيقون، فإن حصل إن كلفوا بعمل شاق فالواجب ألا يحملهم بمفردهم، بل أن يعانوا؛ ولذلك قال: «فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فأعِينُوهُمْ»[سبق] فإن ألزمتموهم بعمل يشق عليهم ويتعبهم فالواجب عليكم إعانتهم؛ لأن ما لا يطاق من العمل أو ما يشق من الأعمال لا يمكن أن ينجزه عامل بمفرده، بل لابد أن يعان، إما بمزيد عمال أو بأن يشارك رب العمل في تحقيق المطلوب؛ لكونه زائدًا على طاقة العامل، هذا ما يتعلق بحق من حقوق العامل على رب العمل.

ومن الحقوق أيضًا التي ينبغي أن يراعيها أرباب العمل: أن العمال وبني آدم عمومًا مجبولون على القصور وعلى ألوان من التقصير لا ينفكون عنها؛ فالعلاقات لا تتم بالتدقيق والتعمق والتكلف في استيفاء الحق على أكمل ما يكون؛ فإن هذا في الغالب مبعث لمشاكل عديدة في علاقة العامل بصاحب العمل، لكن المطلوب هو التعاون والتغافل عن جوانب القصور والتقصير التي لا تُخلُّ بمقصود العمل، والصبر على ما يكون من قصور العامل أو تقصيره، مع التوجيه اللطيف الذي يحقق التقويم والتصحيح والتصويب للمهام التي كلف بها العامل.

أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة جاءت به أمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعرضت عليه أن يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - خدمة أنس بن مالك، وكان صبيًّا بلغ العاشرة من عمره، يقول رضي الله تعالى عنه في خدمته للنبي - صلى الله عليه وسلم - ابتداءً من هذا السن إلى أن توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - في عشر سنوات قال: «خَدَمْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَما قالَ لِي: أُفٍّ، ولا: لِمَ صَنَعْتَ؟ ولا: ألَّا صَنَعْتَ»[صحيح البخاري:ح6038]  هذه المدة الطويلة التي خدم فيها أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ما جرى منها معاتبة تتضمن التضجر، «فما قال لي: أف» وهي أدنى ما يكون من كلمات إظهار الضجر والكراهية للشيء «ولا لِـمَ صنعت؟» أي: المعاتبة: لِـمَ صنعت كذا؟ لِـمَ فعلت كذا؟ (ليش سويت كذا)، «ولا ألَّا صنعت» ولا صدر منه - صلى الله عليه وسلم -: (ليش ما سويت، ليش ما تسوي، ليش ما تفعل، ليش ما تصلح كذا وكذا)، هذا كله لم يكن منه، وليس هذا إهمالًا للتوجيه والنصح، بل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينصح ويوجِّه ويقوِّم، لكن فرق بين علاقة التقويم والنصيحة والإصلاح وبين علاقة التثريب والتعييب والتنقص وذكر المعايب، فبينهما فرق واسع.

فالذي نفاه أنس - رضي الله عنه - في خدمة النبي - صلى الله عليه وسلم - المعاتبة واللوم الذي يفضي إلى سوء العلاقة والصلة بين الخادم والمخدوم، وبين العامل وصاحب العمل، هذا ما يتصل بحق من حقوق العمال، وهو أن يصبر عليه؛ أي: يتغاضى أصحاب الأعمال وألا ينشدوا الكمال الذي يبعد أن يدرك في علاقات الناس منذ سالف الزمان.

أيضًا من الحقوق التي ينبغي أن تظهر ويستحضرها أصحاب الأعمال: أن يوفوا العمال أجورهم؛ أي: أن يبادروا إلى إعطائهم مرتباتهم ومستحقاتهم المعنية سواء كانت هذه المستحقات على صورة رواتب أو صورة أجرة لعمل مقطوع أو كان ذلك حوافز أو ما إلى ذلك مما يكون من أجور العمال، ينبغي أن يبادر صاحب العمل وأن يسارع في إيفاء العامل أو الخادم أجره المكافئ لجهده دون مطل ولا بخس ولا تلكع ولا نقص، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أعْطُوا الأجيرَ أجرَه قبلَ أنْ يجفَّ عرقُهُ«[يأتي]

وهذا توجيه نبوي يؤكد هذا المعنى وهو أن يبادر صاحب العمل إلى مكافأة العامل بإعطائه ما يستحقه من مال على عمله؛ فإن ذلك أطيب لخاطره وأبلغ في تحقيق غاية مقصوده وأسرع في إبراء ذمة صاحب العمل؛ لأن كل تأخر أو مماطلة في حقوق الخلق لا تسقطها، بل إن كانت مماطلة ومعاثرة في إعطاء الناس حقوقهم كانت إثمًا حتى لو أعطاه الحق بعد ذلك؛ لأن بعض الناس يماطل، يأتي بعامل مثلًا ليقوم له بعمل وينجز العامل العمل على ما طلب منه، ثم يتأخر صاحب العمل في إعطائه، ويماطل (بكره، بعده، اصبر آخر الشهر، انتظر الأسبوع الجاي) وهلم جرًّا..

 هو قادر على إيفاء العامل حقه، لكنه يماطل إما لرغبة في المماطلة أو لغير ذلك من الأسباب التي لا تسوِّغ له أن يؤخر إعطاء العامل حقه، النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أعْطُوا الأجيرَ أجرَه قبلَ أنْ يجفَّ عرقُهُ»[سنن ابن ماجه:ح2443، وصححه الألباني في الإرواء:ح1498].

 ومعلوم أن جفاف العرق لا يستغرق وقتًا طويلًا لاسيما مع وسائل التخفيف وما يكون من وسائل إزالة آثار التعب.

ولهذا أقول: ينبغي أن يكون همُّ صاحب العمل إضافةً إلى إنهاء المهمة المطلوبة من العامل وأن تكون على أكمل وجه - أن يكون من مهماته أن يبادر إلى إيفاء الحقوق إلى أهلها؛ ولذلك كان إنكار حق العامل مما يوجب العقوبة الغليظة؛ فقد جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيما يرويه عن ربه تعالى: «ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ» الله - عز وجل - يخبر في هذا الحديث الإلهي: «ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ» فالله تعالى هو خصمهم الذي يخاصمهم ويستوفي الحقوق منهم «رَجُلٌ أعْطى بي ثُمَّ غَدَرَ» أي: رجل عاهد بالله - عز وجل - وجعل الله بينه وبين من عاقدهم أو عاهدهم ثم نكث بالغدر والخديعة والتحايل على عدم الوفاء بما التزم «ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ» وهذا حال ناس في الزمن السابق يأتون إلى الأحرار ويسترقونهم ويذهبون بهم ويبيعونهم على أنهم رقيق، فهؤلاء موعودون بما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى خصمهم يوم القيامة، أما الثالث وهو موضع الشاهد من هذا الحديث «ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفى منه ولَمْ يُعْطِ أجْرَهُ»[صحيح البخاري:ح2227] أي: طلب من يعمل له عملًا سواء كان عملًا مقيدًا بزمان أو عملًا لإنجاز مهمة وإنجاز مصلحة من المصالح دون أن يقيد بزمن، «ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه» أي: قبض منه ما طلب وأخذ منه كامل حقه «ولم يعطه أجره» أي: لم يوفه أجرته وما طلبه من الأجرة التي تعاقد عليها معه.

فهذا يدل على أن هذا الذنب وهو بخس العمال حقوقهم، وعدم إعطائهم أجورهم؛ مما يُرتَّب عليه هذه العقوبة العظيمة؛ أن الله تعالى خصمهم يوم القيامة، ومن كان الله خصمه فهو مخصوم محروم، نسأل الله السلامة والعافية.

 ولذلك ينبغي للإنسان أن يبادر إلى إعطاء الحقوق.

أحيانًا تحصل مماطلة من بعض أصحاب الأعمال، ويملُّ العامل ويذهب، وهذا لا يسقط حقه، بل حقه باقٍ وثابت حتى لو ذهب صاحبه وتركه، وأحيانًا قد تقع مخاصمة أو خلاف فيشح صاحب العمل بإمساك المال عن العامل إما عقوبةً له على هذه المخاصمة أو غير ذلك، ويذهب العامل، لكن هذا لا يسقط حقه فيما عاقد عليه وفي العمل الذي أنجزه، فيجب على المؤمن أن يسعى في إبراء ذمته وألا يتهاون في ذلك.

وقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار، وكان كل واحد منهم قد سأل الله تعالى بعمل صالح يرجو به الفرج من هذه الصخرة التي سدت عليهم باب الغار؛ كان منهم الرجل الثالث قال: «اللهم استأجرت أجراء» يعني استعملت عمالًا على عمل «فأعطيتهم أجورهم» وهذا عمل صالح أن أعطى كل إنسان ماله وأعطاه أجره «غير رجل واحد» ما الذي حصل مع هذا الرجل؟ قال: «غير رجل واحد منهم ترك الذي له وذهب» وواضح أنه ليس هناك مماطلة، لكن هو ترك، إما طرأ له طارئ أو ملَّ أو غير ذلك من الأسباب المهم أنه ترك أجرته ولم يطلبها من صاحب العمل وذهب.

قال: «فثمَّرت أجرَه» أي: استثمرت أجره، نمَّيت الأجرة ترك ألف ريـال، ترك عشرة آلاف ريـال من أجرته وذهب، قام بتثميرها وتنميتها، «فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال» يعني نما منه مال كثير ونتج عنه كسب كبير «فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال لي: يا عبد الله» هذا العامل رجع إما نزلت به ضائقة أو تذكر ماله من أجرة أو أنه مر بهذا المكان ورغب في أجرته التي لم يستوفها من صاحب العمل «فقال: يا عبد الله أدِّ لي أجري» يعني: أعطني أجرتي على العمل الذي لم أستوف أجرته وذهبت وتركته «فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق» ثمر المال حتى نشأ عنه إبل وبقر وغنم ورقيق وهذا شيء كثير، «فقال الرجل» العامل؛ يعني واضح أن ما جاءه إلا وقد أنهكته الدنيا وحدَّته العازة لأن الإنسان قد يكون له شيء عند غيره ويغفل عنه ثم إذا أحاطت به الحوائج تذكر أنه يطلب من فلان كذا.

هذا الرجل يظهر من حاله أنه جرى معه مثل هذا، ترك ما له من أجرة، ثم لما ضاقت به الأسباب واحتاجها، وقال لصاحب العمل: «يا عبد الله أدِّ لي أجري» فقال له صاحب المال الذي ثمر هذا المال ونماه: «كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق» اندهش هذا العامل فقال: «يا عبد الله لا تستهزئ بي» أنا بحال ما أستحق منك هذه السخرية وهذا الهزو، «فقلت» هذا القائل من؟ صاحب العمل الذي نمى هذا المال وهذه الأجرة للعامل «فقلت: إني لا استهزئ بك» يقول: «فأخذ ذلك كلَّه فاستاقه فلم يترك منه شيئًا» العامل لم يبق شيئًا، أخذ كل ما وجد من هذه الأموال التي ذكرها صاحب العمل، ثم سأل الله - عز وجل -: «اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه» توسل إليه بهذا العمل الصالح «فانفرجت الصخرة فخرجوا من الغار يمشون»[صحيح البخاري:ح2272] وذاك فضل الله جل في علاه.

المقصود يا إخواني ويا أخواتي أنه من المهم أن لا تترك حق العامل، وترك العامل لحقه ليس إسقاطًا له، وإنما قد يطوقه عجز عن أخذه أو لحصول عارض أو ما إلى ذلك من الأسباب التي تكون سببًا لترك العامل لحقه، العامل وصاحب العمل عندما يختلفان ثمة فصل للخصومة بينهما، وهو ما يكون من العقد الذي بينهما، فإن أغلقت الأبواب واشتد الخصام ولم يتمكن من حل الخصوم لا بالمفاهمة ولا بالمصالحة، عند ذلك يلجآن إلى فصل النزاع، لكن يجب على كل من العامل وصاحب العمل أن يستحضرا أن الحق الذي في ذمتهما لا يسقط بفصاحة لسان ولا بجمال بيان ولا بمماطلة وتسويف وتأخير ولا بغير ذلك. الحق: الله - عز وجل - سيستوفيه ممن عليه الحق إن بخسه وأخَّره، وقد توعد الله المطففين بالويل فقال: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ المطففين: 1 - 2  يأخذون كل حقوقهم إذا كان لهم الحق، وإذا كان الحق عليهم ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ المطففين: 3  أي: ينقصون الناس حقوقهم.

فالواجب على العامل وصاحب العمل والواجب على كل أصحاب التعاقدات بشتى الصور أن يؤدوا الأمانات وألا يخونوها؛ فقد قال الله تعالى: ﴿لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأنفال: 27  وأنْ تخرج من المعاقدة مبخوس الحق أفضل من أن تخرج ظالـمًا معتديًا، المطلوب هو خروجك بحقك، فإن كنت بين أن تبخس حق غيرك أو أن تخرج مبخوس الحق فكن المظلوم ولا تكن الظالم؛ فعلى الظالم تدور الدوائر.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيننا على أداء الحقوق وإيفائها، وأن يبعد عنا كل ما يكون من أسباب الظلم والابتلاء.

المقدم: فضيلة الشيخ، في دقيقة لو تكرمت أحد الإخوة الكرام أرسل يقول: قد يحصل في بعض الأحيان تقصير من العمال، فيقوم بعض الناس بإنقاص أجرتهم وإنقاص حقهم.

وذكرت في معرض حديثك أنه يتحاكم الطرفان إلى العقد وغير ذلك، وفي بعض الأحيان يكون العامل ضعيفًا أو مسكينًا، فبالتالي يقصر في عمله ويبخسه حقه صاحب العمل بحجة أنه لم يتم هذا العمل الذي اتفقوا عليه.

الشيخ: إذا حمَّله ما لا يطيق، فبالتالي لم يأت بما عاقد عليه، أحيانًا يكلَّف العامل إما بالعمل في ظروف شديدة أو مدة طويلة، لا يتمكن من أدائه، فإذا لم يتمكن من أدائه قيل: إنه لم يؤد الذي عليه. نقول: أصلًا التعاقد فيه خلل؛ ولهذا الجهات ذات الاختصاص تضبط هذا بعقود تضمن حق العامل، وتضمن حق صاحب العمل، وترشد إلى ما يتحقق به المصلحة للجميع.

ولهذا يجب على أصحاب الأعمال أن يتقوا الله - عز وجل -، ونقول: أصحاب الأعمال هنا ليسوا فقط أرباب الأموال، بل حتى وكلاؤهم ونوابهم، أحيانا الشركات والمؤسسات وبعض الجهات صاحب العمل يكون بعيدًا عن المخالطة والمباشرة، لكن هناك جهات نائبة عنه في إدارة العمال وإيفائهم حقوقهم، هؤلاء أيضًا ينبغي أن يتقوا الله - عز وجل -، وأن يعلموا أنهم إذا تسببوا في ظلم الناس وظلم أصحاب الأعمال فهم يتحملون الوزر، قد لا يتحمله صاحب العمل إذا كان لا يعلم بالظلم ولا يرضاه.

وبالتالي عندما نتكلم عن أصحاب الأعمال نتكلم عن كل من تعاقد مع غيره سواء كان أصالةً بنفسه أو نيابةً عن غيره، فينبغي أن تؤدَّى الحقوق وأن يجنَّب جانب إبراء الذمة على أن يستوفي الإنسان شيئًا تلحقه به مغبَّة ويحاسب عليه بين يدي ربه

المقدم: شكر الله لك وكتب الله أجرك فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح؛ أستاذ الفقه بجامعة القصيم، شكرًا جزيلًا فضيلة الشيخ.

الشيخ: بارك الله فيكم، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، وأن يوفقنا إلى أداء الحقوق وإبراء ذممنا من حقوق العباد، وأن يوفق ولاة أمرنا إلى ما يحب ويرضى، وأن يسددهم في الأقوال والأعمال، وأن يعزهم وينصرهم على من عاداهم، وأن يؤمننا في أوطاننا وسائر بلاد المسلمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91506 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87242 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف