×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة : الصلاة من أعظم مكفرات الذنوب

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:6970

إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعيِنُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوُذُ باِللهِ مِنْ شُروُرِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضَلِّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا
مُرْشِدًا, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ حَقَّ التَّقْوَىَ، وَاعْمَلوُا بما يُقَرِّبُكُمْ إِلَيْهِ، فَما أَسْرَعَ الرَّحيِلَ وَما أَقْرَبَ انْقِضاءَ أَيَّامِ الدُّنْيا، فَأَنْتُمْ في مُهْلَةٍ وَمُدَّةٍ تُبْتَلَوْنَ فيها بَما يَسوُقُ اللهُ تعالَىَ عَلَيْكُمْ مِنَ النِّعِمِ، وَأَجَلُّ ذلِكَ نِعْمَةُ الوُجوُدِ: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًاالملك: 2، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِالذاريات: 56 فَكُنْ عَلَىَ بَصيِرَةٍ وَيَقينٍ أَنَّ هَذِهِ الحياَة لَيْسَتْ دائِمَةً وَلا مُسْتَقِرَّةً وَأَنَّكَ مُبْتَلَىَ فيها، مُخْتَبَرٌ بِأَنْواعٍ مِنَ البَلاءِ والاخْتبِارِ، يَرَىَ اللهُ تَعالَىَ فيها مِنْكَ صِدْقَكَ وإيمانَكَ أَوْ ضِدَّ ذلِكَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَؤوُلُ الأَمْرُ إِلَىَ وُقوُفٍ بَيْنَ يَدِيِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَيُحاسَبُ الِإنْسانُ عَلَىَ عَمَلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِالانشقاق: 6 فَجِدَّ وَاجْتَهِدْ في كُلِّ ما يُقَرِّبُكَ إِلَىَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، في كُلِّ ما يَسُرُّكَ أَنْ تَلْقاهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكَ جَلَّ في عُلاهُ، فـ«ما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ اللهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مَنْهُ فَلا يَرَىَ إِلاَّ ما قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ» جِهَةَ شَمالِهِ «فَلا يَرَىَ إِلاَّ ما قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَجِدُ النَّارَ تِلْقاءَ وَجْهِهِ» قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «فاتَّقُوا النّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ» وَقالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَمَنْ لمْ يَجْدْ «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»البخاري(7512), ومسلم(1016).

أَيُّها المؤْمنوُنَ عِبادَ اللهَِ, إِنَّ اللهَ تَعالَىَ شَرعَ مِنَ الأَعْمالِ ما تَصْلُحُ بِهِ الأَحْوالُ وَما تَرْتَفِعُ بِهِ الدَّرَجاتُ وَما يَجْرِي بِهِ عَلَىَ العَبْدِ جَليِلُ الحسَناتِ وَمايُكَفِّرُ اللهُ تَعالَىَ بِهِ الخَطايا وَالسَّيئاتِ، فَضْلُ اللهِ واسِعٌ وَعَطاؤُهُ جَزيلٌ وَإِحْسانُهُ عَلَىَ عَبْدِهِ مُتوالٍ؛ فَهُوَ - سُبْحانَهُ وَبِحمْدِهِ - الذي يَسَّرَ الخَيْرَ لِعِبادِهِ وَأَعانَهُمْ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقْبَلُهُ مِنْهُمْ جَلَّ في عُلاهُ، ثُمَّ هُوَ يجازيهِمْ عَلَيْهِ الأَجْرَ العَظيمَ وَالفَضْلَ الكبيرَ بما يَفْتَحُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّعاداتِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

أَيُّها المؤْمنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ أَجَلَّ الأَعْمالِ الَّتي يَتَقَرَّبُ بِها العِبادُ للهِ - عَزَّ وَجَلِّ - بَعْدَ تَوْحيدِ اللهِ وَإِفْرادِهِ بِالعِبادَةِ بَعْدَ الإِقْرارِ بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّهُ لا يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ سِواهُ وَأَلاَّ يَتَوَجَّهُ العَبْدُ في شَيْءٍ مِنْ أَعْمالِ قَلْبِهِ أَوْ أَعْمالِ جَوارحِهِ أَوْ أَعْمالِ لِسانِهِ إِلَىَ غَيْرِ اللهِ، فَأَجَلُّ العَمَلِ بَعْدَ التَّوْحيدِ - الصَّلاةُ، تِلْكَ الصَّلاةُ العَظيمَةُ الَّتي جَعَلَها اللهُ تَعالَىَ في مَنْزِلَةٍ سامِيَةٍ لا يُقارِبُها عِبادَةٌ مِنَ العِباداتِ، هِيَ مِمَّا يَفْتَحُ اللهُ تَعالَىَ بِهِ لِلعَبْدِ خَيْرًا عَظيمًا، وَيَفْتَحُ لَهُ بَرًّا كَبِيرًا، وَقدْ قالَ النَّبِيُّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بَيانِ فَضْلِها: «الصلاة نور» مسلم(223)--.

ِعبادَ اللهَ, فَتِّشوُا أَنْفُسَكُمْ في هذهِ العِبادةِ الجليلَةِ، فَإِنَّها عَموُدُ الإِسْلامُ كَما قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أُخبِرُك برأسِ الأمرِ، وعمودِه، وذُروةِ سنامِه؟ قال: رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُه الصَّلاةُ، وذُروةُ سنامِه: الجهادُ» أخرجه الترمذي(2616), وقال: حسن صحيح.

أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, الصَّلاةً مِفْتاحُ خَيْرٍ عَظيمٍ، بِهِ يُدْرِكُ الِإنْسانَ حَطَّ الخَطايا وَرِفْعَةُ الدَّرَجاتِ، قالَ - صَلَّىَ اللهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ».أخرجه مسلم(251). هَذِهِ أَعْمالٌ ثَلاثَةٌ كُلُّها مُتَعَلِّقِةٌ بِالصَّلاةِ هِيَ موُجِبَةٌ لِلدَّرَجاتِ العالِيَةِ الرَّفيعَةِ، وَموُجِبَةٌ لحَطِّ الخَطايا وَالسَّيِّئاتِ.

 فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ في صَلاتِكُمْ، فَتِّشوُا أَنْفُسَكُمْ في هَذهِ العبادَةِ الجليلَةِ؛ فَإِنَّها أَوَّلَ ما تحاسَبوُنَ بِهِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ، أَوَّلُ ما يَسْأَلُكُمْ اللهُ تَعالَىَ عَنْها يَوْمَ القِيامَةِمِنَ الأَعْمالِ، لَنْ يَسْأَلَكُمْ عَنْ بِرٍّ وَلا صِلَةٍ ولا حُسْنِ جِوارٍ وَلا غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صَالحِ العَمَلِ مِنْ صِيامٍ أَوْ زَكاةٍ أَوْ حَجٍّ، إِنَّما يَسْأَلُكْمْ أَوَّلَ ما يَسْأَلُكُمْ عَنِ الصَّلاةِ؛ قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه، فإن صَلُحَتْ فقد أَفْلَحَ وأَنْجَح» وَصلاحُها بِإِقامَتِها والمحافَظِةِ عَلَيْها وَأَدائِها عَلَىَ الوَجْهَ الَّذي أَمَرَكَ اللهُ تَعالَىَ بِهِ: «فإن صَلُحَتْ فقد أَفْلَحَ وأَنْجَح، وإن فَسَدَتْ فقد خاب وخَسِرَ».أخرجه الترمذي(413), وَقالَ حديثُ حَسَنٌ.

فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ في صَلاتِكُمْ، حافِظوُا عَليْها كما أَمَركُمُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَاعْلَموُا أَنَّها بابٌ عَظيمٌ جَليِلٌ يَحُطُّ اللهُ تَعالَىَ بِها الخطايا وَالسَّيِّئاتِ، فالصَّلاةُ إذا تَأَمَّلَتَ ما جاءَ فيها مِنْ النُّصوصُ عَجِبْتُ لكَثْرَةِ ما فيها مِنْ أَسْبابِ مَغْفِرَةُ الذُّنوُبِ وَأَسْبابِ تَكْفيرِ الخطايا:

فالنَّداءُ إِلَيْها، النِّداءُ إلَىَ الصَّلاةِ وَهُوَ الأَذانُ مِمَّا يَحطُّ اللهُ بِهِ الخطايا؛ قالَ النَّبِيُّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قالَ حينَ يسمعُ المؤذِّنَ وأنا أشهدُ أن لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ رضيتُ باللَّهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمَّدٍ نبيًّا غفرَ لَهُ ذنبُهُ»أخرجه الترمذي(210), وَقالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. هَذِهِ كَلِماتٌ مَنْ قالَها حينَ يَسْمَعُ المؤذنَ غُفر لَهُ، وكَمْ مِنْ أَذانٍ يَمُرُّ عَلَىَ آذانِنا وَنَحْن أَصْحابُ ذنوُبٍ وخطايا، فلماذا لا نُبادِرْ إِلِى أَخْذِ أَسْبابِ مَغْفِرَةِ الذُّنوُبِ وَالخَطايا بِهِذهِ العبادِة الجليلِة؟ «من قالَ حينَ يسمعُ المؤذِّنَ وأنا أشهدُ أن لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ رضيتُ باللَّهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمَّدٍ نَبِيًّا غُفِرَ لَهُ ذنبُهُ»أخرجه الترمذي(210), وقال: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعالىَ يَتَفَضَّلُ عَلَىَ العَبْدِ بَأَنْ يَكوُنَ ما يَتَوَضَّأُ بِهِ وَما يَتَطَهَّرُ بِهِ لِصَلاتِهِ موُجِبًا لحَطِّ الخطايا وَالسَّيِّئاتِ، يَقوُلُ النَّبيُّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْه وَسلَّمَ - : «مَن تَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَ» وإحسانه تكميله بإسباغ الوضوء «مَن تَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطاياهُ مِن جَسَدِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفارِهِ» بيانُ ذلِكَ ما في الصحيحِ مِنْ حديِث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهً تعَالَىَ عَنْهُ قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمِ - استمع أيها المؤمن: «إذا توضَّأَ العبدُ المسلمُ - أوِ المؤمنُ - فغسلَ وجهَهُ، خَرجَت مِن وجهِهِ كلُّ خطيئةٍ نظرَ إليها بعَينيهِ معَ الماءِ - أو معَ آخرِ قطرِ الماءِ، أو نحوَ هذا، فإذا غَسلَ يديهِ خرجَت من يديهِ كلُّ خطيئةٍ بطشَتها يداهُ معَ الماءِ - أو معَ آخرِ قَطرِ الماءِ، فإذا غسَل رجلَيهِ خرجَت كلُّ خطيئةٍ مشتها رِجلاهُ معَ الماءِ أو معَ آخرِ قطرِ الماءِ - حتَّى يخرُجَ نقيًّا منَ الذُّنوبِ»أخرجه: مسلم(244/245)وَهذا في كُلِّ وُضوُءٍ لِصلاةٍ أَوْ لِقراءةِ قُرآنٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صالحِ الأَعْمالَ.

أَيُّها المؤْمِنوُنَ؛ إِنَّ اللهَ تَعالَىَ فَتَحَ لَنا في هَذِهِ العبادةِ أَبْوابَ برٍّ عَظيمَةً وَخَيْرٍ كَبَيرٍ؛ فَقَدْ قالَ النَّبيُّ - صَلَّىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ فَأَكْمَلَ الوُضوُءَ عَلَىَ أَحْسَنِ ما يَكوُنُ قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَن تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ»أخرجه: البخاري(159), ومسلم(226)أَيْ: يُقْبِل فِيهما عَلَىَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَلَىَ تَدَبُّرِ ما هُوَ فِيِهِ مِنْ صَلاةٍ قَصُرَتْ صَلاتُهُ أَوْ طالَتْ «لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِه».

أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, هَذا فَضْلُ اللهِ وَعَطاؤُهُ الجزيلُ في الاسْتِعْدادِ وَالتَّهَيُّؤِ لِلصَّلاةِ، فَكَيْفَ بِالصَّلاةِ ذِاتِها؟ وَهِيَ الفَرْضُ الواجِبُ إِنَّ حَطَّ الخطايا في الصَّلاةِ عَظيمٌ، قالَ النَّبِيُّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أرأيتُم لو أنَّ نَهَرًا ببابِ أحدِكم يَغتَسِلُ منه كلَّ يومٍ خمسَ مرَّاتٍ، ما تقولون؟ هل يَبقى مِن دَرَنِه شيء؟» يَغْتَسِلُ في اليَوْمِ مِنْ نَهْرٍ جارٍ، مَاءٍ مُتَجَدِّدٍ، خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَىَ مِنْ دَرَنِهِ أَوْ وَسَخِهِ وَما يُسْتَقْذَرُ مِنْهُ هَلْ يَبْقَىَ مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَىَ مِنْ دَرَنِه شَيءٌ، قالَ: «ذاكَ مَثَلُ الصلواتِ الخمسِ، يَمحو اللهُ بها الخطايا»أخرجه: البخاري(528), ومسلم(667). فالصَّلواتُ الخمْسُ تمَحْوُ الخطايا وَالذَّنوبَ وَتُكَفِّرُ السَّيِّئاتِ، ذاكَ فَضْلُ اللهِ، هذا غَيْرُ ما في الصَّلاةِ، هذا فَضْلًا عَمَّا في الصَّلاةِ مِنَ الرَّحمَاتِ وَالهِباتِ، فَالواقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَتَنَزَّل عَلَيْهِ مِنَ الرَّحَماتِ وَيُدْرِكُ مِنَ الِإحْسانِ وَالفَضْلِ وَذِكْرِ الرَّحمْنِ وَعَطائِهِ وَجَزيِلِ مَنِّهِ ما لاَ يُحيِطُ بِهِ وَصْفٌ وَلا يُدْركُهُ عَقْلٌ، فَضْلُ اللهِ واسِعٌ وَعَطاؤُهُ جَزيلٌ، فَأَقْبِلوُا عَلَيْهِ؛ فالتِّجارَةُ مَعَهُ لا تَبوُرُ.

أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إنَّ الصَّلاةَ مُوُجِبَةٌ لِعَطاءٍ جَزيِلٍ وَفيها مِنَ الأَعْمالِ وَالمفْرداتِ وَالجُزْئِيَّاتِ ما يَكوُنُ سَبَبًا لِتَكْفيرِ الخطايا وَالذُّنوُبِ، فَهذا رَسوُلُ اللهِ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقوُلُ: «إذا أمَّنَ القارِئُ فأمِّنُوا» إِذا قالَ الإِمامُ آمين قوُلوُا آمين، ثُمَّ قالَ - صَلَّىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «فإنَّ المَلائِكَةَ تُؤَمِّنُ، فمَن وافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلائِكَةِ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»أخرجه: البخاري(6402), ومسلم(410)فَضْلُ اللهِ واسِعٌ وَعطاؤُهُ جَزيلٌ، كُلُّ هذا في أَعْمالٍ في الصَّلاةِ، وَقَدْ قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما يقوُلُهُ المؤْمِنُ إذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الصَّلاةِ: «وإذا قالَ: سمِعَ اللهُ لمَنْ حَمِدَهُ، فَقوُلوُا: الَّلهُمَّ ربَّنا لكَ الحَمْدُ؛ فَإنَّهُ مَنْ وافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الملائِكَةِ» يَعْني في قَوْلِهِ: رَبَّنا وَلَكَ الحَمْدُ «غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»أخرجه: البخاري(796), ومسلم(409).

أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ أَسْبابَ المغْفِرةِ في الصَّلاةِ عَظيمَةٌ، وَهِيَ كَثيِرَةٌ وَفيِرَةٌ، وَالعاقِلٌ الرَّاشِدُ مَنْ اسْتَكْثَرَ مِنْ أَسْبابِ المغْفِرَةِ، وَمَنِ اجْتَهَدَ في أَخْذِ ما يُمْكِنُهُ مما يُكَفِّرُ اللهُ تَعالَىَ بِهِ مِنْ خَطاياهُ؛ فَإنَّنا أَهْلُ الخَطَأِ وَالَّذِنْبِ: «كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخَيرُ الخطَّائين التوَّابونَ».أخرجه: الترمذي(2499), وَحَسَّنَهُ الأَلْبانِيُّ, وضَعَّفَهُ غَيْرُهُ؛ لِلاخْتِلافِ في حالِ راوِيِهِ:عَلِيُّ بْنِ مَسْعَدَةَ الباهِلِيِّ.

الَّلهُمَّ إِنا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفِّارًا فاغْفِرْ لَنا الدَّقيقَ وَالجَليِلَ، وَالصَّغيِرَ وَالكبيِرَ، وَالسِّرَّ وَالعَلَنَ وَما عَلِمْناهُ وَما جَهِلْناهُ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنوُبَ إِلَّا أَنْتَ.

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، لَهُ الحَمْدُ الكَثيرُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَريِكَ لَهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسوُلُهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ واقْتَفَىَ أَثَرَهُ إِلَىَ يَوْمِ الدِّينِ أَجْمَعينَ.

أَمَّا بَعْدُ:

أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, نَتَحَدَّثُ عَنْ عَظيمِ فَضْلِ اللهِ في الصَّلاةِ عَلَىَ عِبادِهِ بِمغْفِرَةِ الذُّنوُبِ وَالخَطايا، وَكُلُّنا أَهْلُ خَطَأٍ، إِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ وَتَظُنَّ أَنَّكَ سَالمٌ مِنْ الخَطَأَ وَأَنَّكَ لَسْتَ بحاجَةٍ إِلَىَ ما يُكَفِّرُ اللهُ خَطاياكَ، ما أَكْثَرَ الذُّنوُبِ وَالخَطايا، وَما أَكْثَرَ الخَطَأَ وَالنِّسْيانَ وَالغَفْلَةَ عَنْ حَقِّ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - في النَّفْسِ وفي الأَهْلِ وَفي حَقِّ الخَلْقِ وَفي حَقِّهِ جَلَّ في عُلاهُ، فالْزَموُا الاسْتَغْفارَ وَأَكْثِروُا مِنْهُ وَخذُوا بِأَسْبابِهِ، وَاعْلموُا أَنَّ أَعْظَمَ ما يُكَفِّرُ اللهُ بِهِ خطاياكُمْ هَذِهِ الصَّلاةُ الَّتي فَرَضَها اللهُ تَعالَىَ لَكُمْ طُهْرًا وَنوُرًا فَأَقْبِلوُا عَلَيْها.

جاءَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقالَ: "يا رَسوُلَ اللهِ، أَصَبْتُ امْرَأَةً في بَعْضِ نَواحي المديِنَةِ، وَها أَنا ذا فاقْضِ فيَّ ما شِئْتَ". وَقَعَ في سَيِّئَةٍ دوُنَ أَنْ يَقَعَ في الزِّنا، فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدُلَّهُ عَلَىَ ما يُبْرِئُ ذِمَّتَهُ وَما يُكَفِّرُ خَطَأَهُ، فَوَقَفَ الرَّجُلُ بُرْهَةً حَتَّىَ جَلَسَ، فَقالَ عُمَرُ: "لَقَدْ سَتَرَكَ اللهُ، لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَلَّىَ الرَّجُلُ وَانْصَرَفْ دَعاهُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ قَوْلَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾"هود: 114.أخرجه مسلم(2763) . فَأَعْظَمُ ما يُكَفِّرُ اللهُ بِهِ الخطايا هَذِهِ الصَّلواتُ، فاحْفَظوُها في فَرْضِها وَنَفْلِها وَجِدُّوُا في الاسْتكْثارِ مِنْها؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَىَ يُكَفِّرُ بِها عَنْكُمْ خَطايا عَظيِمَةً وَذُنوُبًا جَليِلَةً، وَيزُيِلُ عَنْكُمْ آثارَ الذُّنوُبِ والمعاصِيِ، وَقَدْ شَرَعَ اللهُ لِكُلِّ مَنْ قارَفَ ذَنْبًا أَنْ يَؤوُبَ إِلَيْهِ وَأَنْ يَسْتَغْفِرَهُ وَأَنْ يَقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَعْتِبًا طالِبًا العَفْوَ.

جَاءَ في المسْنَدِ بإِسْنادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَديثِ أَبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعالَىَ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «ما مِن رَجُلٍ يُذنِبُ ذَنبًا» وَلا تَظُنَّ أَنَّ الذَّنْبَ هُوَ فَقَطْ كَبيِرُ الذُّنوُبِ بَلْ كُلُّ ما كانَ مِنْ الخَطَأِ صَغِيرًا أَوْ كَبيِرًا، كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّهُ لا ذُنوُبَ عِنْدَهُ، وَتَجِدُه يَغْتابُ، يَنْظُرُ إِلَىَ محُرَّماتٍ، يَتَكَلَّمُ بِفواحِشَ وَسَيِّئاتٍ، قَدْ يَأَكُلُ مالَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، قَدْ يَعُقَّ وَالدَيْهِ، يَقْطَعُ أَرْحامَهُ، وَيَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ أَدَّىَ ما عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ كذا وَكذا مِنَ العَمَلِ الصَّالحِ، وَهذا قُصورٌ وَخَطَأٌ، فَكُلُّنا أَهْلُ خَطيئَةٍ وَذَنْبٍ.

فَتوُبوُا إِلَىَ اللهِ، وَاعْلَموُا أَنَّنا بحاجَةٍ إِلَىَ الاسْتِغْفارِ، فَتَذَكَّرُوا هذا الحَديثَ عِنْدَ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطيِئَةٍ: «ما مِن رَجُلٍ يُذنِبُ ذَنبًا ثمَّ يقومُ فيَتَطَهرُ ثمَّ يُصَلِّى ثمَّ يستَغفِرُ اللَّهَ إلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لهُ»أخرجه أحمد(2) .هَذا كُلُّهُ في حَقِّهِ جَلِّ في عُلاهُ، وَأَمَّا حَقُّ الخَلْقِ فإِنَّهُ لابُدَّ مِنْ الاسْتِباحَةِ وَرَدِّ المظالمِ إِلََى أَهْلِها؛ قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْآل عمران: 135 بِقُلوُبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَجَوارِحِهِمْ، ذَكَروُا اللهَ وَقُدْرَتَهُ عَلَيْهِمْ، ذَكَروُا اللهَ وَوُقوُفَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ذَكَروُا اللهَ وَإِحاطَتِهِ وَإِحْصاءَهُ لِذُنوُبِهِمْ، ذَكَروُا اللهَ وَأَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنوُبَ جَميِعًا، ذَكَروُا اللهَ وَأَنَّهُ يَحِبُ التَّوابِينَ وَيُحِبُّ المتَطَهِّرينَ، ذَكروُا اللهَ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَاقِفينَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَسْتَغْفروُنَهُ يَطْلبوُنَ مِنْهُ العَفْوَ، يَسْأَلوُنَ مِنْهُ جلَّ في عُلاهُ المغْفِرَةَ، عِنْدَ ذَلِكَ لَنْ يَخيبَ العَبْدُ سَيَجِدُ بَرًّا رءوُفًا رَحيِمًا يُعْطيِ عَلَىَ القَليلِ الكَثيرَ يَغْفِرُ الذَّنْبَ الكبيرَ: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِالزمر: 53، في الصَّحيحِ مِنْ حَديِثِ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «إِنَّ رُجلًا أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقالَ: رَبِّ إِني أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْهُ لِي» عادَ إلَىَ رَبِّهِ، فَطِنَ وَتَذَكَّرَ عَظيمَ ما هُوَ فِيهِ، فَلَجَأَ إِلَىَ اللهِ، «قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: علم عبدي أن له ربًّا يأخذ بالذنب» يُعاقِبُ عَلَيْهِ «وَيَغْفِرُ الذَّنْبَ» يَعْفوُ عَنْهُ وَيَتَجاوَزُ «غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثم مكث ما شاء الله، فعاد إلى ذنْبٍ» إِمَّا الأوَّلُ وَإِمَّا غَيرُهُ «فقال: رب إني أذنبت ذنبًا فاغفره لي، قال الله - عز وجل -: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، غَفَرْتُ لِعَبْدِي» فَضْلُ اللهِ واسِعٌ مَكَثَ بُرْهَةً وَزَمنًا ثُمَّ عادَ إِلَىَ ذَنْبٍ هُوَ الأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ «فقال: رب إني أذنبت ذنبًا فاغفره لي» فماذا قَالَ اللهُ في الثَّالِثَةِ؟ قالَ الكَريمُ المنَّانُ، قالَ العزيزُ الرَّحْمنُ، قالَ ذوُ الفَضْلِ وَالإِنْعامِ: «غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاَثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ» أخرجه البخاري (7507)، ومسلم (2758) فَضْلُ اللهِ وَاسِعٌ، مَعْنَىَ قَوْلِ اللهِ جَلَّ في عُلاهُ: «وَلِعَبْدِيِ ما فَعَلْ» أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ لِلعَبْدِ ما دامَ عَلَىَ هَذِهِ الحالِ، أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ لِلعَبْدِ مادَامَ مُقيِمًا عَلَىَ هِذِهِ الحالِ، كُلَّما أَذْنَبَ ذَنْبًا فَزِعَ وَعَادَ وَآبَ إِلَىَ رَبِّهِ، وَاطَّرِحْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَظْهَرَ الافْتِقارِ إِلَيْهِ، يَسْأَلُهُ مَغْفِرَةَ الذُّنوُبِ وَالخطايا، وَأَلَّا يُؤاخِذَهُ بِسَيِّئِ عَمَلِهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَهُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِعَمَلِهِ هَلَكَ: «إيَّاكم ومحقِّراتِ الذُّنوبِ؛ فإنَّهنَّ إذا اجتمعن على الرَّجلِ يُهْلِكْنَهُ» كَما قالَ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.أخرجه أحمد(3818), وَهُوَ: حَسَنٌ لِغَيْرِهِفَأَكْثِروُا مِنَ التَّوْبَةِ والاسْتِغْفارِ، لا تَتَمادَ في الذَّنْبِ، وَلا تُسَوِّفْ التَّوْبَةَ، وَلا تَقُلْ: أُذْنِبُ كَثيرًا، بَلْ قُلْ: أَتوُبُ كَثيرًا، فَقَدْ قالَ النَّبِيُّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عِلاجِ كَثْرَةِ الذُّنوُبِ: «خير الخطاءين» أَيْ: الَّذينَ يُكْثِروُنَ مِنْ الخَطَأِ «التوابون».أخرجه: الترمذي(2499), وحسنه الألباني, وضعفه غيره للاختلاف في حال راويه:علي بن مسعدة الباهليوَهُمْ كَثيروُ التوْبةِ، نَمَلُّ مِنَ الخَطأِ لَكِنَّنا لا نَمَلُّ مِنَ التَّوْبَةِ.

الَّلهُمَّ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ الغَفوُرُ الرَّحيمُ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ الذيِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنوُبَ إِلَّا هُوَ، اسْتَغْفِروُهُ في كُلِّ أَحْوالِكُمْ وَخُذوُا بِأَسْبابِ المغْفِرَةِ، وَمِنْ أَعْظَمِ ذَلِكَ هَذِهِ الصَّلاةُ «الصَّلَواتُ الخَمْسُ، والْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضانُ إلى رَمَضانَ، مُكَفِّراتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذا اجْتَنَبَ الكَبائِرَ»مسلم(233)، «مَنْ توضأَ فأحسنَ الوضوءَ ثمَّ أتى الجمعةَ واستمعَ وأنصتَ غُفِرَ لهُ ما بينَ الجمعةِ إلى الجمعةِ وزيادةُ ثلاثِ أيامٍ»أخرجه:أبوداود ح(1050), بإسناد صحيح. فَضْلُ اللهِ واسِعٌ، توُبوُا إِلَى اللهِ وَاسْتَغْفروُهُ، وَأَقْبِلوُا عَلَيْهِ، وَأمِّلوُا مِنْهُ خَيْرًا، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّسْويِفَ، بادِروُا فَلا تَعْلَموُنَ مَتَىَ يَتَوَقَّفُ نَبْضُ العِرْقِ، وَمَتَىَ يَتَوَقَّفُ لَحْظُ العَيْنِ، لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَعيِدٍ كُلُّنا لا نَدْرِيِ مَتَىَ نَموُتُ ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُلقمان: 34 فَبادِرُوا إِلَىَ الصالحاتِ، لا تَنَمْ وَعِنْدَكَ ذُنوُبٌ، وَلا تَمْضِ في حياتِكِ وَالذُّنوُبُ قَدْ أَثْقَلَتْ كَواهِلَكَ وَأَثْقَلَتْ مَوازِينَكَ، بَلْ أَكْثَرْ مِنْ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ، وَأَبْشِرْ فَإِنَّ اللهَ غَفَّارٌ رَحيمٌ: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىطه: 82.

الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَاغْفِرْ لَنا الجَليِلَ وَالدَّقِيقَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.

رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكوُنَنَّ مِنْ الخاسِرينَ، الَّلهُمَّ أَعِنَّا عَلَىَ طاعَتِكَ وَاصْرِفْ عَنَّا مَعْصِيَتَكَ، خُذْ بِنواصينا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، اجْعَلْنا مِنَ التَّواَّبينَ وَالمتَطَهِّرينَ يا رَبَّ العالمينَ.الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْألُكَ الهُدَىَ وَالتُّقَىَ وَالعَفَافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَىَ.

رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وَفي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ.

الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُموُرِنا، وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنا إِلَىَ ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، سَدِّدْهُ في القَوْلِ وَالعَمَلِ، أَيِّدْهُ بِتَأْيِيِدِكَ وَأَعِنْهُ بِعَوْنِكَ، وَارْزُقْهُ البِطانَةَ الصَّالحَةَ، سَدِّدْهُ في قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ يا ذا الجلالِ وَالإِكْرامِ.

رَبَّنا سَأَلْناكَ مِنْ فَضْلِكَ فَأَعْطِنا وَلا تَحْرِمْنا، عامِلْنا بِما أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ البِرِّ وَالإِحْسانِ، وَلَيْسَ بما نَحْنُ أَهْلُهُ مِنَ الإِساءَةِ وَالتَّقْصيِرِ, الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطيئَةٍ فَاغْفِرْ لَنا يا ذا الجلالِ وَالإِكْرامِ، الَّلهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلِإخوانِنا الَّذينَ سَبَقوُنا بِالإيمانِ وَلا تَجْعَلْ في قُلوُبِنا غِلًّا لِلذينَ آمَنوُا رَبَّنا إِنَّكَ رءوُفٌ رَحيمٌ,  الَّلهُمَّ اهْدِنا وَاهْدِ بِنا وَارْزُقْنا يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ قُرَّةَ عَيْنٍ في أَنْفُسِنا وَأَوْلادِنا وَأَزْواجِنا وَأَهْلينا وَبَلادِنا يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.

الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ؛ كَما صَلَّيْتَ عَلَىَ إِبْراهيمَ وَعَلَىَ آلِ إِبراهيمَ؛ إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات90569 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87036 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف