×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة الجمعة : جبريل يسأل والنبي يجيب

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:10021

إِنَّ الحَمْدَ للهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغِفِرُهُ, وَنَعوُذُ بِاللهِ مِنْ شُروُرِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا, مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضَلِّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ, صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثرَهُ بإِحْسانٍ إِلىَ يَوْمِ الدِّينِ, أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَآل عمران: 102 ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَالحشر: 18 .

عِبادَ اللهِ: جاءَ رَسوُلُ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَسَلَّمَ– بِالهُدَىَ وَدِينِ الحَقِّ، فَأَكْمَلُ الهَدْيِ هَدْيُهُ, وَأَكْمَلُ الشَّرْعِ ما جاءَ بِهِ, وَلاَ خَيْرَ إِلاَّ في وَحْيٍ أَوْحاهُ اللهُ تَعالَىَ إِلَيْهِ, أَخْرَجَ اللهُ تَعالىَ بِهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلىَ النُّوُرِ، بَعَثَهُ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باِلهُدَىَ وَدِينِ الحَقِّ، يَدْعُو الخَلْقَ إِلَىَ عِبادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، وَقَدْ شَرَعَ اللهُ تَعالىَ لَهُ مِنْ الشَّرائِعِ وَالأَحْكامِ، وَالدِّينِ وَالقُرُباتِ ما جاءَ بَيانُهُ في سُنَّتِهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاتَّقُوُا اللهَ عِبادَ اللهِ وَأَقْبِلُوا عَلَىَ العِلْمِ بِما جاءَ بِهِ سَيِّدُ الوَرَىَ، فَلا هُدَىَ وَلا سَعادَةَ وَلا اطْمِئْنانَ وَلا نَجاحَ وَلا فَوْزَ في الآخِرَةِ إِلاَّ بِما كانَ في سُنَّتِهِ وَما جَرَىَ عَلىَ مَلَّتِهِ وَعَمَلِهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أَيُّها المُؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, لَمْ يَتْرُكْ رَسوُلَ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَِمَ- خَيْرًا إِلاَّ دَلَّنا عَلَيْهِ، وَلا شَرًّا إِلَّا حَذَّرَنا مِنْهُ، آتاهُ اللهُ تَعالَىَ جَوامِعِ الكَلِمِ، فكانِ يُبَيِّنُ الخَيْرَ الكَثيِرَ في الَّلفْظِ القَليِلِ، وَكانَ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجْمِلُ وَيُفَصِّلُ، يُسْهِبُ وَيُجْمِلُ فيما يَتَعَلَّقُ بِبَيانِ ما جاءتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ، وَإِنَّ مِنْ أَجْمَعَ ما نَقَلَ عَنْهُ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِمَّا يَتَبَيَّنُ بِهِ دِينُ رَبِّ العالمِينَ، وَيَتَبَيَّنُ بِهِ الحَقُّ الَّذِي عَلَىَ كُلِّ مُسْلِمٍ ما جاءَ في صَحيحِ الإمامِ مُسْلِمٍ مِنْ حَديثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعالَىَ عَنْهُ قالَ رَضِيَ اللهُ تعالَىَ عَنْهُ: «بينما نحن عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- »أَيْ في مَجْلِسٍ مِنْ مَجالِسِهِ، وَمَجْمَعٍ مِنْ مَجامِعِهِ فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ «إذْ طَلَعَ عليْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفَرِ، ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ» فهو غريب في منظره وفي حاله، فلا يعرفونه مع كونه حديث عهد بماء وطيب ملبس، حتى جلس إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- «فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ» اقْتَرَبَ ذلِكَ الرَّجُلُ مِنَ النَّبِيِّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّىَ لامَسَتْ رُكْبَتاهُ رُكْبَتَيْ رَسُولِ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِشِدَّةِ عِنايَتِهِ وِاهْتِماِمهِ بِما سِيِقوُلُ وَبِما سَيَسْمَعُ مِنْ رَسوُلِ اللهِ –صِلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَىَ فَخِذَيْهِ أَيْ عَلَىَ فَخِذَيْ رَسوُلِ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.ثُمَّ قالَ: «يا مُحَمَّدُ أخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ» أي علمني علمًا أعرف به حقيقة الإسلام الذي جئت به، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضانَ، وتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا»أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ حديث(8),هَكذا بَيَّنَ رَسوُلُ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإسلامُ بِأَركْانِهِ وَدَعائِمِهِ وَأُصوُلِهِ الَّتي يَقوُمُ عَلَيْها، أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسوُلُ اللهِ وَهذِهِ هِيَ القاعِدَةُ وَهِيَ الأَساسُ الَّذي يَنْطَلِقُ مِنْهُ التَّعَبُّدُ للهِ –عَزَّ وَجَلَّ-، فلا يُعْبَدُ إِلَّا اللهُ وَلا يُقْصَدُ إِلَّا هُوَ، وَهذا مَعْنَىَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِله إِلاَّ اللهُ يَعْنِيِ لا مَعْبوُدَ بِحَقًّ إِلاَّ اللهُ، لا في عِبادَةِ القلوُبِ، ولا في عِبادِةِ الأَلْسُنِ، وَلا في عِبادَةِ الجوارِحِ.

فَلا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تَقْتَضي أَلاَّ تَصْرِفَ العبادَةَ لِغَيْرِهِ، فَلا تَسْجُدْ لِسِوَاهُ وَلا تَدْعُو إِلَّا هُوَ، وَلا تُحِبَّ مَحَبَّةً عِبادِيَّةً إِلَّا هُوَ جَلَّ في عُلاهُ وَلا تَتَوَكَّلْ عَلَىَ سِواهُ، وَلا تَرْجوُ إِلاَّ وَجْهَهُ –جَلَّ وَعَلا- سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ- هَذا مَعْنَى أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ، أَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّ كُلَّ ما يُعْبَدُ مِنْ دوُنِ اللهِ باطِلٌ، وَأَنَّ كُلَّ ما يُتَوَجَّهُ إِلَيْهِ سِواهُ فَاسِدٌ، ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَاالأَنْبِياءُ: 22  لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ هَذا مَعْنىَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسوُلُ اللهِ أَنْ تُوقِنَ أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الَّذي بَعَثَهُ اللهُ بِالهُدَىَ وَدينِ الحَقِّ هُوَ رَسوُلُهُ فَما جَاءَ بِهِ حَقٌّ مِنَ العقائِدِ وَالأَخْبارِ، وَما جاءَ بِهِ مِنَ الأَحْكامِ حَقٌ وَعَدْلٌ لا يَأْتيِهِ الباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَديْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ كما قالَ تَعالَىَ: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىالنجم: 1- 4 .فَكُلُّ ما أَخْبَرَ بِهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحْيْ أَوْحاهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَحَقُّهُ أَنْ يُؤْمَنَ بِهِ وَأَنْ يُنْقادَ لَهُ، وَأَنْ يُتَّبَعَ فِيهِ، وَأَلَّا يُعارَضَ في شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًاالنساء: 65  ثُمَّ قالَ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَتُقيمُ الصَّلاةَ" وَهِيَ المَكْتوباتُ الخَمْسُ؛ الفَجْرُ، وَالظُّهْرُ، وَالعَصْرُ، وَالمَغْرِبُ، وَالعِشاءُ، ثُمَّ قالَ: "وتؤتي الزكاة" أَيْ ما فَرَضَهُ اللهُ تعالىَ مِنَ الحَقِّ في المالِ وَهُوَ في أَمْوالٍ مَعْدودَةٍ في الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَما يقومُ مقامَهُما مِنَ الأَموْالِ، وَفي الثِّمارِ والحُبوُبِ وَفي بَهيمَةِ الأَنْعامِ وفي عُروُضِ التِّجاراتِهكَذا يُحقِّقُ العَبْدُ ما أَمَرَ بِهِ مِنْ إيتاءِ الزَّكاةِ "وأن تصوم رمضان" وهو الشهر الذي فرض الله تعالى صيامه على الأنام "وَأَنْ تَحُجَّ البيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلًا" وَهُوَ الحَجُّ الَّذي فَرَضَهُ اللهُ تَعالَىَ علَىَ النَّاسِ في العُمُرِ مَرَّةً واحِدَةً، هَذِهِ هِيَ أرْكانُ الإِسْلامِ، هَذِهِ هِيَ دَعائِمُهُ، هَذِهِ هِيَ أُصوُلُهُ الَّتي يُبْنَىَ عَلَيْها ثُمَّ قالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بَعْدَ أَنْ أَجابَهُ عَنْ حَقيقَةِ الإِسْلامِ قالِ: "صدقت"، قَالَ عُمُرُ رَضِيَ اللهُ تَعالَىَ عَنْهُ: «فَعَجِبْنا له» عَجِبْنا مِنْ هذا الرَّجُلُ وَلِأَجْلِ ما كانَ مِنْ حالِهِ وَشَأْنِهِ «يَسْأَلُهُ، ويُصَدِّقُهُ»، يَسْأَلُ النَّبِيَّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُصَدِّقُهُ أَيْ يَقوُلُ لَهُ: صَدَقْتَ، وَهَذا يَعْني أَنَّهُ عارِفٌ بِما سَأَلَ وَأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ جَهْلٍ، وَإِنَّما سَأَلَ عَنْ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ لِلاسْتِثبْاتِ وَالبَيانِ.

ثُمَّ قالَ هَذا الرَّجُلُ الغريبُ لِلنَّبِيِّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بَيْنَ أَصْحابِهِ يا مُحَمَّدُ «فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ، قالَ: أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ»أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ حديث(8), وَهَذِهِ سِتَّةُ أُصوُلٌ يُبْنَىَ عَلَيْها الإِيمانُ، الإيمانُ عَمَلُ القَلْبِ، وَقَدْ سَأَلَهُ في الأَوَّلِ عَنْ عَمَلِ الجوارِحِ فالشَّهادَتَيْنِ وَالصَّلاةُ والزَّكاةُ والصَّوْمُ وَالحَّجُ كُلُّها أَعْمالٌ بَدَنِيَّةٌ هِيَ أَعْمالُ الظَّاهِرِ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَعْمالِ الباطِنِ فَقالَ: أَخْبِرْني عَنِ الإِيمانِ؟ قالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبُهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَفي هَذا يَتَبَيَّنُ أَنْ العِبادَةَ لَها ظاهِرُ وَباطِنٌ، باطِنُها صَلاحُ القَلْبِ، وَظاهِرُها اسْتِقامَةُ الجوارحِ ِعَلَىَ طاعَةِ الرَّبِّ، فَصلاحُ القَلْبِ لا يَكوُنُ إلَّا بالإيمانِ.

وَالإيمانُ حَقيقَتُهُ وَمَعْناهُ: الإِقْرارُ بِما جاءَ بِهِ النَّبِيُّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِما أَخْبَرَ بِهِ إِقْرارًا يَسْتَلْزِمُ الإِذْعانَ وَالقَبوُلَ، أَنْ تَقْبَلَ كُلَّ ما جاءَ بِهِ رَسوُلُ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الأَخْبارِ، وَأَلَّا تُعارِضَ شَيئًا مِنْ ذلِكَ بِرَأْيِكَ وَعَقْلِكَ، وَلا بِخَيالاتِ البَشَرِ وَإرادَتِهِمْ، فما جاءَ عَنِ اللهِ حَقٌّ ﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍفُصَّلَتْ: 42 ، وَما شَرَعَهُ يَجِبُ أَنْ يُذْعِنَ لَهُ الإِنْسانُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَأَنْ يَنْقادَ لَهُ وَأَنْ يَعْمَلَ بِهِ ما اسْتَطاعَ إِلىَ ذلكَ سَبيلًا.

هذا هُوَ حَقيقَةُ الإيمانِ، فالإيمانُ عَمَلَ قَلْبِي يَسْتَلْزِمُ الإِذْعانَ وَيَسْتَلْزِمُ القبولَ، الإِذْعانُ الانْقِيادُ وَالاسْتِسْلامُ ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِالنساء: 125 ، فالإِسْلامُ هُوَ أَنْ تُسْلِمَ وَجْهَكَ للهِ بِأَنَّ تَنْقادَ لَهُ –سُبْحانَهُ وَبَحَمْدِهُ- وَالإيمانُ بِاللهِ يَقوُمُ عَلَىَ حَقيقةِ الإيمانِ بِأَنَّهُ ربُّ العالمينَ، فَلا إِلَهَ غَيْرُهُ جَلَّ في عُلاهُ، لا خالَقَ سِواهُ لا مالِكَ سِواهُ، لا مُدَبِّرَ لِهذا الكَوْنِ سِواهُ، فَهُوَ –جَلَّ وَعَلا- الَّذي يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ وَهُوَ الَّذِي يمْلِكُ وَيُدَبِّرُ –سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ-.

أيُّها النَّاسُ, ما مِنْ حَرَكَةٍ في الأَرْضِ وَالسَّماءِ وَالكَوْنِ وَلا سُكونٍ إلاَّ بأَمرهِ جلَّ في عُلاهُ، الله خالقُ كُلِّ شَيءٍ جلَّ في عُلاهُ، هذا هُوَ الإيمانُ بِرُبُوبِيَّتِهِ وأَنَّهُ رَبُّ العالمينَ، فَهُوَ الَّذي خَلقَهُمْ وهُوَ الَّذي رَزَقَهُمْ وَهُوَ الَّذي يَمْلِكُهُمْ وَهُوَ الَّذي يُدَبِّرُ أُموُرَهَمْ وَيَصْرِفُهُمْ جَلَّ في عُلاهُ –سُبْحانَهُ وَبِحمْدِهِ- وَأَنْ ُتؤْمِنَ بِأَنَّهُ لَهُ الأَسْماءُ الحُسْنىَ وَلَهُ الصِّفاتُ العُلَىَ كما قالَ تَعالَىَ: ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَاالأعراف: 180  وله المثلُ الأَعْلَىَ جَلَّ في عُلاهُ –سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ-.

وإذا اقْتُرِنَ هذانِ الإيمانانِ: الإيمانُ بِأَنَّهُ رَبُّ العالمينَ، وَأَنَّهُ الكامِلُ في أَسْمائِهِ وَصِفاتِهِ؛ أَثْمَرَ جَليلَ الثِّمارِ وَهوَ إِفرادُهُ بالعِبادةِ, اليقينُ بأنهُ لا إِلهَ إلاَّ اللهُ، لا يَستحِقُّ العبادةَ سواهُ –سبحانهُ وبحمْدِهِ- والإيمانُ بملائكتِهِ الإيمانُ بأنَّ للهَ خلقًا مِنْ نورٍ خلقهمْ للعِبادةِ لا يَعْصوُنَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَروُنَ، لَهُمْ حالٌ عظيمةٌ ذكرها اللهُ في كتابِهِ وَبيَّنها, وَأَشْرَفُ أولئكَ الملائكةِ هُوَ: جِبريلُ، وميكائيلُ، وإسرافيلُ. 

ثمَّ بعدَ ذلكَ أنْ تؤمنَ بكُتُبِ اللهِ الَّتي أَوْحَىَ بِها إِلىِ رُسُلِه صَلواتُ اللهِ وسلامُهُ عَلَيْهِ، فما مِنْ رَسوُلٍ إلاَّ أَوْحَىَ اللهُ إِلَيْهِ كِتابًا أَتَىَ بِهِ قَوْمَهُ فَتُؤْمَنُ بذلكَ عَلى وَجهِ الإِجْمالِ، وَتوُقِنُ أَنَّ أَعْظَمَ تِلْكَ الكُتُبِ هُوَ القُرْآنُ العَظيمُ الَّذي نَزَلَ بِهِ الروحُ الأمينُ على قلبِ محمدٍ الأمينِ صلواتُ الله وسلامهُ عليهِ.

وأماَّ الإيمانُ بالرُّسلِ: فتؤمنُ بجميعِ مَنْ أرسلهمُ اللهُ وهمْ نوْعانِ: صِنْفٌ لَمْ يُسَمِّيهِمُ اللهُ ﴿مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَغافر:78.، فَمِنْ مَنْ لَمْ يَقْصُصِ اللهُ تعالىَ خَبَرَهُ آمنْتَ بهِ إجمالًا، ومَنْ قَصَّ اللهُ خبرَهُ كنوحٍ وإبراهيمَ وموسىَ وعيسىَ وسائرِ النبيينَ،      تؤْمنُ بأسمائهِمْ بأنَّهمْ أنبياءُ وما أَخْبَرَ اللهُ تعالىَ بِهِ مِنْ أحوالِهِمْ. 

وأمَّا الإيمانُ باليوْمِ الآخِرِ: فتؤمنُ بِكُلِّ ما أَخْبَرَ اللهُ تعالىَ بهِ مِمَّا يَكونُ بعدَ الموْتِ، هذا هُو الإيمانُ باليوْمِ الآخرِ أنْ تُؤْمِنَ بِكُلِّ ما أَخْبَرَ اللهُ تعالىَ بِهِ منَ الأَحْوالِ والأهْوالِ والجزاءِ والثَّوابِ مِمَّا يَكوُنُ بعدَ المَوْتِ في القُبورِ ويومَ البَعْثِ والنشورِ وما أخبرَ بهِ مِمَّا يكوُنُ في الجَنَّةِ دارِ الحبُورِ وفي النارِ أعاذنا اللهَ تعالىَ وإياكمْ مِنْ أَهْوالِها وَعَذابِها.

وأمَّا الإيمانُ بالقدَرِ فهوَ: أَنْ تُؤْمِنَ بأَنَّ اللَه عَلِمَ كُلَّ شَيءٍ قبَلَ أَنْ يَكوُنَ، وأنَّهُ جَلَّ في عُلاه كَتبهُ في اللَّوْحِ فما مِنْ شَيءٍ إلاَّ واللهُ قَدْ عَلِمَهُ قَبْلَ كَوْنِهِ، وكتبَهَ –سُبحانَهُ وبحمدِهِ- ثُمَّ تُؤْمِنُ بأَنَّهُ ما شاءَ اللهُ كانَ فما مِنْ شَيْءٍ يكونُ في الكَوْنِ إلَّا بِمشيئتِهِ، وَأَنْ تُؤْمَنَ بِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ جَلَّ في عُلاهُ.                         

هذهِ أربعةُ أصولٍ يتحقَّقُ بها الإيمانُ بالقدرِ: الإيمانُ بعلمِ اللهِ, وَكتابتِهِ, ومشيئتِهِ, وَخَلْقِهِ.

بهذا يكْتَمِلُ الإيمانُ الذي جَعلهُ اللهُ تعالَى سَببًا للنَّجاةِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وهذا ما بَيَّنَهُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِجْمالًا في هَذا الحديثِ لمَّا سألهُ عنِ الإيمانِ، فنسْأَلُ اللهَ العظيمَ رَبَّ العَرْشِ الكريمِ أنْ يَمُنَّ علينا بِصادقِ الإيمانِ، وصالحِ الأعْمالِ، وأنْ يجعلنا مِنْ خَيْرِ عبادهِ المؤمنينَ المُسْلِمينَ، وأَنْ يَغْفِرَ لنا الخَطَأَ والتَّقصيرَ، أقولُ هذا القولَ وأستَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لي ولكمْ فاستغفروُهُ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرَّحيمُ.

الخطبة الثانيةُ:                                                        

الحمدُ للهِ حمْدًا كثيرًا طَيِّبا مُباركًا فيهِ، وَأشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهَ وأنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسوُلُهُ صلَّىَ اللهُ عليْهِ وَعلَىَ آلهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ واقْتَفَىَ أَثَرَهُ بإحْسانٍ إلىَ يومِ الدِّينِ, أَمَّا بعدُ:

فاتَّقوُا اللهَ عبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تعالىَ وأقْبِلُوا علىَ قِراءَةِ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَفَهِمَ ما جاءَ فيها، فَفيِها مِنْ بيانِ طَريقِ الهدايةِ والسَّبيلِ المُوَصِّلِ إلىَ النَّجاةِ ما بهِ يَحْصُلُ لكُمْ سَعادَةُ الدُّنْيا وَفَوْزُ الآخرَةِ، ثُمَّ قالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ تعالىَ عَنْهُ - في خَبِرِ هذا الرَّجُلِ الذي سَأَلَ النَّبيُّ –صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الإسلامِ والإيمانِ، لمَّا فرغَ مِنْ سؤالهِ عنِ الإيمانِ قالَ: صدقتَ، قالَ رَضِيَ اللهُ تعالىَ عَنْهُ: «قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ» ، هذا الرَّجلُ سألَ رسولَ اللهِ –صلَّى اللهُ عليْهِ وَسلَّمَ- عنِ الإحْسانِ، «قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ».

هذهُ المرْتبةُ العُليا هِيَ أَعْلىَ مراتِبِ الدِّينِ، فالدِّينُ مَراتبُ؛ عَمَلٌ ظاهرٌ وهوَ الإسلامُ، وعملٌ باطنٌ وهوَ الإيمانُ، وكمالُهما هُو الإحسانُ، فالإحْسانُ أَعْلىَ مراتبِ الدينِ وبهِ يتحقَّقُ للإنْسانِ تمامُ العبوديَّةِ للهِ ربِّ العالمينَ، فالإحسانُ: أنْ تعبُدَ اللهَ كأنَّكَ تراهُ أيْ تعبدُهُ مُسْتَحْضِرًا شُهوُدَهُ ورَقابَتَهُ كالَّذي يعمَلُ أمامَ مَنْ كَلَّفَهُ بالعمَلَ، فَإِنَّهُ يُتْقِنُ ذلكَ عَلَىَ وَجْهِ الكمالِ، فإنْ لمْ تكنْ تراهُ فإنَّهُ يراكَ فإنْ قَصُرَتَ حالُ الإنسانِ عَنْ أنْ يَسْتَحْضِرَ هذا المقامِ وهُوَ شهودُ ربِّ العالمينَ وأَنَّهُ يَعْملُ بيْنَ يدَيْهِ كالمُشاهدِ لهُ الرَّائي، فلْيُوقِنْ أنَّ اللهَ يراهُ، وَمَنْ أَيْقَنَ أَنَّ اللهَّ يراهُ أَتْقَنَ العملَ وأَصْلَحَ ما كانَ مِنْ سِرِّهِ وَجَهْرِهِ واسْتَعْتَبَ وتابَ وأنابَ عاجِلًا، فاللهُ تعالىَ ما تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ شأْنِ العَبْدِ خافيَةٌ.

أيُّها المُؤْمنونَ: قالَ الرُّجُلُ لِرسوُلِ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذلِكَ: «أخبرني عن الساعة؟» وهِيَ أَعْظَمُ ما يَشْتَغِلُ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الإيمانِ؛ بِمُراقَبَتِهِ, وَمُلاحَظَتِهِ.

وَالسَّاعَةُ اسْمٌ لِيَوْمِ القيامَةِ، وَهِيَ نَوْعانِ: ساعَةٌ عامَّةٌ، وساعَةٌ خاصَّةٌ.     

السَّاعَةُ العامَّةُ: هِيَ قِيامُ القِيامَةُ الَّتي يَقوُمُ فيها النَّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ .

وأمَّا الخاصَّةُ: فَهِيَ تَخُصُّ كُلَّ إِنْسانٍ عَلَىَ وَجْهِ الانْفرادِ وذلكَ بِمَوْتِهِ، فَمَنْ ماتَ فَقَدْ قامَتْ قِيامَتُهُ وَحَلَّتْ ساعَتُهُ«أخبرني عن الساعة؟» مَتَىَ السَّاعَةُ؟ أَيْ مَتَىَ تَقُوُمُ القيامَةُ؟ قالَ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» أَيْ أَنَّهُ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يَعْلَمُ مَتَىَ السَّاعَةُ؛ فَعِلْمُها عِنْدَ اللهِ تعالَىَ وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ جَلَّ في عُلاهُ.

ثُمَّ سَأَلَ رَسوُلَ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ علاماتِها أَيْ عَنْ الأماراتِ الَّتي تَكوُنُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ وقِيامِها، وَتُشيِرُ إِلَىَ قُرْبِها وَأَعْظَمُ العلاماتِ الَّتي تَقَدَّمَتْ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مِمَّا حَصَلَ هُوَ بَعْثَةُ رَسوُلِ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُالقمر: 1  وقالَ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بُعِثْتُ أَنا والسّاعَةُ كَهاتَيْنِ»البخاري(6504), وَمُسْلِمٌ(2951) أَيْ في القُرْبِ والاقْتِرانِ في الحُصوُلِ وَالوُقوعِ، فَبَيَّنِ رسوُلُ اللهَ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جُمْلَةً مِنْ أَماراتِها وَهِيَ نَوْعانِ: أَمارات كُبْرَىَ، وَأَماراتٌ صُغْرَىَ.

والأَماراتُ الصُّغْرَىَ - العلاماتُ الصُّغرْىَ -:كَثيرةٌ جِدًا، وَتَتَكَرَّرُ في الزَّمانِ، أَمَّا العلاماتُ الكُبْرىَ: فَهِيَ لا تَكوُنُ إِلاَّ عِنْدَ قُرْبِ السَّاعَةِ, وَلا تَحْصُلُ إِلَّا مَرَّةً واحِدَةً في غالِبِ ما أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ العلاماتِ الكُبرْىَ.         

أَخْبَرَ النَّبِيُّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هَذا الحَديِثِ عَنْ علاماتٍ صُغْرَىَ فَقالَ: «أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُونَ في البُنْيانِ» وَهَذا إِشارَةٌ إِلىَ إِقْبالِ النَّاسِ عَلَىَ الدُّنْيا وانْهِماكِهْمْ بِها.

قالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ. قالَ عُمَرُ: «فَلَبِثْتُ مَلِيًّا» أَيْ وَقْتًا مُمْتَدًا فَقالَ رَسوُلُ اللهِ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه جِبْرِيلُ أتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» فَمَنْ سَأَلَ هَذِهِ الأَسْئِلَةِ هُوَ جِبْريِلُ جاءَ عَلَىَ صوُرَةِ بَشَرٍ، سَأَلَ رَسوُلَ اللهِ –صَلَّىَ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ مُهِماَّتِ المَسائِلِ الَّتي بِها تَصْلُحُ الدُّنْيا وَتَطيبُ الآخرَةُ، لِمَنْ عَلِمها وَعَمِلَ بِها.

فَأقْبِلوُا عَلَىَ العِلْمِ النَّافِعِ, واشْتَغِلوُا بِمَعْرِفَةِ هَدْيِ النَّبِيِّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فالآنَ لانَجاةَ للعبدِ مِنْ فِتَنِ الدُّنيا وَكَرُوبِها وَشَدائِدِها وَبَلائِها إِلاَّ بِالعِلْمِ النَّافِعِ، وَلا نَجاةَ لَهُ يَوْمَ العَرْضِ والنَّشوُرِ إِلاَّ بِعِلْمٍ نافعٍ يُقْرِنُهُ بِعِمَلٍ صالِحٍ، فَنَسْأَلُ اللهَ –جَلَّ وَعلا- أَنْ يَرْزُقَنا العِلْمَ النَّافِعَ والعَمَلَ الصَّالِحَ.    

وَهَذا الحَديثُ يُسَمِّيهِ العُلماءُ أُمَّ السُّنَّةِ؛ لاشْتِمالهِ عَلَىَ أُصوُلِ الدِّينِ الَّتي يَرْجِعُ إِليْها كُلُّ ما أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ –صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حديثُ جِبْريلَ في سُؤالِهِ عَنِ الإِسلامِ والإيمانِ والإحسانِ وأمْرِ السَّاعَةِ

اللهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدنا وَقِنا شَرَّ أنفُسِنا، اللهُمَّ عَلِّمْنا ما يَنْفَعُنا وانْفَعْنا بِما عَلَّمْتنا، رَبَّنا زِدْنا عِلْمًا إِنَّك علىَ كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ، رَّبنا ظَلَمْنا أَنْفُسنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لنا وَتَرْحَمْنا لنكوُنَنَّ مِنَ الخاسرينَ، اللهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا, وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُموُرِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فيمَنْ خافَكَ واتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالمينَ، اللهُمَّ وَفَّقْ وَلِيَّ أَمْرِنا فيما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، وَوَفِّقْ خادِمَ الحَرَمَيْنِ الشَّريفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَىَ كُلِّ خَيْرٍ، وَاصْرِفْ عَنْهُمْ كُلَّ شَرٍّ وَسَدِّدْهُمْ في الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، رَبَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91547 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87255 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف