×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة: وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الفرد والمجتمع

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:20642

الحَمْدُ للهِ العَلِّيِّ الأَعْلَىَ، لَهُ مُلْكُ السَّمواتِ وَالأَرْضَ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرَىَ، وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا، أَحْمَدُهُ سُبْحانَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ، عَالمُ السِّرِّ والنَّجْوَىَ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ واقْتَفَىَ أَثَرَهُ وَسارَ عَلَىَ هُداهُ وسَلَّمَ تَسْليمًا كَثيرًا، أمَّا بَعْدُ: 

فَيا أَيُّها النَّاسُ اتَّقوُا اللهَ حَقَّ تُقاتِه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَآل عمران: 102  رَاقبِوُا رَبَّكُمْ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ مُراقَبَةَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ يَسْمَعُهُ وَيَراهُ راَقبوُه –جَلَّ وَعَلا- فَهُوَ جَلَّ في عُلاهُ مُطَّلِعٌ عَلَىَ ضمائِركٌِمْ وَخفاياكُمْ، ظاهِرِكُمْ وَباطِنِكُمْ عِنْدَهُ سواءٌ, فَهُوَ سُبْحانَهُ مُحيطٌ بَجميعِ لحَظاتِكُمْ، وَكُلِّ خاطِراتِكُمْ، وَجَميعِ خُطُواتِكُمْ، وَسائِرِ سكَناتِكُمْ وَحَرَكاتِكُمْ، فَما مِنْ حرَكَةٍ في الكَوْنِ وَلَا سُكوُنٍ إِلاَّ بِأَمْرِهِ وَقَضائِهِ وَقَدَرِهِ فَهُوَ –جَلَّ وَعلا- العليمُ الخَبيرُ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ وما تُخْفيِ الصُّدوُرُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَىَ، فاجْتَهِدْ يا رَعاكَ اللهُ اجْتَهِدْ أَلَّا يَراكَ موْلاكَ حَيْثُ نَهاكَ وَلَا يَفْقِدْكَ حَيْثُ يَأْمُرُكَ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ في السِّرِّ وَالعَلَنِ وَالغَيْبِ والشَّهادَةِ وفي خاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ وَفيما بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الخَلْقِ.

عِبادَ اللهِ, الإِنْسانُ مَدَنِيٌ بِطَبْعَهِ لا حَياةَ لَهُ بِاْنفرادٍ بَلْ حياتُهُ بِمُجْتَمَعٍ وَتَواصُلٍ فلابُدَّ لَهُ مِنْ صِلَةٍ بِمنْ حَوْلَهُ مِنْ جِنْسِهِ وَمَنْ غَيْرَهُمْ وَقَدْ أَتاحَتِ التَّقْنِيَةُ الحَديثَةُ وَثَوْرَةُ الاتِّصالاتِ المعاصِرَةِ أَنْماطاً منَ التَّواصُلِ لمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ بِها عَهْدٌ وَلمْ يَكُنْ لهُمْ بها مَعْرِفَةٌ فكانَتْ صِلاتهُمْ محَدوُدَةً زَمانًا ومَكانًا وَجنْسًا وَسِنًّا إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الثَّوْرَةَ الإِلِكْترُوُنِيِّةُ جَعَلَتْ النَّاسَ في تواصُلٍ لَيْسَ لَهُ نَظيرٌ فيما يَعْهَدوُنَ وَيَعْرِفوُنَ تَواصُلٌ لا يَحُدُّهُ مَكانٌ، تَواصُلٌ لا يَحُدُّهُ زَمانٌ وَلا جِنْسٌ وَلا سِنٌ، تَواصُلٌ وَاسِعُ الانْتِشارِ اسْتَوْعَبَ العالمَ بِأَسْرِهِ، شَرْقِهِ وَغَرْبِهِ، صَغيرِهِ وكَبيرِهِ، ذَكَرِهِ وَأُنْثاهُ، عَلَىَ اخْتِلافِ الدِّياناتِ وَتَنَوُّعِ الأَعْراقِ وَتَفَنُّنِ سائِرِ الثَّقافاتِ.

َتواصُلٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِكُلِّ طَريِقٍ عَبْرَ مُحادَثاتٍ كِتابِيِّةٍ وَمُحادَثاتٍ صَوْتِيِّةٍ وَمُحادَثاتٍ مَرْئِيِّةٍ وَقَدْ أَحْدَثَتْ شَبَكاتُ التَّواصِلِ الاجْتِماعِيِّ بِشَتَّى صُوُرِها نَقْلَةً في حياةِ النَّاسِ حَتَّى صارَتْ جُزْءاً مِنْ حياتِهِمُ اليَوْمِيَّةِ في كَثيرٍ مِنْ شُئونِهِمْ وَمصالحِهِمْ سواءٌ مَنْ كانَ منْها دِينِيًّا أَوْ دُنْيَوِيًّا أَوْ اجْتِماعِيًّا أَوْ اقْتِصادِيًّا أَوْ سِياسِيًّا أَوْ إِعْلامِيًّا فصارَتْ هذهِ الوَسائِلُ تَتَخَلَّلُ حياةَ النَّاسِ بَلْ تَقوُدُهُمْ في كَثيِرٍ مِنَ الأَحْوالِ إلى ما يُبَثُّ فيها وَإِلَى ما يُنْشَرُ فيها وَلهذا كانَتْ هَذِهِ الوَسائِلُ عَظيمَةَ التَّأثيِرِ في النَّاسِ.

أيها المؤمنونُ, إنَّ لهذا التَّواصِلِ وهذا النَّوْعِ مِنَ التَّقَدُّمِ حَسناتٍ جليلةً، يَنْبَغي أَنْ تُسْتَغَلَّ وَيُنْتَفَعُ بِها, كَما أَنَّ لَهُ سَيِّئاتٍ كَثيرَةً وَخَطيرَةً يَنْبَغِي أَنْ يُنَبَّهَ وََيُتَنَبَهَ لهَا وَأَنْ تُتَّقَىَ وَتُحْذَرَ فَإِنَّ ذلِكَ يُجْنىَ بِهِ الثَّمَرُ وَيُتَوَقَّىَ بِهِ الضَّرَرُ، يُجْنَىَ بِهِ الخَيْرُ وَيُتَوَقَّىَ بِهِ الخَطَرُ في الدِّيانَةَ وَفي الدِّينِ وَالدُّنَيَا وَفي الفَرْدِ وَالمُجْتَمَعِ وَالأُمَّةِ.

أَيُّها المؤمنوُنَ, إَِّن التَّطْبيقاتِ الَّتِي انْتَشَرْتْ بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ بِشَتَّى صُوُرِها وَأَنْواعِها تُؤَثِّرُ تَأْثيرًا كَبيرًا عَلَىَ الصَّغيِرِ وَالكَبيرِ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَىَ فَمِنَ المهُمِّ أَنْ يُدْرِكَ الجَميعُ خُطوُرَةَ ما يَكوُنُ فيها مِن شُروُرٍ وَأَنْ يُتَوَقَّىَ ذَلِكَ في أَنْفُسِهِمْ وفي أُسَرِهِمْ، وَالتَّطْبيقاتُ لا حَصْرَ لها وَلا تَحْديدَ بَلْ هِيَ مُتَنَوِّعَةٌ يَحْدُثُ لِلنَّاسِ فيها في كُلِّ زمانٍ تَجديدٌ وَتَنْويِعٌ، وَمِنْ ذلِكَ تَطبيِقُ (السِّنابْ شات) الَّذي شاعَ وَانْتَشَرَ يَسْتَعْمِلُهُ الصَّغِيرُ وَالكًبيرُ، وَالذَّكَرُ وَالأُنْثَىَ، وَالحاضِرُ والبادِ، وَالمقيمُ وَالمُسافِرُ، كُلُّ ذلِكَ في اسْتِعْمالٍ يَحْتاجُ إِلَىَ تَرْشيدٍ وَتَنْبيِهٍ فَإِنَّ كَثيرًا مِمَّا يُبَثُّ في هَذهِ التَّطبيقاتِ وفي هَذا التَّطْبيقِ عَلَىَ وَجْهِ الخُصوصُ كَثيِرٌ مِنْهُ لا خَيْرَ فِيهِ إِنْ لمْ يَكُنْ شَرًّا، فَما يُبَثُّ في هذهِ التَّطبيقاتُ إِمَّا أَنْ يَكوُنُ خيرًا فأَقْبِلْ عَلَيْهِ وافْرَحْ بِهِ واسْتَفِدْ مِنْهُ وانْتَفَعَ، وَإِمَّا أَنْ يَكوُنَ شرًّا فَتَوَقَّفْ فإِنَّهُ يُفْضِي إِلَىَ هَلاكٍ وَفَسادٍ في دِينٍ أَوْ دُنْيا، وَمِنْهُ ما لا خَيْرَ فِيِهِ وَلا شَرَّ وَهذا مِنَ الَّلغْوِ الَّذِي يَنْبَغِيِ أَنْ يُعْرِضَ عَنْهُ فَإِنَّ مِنْ صِفاتِ أِهْلِ الإيمانِ أَنَّهُمْ عَنِ الَّلغْوِ مُعْرِضوُنَ.

أَيُّها المؤْمنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ مِنْ سَيِّئاتِ ما يُبَثُّ وَيُنْشَرُ عَبْرَ هَذِهِ التَّطْبيقاتِ مِنْها ما يَتَعَلَّقُ بِأَصْلِ الدِّيانَةِ مِنْ تَشْكيكٍ وَتَشْبِيِهٍ، أَوْ تَزْويرٍ وَإِخْفاءٍ لحَقائِقِ الدِّينِ، أَوْ دَعْوَةٍ لِطَرائِقَ مُنْحَرِفَةٍ وَسُبُلٍ شاذَّةٍ، إِمَّا في انْحلالٍ أَوْ غُلُوٍّ، إِمَّا في تَفْريطٍ أَوْ إِفْراطٍ فَيَجِبُ عَلينا أَنْ نَحْذَرَ ذلِكَ سواءُ كانَ ذلِكَ عَبَْر دَعْوَةٍ صَريحَةٍ أَوْ عَبْرَ دَعْوَةٍ مُغَلَّفَةٍ يُدَسُّ فيها السُّمُّ حَتَّى لا يُعْرَفَ وَيَأْتي بِها أَصْحابُها عَلَىَ أَنْواعٍ مِنْ الهَزْلِ أَوِ المزْحِ أَوْ ما إِلى ذلِكَ ممَّا يَبُثُّوُنَ فِيِهِ سُموُمَهُمْ وَشُروُرَهُمْ.

فَكَثيِرٌ ممَّنِ ابْتُلِيَ بالإِلحادِ، وَكَثيِرٌ ممَّن ابْتُلِيَ بالغُلُوِّ وَالإِرْهابِ ابْتُلوُا مِنْ طريقِ هذهِ التَّطبيقاتِ إِمَّا بِدَعْوَةٍ صَريحَةٍ أَوْ بِدَعْوَةٍ مُبَطَّنَةٍ فَلْيَكُنِ الإِنْسانُ عَلَىَ حَذَرٍ، وَأَغْلَىَ ما تُحافِظُ عَلَيْهِ وَتَحْرِصُ عَلَيْهِ هُوَ دينُكَ فَتَوَقَّ الشَّرَّ، وَقَدْ قالَ مُحَمَّدُ بْنُ سيرينَ رَحِمَهُ اللهُ: «إن هذا الأمر دين فلينظر أحدكم عمن يأخذ دينه»مٌقَدِّمَةُ صحيحِ مُسْلمٍ (1/14) . فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ وَاتَّقوُا شُرورَ هَذِهِ الشَّبَكاتِ وَهَذِهِ التَّطبيقاتِ فَإِنَّها قَدْ تُوُقِعُكَ في شَرَكِ إِلحادٍ أَوْ إِهْلاكٍ أَوِ انْحرافٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ نِفاقٍ.

الَّلهُمَّ احْفَظْنا مِنْ بَيْنِ أَيْديِنا وَمِنْ خَلْفِنا وَعَنْ أَيْمانِنا وَعَنْ شَمائِلِنا وَمِنْ فَوْقِنا وَنَعوُذُ بِكَ أَنْ نُغْتالَ مِنْ تَحْتِنا.أَيَّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّ مِنْها ما يَبُثَّ العَصَبِيَّةَ وَالحِزْبيَّةَ, وَمِنْها ما يَبُثَّ الشُّرورَ وَالتَّفْريقَ بَيْنَ النَّاسِ وَكُلُّ ذلِكَ مُخالِفٌ لِشَريِعَةِ الإِسْلامِ؛ فَكُلُّ مَنْ دَعا إِلَىَ عَصَبِيَّةٍ أَوْ عُنْصُرِيَّةٍ أَوْ اعْتَزَىَ إِلَىَ أَمْرٍ مِنْ دَعَاوَىَ الجاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مخُالِفٌ لما جاءَتْ بِهِ الشَّريِعَةُ وَهُوَ وَاقِعٌ في كَبيرَةٍ مِنَ الكَبائِرِ فَقَدْ قالَ النَّبِيُّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ليس منا من دَعا بدعوى الجاهليةِ»صحيح البخاري (1294)، وصحيح مسلم (103)  لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعا إِلَىَ عَصَبِيَّةٍ.

فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ, وَاحْذروُا هذهِ المسالكَ, واعْلَموُا أَنَّ شَرَّها عَظيمٌ وَخَطَرَها كَبيِرٌ، كما أَنَّ مِنْها ما يَكوُنُ سَبَبًا وَوَسيِلَةً لِنَشْرِ الرَّذيلَةِ وَالفَسادِ بَيْنَ النَّاسِ، إِمَّا بإِشاعَةِ الفاحِشَةِ أَوْ المجاهَرةِ بها أَوْ إِظْهارِها وَالدَّعْوَةْ إِلَيْها وَكُلُّ ذَلِكَ مما يَنْبَغِي أَنْ يُحْذرَ وَأنْ يَتَوَقَّىَ وأَنْ يَكوُنَ ذَلِكَ عَلَىَ فِطْنَةٍ مِنَ المؤْمِنِ يُبادِرُ إِلَىَ إِنْكارِهِ بالوَسائِلِ المتاحَةِ الممْكِنَةِ وَيَقِيِ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ شُروُرَ هَذِهِ التَّطْبيقاتِ الَّتيِ تُرَوِّجُ الشَّرَّ وَتَدْعوُ إِلَىَ الفَسادِ وَليُقْبِلْ عَلَىَ ما فيهِ خَيْرٌ «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ»صحيح البخاري (6018)، وصحيح مسلم (47) .

أقولُ هذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لِي وَلَكُمْ فاسْتَغْفِروُهُ إِنَّهُ هُوَ الغفوُرُ الرَّحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ حَمْدَ الشَّاكِرينَ لَهُ الحَمْدُ في الأوُلَىَ وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعوُنَ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسوُلُهُ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانً إِلَىَ يَوْمِ الِّديِنِ, أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ في السِّرِّ وَالعَلَنِ؛ فَإِنَّ اللهَ لا تَخْفَىَ عَلَيْهِ خافِيَةٌ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَىَ وَقَدْ يُمْلي اللهُ تَعَالَىَ للعَبْدِ في سِرَّه فَيتَمادَىَ في أَنْواعِ مِنَ الفَسادِ والضَّلالِ وَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ خَفِي عَنِ العَزيزِ الغَفَّارِ فَيَمْضِيِ في غَيِّهِ وَضَلالِهِ وَهُوَ قَدْ رَصَدَ عَلَيْهِ كُلَّ ما يَكوُنُ مِنْ عَمَلِهِ ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌالطارق: 4  ، ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَالجاثية: 29  ﴿وكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌالقمر:53 ، فالصَّغيِرُ وَالكَبيِرُ والدَّقيِقُ وَالجَليلُ وَالظَّاهِرُ وَالباطِنُ كُلُّهُ في كِتابٍ وَسَتُلاقِيِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الأَرْبابِ؛ فاتَّقِ اللهَ عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللهَ يا عَبْدَ اللهِ؛ فإِنَّ اللهَ سَيَسْأَلُكَ عَمَّا تُشاهِدُ وَعَمَّا تُتابِعُ وَعَمَّا تَنْشُرُ وَعَمَّا تَقوُلُ فَرُبَّ كَلِمَةٍ يَتَكَلَّمُ بِها الإِنْسانُ توبُقِ ُدِيِنَهُ وَدُنْياهُ وَقَدْ قالَ النَّبِيُّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إنَّ الرَّجُلَ لَيتكلَّمُ بالكلمةِ ما يرى بها بأسًا يهوِي بها في النّارِ سبعينَ خريفًا»صحيح البخاري (6478)، وصحيح مسلم (2988) .

َأيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, تَعاوَنوُا عَلَىَ البِرِّ وَالتَّقْوَىَ وَلا تَعاونوُا علَىَ الإِثْمِ وَالعُدْوانِ، وَلا يَغُرَّنْكُمْ كَثْرَةُ الهالِكِينَ وَلا شيُوُعُ الشَّرِّ وَالفَسادِ في العالَمينَ فَإِنَّ اللهَ تَعالَىَ سَيُحاسِبُكَ مُحاسَبَةً مُنْفَرِدَةً لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ تَرْجُمانِ قالَ النَّبِيُّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وِسِلَّمَ-: «ما منكم مِن أحَدٍ إلّا سيُكلِّمُه اللهُ عزَّ وجلَّ، ليس بيْنَه وبيْنَه تَرجُمانٌ، ثُمَّ يَنظُرُ أَيمنَ منه، فلا يَرى إلّا شيئًا قَدَّمَه، ثُمَّ يَنظُرُ أشْأمَ منه، فلا يَرى إلّا شيئًا قَدَّمَه» عَمَلُكَ يُحيطُ بِكَ يَمنْةً وَيَسْرَةً وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلا يَرَىَ إِلاَّ النَّارَ قالَ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فاتقوا النار ولو بشق تمرة»صحيح البخاري (3595)، وصحيح مسلم (1016)  فَكُنْ عَلَىَ حَذَرٍ, وَاعْلَمْ أَنَّهُ ما مِنْ نَفَسٍ يَتَرَدَّدُ وَلا عِرْقٌ يَنْبِضُ إِلَّا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ وَهُوَ عَلَيْهِ مُطَّلِعٌ قَدْ أَحْصاهُ اللهُ؛ وَنَسوُهُ فاتَّقوُا اللهَ وَأَكْثِروُا مِنَ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ وَعوُدوُا إِلىَ اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- في الدَّقيقِ وَالجَليلِ مِنَ الذُّنوُبِ وَلا تَظُنُّوا أَنَّ الذَّنْبَ يَذْهَبُ دوُنَ رَصْدٍ وَتَقييِدٍ.

كُلُّ ما يَكوُنُ مِنْكَ في صَحائِفِكَ، كُلُّ ما يَكوُنُ مِنْكَ لا يُغادِرُهُ كِتابٌ يُحْصيِ الصَّغيرَ وَالكَبيرَ، الدَّقيقَ وَالجَليلَ في السِّرِّ وَالعَلَنِ فَبادِرْ إِلَىَ كَثْرةِ الاسْتغْفارِ وَامْحُ مِنْ صَحائِفِكَ سَيِّءَ الأَعْمالِ وَارْجُ الثَّوابَ مِنَ اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- وَاصْبِرْ وَاحْتَسِبْ؛ فَإِنَّ أَعْظَمَ الجِهادِ جِهادُ نَفْسِكَ أَعْظَمُ ما تجُاهِدُ هُوَ أَنْ تُجاهِدَ هواكَ وَمَنْ جَاهَدَ هواهُ أَنْزَلَهُ اللهُ مَقامًا عَظيمًا، مَنْ جاهدَ هَواهُ أَنْزَلَهُ اللهُ مَقامًا عَظيمًا في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، مَقاَمُهُ في الدُّنْيا أَنْ يَكوُنَ اللهُ وَلِيُّهُ وَنَصيرُهُ، وَمقامُهُ في الآخِرِة أَنْ يُبَلِّغَهُ اللهُ الفِرْدَوْسَ وَالرِّضا الَّذي لا غَضَبَ بَعْدَهُ وَلا سَخَطَ، الَّلهُمَّ ارْضَ عَنَّا يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، اسْلُكْ بِنا سَبيلَ الرَّشادِ وَالهُدَىَ، أَعِنَّا عَلَىَ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ يا عَزيِزُ يا غَفَّارُ.

واعْلَموُا أَيُّها المؤْمِنونَ إنَّ اللهَ يَزَعُ بِالسُّلْطانِ ما لاَ يَزَعُ بِالقُرآنِ فَثَمَّةَ نِظامٌ قَدْ وُضِعَ مِنْ جِهاتٍ مخُتْصَّةِ لِرَصْدِ المخالفاتِ وَالمعاقَبَةِ عَلَيْها وَهُوَ نِظامُ الجَرائِمِ المعْلوُماتِيَّةْ فَمَنْ لمَ ْيَخْشَ اللهَ –عَزَّ وَجَلَّ- فَلْيَكُنْ عَلَىَ حَذَرِ أَنْ يَنالَهُ شَيْءٌ مِنَ العُقوباتِ الَّتي تُرَتِّبُها الأَنْظِمَةُ إِلَّا أَنَّ الأَساسَ وَالأَصْلَ أَنْ يَخْشَىَ العَبْدُ اللهَ –عَزَّ وَجَلَّ- في السِّرِّ وَالعَلَنِ هَذا أَعْظَمُ ما يَقِيِ الإنسانَ الشُّروُرَ، وَأَعْظَمُ ما يُوُقِعُهُ في مَواطِنِ الهُدَىَ وَيَسوُقُهُ إِلَىَ البِرِّ أَنْ يَكوُنَ عَلَىَ رِقابَةٍ مِنَ اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- وَلَكِنْ هذِهِ الأَنْظِمَةُ تعُينُ مَنْ ضَعُفَ إِيمانُهُ أَوْ قَلَّ عَقْلُهُ أَوْ أَغْواهُ شَيْطانُهُ فَتَمادَيَ في الضَّلالَةِ وَالانْحِرافِ فَإِنَّ هذِهِ الأَنْظِمَةُ تُحِدُّ مِنَ الشُّروُرِ وَالفَسادِ فَبادِروُا إِلَىَ كُلِّ خَيْرٍ وَاحْتَسِبوُا الأَجْرَ عِنْدَ اللهِ وَتَواصَوْا فيما بَيْنَكُمْ بِذلِكَ.

جِهازُكَ لا يَراهُ إِلاَّ أَنْتَ وَاللهُ عَلَيْكَ فِيِهِ رِقيِبٌ، فَكُنْ عَلَىَ رَقَابَةٍ مِنَ اللهِ –عَزَّ وَجَلَّ- فَإِنَّهُ عَلَيْكَ حَسيِبٌ وَهُوَ بِكَ عَليِمٌ جَلَّ في عُلاهُ، ما خَفِيَ عَنْ النَّاسِ لا يَخْفَىَ عَنْ اللهِ، ما خَفِيَ عَنِ النَّاسِ لا يخْفَىَ عَنِ اللهِ وقَدْ يُمْليِ لَكَ اللهُ ثُمَّ يَفْضَحُكَ فَيكوُنُ ذَلِكَ سَبَبًا لخِزْيٍ في الدُّنْيا وَالآخرَةِ.

الَّلهُمَّ أَعِذْنا مِنْ كُلِّ خِزْيٍ يا حَيُّ يا قَيُّومُ في العاجِلِ وَالآجِلِ، وِاحْفَظْ عَلَيْنا دِينَنَا وَقِنا كُلَّ ذي شَرٍّ أَنَْتَ آخِذٌ بِناصِيتِهِ، رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لنا وَتَرْحَمْنا لَنكوُنَنَّ مِنَ الخاسِرينَ، الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتنا وَوُلاةَ أُموُرِنا وَاجْعَلْ وَلايَتَنا فيمَنْ خافَكَ واَتَّقاكَ وَاَّتبَعَ رِضَاكَ الَّلهُمَّ أَرِنا في أَنْفُسِنا وَأَهْليِنا وَأَبْنائِنا وَبَناتِنا وَمَنْ نُحِبُّ ما يَسُرُّنا يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، الَّلهُمَّ هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرَّياتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلمُتَّقينَ إِمامًا، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنا خادِمَ الحَرَمَيْنِ الشَّريفَيْنَ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَىَ ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ خُذْ بِنواصِيهِمْ إِلَىَ البِرِّ وَالتَّقْوَىَ، احفَظْ هذهِ البِلادَ مِنْ كُلِّ سوءٍ وِشَِرٍّ، وَاحْفَظْ سائِرَ بلادِ المسْلِميِنَ مِنْ الأَشْرارِ يا ذا الجلالِ وَالإِكْرامِ، رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ، الَّلهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلإِخْوانِنا الَّذينَ سَبقوُنا بِالإيمانِ وَلا تَجْعَلْ في قلوُبِنا غِلًّا لِلَّذينَ آمنوُا رَبَّنا إِنَّكَ رءوُفٌ رَحيمٌ، الَّلهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَيْنا، انْصُرْنا عَلَىَ مَنْ بَغَىَ عَلَيْنا، آثِرْنا وَلا تُؤْثِرْ عَلَيْنا، اهْدِنا وَيَسِّرْ الهُدَىَ لَنا، الَّلهُمَّ اجْعَلْنا لَكَ ذاكرِينَ شاكرينَ راغبينَ راهبينَ أَوَّاهينَ مُنيبينَ، الَّلهُمَّ تَقَبَّلْ تَوْبَتَنا وثَبِّتْ حُجَّتَنا وَاغْفَرْ ذَلَّتنا وَأَقَلْ عَثَرتَنا، وَسُلَّ السخائِمَ مِنْ قلوبِنا يا ذا الجَلالِ والإِكْرامِ. 

الَّلهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُموُرِ المسْلِمينَ حَيْثُ كانوُا إَلىَ تَحْكيمِ كِتابِكَ وَالعَمَلِ بِسُنَّتِكَ وَاجْعَلْهُمْ رَحْمَةً لِعِبادِكَ يا رَبَّ العالمينَ، الَّلهُمَّ مَنْ أَرادَنا وَالمسْلمينَ بِشَرٍّ أو فتنةًأوْ ضُرٍّ فاكْفِناهُ بما شِئْتَ يا عزيزُ يا حَكيمُ، الَّلهُمَّ اكْفِنا كُلَّ ذي شَرٍّ أَنْتَ آخِذُ بِناصِيَتِهِ، الَّلهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَيْنا، الَّلهُمَّ انْصُرْنا عَلَىَ مَنْ بَغَىَ عَلَيْنا، الَّلهُمَّ آثِرْنا وَلا تُؤْثِرْ عَلَيْنا، الَّلهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنا الصَّالحِاتُ وَقِنا شَرَّ المنْكَراتِ وارْزُقْنا حُبَّ المساكينِ، نَسْألُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنا إِلَىَ حُبِّكَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا وَلِإخْوانِنا الَّذينَ سَبقوُنا بالإيمانِ وَلا تَجْعَل في قُلوُبِنا غِلاًّ للذينَ آمنوُا رَبَّنا إِنَّك رؤوُفٌ رَحيمٌ، الَّلهُمَّ صَلَّ عَلَىَ محُمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمِّدٍ كما صَلَّيْتَ عَلَىَ إبراهيمَ وَعَلَىَ آلِ إبراهيمَ إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91422 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87222 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف